هي لغة طيِّئ وأزد شَنُوءة وبني الحارث بن كَعْب= إلحاق الألف أو الواو أو النون بالفعل المسند إلى اسم ظاهر مثنًّى أو مجموع مذكر أو مؤنث، على أنها حروفٌ دالة على التثنية أو الجمع، لا ضمائر؛ قال سيبويه: «واعلم أنَّ مِن العرب مَنْ يقول: ضَرَبُونِي قَوْمُكَ، وضرباني أخواك؛ فشبَّهوا هذه بالتاء التي يُظْهِرونها في : «قالتْ فلانةُ»، وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامةً كما جعلوا للمؤنَّث؛ وهي قليلة»اهـ. وقد عُرِفَتْ هذه اللغةُ بلغة «أكلوني البراغيثُ»، ويسمِّيها ابنُ مالك لغةَ «يتعاقبون فيكم ملائكةٌ». ولغة جمهور العرب: ضربني قومُك، وضربني أخواك.
وقد اختلف العلماء في هذه اللغة ؛ فمنهم مَنْ عدَّها لغةً حسنة وفاشية - وهو الراجحُ مِنْ حيثُ الدليلُ، ومنهم مَنْ عدَّها لغة شاذة وقليلة. قال أبو حيان في "ارتشاف الضرب" (2/738 -739): «وهذه اللغةُ عند جمهور النحويين ضعيفةٌ، وكثرةُ ورودِ ذلك يدلُّ على أنَّها ليستْ ضعيفةً». اهـ. وقواها كذلك غير واحد من العلماء.
ولهذه اللغة شواهدُ كثيرةٌ جدًّا: من القرآنِ، والحديثِ الصحيحِ، وشِعْرِ العَرَبِ المُحْتَجِّ بكلامهم الثابتِ النسبةِ إليهم؛ مما يَدُلُّ على أنَّ هذه اللغةَ ليستْ مهجورةً ولا بعيدةً عن الفصاحة؛ فمن القرآن : قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3]، وقولُهُ تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: 71].
ومن الحديث : «كُنَّ نساءُ المؤمناتِ يَشْهَدْنَ مع رسول الله صلاةَ الفجر» "البخاري" (578)، ونحو: «ويَعْتَزِلْنَ الحُيَّضُ المصلَّى» "البخاري" (974)، ونحو: «يتعاقبون فيكم ملائكةٌ» "البخاري" (555)، ونحو: «قد كُنَّ نساءُ رسولِ الله يَحِضْنَ» "مسلم" (335)، ونحو: «ذَكَرْنَ أزواجُ النبيِّ كنيسةً رأينها بأرضِ الحبشةِ» "مسلم" (528)، وغير ذلك الكثير؛ وانظر على سبيل المثال: "صحيح البخاري" (7429، 7486)، و"صحيح مسلم" (37، 632، 885، 2029، 2448)، و"موطأ الإمام مالك " (1/170رقم 82)، و"مسند الإمام أحمد" (3/303 رقم 14247)، (6/27 رقم 23991)، (6/150 رقم 25174)، و"سنن أبي داود" (736)، و"سنن النَّسَائي" (485، 3946)، وغيرها، وكثيرٌ من قواعدِ العربية ثَبَتَتْ بأقلَّ وأضعفَ من تلك الشواهد.
وانظر : "البحر المحيط" (6/296)، و"المفهم" (6/334)، و"شرح النووي على مسلم" (1/376)، (2/7)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/420، 424)، (2/34)، و"إعراب الحديث النبوي" للعكبري (ص 85 -86، 102 -103)، و"شواهد التوضيح" (ص 246 -248)، و"كتاب سيبويه" (2/40)، و"ارتشاف الضَّرَب" (2/793)، و"شرح المفصل"(3/87 -89)، و"أوضح المسالك" (2/88 -96/ حاشية الشيخ محيي الدين عبد الحميد)، و"عقود الزبرجد" (1/213، 291)، (3/29 -30)، و"السير الحثيث" لمحمود فجال (1/157 -167). وانظر بحثًا في هذه اللغة للدكتور محمد أحمد الدالي بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق مج 68، ج 3، سنة 1991م.
يراجع تحقيق علل ابن أبي حاتم طبعة الجريسي (مسألة: 410).