- كانت البداية عندما نشر الأستاذ المؤرخ عبدالله عنان مقالاً في جريدة " السياسة الأسبوعية " بتاريخ 7 سبتمبر 1929م بعنوان " فلسطين بين اليهود والعرب " ، زمن مأساة فلسطين واحتلالها من قِبل الإنجليز ، تمهيدًا لتسليمها لليهود ، حاول فيه أن يكون " حياديًا " " عقلانيًا " ! كما يزعم ، وكما هي وجهة الجريدة التي يكتب فيها وتتبع " حزب الأمة " الذي يمثل مدرسة تلاميذ محمد عبده ؛ مما أداه إلى مدح جهود الحركة الصهيونية ذلك الوقت ! وتحكيم العقل الموهوم في القضايا الشرعية الدينية .بسم الله الرحمن الرحيم
- تولت صحيفة " الفتح " للشيخ المجاهد محب الدين الخطيب – رحمه الله – الرد على مقال عنان بعدد من المقالات ، أبرزها مقال مَن رمز لنفسه بـ( ن ) – ويقال إنه شكيب أرسلان - ، وصدّرت به ( العدد 165 و 166 ) ، وعنوانه : ( هل ماكتبه عبدالله عنان في قضية فلسطين هو جهل أو تجاهل ؟ ) . وهذه صورة حلقته الأولى :
http://www.shawati.cc/download.php?img=13645
http://www.shawati.cc/download.php?img=13646
http://www.shawati.cc/download.php?img=13647
-اعتمد الأستاذ أنور الجندي – رحمه الله – على مقالات الفتح في كتابه القديم " الشعوبية في الأدب العربي الحديث " ، فأدرج عبدالله عنان ضمن دعاة الشعوبية ( ص 166 – 169 ) ، ونبه – أيضًا – إلى مجاراته لدعاة تغريب المرأة في قضاياها المطروحة في ذلك الزمن . وأيضًا ذكر هذا في كتابه " مقدمات العلوم والمناهج " ( 4 538 – 540 ) .
وهذه صورة ماكتبه الجندي – رحمه الله - :
http://www.shawati.cc/download.php?img=13648
http://www.shawati.cc/download.php?img=13649
http://www.shawati.cc/download.php?img=13650
http://www.shawati.cc/download.php?img=13651
http://www.shawati.cc/download.php?img=13652
-ولكنه عاد في كتابه " مفكرون وأدباء من خلال آثارهم " ( ص 253 – 259 ) ، فكتب عن جهود عنان في التاريخ الأندلسي ، ومدحه ، وأطلق عليه : ( مؤرخنا الإسلامي الكبير ) . ولم يتعرض لنقده . وهنا صورة ما كتب :
http://www.shawati.cc/download.php?img=13653
http://www.shawati.cc/download.php?img=13654
http://www.shawati.cc/download.php?img=13656
http://www.shawati.cc/download.php?img=13657
http://www.shawati.cc/download.php?img=13658
-قلتُ : الذي أظنه أن الأستاذ الجندي علم بعد مرور السنين أن عبدالله عنان خاض فيما خاض فيه سابقًا عن جهل ومجاراة لمدرسة " حزب الأمة " ، وأن محور حياته الفكرية وأبحاثه ومقالاته وكتبه هي في التاريخ ( خاصة الأندلسي ) ، أما الفلتات السابقة فلا يُبنى عليها توجه معين له ، على سوئها ووجوب الرد عليها ، ولهذا أنصفه في كتابه " مفكرون وأدباء " .
-ويشهد لهذا : ماذكره الأستاذ عنان في " مذكراته " التي طبعتها دار الهلال المصرية ، وأنتقي منها : قوله ( ص 7-8 ) : " أود أن أنوه قبل كل شيء بأن كل ما يصدر مني خلال هذه المذكرات من آراء وتعليقات، إنما يصدر مني أولاً كمصري، لم تكن له طوال حياته أي ميول أو أهواء سياسية خاصة، ولم يتصل مطلقاً بأي حزب أو أية طائفة سياسية، وقد عاش طول حياته مصرياً فقط، ينظر إلى سائر الأحداث والتقلبات بنظرته المصرية ليس غير. وثانياً كمؤرخ، ينظر إلى الحوادث ويحللها بمعياره وقوانينه التاريخية، وأنه بالرغم من اشتغاله بالصحافة فترة من الزمن لم يشأ أن يغمس قلمه قط في غمر المسائل السياسية الحزبية، وأنه حرص طول حياته على الابتعاد عن أي مؤثرات أو اتجاهات خاصة، ولبث يحمل قلمه حراً، منزها عن مثل هذه المؤثرات والاتجاهات، وهو ما كان دائماً وما يزال موضع فخره واعتزازه " .
وقوله ( ص 12 ) : " أكتب هذه الصفحات، وهي خاتمة ما يخطه قلمي، الذي خط الكثير خلال هذه الحياة الطويلة الحافلة وأنا على استعداد في كل لحظة إلى لقاء ربي، قرير العين، مغتبط النفس بما قدمته في حياتي، إلى وطني العزيز مصر، وإلى أمتي العربية العظيمة من ثمار تفكيري وبحوثي، راجياً أن تكون للخلف خير ذخر، ولكاتبها خير ذكرى " .
وقوله ( ص 54-55 ) : " وكنا سواء في المجتمع أو في الصحافة، نبدي أشد الإعجاب بمصطفى كمال قائد تركيا الحديثة ومنقذها، ولم نكن ندري يومئذ أن هذا الزعيم سوف يتنكر بعد ذلك، وبعد أن اشتد ساعده للإسلام والعالم الإسلامي واللغة العربية لغة القرآن ، ويعمل جاهداً لمقاومة تراث الإسلام والعربية في تركيا، ويُصدر مختلف القوانين للحد من آثاره، ويأمر بإلغاء معظم الكلمات والأصول العربية التي استعارتها اللغة التركية واستبدالها بكلمات أوربية حيثما اتفق، وإلغاء الكتابة العربية للغة التركية، واستبدالها بحروف لاتينية، وإلغاء الأذان بالعربية، ثم إلغاء الشريعة الإسلامية، التي كانت تقوم في تركيا مدى عصور على أساس الفقه الحنفي، واستبدالها بتشريعات أوربية حديثة، ألغيت فيها سائر الاعتبارات الدينية، وسمح بمقتضاها للمرأة التركية المسلمة أن تتزوج بنصراني، بل لقد ذهبت العصبية الكمالية فيما بعد إلى محاولة إلغاء الصلاة الإسلامية كلية، واستبدالها بصلاة الوقوف بالأحذية في المسجد، ومتابعة الموسيقى على نحو ما يتبع في الكنيسة النصرانية، لولا ما أثارته هذه المحاولة الجريئة من السخط في سائر أنحاء العالم الإسلامي. والخلاصة أن الحركة الكمالية التي حيوناها في البداية بفيض حبنا وإعجابنا، انتهت بمختلف المحاولات إلى فصل تركيا عن العالم الإسلامي، ومخاصمة سائر الأمم الإسلامية، ومحاولة الاندماج في العالم الأوربي النصراني " .
قلت : رحم الله الأستاذين " الخطيب والجندي " ، وجزاهما خير الجزاء عن جهادهما ، ودفاعهما عن الإسلام وقضاياه ، في زمن التيارات والأمواج العاتية التي مرت بالأمة ؛ حيث أصبحت كتاباتهما عن الشخصيات والأحزاب التي ماجت بها أرض الإسلام منارة للسائلين ، وعفى الله عن الأستاذ عنان خوضه وفلتاته ، التي لم يتبقَ منها إلا جهوده التاريخية النافعة ، والله الهادي .
- للفائدة : كتب الأستاذ عنان مقالاً في مجلة " الرسالة " شنّع فيه على أتاتورك وأنصاره بعنوان ( حرب منظمة يُشهرها الكماليون على الإسلام ) إلا أنه عمم الإساءة على جميع الأتراك ! فقال : ( إن الإسلام أقوى وأرسخ من أن يتأثر بمثل هذه الثورات العصبية الطارئة ... – إلى أن قال – ولن يضير الإسلام أن يُسقط من عداده تركيا الكمالية ، وإذا كان الإسلام لم يعتز قط بتركيا يوم كانت دولة قوية شامخة ، فكيف يحاول اليوم أن يعتز بهذه البقية الضئيلة من تركيات القديمة ؟ ) . فآذت هذه العبارة التي تحتها خط الشيخ مصطفى صبري – رحمه الله - ؛ فجعلها مدخلاً لكتابه الشهير " موقف العقل .. " قائلاً ( 1 / 71 – 72 ) : ( إن لهذا الكتاب المعروض على نظر القارئ قصة تستحق الذكر هنا ، وهي أني كنت قرأت مقالة نشرتها مجلة الرسالة قبل أكثر من عشر سنوات للأستاذ محمد عبدالله عنان ... ) إلخ رده على عنان في مقالته السابقة وفيما ذكره في كتابه " مصر الإسلامية " عن الأتراك . ( موقف العقل .. ، 1 / 71 – 102 ) .
- لعل الأستاذ محمد مبروك – الكاتب معنا في الألوكة - يُفيد بما عنده ، بحكم تخصصه في تراث الأستاذ الجندي ، فهو يحضر رسالة دكتوراة عنه .