وجدت هذه الفائدة في الخلاف في حكم اكله
: و الضبع كما جاء تعريفه في في القاموس الفقهي :
الضبع: جنس من السباع أكبر من الكلب، وأقوى، وهي كبيرة الرأس، قوية الفكين.
مؤنثة، وقد تطلق على الذكر والانثى. ا.هـو قال في تحفة الأحوذي :
بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ : حَيَوَانٌ مَعْرُوفٌ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّ ةِ كفتار وَبِالْهِنْدِيّ َةِ بِجُّو بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ كَمَا فِي نَفَائِسِ اللُّغَاتِ وَمَخْزَنِ الْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقِيلَ هُوَ بِالْهِنْدِيَّة ِ هندار كَمَا فِي غِيَاثِ اللُّغَاتِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الضبع مَعْرُوفٌ بِنَبْشِ الْقُبُورِ ، وَالْحَيَوَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْهِنْدِيَّة ِ هندار لَمْ يُعْرَفُ بِنَبْشِ الْقُبُورِ قَالَ فِي النَّيْلِ : وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَكُونُ سَنَةً ذَكَرًا وَسَنَةً أُنْثَى فَيُلَقِّحُ فِي حَالِ الذُّكُورَةِ وَيَلِدُ فِي حَالِ الْأُنُوثَةِ وَهُوَ مُولَعٌ بِنَبْشِ الْقُبُورِ لِشَهْوَتِهِ لِلُحُومِ بَنِي آدَمَ . ا.هـ
(3) : إشكال و جوابه :
هنالك من أهل العلم من ذهب إلى تحريم أكل الضبع مستنداً على دليلين :
الأول : ( نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور )وهذا حديث صحيح ! ولكنه حديث عام وقاعدة كلية وحديث الضبع حالة مستثناه من هذا الحكم الكلي العام ، فهي بمثابة الخاص الذي أخرج من عام فزال التعارض .
وغير ذلك ! إذ إن هنالك ثمة قول عند أهل العلم أن الضبع ليس له ناب أصلاً !! وبذلك يخرج حكمه من هذا الحديث المحرم لكل ذي ناب من السباع !
فقال ابن رسلان : وقد قيل إن الضبع ليس لها ناب .
الثاني : الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه : ( أو يأكل الضبع أحد ) ؟! رواه الترمذي وغيره وهذا حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به فلا يقف في وجه الأحاديث الصحيحة التي ذكرت في أول الموضوع ، وبهذا يزول التعارض .
ثم على فرض صحته فإنه لا تعارض بين الحديثين ! فقوله أو يأكل الضبع أحد لبس للتحريم و إنما للتنزيهة هذا على فرض ان الحديث صحيح و لكن الحديث ضعيف فضعفه يغنينا عن الرد عليه .
و قال العلامة الصنعاني في سبيل السلام [ 6 / 256] يشرح هذا الحديث :
[ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ أَكْلِ الضَّبُعِ .
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فَهُوَ مُخَصَّصٌ مِنْ حَدِيثِ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { الضَّبُعُ صَيْدٌ فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَيُؤْكَلُ } وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ : صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَا زَالَ النَّاسُ يَأْكُلُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ .
وَحَرَّمَهُ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّة ُ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ الْعَامِّ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ ، وَلَكِنَّ أَحَادِيثَ التَّحْلِيلِ تُخَصِّصُهُ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُم ْ عَلَى التَّحْرِيمِ بِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُزْءٍ وَفِيهِ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَيَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ ؟ } أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ ] .
وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار [ 12 / 478] ( بتصرف ) :
[ ... أخرجه أيضا الشافعي والبيهقي ، وصححه أيضا البخاري وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي ...
... فيه دليل على جواز أكل الضبع .
وإليه ذهب الشافعي وأحمد قال الشافعي : ما زال الناس يأكلونها ويبيعونها بين الصفا والمروة من غير نكير ، ولأن العرب تستطيبه وتمدحه .
وذهب الجمهور إلى التحريم ، واستدلوا بما تقدم في تحريم كل ذي ناب من السباع .
ويجاب بأن حديث الباب خاص فيقدم على حديث كل ذي ناب ، واستدلوا أيضا بما أخرجه الترمذي من حديث خزيمة بن جزء قال : { سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع ، فقال : أو يأكل الضبع أحد ؟ } وفيه رواية : { ومن يأكل الضبع ؟ } فيجاب بأن هذا الحديث ضعيف لأن في إسناده عبد الكريم بن أمية وهو متفق على ضعفه ، والراوي عن إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف ] .
و قال في ( فقه السنة ) [ 4/153] :
[ روي عن عبد الرحمن بن عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع، آكلها؟ قال: نعم.
قلت: أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: فأنت سمعت ذلك من رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
رواه الترمذي بسند صحيح.
وممن ذهب إلى جواز أكله الشافعي وأبو يوسف ومحمد وابن حزم.
وقال الشافعي فيه: إن العرب تستطيبه وتمدحه ولا يزال يباع ويشترى بين الصفا والمروة من غير نكير.
ويري بعض العلماء أنه حرام لأنه سبع، ولكن الحديث حجة عليهم ].
- و الله الموفق -
لأخينا أبي عبد الرحمن السلفي
محمد جميل حمامي
من القدس