بسم الله الرحمن الرحيم...
مع بدوّ شهر الله رمضان يتنافس العبادالى مرضاة ربّ العباد كلٌٌ بوسعه....
و لذا رأيناأن نعلن عن دورة خلال ذا الشهر تحت عنوان (حتى لا تكون من الغافلين) يتخلل ذه الدورة أعمالا تبعد الصائم القائم عن مقام الغفلة و الغافلين و أصل ذه الاعمال تستند على اصول شرعية صحيحة يغفل عنها عامة الناس بله خاصتهم نسأل الله السّلامة....
و نضع في أول أيام شهر رمضان مقدمة و تليها عملا صحيحاليكون نافذة الى مقام القنوت و تحقيق السعادة باذن الله تعالى...
على أمل أن يجعلني الله و اياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر..و الله وليّ ذلك...
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.


______________________

الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على المعبوث رحمة للناس أجمعين امّا بعد:

منّا الله تعالى علينا ببلوغنا شهره الكريم شهر الطاعات و الخيرات لا غفلة فيه إذ منْ غفل عنه فليس له من الصيام غير الجوع و العطش...

و لذا كان لازما عينا أن نضع السّبل التي تقي المسلم القائم الصائم عن مواطن الغفلة إذ الغفلة لا خير فيها الاّ إنْ كانت عن محرّمٍ و ذالك قوله تعالى في شأن المؤمنة...(انّ الذين يرمون المحصنات الغافلات...)


و بالمقابل حثّ المولى سبحانه و تعالى شقّ عصا الطاعة عن الغافل فقال (و لا تطع منْ أغفلنا قلبه...)
فلا طاعة له إذ الغفلة و خاصة غفلة القلب هو الرانّ....

كما أنّ الغفلة تمنع نزول غضب منْ هو ليس بغافل عما تعملون فقال تعالى ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم و أهلها غافلون...)

و منْ غفل عن رمضان فسيغفل عن شوّال و غيره و عندما يغفل الناس تأتي السّاعة فقال تعالى (اقترب للناس حسابهم و هم في غفلة معرضون...)

و غيرها من الآيات و هي كثيرة تصف الغافل بالنّدم و ما آل اليه مآله و العاقل تكفيه آية ليكون أبعد النّاس عن مواطن الغفلة و أهلها.

و انطلاقا من ذه الآيات الكريمات رأينا بعون الله تعالى و تأييده أن نمسك بكلا يمين الصائم عن مواطن الغفلة علّه ينال أجر الصيام كاملاً إذ اجره عظيم و لذا قال تعالى في حديث قدسيّ..(...الاّ الصوم فانه لي و انا اجزي به...)

فعن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:

(من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين .....)الحديث اخرجه أبو داود و ابن خزيمة في صحيحه و ابن حبان و صححه الالباني في الصحيحة.
فالحديث قسّم القائم على ثلاثة مراحل و سنفصلها لا حقا ان شاء الله تعالى...

فأولى تلك المراحل العزوف عن موطن الغفلة فمن قام و القيام هنا قيام الليل بعشر آيات فقط يُكتب عند الله انّه ليس بغافل...

و القائم بين حالتين امّا أن يقوم ليلة واحدة و امّا أن يجعل ديدنه القيام فأمّا الأولى فيُقال عنه انّه في تلك الليلة لم يكنْ من الغافلين و أمّا الثاني يُكتب انّه ليس بغافل على وجه العموم و الفرق بين الاول و الثاني كالفرق بين الهلال و ليالي البدر.

فمنْ قرأ في القيام بسورتي(( الكافرون)) و ((الاخلاص)) لم يكتب من الغافلين...
فمنْ قرأ في القيام بسورتي ((تبت يدا ابي لهب)) و ((الفلق)) لم يكتب من الغافلين...
فمنْ قرأ في القيام بسورتي(( لايلاف قريش)) و (( الناس)) لم يكتب من الغافلين...
فمنْ قرأ في القيام بسورتي ((الماعون)) و (( اذا جاء نصر الله )) لم يكتب من الغافلين...
فمنْ قرأ في القيام بسورتي ((انا انزلناه في ليلقة القدر)) و (( الفيل)) لم يكتب من الغافلين...

فهذا القيام يستطيعه الرجل و المرأة بله الشيخ و الشيخة الكبريان في السنّ كما يستطيعه الطفل الصغير...
فأسأل الله تعالى ان لا يكتبنا من الغافلين و أنْ يعيننا على القيام و تلاة القرآن و سنكمل ان شاء الله تعالى غدا,,,


_________________

الدرس الثاني

الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على المعبوث رحمة للناس أجمعين امّا بعد:
كم هي المواطن التي إن حافظ عليها المسلم تقيه عن مواطن الغفلة كثيرة و منها قوله تعالى من طريق ابي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه و سلم قال:
(من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات ؛ لم يكتب من الغافلين....) صححه الالبانيّ تحت رقم 657 في السلسلة الصحيحة.
و يشير صلى الله عليه و سلم الى الصلوات الخمس التي كتب الله على المسلم أداؤها في وقتها...

فمنْ حافظ عليها كما كان صلى الله عليه و سلم يُحافظ عليها لم يُكتب من الغافلين,و بالمقابل منْ ترك واحدة منها لم يكنْ محافظا عليها و سيُكتب من الغافلين...

و أصل المحافظة على الصلوات هو تحري وقتها الصحيح فقال تعالى (انّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)

فكما أنّ الصائم في شهر رمضان لو أخّر صيامه الى شوّال أو قدّمه فكان في شعبان فلنْ يُكتب من الصائمين للفريضة و لنْ يقبل منه صيامه للفريضة و هكذا الصلاة حدّها صلى الله عليه و سلم بوقتين أوّل الوقت و آخره فحال منْ يصلي العصر في وقت الظهر كمنْ يصلي العصر في وقت المغرب فقال صلى الله عليه و سلم: ‏ (‏الذي تفوته صلاة العصر فكأنما ‏ ‏وتر ‏ ‏أهله وماله) النسائي

و بعد ذا العرض الموجز و كنّا بينّا في رسائل عديدة تنصّ على توخّي الحذر من مواقيت سُطرت على وريقات تحت مسمّى (امساكية) و غيرها من المسمّيات بعدما تبيّن لنا ما يعتيرها الخطأ و مجانبتها للصواب من حيث التوقيت أولا و حثّ المؤذن للتخلي عن وظيفته التي يترتب عليها من الاجر ما هو مدوّن في كتب السنّة و منها قوله صلى الله عليه و سلم (أطول الناس اعناقا يوم القيامة المؤذنون)

لطول مكثهم في مراقبة طلوع الفجر الصادق من الكاذب عند الفجر و غياب الشفق الاحمر من الابيض عند صلاة العشاء ثانيا...
و تبيّن لنا البون الشاسع بين صلاة منْ يراقب الفجر بأمّ عينه و منْ يراقبه بواسطة توقيتٍ مسطّر امامه...
فكانت عامّة المساجد تؤذن للفجر قبل بزوغ الفجر الصادق و كذلك يصلّون و لا حول و لا قوة الا بالله تعالى.
و فصّلنا حول ذه المسألة تفصيلا دقيقا تحت رسالتنا (توقيت الصلوات غير دقيق في الامساكيات) .

فالصلاة في وقتها هو عين المحافظة عليها و بالتالي لنْ يُكتب أهل المحافظة من الغافلين...نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممّنْ يحافظون على الصلوات في مواقيتها و أنْ لا يكتبنا من الغافلين.

_____________


الدرس الثالث:
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على المعبوث رحمة للناس أجمعين امّا بعد:
فلو اقتصر القائم على فاتحة الكتاب لن يكتب من الغافلين و دون ذلك تتحقق الغفلة, و هذه من رحمة أرحم الراحمين إذ يجزي على العمل القليل الأجر العظيم و لو عجز الانسان عن القيام لمرض ما فيُكتب ما كان يفعله و هو صحيح شرط أن يكون من أهل القيام بمعنى أنه يقوم كلّ ليلة أو نوى القيام تلك الليلة فمرض و من ذلك المرأة الحائض و النفساء...
و حتى يقترب القائم من الله تعالى يلزمه بداية ترك مقام الغفلة ثم التدرج الى مقام القنوت...
فعن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:

(من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين....)
و قال تعالى (و قوموا لله قانتين) البقرة 238 و القنوت طول القيام و يتحقق ذا الطول بمائة آية للحديث المذكور آنفا...

و مدح الله القائمين القانتين بقوله:

(أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا و قائما يحذر الاخرة...)الزمر 9
و من بات قانتا كُتب من القانتين و من باب أولى لا يُكتب من الغافلين إذ مقام القنوت اعلى و أرفع من مقام عدم الغفلة و بين عدم الغفلة و القنوت عموم و خصوص إذ كل قانتٍ ليس بغافل و عدم الغفلة لا تعني القنوت و من انتفت عنه صفة الغفلة ليس من الضروري أن يكون من القانتين...

فمنْ قرأ في القيام بسور ((المرسلات)) و ((الفجر)) و(( البلد))كُتبَ من القانتين...
فمنْ قرأ في القيام بسور (( النبأ )) و ((النازعات)) و ((العاديات)) و ((النصر)). كُتبَ من القانتين..
فمنْ قرأ في القيام بسور ((المدثر)) و ((القيامة)) و ((قريش)) كُتبَ من القانتين...
فمنْ قرأ في القيام بسور ((الواقعة)) و ((قل هو الله أحد)) كُتبَ من القانتين...
فمنْ قرأ في القيام بسورتي ((الزخرف)) و ((القارعة)) كُتبَ من القانتين...

فايضا ذا المقام يستطيعه الكبير و الصغير فأسأل الله تعالى أن يكتبنا من القانتين...

_____________

الدرس الرابع:
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على المعبوث رحمة للناس أجمعين امّا بعد:
ما أنعم العبد عندما يمتلك الكمّ من الحسنات و أحلاها إن كانت لا تعدّ و لا تُحصى...
كم يتعب ذاك العبد لغرس نخلة و الاعتكاف حتى تثمر و يعدل ذا (سبحان الله) ذا غراس الجنة و ذا المتاجرة مع أرحم الراحمين.
فقال صلى الله عليه و سلم:

(من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين , و من قام بالف آية كُتب من المقنطرين)

و المقنطر صاحب القناطير و ذا الاخير مفرده قنطار و القنطار يعادل كما قال ابن عطية: اختلف الناس في تحديده، فروي أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القنطار ألف ومائتا أوقية" .

وقال بذلك معاذ بن جبل، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وعاصم ابن أبي النجود، وجماعة من العلماء، وهو أصح الأقوال .
وعلى هذا القول جرى كثير من الباحثين.



قال تعالى في سورة آل عمران (زين للناس حبّ الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب ز الفضة و الخيل المسومة و الانعام و الحرث...)الاية

و هل هذا الاّ سمة للغنيّ و هل يعدل غنيّ الجنة بشيئ!!!
فالذي ملك الذهب و الفضة و الخيل و الانعام و الحرث بقناطير مقنطرة هو غنيّ دون منازع و أغنى منه منْ ملك القناطير المقنطرة من الحسنات...

و كلّ ذا الاجر العظيم يتأكد بتلاوة جزأين الأخيرين من المصحف (جزء عم يتساءلون و جزء تبارك) إذ الأول يتكون من 564 آية و الثاني من 431 آية و ضمّ اليهما فاتحة الكتاب إذ لا تصح الصلاة بدونها.

فمنْ قرأ في القيام بجزء ((عم يتساءلون)) و جزء ((تبارك)) كُتبَ من المقنطرين...


و الحديث خيّر العبد و الخيرة في المقنطر و دونه القانت و أقلّها ازالة مسمّى الغفلة عن القائم للتهجد...

فاحذر أن تختار مقام الغفلة و ما دونها فلا خير فيمنْ لا يعمل كما لاخير فيمن لا يؤمن و العمل و الايمان تؤأمان فلا عمل دون ايمانٍ و لا ايمانٌ دون عملٍ....

و أسأل الله من فضله أن يجعلنا من المقنطرين انّه الجواد الكريم....