بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد :
١- فضل الصيام مطلقاً
وردت أحاديث كثيرة عن فضل الصوم أذكر منها :
* عنْ أَبي هُريرة رضِي اللهُ عنْهُ قال: قال رسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (( قال الله عَزَّ وجلَّ : كُلُّ عملِ ابْنِ آدم لهُ إِلاَّ الصِّيام فَإِنَّهُ لي وأَنَا أَجْزِي بِهِ. والصِّيام جُنَّةٌ(1) فَإِذا كَانَ يوْمُ صوْمِ أَحدِكُمْ فلا يرْفُثْ(2) ولا يَصْخَبْ(3)، فَإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أَوْ قاتَلَهُ، فَلْيقُلْ: إِنِّي صَائمٌ. والَّذِي نَفْس محَمَّدٍ بِيدِهِ لَخُلُوفُ(4) فَمِ الصَّائمِ أَطْيبُ عِنْد اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. للصَّائمِ فَرْحَتَانِ يفْرحُهُما: إِذا أَفْطرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ وإذَا لَقي ربَّهُ فرِح بِصوْمِهِ )) متفقٌ عليه.
وهذا لفظ إحدى روايات الْبُخَارِي. وفي رواية أخرى له: (( يتْرُكُ طَعامَهُ وَشَرابَهُ وشَهْوتَهُ مِنْ أَجْلي، الصِّيامُ لي وأَنا أَجْزِي بِهِ، والحسنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ))
وفي رواية لمسلم: (( كُلُّ عَملِ ابنِ آدَمَ يُضَاعفُ الحسَنَةُ بِعشْر أَمْثَالِهَا إِلى سَبْعِمِائة ضِعْفٍ. قال الله تعالى: "إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وأَنا أَجْزي بِهِ: يدعُ شَهْوتَهُ وَطَعامَهُ مِنْ أَجْلي". لِلصَّائم فَرْحتَانِ: فرحة عند فطره فَرْحةٌ عِنْدَ لقَاء رَبِّهِ. ولَخُلُوفُ فيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ريحِ المِسْكِ )).
* وعَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ الله عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( مَا مِنْ عبْدٍ يصُومُ يَوماً في سبِيلِ الله إِلاَّ باعَدَ اللَّه بِذلك اليَومِ وجهَهُ عَن النَّارِ سبعينَ خرِيفاً )) متفقٌ عليه
* وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنهُ عن النَّبِيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وسَلَّم قال: (( إِنَّ فِي الجَنَّة باباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لا يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لا يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غيرهم، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ )) متفقٌ عليه
* وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني به. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان )) رواه أحمد بسند صحيح كما قال العلامة أحمد شاكر.
وعن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة، قال: (( عليك بالصوم فإنه لا عدل له )) ثم أتيته الثانية فقال : (( عليك بالصيام )) رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.
تنبيه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ )) رواه البخاري ومسلم
ورواه أحمد بلفظ: ((لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَاحِداً وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ إِلا رَمَضَانَ )) وحسنه الألباني
قال العلامة عبد الله بن عبد الرحمن البَسَّام - رحمهُ اللهُ تعالى - في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام": "من هذا أنَّه لا يحل لها أن تصوم تطوع وزوجها حاضر إلاَّ بإذنه ومن موافقته، وأما إن كان غائباً عنها فيجوز أن تصوم ولا تحتاج إلى إذنه؛ إذ صيامها لا يضيع عليه حقاً من حقوقه، وجواز صيامه هو مفهوم حديث الباب، ولأن المعنى المراد من المنع لا يوجد " اهـ
وقال شيخُنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله ورعاه - كما في "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" :"لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعًا وزوجها شاهد إلا بإذنه؛ لأن له عليه حق العشرة والاستمتاع، فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه، فلا يجوز لها ذلك، ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه" اهـ
= = = = = = = = = [ الحواشـي ] = = = = = = = = =
(1) الجُنة: الوقاية والستر، ومتعلق هذا الستر أنه من النار، لما في الروايات الأخرى للحديث.
(2) أي الصائم، والمراد بالرفث الكلام الفاحش، ويطلق عليه وعلى الجماع ومقدماته، ويرفث: بضم الفاء وكسرها، وماضيه مثلث الفاء.
(3) أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه، وفي الحديث الآخر : (( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )).
(4) خلوف: بضم الحاء وفتحها، والمراد بالخلوف: تغيّر رائحة فم الصائم بسبب الصيام.
[ من تعليقـات شيخنا عبد العزيز الرّاجحيّ على صحيح البخاريّ ]
[ يتبع إن شـاءَ اللّهُ تعالـى ]