تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وقفات هادئة مع الإخوة في حزب التحرير في فهم الطريقة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    13

    افتراضي وقفات هادئة مع الإخوة في حزب التحرير في فهم الطريقة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يرى الحزب أن الطريقة التي يجب أن تسلك للوصول إلى إقامة الخلافة هي طريقة الرسول –صلى الله عليه و سلم-منذ أن بعثه الله رسولا إلى أن أقام الدولة في المدينة,و يقسم هذه الطريقة-بحسب فهمه لأحداث السيرة- إلى ثلاث مراحل:
    المرحلة الأولى:مرحلة التثقيف:و يتم فيها سراً بناء تكتل على أساس الإسلام, و تثقيفه بالثقافة الاسلامية,و هذا مستقى من مكوث النبي-صلى الله عليه و سلم- في دار الأرقم ثلاث سنين يربي الصحابة-رضوان الله عليهم- على الدين, و يغرس في قلوبهم و عقولهم العقيدة.
    المرحلة الثانية:مرحلة التفاعل مع الأمة:ويتم فيها الصدع بالدعوة لإيجاد الرأي العام عن الإسلام المنبثق عن الوعي العام لتتفهم الأمة ضرورة وجود الدولة الاسلامية, و ذلك عن طريق الصراع الفكري لأفكار الكفر و مفاهيمه , و الكفاح السياسي بكشف ألاعيب هذه الأنظمة و تواطئها و مخططاتها.
    المرحلة الثالثة:مرحلة طلب النصرة:و يتم فيها الوصول إلى الحكم بالشرع عن طريق مطالبة أصحاب القوة في الأمة-و أراهم يحصرونهم بالجيوش الآن- بالانقلاب على الحكام لإعادة تطبيق الإسلام,و هذا مستفاد من عرض النبي نفسه على القبائل الوافدة إلى مكة طالباً المنعة للدعوة حتى أكرم الله أهل يثرب بأن يكونوا أهل النصرة.
    و يؤكد الحزب في فهمه على أنه:"لابد أن يكون العمل لإقامة الخلافة , و إعادة الحكم بما أنزل الله عملاً جماعياً, و في كتلة أو حزب أو جماعة"[1] و أن أهل نصرة النبي-صلى الله عليه و سلم- هم من غير كتلته في ذلك الوقت معللاً ذلك بأنه:"عرف القاموس المحيط الحزب ما نصه:جند الرجل و أصحابه اللذين على رأيه,فليس حزب الرسول -صلى الله عليه و سلم- هم من كانوا على رأيه,بل لابد من اجتماع شرطين هما: أن يكونوا من أصحابه,و أن يكونوا على رأيه,فحزب الرسول -صلى الله عليه و سلم- هم أصحابه فقط حسب ما جاء في نص اللغة"[2] و"أن الحزب قد تبنى من أول يوم وجد فيه أنه لا يقوم بالأعمال المادية مطلقاً"[3]و يصف الحزب القيام بالأعمال المادية ( الجهادية ) بقوله:"و لهذا كان لا شأن للكتلة الاسلامية التي تحمل الدعوة بالنواحي العملية,و لا تشتغل بشيء غير الدعوة, و تعتبر القيام بأي عمل من الأعمال الأخرى ملهياً و مخدراً"[4]و الإلهاء و التخدير أوصاف زجر و تنفير-لا شك-.
    و يرى الحزب بالنسبة لحديث منابذة الحاكم بالسيف أنه :"لا يكون السيف طريقة لإزالة الكفر في دار الكفر , و أما دار الإسلام , فإنه لا كلام من أن السيف و القوة المادية طريقة لإزالة الكفر البواح و إعادة حكم الإسلام"[5]
    و لا أناقش من حيث المبدأ في ما سماه الحزب المرحلة الأولى و الثانية,فالثابت شرعاً و عقلاً أنه لابد لصاحب الدعوة المؤسس من مرحلة يحرص فيها على كسب الرواحل من الناس,سالكاً سبيل الكتمان ما أمكن,مجتنباً الصدام ما استطاع إلى ذلك سبيلا,فإذا حازت الدعوة في صفوفها على أتقياء المؤمنين و أنقيائهم,و أمنت خطر الاصطلام عند مواجهة الطغام,و لجت حينئذٍ ساحة العمل العلني لكسب الناس بالحكمة و الموعظة الحسنة أثناء معركتها مع الطواغيت, و هذا من صميم الإعداد للقيام بفريضة الجهاد,فالأمة هي هواء الجهاديين و ماؤهم,و بدون كسب الأمة سنحكم على مشروعنا بالفشل,قال أبو مسلم الجزائري في مناصحته لأبي مصعب عبد الودود أمير تنظيم قاعدة المغرب داعيا إياه إلى تشكيل لجنة شرعية:"ومن وظائف هذه اللجنة كذلك إيصال هذه القناعات إلى أكبر شريحة من الناس سواء في الداخل أو الخارج "[6].
    و إنما نقاشنا منصب في الأساس على قراءة الحزب لعرض النبي صلى الله عليه و سلم نفسه على القبائل طالبا النصرة منهم, و بيان الأخطاء التي وقع فيها منظرو هذا الحزب في استنباط الرأي,و ملاحظاتي هي:
    أولا:في الوقت الذي يؤكد فيه الحزب على أن العمل لإقامة الخلافة عمل جماعي-و هو أمر صحيح ابتداءً-يخرج بقراءة تبطل _لو صحت_ وجوب التجمع لإقامة دولة الإسلام,و ذلك بقوله بعدم وجوب حمل الدعوة على الصحابة –رضوان الله عليهم-في العهد المكي,يقول الحزب:" كان الصحابة لا يحملون الدعوة إلا بعد المدينة ,و حالهم في حمل الدعوة يبين أنهم كانوا لا يحملونها في مكة إلا نادرا[!! ],و لكنهم يحملونها في المدينة بشكل دائم ,فعدا عن كون التشريع لم يشرع إلا في المدينة , فإن حال الصحابة في حمل الدعوة من كونهم لا يحملونها في مكة إلا نادراً , و يحملونها في المدينة دائماً,دليل على أن حمل الدعوة إنما كان فرضاً على الصحابة في المدينة , و لم يكن فرضاً عليهم في مكة"[7]و لا أريد هنا مناقشة ما يتصوره الحزب من أن حال الصحابة في مكة يدل على أن الدعوة لم تكن فرضاً عليهم-وإن كنت أرى أن هذا لا يصح بتاتاً-,ولكن أقول: أليس من لوازم هذا الفهم أن يوجب حزب التحرير حمل الدعوة لإقامة دولة الإسلام على أمير الجماعة وحده سيراً على قاعدة التأسي:" أي أن تفعل مثل فعل النبي على وجهه من أجله-كما يعرفها الأصوليون-" التي يقول الحزب أنه يلتزم بها في مشروعه لاستعادة الخلافة؟؟!!ومجرد تصور هذا الأمر يغني عن بيان فساده.
    ثانيا:تبني الحزب عدم القيام بالأعمال المادية مطلقاً ينافي التزامه بطريقة النبي –صلى الله عليه و سلم- التي استقاها من السيرة,فالمتأمل لأحداث السيرة النبوية يرى بجلاء صدور أعمال مادية عن الجماعة المسلمة الأولى بقيادة الرسول -صلى الله عليه و سلم – عند الاستطاعة و القدرة-,و يمكن تقسيم تلك الأعمال إلى ثلاثة أنواع:
    1-الدفاع عن النفس أمام اعتداءات المشركين:فقد قال تعالى في سورة الشورى- و هي سورة مكية-:" و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون,و جزاء سيئة سيئة مثلها , فمن عفا و أصلح فأجره على الله"فدل ذلك على مشروعية الانتصاف للنفس أفراداً و جماعاتٍ من اعتداء المشركين –و إن كان العفو أولى-,و لعل من حِكَم العفو هنا:أن لا يتطور الموقف إلى مواجهة تستأصل شأفة الدعوة التي لا تمتلك القوة لمواجهة قريش,وفي السيرة أحداث تدل على مشروعية دفاع المسلمين عن أنفسهم أمام اعتداءات الكفار,وما قصة إسلام الفاروق عمر –رضي الله عنه-عنا ببعيد,حيث ثار إليه المشركون فما زالوا يقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم,بل إن صهيباً الرومي قال: "لما أسلم عمر ظهر الإسلام ,و دعي إليه علانية,وجلسنا حول البيت حلقاً,و طفنا بالبيت,و انتصفنا ممن غلظ علينا, و رددنا عليه بعض ما يأتي به"[8] فإن قيل:كان هذا بوصفهم أفراداً,أقول: لم َلا يقتدي شباب الحزب بوصفهم أفراداً بهذه الجزئية من السيرة فينتصفوا عند القدرة من جند الطواغيت و أعوانهم الذين يظلمونهم و عوام المسلمين؟؟!! و قد شرع الله دفع الصائل مسلماً كان أم كافراً, و أزيد: وفي السيرة أحداث تدل على مشروعية دفاع الجماعة عن نفسها كجماعة, فقد أسلم عمر في بيت أخته فاطمة في الخبر المشهور ثم خرج إلى حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عند الصفا.فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرَ قادماً عليهم متوحشاً سيفه , قال حمزة بن عبد المطلب: "فأذن له , فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه له وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه" فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهض له فلقيه وأخذ عمر بردائه وجذبه جذبة شديدة وقال: ما بك يا عمر فوالله ما أرى أن تنتهي حتى تنزل بك قارعه. فقال عمر: "يا رسول الله , جئت لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله" فكبر رسول الله صلى الله عليه....فالرسول –صلى الله عليه و سلم- أقر حمزة على قتل عمر –إن أراد شراً-, و كان ذلك في اجتماع للجماعة الأولى ,فلا مجال للقول بأنه تصرف فردي.
    2-تغيير المنكر باليد:روى الإمام أحمد و أبو يعلى و البزار بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب قال: {انطلقت أنا و النبي صلى الله عليه و سلم حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم: "اجلس" و صعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفاً, فنزل و جلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم و قال:" اصعد على منكبي" فصعدت على منكبيه , قال فنهض بي , قال : فإنه يخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت و عليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه و شماله و بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : "اقذف به" فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير, ثم نزلت فانطلقت أنا و رسول الله صلى الله عليه و سلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس}[9]و هذا جلي بين في أن الرسول صلى الله عليه و سلم استعمل القوة المادية لتغيير المنكر في عهد الاستضعاف حينما استطاع,و كان ذلك في عمل جماعي,و القول بغير ذلك يحتاج إلى قرائن.
    3-إقامة الحكم بالإسلام:و بين يدي هذا الأمر لابد من التذكير بحقيقتين أصوليتين:
    الحقيقة الأولى:إعمال الدليلين بالتوفيق بينهما حملا للمتشابه على المحكم مثلاً أولى من القول بالتخصيص.
    الحقيقة الثانية: إقرار النبي صلى الله عليه و سلم و همّه جزءان من سنته الشريفة,و صالحان للاحتجاج.
    ومن هنا,فإن فهم طلب النبي- صلى الله عليه و سلم- للنصرة من القبائل ينبغي أن يكون ابتداءً على أساس التوفيق بينه و بين النص القرآني الآمر بالقتال حتى لا تكون فتنة ( أي شرك ) -و معلوم في الشريعة أن منازعة الله في تشريعه شرك-, و أحاديث منابذة الحكام بالسيف, و حديث تغيير المنكر باليد,و الإجماع على مقاتلة الحاكم إذا أظهر الكر البواح[10] و ذلك إعمالاً للأدلة مع بعضها البعض,فإذا تعذر التوفيق دون تكلف عمدنا إلى التخصيص أو أحد أساليب الترجيح.
    و إن الناظر في نصوص البيعة التي تمت في العقبة الثانية يدرك بجلاء أن الأنصار أصبحوا ببيعتهم جزءاً من جماعة النبي- صلى الله عليه و سلم- عقد عليه مهمة التمكين للدين بالقوة , و هو ما نسميه نحن في عصرنا الجناح العسكري ,كيف لا يكونون كذلك , وقد سأل أبو الهيثم بن التيهان رسول الله - صلى الله عليه و سلم-:إن بيننا و بين الرجال-يعني اليهود- حبالاً,و إنا قاطعوها,فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك و تدعنا؟؟فتبسم رسول الله ثم قال:"بل الدم الدم ,و الهدم الهدم,أنتم مني و أنا منكم , أحارب من حاربتم , و أسالم من سالمتم"[11]فلا أدري كيف يقال بعدها أنهم لم يكونوا ببيعتهم جزءاً من الجماعة المسلمة الأولى!!,فالجماع المسلمة الأولى نصرت نفسها بنفسها, و لم يكن أهل النصرة فيها طرفاً خارجياً, فتنبه.
    أما علل به الحزب رأيه بأن الأنصار لم يصبحوا بالبيعة جزءاً من جماعة النبي - صلى الله عليه و سلم- بأنه:"عرف القاموس المحيط الحزب ما نصه:جند الرجل و أصحابه اللذين على رأيه,فليس حزب الرسول -صلى الله عليه و سلم- هم من كانوا على رأيه,بل لابد من اجتماع شرطين هما: أن يكونوا من أصحابه,و أن يكونوا على رأيه,فحزب الرسول -صلى الله عليه و سلم- هم أصحابه فقط حسب ما جاء في نص اللغة"[12] فإنه مردود من وجهين:
    الوجه الأول:أن لفظ ( الحزب ) الذي بنى الحزب على تعريفه لغوياً رأيه لم يأت في نص شرعي لنستنبط منه حكماً,و كان يكفي أن نصف الواقع بجماعة النبي - صلى الله عليه و سلم-مثلاً.
    الوجه الثاني:و قد أخطأ الحزب في حصره لتعريف الحزب لغوياً بالصحابة, فالقاموس المحيط يقول الحزب: جند الرجل و أصحابه اللذين على رأيه, أي إنهم صنفان و ليسوا صنفاً واحداً: 1-جند الرجل2- و أصحابه اللذين على رأيه, و السؤال-بعيداً عن الخلاف في تعريف الصحابي-: ألم يضع الأنصار أنفسهم جنوداً تحت راية النبي - صلى الله عليه و سلم- في تلك البيعة الميمونة؟!.
    بقي أن نناقش شبهتين تعرضان بهذا الخصوص:
    الشبهة الأولى: شبهة أن الصحابة رضوان الله عليهم في مكة كانوا قادرين على نصرة النبي –صلى الله عليه و سلم-, ففيهم عمر بن الخطاب و حمزة بن عبد المطلب ,و لم يطلبها النبي منهم, فهذا يقتضي أن لا تقوم الكتلة بإعطاء النصرة وإنما تطلبها من مظانها , و الجواب:
    القارئ لأحداث السيرة يرى أن الصحابة في العهد المكي كانوا صنفين بالنسبة للقوة:صنف لا حيلة له حتى بالدفع عن نفسه كآل ياسر-رضوان الله و رحمته عليهم-, و قد سامهم المشركون ألوان العذاب, و صنف كانت لهم منعة و قوة إما بذواتهم أو بعشائرهم لرد العدوان, لم تصل إلى حد قدرة إحداث التغيير, و الدليل على ذلك:
    قول عمر –رضي الله عنه – للمشركين لما أسلم: "افعلوا ما بدا لكم, فأحلف بالله أن لو كنا ثلاث مائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا" و "لو" حرف امتناع,و غاية ما حصل للدعوة من إسلام الفاروق-رضي الله عنه- ما قاله صهيب الرومي-رضي الله عنه-: "لما أسلم عمر ظهر الإسلام ,و دعي إليه علانية,وجلسنا حول البيت حلقاً,و طفنا بالبيت,و انتصفنا ممن غلظ علينا, و رددنا عليه بعض ما يأتي به"[13] بل و في صحيح البخاري رواية واضحة وضوح الشمس أنه لم يكن يمتلك القدرة على التغيير,فقد روى البخاري-رحمه الله- في باب إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان عند اسلامه في داره خائفاً من اجتماع المشركين عليه, و قال للعاص بن وائل السهمي:"زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت"[14].
    و قد أقر الحزب بحقيقة أنهم لم يكونوا يمتلكون القدرة على النصرة, يقول الحزب: "و الحزب يطلب النصرة من أهل القوة و النجدة , و هذا عام فله أن يطلب النصرة من أحد شبابه إذا تحقق فيه معنى النصرة كأن كان ضابطاً أو من أهل القوة, فالرسول صلى الله عليه و سلم قال:اللهم انصر الإسلام بأحد العمرين, فأسلم عمر فاعتز بإسلامه, و لو كان عمر بعد الإسلام من أهل القوة لطلب النصرة منه"[15] و لكنه يصف قيام شبابه-إن كانوا من أهل القوة- بإعطاء النصرة للحزب بأنه:" باعتبارهم أفراداً ", و أرى أن توصيفهم بأنهم يعطون النصرة بوصفهم الفردي لا بوصفهم أعضاء جماعة يحتاج إلى قرائن و هو بعيد و متكلف, فالحديث هنا عن صميم عمل الحزب, و ليس أعمالا خارجة عن مجال عمل الدعوة.
    فالقول : أن الصحابة رضوان الله عليهم في مكة كانوا قادرين على نصرة النبي –صلى الله عليه و سلم-, ففيهم عمر بن الخطاب و حمزة بن عبد المطلب ,و لم يطلبها النبي منهم من أعجب ما سمعت في حياتي!!.
    الشبهة الثانية:في فهم قوله تعالى:" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَكَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ" و أمثاله من النصوص الشرعية,و الجواب:
    في موضوع استخدام القوة لدينا ثلاث حالات,هي: استخدام القوة لرد العدوان, و استخدام القوة للتمكين للدين, و استخدام القوة للمبادأة بالقتال , و الأصل أن يوضع كل نص في سياقه الصحيح,و لو استقرأنا النصوص لوجدنا أن :
    1-استخدام القوة للدفاع كان مشروعاً في مكة كما بيناه سابقاً, فقوله تعالى في سورة الشورى -:" و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون,و جزاء سيئة سيئة مثلها , فمن عفا و أصلح فأجره على الله" نزل في مكة , و قد دافع القادر من الصحابة عن نفسه أمام عدوان المشركين.
    2-استخدام القوة للتمكين للدين: و هذا كان واضحاً في نصوص بيعة العقبة الثانية التي تمت بين الرسول صلى الله عليه و سلم و الأنصار, و أؤكد هنا أنه كان واضحا أن النبي صلى الله عليه و سلم من أيامه الأولى يريد الحكم و السلطان, قال الأستاذ سيد-رحمه الله-:"لقد قال الرجل العربي بفطرته حينما سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو الناس إلى شهادة أن لا اله إلا الله و أن محمدا رسول الله :" هذا أمر تكرهه الملوك" و قال رجل آخر من العرب بفطرته و سليقته:" إذن تحاربك العرب و العجم"لقد كان هذا العربي و ذاك يفهم مدلولات لغته, كان يفهم أن شهادة أن لا اله إلا الله ثورة على الحاكمين بغير شرع الله عرباً كانوا أم عجماً"[16].
    3-المبادأة بقتال المشركين مما هو ليس على سبيل الدفاع عن النفس:وهو ما تحمل عليه الآيات كما قال الدكتور هيكل[17].
    ثالثاً:ما يراه الحزب في موضوع حديث المنابذة بالسيف من أنه :"لا يكون السيف طريقة لإزالة الكفر في دار الكفر , و أما دار الإسلام , فإنه لا كلام من أن السيف و القوة المادية طريقة لإزالة الكفر البواح و إعادة حكم الإسلام"[18]مردود من وجوه:
    ا-الحديث قال :" إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان"و لم يقل حاكما بدأ يحكم بالكفر البواح.فالحديث منصب على رؤية الكفر البواح لا من يأتي به,فتنبه,و هل هناك كفرا بواحٌ أظهرُ من الحكم بالقانون الوضعي ,و مظاهرة عباد الصليب و البقر على أهل الإسلام؟!!.
    2-الثابت من الشريعة أنها لا تفرق بين الكافر العربي و الكافر الأجنبي, ودار الكفر التي يحكمها الكافر العربي كدار الكفر التي يحكمها الكافر الأجنبي, و بما أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات , فيلزمنا أن نطرد فهم الحزب هذا على البلاد التي يحكمها الكافر الأجنبي ( ما يسمى الاحتلال)فنقاتل مالم يستقر حكمه الكفري, فإذا استقر غيرناه بطلب النصرة, و لا يخفى القارئ المنصف ما في هذا من ركاكة.
    3- التفريق في الطريقة بين الدور لم يأت به عالم معتبر قبل الشيخ تقي الدين النبهاني-رحمه الله-, و قد بناه الشيخ -رحمه الله- على أن ما فعله الرسول صلى الله عليه و سلم في مكة يتعارض مع حديث المنابذة بالسيف, و قد بينت سابقاً أنه لا تعارض.
    رابعاً: لو افترضنا جدلاً أن طريقة الرسول صلى الله عليه و سلم في مكة تتعارض مع استخدام القوة المادية في التغيير, و أن ما تقدم من التوفيق بينها و بين أدلة العمل الجهادي في التغيير متكلَف...أقول: نلجأ هنا إلى التخصيص, و قد بحث الأصوليون مبحث التعارض بين قول النبي صلى الله عليه و سلم ( وهو في حالتنا:حديث المنابذة بالسيف ) و فعله ( وهو هنا طريقته في مكة ) و بينوا أن القول إن كان متأخراً عن الفعل , فهو الذي نلزم به, و يكون الفعل إما منسوخاً أو خاصاً بالنبي صلى الله عليه و سلم, و قد ذكر ذلك الحزب في كتاب الشخصية 106/3 فليراجع.













    [1] منهج حزب التحرير في التغيير ص17

    [2] جواب سؤال صادر في 5شعبان 1388ه الموافق 27/10/1968م.

    [3] جواب سؤال صادر في 5شعبان 1388ه الموافق 27/10/1968م.

    [4] مفاهيم حزب التحرير ص75.

    [5] جواب سؤال 14رمضان1387 الموافق 15/12/1967.

    [6] كلمات لابد منها مع الشيخ أبي مصعب عبد الودود.

    [7] أجوبة أسئلة غير مؤرخة/دوسية للحزب تبدأ بجواب سؤال عن الدفاع عن العرض,و تنتهي بأجوبة أسئلة آخرها عن السبب.

    [8] الرحيق المختوم ص93

    [9] مجمع الزوائد23/6و قال الهيثمي رجال الجميع ثقات.

    [10] سيأتي تفصيل ذلك في الفصل التالي

    [11] سيرة ابن هشام 50/2.

    [12] سبق توثيقه.

    [13] الرحيق المختوم ص93

    [14]صحيح البخاري –باب اسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ص804.

    [15] أجوبة أسئلة صادرة في 1/5/1970م.

    [16] الظلال 1348/3.


    [18] راجع حاشية رقم 7.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: وقفات هادئة مع الإخوة في حزب التحرير في فهم الطريقة

    بارك الله فيكم ..
    وهنا رسالة جامعية عن " الحزب " :

    http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=5726

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: وقفات هادئة مع الإخوة في حزب التحرير في فهم الطريقة

    السلام عليكم:
    جزاك الله خيرا شيخنا سليمان , و شكرا على المرور

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •