رَمَـضَـان .. ضَـيْـفٌ يَـكْـلُـمُ جُـرْحًـا
اعتاد أبناء المساجد ارتيادها في كل وقت وحين
وحفظ كتاب الله فيها وتدارسه بينهم
واعتادوا أن يعتكفوا في رمضان
ويكثروا من تلاوة القرآن ومدارسته وفهمه
واعتاد كل مسجد أن يقوم عليه إمام عظيم
يحيي ليله بالقيام ونهاره بتلاوة القرآن
ومن خلف الإمام المصلون .. وأهل القرآن
فكلما مررت على مسجدك الذي تربيت فيه
تزداد بهجة على بهجتك وفرحا على فرحك وينشرح صدرك
وتنتظر الصلاة بفارغ الصبر حتى تذهب إلى المسجد
فتكون أول من دخله وتتمنى لو تبقى فيه طيلة وقتك
ثم تكون آخر من خرج .. على أمل لقاء في الصلاة القادمة
ويال لذة الصلاة حين تصلي صلاة مودع
ويال لذة القيام مع شيخ فاضل ذي صوت حسن وموعظة حسنة
ودروس تبث فيك روح الإيمان وتذكرك بربك في شهر القرآن
فيألف المسجد ويألفه المسجد .. ويألف المصلون إمامهم وشيخهم
فيحبونه ويتحرون دروسه ومجالسه
يخرج منهم طلبة علم يحبون الله ورسوله
مع تعزيز لروح الجهاد في قلوب أهل المساجد
فيخرج من المسجد المجاهدون وحفظة كتاب الله وطلبة العلم
وحين يذهب رمضان نحزن على أيام الاعتكاف التي كنا نقضيها بقلب خاشع مؤمن
ونرجو الله أن يبلغنا رمضان القادم لتعود أيام الخير التي كنا نقضيها
وحين يأتي رمضان القادم ..
يعود ليجد في ذات المسجد فراغا كبيرا تضيق له نفوس أهل المسجد
وتضيق نفوس المسلمين يوما بعد يوم بذلك الفراغ
لا يستطيعون نسيان إمامهم وشيخهم الذي كان يحيي ليل رمضان ويقوم بهم فيه
لا يدخلون المسجد إلا وذكروه بخير ويتمنون لو يعود صوته ليصدح في المسجد مرة أخرى
ويتذكرون دروسه ومجالسه ومواعظه
لسان حالهم يقول : " أحببناك يا شيخنا فلم تركتنا ورحلت عنا "
ولكن عزاءهم فيه أنه كان يتمنى الشهادة فنالها بإذن الله
ويسألون الله أن يتقبله في الشهداء والصالحين
وإن لم يقتل شهيدا سألوا الله له أجر الشهداء لأنه ما مضى يوم إلا وحدث نفسه بالغزو والشهادة ورباهم عليها
وبقي تلاميذه وأهل مسجده يكتبون من حياته ما يكتب بماء الذهب
فقال أحدهم : "ما إن مررت اليوم من جوار مسجدنا حتى غمرتني مشاعر الألم على رحيل من كانيجعل رمضان رائعًا بكل ساعاته ودقائقه، لقد بكيت رجل هذا الشهر ولا أدري كيف سنحتمل فراقه؟!"
فنسأل الله أن يغفر لنا ولأئمتنا ومشايخنا في هذا الشهر المبارك
ويفرغ علينا صبرا لتحمل فراقهم
ويجعلنا على ذات الطريق لا نحيد عنه