بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه , وبعد :
أبدأ بالشكر والامتنان لإدارة هذا الصرح الشامخ ( بناء الفكر والثقافة ) على سعة صدرها لهذا الحوار الفكري ، جزاهم الله عني وعن من يستفيد كل خير .
توطئة:
لسان حال الدكتور عبد العزيز قاسم ولسان مقاله أن علينا أن تتسع صدورنا لبعضنا ، وأن علينا أن يوجه بعضنا بعضاً ، ويكاشف بعضنا بعضا ، ترشيداً للسائرين إلى المعالي كي لا يضلوا الطريق .
وهو ـ كما يصفه من يعرفه ـ مشاغب إعلامي لا يهدأ ، ولا يترك الإثارة الصحفية ، فهو في بيئة الفكر المحلي بيديه وقدميه يعكر صفوها ويحرك راكدها من حين لآخر ، تحت مسمى ( الإثارة الصحفية )
وامتثالاً لهذا التوجه ... واقتداءً بالدكتور قاسم أقوم الآن بعمل مواجهة وفحص لما يبدوا لي من مقال وفعال دكتور قاسم نفسه ، وأظنه لن يضيق بي صدرا ، ولن يغضب مني فما أريد غير النصح له ولمن يستمع إليه!
وإن غضب الدكتور أو غضب محبوه ، فالحق أحب إلينا من الجميع ، وقد أُمرنا بالنصيحة ، بل جعل الدين النصيحة .
وأبدأ الآن عدداً من الأطروحات أبين فيها أن الدكتور قاسم تغريبي بنكهة إسلامية .
د. قاسم والمرأة.
ذات الأفكار التي ينادي بها التغريبيون في بلدنا الحبيب ( السعودية ) ، ينادي بها الدكتور عبد العزيز قاسم ، فهو أحد مؤيدي قيادة المرأة للسيارة ، وهو أحد المنادين بل أولهم ـ فيما أعلم ـ بخروج المرأة الداعية على القنوات الفضائية ، وفي أشرطة الكاسيت والمحاضرات ، يقول: تدعوا إلى الله !!
ومما يقوله معارضا رأي القائلين بالمنع سداً لذريعة الفتنة:
(بالتأكيد حجة افتتان الرجل بصوتالمرأة في هذا الكاسيت هي حجّة هشـّّة لا تقوم، ولربما كان ذلك صحيحاً قبلعشرين عاماً مثلاً، وقبل أن تغزونا هذه الفضائيات، أو يقتحم عالمنا شبكةالانترنت. وقتذاك كان الرجل ربما يفتتن بسماع خلخال المرأة وليس صوتها، وربماكتب فيها قصائد من وحي جلجلة الخلخال، فليس ثمة امرأة واحدة من غير محارمهيراها، أما وقد عمّ البلاء مع هذا الانفتاح العولمي،)
وهذا الكلام خطير جدا..فالذي منع المرأة من الضرب برجلها خشية افتتان الرجال بها وهو خالقها "العليم الخبير" ، الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، يعلم نفوس الرجال وخوالجهم ، وعلم ما سيؤول إليه حال الأمة من عولمة وانفتاح...الخ!
وكلام قاسم هذا ينبني عليه أن لها أن تخالف نهي الله وتضرب بخلخالها لأننا صرنا في زمن العولمة!
يريد دكتور قاسم أن نُفَصِّل ديناً عصريا يتناسب مع العولمة والانفتاح ، ومن خالف ذلك فهو ( متحجر) ( متقوقع ) ( متشدد ) ، يعيش في الماضي !
لا أريد أن أخوض في الأحكام الفقهية ، ولا أريد أن أستشهد بالوقائع التاريخية ، وكيف أن الناس إلى زمن قريب في كل الدنيا ما كان أحد منهم يدري أن المرأة تكشف وجهها ، أو تخالط الرجال ، ولو في حلق العلم ، فلا أريد أن أبين أن هذه الدعوة جاءت مع العلمانية ، وأنها مطابقة تماماً لدعوة قاسم أمين ، إذْ ما كان قاسم أمين ينادي بغير كشف الوجه والكفين ، وكان يتكئ على ( أدلة ) شرعية ، كان يدعي أن خطابه ( شرعي ) ملتزم بالكتاب والسنة!!.
الله ينادي عليهن بأن يقرن في بيوتهن ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وهو يقول بل أخرجن من بيوتكن ، يقول : لتكن المرأة داعية بالصوت والصورة ، يفعلن ما يفعل الرجال ، يتحدثن في الشريط ، والقنوات ، ويعقد الدروس والمحاضرات .
لا أريد أن أتكلم في هذا فيقيني أن ليس هنا من لا يعرف غرابة هذه الدعوة ومشاكلتها لدعاوى ( التحرير والمساواة ) حين بدأت . فقط أسأل : ما الهدف من خروج المرأة على الوجه الذي ينادي به قاسم ؟
أهو ممارسة الدعوة ؟
هي ولله الحمد تمارس الدعوة في دور التحفيظ ، وفي اللقاءات ، وفعاليات مدارس البنات ، ومع أطفالها في البيوت ، إذ أن التربية مسئولية الأم بالأساس .
لا أراها إلا دعوة ماكرة .. طريقا ملتوياً لإخراج المرأة من بيتها . وأذكر من ينكر أو يتحفظ بأن الدعوات الأولى بدأت ( شرعية ) تتكلم بالنصوص ، وتتدعي الإصلاح والصلاح . !!
العجيب أن عبد العزيز قاسم ، يضيق ذرعاً بمن يخالفه ، بل يشبه المخالفين بالخوارج المارقين يقول رداً على من خالفه ( في منتدى محاور الذي يكتب فيه باسمه الصريح ) :
أخي تلميذابن رشد:
شاكرا مبادرتك في اكرامي بهذه المداخلة.
قلت حفظك الله)ولاشك أن هناك من يشبه المارقين من حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام الذينيرفضون هذا جملة وتفصيلا , ولكن رأي مثل هؤلاء أورد الأمة المهالك(
سامحني، ليت الأمر اقتصر على حدثاء الأسنان لهان الأمر على أخيك ، ولكن للأسف خلفهاكبار الأسنان..
شكرا جزيلا للمداخلة.
لاحظ أيَّدَ من يشببههم بالخوارج ، وأضاف عليهم ( كبار الأسنان ) ، ولا ندري من يقصد ، فكل الكبار ممن يرفضون مشاريع قاسم ، شيوخنا ، بل وشيوخ الأمة كلها؟!
قد يقول قائل هو لم يشبه بل غيره الذي شبههم بالخوارج ؛ فيقال ألم يقره على ذلك؟؟
أليس يقولون السكوت علامة الرضا؟؟ وفي الحديث «رضاها صماتها».
وهو أيضا يبدي إعجابه الشديد ببرنامج قرآن أكاديمي في قناة ماليزية ، والذي جمع فتيان وفتيات على طريقة ستار أكاديمي! ، ولكن للتسابق في القرآن وباختلاط محافظ ومحتشم!!!!
ويثرب بذلك على الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي الذي أوجعه في مقال " السبتيونالمتنافسون"..قائلا:
(ذكّرت حينها سجالي مع الشيخ الحبيب سعيد بن ناصر الغامدي حولموضوع السينما، وطرحت وقتها بأنه من الضروري- بدلاً من لطم الخدود والنعيوالمنع- تقديم البدائل بروحنا المحافظة وبصورة عصرية تتماشى مع ذائقة العصر، وها أنا أدعو مجدداً أقنيتنا الإسلامية كـ(المجد) و(اقرأ) و(الرسالة) بتبنيأمثال هذه المسابقات سواء أكانت في القرآن أو تفسيره أو حفظ الأحاديث،)
إذن هو دين يتشكل حسب الذوائق العصرية!
سيخترعون إسلاما عولميا وآخر ليبراليا وثالث عصرانيا كما اخترعوا في مصر ـ بدعم بعض المفتين ـ ، والبركة عندنا في المنخلعين(1) ، المهم أن يُزاح كبار الأسنان!
تخيلوا فتيات حافظات للقرآن يجلسن مع فتيان في مكان واحد وتُجرى بينهم مسابقات في حفظ القرآن ويتم التصويت عبر الفضائية .هذا يختار عائشة وذاك يقول بل هدى وآخر يرشح ريم...........الخ !!!! ،
ويدغدغون العواطف ببكاء الآباء والأمهات فرحا بحفظ أبنائهم وبناتهم!
عبث وتلاعب واستهتار يراد نقله لبلاد الحرمين ، قد نعذر الماليزيين فيه لأنهم في دولة يطغى عليها الحكم العلماني ، لكن تمني ذلك في بلاد التوحيد يشوبه ما يشوبه من مريبات ومكائد لا يعلم منتهاها وغاياتها إلا الله تعالى.
ما لنا لا نعتز بقيمنا التي توافق كتاب ربنا وسنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم ، والتي بها نحن أكثر الشعوب أمنا وسعادة ؟!
ما لنا نستعدي تجارباً فاشلة ؟
ما لنا نسارع في سباق قوم أضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ؟
حتما كما حُملت مشاريع التغريبيين على أكتاف العصرانيين من ( الشرعيين ) في مصر وغيرها يريدون ذلك هنا في السعودية!
إن القوم لا يقلقهم سوى كبار الأسنان ، أما صغار ( المتشددين ) فقاسم يبشر المعتدلين أنهم إلى التغيير صائرين ، ويبذل هو جهداً في ذلك بالتواصل الإنساني معهم طلباً للتغير الفكري كما يقول جمال سلطان .
ولو جعلوا استفتاء في موقع "الليبراليين" على مشاريع قاسم لحققت تأييدا غير مسبوق وغير متوقع!
وفي ختام هذا المقال :
أذكر الدكتور قاسم بتقوى الله ، وأن الإنسان يقف بين يدي الله ولا يجد إلا ما قدم ، وأن ما عند الناس ينفد ، وما عند الله باق ، وأن الدنيا كلها كدر لا تصفو لأحد ، فخير لنا أ ن نجعلها لله ، وأن اثبات الذات لا يكون فقط في طريق الأشرار بل من تجرد لله رفعه الله .
===========
* الانخلاع مصطلح أطلقه قاسم على المتغيريين وسأوضح ذلك في مقال قادم بإذن الله تعالى.