قال النووي - رحمه الله - :
وعن أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( مرَّ في المسجد يوما ، وعُصبة من النساء قُعود ، فألوى بيده بالتسليم ) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن .
وهذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين اللفظ والإشارة ، ويؤيده في رواية أبي داود : ( فسلَّم علينا ) .
................
قال الشيخ ( محمد بن صالح العثيمين ) - رحمه الله وغفر له - :
(( ثم ذكر المؤلف حديث أسماء بمرور النبي - صلى الله عليه وسلم - على نساء المسجد ، فألوى بيده إليهن بالتسليم ، وقال - رحمه الله - إن هذا محمول على أنه جمع بين التسليم باليد - بالإشارة - وكذلك باللسان ؛ لأن التسليم باليد فقط منهي عنه ، نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أما الجمع بينهما فلا بأس ، خصوصا إذا كان الإنسان بعيدا يحتاج إلى أن ينظر لليد التي تشير بها المسلم ، أو كان أصم لا يسمع وما أشبه ذلك ، فإنه يجمع ببن السلام وبين الإشارة .
وأما ما يفعله بعض الناس إذا مرّ وهو يركب سيارته فإنه يضرب البوق ، فإن هذا لا يكون سلامًا ، وليس من السنة ، اللهم إلا أن بعض الناس يقول : " أنا لا أريد به السلام ؛ لكن أريد أن ينتبه ثم أسلم عليه " هذا أرجو ألا يكون به بأس ، وأما أن يجعله بدلا عن السلام ، فإن هذا - لا شك - خلاف السنة ، فالسنة أن يسلم الإنسان بلسانه ، وإذا كان الصوت لا يُسمع ، فإنه يشير بيده ؛ حتى ينتبه البعيد أو الأصم .
وفي حديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بمسجد فيه عصبة من النساء ، فألوى إليهن بالتسليم - أي سلَّم عليهن وأشار بيده - ، قال النووي : وهو محمول على أنه جمع بين السلام والإشارة ، وذلك لأن السلام بالإشارة فقط منهي عنه ، السلام لا بد أن يكون بالقول .
وفي الحديث : سلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على النساء ، وذلك لأن المحذور منتف غاية الانتفاء ، وإلا فإن الرجل الأجنبي الذي ليس محرمًا للمرأة لا يُسلم عليها ، لما في ذلك من الفتنة ، ولا سيما الشاب مع الشابة ، فإنه لا يسلم الرجل على المرأة ، ولا المرأة على الرجل ، لكن إذا كان الرجل معروفا بالصلاح ، ومرّ على نساء مجتمعات في المسجد أو في درس أو ما شابه ذلك فلا بأس أن يسلم ، لأن المحذور منتف ، والمسجد كلنا يدخل فيه ويخرج .
لكن أن يمر الإنسان على المرأة الشابة في الشارع ، أو السوق ويسلم عليها فهذا فتنة ، فلا يسلم على المرأة .
كذلك لو دخل بيته - وفيه نساء يزرن أهله - فلا بأس أن يُسلم ، لأن المحذور منتف ، وأما ما يخشى منه الفتنة فإن لدينا القاعدة الشرعية وهي : " درأ المفاسد أولى من جلب المصالح " .
ومن هنا نعلم أن مصافحة المرأة لا تجوز ، لا الكبيرة ولا الصغيرة ، لا من وراء حائل ولا مباشرة ، لأن الفتنة قائمة ، أما المحرَم فيجوز ، والله أعلم )) انتهى .
راجع : كتاب شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين / لفضيلة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - / ج 3 / ص 20-22 .
السلفية النجدية ..