تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 21

الموضوع: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    قال الأخ ( الدعاء .. الدعاء ) ـ حفظه اللّه تعالى ـ :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبعد : فهذا تفريغ لأشرطة مباحث في الجرح و التعديل للشيخ المحدث عبدالله السعد وهي في شرح مواضع من تتمة كتاب شرح العلل لابن رجب بعد كل درس منها درس عملي أمثلة تطبيقية من أحاديث العلل الكبير للترمذي
    هي عندي منذ زمن وأحببت أن أشرك الإخوةفي الفائدة
    وسبب تأخيري لنشرها ولشرح كتاب المنتقى وفيها شرح نحو 60 حديثا من أول الكتاب وهي عندي مطبوعة جاهزة أن شيخنا الشيخ عبدالرحمن الفقيه كان قد وعدنا بإخراج أشرطة الشيخ مكتوبة وأنا أدعوكم لمطالبته بإخراجها للإستفادة منها ونحن على استعداد للمشاركة مع شيخنا فيما يحتاجنا فيه .



    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    أما بعد : فعندما شرح الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه كتاب العلل الصغير للترمذي. والترمذي له كتابان في العلل : العلل الكبير؛ وهذا في ذكر أحاديث معللة يرى أنها معللة وهذا الكتاب رُتِّب على الأبواب الفقهية فذكر الأحاديث التي هي معلولة في باب الطهارة ثم الصلاة وهكذا ، وله أيضا العلل الصغير ؛ تكلم على شرطه في كتابه الجامع وتكلم أيضا على جرح الرواة وتعديلهم وتكلم أيضا على بعض القضايا في الحديث من كون الحديث غريبا وما شابه ذلك فتكلم على بعض الاصطلاحات في كتابه الجامع ، والحافظ ابن رجب رحمة الله عليه شرح كتاب العلل الصغير وشرحه تبعا لشرحه لجامع الترمذي عندما انتهى من شرح جامع الترمذي شَرَحَ العللَ الصغير ولكن شرحه على الترمذي ضاع أو أكثره ضاع ولم يبق
    إلا أحاديث قد شرحها أو لم يبق منه إلا شيء يسير ، ومما بقي من هذا الشيء اليسير هو شرحه للعلل الصغير وهذا الكتاب من أنفس ما كتب في بيان طريقة
    المتقدمين فإن طريقته رحمة الله عليه أنه يذكر كلام الحفاظ ممن تقدم كلام الإمام أحمد أو ابن المديني أو يحيى بن معين أو البخاري أو مسلم أو أبو زرعة أو أبو حاتم وغيرهم من كبار الحفاظ ثم بعد ذلك يلخّص كلامهم ويقعّد القواعد ويفرّع التفريعات وكتابه كتاب نفيس وعندما انتهى من شرح العلل الصغير أتبعه بتتمة وفوائد وقواعد وضوابط يحتاج إليها طالب العلم المتخصص في الحديث .
    فذكر هذه التتمة وجعلها على قسمين :
    · أول فيما يتعلق بالرواة المشاهير وأصحابهم
    · ثم القسم الثاني فيما يتعلق بالرواة الثقات الذين ضعفوا في بعض حديثهم
    ثم ذكر بعض الفوائد والقواعد .
    وهذا القسم الأول الذي معنا فائدته عظيمة وذلك أنه ينبغي لطالب العلم في الحديث أنه يبدأ بالصحابة رضي الله تعالى عنهم ومعرفتهم ومعرفة أصحابهم لأن الحديث له طرق مسلوكة ؛ الصحابي له أصحاب والواحد من هؤلاء الأصحاب له أيضا أصحاب وهكذا.. فمثلا أبو هريرة له أصحاب كثر يروون عنه فينبغي معرفة هؤلاء الأصحاب ومن هو أثبت الناس في أبي هريرة ومن هو المكثر عنه ومن هو المقل حتى يعرف طالب العلم الحديثَ الصحيح من الضعيف ، الحديث المحفوظ من الشاذ ، والمعروف من المنكر ، ثم يعرف أيضا أصحاب هؤلاء الأصحاب
    § فمثلا أبو هريرة كما تقدم يروي عنه أناس كثر على رأسهم : أبو صالح ذكوان السمان ومحمد بن سيرين والأعرج عبدالرحمن بن هرمز وسعيد بن المسيب وعطاء بن رباح وهمام بن منبّه وغيرهم ممن يروي عن أبي هريرة وأغلب حديث أبي هريرة إنما يدور على هؤلاء ، وتجد الواحد من هؤلاء يروي عنه الكثير ثم بعد ذلك أيضا لهؤلاء أصحابٌ وتلاميذ
    § فمثلا أبو صالح ذكوان السمان له تلاميذ ، من هؤلاء التلاميذ الأعمش وقد روى عنه أكثر من ألف حديث وكذلك أيضا سهيل بن أبي صالح وقد أكثر عن أبيه
    § ثم مثلا محمد بن سيرين له تلاميذ وأصحاب منهم هشام بن حسان أكثَرَ عن محمد بن سيرين ومنهم أيضا أيوب بن أبي تميمة السختياني أكثر عن ابن سيرين وهكذا.
    § ثم إذا جئنا إلى عطاء بن أبي رباح نجد ابن جريج أكثر عن عطاء بن أبي رباح
    § مثلا إذا جئت إلى الأعرج عبدالرحمن بن هرمز نجد أيضا أن أبا الزناد عبدالله بن ذكوان قد أكثر عن الأ‘رج عبدالرحمن بن هرمز
    فهذه هي الطريقة المثلى لمعرفة الأسانيد التي تدور عليها الأحاديث الضعيفة.
    وفي الحقيقة إن علم الصناعة الحديثية والجرح والتعديل والشذوذ والعلة إنما هي مبنية على أمور منها هذا الأمر المهم وأن طالب العلم ينبغي أن لا يبتدئ من شيوخ البخاري ، من شيوخ الإمام أحمد ، وشيوخ أبي داود ، أو مثلا شيوخ أبي داود ، أو مثلا فوق هؤلاء شيوخ الطبراني أو الدارقطني أو البيهقي . لا . وإنما يبدأ بالصحابة وتلاميذ الصحابة وتلاميذ تلاميذ الصحابة وهكذا . فهؤلاء هم الذين تدور عليهم الأحاديث فلذلك الحافظ ابن رجب ذكر هؤلاء وذكر عبدالله بن عمرو وأنتم تعلمون أن عبدالله بن عمرو من المكثرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من الثلاثة بعد أبي هريرة ؛
    § فأبو هريرة روى أكثر من خمسة آلاف حديث
    § وبعده ثلاثة أنس وابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم
    § ثم بعد ذلك أبو سعيد وجابر بن عبدالله وابن عباس
    فهؤلاء هم أكثر من روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم فبدأ بأصحاب عبدالله بن عمر ثم ذكر أن لعبدالله بن عمر ذكر له أصحاب واختار منهم اثنين الذين هم أكثر أشهر من روى عن ابن عمر وهما سالم بن عبدالله بن عمر ونافع مولى عبدالله بن عبدالله بن عمر والحافظ ابن رجب يذكر أمثلة حتى أن طالب العلم يسير على هذه القواعد وهذه المناهج ولا يستقصي الحافظ ابن رجب وإنما ذكر أمثلة وذكر تقعيدات وعلى طالب العلم بالحديث أن يستوفي ما كان مثل هذه القواعد والتقعيدات والأمثلة ونحن بمشيئة الله في هذا الدرس سنمر على هذه الأشياء باختصار سنذكر بمشيئة الله الخلاصة وأهم شيء عندنا – لا يكن هم الواحد منا أن يعرف النتيجة، لا – وإنما لماذا ذكر ابن رجب هذه الأمثلة . كما ذكرت أن طالب العلم حتى يكون له مقدمة في الرجال يبدأ بالمشاهير الصحابة ثم مشاهير تلاميذ الصحابة ثم مشاهير تلاميذ هؤلاء التلاميذ وبالتالي بعد ذلك يكون قد أحاط بمجموعة كبيرة من الحديث ويكون أيضا عرف الأحاديث الصحيحة من الأحاديث المعلولة والأحاديث المحفوظة من الأحاديث السقيمة . فأقول هذا هو فائدة ذلك فينبغي الانتباه لهذا الشيء.
    فإذن عندنا الرواة على قسمين :
    · قسم مكثرين جدا من الرواية
    · وقسم مقلين ، وهذا يشمل الصحابة ويشمل من أتى من بعد الصحابة
    وكما تقدم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم المكثر ومنهم من هو المقل ومنهم من ليس له رواية هناك كثير من الصحابة ليس لهم رواية فعندما يعرف المكثر يهتم بالمكثر من حيث الصناعة الحديثية – وإلا فلا شك ينبغي معرفة الصحابة ومكانتهم وسيرتهم لكن نحن نتحدث الآن عما يتعلق بالصناعة الحديثية – ثم كذلك أيضا غير الصحابة كما ذكرنا من روى عن الصحابة وهلم جرا منهم من هو المكثر ومنهم من هو المقل فالمكثر نتعرف عليه ثم على تلاميذه ثم إذا تعرفنا على تلاميذه وتلاميذ تلاميذه نكون قد أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث والطرق وكثيرا ما يدور علم العلل على هذا الشيء فهذه فائدة ذكر ابن رجب لهذا القسم في كتابه شرح العلل .
    فهنا اختار عبدالله بن عمر كما تقدم وهو مكثر والرواة عن عبدالله بن عمر كثر لكن تجد أن هناك اثنين مكثرين عنه جدا وأغلب حديث ابن عمر يأتي من طريق هذين الاثنين ثم إن أيضا سالم ونافع . نافع روى أكثر بكثير من سالم فتعرف أصحاب سالم وأصحاب نافع وإذا عُرِفوا مئات الأحاديث نكون قد عرفناها . فهذا هو فائدة ذلك وبالتالي فإن هذا الأمر يقرب لك البعيد ويختصر لك الكثير بالقليل.
    عندما ذكر سالما ونافعا ذكر أنهما اختلفا في أحاديث – طبعا سالم ونافع اتفقا في أحاديث وهذا هو الأصل و اختلفا في أحاديث – ذكر أن أهل العم في الأحاديث التي اختلفا فيها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
    · قسم رجح سالما قال سالم أفقه من نافع وهو ابن لعبدالله بن عمر وأجلّ فيُقدّم .
    · وقسم قدّم نافعا قال لأن نافعا كثر جدا عن عبدالله بن عمر وهو قد روى أكثر من سالم بكثير لذلك قدم نافعا، وهذا ما مال إليه الإمام أحمد .
    · وقسم قال : من أتى بزيادة علم هو المقدم وهذا أيضا أحد أقوال الإمام أحمد وهذا هو الأرجح وهذا أيضا جاء عن يحيى بن معين . لماذا هذا هو الأرجح ؟ لأن كلا من سالم ونافع هم أئمة أجلاء فضلاء وفي هذه الحالة من يكون عنده زيادة علم فهو المقدم . لكن لو كان أحدهما أوثق من الآخر وأضبط وأحفظ ، فنقدم من ؟ نقدم الأحفظ . هذا الأمر على قسمين :
    · إما أن يكون هؤلاء المطلوب الترجيح بينهما كلاهما في درجة واحدة أو متقاربان من حيث الجلالة والإتقان والحفظ فهنا من عنده زيادة علم هو المقدم.
    · وقسم فيهم من هو أحفظ من الآخر . مثلا أصحاب أبي إسحاق السبيعي من أصحابه شعبة والثوري ومن أصحابه أيضا إسرائيل حفيده وزهير بن معاوية وزائدة بن قدامة . أثبت هؤلاء في أبي إسحاق هو إسرائيل ولذلك اعتمد عليه البخاري في حديث أبي إسحاق . لماذا اعتمد عليه البخاري؟ لأن أبا إسحاق السبيعي تدور عليه أحاديث كثيرة جدا فعندما يعرف أبو إسحاق السبيعي وتلاميذه ومن هو المقدّم فيهم أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث وبالتالي هذا البعيد قرب وهذا المنتشر اختصر فهذه فائدة ذلك ولذلك يخطئ الآن بعض طلبة العلم في الحديث قد يبدأ بشيوخ البيهقي أو شيوخ الطبراني . أنت إذا كنت ستبدأ بشيوخ البيهقي أو بشيوخ الطبراني وتنزل بعد ذلك لشيوخ شيوخه لن ينضبط لك الأمر وتحتاج إلى وقت طويل جدا لكن ابدأ بالصحابة وهكذا..
    فكما ذكرت إذن الرواة على قسمين إما أن يكون مكثرا أو يكون مقلا هذا المكثر يُهتم به ويُعرف أصحابه ثم إن هؤلاء الأصحاب إما أن يكونوا في درجة واحدة وإما أن يكونوا في درجات متباينة فإن كانوا في درجة واحدة فعندما يختلفان يقدم من معه زيادة علم وأما إذا كانوا في درجات متباينة فالأحفظ والأوثق هو المقدم .
    § فمثلا في أصحاب أبي إسحاق السبيعي لو خالف زائدة بن قدامة مثلا إسرائيل أو خالف مثلا سفيان الثوري وشعبة فلا شك أن سفيان الثوري أو شعبة أو إسرائيل يقدمون على زائدة بن قدامة . لكن عندما يكون شعبة والثوري هما الذين اختلفا وليس هناك دليل واضح يبين خطأ الواحد منهما فهنا يكون من معه زيادة علم هو المقدم لأنه حفظ.
    § مثلا في زيادة الإمام مالك في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي e فرض صدقة الفطر صاعا من طعام على الذكر والأنثى .. إلخ . زاد الإمام مالك قال: من المسلمين فقيدها بأهل الإسلام زيادته مقبولة لأن الإمام مالكا غاية في الحفظ والإتقان وقد تابعه أيضا غيره
    § لكن مثلا زيادة محمد بن عوف الحمصي في حديث علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر عن جابر "إنك لا تخلف الميعاد" هذه الزيادة شاذة لأن جمعا من الحفاظ قد رواها ولم يذكرها فهنا ينبغي الانتباه لهذا الأمر .
    ثم ذكر أحاديث .. ولعلي أتكلم على واحد حتى لا يطول بنا الكلام وإلا في الحقيقة هذا الكلام الذي ذكره ابن رجب يحتاج إلى شرح أكثر من هذا والكلام على الأحاديث يحتاج أيضا . لكن لعلنا نختصر حتى نأخذ المنهج والطريقة وهذا هو الأساس . أهم شيء يهتم به الإنسان هو المنهج والأساس حتى يعرف أن يسير أنت إذا عرفت المنهج والطريقة سرت وأما إذا كنت تحفظ الجزئيات ولا تعرف المنهج والطريقة إّن إذا ما كنت تحفظ هذا من قبل فلن تعرفه لكن إذا كان عندك المنهج والطريقة فحتى لو لم تكن تعرفه من قبل عندك منهج وطريقة تسير عليها.
    فلعلنا نأخذ حديثا من هذه الأحاديث فذكر ابن رجب رحمة الله عليه عن الإمام أحمد أن نافعا وقف في حديث "فيما سقت السماء العشر" هذا الحديث في الحقيقة قد جاء عن سالم من حديث الزهري عنه عن سالم عن ابن عمر أن الرسول e قال: "فيما سقت السماء العشر" وهذا مخرج في الصحيحين وجاء عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه من قوله فتجدون أن هناك اختلافا في رواية سالم عن ابن عمر أن هذا كلام الرسول e وأما في رواية نافع أن هذا من كلام عمر رضي الله عنه . وهنا قلنا بما أن سالما ونافعا في درجة واحدة إذن من كان معه علم فهو المقدم ولا شك أن الذي معه علم هنا إنما هو سالم لأنه قال عن ابن عمر عن الرسول e وطريق نافع لا نضعفه بل نقول أنه لا يستبعد أن عبدالله بن عمر قد حمل هذا عن الرسول e وأيضا حمل هذا عن والده عمر بن الخطاب وعمر أخذ هذا أيضا عن الرسول e لأن عمر لا يمكن أن يقول إن زكاة هذا الشيء كذا وكذا بدون توقيف من الرسول e فإذن لا اختلاف بين رواية سالم ونافع في هذه الطريقة التي ذكرناها وأن رواية سالم هي المقدمة لأن معه زيادة علم وحتى رواية نافع ليس هي خطأ أيضا لأن نافعا غاية في الجلالة ولا عندنا دليل في تضعيفه وقال الخليلي : أن نافعا لا يعرف أنه أخطأ.
    وكذلك في حديث "من باع عبدا له مال" وأيضا حديث "يخرج نار من قِبَل اليمن" أيضا الزهري رواه عن سالم عن ابن عمر عن الرسول عليه الصلاة والسلام ونافع جعله عن ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب فأيضا يقدّم قول سالم لأن معه زيادة علم .(ولعلنا نقتصر على هذا)
    ثم قال :" أصحاب نافع مولى ابن عمر" تلاحظون أن ابن رجب بدأ بعبدالله ابن عمر ثم بعد ذلك ذكر أصحابه ثم بعد ذلك نزل إلى أصحاب أصحابه الذين تدور عليهم الأحاديث وكما قلنا : لماذا ذكر هؤلاء ؟ لأن هؤلاء تدور عليهم الأحاديث . آلاف الأحاديث تدور على أصحاب نافع من
    § مالك كما قال البخاري : السلسلة الذهبية مالك عن نافع عن ابن عمر
    § ومن عبيدالله بن عمر
    § ومن أيوب عن نافع عن ابن عمر . وهكذا كما سوف يأتي .
    قال :" تقدم عن علي بن المديني رحمه الله أنه قسمهم سبع طبقات وذكر أن أعلاهم
    أيوب السختياني وعبيدالله بن عمر ومالك وعمر بن نافع "
    الأئمة كما تقدم أن في أصحاب الراوي المكثر من الحديث كما قلنا ينتبهون لأصحابه فيقسمونهم إلى طبقات . مَن هو الأحفظ والأتقن . فائدة هذا كما ذكرت قبل قليل عند الاختلاف . ويحصل اختلاف حتى يعرف ماهو الراجح من المرجوح وما هو المحفوظ من عدمه فهذا هو فائدة ذلك وإذا رجعتم إلى كتب العلل تجدون أنها مبنية على ذلك. تجدون أن كثيرا من الأحاديث المعللة إنما هي مبنية على ذلك وتجدون أيضا عندما يقول أبو حاتم وأبو زرعة هذا حديث باطل يأتي الواحد الذي ما عنده معرفة بهذا ينظر في الإسناد الإسناد كأنه صحيح وهو في الحقيقة معلول. لماذا هذا خفي عليه لأنه ما عرف طريقة الأئمة فتجد أن هذا الحديث تفرد به شخص وهو ليس معروفا بالرواية عن فلان
    § أعني مثلا سعيد بن بَشِير ليس من أصحاب قتادة . قتادة مكثر من الحديث روى عن قتادة عن خالد بن دُرَيك عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول e قال لأسماء : "إذا بلغت المرأة المحيض لم يصح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها " وأشار إلى الوجه والكفين . هذا الحديث إذا نظرنا إليه لوحده قد يأتي واحد يقول : هذا إسناد لا بأس به ، ويقول: له شاهد عند البيهقي من حديث أسماء بنت عميس إذن بالتالي حسن . وهو حديث باطل كل علة موجودة في الأرض موجودة في هذا الحديث . إذا جئت إلى هذا الحديث
    § أولا: أن الوليد بن مسلم قد رواه نع سعيد بن بشير والوليد بن مسلم معروف بالتدليس ولم يصرح بالتحديث
    § ثم إن سعيد بن بشير فيه ضعف وله منكرات كما تكلم فيه الإمام أحمد وغيره
    § ثم إن أصحاب قتادة الثقات خالفوه فأرسلوا الخبر.
    قتادة له أصحاب وهؤلاء على درجات :
    · الدرجة الأولى من أصحاب قتادة بن دعامة
    § أولا شعبة
    § وهشام الدستوائي
    § وسعيد بن أبي عروبة
    هؤلاء الثلاثة مقدمين في أصحاب قتادة.
    · ثم بعد ذلك يليهم
    § أبان بن يزيد
    § وهمام
    § وكذلك أيضا حماد بن سلمة
    · ثم بعد ذلك يليهم درجة أخرى :
    § سعيد بن بشير من أصحاب قتادة المتأخرين – المتأخرين في الحفظ والإتقان عن قتادة - .
    فأولا تفرد عن قتادة بهذا الإسناد بهذا اللفظ
    ثانيا أن أصحاب قتادة الثقات الحفاظ قد خالفوه فإّن أصبح هذا الحديث باطلا فهذا هو فائدة ذلك . لماذا قوّاه؟ ما نظر إلى هذه القضايا وهذه المسائل وإنما نظر إلى الإسناد لوحده وقال إن له أيضا شاهد . إذن هذا مع هذا أصبح حسنا وهو حديث باطل كما تقدم . أصحاب قتادة الثقات من سعيد بن أبي عروبة وغيره قد خالفوا سعيد بن بشير . وأنت عندما يجيء لك شخصان شخص يقول لك كذا والثاني يقول لا ما حصل هذا الأمر وإنما حصل كذا وكذا غير ما قلته. أنت تقدم من؟ أنت تقدم الأحفظ والمعروف عندك بالأمانة والنزاهة والثاني معروف عندك بالخطأ والوهم وعدم التثبت فكذلك هنا سعيد بن بشير رحمه الله ليس بالضابط ولا بالحافظ وله منكرات ثم إن قد عنعن عن خالد بن دريك وخالد بن دريك أيضا ليس بالمشهور وإن كان هناك من وثقه ولا يعرف له سماع عن عائشة وتفرد هو عن عائشة
    – أيضا إذا جئنا لأصحاب عائشة – عائشة رضي الله عنها مكثرة من الحديث ولها أصحاب . أصحابها المقدمون هم :
    · عروة بن الزبير الذي عائشة خالته
    · والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الذي عائشة عمته
    · وكذلك عَمرة بنت عبدالرحمن التي رُبِّيَت في حَجر عائشة
    · والأسود بن يزيد النخعي الذي تقول عنه عائشة رضي الله عنها : ما أحد في العراق أكرم عليّ من الأسود . فكان يأتي إذا جاء للحج ويسألها ويجالسها من خلف حجاب ويسمع منها ويستفيد منها رضي الله تعالى عنها فأين هؤلاء الملازمين لعائشة أين ابن أختها الملازم لها وسماع أحاديثها ، وأين ابن أخيها القاسم ، وأين من تربى في حجرها ، وأين من يأتي إليها ويسألها وهي تثني عليه ، ثم يأتي خالد بن دُرَيك - وهو من أهل الشام وعائشة مدنية وهو لم يسمع منها وليس مشهورا بالحديث وضبطِه وروايتِه – ويروي عنها هذا لاشك أنه باطل . أنت عندما واحد من أهل العلم درس لمدة طويلة خمسين سنة وما شابه ذلك ، وله أناس لازموه وجلسوا معه عشرين سنة وثلاثين سنة ونحو ذلك ثم يأتي واحد وينقل عن ذلك الشيخ نقلا غريبا وهو لا يُعرَف أنه جالسه إنما جاء له مرة أو مرتين بينما هناك من جالسه عشرين وثلاثين سنة . تقول إن هذا النقل ما هو بصحيح لو كان هذا النقل بالفعل صحيحا كان نقله أصحابه الذين مه الملازمون له حضرا وسفرا مثلا وقد يلازمونه أيضا حتى في بيته كما يلازمونه أيضا في درسه فتقول هذا الذي لا يعرف بالتتلمذ عن فلان ولا مصاحبته ولا مجالسته من أين أتى بهذا الشيء فتقول إن هذا خطأ ووهم فكذلك هنا خالد بن دريك ما هو بمعروف بمصاحبة عائشة ومجالستها والأخذ عنها بل هو لم يسمع منها وهو من أهل الشام فهذا يدلّ على بطلان هذا الخبر بطلانا واضحا ليس له أصل ، باطل بالمرة . ثم هناك من يقوّيه ! كمن كل هذا غفلوا عن المنهج الصحيح في منهج الصناعة الحديثية فصححوا أحاديث وهي باطلة وأبطلوا أحاديث وهي صحيحة فإذن لابد أن يعرف الإنسان المنهج الصحيح منهج من تقدّم من أهل الحديث هو المنهج الصحيح لا بد من معرفة هذا المنهج .
    فأقول : ابن رجب هنا يبين ذلك ثم بيّن فائدة هذا كما تقدم . طبعا لا شك أن أصحاب نافع المقدمين فيه :
    · مالك ، وهو من أتقن أصحاب نافع
    · وعبيدالله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أيضا مقدم جدا في نافع وهناك من قدمه حتى على مالك وكلهم في الذروة
    · كذلك أيضا ابن عون
    · و يحيى بن سعيد الأنصاري
    · وإسماعيل بن أمية
    وإن كان هؤلاء لا يتفاوتون . فتلاحظون أن ابن المديني قسّم هؤلاء إلى طبقات وذكر أن يحيى بن معين قد خالفهم في ذلك خالف علي بن المديني، و يحيى بن سعيد القطان أيضا له كلام قد خالف شيئا مما تقدم لكن تجد أن هناك اتفاقا بين هؤلاء الحفاظ على أناس مقدمين لا يختلف أن مالكا وأن عبيدالله بن عمر هؤلاء من المقدمين ولا يختلف أيضا أن أيوب السختياني وكذلك أيضا يحيى بن سعيد الأنصاري وعبدالله بن عون أن هؤلاء من المقدمين وإن كان الأول والثاني عبيدالله مع مالك هم مقدمون أكثر من الذين يلونهم وهم – كما ذكرت – يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب وكذلك أيضا عبدالله بن عون وهكذا .
    وعلّي أختصر أصحاب نافع إلى ثلاث طبقات فأقول:
    · الطبقة الأولى من أصحابه هم : عبيدالله ومالك
    · ثم الطبقة الثانية : عبدالله بن عون ، و يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب السختياني ، وابن جريج
    · ثم الطبقة الثالثة : موسى بن عقبة ، وإسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى ، والليث بن سعد
    هذه الطبقات الثلاث . إذا خالفت الطبقة الثالثة الطبقة الأولى فالأولى تقدم وتكون الطبقة الثالثة روايتها مرجوحة وشاذة ومعلولة وهكذا..
    بعد أن ذكر أصحاب نافع وقسمهم إلى أقسام ذكر هنا أصحاب عبدالله بن دينار- ولا زال هو في أصحاب عبدالله بن عمر- فبعد سالم ونافع يأتي عبدالله بن دينار في الإكثار عن عبدالله بن عمر . وجلّ حديث ابن عمر يدور على هؤلاء الثلاثة .
    قال أبو جعفر العقيلي : روى شعبة والثوري ومالك وابن عيينة عن عبدالله بن دينار أحاديث متقاربة عن شعبة نحو عشرين حديثا وعن الثوري نحو ثلاثين حديثا وعن مالك نحو ذلك وعن ابن عيينة بضعة عشر حديثا
    فأما رواية المشايخ عنه ففيها اضطراب "
    كلمة المشايخ أو الشيوخ عند أهل الحديث لها عدة تفسيرات تختلف باختلاف السياق ؛ إما أن تطلق كلمة شيخ أو تقيّد
    · إن قيّدت مثل : شيخ ثقة ، شيخ ضعيف فهذا واضح شيخ ثقة : ثقة ، شيخ ضعيف : ضعيف . هذا واضح .
    · أو تطلق ، إذا أطلقت فأحيانا السياق يقتضي أن المقصود بالشيخ هنا يعني هو الصدوق الذي لم يصل إلى درجة عالية من الحفظ والإتقان وهذا يكون معنى كلمة الشيخ في الطبقات أي عندما يبدأ بالطبقة الأولى : الحفاظ ، ويذكر الطبقة الثانية : الشيوخ ، أي أن هؤلاء الشيوخ ما وصلوا لدرجة الحفظ والإكثار وإنما هم أناس من أهل الصدق والعدالة وعندهم أيضا ضبط لكنهم ليسوا في الدرجة العليا من الإتقان والضبط هذا هو تفسير كلمة شيخ عندما تذكر الطبقات .فهنا قال :" فأما المشايخ " يعني الذين ليسوا مكثرين عن هذا الشيخ ولم يصلوا إلى درجة الإتقان عنه والضبط والحفظ
    · وأيضا للشيخ تفسير آخر عندما يقول أبو حاتم : فلان شيخ ، هذا في الغالب يكون معناها : ليس بالمشهور وفيه جهالة .
    فإذن كلمة شيخ لها عدة تفسيرات والسياق يبين بعض هذه التفسيرات .
    قال :" فأما رواية المشايخ عنه " المقصود هنا بالمشايخ الذين ما وصلوا لدرجة عالية من الإتقان والاضطراب ففيها اضطراب ثم ذكر منهم يحيى بن سعيد وعبدالعزيز الماجشون وسهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان ويزيد بن الهاد . هؤلاء الثلاثة في الحقيقة فيهم تفصيل أعني :
    · يحيى بن سعيد القطان هذا من المتقنين الحفاظ وكذلك يزيد بن الهاد .
    · لكن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان هم أيضا عندهم إتقان لكن الدرجة العليا فلا شك أن شعبة والثوري وابن عيينة ومالكا كلهم مقدمون على هذه الطبقة .
    قال :" وهؤلاء الثلاثة رووا عن عبدالله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة ولم يتابعهم أحد ممن سمينا من الأثبات ولم يتابع عبدالله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد " .
    هذا حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة والراوي لهذا الحديث عن أبي هريرة هو أبو صالح ذكوان السمان وأبو صالح له أصحاب وأصحابه هؤلاء على ثلاثة أقسام :
    · الدرجة العليا من أصحابه هم : الأعمش فهذا مكثر عن أبي صالح ، وكذلك عبدالله بن دينار معروف أيضا يروي عن أبي صالح فالعقيلي رحمة الله عليه يقول أن أبا صالح ما روى عنه جلّ أصحابه وإنما روى عن منهم عبدالله بن دينار ثم إن عبدالله بن دينار له أصحاب
    أصحاب عبدالله بن دينار الذين مه الطبقة الأولى وهم الثوري وشعبة ومالك وابن عيينة ما رووا هذا الحديث وإنما رواه الطبقة الثانية من يزيد بن الهاد ومن سهيل بن أبي صالح ومن سليمان بن بلال هؤلاء هم الذين رووا هذا الحديث . العقيلي رحمه الله كأنه – ما صرح تصريحا تاما – يعلل هذا الحديث ولا شك أن هذا الحديث صحيح وقد صححه الشيخان . والأمر ليس كما قال أبو جعفر العقيلي رحمة الله عليه بل رواه من أصحاب عبدالله بن دينار ممن هو في الدرجة العليا وإن كان هناك من هو أوثق منه ومنهم سليمان بن بلال ويزيد بن الهاد هؤلاء معروفون بالثقة واشتهروا بذلك ويفيدنا هذا أن الحفاظ تجد بينهم اختلافا في المنهج فمنهج أبي بكر البرديجي مثلا وأبي جعفر العقيلي غير منهج ابن المديني والبخاري طبعا هم يتفقون على أشياء كثيرة وهذا الغالب والأصل لكن هناك بعض الأمور التي يختلفون فيها ومما يختلفون فيه مسألة التفرد والشذوذ فعند البرديجي والعقيلي أن الطبقة الثانية إذا تفردوا بخبر فهو عندهم غير مقبول كما قال البرديجي .
    قال : قتادة من الحفاظ والرواة عنه على قسمين – يعني المتقدمين – فبدأ بهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وشعبة بن الحجاج
    ثم ذكر الطبقة الثانية : حماد بن سلمة وأبان بن يزيد وهمام . قال إن الطبقة الثانية إذا تفردوا بحديث ولم يجدوا من يتابعهم عليه فهذا منكر . عند البخاري وابن المديني هذا ليس منكرا بل يعتبرنه صحيحا ليس في الدرجة العليا من الصحة . ولا شك أن منهج البخاري وابن المديني أصح من منهج العقيلي . وهذا يفيدنا أيضا أن للمتقدمين منهج غير منهج كثير ممن تأخر وبالتالي علينا أن نعرف طريقة المتقدمين حتى نسلك طريقتهم كما تقدم التنبيه على هذا وليس كما يقول بعض الإخوان أن علم المصطلح واحد وأهل العلم كلهم لهم طريقة واحدة والاختلاف الذي حصل بينهم أنه من جهة أنه ما بلغهم بعض الأشياء وهناك من بلغه بعض الأشياء فهذا الذي أدى بهم إلى الاختلاف . لا . هذا ما هو بصحيح ؛ أكثر الاختلاف بينهم إنما هو من جهة المنهج والطريقة بلغتهم هذه الأشياء لكن هناك من يرى المنهج الصحيح خلاف ذلك . فهذه القضايا والمسائل ؛ معرفة الطبقات ، ومعرفة من الأثبت وكذا .. هذا كثير ممن تأخر لا يلتفت إليه بينما علم العلل والصناعة الحديثية قائمة على هذا . فلذلك ابن رجب نبّه على هذه الأمور والقضايا فإذن ما يقوله بعض الإخوان أن المنهج واحد هذا ما هو بصحيح وهذا ليس خاصا بعلم الحديث بل هو في كل العلوم وفي العقيدة هذا واضح عندنا منهج السلف ومنهج الخلف لكن لا يفهم أحد أن كل من تأخر فهو على منهج غير صحيح . لا . هذا ما هو بصحيح وإنما نحن ننبّه أنه لا بد أن نسير على منهج من تقدم مثل مسألة العقيدة نحن نرجو أن نكون على طريقة السلف وهذا نجزم به بحمد الله بالأدلة والبراهين طريقتهم طبعا في مسألة العلم والعمل أعني في مسألة الاعتقاد . فأقول : هذا موجود في العقيدة وموجود في علم الأصول وموجود في الفقه . انتم تعرفون أن طريقة من تقدم الاهتمام بالدليل والاعتماد على الكتاب والسنة والتفقه على ما جاء في الكتاب والسنة من نصوص ، ثم جاء من يختصر ولا يذكر الأدلة ويذكر المختصرات فظهر التقليد وانتشر وظهرت مسألة التعصب لكن لا يفهم أحد أنه خلاص ما نستفيد من الكتب المؤلفة على المذاهب .. لا شك أن هذه يستفاد منها لكن أنت أيضا اعرف الحق بدليله لا يأخذ الإنسان الشيء مسلما وإنما يبحث عن الدليل والبرهان ما كان دل عليه الدليل فهذا هو المقبول . فأقول : هذا ليس خاصا بالحديث عن المناهج وإنما في كل القضايا
    عندنا مثلا ابن تيمية وابن دقيق العيد في مسألة الفقه دون مسألة الاعتقاد فمسألة الاعتقاد واضحة لكن مسألة الفقه كلهم يشار إليه أنه بلغ درجة الاجتهاد ولكن لا شك أن منهج ابن تيمية أسدّ وأرجح وأصح فإذن يُسلك هذا المنهج الصحيح فهذا ليس خاصا بالحديث بل حتى في غيره .
    قال :" وحديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيح خرجه البخاري من طريق سليمان بن بلال وخرجه مسلم من طريق سهيل كلاهما عن عبدالله بن دينار ولا شك أن سليمان بن بلال هو من الطبقة الأولى من أصحاب عبدالله بن دينار وسهيل من الطبقة الثانية فهذا الحديث صحيح والمتابعات هذه تقوّي الخبر ورواه أيضا ابن الهاد وغيره .
    قال :" وقول العقيلي لم يُتابع عليه يشبه كلام القطان وأحمد والبرديجي الذي سب ذكره في أن الحديث إذا لم يُتابع راويه عليه فإنه يُتوقف فيه أو يكون منكرا وسبق شرح هذا هناك من الحفاظ ممن يشترط
    مثلا يحيى بن سعيد القطان ذكر له حديث رواه عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وهذا كما تقدم لنا قبل قليل في الدرجة العليا من الصحة فكأنه فكأنه توقف فعندما علم أن هناك من تابعه كعبدالله بن عمر أخو عبيدالله فهنا قَبِله . وأما منهج البخاري وابن المديني أن هذا مقبول وإنما هم إذا تفرد من الطبقة الثالثة يردّون تفردهم فإذن منهج البخاري وابن المديني هو الأصح
    قال :" وسبق أيضا كلام الإمام أحمد في النهي عن بيع الولاء وعن هبته "
    هذا الحديث رأى الإمام أحمد رحمه الله أنه موقوف وخرجه الشيخان مرفوعا ورجحوا الرفع وقد حصل فيه اختلاف بين عبدالله بن دينار ونافع ولا شك أن الرفع هو الراجح ذكره عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا ونافع لا . وعبدالله بن دينار من الطبقة العليا من أصحاب عبدالله بن عمر وزاد زيادة فهذه الزيادة تكون مقبولة .
    قال :" وقال البرديجي : حديث عبدالله بن دينار صحاح من حديث شعبة ومالك وسفيان الثوري ولم يزد على هذا ولم يذكر ابن عيينة معهم كما ذكره العقيلي "
    فكان البرديجي يرى الصحاح من حديث عبدالله بن دينار هم من روى عن عبدالله بن دينار من أصحاب الطبقة الأولى دون الطبقة الثانية وذكرنا أن القول الصحيح أن حتى الطبقة الثانية أيضا تعتبر صحيحة دون الطبقة الثالثة وأما كثير ممن تأخر لا يلتفتون لهذه الطبقات ويقبلون حتى من كان من الطبقة الرابعة وهذا ما هو بصحيح .
    قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى :
    " باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها حدثنا سفيان بن وكيع .. اسمه ..بن قِطعَة ".
    ذكرت بالأمس أن القراءة في أبواب الترمذي المقصود منها هو الناحية العملية التطبيقية . وكما ذكرت أن الناحية العملية تقرّب الأمر وأنه لابد من الجمع بين الناحية العملية والنظرية والعملية أكثر فعندما يُرجع إلى كتب الأئمة ويُقرأ فيها أو كتب التخاريج فينبغي للشخص أن ينظر كيف يتكلم الحفاظ على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا حتى يسلك الإنسان طريقتهم ويعرف منهجهم فهذا هو المقصود .
    قال أبو عيسى رحمه الله :" حدثنا سفيان بن وكيع "
    وسفيان بن وكيع هو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو محمد ولد وكيع بن الجراح وهو من الطبقة العاشرة وتوفي بعد 240 وخرج الترمذي لسفيان بن وكيع في نحو خمسين موضعا من كتابه . وسفيان بن وكيع لا يحتج به والسبب في هذا أنه كان له ورّاق يورّق له فكان يُدخل في حديثه ما ليس منه فنُصح سفيان بن وكيع ولم يقبل هذه النصيحة فلذلك سقط حديثه وتكلم فيه الحفاظ من أبي حاتم وغيره ولكن الترمذي رحمه الله – فأنا تتبعت أكثر هذه الأحاديث – وجدتها إما تكون مروية من طرق أخرى عند الترمذي أو عند غيره أو تكون العلة ليست منه وهذا يدل على مكانة الترمذي في الصناعة الحديثية رحمة الله عليه فسفيان بن وكيع لا يحتج به لكن هذا الحديث كما سوف يأتي
    قال :" حدثنا محمد بن فضيل "
    § و محمد بن فضيل ثقة وله بعض الأوهام وتوفي عام 195 وقد خرج له الجماعة
    § عن أبي سفيان طريف بن شهاب وقيل بن سعد السعدي وهو من السادسة وطريف السعدي
    أبو سفيان ضعيف وشبه المتروك
    § عن أبي نضرة وهوه المنذر بن مالك بن قطعة العوفي البصري وأبو نضرة ثقة من الطبقة الثالثة وتوفي في عام 108 وقد خرج له مسلم وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله e "مفتاح الصلاة الطهور" .
    هذا الحديث بهذا الإسناد لا يصح وفيه أكثر من علة :
    · فيه سفيان بن وكيع وإن كان الترمذي قد انتقى حديثه
    · وفيه أبو سفيان طريف السعدي شبه متروك
    ولكن هذا الحديث قد رواه الترمذي كما ذكر هذا أنه جاء من طريق علي بن أبي طالب وقد ذكره الترمذي في أول كتابه فروى حديث علي بن أبي طالب من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن منذر الثوري عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهذا الإسناد إسناد صالح فيه عبدالله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف ولكن هناك من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل أحاديث كثيرة صحيحة و عبدالله بن محمد بن عقيل من الرواة الذين يقال عنهم أن كل حديث يحكم عليه على حسب ما يليق بحاله لأن هناك رواة لهم أحاديث صحيحة ولمه أحاديث ضعيفة وهناك رواة الغالب عليهم استقامة حديثهم فالأصل قبول حديثهم وهناك رواة الغالب عليهم الخطأ فيكون الأصل ردّ حديثهم . وابن عقيل من هذه الطبقة - والتقسيم والتفصيل من طريقة من تقدم من الحفاظ من الأئمة السابقين – فهذا من الأحاديث القوية من حديث ابن عقيل . طبعا ابن عقيل له أحاديث منكرة
    § من هذه الأحاديث المنكرة أن الرسول e كُفِّنَ في سبعة أثواب . هذا منكر والصواب ما جاء في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة أن الرسول e كفن في ثلاثة أثواب ليس سبعة فهذا مما أُنكر على ابن عقيل
    § وأيضا روى من طريق الربيِّع بنت معوِّذ أن الرسول e مسح على رأسه مرتين وهذا يخالف ما جاء في حديث عمران عن عثمان وحديث عبدالله بن زيد وحديث علي وغيرها أن الرسول e مسح مرة واحدة فأخطأ ابن عقيل في ذلك
    وله أحاديث أخرى كما تقدم أنها ثابتة ومنها هذا الحديث والدليل على ثبوته أن له شواهد
    § ومن هذه الشواهد ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري
    § ومن الشواهد ما جاء في حديث جابر رواية أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن جابر
    § وأيضا جاء موقوفا نحو هذا الخبر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
    فهذه الأحاديث تشهد لحديث علي فحديث علي لا بأس بإسناده . وأفاد أبو عيسى أن هذا الحديث ليس بصحيح كما بيّن علته وقال إن حديث علي أجود إسنادا وأصح .
    ومن فوائد كتاب جامع الترمذي أن أبا عيسى يبين كل حديث يتكلم عليه فتكلم على حديث فيتكلم عليه من الناحية الإسنادية ثم يتكلم عليه من حيث الفقه وما يستفاد منه فذكر في مسألة الدخول إلى الصلاة لا يكون إلا بالتكبير وهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم . خلاصة أقوالهم :
    § أن هناك من يرى أن الصلاة لا يدخل فيها إلا بلفظ "الله أكبر" فقط لا غير . وهذا ما ذهب إليه عبدالرحمن بن مهدي و الإمام أحمد وغيرهم
    § وهناك من يقول : كل لفظ فيه تعظيم لله جل وعلا يمكن أن يُدخل للصلاة به كما نُقل عن أبي حنيفة وأصحابه يعني لو قال : الله العظيم ، الله الكبير ، الرحمن الرحيم ..إلخ لا بأس
    ولا شك أن القول الأول هو الصحيح والدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح وأيضا السنة العملية التي جاءت عن الرسول e وأنه ماكان يقول غير الله أكبر
    وأيضا هذا الحديث يفيد أن الصلاة لا تكون إلا بطهارة وهذا محل إجماع ولكن بعض أهل العلم قال : بعض الصلوات يعني صلاة الجنازة نُقل عن الإمام الشعبي أن الجنازة ليست بصلاة فلا يشترط لها الوضوء لكن سميت بالنصوص الشرعية صلاة وإذا كانت صلاة فلا بد لها من طهارة
    وأيضا في مسألة تحليلها التسليم هذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم
    § فهناك من يرى أن الصلاة لا يُخرَج منها إلا بسلام وهذا مذهب جمهور أهل العلم
    § وهناك من يرى أن الصلاة يخرج منها بالسلام وبغيره كل فعل ينافي الصلاة يمكن أن تنتهي الصلاة به ويخرج منها من خلاله هذا نُقل عن الحنفية
    ولا شك أن المذهب الأول هو الصحيح ولدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح والسنة العملية وأن الرسول e والصحابة كانوا يخرجون من صلاتهم بالتسليم
    والتسليمة الأولى ركن والثانية مستحبة وقد نقل ابن المنذر الإجماع على هذا ولكن وقع في هذا خلاف ، والأصح ما نقل ابن رجب في " فتح الباري شرح البخاري" إجماع الصحابة فقط فقد يكون ابن المنذر قصده إجماع الصحابة فأهل العلم وقع بينهم خلاف لكن الصحابة لم ينقل بينهم اختلاف أنهم كانوا أحيانا يكتفون بالتسليمة الواحدة . نعم جاءت أحاديث كثيرة أن الرسول e كان يقتصر على تسليمة واحدة لكن المرفوعة لا يصح منها شيء وإنما الذي ثبت عن الصحابة والمرفوعة ضعفها ابن المديني وضعفها كذلك العقيلي والدارقطني وابن عبدالبر وغيرهم من الحفاظ وإنما هذا ثبت عن الصحابة فالصحابة مجمعون ثبت عن أنس وعن عائشة وغيرهم أنهم اكتفوا بتسليمة واحدة .
    وهذا يفيد أن المفتاح على قسمين حسي ومعنوي الحسي معروف والمعنوي : الدين له مفتاح وهو لا إله إلا الله ، والصلاة لها مفتاح وهو الطهارة ، وكذلك الصلاة تفتتح بالتكبير فالمفاتيح حسية ومعنوية .
    وذكر أبو عيسى الترمذي رحمه الله أن أبا نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطعة وهو ثقة من الثالثة وأبو عيسى أحيانا يتكلم على الأحاديث وعلى الرجال والرواة وهذا كله مما يُرَجّح به كتابه ومما يستفاد من كتابه ولذلك ينبغي القراءة في كتب السنة .
    قال باب في نشر الأصابع عند التكبير " ثم قال :" حدثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج "
    § قتيبة هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف أبو رجاء الثقفي وهو ثقة ثبت مكثر من الحديث وتوفي في عام 240 وليس في الكتب الستة من اسمه قتيبة إلا هذا . وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة .
    § وأبو سعيد الأشج هو عبدالله بن سعيد الكندي الكوفي وهو ثقة وتوفي عام 257 وقد خرّج له الجماعة .
    § "قال حدثنا يحيى بن اليمان" ويحيى بن اليمان هو العجلي أبو زكريا فيه ضعف له أخطاء وأوهام تكلم فيه يعقوب بن شيبة وغيره .
    § "عن ابن أبي ذئب" وهو محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن الحارث القرشي العامري وهو من الطبقة السابعة وتوفي في عام 159 وقد خرج له الجماعة وهو منك بار الأئمة والحفاظ والفقهاء والعلماء .
    § "عن سعيد بن سمعان" قيل : سَمعان و سِمعان والمشهور بالكسر ، وسعيد بن سمعان المدني ثقة .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله e :" إذا كبَّر للصلاة نشر أصابعه " . قل أبو عيسى : حديث أبي هريرة قد رواه غير واحد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة أن النبي e كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدّا . وهو أصح من رواية ابن اليمان في رواية هذا الحديث
    ثم قال :
    § حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن وهو الدارمي صاحب السنن وهو من الحفاظ .
    § قال أخبرنا عبيدالله بن عبدالمجيد وهو الحنفي وهو ثقة توفي بعد المئتين
    عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : كان رسول الله e إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدّا .
    وهذا هو الصحيح ونشر أصابعه يعني فتحهنّ وإن كان بعض أهل العلم يقول : إن النشر هو خلاف الضم ( الضم هكذا والنشر هكذا وأما هكذا فيقال تفريق )
    لكن لا شك أن رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وهناك من تابعه أصح من رواية يحيى بن اليمان الذي فيه ضعف ولين . فتُقدّم رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وأنه فتح أصابعه وأن السنة في التكبير يكون (هكذا) إلى حذو المنكبين أو إلى حذو الأذنين وليس (هكذا) كما يفعل بعض الناس أو يمسك بإبهاميه شحمة أذنيه . وإنما يرفع يديه مدّا يستقبل بهما القبلة هذه هي السنة في ذلك .
    وهذا الحديث إسناده صحيح من حديث عبيدالله بن عبدالمجيد الحنفي عن ابن أبي ذئب بخلاف الرواية السابقة فإن فيها ضعفا والحديث إذا كان مخرجه واحدا واختلفت الألفاظ يُرَجّح اللفظ الذي جاء بإسناد أصح كما ذكرنا قبل قليل فيما ذكره أبو عيسى الترمذي رحمة الله عليه .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (2/4)

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    وبعد : فهذا هو الجزء الثاني من تفريغ أشرطة مباحث في الجرح و التعديل للشيخ المحدث عبد الله السعد وهي في شرح مواضع من تتمة كتاب شرح العلل لابن رجب بعد كل درس منها درس عملي أمثلة تطبيقية من أحاديث العلل الكبير للترمذي.


    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    "النوع الثاني من ضعف حديثه في بعض الأماكن دون بعض فهو على ثلاثة أضرب :
    الضرب الأول : من حدث في مكان لم يكن معه فيه كتبه فخلّط ، وحدث في مكان آخر من كتبه فضبط . أو من سمع في مكان من شيخ فلم يضبط عنه وسمع منه في موضع آخر فضبطه ".
    قبل أن أتكلم على ما ذكره الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه أقول :
    إن الرواة على ثلاثة أقسام فيما يتعلق بالثقة والضبط :
    · إما أن يكون هؤلاء الرواة ثقات . فهؤلاء الحكم فيهم واضح وهو صحة حديثهم إلا إذا تبين أنهم قد أخطأوا في هذا الحديث ووقعوا في وهم في هذا الحديث
    § مثل سفيان الثوري
    § ومثل شعبة بن الحجاج
    § ومثل سفيان بن عيينة وإن كان في نهاية عمره تغيّر ولكن هو مشهور من كبار الأئمة والحفاظ
    § ومثل مالك بن أنس
    وأيضا طبقة شيوخ هؤلاء من :
    § عبدالله بن عون
    § والأعمش
    § وأبو إسحاق السبيعي
    § والزهري
    § وقتادة
    وأمثال هؤلاء ممن اشتهروا بالثقة والضبط والإتقان وإن كان هناك من مسّهم في شيء من حديثهم
    § مثل أبي إسحاق عندما تقدمت به السنّ تغيرت به الحال قليلا
    § ومثل الأعمش في شيوخه الصغار تُكُلِّم فيه ، وأقول هذا الكلام نسبي
    فأقول : القسم الأول أن يكون هؤلاء ثقات اشتهروا بالعدالة والضبط والإتقان فحديثهم الأصل فيه الصحة إلا ما تبين أنهم أخطأوا فيه .
    · والقسم الثاني : الرواة الذين ضُعّفوا وهم ضعفاء . فهذا القسم أيضا حكمه معروف وإن كان هؤلاء يتفاوتون من حيث هذا التضعيف فهناك من يُكتب حديثه فيتقوى بغيره وهناك من لا يكتب حديثه لأنه لا يتقوى بغيره لشدة ضعفه .
    · والقسم الثالث : هم الرواة الذين حديثهم في بعضه صحيح والبعض الآخر ليس بصحيح . وهذا القسم مهم جدا لأن هناك من يعامل هؤلاء معاملة الثقات فيخطئ ، وهناك من يعاملهم معاملة الضعفاء فيخطئ كذلك . وإنما الصحيح هو معاملة حديثهم بالتفصيل . وهذا الضعف :
    § إما أن يكون ناشئا من تقدم في السن وكِبَر في العمر فتغيّر حديثهم وأصبحوا مختلطين لا يضبطون فهذا سبب .
    § وإما أن يكون هذا السبب هو أن هؤلاء الرواة حدثوا في مكان فكانوا ضابطين فلم يضبطوا حديثهم
    § وإما أن يكون السبب في ذلك أنهم عندما حدثوا في بلدهم وكانت كتبهم موجودة ويراجعون كتبهم فأصبح حديثهم مستقيما
    q مثل معمر بن راشد البصري – كما سوف يأتي – فما حدث به في اليمن فحديثه صحيح مستقيم وعندما جاء إلى البصرة وكان على سفر ومستعجل ويريد الناسُ أن يسمعوا كل حديثه فأدى هذا به إلى الاستعجال والإسراع فوقع الوهم في حديثه والخطأ فهذا سبب أيضا من أسباب التضعيف
    § أو يكون هؤلاء الرواة موصوفين بالبدعة فإذا رووا فيما يتعلق ببدعتهم تساهلوا نوعا ما وإن كان هذه القضية لعله يأتي التنبيه عليها والأمر في هذه المسألة فيه تفصيل لكن أنا أذكر هذا على سبيل الإجمال
    § أو يكون هؤلاء الرواة ضبطوا حديث بعض شيوخهم دون البعض الآخر ؛ وذلك أنهم سمعوا من أناس في بداية عمرهم وفي مقتبل سنّهم مثل إسماعيل بن عياش ضبط حديث أهل بلده من أهل الشام سمع منهم قديما – ومن المعلوم أن الإنسان إذا سمع أو علم الشيء قديما يرسخ ويبقى والذي سمعه أخيرا قد ينساه – فإسماعيل بن عياش سمع من أهل بلده قديما فضبط حديثهم وسمع بعد ذلك من أهل الحجاز وأهل العراق مثلا فلم يضبط عنهم وأصبح حديثه عن هؤلاء ضعيفا بينما حديثه عن الشاميين صحيح ففي الحقيقة أن هؤلاء ( القسم الثالث الذين حديثهم بعضه صحيح وبعضه غير صحيح ) ينقسمون إلى الأقسام الأربعة التي تقدم ذكرها :
    § القسم الأول أن يكون هؤلاء قد تغيروا في نهاية عمرهم فأصبح حديثهم بعد التغير ضعيفا مثل سعيد بن أبي عروبة حديثه القديم صحيح وحديثه بعد 145 تغيّر فأصبح حديثه الأخير ضعيفا
    وينبغي أن ينتبه إلى مسألة الاختلاط . فأقول : الاختلاط عند من تقدم من أهل العلم ؛ عند البخاري وابن المديني وابن معين وأحمد .. ممن تقدم من الحفاظ أنه عبارة عن التغير تغير الحفظ والضبط . ثم إن هذا التغير على قسمين :
    § إما أن يكون تغيرا أكبر بحيث أصبحوا لا يضبطون وأصبح حديثهم الأخير مردودا مثل سعيد بن أبي عروبة ومثل عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي فهؤلاء تغيروا تغيرا شبه كامل .
    § وإما أن يكون هذا التغير قليلا ليس بالكثير تغير يسير مثل أبي إسحاق السبيعي عمرو بن عبدالله وصفه بعض الأئمة بالاختلاط ولكن هذا الاختلاط إنما هو تغير في الحافظة قليلا وحديثه صحيح لكن وقع في بعض الأوهام القليلة بعدما تقدمت به السن فهذا القسم يعامل غير معاملة القسم الأول . ومثلُ أبي إسحاق السبيعي سفيانُ بن عيينة وصفه يحيى بن سعيد القطان بالاختلاط ولكن هذا الاختلاط يسير بينما هو تغير في الحفظ قليل .
    فأقول بالنسبة للقسم الأول : يكون ما حدثوا به قبل الاختلاط صحيحا وما حدثوا به بعد الاختلاط يكتب فإن وجد ما يشهد له فهنا يقبل وإن لم يوجد ما يشهد له فهنا يردّ ولا يقبل إلا إذا كان الراوي عنهم من الأئمة الكبار الذين يعرفون صحيح حديثهم من سقيمه ففي رواية هؤلاء عنهم تكون روايتهم مقبولة بسبب رواية هؤلاء الرواة عنهم . مثل عبدالله بن صالح كاتب الليث كان له جار يُدخِل في حديثه ما ليس منه فأصبح في حديثه أحاديث ليست من حديثه . هذه الأحاديث يعرف أنها ليست من حديثه الحفاظ الكبار مثل : البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وأمثال هؤلاء وقد نصّ ابن حجر على ذلك ، وقد قال محمد بن إسماعيل البخاري في مواضع متعددة من العلل الكبير للترمذي : كل راوٍ لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه . فهو رحمه الله كثيرا ما يعرف صحيح حديث الشخص من سقيمه فلذلك لما أتى إلى إسماعيل بن أبي أويس قال له : اخرج لي كتابك فلما أخرج له كتابه انتقى من حديثه ما كان صحيحا حتى إن إسماعيل قال بعد ذلك للبخاري : علِّم لي على هذه الأحاديث فعلم له البخاري عليها فأخذ لا يحدّث إلا بها .
    ومثل ما قال وكيع بن الجراح الرؤاسي : كنا ندخل على سعيد بن أبي عروبة – يعني بعد الاختلاط – فيحدثنا فما كان من حديثه كتبناه وما لم يكن من حديثه أسقطناه .
    ففيما يتعلق بالاختلاط هذا هو المنهج الصحيح هذا هو منهج من تقدم من الحفاظ وأما منهج بعض من تأخر فهم يعاملون المختلطين معاملة واحدة وهذا خطأ . المختلطين ليسوا على درجة واحدة كما تقدم بل الاختلاط أكبر وأصغر . الأئمة أطلقوا الاختلاط على النوعين القسمين السابقين فينبغي الانتباه لهذا . فأقول هذا قسم .
    والقسم الثاني من هؤلاء الرواة سمعوا في مقتبل عمرهم وبداية حياتهم ونشأتهم في الطلب عن أهل بلدهم فأتقنوا وبعد ذلك سمعوا من غير أهل بلدهم فلم يتقنوا
    مثل إسماعيل بن عياش كما تقدم ذكره قبل قليل
    ومثل بقية بن الوليد وقد ذكر نصّ بعض الحفاظ على ذلك بالنسبة لبقية لكن إسماعيل أشهر تقريبا هم متفقون على ذلك .
    قوله والأئمة على التفصيل في حديث إسماعيل بن عياش وحتى بقية
    بقية في روايته عن الشاميين أضبط . وتقريبا قد يكون هذه قاعدة عامة نوعا ما إلا في الحفاظ الكبار – أن يكون الإنسان معرفته بحديث أهل بلده أكثر لأنه يعرف هؤلاء من قبل وسمع منهم قديما وجالسهم كثيرا بخلاف الواردين على بلده وإلا هو يكون مسافر لهم يحاول أن يسمع ما عندهم باستعجال وبسرعة فعموما رواية الشخص عن أهل بلده تقدم على غيرها وهذا له مدخل كبير في علم الصناعة الحديثية وعلم العلل . وهذا من طريقة من تقدم . وطريقة من تأخر أنهم لا يلتفتون إلى هذا أحيانا ولذلك كما ذكرت بالأمس أن خالد بن دريك في روايته عن عائشة رضي الله عنها في حديث "إذا بلغت المرأة المحيض لا يصح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى الوجه والكفين هذا كما ذكرت أنه باطل ومعلل بعلل كثيرة سبع إلى ثمان علل . ومن هذه العلل كما ذكرت أن خالد بن دريك شامي وعائشة مدنية رضي الله تعالى عنها وأهل المدينة لم ينقلوا هذا عنها . وخالد بن دريك لم يسمعها وهو مقلّ الحديث فمن أين له هذا الحديث عنها . فلا شك أن هذا دليل على نكارة وبطلان هذا الخبر بالإضافة إلى ما تقدم ذكره مما سبق من العلل التي أُعلّ بها هذا الخبر وبالتالي فهذا الخبر ساقط ولا يتقوى وباطل فهذه المسألة كما ذكرت مدخل في علم الصناعة الحديثية والجرح والتعديل . ويا أيها الإخوان هذه القواعد لابد من فهمها والانتباه لها وإذا لم ينتبه إليها طالب علم الحديث سيخطئ سيكون كلامه على الأحاديث ليس بالمستقيم بل فيه نظر.
    لكن بالنسبة لبقية بن الوليد فحديثه فيه تفصيل لكن حديثه عن أهل بلده أقوى وإن كان أيضا يُقبَل حديثه عن غير أهل بلده بخلاف إسماعيل بن عياش لا يقبل . أعني كما روى عن نافع عن ابن عمر أنه لا يقرأ القرآن حائض ولا جنب .
    هذا مما أنكر على إسماعيل بن عياش رواه عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن الرسول e قال :" إن الحائض والجنب لا يقرآن القرآن " وهذا الحديث منكر ومن رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين موسى بن عقبة حجازي . فأقول بقية بن الوليد ليس مثل إسماعيل بن عياش يُقبل حديثه عن غير أهل بلده بشروط أخرى
    أنه يصرح بالتحديث
    وفي شيخ شيخه يصرح بالتحديث لأنه يدلس تدليس الإسناد وتدليس التسوية وبالذات إذا كان الرواي عنه من الحفاظ الثقات فيكون حديثه أقوى لأنه بالذات أهل بلده أهل الشام ما كانوا ينتبهون إلى مسألة صيغ التحمل فهو قد يقول إن فلانا قال كذا فهم يقولون : إن بقية قال حدثنا وهو ما صرّح بالتحديث وقد نصّ على هذا أبو حاتم الرازي فأقول بقية ليس مثل إسماعيل بن عياش في هذا ولكن حديثه عن أهل بلده أقوى فأقول إن هذا هو القسم الثاني .
    · وأما القسم الثالث :
    أن يكون أحد الرواة الثقات حدّث في بلده فكان حديثه صحيحا وحدث في مكان آخر فكان حديثه غير متقن فيه أوهام وأخطاء والسبب في هذا كما ذكرت أن كتبه ليست معه والذين حضروا عنده يريدون أن يسمعوا منه بسرعة فأكثَرَ من التحديث والإكثار من أسباب الخطأ
    ومثل ما وقع هذا لمعمر بن راشد البصري . معمر بن راشد حديثه على أقسام ( وفي الحقيقة تقسيم حديث الرواة من طريقة من تقدم وهذه مسألة مهمة وأحيانا حديث الراوي لا يكون على درجة واحدة بل على درجات درجة أصح من درجة أو درجة صحيحة ودرجة ضعيفة ) فمعمر بن راشد أيضا حديثه على درجات :
    § أصح حديثه ما حدث به في اليمن وإذا كان شيوخه مثل الزهري ومثل قتادة وبالذات الزهري فقد أتقن عنه والسبب في تقديم حديثه الذي في اليمن لأنه كان عندما نزل اليمن وكانت كتبه معه . هو بصري لكن خرج من البصرة وهو صغير فجلس في اليمن إلى أن توفاه الله عز وجل فرواية أهل اليمن عنه متقنة أو من سمع منه في اليمن لأنه كانت كتبه معه ويراجع ويحدّث شيئا فشيئا فلذلك رواية هشام بن يوسف الصنعاني وعبدالرزاق مقدمة على رواية غيرهم وبالذات عبدالرزاق بن همام
    § والقسم الثاني من أقسام حديثه : إذا كان الرواة عنه من أهل اليمن ولا يكون شيخه الزهري ولا قتادة لأنه تُكُلم في بعض شيوخه ولا يكون ممن تُكُلِّم في رواية معمر عنهم لأن معمر تكلم في رواية البصريين عنه لأنه كما ذكرت جاء للبصرة ويبدو أن كتبه ليست معه فحدث بسرعة فوقع الخطأ في حديثه فإذن رواية البصريين عنه فيها أخطاء وأوهام لكن هذا القسم الأصل فيه الصحة والاستقامة حتى يتبين أنه أخطأ أعني أن هذا التضعيف نسبي . الأصل في حديثه حتى ما حدث به في البصرة أنه على الاستقامة حتى يتبين أنه أخطأ فيه .
    § والقسم الرابع : إذا كان فيما حدث به في البصرة وشيوخه الذين تكلم في رواية معمر عنهم .
    وكثير من الرواة يا أيها الإخوان يحصل في حديثهم تقسيم فإذن لابد من هذا . وهذا أيضا مبني على طريقة من تقدم وهذا له مدخل في صحة الحديث من عدم ذلك .
    ومثل إسماعيل بن عياش جريرُ بن حازم في رواية البصريين عنه حدّث في مصر ما كانت كتبه معه فكان يحدث من كتب الناس وهو حافظ لكن وقع في بعض الأوهام والأخطاء فمثل هذا كثير فمثل هؤلاء الرواة ينبغي أن يعرفوا ويعامل حديثهم بالتفصيل السابق الذي تقدم ذكره قبل قليل فهذا القسم الثالث .
    والقسم الرابع كما ذكرت أن هناك من وصفوا ببدعة . والذين وصفوا بالبدعة فيهم خلاف
    هل حديثهم كله مردود
    أو يُقبل من حديثهم إذا لم يكونوا دعاة فإذا كانوا دعاة لا يقبل
    أو فيما حدثوا به مما يؤيد بدعتهم لا يقبل وإذا كان من غير ذلك يقبل
    والقول الرابع - وهو القول الصحيح - وهو أن من ثبت صدقه وضبطه فهذا يقبل حديثه سواء حدث فيما يؤيد بدعته أو لم يكن كذلك وهذا أيضا مذهب جمهور من تقدم الإمام البخاري رحمة الله عليه روى لبعض من وصفوا بذلك وكذلك أيضا الإمام مسلم كما روى لعلي بن ثابت عن زرّ بن حبيش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : "إنه لعهد النبي الأمي إليّ أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق" وعلي بن ثابت وصف بالتشيع ولكن علي بن ثابت عنده صدق وعنده ضبط ولا يخفى على الإخوان أن تشيع من تقدم ليس كمثل الآن الآن هم مشركون وملاحدة وزنادقة نسأل الله أن يعافينا وإياكم دينهم وعقيدتهم الغلو في أهل البيت وتأليههم وأنهم يدعونهم من دون الله ويستغيثون بهم نسأل الله أن يعافينا وإياكم من ذلك وإنما نح نتكلم على من تقدم وأنهم لم يكونوا كذلك معاذ الله . فعلي بن ثابت ثبت حفظه وصدقه فلذلك احتج به الأئمة ؛ احتج به الإمام مسلم وصحح له الترمذي هذا الحديث بل قال أبو نعيم في الحلية هذا حديث متفق على صحته ويعني بذلك أن شروط الصحة منطبقة فيه ولا يعني بمتفق على صحته رواه الشيخان لا بل له اصطلاح خاص متفق على صحته يعني الشروط التي يشترطها الأئمة لصحة الأحاديث تتفاوت لكن هذا باتفاقهم يعتبر صحيحا لأن كل الأئمة الشروط التي يشترطونها موجودة فيه فله اصطلاح خاص .
    فهذا هو المنهج الصحيح لكن هناك ممن وصف بالبدعة قد يتساهل في رواية أحاديث هي تؤيد مثل عبدالرزاق بن همام رحمه الله لا شك أنه من أهل العلم ومن أهل العلم ومن أهل الضبط والإتقان ولكن عندما أصيب بالعمى أخذ يلقن فوقع في حديثه بعض المنكرات وكذلك أيضا قد يلقن أحاديث تتعلق بالتشيع وهو عنده شيء من ذلك فأنكرت عليه أحاديث من هذا الباب فيما يتعلق بالتشيع وما شابه ذلك فأقول هذا قسم رابع .
    قال الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه : "هو على ثلاثة أضرب من حدث في مكان لم يكن معه فيه كتبه فخلط وحدث في مكان آخر ومعه كتبه فضبط أو من سمع في مكان عن شيخ فلم يضبط عنه وسمع منه في موضع آخر فضبط عنه قال : فمنهم معمر بن راشد على حديث معمر بن راشد رحمة الله عليه
    وذكر مثلا قال :" حدث بحديث أن النبي e كوى أسعد بن زرارة من الشوكة " قال :" رواه باليمن عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل مرسلا" وهذه الرواية صحيحة وحديثه باليمن أصح قال :" ورواه بالبصرة عن الزهري عن أنس فأخطأ" والصواب أنه ليس عن أنس الصواب عن أبي أمامة بن سهل ولكن هذا الذي جعله عن أنس حدث به بالبصرة فأخطأ فيه فحديثه الذي حدث به في اليمن هو الصحيح
    قال :" ومنه حديث إنما الناس كإبل مئة " قال :" رواه باليمن عن الزهري " يقصد حديث " الناس كإبل مئة لا تجد فيها راحلة" وهذا الحديث صحيح والمقصود به أن الناس يتفاوتون مثل ما تتفاوت الإبل . الإبل تجد فيها راحلة تُرتحل والكثير منها لا ترتحل فالناس كذلك منهم من يكون معروفا بالصدق والإيمان والنزاهة والأمانة . وكثير من الناس ليسوا كذلك فهم مثل الإبل .
    قال :" رواه باليمن عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا ورواه بالبصرة مرة كذلك ومرة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة " تلاحظون أنه أخطأ فبدل أن يجعله من مسند ابن عمر جعله من مسند أبي هريرة فرواه عن الزهري عن سالم عن أبيه أي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما .
    " ومنه حديثه عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة .. " الحديث فأمره الرسول e كما جاء في نفس الحديث أن يختار أربعا منهن ويطلق الباقي والصواب في هذا الحديث أنه مرسل وأن معمر أخطأ فيه فقال :" قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح : معمر أخطأ في البصرة في إسناد حديث غيلان ورجع باليمن فجعله منقطعا" أي مرسل جعله من مرسل الزهري.
    قال :" ومنهم هشام بن عروة " هشام بن عروة حديثه على قسمين :
    § ما حدث به في المدينة في الدرجة العليا من الصحة .
    § وما حدث به في العراق وهو دون ما حدث به في المدينة وإن كان الأصل فيه الصحة والسبب في ذلك كما تقدم السفر والاستعجال في التحديث فأصبح في حديثه أخطاء وأوهام وإلا فلا شك أن هشام في الدرجة العليا من الصحة .
    قال :" وقد سبق قول الإمام أحمد : كأن رواية أهل المدينة عنه أحسن أو قال : أصح" يعني قد يقول قائل : كيف يُعرف هذا؟
    يعرف بأمرين :
    § الأمر الأول : هو أن يكون الراوي عنه مدنيا أو يكون الراوي عنه بالنسبة لمعمر بن راشد يمني لأن حديثه في اليمن كما تقدم مستقيم أو بالنسبة لهشام بن عروة حديث المدنيين عنه مستقيم
    § أو يقول التلميذ : حدثنا فلان عن فلان بالمدينة أو حدثنا في كذا وكذا . فيعرف بهذين الأمرين .
    إما أن يقول سمعنا من فلان بالبصرة أو سمعنا من فلان في المدينة أو في مكة فيعرف أن هذا التلميذ لم يأت إلى هذه البلد فإذن يكون سمع من هذا الشيخ في غير هذا البلد وإنما سمع منه في بلد أخرى فيعرف بأحد هذين الأمرين .
    "وقال يعقوب بن شيبة" يعقوب بن شيبة السدوسي من كبار الحفاظ ومن المعروفين بالعلم بالصناعة الحديثية وله "المسند المعلل" وهو كتاب نفيس كبير جدا ولكن أغلب هذا المسند ضاع وإنما وجد قطعة صغيرة من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الذي وجد . وطريقته رحمه الله يذكر حديث أبي بكر رضي الله عنه ويسوق أحاديثه وإذا كان هناك واحد مكثر عنه يرتب الرواة عنه أيضا وهكذا ويتكلم على كل حديث ويتكلم أحيانا على الرواة وأحيانا يترجم لبعض الرواة ضمن سوقه لأحاديث هذا الصحابي كما ترجم للأوزاعي في القطعة المطبوعة التي وجدت من مسند عمر بن الخطاب ترجم للأوزاعي تقريبا ثمان صفحات من المطبوع توسّع في ترجمته فهو كتاب نفيس جدا ولكن أغلبه فُقِد . وأقوال يعقوب بن شيبة فيها تفصيل في الحكم على الرجال له أقوال مهمة في الصناعة الحديثية وقد سأل علي بن المديني و يحيى بن معين عن التدليس سؤالا دقيقا ومهما ومفيدا وكلامه مفيد وينبغي أن يُعتنى به .
    "قال يعقوب بن شيبة : هشام مع تثبته ربما جاء عنه بعض الاختلاف" يعني يقول : هشام مع كونه من الثقات الحفاظ الأثبات لكن أحيانا يأتي عنه بعض الاختلاف يضطرب والاختلاف يدل على عدم الضبط وذلك فيما حدث بالعراق خاصة دون ماحدث بالمدينة فهو الذي وقع فيه الاختلاف كما ذكر قبل قليل .
    قال :" ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يفحش " هكذا عندكم لعله يقصد هنا والله أعلم أن هذا الاختلاف لا يكون اختلافا +فاحشا يعني اختلافا شديدا وإنما اختلاف يسير لأنه كما تقدم قبل قليل هشام بن عروة حتى فيما حدثه به في العراق أيضا الغالب عليه الصحة لكن هناك أحاديث قليلة وقع فيها ما وقع .
    قال :" يسند الحديث أحيانا ويرسله أحيانا لا أنه يقلب إسناده "
    لاشك أن قلب الإسناد أشد من إرسال الخبر أو وصله – أحيانا – فالقلب أشد . أيضا حتى الخطأ وهذه قضية مهمة أعني الرواة أيضا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام من حيث الخطأ الموجود عندهم :
    § إما أن يكون الخطأ في تصحيف بعض الكلمات التي لا تؤثر فمثل هذا الخطأ يسير ولا يكاد يخلو منه أحد من الرواة فهذا قسم وقد نبّه على هذا الإمام مسلم في كتابه التمييز أعني مثل شعبة بن الحجاج أحيانا يكون خطؤه من جهة الرواة في تسميتهم فقط هذا الخطأ ليس في الإسناد وليس في المتن فهذا ليس مثل غيره فيكون أحيانا الخطأ في تصحيف اسم راو أو في كلمة أي تكون شيئا يسيرا فهذا لا يؤثر كثيرا .
    § والقسم الثاني : أن يكون هذا الخطأ في الوهم في بعض الأحاديث ويكون هذا الوهم ليس وهما شديدا أعني كما تقدم مثلا في وصل خبر أو إرساله أو مثلا في إسقاط راو أحيانا فهذا قسم .
    § والقسم الثالث : في خطأ شديد أشد من القسم الذي قبله فمثلا يقلب الحديث ؛ أثرٌ يجعله حديثا مرفوعا أو متن يقلبه فيدخل متنا في متن أو إسناد يغيّره كله فيدخل إسنادا في إسناد فهذا الخطأ شنيع وهذا الخطأ الشنيع يكون له مدخل في الحكم على الراوي ثم أيضا إن هذه الأقسام الثلاثة هي الرواة بالنسبة لها على قسمين :
    § إما أن يكون أحيانا ؛ شيء نادر قليل فيكون هذا الراوي الأصل في حديثه الاستقامة .
    § وإما أن يكون مكثرا
    فمن أكثر من الخطأ في القسم الثالث فيكون متروكا
    وأما القسم الثاني فيكون يكتب حديثه ولا يحتج به لكن إن وجد ما يشهد له فيقبل
    والقسم الثالث(الأول) يقبل حديثه لأنه وإن كان يكررها لكنه في تصحيف كلمة أو في اسم مثل شعبة بن الحجاج على جلالته وحفظه يقع منه أحيانا تصحيف في اسم الراوي ومع ذلك ما أثّر فيه هو من كبار الحفاظ ومن كبار الأئمة فينبغي الانتباه أيضا لهذا .
    فيعقوب بن شيبة نبّه على هذه القضية هنا في هذا النص وأن خطأ هشام ليس بالفاحش .
    يقول :" كأنه على ما تذكر من حفظه يقول عن أبيه عن النبي e "
    عن أبيه عروة عن الرسول e هذا مرسل .
    قال :" ويقول : عن أبيه عن عائشة عن الرسول e " فيكون هذا موصولا .
    قال :"إذا أتقنه أسنده وإذا هابه أرسله وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها"
    هناك بعض الأحاديث تردد فيها عندما حدث بالعراق فكتبه ليست موجودة حتى يراجعها فيتأكد فهو هاب أن يصلها وهذا من إتقانه وتثبته فأرسل هذه الأخبار .
    قال :" ومنهم عبدالرحمن بن أبي الزناد"
    وعبدالرحمن بن أبي الزناد والكلام في حديثه قد يطول نوعا ما لأن حديثه ينقسم إلى عدة أقسام .
    قال :"وقد وثقه قوم وضعفه آخرون منهم يحيى بن معين "
    تضعيف بعض الحفاظ له وتوثيق بعض الحفاظ له هذا أحيانا يكون كل واحد منهم نظر إلى جانب من حديثه أو يقصد قسما من حديثه . وعندنا قاعدة مهمة في الجرح والتعديل : أن الجمع بين الأقوال مطلوب مهما أمكن . عندنا راو اختلف الأئمة فيه فإذا أمكن الجمع بين أقوال هؤلاء الأئمة فبها ونعمت وهذا هو الذي يُسار عليه أولا ، فإذا لم يمكن الجمع فهنا نرجع إلى قواعد أخرى .
    فكما تقدم في عبدالرحمن بن أبي الزناد هناك من ضعفه وهناك من وثقه
    قال :" ومنهم يحيى بن معين " ممن ضعفه
    " قال يعقوب بن شيبة : سمعت علي بن المديني يضعف ما حدث به ابن أبي الزناد بالعراق "
    أقوال علي بن المديني لا شك أنها أقوال مهمة واستفاد يعقوب بن شيبة من أقوال شيخه علي بن المديني . وتجد أقوال علي بن المديني فيها شيء من التفصيل – رحمه الله – وفيها شيء من الدقة في الحكم على الأسانيد وإن كان كثير من كلامه قد ضاع لأن كثيرا من كتبه قد ضاعت ولكن وجد جزء من كتبه أو بعض من كتبه مثل ما وجد جزء من العلل وتجد بعض كلامه منقولا في كتب أخرى مثل مسند الفاروق لابن كثير نقل كلاما كثيرا من كلام علي بن المديني وقبله أيضا يعقوب بن شيبة السدوسي في الجزء الموجود من مسند عمر رضي الله عنه تجد فيه أيضا بعض النقل عن علي بن المديني
    قال :" سمعت علي بن المديني يضعف ما حدث به ابن أبي الزناد بالعراق ويصحح ما حدث به في المدينة "
    فرواية ابن أبي الزناد في المدينة فيها ضعف إلا ما كان من حديث سليمان بن داود الهاشمي فهذا مستثنى كما سوف يأتي وسليمان بن داود الهاشمي بغدادي سمع من ابن أبي الزناد في بغداد .
    قال :" وسمعت ابن المديني يقول : ما روى سليمان الهاشمي عنهم فهي حسان نظرت فيها فإذا هي مقاربة وجعل يستحسنها "
    هذا قسم من أقسام حديث ابن أبي الزناد . ابن أبي الزناد حديثه على أقسام :
    § أولا : ما حدث به في المدينة وكان شيخه هشام بن سعد أو شيخه والده أبو الزناد فإنه مقدم فيه وبالذات ما حدث به في المدينة .
    § والقسم الثاني : إذا لم يكن شيوخه ممن وصف ابن أبي الزناد بالإتقان عنهم وكان مما حدث به في المدينة .
    § والقسم الثالث : ما حدث به في العراق فهذا دون الذي قبله وبالذات إذا كان شيخ ابن أبي الزناد ممن تُكُلِّم في روايته عنه .
    فهذه أقسام حديث ابن أبي الزناد والذي يعنينا هو ما نحن بصدده في التفريق فيما بين ما حدث به في المدينة وما حدث به في العراق وقلنا يُعرف هذا إما بالتنصيص وإما أن يكون الراوي عنه مدنيا مثلا فيكون الغالب أنه سمع منه في المدينة أو يكون الراوي عن ابن أبي الزناد بغداديا فيكون سمعه منه في بغداد .




    ـــــــــ التطبيق: من العلل الكبيرـــــــــ


    قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى :
    باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى 241 حدثنا عقبة بن مكرم ونصر بن علي الجهضمي قالا حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن طعمه بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق قال أبو عيسى وقد روي هذا الحديث عن أنس موقوفا ولا أعلم أحدا رفعه إلا ما روى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس وإنما يروى هذا الحديث عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس بن مالك قوله حدثنا بذلك هناد حدثنا وكيع عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس نحوه ولم يرفعه وروى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وهذا حديث غير محفوظ وهو حديث مرسل وعمارة لم يدرك أنس بن مالك قال محمد بن إسماعيل حبيب بن أبي حبيب يكنى أبا الكشوني ويقال أبو عميرة
    § قال أبو عيسى : حدثنا عقبة بن مكرم ، وعقبة بن مكرم هو العمي وهو ثقة من الطبقة العاشرة
    § قال ونصر بن علي ، ونصر بن علي هو الجهضمي البصري وهو من الثقات المشاهير وقد خرج له الجماعة
    § قال حدثنا سلم بن قتيبة ، هو أبو قتيبة الشعيري وهو أيضا ثقة له شيء من الأوهام والأخطاء وقد توفي عام 200 خرج له البخاري وبقية أصحاب السنن
    § عن طعمة بن عمرو وهو الجعفري العامري ، وطعمة بن عمرو صدوق
    § قال عن حبيب بن أبي ثابت ، وحبيب بن أبي ثابت ثقة من المشاهير وله بعض التدليس فهو يدلس في بعض حديثه .
    § عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله e :" من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان ؛ براءة من النار وبراءة من النفاق "
    قال أبو عيسى : قد روي هذا الحديث عن أنس موقوفا ولا أعلم أحدا رفعه إلا ماروى سلم بن قتيبة عن طعمة بن عمرو ، وإنما يروى هذا عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس قوله .
    § حدثنا بذلك هناد ، هناد هو ابن السري أبو السري التميمي الكوفي وهو من الثقات المشاهير الموصوفين بالعبادة والزهد توفي عام 243 وكتابه في الزهد من أنفس ما كتب في هذا المجال .
    § قال حدثنا وكيع ، ووكيع هو ابن الجراح الرؤاسي وهو من الأئمة الكبار توفي في عام 197 وقيل عام 196 وقد خرج له الجماعة وله أيضا كتاب الزهد لوكيع وقد طبع أيضا وهو من الكتب النفيسة . وقد روى هناد كثيرا عن وكيع وهذا منها .
    § قال نع خالد بن طهمان ، وخالد بن طهمان قد وقع فيه خلاف وهو لا بأس به على بعض الأوهام في حديثه .
    § عن حبيب بن أبي حبيب البجلي ، حبيب بن أبي حبيب البجلي ليس بالمشهور فيه جهالة . ويبدو أنه ليس له إلا هذا الحديث عند الترمذي .
    § عن أنس قوله ولم يرفعه
    فأبو عيسى يرجح أن هذا الحديث إنما هو من كلام أنس وأنه ليس حبيب بن أبي ثابت هو الذي رواه وإنما الذي رواه هو حبيب بن أبي حبيب البجلي وأن سلم بن قتيبة وه الذي فيما يبدو أنه أخطأ فجعله بالإسناد السابق عن طعمة بن عمرو عن حبيب بن أبي ثابت عن أنس مرفوعا بينما رواه وكيع بن الجراح عن خالد بن طهمان عن حبيب بن أبي حبيب البجلي عن أنس من قوله وليس بمرفوع وهذه الرواية هي الراجحة .
    قال :" وروى إسماعيل بن عياش هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك "
    وعمارة بن غزية ثقة
    " عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي e نحو هذا وهذا حديث غير محفوظ وهو حديث مرسل عمارة بن غزية لم يسمع أنس بن مالك "
    فرواية عمارة منقطعة وعمارة بن غزية لم يسمع من أنس بن مالك فبيّن أبو عيسى الترمذي أن هذا الحديث إنما هو من كلام أنس بن مالك وقد رواه عبدالرزاق في مصنفه بإسناد صحيح من كلام أنس بن مالك رضي الله عنه وأما رفع هذا الحديث فرفعه ليس بصحيح .
    قال :" باب ما يقول عند افتتاح الصلاة "
    § حدثنا محمد بن موسى البصري ، ومحمد بن موسى البصري لا بأس به كما قال النسائي قال : صالح ، وذكره ابن حبان في الثقات وتكلم فيه أبو داود والأقرب أنه لا بأس به وهو محمد بن موسى البصري الحَرَسي وهو من الطبقة العاشرة .
    § قال حدثنا جعفر بن سليمان الضُبَعي البصري ، وجعفر بن سليمان فيه خلاف وهو معروف بالزهد والعبادة وتوفي بعد 160 وقد خرج له مسلم في صحيحه .
    § قال عن علي بن علي الرفاعي ، وهو علي بن علي بن نجاد الرفاعي وعلي بن علي وثقه آخرون وضعفه آخرون وفيه لين علي بن علي فيه ضعف وقد تكلم فيه يحيى بن معين فعلي بن علي فيه ضعف ويكتب حديثه ويتقوى بغيره .
    § عن أبي المتوكل ، وأبو المتوكل هو علي بن داود الناجي البصري وهو ثقة من الثالثة .
    § عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله e إذا قام إلى الصلاة بالليل كبّر ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك .." إلخ
    فأقول : هذا الحديث من طريق أبي سعيد الخدري فيه ضعف لما تقدم من الكلام في علي بن علي بن نِجَاد ولذلك ضعفه الإمام أحمد وضعفه ابن خزيمة كما في صحيحه .
    "قال أبو عيسى : وأما أكثر أهل العلم فقالوا : إنما يروى عن النبي e أنه كان يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إلهٌ غيرك " بدون الزيادة الله أكبر كبيرا ..إلخ وهكذا روي عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم . وقد تُكلّم
    في إسناد حديث أبي سعيد ؛ كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي نِجاد . وقال أحمد : لا يصح هذا الحديث "
    فهذا الحديث كما قال أبو عيسى قد جاء من طرق جاء مرفوعا وجاء موقوفا جاء مرفوعا بالإضافة إلى حديث أبي سعيد عن علي وعبدالله بن مسعود وعائشة وجابر وجبير بن مُطعِم رضي الله عنهم أجمعين . قال وأشهرهم حديث أبي سعيد الذي تقدم الكلام عليه قبل قليل وسوف يأتي بمشيئة الله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها . وأما الموقوفات فبعضها صحيح وبعضها لا يصح . من الموقوفات الصحيحة حديث عمر رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبدة بن أبي لبابة عن عمر وإن كان هذا منقطع لأن الإمام لم يقصد رواية هذا الحديث وإنما روى حديثا آخر وكان مقرونا به هذا الحديث . وكذلك أيضا رواه ابن أبي شيبة فهو ثابت عن بعض الصحابة موقوفا كعمر . فالأحاديث المرفوعة إذا ضُمَّ بعضها للبعض الآخر وأيضا إذا ضُمّ إليها ما ثبت عن الصحابة في ذلك فهذا يدل على صحة هذا الخبر ولذلك اختاره الإمام أحمد وإن كان قد ثبت أحاديث أخرى في الاستفتاح مثل حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه "اللهم باعد بيني وبين خطاياي .." والحديث في الصحيحين
    ومثل ما جاء أيضا في حديث علي رضي الله تعالى عنه "وجهت وجهي .." إلخ .
    فهناك أحاديث صحيحة وبعض هذه الأحاديث قد نُصَّ فيها أنها تقال في صلاة الليل وبعضها .لا . مطلقا والقاعدة في هذا : كل ما ثبت عن الرسول e يُذكر . مثل أنواع التشهدات ومثل أنواع الاستفتاحات ومثل أذان بلال وأذان أبي محذورة فالسنة أن الإنسان مرة يقول هذا ومرة يقول يقول هذا أو المؤذن مرة يؤذن بأذان بلال ومرة يؤذن بأذان أبي محذورة رضي الله عن الجميع وهكذا لأنها كلها ثابتة فالسنة والأكمل أن يأتي مرة بهذا ومرة بهذا وإن اقتصر على شيء منها فهذا أيضا لابأس به .
    قال :" وكان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي بن نِجَاد "
    يحيى بن سعيد هو القطان البصري توفي عام 198 وهو من كبار الحفاظ و يحيى بن سعيد في الغالب عنده تشدد في نقد الرواة وجرح الرجال والأئمة كما هو معلوم على ثلاثة أقسام فيما يتعلق بهذا منهم من تشدد ومنهم من عنده اعتدال ومنهم من عنده تساهل وبعضهم قد يتشدد في أناس دون آخرين وهذا إما أن نجعله قسما أو ندخله ضمن الأقسام الأخرى
    § فيحيى بن سعيد القطان و يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي هؤلاء عندهم تشدد
    § وهناك من عنده اعتدال كعلي بن المديني والبخاري
    § ومنهم من عنده تساهل في الكلام على الرجال مثل أحمد بن صالح المصري وهو من كبار الحفاظ ومثل أبو عبدالله الحاكم في كلامه على الرواة في المستدرك فيه تساهل .
    فالأصل أن يقدم المعتدل ولكن بشرط إذا كانوا في طبقة واحدة من العلم بالرجال . أعني مثلا ابن المديني وابن معين يقدم ابن المديني إلا إذا كان مع أحدهما دليل . فلو كان يحيى بن معين الغالب عليه التشدد ومعه دليل ؛ قال : إن فلانا أخطأ في كذا وكذا وكذا فهذا يقدم لأن معه زيادة علم فنقدم المعتدل لكن بشرط أن يكونا في درجة واحدة إذا لم يكن مع أحدهما دليل . لكن لو تعارض مثلا كلام يحيى بن معين مع كلام غيره ممن عنده شيء من الاعتدال فيقدم كلام يحيى بن معين لجلالته وإمامته في هذا الفن فيحيى بن سعيد يقابله عبدالرحمن بن مهدي في الاعتدال .
    § قال حدثنا الحسن بن عرفة ، وهو العبدي توفي عام 257 والحسن بن عرفة قد عُمِّرَ وكاد يبلغ المئة وهو مكثر من الحديث وهو ثقة صدوق
    § ويحيى بن موسى وهو البلخي أبو زكريا الملقب بخدّ ثقة مشهور وتوفي بعد 240 أو 240 من العاشرة .
    § قال حدثنا أبو معاوية ، وهو محمد بن خازم السعدي المعروف بأبي معاوية الضرير وهو من الطبقة التاسعة توفي في عام 195 وهو ثقة مشهور ولكن تُكلّم في بعض حديثه ؛ تُكلم في روايته عن هشام بن عروة وفلان وفلان فحديثه فيه تفصيل كما ذكرت فيما سبق
    § عن حارثة بن أبي الرجال ، وحارثة ضعيف شبه اتفاق على ضعفه
    § عن عمرة ، وهي بنت سعد الأنصارية وهي ثقة مشهورة توفيت في حَجر عائشة .
    § قالت كان النبي e إذا افتتح الصلاة قال :" سبحانك اللهم وبحمدك .." الحديث فهذا الحديث أيضا ضعيف وحارثة أيضا كما قال أبو عيسى تُكلم فيه وهو ضعيف .
    § وأبو الرجال والد حارثة اسمه محمد بن عبدالرحمن وهو ثقة ولكن حارثة ضعيف .
    § ولكن كما ذكرت الأحاديث المرفوعة يضمّ بعضها البعض الآخر مع ما ثبت عن الصحابة فيكون هذا الحديث ثابتا.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (3/4)

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
    أما بعد : فقبل أن أتحدث عن الرواة الذين ذكرهم الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه فوعدت الإخوان بالأمس أنني أتحدث عن كتب المصطلح فأقول :
    بالنسبة لكتب المصطلح لا شك أن هناك كتبا كثيرة قد ألفت في المصطلح وهذه الكتب لا شك أن فيها فائدة وفيها معلومات وفيها أشياء ينبغي لطالب العلم أن يطلع عليها ولكن كثيرا من هذه الكتب أنها قد ذكرت ما ذكره غيرها فقد يستغنى ببعضها عن البعض الآخر .
    فأقول : إن هناك بعض الكتب ينبغي لطالب العلم أن يطلع عليها وأن يدرسها ومن هذه الكتب
    كتاب الكفاية للخطيب البغدادي هذا كتاب قيم وكتاب نفيس وإن كان هناك بعض المباحث التي ذكرها أبو بكر الخطيب البغدادي رحمة الله عليه وإن كان في بعض هذه المباحث تأثر فيها بمنهج الأصوليين وذلك مثلا فيما يتعلق بزيادة الثقة وأنه قال : تقبل مطلقا وهذا لا شك أنه ليس مذهب من تقدم من أهل الحديث . وإنما مذهب من تقدم من أهل الحديث أنهم لا يقبلون زيادة الثقة إلا بالقرائن يعني إما بزيادة حفظ وضبط لمن زادها أو بكثرة عدد ممن زاد وهذه الزيادة أو أن هذا الراوي على ثقته وضبطه كان له اختصاص بشيخه ونحو هذه القرائن فالخطيب البغدادي رحمة الله عليه ذكر أقوالا بطريقة الأصوليين ولا شك أن المرجع في ذلك إلى أهل الحديث وقد نبّه الحافظ ابن رجب على هذا في كتابه شرح العلل الصغير للترمذي ولكن الكتاب لا شك أنه مفيد قيّم
    وكتاب معرفة علوم الحديث للحاكم كتاب قيم ومفيد
    وما كتبه الحافظ الذهبي في كتابه الموقظة هذا كتاب قيم ومفيد . ونبّه على بعض القضايا التي ينبغي التنبيه عليها فيما يتعلق بالحرج والتعديل
    وأيضا كتاب نخبة الفكر للحافظ ابن حجر كتاب قيم ومفيد
    وشرح العلل لابن رجب وهو من أنفس الكتب وأنفعها وأنا أحث الإخوان على قراءة هذا الكتاب ودراسته على أهل العلم
    وكذلك أيضا كتاب النكت لابن حجر على ابن الصلاح فأيضا هو كتاب قيم وكتاب مفيد .
    فهذه الكتب في المصطلح تغني عن كثير من الكتب الأخرى وكما ذكرت قبل قليل أن كثيرا من الكتب إنما تذكر ما جاء في غيرها من الكتب فإذن يكتفى ببعضها عن البعض الآخر ولو أراد طالب العلم أن يطلع على غير هذه الكتب ويستفيد أيضا منها فلا شك أن هذا مفيد . هذا ما أحببت أن أنبه عليه في بداية هذا الدرس .
    وتقدم الكلام فيما سبق أن الرواة على ثلاثة أقسام :
    إما أن يكون هؤلاء الرواة ثقة فحديثهم معروف أي الحكم .
    و إما أن يكون هؤلاء الرواة ضعفاء وطبعا الثقات على درجات كما أن الضعفاء أيضا على درجات
    وإما أن يكون هؤلاء الرواة من حديثهم ما هو صحيح ومنه ما هو ليس بصحيح وفي الحقيقة أن هذا النوع من الرواة ينبغي التنبه له والانتباه له لأن هذا الصنف من هؤلاء الرواة لا يعاملون معاملة واحدة وإنما – كما تقدم – أن ما كان حديثهم صحيحا أي إذا ضبطوا أحاديث معينة كرواية البعض عن بعض شيوخهم
    مثل ما قلنا عن إسماعيل بن عياش في روايته عن أهل الشام فقد ضبط عنهم وروايته عن أهل الحجاز وغيرهم لم يضبط عنهم وبالتالي أصبحت روايته ضعيفة .
    وكذلك أيضا مثل معمر ما حدث به في اليمن فهو صحيح بخلاف ما حدث به في البصرة فله أوهام وأخطاء فيه .
    وكذلك أيضا ابن جريج وحديث ابن جريج عن الزهري عن أنس عن الرسول e كان إذا أراد أن يدخل إلى الحمام خلع خاتمه . هذا الحديث منكر كما قال أبو داود السجستاني ومن أسباب نكارة هذا الحديث أن هماما أخذ هذا الحديث من ابن جريج فوقع الخطأ في هذا الحديث من هذه الناحية فأمثال هؤلاء الرواة ينبغي الانتباه إليهم حتى يكون الحكم على الحديث بالتالي مبنيا على متهج صحيح وقاعدة مستقيمة .


    قال الحافظ ابن رجب :" ومنهم عبدالرزاق بن همام الصنعاني "
    عبدالرزاق بن همام الصنعاني قال الإمام أحمد في رواية الأثرم :" سماع عبدالرزاق بمكة من سفيان مضطرب جدا روى عنه عن عبيدالله أحاديث مناكير هي من حديث العُمَري وأما سماعه باليمن فأحاديثه صحاح "
    قال أبو عبدالله – الإمام أحمد – قال عبدالرزاق : كان هشام بن يوسف القاضي – وهذا قرين عبدالرزاق وهو أيضا من الثقات – يكتب بيده وأنا أنظر – يعني عن سفيان باليمن – قال عبدالرزاق : قال سفيان : ائتوني برجل خفيف اليد فجاءوه بالقاضي وكان ثمّ جماعة يسمعون لا ينظرون في الكتاب . قال عبدالرزاق : كنت أنظر فإذا قاموا ختم القاضي الكتاب
    قال أبو عبدالله : لا أعلم أني رأيت ثَمَّة خطأ إلا في حديث بشير بن سلمان عن سيار قال أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة فأرادوا عن سيار عن أبي حمزة فغلطوا فكتبوا – هكذا عندكم؟ - قال هذا كله كلام أحمد رحمه الله يبين به صحة سماع عبدالرزاق باليمن من سفيان وضبط الكتاب الذي كتبه هناك عنه .
    وذكر لأحمد حديث عبدالرزاق عن الثوري عن قيس عن الحسن بن محمد – هكذا عندكم – عن عائشة قالت : أهدي للنبي e وشيقة لحم وهو محرم فلم يأكله فجعل أحمد ينكره إنكارا شديدا وقال هذا سماع مكة "
    خلاصة هذا الكلام : أن عبدالرزاق بن همام الصنعاني سمع من سفيان بن سعيد الثوري في مكانين مكان ضبط عنه فيه ومكان لم يضبط عنه فيه .
    المكان الذي ضبط عن فيه هو ما سمع من سفيان باليمن لأن عبدالرزاق كان في بلده وكان ينظر في الكتاب كما تقدم . عندما جاء سفيان بن سعيد الثوري أتى اليمن قال ائتوني برجل خفيف اليد حتى يكتب حديث سفيان بن سعيد الثوري ثم يُختم على هذا الكتاب فقال عبدالرزاق : أتينا له بهشام بن يوسف الصنعاني – وهو ثقة فقيه وكان قاضيا – فأتي بهشام بن يوسف وكان يكتب حديث سفيان بن سعيد الثوري وكان عبدالرزاق ينظر في كتابة هشام بن يوسف حتى إذا أخطأ ينبهه على الخطأ وكان هناك قسم ثالث إنما سمعوا لا يكتبون ولا ينظرون وإنما هم يسمعون . فلا شك أن من يكتب وينظر أيضا في الكتابة هذا يضبط أكثر من الذي يسمع فقط . فذكر هذه القصة الإمام أحمد أراد أن يبين ضبط سماع عبدالرزاق من سفيان باليمن بخلاف سماعه من سفيان في مكة كان عبدالرزاق في مكة ومكة ليست بلدا له والإنسان في السفر قد ينشغل وقد يحاول أن يسمع بسرعة . ولا شك أن عبدالرزاق من الحفاظ ولكن ليس بالمتقن تماما يعني هناك من الحفاظ يكون ضبطه لا يتغير سواء كان في بلده أو خارج بلده هؤلاء الحفاظ الذين بلغوا درجة عالية من الحفظ والإتقان من البخاري مثلا البخاري كان يأتي ويسمع عند بعض شيوخه وكان لا يكتب فتعجبوا منه لماذا يفعل هذا ولا يكتب فاختبروه وسألوه فأملى عليهم ما كان قد سمعه من قبل فأخذوا يصححون كتبهم على سماع البخاري . فأقول : هناك أناس في الدرجة العليا من الإتقان لا يتغير سماعهم وضبطهم سواء كان في بلدهم أو غيره .
    عبدالرزاق لم يكن من هذا الصنف وإن كان هو من الحفاظ ولذلك وقع في حديثه بعض الأوهام خاصة لما أصيب بالعمى فهذا الذي نبّه عليه الإمام أحمد هو في الحقيقة دقيق وكيف يعرف هذا ؟
    يعرف بواحد من أمرين :
    § إما أن يقول مثلا عبدالرزاق : حدثنا سفيان عندما كان باليمن فهذا لاشك أنه معروف .
    § أو يُتابِع عبدالرزاق على حديث ممن سمع من سفيان باليمن مثلُ هشام بن يوسف الصنعاني فهذا يستأنس به ليس حجة وإنما يستأنس به على أن هذا الحديث قد سمعه عبدالرزاق باليمن .
    وكيف نعرف سماع مكة ؟
    إذا وجدنا هذا الحديث مخالفا لأحاديث الثقات نقول هذا يغلب على الظن أن عبدالرزاق إنما سمعه من سفيان بن سعيد باليمن .
    فأقول : التنبيه على هذا هو في الحقيقة من الدقائق التي تكون في علم الرجال وعلم والجرح والتعديل وينبغي الانتباه إلى مثل هذا لئلا يقع الإنسان في الخطأ عند الحكم على هذا الإسناد من هذا الطريق .
    أيضا ذكر الإمام أحمد رحمه الله قال : إن عبدالرزاق حدّث عن سفيان الثوري بأحاديث بأحاديث مناكير عن عبيدالله بن عمر .
    عندنا راو بين واحد اسمه عبيدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ثقة ثبت توفي بعد 140 وقد خرج له الجماعة . وعندنا عبدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن عمر الخطاب أخو عبيدالله وتوفي بعد 170 . عبدالله فيه ضعف فهناك من الرواة ممن يخطئ فيجعل حديث عبدالله مثل أيضا رواية رواية الدراوردي . رواية الدراوردي عن عبيدالله بن عمر منكرة فقد يكون أخطأ سمع من عبيدالله وسمع من عبدالله فاختلطت عليه الأحاديث فكذلك أيضا عبدالرزاق عن سفيان الثوري أخطأ في بعض الأحاديث جعلها عن عبيدالله وهي من حديث عبدالله فهذا قصد الإمام أحمد رحمه الله .
    قال :" ومنهم عبيدالله بن عمر العمري " وهذا هو الذي تقدم الكلام عليه قبل قليل .
    قال :" ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الكوفة منه شيئا قال ومنهم الوليد بن مسلم الدمشقي "
    في سماع أهل الكوفة من عبيدالله شيء هذا ليس في كل الكوفيين وإنما في بعضهم وهذا ليس في عبيدالله وإنما منهم عبيدالله في الدرجة الأولى من الحفظ والإتقان والضبط وإنما هذا من بعض الكوفيين .
    قال :" ومنهم الوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي "
    ظاهر كلام الإمام أحمد أنه إذا حدث بغير دمشق ففي حديثه شيء .
    " قال أبو داود : سمعت أبا عبدالله سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي e قال : عليكم بالباه قال هذا من الوليد يخاف أن يكون ليس بمحفوظ عن الأوزاعي لأنه حدّث به الوليد بحمص ليس هو من أهل دمشق وتكلم أحمد أيضا فيما حدث به الوليد من حفظه بمكة .
    الوليد بن مسلم الدمشقي أبو العباس هو من حفاظ الشاميين وتوفي عام 194 . وقد خرج له الجماعة وحديث الوليد بن مسلم ينقسم إلى قسمين :
    § ما حدث به في دمشق فهذا أصح حديثه .
    § وما حدث به في غير دمشق ففيه بعض الأوهام والأخطاء كما تقدم لنا في حديث هشام بن عروة . هشام بن عروة عندما جاء للعراق كتبه ليست عنده وأهل العراق أرادوا أن يسمعوا كل حديثه فهذا أدّى به إلى أنه يكثر من التحديث فوقع في حديثه شيء من الغلط والوهم فكذلك والوليد بن مسلم . لكن ينبغي الانتباه إلى أن هذا الغلط إنما هو في بعض الأحاديث – غلط نسبي – إذ التضعيف على قسمين تضعيف نسبي وتضعيف مطلق :
    § التضعيف المطلق هو أن يضعّف هذا الراوي بدون أن يقيّد بشيء .
    § والتضعيف النسبي يكون هذا التضعيف نسبيا أي بالنسبة لغيره أي حديث الوليد بن مسلم في غيره دمشق ليس مثل حديثه في دمشق وليس معنى هذا أنه ضعف في غيره دمشق . لا . وإنما حديثه في دمشق أصح وأتقن وأضبط والأصل أنه أيضا صحيح حتى يتبين أنه أخطأ أو غلط فيستفاد من هذا من هذا إذا وجدنا أن هناك من خالف الوليد بن مسلم فنحمله على هذا ونقول : إن الوليد في حديثه بعض الغلط في غير بلده فهذا هو فائدة ذلك وأما هذا التضعيف فهو من التضعيف النسبي .
    والحديث الذي تقدم ذكره مما أُنكر عليه أنكره الإمام أحمد عليه وهذا يدل على جلالة الإمام أحمد في هذا الفنّ ولا شك . قد أجمع أهل العلم على ذلك فيما يتعلق بالإمام أحمد ومكانته في علم الحديث بالنسبة للوليد بن مسلم مشهور بالتدليس الإسناد ويدلس أيضا تدليس التسوية وتدليسه التسوية إنما هو عن الأوزاعي فقط لا يعرف أنه يدلس تدليس التسوية عن غير الأوزاعي .
    وتدليس التسوية هو أن يسقط شيخ شيخه والسبب في ذلك أن شيخ شيخه ضعف فأَسقَطَه وانتقل إلى ما بعده هذا يسمى تدليس التسوية ويشترط في هذا النوع من أنواع التدليس أن يكون هناك تصريح بين الشيخ وبين شيخ شيخه حتى يأمن وقوع مثل هذا التدليس وأما رمن قال أنه لابد أن يكون هناك تصريح في كل الإسناد فمثل هذا ليس بصحيح . وإنما يصرح شيخه بالسماع من الراوي عنه حتى نأمن هذا النوع من أنواع التدليس .
    وبالنسبة للوليد بن مسلم بعض شيوخه تُكلِّم في روايته عنهم كما تكلم في روايته عن الإمام مالك . ما تفرد به الوليد بن مسلم عن الإمام مالك لا يقبل لأنه لم يلازم الإمام مالك وإنما جالسه فيما يبدو شيئا يسيرا ولذلك روى عنه منكرات فإذا تفرد بشيء لا يوجد إلا عنده فلا شك أن هذا غير مقبول . لكن ذكرت تقسيم حديثه من حيث الإجمال وإلا فممكن أن يضاف هذا ويجعل قسما ثالثا ويمكن أن تجعل روايته عن الأوزاعي قسما رابعا لأنه من أثبت الناس في الأوزاعي لكن بالشرط السابق : إذا حصل تصريح أيضا بين شيخ الأوزاعي وشيخ شيخه حتى نأمن أن الوليد بن مسلم أسقط هذا الراوي الضعيف .
    قال :" ومنهم المسعودي "
    والمسعودي هو عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي وتوفي بعد 160 و عبدالرحمن بن عبدالله المسعودي حديثه فيه تفصيل وهذا التفصيل في بعض شيوخه دون البعض الآخر .
    رواية المسعودي عن بعض شيوخه يعتبر ثقة ثبتا فيهم كالقاسم بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود .
    وهناك من شيوخه من تُكلِّم في روايته عنهم فهذا قسم .
    والقسم الثاني من سمع منهم قديما دون من سمع منه أخيرا لأن المسعودي قد اختلط وتغير وهذا الاختلاط فاحش كبير وذكرت فيما سبق أن الاختلاط على قسمين :
    · اختلاط غير مؤثر أو تأثيره قليل بالأحرى .
    · واختلاط أكبر مؤثر .
    فالمسعودي من الاختلاط الأكبر .
    قال :" وقد سبق قول أحمد فيه أن من سمع منه بالكوفة فسماعه صحيح ومن سمع منه ببغداد فسماعه مختلط "
    فالمسعودي قد اختلط ومن سمع منه ببغداد فهذا بعد الاختلاط ومن سمع منه بعد ذلك بالكوفة فهذا قبل الاختلاط .




    هناك قسم من الأقسام ذكرناه ولعلنا نرجع إليه وإن كان تقدم ذكره على وجه الإجمال .
    ذكر في هذا القسم أحاديث المختلطين . القسم الأول من القسم الثاني وتقدم لنا قبل قليل ذكر ما يتعلق بالاختلاط وأيضا بالأمس تقدم التفصيل فيه والذي ينبغي أن الاختلاط يفصل فيه التفصيل السابق ليس كل واحد وصف بالاختلاط يكون حديثه ضعيفا وإنما – كما تقدم – علينا أن نتأكد هل هذا الاختلاط أكبر أو أصغر هذا ينبغي الانتباه له .
    قال الحافظ ابن رجب :" وهم متفاوتون في تخليطهم فمنهم من خلط تخليطا فاحشا ومنهم من خلط تخليطا يسيرا "
    فذكر ابن رجب رحمه الله أقسام التخليط وأيضا أشار إلى هذا الذهبي في ترجمة أبي إسحاق السبيعي قال تغيّر قليلا فإذن الاختلاط على قسمين ينبغي الانتباه لهذا .
    قال :" وعطاء بن أبي السائب الثقفي الكوفي يكنى أبا زيد قال : ذكره الترمذي في باب كراهة التزعفر والخلوق للرجال من كتاب الأدب من جامعه قال : يقال إن عطاء بن السائب كان في آخر عمره قد ساء حفظه وذكر عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد قال : من سمع من عطاء بن السائب قديما فسماعه صحيح وسماع شعبة وسفيان من عطاء بن السائب صحيح إلا حديثين عن عطاء بن السائب عن زاذان قال شعبة : سمعتهما منه بآخره وذكر العقيلي من طريق عمرو الفلاس عن يحيى بن سعيد قال : ما سمعت أحدا من الناس يقول في حديث عطاء بن السائب شيئا في حديثه القديم قلت ليحيى : ما حديث سفيان وشعبة صحيح قال : نعم إلا حديثين كان شعبة يقول سمعتهما بآخره .
    ومن طريق علي – أي علي بن المديني – قال : كان يحيى بن سعيد لا يروي من حديث عطاء بن السائب إلا عن شعبة وسفيان .
    ومن طريق أبي النعمان عن يحيى بن سعيد القطان قال : عطاء بن السائب تغير حفظه .
    وحماد – يعني ابن زيد – سمع منه قبل أن يتغير وذكر من سمع منه قبل أن يتغير سفيان وشعبة .
    فمن هؤلاء المختلطين والذين فحش اختلاطهم عطاء بن السائب الثقفي وعطاء بن السائب حديثه القديم صحيح وحديثه الأخير في الحقيقة قلت أن اختلاطه فحش لكنه ليس بالفاحش الكثير أعني ليس مثل سعيد بن أبي عروبة مثلا وإنما هو دون ذلك لكن له أحاديث قد أنكرت عليه وإن كان هناك ممن روى عنه روى عنه أحاديث فيها استقامة وهناك من الحفاظ ممن قوى حديث عطاء بن السائب حتى ممن روى عنه أخيرا وهذا إذا لم يتبين أنه أخطأ فيه ووَهِمَ . فعطاء بن السائب ما كان اختلاطه بالفاحش الشديد . وترى كلما حصل تفصيل في الرواة كلما كان الحكم أدق وأصح فتقدم أنه كلما كان هناك تفصيل في الحكم على الراوي كلما كان هذا التفصيل نستفيد منه في الحكم على الحديث ويكون هذا الحكم أسلم وأبعد عن الخطأ وكما ذكرت فيما سبق هذه طريقة من تقدم وهي التفصيل في الحكم على الرواة والحديث ولو تتبع الواحد منا أحكام علي بن المديني يتعجب من أحكامه على الأحاديث تجده أحيانا يقول : هذا حديث حسن وهذا حديث إسناده صالح أو كذا وكذا تجد أن تفصيلا وفيه دقة بينما تجد أحينا من تأخر تجد أنهم حتى يحكمون على أسانيد هم يتوقفون في بعض رواتها ومع ذلك يحكمون على هذه الأسانيد بالضعف وهذا خطأ أعني تجد راويا ما تبين لهذا الشخص الذي يريد أن يحكم ما تبين درجة هذا الراوي فقال فيه : فلان مختلف فيه وبالتالي إسناده ضعيف . طيب أنت إذا كان عندك هذا الراوي ما تبين لك القول الراجح فيه إذن توقف إذن قل أنا أتوقف في الحكم على هذا الحديث لأن هذا الراوي ما تبين لي أنه ثقة أو صدوق يقبل حديثه ولا تبين لي أنه ضعيف حديثه يحتاج إلى اعتضاد إذن عليك أن تتوقف مع أن ابن القطان الفاسي وابن حجر عندهم أن الراوي إذا اختلف فيه ولا مرجِّح فيقولون : إن حديثه حسن وفي الحقيقة أن هذه القاعدة قاعدة صحيحة لا الغالب على النقاد هو الاحتياط والتشدد نوعا ما وهذا احتياطا للدين فعندما يكون الراوي مختلفا فيه وليس هناك مرجح يرجح أحد القولين فيكون الأصل في قوله أنه حسن لأن الحفاظ عندما يحكمون على الراوي بالضعف أو كذا قد يكون حكمهم فيه احتاط للسنة فقد يشددون أو يميلون إلى التشدد نوعا ما ولذلك قال الدارقطني على أحد الرواة وهو أيمن بن أم أيمن عندما زاد زيادة بسم الله في التحيات قال : هذا يسقط مئة ألف حديث وأراد الدارقطني أن يبين أن هذا الوهم منه قد يؤثر على حديثه في غير هذا الحديث . فأقول : هم يحتاطون والاحتياط لا شك أنه مطلوب فإذا لم يكن هناك مرجح فيحكم على هذا الراوي بأنه حسن .
    بالنسبة لعطاء بن السائب أحاديث المختلطين كما قلنا
    الحفاظ إما أن يقولوا من سمع منهم في كذا فسماعه صحيح ومن سمع منهم في كذا فسماعه غير صحيح كما ذكرنا في مسألة المسعودي .
    أو ينصّون – الحفاظ – يقولون : سمع فلان وفلان من فلان قبل الاختلاط كما في مسألة عطاء بن السائب فنصّوا على شعبة والثوري وعلى حماد بن زيد وحماد بن سلمة على القول الراجح أنه سمع منه قبل الاختلاط وإن كان حماد بن سلمة فيه خلاف والحافظ ابن حجر جمع بين القولين فقال : سمع منه قديما وأخيرا لكن الأقرب أنه سمع منه قديما . وهناك رواة لم ينص عليهم أنهم سمعوا منه قديما ولا أخيرا فهؤلاء الرواة إن كان هم كبار وفي الغالب سماعهم قديم فنحمل سماعهم أنهم سمعوا قديما . مثل من ؟ مثل الأعمش في عطاء بن السائب حديث عطاء بن السائب عن أبيه عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن الرسول e كان يعقد التسبيح بيده . روى هذا الحديث جمع من أصحاب عطاء ممن رواه أيضا الأعمش والأعمش أكبر من الثوري وأكبر من شعبة وأكيد سمع منه قديما فنقول : ما كان مثل شعبة والثوري أو أكبر منهم من باب أولى أن يكون سمع منه قديما . وما كان مثل أبي الأحوص الذي سمع من عطاء أخيرا وأصغر منه فهذا سمع منه أخيرا من باب أولى وإن كان قد يوجد راو كبير في السن ولكن سماعه متأخر هذا قد يوجد ولكن هذا احتمال ولا نقدم مثل هذا الاحتمال .
    فالخلاصة : أن حديث عطاء بن السائب على قسمين :
    · ما حدث به قديما فهذا الأصل في حديثه أنه صحيح .
    · وما حدث به أخيرا فهذا يُنظر فإن كان هناك ما يشهد له فهنا يتقوى وإن كان هناك ما يخالفه فهنا يردّ وما لم يكن كذلك يتوقف فيه فهذا ما يتعلق بعطاء بن السائب .



    قال أبو عيسى رحمه الله تعالى :سنن الترمذي 2/12
    باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم 244 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعيد بن أبي إياس الجريري عن قيس بن عباية عن بن عبد الله بن مغفل قال سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي أي بني محدث إياك والحدث قال ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام يعني منه قال وقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقلها إذا أنت صليت فقل الحمد لله رب العالمين قال أبو عيسى حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن

    والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قالوا ويقولها في نفسه

    قال أبو عيسى الترمذي رحمة الله عليه :
    § حدثنا أحمد بن منيع ، وأحمد بن منيع هو البغوي وهو من الطبقة العاشرة توفي في عام 244 وهو ثقة حافظ له مسند وهذا المسند لم يوجد وإنما وجد بعضه في كتب الأطراف .
    § قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم وإسماعيل بن إبراهيم هو ابن مِقسَم الأَسَدي المعروف بإسماعيل بن عُلَيَّة وهو ثقة حافظ متقن توفي في عام 183 وقد خرج له الجماعة .
    § قال حدثنا سعيد الجُرَيري وهو ابن إياس ، وسعيد بن إياس الجريري ثقة من المشهورين ولكنه اختلط فرواية من سمع منه قديما تكون صحيحة ومن سمع منه أخيرا يُتوقف فيها كما تقدم التفصيل في مسألة الاختلاط .
    § عن قيس بن عباية ، وهو الحنفي البصري . وقيس ثقة وهو من التابعين
    § قال عن ابن عبدالله بن مغفل قال سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول : بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي : أي بُنَيَّ مُحدَث إياك والحدث .
    هذا الحديث إسناده ليس بالقوي من أجل هذا الراوي الذي لم يُسَمَّ وقد اختلف فيه فقيل : إن اسمه يزيد ، وبعضهم قال : إن اسمه زيد ولذلك ضعفه ابن خزيمة وابن عبدالبر وغيرهم وأما تحسين الترمذي لهذا الحديث فهو كما قال رحمه الله في الحسن : أن يروى من غير وجه ولا يكون في إسناده كذاب ولا يكون شاذا فقال : هذا هو المقصود بالحسن عندنا وهذا أيضا نوع من أنواع الحسن عنده لأنه يقول في أحاديث : حسن غريب والحسن الغريب يعني ما يروى إلا من وجه واحد لا يروى من غير وجه وهذا التحسين كما ذكرت فيما سبق ليس الحسن عند من تأخر أهل العلم وهو رواية الثقة الذي خفّ ضبطه وليس هو أيضا الحسن لغيره عند أهل العلم وإنما كما ذكرت فيما سبق أن أقسام الحديث عند الترمذي ثلاثة أقسام :
    · القسم الأول : ما كان ثابتا عنده سواء بأصح إسناد أو جمع أدنى شروط القبول هذا يحكم عليه بأنه حسن صحيح ونجد أحاديث كثيرة جاءت بأصح إسناد مثل يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر في حديث الأعمال بالنيات قال : حسن صحيح . وقال أيضا عن الحديث الذي رواه شعبة ورواه مالك وغيرهم عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن الرسول e نهى عن بيع الولاء و هِبَتِه قال أيضا : هذا حديث حسن صحيح وأحاديث كثيرة ..
    وأحيانا يغاير ما بين الحسن الصحيح والصحيح وهذا في مرات قليلة ويكون عنده الصحيح أقوى من الحسن الصحيح إذا نصّ هو على ذلك وإلا فالأصل أن الحسن الصحيح كما تقدم ذكره قبل قليل .
    فمرة روى حديثا من طريق ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال : هذا حديث حسن صحيح ثم روى نفس هذا الحديث من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه – فزاد أباه – عن أبي هريرة فقال : هذا حديث صحيح وهو أصح من الأول والاثنين صححهما لأن زيادة والد المقبري هو أيضا ثقة فالحديث في كلا الحالتين مقبول .
    فإذن الحديث الثابت عنده يقول عنه : حسن صحيح .
    · والقسم الثاني من أقسام الأحاديث عند الترمذي هو الأحاديث التي فيها ضعف ولكن هذا الضعف ليس بشديد أو تكون معلولة أو في نفسه منها شيء جعله يتوقف فيها فهذا يقول عنها : هذا حديث حسن . وحسن غريب أضعف من الحديث الحسن عنده .
    · والدلائل على هذا ما تقدم ؛ أن الشروط التي ذكرها لا تفيد ثبوت الخبر لا تفيد الحسن لغيره الذي اصطلح عليه من تأخر . وأيضا تجده يحكم على أحاديث أنها حسنة ويضعفها يقول فيها فلان أو إسنادها لم يتصل ..إذ إن التحسين عند الترمذي هو في الحقيقة تليين ( تضعيف ) وليس على بابه .
    · والقسم الثالث الأحاديث واضحة الضعف هذه يقول فيها : إسناده ليس بالقائم ، فيها فلان ، فيها فلان .. إلخ .


    فهذا الحديث في الحقيقة إسناده ليس بالقوي لكن لا يحكم عليه بأنه ضعيف يعني فيه ضعف وجاء ما يشهد له من حديث أنس المخرج في الصحيحين كما سوف يأتينا فيما بعد ولذلك قال أبو عيسى : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وأنهم كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وهذه المسألة قد وقع فيها خلاف مطوّل بين أهل العلم حتى أُلِّفَت فيها كتب فألف فيها ابن خزيمة وابن عبدالبر والدارقطني وغيرهم والصحيح في هذا هو عدم الجهر بالبسملة كما دل على هذا حديث أنس بن مالك الذي في الصحيحين وأما ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ما رواه أصحاب السنن من حديث نُعَيم المُجمِر عن أبي هريرة أنه صلى فقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم وبعد أن انتهى من الصلاة قال : أنا أشبهكم بصلاة رسول الله e فهذا الحديث إسناده قوي ولكن هذا الحديث قد جاء من طرق وليس فيه هذه الزيادة . ثم إن قرأ ببسم الله ليس معناه الجهر فالقراءة شيء والجهر شيء آخر وأنت تسمع قراءة من بجانبك لكنه لا يجهر . وعندنا حديث أنس صريح أن الرسول e لم يجهر بالبسملة ولذلك الدارقطني عندما طُلِب منه أن يجمع ماجاء من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في هذه القضية جمع كتابا كبيرا فسئل : هل الأحاديث المرفوعة فيها شيء يصح ؟ قال : لا . أما ما جاء عن الصحابة ففيه شيء صحيح وفيه ما ليس بصحيح . فلم يعتدّ بهذا الحديث فالصواب عدم الجهر لحديث أنس بن مالك الثابت في الصحيحين وغيرهما والكلام في هذه القضية يطول وكما تقدم هناك كتب ألفت في هذا ومن الأجزاء المطبوعة جزء لابن عبدالبر في البسملة .
    § قال حدثنا أحمد بن عبدة ، أحمد بن عبدة هو الضَّبِّي وهو من العاشرة توفي في عام 245 وقد خرج له مسلم وبقية أصحاب السنن وهو ثقة تكلم فيه ابن خراش ولم يقبل كلامه فيه لأن ابن خراش عنده تشيّع وأحمد بن عبدة اتهم بالنصب ولعل هذا جعله يتكلم فيه وإلا فأحمد بن عبدة ثقة مشهور .
    § قال حدثنا معتمر بن سليمان ، وهو ابن طلقان التيمي البصري وهو ثقة مشهور خرج له الجماعة .
    § قال حدثني إسماعيل بن حماد ، وهو ابن أبي سليمان فيه ضعف ولا يحتج به تكلم فيه العقيلي وغيره وضعف أحاديثه الترمذي .
    § وأبو خالد جَهَّلَه أبو زُرعة وأبو جعفر العُقيلي.
    § عن ابن عباس قال : كان النبي e يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم . قال أبو عيسى : إسناده ليس بذاك .
    هذا الحديث في الحقيقة فيه ضعف لما تقدم من إسماعيل بن حماد ومن أبي خالد وأيضا لا بد أن يُنظر في سماع أبي خالد من ابن عباس ثم إن النصوص جاءت بخلافه ثم إن افتتاح الصلاة ببسم الله هذا كما قلنا قبل قليل لا يفيد الجهر والجهر والقراءة شيء آخر .

    قال :" باب في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين "
    § قال حدثنا قتيبة ، وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف أبو رجاء الثقفي تقدم الكلام عليه فيما سبق وهو ثقة ثبت مشهور مكثر من الرواية وقد خرج له الجماعة وليس في الكتب الستة إلا هو .
    § قال حدثنا أبو عوانة وهو أبو الوضاح اليشكري وأبو عوانة ثقة ثبت مشهور وحديثه على قسمين :
    ما حدث به من كتابه فهو أصح فكتابه صحيح
    عن قتادة وهو ابن دعامة بن قتادة أبو الخطاب السدوسي البصري وهو من الثقات الحفاظ .
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله e وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين .قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
    فهذا الحديث حديث صحيح وهو من أصح الأسانيد وقد خرجه الشيخان وغيرهما وتلاحظون أن الترمذي حكم عليه بأنه حسن صحيح . والحديث الصحيح عنده كما تقدم يحكم عليه بهذا الحكم . وهذا الحديث يفيد عدم الجهر ببسم الله لأنه جاء في بعض الروايات أنه ما كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فهذا الحديث يفيد أن السنة عدم الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأن هذا هو الصحيح في هذه المسألة .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (4/4)

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    الحلقة الرابعة والأخيرة وهي تفريغ للشريط الخامس لأن ابتداء الكتابة كان من الشريط الثاني و أود التنبيه على أن التطبيق على هذا الدرس مكتوب عندي بخط اليد لكن لم أتفرغ لكتابته على الوورد وهو شرح للحديث المذكور في آخر المشاركة . والحمد لله رب العالمين .

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
    فكما ذكرت بالأمس لعلّي أنبّه على ما يتعلق بمذهب المتقدمين ومذهب المتأخرين في علم الحديث وأقول بادئ ذي بدء أن هذا ليس خاصا بعلم الحديث بل كذلك أيضا فيما يتعلق بعلم التوحيد والعقيدة وفيما يتعلق بعلم الفقه وفيما يتعلق بأصول الفقه وهكذا .. فهذا ليس خاصا بعلم الحديث وأنه يجب اتباع طريقة السلف طريقة من تقدم وفيما يتعلق بعلم الحديث قد حصل تغيّر في المنهج وفي التزام الطريقة الصحيحة في معرفة الصناعة الحديثية وما يتعلق بذلك فحصل بين من تقدم وبعض من تأخر اختلاف في ذلك وبعض من تأخر خالف طريقة من تقدم .
    فأقول : إن هناك أمورا تميّز مذهب المتقدمين عن مذهب المتأخرين ومن هذه الأمور وعلى رأسها فيما يتعلق بعلم العلل فكثير ممن تأخر إنما يحكم على الحديث من خلال النظر إلى ظاهر إسناده بغضّ النظر عن الاختلاف الذي قد يقع فيه . وكثيرا ما يقولون : إن زيادة الثقة مقبولة إذا حصل اختلاف بين من وصل وأرسل قدموا من وصل وإذا حصل اختلاف بين من وقف ورفع قدموا من رفع وقالوا : معه زيادة علم إذن هو المقدم . ولا شك أن هذا ليس بصحيح وإنما طريقة من تقدم هو أن من كانت القرائن بجانبه فهو المقدم فيما يتعلق بالإرسال والوصل أو فيما يتعلق بالرفع والوقف فزيادة الثقة إنما تقبل بالقرائن وليس كل من زاد تكون زيادته مقبولة وعلى هذا سار أهل العم ممن تقدم كما يظهر هذا من كتب العلل وصحيح البخاري ومسلم وكتب السنن كالنسائي والترمذي وأبي داود فيقدمون من كان معه القرينة وهذه القرائن إما أن تكون :
    § زيادة حفظ
    § أو تكون كثرة عدد
    § أو اختصاص
    § وما شابه ذلك من القرائن
    فمثلا : فيما يتعلق بزيادة "إنك لا تخلف الميعاد" هذه زادها محمد بن عوف الحمصي وهو ثقة حافظ ولكن قد روى هذا الحديث الثقات الحفاظ كالإمام أحمد والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهم ولم يذكروا هذه الزيادة وإنما كلهم رووه عن علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن محد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن الرسول e قال :" من سمع النداء فليقل : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته " فزاد محمد بن عوف :" إنك لا تخلف الميعاد" فهذه الزيادة شاذة لأن جمعا من الثقات وعلى رأسهم من تقدم ذِكرُهم من كبار الحفاظ لم يذكروا هذه الزيادة فأين مه عن هذه الزيادة وكان طريقة أهل الحديث أنهم عندما يسمعون من أحد الرواة يسمعون كل ما عنده في الغالب ويروون كل ما عنده غالبا فيندر بينهم التفرد وأن يزيد بعضهم على البعض الآخر إلا أن يكون هذا من قبيل الوهم والخطأ . فهذه القضية من الأمور التي خالف فيها من تقدم من تأخر ولذلك تجدون أن كتب العلل كلها مبنية على ذلك أن زيادة الثقة إنما تقبل بالقرائن .
    كذلك أيضا فيما يتعلق بمسألة التفرد والشذوذ وهي داخلة فيما يتعلق بالعلل فمسألة الغرابة والتفرد كثير ممن تأخر لا يلتفت إليها وإنما يحكم على احديث من خلال ظاهر الإسناد ولا ينظر إلى هذا الأمر وذلك كما ذكرت قبل قليل أن الأحاديث لها طرق مسلوكة وأن للرواة أصحاب يعرفون فعندما يأتي واحد ويروي شيئا غير موجود عند أصحاب هذا الشيخ أو الراوي فهذا دليل على الخطأ والغلط والوهم فلا بد من الانتباه لذلك ولذلك الحفاظ أعلّوا رواية قتيبة بن سعيد الليث بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن الرسول e إذا كان مسافرا وأراد أن يجمع ما بين الصلاتين أنه إذا دخل عليه الوقت قبل أن يرتحل جمع جمع تقديم وإذا ارتحل قبل أن يدخل عليه وقت الصلاة الأولى ودخل عليه وقت الصلاة وهو سائر جمع جمع تأخير أخّر الأولى إلى الثانية وهذا السياق واللفظ مما تفرد به قتيبة بن سعيد وقتيبة بن سعيد من كبار الحفاظ الثقات ولكنه أتى بشيء لم يتابع عليه ولذلك أنكر هذا الحديث البخاري والنسائي والحاكم وغيرهم فأنكر هذا الحديث من تقدم ذكرهم ووجه إنكلر هذا أن لمعاذ بن جبل حديث ليس بهذا اللفظ ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما سافر إلى تبوك جمع مابين الظهر والعصر ثم دخل إلى خبائه وليس فيه هذا اللفظ .
    وجاء أيضا عن معاذ لفظ آخر ليس فيه هذا الذي رواه قتيبة بن سعيد عن الليث أين أصحاب يزيد بن أبي حبيب وأين أصحاب الليث بن سعد فهذا لاشك أنه خطأ وغلط . ويزيد بن أبي حبيب لم يُعرف بالرواية عن أبي الطفيل فهذا أيضا مما يستنكر في الخبر بالإضافة إلى نكارة المتن فبالتالي الحفاظ أنكروا هذا الحديث .
    ومن ذلك أيضا ما رواه أبو القاسم الطبراني عن عبدالله بن الإمام أحمد عن أبيه الإمام أحمد عن وكيع عن ابن أبي ذئب عن طارق مولى شيبة عن أبي غَطَفان عن ابن عباس (أظن الإسناد هكذا) أن الرسول e قال : الأذنان من الرأس . قال بعض ئأهل العلم : إن هذا الإسناد إسناد صحيح ولم يذكر هذا الطريق كثير ممن تكلم على هذا الحديث . ولا شك أن هذا الإسناد باطل معلول ليس بصحيح والصواب في هذا الحديث هو : "استنثروا مرتين بالغتين" هذا هو حديث ابن عباس الصحيح الذي جاء من طريق ابن أبي ذئب بالإسناد السابق هذا هو اللفظ الصحيح فدخل على بعض الرواة شيء في شيء ويبدو أن الذي أخطأ هو الطبراني رحمه الله لا شك أن الطبراني من كبار الحفاظ لكن أين أصحاب عبدالله بن الإمام أحمد وأين أصحاب وكيع وأين أصحاب ابن أي ذئب .. ~إلخ فلا شك أن هذا اللفظ منكر بهذا الإسناد ولو كان هذا الحديث بهذات اللفظ صحيحا لكان موجودا في المسند فيما رواه عبدالله عن أبيه وإن كان هذا ليس بلازم لكن هذا هو الغالب لكن الشأن كما تقدم تفرُّد الطبراني بذلك ما يمكن هذا. التفرد كما ذكرت كانت طريقة من تقدم أنهم يسمعون من الراوي كل ما عنده فيندر التفرد .
    ولذلك عندما جاء أحمد بن صالح الطبري وهو من كبار الحفاظ كان في مصر جاء إلى أحمد في بغداد وأخذا يتذاكران الحديث فلم يستطع أحدهما أن يأتي بشيء لم يكن عند الآخر إلا حديثا كان عند الإمام أحمد ولم يوجد عند أحمد بن صالح فقال : حدثني به يا أبا عبدالله فقال : حتى آتي بكتابي . الشاهد من هذا أن كل واحد منهما لم يتفرد عن الآخر بشيء وإنما حديث واحد فقط مع أن هذا من بلد والثاني من بلد آخر فالتفرد عندهم يندر .
    ولذلك عندما وجد الإمام مالك أن الناس يقصدونه في حديث فقال : لماذا الناس يأتون إليّ ؟ قالوا : لأنه لا يروي هذا الحديث إلا أنت . قال : لو كنت أ‘لم ذلك لما حدثت به . لأن التفرد دليل على الوهم في الغالب .وفي الحقيقة أن التفرد فيه ثلاثة مذاهب :
    § المذهب الأول : عدم قبول التفرد مطلقا وهذا عند يحيى بن سعيد القطان وأبي بكر البرديجي فهم يذهبون إىل هذا القول .
    § والمذهب الآخر الذي يقابل هذا المذهب هو عدم الالتفات إلى مسألة الغرابة والتفرد وهذا الذي سار عليه كثير ممن تأخر .
    § والقول الثالث هو القول الوسط وهو ما ذهب إليه ابن المديني والبخاري ومسلم بن الحجاج وأبو عيسى الترمذي وغيرهم أن التفرد فيه تفصيل وذلك أنه ممكن أن يكون التفرد في الطبقات المتقدمة دون المتأخرة وأن يكون المتفرد بهذا الحديث ممن يعتمد على حفظه وعلى إتقانه ولذلك روى الشيخان وغيرهم ما تفرد به يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن إبراهيم عن علقمة عن عمر في حديث الأعمال بالنيات .
    وأيضا خرج الشيخان ما تفرد به عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن الرسول e نهى عن بيع الولاء وعن هبته كما تقدم لنا الكلام على هذا الحديث فيما سبق وغير هذه الأحاديث والضياء المقدسي رحمه الله له جزء في الأحاديث الغريبة التي خرجها الشيخان وبلغت هذه الأحاديث نحو مئتين حديثا وهذا الكتاب لا أعلم أنه موجود ولكن ذكره أهل العم ممن ترجم للضياء المقدسي .
    فأقول إن التفرد له شروط :
    § أولا : أن يكون هذا التفرد في الطبقات المتقدمة من طبقة التابعين وأتباع التابعين وقد نصّ أيضا على هذا الذهبي في كتابه الموقظة وأشار إلى هذا في كتابه "ميزان الاعتدال" وغيره تكلم على التفرد وتكلم عليه أبو عبدالله الحاكم في كتابه "علوم الحديث" وتكلمن عليه أبو داود في رسالته إلى أهل مكة وكذلك أيضا غيرهم ممن تكلم عن هذه المسألة وأبو عيسى عرّف التفرد في كتابه العلل الصغير وتكلم ابن رجب في شرح العلل بكلام نفيس في شرح كلام الترمذي وعندما تكلم على الغرابة والتفرد .
    § وأن يكون هذا المتفرد يعتمد على ضبطه وحفظه وإتقانه مثل عبدالله بن دينار ومثل ما تقدم في حديث الأعمال بالنيات
    § والأمر الثالث أن يعرف هذا المتفرد بالرواية عمن تفرد عنه أعني أن لا يأتي شخص وهو غير معروف بالرواية عن شخص وإن كان ثقة ويتفرد بشيء هذا مستحيل .
    فمثلا ما تفرد به الوليد بن مسلم عن مالك فهذا باطل بخلاف مثلا عبدالرحمن بن القاسم الذي لازم الإمام مالكا سبعة عشر سنة أو نحو ذلك فلا بد أن يكون هذا الراوي معروفا بالملازمة والمصاحبة لمن تفرد بالرواية عنه .
    § وأن يستقيم المتن هذا لاشك في كل حديث فهنا يكون هذا مقبولا فكثير ممن تأخر لا ينتبهون لمسألة الغرابة والتفرد ويصححون أحاديث وهي معلولة .
    ومن ذلك ما رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول e حدّ لأهل العراق ذات عرق وهذا لا شك أنه باطل ظاهر إسناده الصحة وهو باطل وذلك أنه في البخاري عبدالله بن عمر يروي عن أبيه أن أهل العراق جاءوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا : يارسول الله إن قرن جَور عن طريقنا فحدّ لهم ذات عرق قال لهم انظروا إلى حذوها . فابن عمر يروي هذا عن أبيه لو كان عنده شيء عن الرسول e كان قال لوالده كان ما روى هذا عن أبيه كان رواه عن الرسول e فلذلك أعرض عن هذا الحديث أصحاب الصحيح وأصحاب السنة ودوواوين الإسلام المشهورة التي دوّنت فيها الحاديث فروى هذا الحديث ممن يروي الغرائب كأبي نُعيم في الحلية فهذا الحديث بهذا اللفظ لا شك أنه باطل وهناك من يويه ولا يلتفت إلى هذا الشيء فأقول : إن هذه قضية مهمة كذلك أيضا مما يميز مذهب من تقدم من الحفاظ أنهم بالإضافة إلى نظرهم إلى الإسناد ينظرون أيضا إلى المتن ولا بد أن يستقيم المتن ولا يخالف نصوص القرآن والسنة النبوية وهذه القضية فيها طرفان ووسط .
    § فيها أهل البدع والضلال الذين يردون النصوص بعقولهم الناقصة وهذا نبرأ إلى الله منه وممن يفعل هذا المعتزلة وممن سار على منهجهم وطريقتهم من وغيرهم ممن يردون النصوص بعقولهم .
    § وقسم لا يلتفتون إلى أن يكون هذا النص مخالفا لنصوص أخرى فهذا أيضا ما هو بصحيح فإذا كان هذا النص مخالفا للنصوص الصريحة الواضحة فهذا غالبا يكون معلولا ولا بد أن تكون هناك علة في الإسناد أعني مثلا ما رواه الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى :" ثلاثة لا يستجاب لهم دعاء : رجل كان له امرأة سيئة الخلق ولم يطلقها " لا شك أن نصوص القرآن والسنة جاءت بخلاف هذا وأنه مطلوب من المسلم والصبر وبالذات الصبر على أهله ومطلوب منه حسن الخلق ومن حسن الخلق أن يصبر عليهم وأين نصوص الصبر التي موجودة في كتاب وسنة رسوله e بكثرة لاشك أن هذا الحديث معلول وقد اختلف من رواه عن الشعبي وأكثر الرواة على وقفه وهو موقوف ليس بمرفوع وقد أشار إلى هذا الحاكم وابن كثير وهذه علة في الإسناد بالإضافة إلى وجود علة في المتن ومثل ما جاء عند ابن حبان عن أبي سعيد الخدري أن الرسول e قال :" أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يبعثون في يوم القيامة في أكفانهم " هذا مخالف للنصوص الصريحة كما جا في الصحيحين في حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول e قال :" يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا " كيف يبعثون في أكفانهم ؟
    والإسناد أيضا فيه علة فيه يحيى بن أيوب المصري وله أوهام وأخطاء أشياء تستنكر وإن كان يخرج له في الصحيحين لكن له أحاديث مستنكرة عليه ومنها :
    § من حفظ القرآن فكأنما استدرج النبوة بين كتفيه إلا أن لا يوحى إليه فدلت الدليل على أنه قد وهم وأخطأ وهو رحمه الله له بعض الأخطاء والأوهام
    § كذلك أيضا حديث إن أطفال المشركين خدم أهل الجنة وهذا أيضا جاء بأسانيد كلها منكرة وباطلة ولا يصح منها شيء حتى أن ابن تيمية رحمة الله عليه قال : هذا القول ليس له أصل . ما قال : حديث وذلك لأن الأسانيد التي جاء بها لا يصح منها شيء وهو مخالف لنصوص القرآن والسنة فالله عز وجل ذكر عن خدم أهل الجنة أنهم ولدان مخلدون وذكر الرسول e كما جاء في الصحيحين واللفظ للبخاري في حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن أبي رجاء عن سمرة بن جندب أن الرسول e في الحديث الطويل عندما رأى إبراهيم عليه السلام وحوله أطفال المسلمين قال بعض الصحابة : وأطفال المشركين . قال : وأطفال المشركين . فرءاهم في الجنة وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول e سئل عن أطفال المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ولم يذكر أنهم خدم لأهل الجنة فكل النصوص تخالف هذا النص بالإضافة إلى ضعف أسانيده .
    فهذا ليس بصحيح ولذلك مذهب أهل السنة والحديث أن أطفال يختبرون يوم القيامة وقد نقل الأشعري هذا القول مذهبا لأهل الحديث وذهب إلى هذا غيره من أهل العلم فهذا الحديث بطرقه لا يصح منها شيء و سوف يأتي التنبيه على مسألة تقوية الخبر بمشيئة الله وعندما تنظر في كلام الحفاظ تجد أنهم ينبهون على هذا فمثل ما ذكر البخاري في كتابه التاريخ الكبير حديثا لأبي موسى الأشعري أن الرسول e قال :" إن هذه الأمة مرحومة جعل عذابها في الفتن التي تكون في الدنيا " قال البخاري رحمه الله في تاريخه الكبير : أحاديث الشفاعة أكبر وأكثر يعني أن الأحاديث التي فيها بأن هناك من يدخل النار ويشفع له فيخرج من النار إما أن الله عز وجل يخرجه وإلا بشفاعة الشافعين من الأنبياء والملائكة والصاالحين والأفراط فقال البخاري أن هذا أكثر وأكبر وفي الحقيقة أن كلامهم في هذا كثير رحمة الله عليهم فأيضا هذه قضية مهمة عند تقدم من أهل الحديث .
    وأيضا مما خالف فيه من تقدم هو في مسألة تقوية الخبر فأيضا في هذه المسألة طرفان ووسط
    § هناك ممن لا يقوي الخبر مهما تعددت طرقه وممن يذهب إلى هذا أبو محمد بن حزم رحمة الله عليه .
    § وهناك ممن يتوسع في تقوية الخبر مثل السيوطي وكثير ممن سار على طريقته ممن تأخر .
    بينما مذهب من تقدم أنهم يقوون الخبر وإن تعددت أسانيده ولكن لهم شروط هذا القول ليس على إطلاقه فالإمام الشافعي ذكر عدم الاحتجاج بالمرسل ثم ذكر متى يتقوى المرسل فذكر شروطا وتفاصيل وكذلك أيضا أبو عيسى الترمذي في كتابه العلل الصغير قال : إن الحديث الحسن أن يروى من غير وجه ولا يكون في إسناده كذاب ولا يكون الحديث شاذا .
    وكثيرا ما يقول الحفاظ : يكتب حديثه للاعتبار . وكما قال الإمام أحمد عن ابن لهيعة : أنا لا أحتج به ولكن أكتب حديثه للاعتبار أو نحو ذلك وعباراتهم في هذا كثيرة ولكنهم لا يتوسعون في مسألة تقوية الأخبار بالأسانيد الساقطة والمنكرة كما يلاحظ على بعض من تأخر أنهم يتوسعون في ذلك ويأتون بالأحاديث الضعيفة ثم يقولون : إن هذا اللفظ يشهد له الحديث الفلاني و هذا اللفظ يشهد له الحديث الفلاني و هذا اللفظ يشهد له الحديث الفلاني وهذه الطريقة ليست بصحيحة نعم إذا كان الإسناد فيه ضعف ما أو فيه رجل سيء الحفظ ، كثير الخطأ ، رجل اختلط ، في الإسناد عنعنة ، في الإسناد إرسال ، وجاء من وةجه آخر فيه قوة نعم هنا أحدهما يقوي الآخر . وأما أن الشخص يتوسع في هذا حتى في الأسانيد الساقطة وبرواية المتروكين وما شابه ذلك فهذا ليس بصحيح . ينبغي الانتباه إلى مثل هذا هذه قضية مهمة فعندنا في مسألة تقوية الأخبار طرفان ووسط هناك طرف لا يُقوِّي الخبر بتعدد طرقه وهناك طرف يتوسع في هذا وحتى يقوي الخبر بالأسانيد الساقطة والمنكرة والمذهب الوسط هو مذهب من تقدم أنه إذا كان الإسناد فيه قوة ليس بشديد الضعف وجاء من طرق أخرى نعم هنا يتقوى هذا الخبر .
    يعني مثلا ما جاء أن الرسول e قال عن معاذ بن جبل يحشر أمام العلماء برتوة أي بخطوة وهذا جاء من أربعة مراسيل بعضها يعضد البعض الآخر .
    ومثل أيضا أن الرسول e كتب لعمرو بن شعيب ألا يمس القرآن إلا طاهر جاء بأسانيد متعددة مرسلة ومعضلة وبعضها يقوي البعض الآخر .
    فأقول : ينبغي الانتباه إلى مثل كذلك أيضا مسألة التدليس وهذه أيضا مسألة مهمة كثير ممن تأخر من حين يوصف الراوي بالتدليس يردّون خبره وإذا عنعن وهذا ليس بصحيح فالمسألة فيها تفصيل :
    § أولا لا بد من تحرير نوع التدليس الذي وصف به هذا الراوي لأن التدليس أنواع قد يصل إلى سبعة أو ثمانية فلا بد من معرفة نوع التدليس حتى يتعامل معه هناك من يرسل ويسمى مدلسا والذين يرسل يعامل غير معاملة المدلس الذي يسقط من الإسناد رجلا أو أكثر فيطلق على الإرسال تدليس كذلك أيضا هناك من يدلس تدليس الشيوخ فهذا هنا ما أسقط أحدا وإنما يعمِّي اسم شيخه فينبغي أن يعرف هذا الشيخ فقد يقال مدلس وعندما تبحث عن نوع تدليسه تجده بهذه الصفة ويظن الظان أنه يسقط من الإسناد فإذا وجد عنعنة لم يلتفت إليه وهذا ما هو بصحيح هذا يدلس تدليس الشيوخ ما أسقط أحدا إنما شيخه ما بيَّنَه من هو فأنت تتأكد من شيخه
    وهناك أيضا من أنواع التدليس تدليس المقارنة أو العطف طبعا هشيم بن بشير الواسطي وصف بنوع من التدليس وهو أن يقال : حدثنا فلان وفلان يكون سمع من الأول دون الثاني وهذا مشهور عن هشيم هذه القضية مشهورة وذكرها الحاكم ولكن لم أقف عليها مسندة ولا أعرف أن أحدا سبق الحاكم إلى هذا . الحاكم ذكرها مرسلة ولم يذكرها مسندة عنه ولكن ذكر الإمام أحمد عن هشيم نوعا آخر من التدليس أنه يحدث ويكون قد سمعه ثم يصل بالخبر خبرا آخر لم يسمعه هو فإذن يتعامل مع هشيم من هذه الناحية معاملة أخرى غير مسألة إسقاط رجل من الإسناد هذا ما أسقط . نعم ذكر حديثا قد سمعه ثم ألحق حديثا آخر لم يسمعه هو وهذا غير تدليس العطف الذي ذكر عنه فهذه يتعامل معها تعاملا آخر وهذا الذي ذكره الإمام أحمد عن هشيم في رواية المروذي وقد أطال الإمام أحمد في ذكر تدليس هشيم وأنواعه في سؤالات عبدالله لأبيه في العلل المروية عن طريق عبدالله نع أبيه المهم منا ذكر تدليس العطف المشهور عنه وهو حدثنا فلان ويعطف عليه رجلا آخر لم يسمع عنه لكن هناك نوع من أنواع التدليس وهو أن يقول الراوي حدثنا فلان وفلان إما أن يسوق لفظ الحديث برواية أحدهما وإما أن يعطف عليه الإسناد الآخر فمثلا يكون أحد الراوين ضعيفا ويكون لفظه غير مستقيم والثاني يكون ثقة فيروي هذا الراوي الحديث ويذكر لفظ الضعيف وعندما يأتي الشخص الذي يريد أن يحكم على هذا الإسناد يقول : نعم هذا ضعيف لكن متابع بالثقة إذن الإسناد صحيح بينما هو ما هو بصحيح هذا اللفظ ليس لفظ الثقة وإنما لفظ هذا الضعيف ولكن بشرط أن يكون بين اللفظين تغاير يعني مثلا شعيب بن أبي حمزة من كبار الحفاظ لكن في روايته عن المنكدر فيها بعض النظر ولذلك الحفاظ حديثه عن ابن المنكدر عن جابر أن آخر الأمرين من رسول e ترك الوضوء مما مسته النار هذا اللفظ ليسبصحيح وقد أشار إلى هذا أبو داود وكذلك أن أصحاب ابن المنكدر وأصحاب جابر رووا هذا الحديث بغير هذا اللفظ رووا هذا الحديث بلفظ أن الرسول عليه الصلاة والسلام قدم له طعام فأكل منه ثم توضأ وقام لصلاة الظهر ثم قدم له طعام آخر فأكل منه وقام إلى صلاة العصر ولم يتوضأ هذا اللفظ الصحيح هذا اللفظ كما تلاحظون غير لفظ شعيب بن أبي حمزة لفظ شعيب بن أبي حمزة
    يستفاد منه أن الوضوء مما مسته النار منسوخ ولا يشرع الوضوء مما مسته النار بينما هذا الحديث يفيد أن الوضوء مما مسته النار ليس بواجب بل هذا مستحب وذلك أن الرسول e أمر بالوضوء مما مسته النار وثبت عنه في هذا الحديث أنه لم يتوضأ فدل هذا على أن هذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب وهذا ما ذهب إليه الإمام ابن تيمية في هذه المسألة رحمة لله عليه .
    الشاهد من هذا الحديث أن شعيب بن أبي حمزة فيما يبدو أخذ كتاب ابن المنكدر من ابن أبي فروة و ابن أبي فورة متروك ولذلك وقعت المنكرات في رواية شعيب عن ابن المنكدر بينما هذه ألفاظ ابن أبي فروة عن ابن المنكدر و ابن أبي فروة متروك فهذا النوع ينبغي الانتباه له فيما يتعلق بالإسناد يروي الراوي حديثا ويكون هذا الحديث ورد عن شيخين واحد مرسل وواحد متصل مثلما جاء في رواية أبي إسحاق السبيعي روى أبو إسحاق السبيعي عن عاصم بن أبي ضمرة عن الحارث بن عبدالله الأعور عن علي رضي الله عنه في زكاة الذهب
    رواية أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن(أبي) ضمرة مرسلة والحارث متصلة فجاء من رواه عن أبي إسحاق وبيّن هذا التفصيل وهناك من رواه ولم يذكر هذا التفصيل وقرن بين الروايتين وساقها بمساق واحد .
    ملحوظة : هنابداية الوجه الثاني وفيه سقط
    هل يدلس عن الثقة وإلا لا يدلس هل يدلس عن الثقات فقط دون الضعفاء أو لا ؟ سفيان بن عيينة يدلس لكن كثيرا ما يكون تدليسه عن الثقات وليس عن الضعفاء وإن كان له شيء يسير عن الضعفاء فإذا كان عن الثقات فيكون هذا غير ضابط .
    يعني مثل أوضح عن سفيان بن عيينة حميد بن أبي حميد الطويل أحيانا ليس عن أنس ولكن عن الذي بينه وبين أنس هل هم رواة غير معروفين وإلا معروفين ؟ الذي بينه وبين أنس ثابت البناني وبالتالي تدليسه عن أنس لو روى بالعنعنة أن هذا لا يضر لأن بينهما ثابت البناني
    إما ان يكون سمعه وهذا صحيح وانتهينا
    وإما أن يكون لم يسمعه وإنما سمعه من ثابت البناني وثابت البناني ثقة ثبت فلا يؤثر هذا التدليس فليس كل تدليس مؤثر في تدليس الإسناد فهذا أيضا ينتبه له .
    ثم إذا كان يدلس عن ضعفاء وعن ثقات هل هو مكثر من التدليس وإلا غير مكثر فإن كان مقلا فالأصل في روايته أنها محمولة على السماع و الاتصال إذا روى الراوي عن شخص سمع منه وأكثر عن الرواية عنه وروى عنه أحاديث وهو مقل من التدليس فالأصل أنهه محمول على السماع و الاتصال ولذلك عندما يعقوب بن شيبة السدوسي سأل يحيى بن معين قال الراوي المدلس إذا لم يصرح بالتحديث ماذا نفعل معه هل لا بد أن يصرح بالتحديث قال : ما دلّس فيه لا يحتج به . ما معنى ما دلس فيه ؟ يعني ما ثبت أنه دلس فيه أسقط راويا




    سنن الترمذي 2/25
    باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب 247 حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي أبو عبد الله العدني وعلي بن حجر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب قال وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة وأنس وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو
    قال أبو عيسى : حديث عبادة حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وغيرهم قالوا لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وقال علي بن أبي طالب كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق سمعت ابن أبي عمر يقول اختلفت إلى ابن عيينة ثمانية عشر سنة وكان الحميدي أكبر سنا مني وسمعت ابن أبي عمر يقول حججت سبعين حجة ماشيا على قدمي.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)


    وصلة دروس المُحدّث أبي عبد الرّحمن السّعد - حفظه الله ومتّع به - في « مباحث في الجرح والتعديل » :

    http://www.alukah.net/Lectures/Index.aspx?CategoryID=28


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    بارك الله في وقتك

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)


    جزاكم الله خيرا
    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    أحسن اللّه إليكم
    وجزاكم خيرًا أخانا الحبيب ابن رجب .

  9. #9

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شكرا لك أخي وبارك الله فيك ... فما أحوجنا إلى الدروس المفرغة عن كبار علمائنا، شريطة الضبط في التفريغ بلا زيادة أو نقصان، فظني أن طالب العلم أحوج إلى القراءة من الاستماع، اللهم إلا أن يكون مشافهة فالاستماع الاستماع

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمان أبو زيد مشاهدة المشاركة
    قال الأخ ( الدعاء .. الدعاء ) ـ حفظه اللّه تعالى ـ :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبعد : فهذا تفريغ لأشرطة مباحث في الجرح و التعديل للشيخ المحدث عبدالله السعد وهي في شرح مواضع من تتمة كتاب شرح العلل لابن رجب بعد كل درس منها درس عملي أمثلة تطبيقية من أحاديث العلل الكبير للترمذي
    هي عندي منذ زمن وأحببت أن أشرك الإخوةفي الفائدة
    وسبب تأخيري لنشرها ولشرح كتاب المنتقى وفيها شرح نحو 60 حديثا من أول الكتاب وهي عندي مطبوعة جاهزة أن شيخنا الشيخ عبدالرحمن الفقيه كان قد وعدنا بإخراج أشرطة الشيخ مكتوبة وأنا أدعوكم لمطالبته بإخراجها للإستفادة منها ونحن على استعداد للمشاركة مع شيخنا فيما يحتاجنا فيه .

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    أما بعد : فعندما شرح الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه كتاب العلل الصغير للترمذي. والترمذي له كتابان في العلل : العلل الكبير؛ وهذا في ذكر أحاديث معللة يرى أنها معللة وهذا الكتاب رُتِّب على الأبواب الفقهية فذكر الأحاديث التي هي معلولة في باب الطهارة ثم الصلاة وهكذا ، وله أيضا العلل الصغير ؛ تكلم على شرطه في كتابه الجامع وتكلم أيضا على جرح الرواة وتعديلهم وتكلم أيضا على بعض القضايا في الحديث من كون الحديث غريبا وما شابه ذلك فتكلم على بعض الاصطلاحات في كتابه الجامع ، والحافظ ابن رجب رحمة الله عليه شرح كتاب العلل الصغير وشرحه تبعا لشرحه لجامع الترمذي عندما انتهى من شرح جامع الترمذي شَرَحَ العللَ الصغير ولكن شرحه على الترمذي ضاع أو أكثره ضاع ولم يبق
    إلا أحاديث قد شرحها أو لم يبق منه إلا شيء يسير ، ومما بقي من هذا الشيء اليسير هو شرحه للعلل الصغير وهذا الكتاب من أنفس ما كتب في بيان طريقة
    المتقدمين فإن طريقته رحمة الله عليه أنه يذكر كلام الحفاظ ممن تقدم كلام الإمام أحمد أو ابن المديني أو يحيى بن معين أو البخاري أو مسلم أو أبو زرعة أو أبو حاتم وغيرهم من كبار الحفاظ ثم بعد ذلك يلخّص كلامهم ويقعّد القواعد ويفرّع التفريعات وكتابه كتاب نفيس وعندما انتهى من شرح العلل الصغير أتبعه بتتمة وفوائد وقواعد وضوابط يحتاج إليها طالب العلم المتخصص في الحديث .
    فذكر هذه التتمة وجعلها على قسمين :
    · أول فيما يتعلق بالرواة المشاهير وأصحابهم
    · ثم القسم الثاني فيما يتعلق بالرواة الثقات الذين ضعفوا في بعض حديثهم
    ثم ذكر بعض الفوائد والقواعد .
    وهذا القسم الأول الذي معنا فائدته عظيمة وذلك أنه ينبغي لطالب العلم في الحديث أنه يبدأ بالصحابة رضي الله تعالى عنهم ومعرفتهم ومعرفة أصحابهم لأن الحديث له طرق مسلوكة ؛ الصحابي له أصحاب والواحد من هؤلاء الأصحاب له أيضا أصحاب وهكذا.. فمثلا أبو هريرة له أصحاب كثر يروون عنه فينبغي معرفة هؤلاء الأصحاب ومن هو أثبت الناس في أبي هريرة ومن هو المكثر عنه ومن هو المقل حتى يعرف طالب العلم الحديثَ الصحيح من الضعيف ، الحديث المحفوظ من الشاذ ، والمعروف من المنكر ، ثم يعرف أيضا أصحاب هؤلاء الأصحاب
    § فمثلا أبو هريرة كما تقدم يروي عنه أناس كثر على رأسهم : أبو صالح ذكوان السمان ومحمد بن سيرين والأعرج عبدالرحمن بن هرمز وسعيد بن المسيب وعطاء بن رباح وهمام بن منبّه وغيرهم ممن يروي عن أبي هريرة وأغلب حديث أبي هريرة إنما يدور على هؤلاء ، وتجد الواحد من هؤلاء يروي عنه الكثير ثم بعد ذلك أيضا لهؤلاء أصحابٌ وتلاميذ
    § فمثلا أبو صالح ذكوان السمان له تلاميذ ، من هؤلاء التلاميذ الأعمش وقد روى عنه أكثر من ألف حديث وكذلك أيضا سهيل بن أبي صالح وقد أكثر عن أبيه
    § ثم مثلا محمد بن سيرين له تلاميذ وأصحاب منهم هشام بن حسان أكثَرَ عن محمد بن سيرين ومنهم أيضا أيوب بن أبي تميمة السختياني أكثر عن ابن سيرين وهكذا.
    § ثم إذا جئنا إلى عطاء بن أبي رباح نجد ابن جريج أكثر عن عطاء بن أبي رباح
    § مثلا إذا جئت إلى الأعرج عبدالرحمن بن هرمز نجد أيضا أن أبا الزناد عبدالله بن ذكوان قد أكثر عن الأ‘رج عبدالرحمن بن هرمز
    فهذه هي الطريقة المثلى لمعرفة الأسانيد التي تدور عليها الأحاديث الضعيفة.
    وفي الحقيقة إن علم الصناعة الحديثية والجرح والتعديل والشذوذ والعلة إنما هي مبنية على أمور منها هذا الأمر المهم وأن طالب العلم ينبغي أن لا يبتدئ من شيوخ البخاري ، من شيوخ الإمام أحمد ، وشيوخ أبي داود ، أو مثلا شيوخ أبي داود ، أو مثلا فوق هؤلاء شيوخ الطبراني أو الدارقطني أو البيهقي . لا . وإنما يبدأ بالصحابة وتلاميذ الصحابة وتلاميذ تلاميذ الصحابة وهكذا . فهؤلاء هم الذين تدور عليهم الأحاديث فلذلك الحافظ ابن رجب ذكر هؤلاء وذكر عبدالله بن عمرو وأنتم تعلمون أن عبدالله بن عمرو من المكثرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من الثلاثة بعد أبي هريرة ؛
    § فأبو هريرة روى أكثر من خمسة آلاف حديث
    § وبعده ثلاثة أنس وابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم
    § ثم بعد ذلك أبو سعيد وجابر بن عبدالله وابن عباس
    فهؤلاء هم أكثر من روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم فبدأ بأصحاب عبدالله بن عمر ثم ذكر أن لعبدالله بن عمر ذكر له أصحاب واختار منهم اثنين الذين هم أكثر أشهر من روى عن ابن عمر وهما سالم بن عبدالله بن عمر ونافع مولى عبدالله بن عبدالله بن عمر والحافظ ابن رجب يذكر أمثلة حتى أن طالب العلم يسير على هذه القواعد وهذه المناهج ولا يستقصي الحافظ ابن رجب وإنما ذكر أمثلة وذكر تقعيدات وعلى طالب العلم بالحديث أن يستوفي ما كان مثل هذه القواعد والتقعيدات والأمثلة ونحن بمشيئة الله في هذا الدرس سنمر على هذه الأشياء باختصار سنذكر بمشيئة الله الخلاصة وأهم شيء عندنا – لا يكن هم الواحد منا أن يعرف النتيجة، لا – وإنما لماذا ذكر ابن رجب هذه الأمثلة . كما ذكرت أن طالب العلم حتى يكون له مقدمة في الرجال يبدأ بالمشاهير الصحابة ثم مشاهير تلاميذ الصحابة ثم مشاهير تلاميذ هؤلاء التلاميذ وبالتالي بعد ذلك يكون قد أحاط بمجموعة كبيرة من الحديث ويكون أيضا عرف الأحاديث الصحيحة من الأحاديث المعلولة والأحاديث المحفوظة من الأحاديث السقيمة . فأقول هذا هو فائدة ذلك فينبغي الانتباه لهذا الشيء.
    فإذن عندنا الرواة على قسمين :
    · قسم مكثرين جدا من الرواية
    · وقسم مقلين ، وهذا يشمل الصحابة ويشمل من أتى من بعد الصحابة
    وكما تقدم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم المكثر ومنهم من هو المقل ومنهم من ليس له رواية هناك كثير من الصحابة ليس لهم رواية فعندما يعرف المكثر يهتم بالمكثر من حيث الصناعة الحديثية – وإلا فلا شك ينبغي معرفة الصحابة ومكانتهم وسيرتهم لكن نحن نتحدث الآن عما يتعلق بالصناعة الحديثية – ثم كذلك أيضا غير الصحابة كما ذكرنا من روى عن الصحابة وهلم جرا منهم من هو المكثر ومنهم من هو المقل فالمكثر نتعرف عليه ثم على تلاميذه ثم إذا تعرفنا على تلاميذه وتلاميذ تلاميذه نكون قد أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث والطرق وكثيرا ما يدور علم العلل على هذا الشيء فهذه فائدة ذكر ابن رجب لهذا القسم في كتابه شرح العلل .
    فهنا اختار عبدالله بن عمر كما تقدم وهو مكثر والرواة عن عبدالله بن عمر كثر لكن تجد أن هناك اثنين مكثرين عنه جدا وأغلب حديث ابن عمر يأتي من طريق هذين الاثنين ثم إن أيضا سالم ونافع . نافع روى أكثر بكثير من سالم فتعرف أصحاب سالم وأصحاب نافع وإذا عُرِفوا مئات الأحاديث نكون قد عرفناها . فهذا هو فائدة ذلك وبالتالي فإن هذا الأمر يقرب لك البعيد ويختصر لك الكثير بالقليل.
    عندما ذكر سالما ونافعا ذكر أنهما اختلفا في أحاديث – طبعا سالم ونافع اتفقا في أحاديث وهذا هو الأصل و اختلفا في أحاديث – ذكر أن أهل العم في الأحاديث التي اختلفا فيها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
    · قسم رجح سالما قال سالم أفقه من نافع وهو ابن لعبدالله بن عمر وأجلّ فيُقدّم .
    · وقسم قدّم نافعا قال لأن نافعا كثر جدا عن عبدالله بن عمر وهو قد روى أكثر من سالم بكثير لذلك قدم نافعا، وهذا ما مال إليه الإمام أحمد .
    · وقسم قال : من أتى بزيادة علم هو المقدم وهذا أيضا أحد أقوال الإمام أحمد وهذا هو الأرجح وهذا أيضا جاء عن يحيى بن معين . لماذا هذا هو الأرجح ؟ لأن كلا من سالم ونافع هم أئمة أجلاء فضلاء وفي هذه الحالة من يكون عنده زيادة علم فهو المقدم . لكن لو كان أحدهما أوثق من الآخر وأضبط وأحفظ ، فنقدم من ؟ نقدم الأحفظ . هذا الأمر على قسمين :
    · إما أن يكون هؤلاء المطلوب الترجيح بينهما كلاهما في درجة واحدة أو متقاربان من حيث الجلالة والإتقان والحفظ فهنا من عنده زيادة علم هو المقدم.
    · وقسم فيهم من هو أحفظ من الآخر . مثلا أصحاب أبي إسحاق السبيعي من أصحابه شعبة والثوري ومن أصحابه أيضا إسرائيل حفيده وزهير بن معاوية وزائدة بن قدامة . أثبت هؤلاء في أبي إسحاق هو إسرائيل ولذلك اعتمد عليه البخاري في حديث أبي إسحاق . لماذا اعتمد عليه البخاري؟ لأن أبا إسحاق السبيعي تدور عليه أحاديث كثيرة جدا فعندما يعرف أبو إسحاق السبيعي وتلاميذه ومن هو المقدّم فيهم أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث وبالتالي هذا البعيد قرب وهذا المنتشر اختصر فهذه فائدة ذلك ولذلك يخطئ الآن بعض طلبة العلم في الحديث قد يبدأ بشيوخ البيهقي أو شيوخ الطبراني . أنت إذا كنت ستبدأ بشيوخ البيهقي أو بشيوخ الطبراني وتنزل بعد ذلك لشيوخ شيوخه لن ينضبط لك الأمر وتحتاج إلى وقت طويل جدا لكن ابدأ بالصحابة وهكذا..
    فكما ذكرت إذن الرواة على قسمين إما أن يكون مكثرا أو يكون مقلا هذا المكثر يُهتم به ويُعرف أصحابه ثم إن هؤلاء الأصحاب إما أن يكونوا في درجة واحدة وإما أن يكونوا في درجات متباينة فإن كانوا في درجة واحدة فعندما يختلفان يقدم من معه زيادة علم وأما إذا كانوا في درجات متباينة فالأحفظ والأوثق هو المقدم .
    § فمثلا في أصحاب أبي إسحاق السبيعي لو خالف زائدة بن قدامة مثلا إسرائيل أو خالف مثلا سفيان الثوري وشعبة فلا شك أن سفيان الثوري أو شعبة أو إسرائيل يقدمون على زائدة بن قدامة . لكن عندما يكون شعبة والثوري هما الذين اختلفا وليس هناك دليل واضح يبين خطأ الواحد منهما فهنا يكون من معه زيادة علم هو المقدم لأنه حفظ.
    § مثلا في زيادة الإمام مالك في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي e فرض صدقة الفطر صاعا من طعام على الذكر والأنثى .. إلخ . زاد الإمام مالك قال: من المسلمين فقيدها بأهل الإسلام زيادته مقبولة لأن الإمام مالكا غاية في الحفظ والإتقان وقد تابعه أيضا غيره
    § لكن مثلا زيادة محمد بن عوف الحمصي في حديث علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر عن جابر "إنك لا تخلف الميعاد" هذه الزيادة شاذة لأن جمعا من الحفاظ قد رواها ولم يذكرها فهنا ينبغي الانتباه لهذا الأمر .
    ثم ذكر أحاديث .. ولعلي أتكلم على واحد حتى لا يطول بنا الكلام وإلا في الحقيقة هذا الكلام الذي ذكره ابن رجب يحتاج إلى شرح أكثر من هذا والكلام على الأحاديث يحتاج أيضا . لكن لعلنا نختصر حتى نأخذ المنهج والطريقة وهذا هو الأساس . أهم شيء يهتم به الإنسان هو المنهج والأساس حتى يعرف أن يسير أنت إذا عرفت المنهج والطريقة سرت وأما إذا كنت تحفظ الجزئيات ولا تعرف المنهج والطريقة إّن إذا ما كنت تحفظ هذا من قبل فلن تعرفه لكن إذا كان عندك المنهج والطريقة فحتى لو لم تكن تعرفه من قبل عندك منهج وطريقة تسير عليها.
    فلعلنا نأخذ حديثا من هذه الأحاديث فذكر ابن رجب رحمة الله عليه عن الإمام أحمد أن نافعا وقف في حديث "فيما سقت السماء العشر" هذا الحديث في الحقيقة قد جاء عن سالم من حديث الزهري عنه عن سالم عن ابن عمر أن الرسول e قال: "فيما سقت السماء العشر" وهذا مخرج في الصحيحين وجاء عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه من قوله فتجدون أن هناك اختلافا في رواية سالم عن ابن عمر أن هذا كلام الرسول e وأما في رواية نافع أن هذا من كلام عمر رضي الله عنه . وهنا قلنا بما أن سالما ونافعا في درجة واحدة إذن من كان معه علم فهو المقدم ولا شك أن الذي معه علم هنا إنما هو سالم لأنه قال عن ابن عمر عن الرسول e وطريق نافع لا نضعفه بل نقول أنه لا يستبعد أن عبدالله بن عمر قد حمل هذا عن الرسول e وأيضا حمل هذا عن والده عمر بن الخطاب وعمر أخذ هذا أيضا عن الرسول e لأن عمر لا يمكن أن يقول إن زكاة هذا الشيء كذا وكذا بدون توقيف من الرسول e فإذن لا اختلاف بين رواية سالم ونافع في هذه الطريقة التي ذكرناها وأن رواية سالم هي المقدمة لأن معه زيادة علم وحتى رواية نافع ليس هي خطأ أيضا لأن نافعا غاية في الجلالة ولا عندنا دليل في تضعيفه وقال الخليلي : أن نافعا لا يعرف أنه أخطأ.
    وكذلك في حديث "من باع عبدا له مال" وأيضا حديث "يخرج نار من قِبَل اليمن" أيضا الزهري رواه عن سالم عن ابن عمر عن الرسول عليه الصلاة والسلام ونافع جعله عن ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب فأيضا يقدّم قول سالم لأن معه زيادة علم .(ولعلنا نقتصر على هذا)
    ثم قال :" أصحاب نافع مولى ابن عمر" تلاحظون أن ابن رجب بدأ بعبدالله ابن عمر ثم بعد ذلك ذكر أصحابه ثم بعد ذلك نزل إلى أصحاب أصحابه الذين تدور عليهم الأحاديث وكما قلنا : لماذا ذكر هؤلاء ؟ لأن هؤلاء تدور عليهم الأحاديث . آلاف الأحاديث تدور على أصحاب نافع من
    § مالك كما قال البخاري : السلسلة الذهبية مالك عن نافع عن ابن عمر
    § ومن عبيدالله بن عمر
    § ومن أيوب عن نافع عن ابن عمر . وهكذا كما سوف يأتي .
    قال :" تقدم عن علي بن المديني رحمه الله أنه قسمهم سبع طبقات وذكر أن أعلاهم
    أيوب السختياني وعبيدالله بن عمر ومالك وعمر بن نافع "
    الأئمة كما تقدم أن في أصحاب الراوي المكثر من الحديث كما قلنا ينتبهون لأصحابه فيقسمونهم إلى طبقات . مَن هو الأحفظ والأتقن . فائدة هذا كما ذكرت قبل قليل عند الاختلاف . ويحصل اختلاف حتى يعرف ماهو الراجح من المرجوح وما هو المحفوظ من عدمه فهذا هو فائدة ذلك وإذا رجعتم إلى كتب العلل تجدون أنها مبنية على ذلك. تجدون أن كثيرا من الأحاديث المعللة إنما هي مبنية على ذلك وتجدون أيضا عندما يقول أبو حاتم وأبو زرعة هذا حديث باطل يأتي الواحد الذي ما عنده معرفة بهذا ينظر في الإسناد الإسناد كأنه صحيح وهو في الحقيقة معلول. لماذا هذا خفي عليه لأنه ما عرف طريقة الأئمة فتجد أن هذا الحديث تفرد به شخص وهو ليس معروفا بالرواية عن فلان
    § أعني مثلا سعيد بن بَشِير ليس من أصحاب قتادة . قتادة مكثر من الحديث روى عن قتادة عن خالد بن دُرَيك عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول e قال لأسماء : "إذا بلغت المرأة المحيض لم يصح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها " وأشار إلى الوجه والكفين . هذا الحديث إذا نظرنا إليه لوحده قد يأتي واحد يقول : هذا إسناد لا بأس به ، ويقول: له شاهد عند البيهقي من حديث أسماء بنت عميس إذن بالتالي حسن . وهو حديث باطل كل علة موجودة في الأرض موجودة في هذا الحديث . إذا جئت إلى هذا الحديث
    § أولا: أن الوليد بن مسلم قد رواه نع سعيد بن بشير والوليد بن مسلم معروف بالتدليس ولم يصرح بالتحديث
    § ثم إن سعيد بن بشير فيه ضعف وله منكرات كما تكلم فيه الإمام أحمد وغيره
    § ثم إن أصحاب قتادة الثقات خالفوه فأرسلوا الخبر.
    قتادة له أصحاب وهؤلاء على درجات :
    · الدرجة الأولى من أصحاب قتادة بن دعامة
    § أولا شعبة
    § وهشام الدستوائي
    § وسعيد بن أبي عروبة
    هؤلاء الثلاثة مقدمين في أصحاب قتادة.
    · ثم بعد ذلك يليهم
    § أبان بن يزيد
    § وهمام
    § وكذلك أيضا حماد بن سلمة
    · ثم بعد ذلك يليهم درجة أخرى :
    § سعيد بن بشير من أصحاب قتادة المتأخرين – المتأخرين في الحفظ والإتقان عن قتادة - .
    فأولا تفرد عن قتادة بهذا الإسناد بهذا اللفظ
    ثانيا أن أصحاب قتادة الثقات الحفاظ قد خالفوه فإّن أصبح هذا الحديث باطلا فهذا هو فائدة ذلك . لماذا قوّاه؟ ما نظر إلى هذه القضايا وهذه المسائل وإنما نظر إلى الإسناد لوحده وقال إن له أيضا شاهد . إذن هذا مع هذا أصبح حسنا وهو حديث باطل كما تقدم . أصحاب قتادة الثقات من سعيد بن أبي عروبة وغيره قد خالفوا سعيد بن بشير . وأنت عندما يجيء لك شخصان شخص يقول لك كذا والثاني يقول لا ما حصل هذا الأمر وإنما حصل كذا وكذا غير ما قلته. أنت تقدم من؟ أنت تقدم الأحفظ والمعروف عندك بالأمانة والنزاهة والثاني معروف عندك بالخطأ والوهم وعدم التثبت فكذلك هنا سعيد بن بشير رحمه الله ليس بالضابط ولا بالحافظ وله منكرات ثم إن قد عنعن عن خالد بن دريك وخالد بن دريك أيضا ليس بالمشهور وإن كان هناك من وثقه ولا يعرف له سماع عن عائشة وتفرد هو عن عائشة
    – أيضا إذا جئنا لأصحاب عائشة – عائشة رضي الله عنها مكثرة من الحديث ولها أصحاب . أصحابها المقدمون هم :
    · عروة بن الزبير الذي عائشة خالته
    · والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الذي عائشة عمته
    · وكذلك عَمرة بنت عبدالرحمن التي رُبِّيَت في حَجر عائشة
    · والأسود بن يزيد النخعي الذي تقول عنه عائشة رضي الله عنها : ما أحد في العراق أكرم عليّ من الأسود . فكان يأتي إذا جاء للحج ويسألها ويجالسها من خلف حجاب ويسمع منها ويستفيد منها رضي الله تعالى عنها فأين هؤلاء الملازمين لعائشة أين ابن أختها الملازم لها وسماع أحاديثها ، وأين ابن أخيها القاسم ، وأين من تربى في حجرها ، وأين من يأتي إليها ويسألها وهي تثني عليه ، ثم يأتي خالد بن دُرَيك - وهو من أهل الشام وعائشة مدنية وهو لم يسمع منها وليس مشهورا بالحديث وضبطِه وروايتِه – ويروي عنها هذا لاشك أنه باطل . أنت عندما واحد من أهل العلم درس لمدة طويلة خمسين سنة وما شابه ذلك ، وله أناس لازموه وجلسوا معه عشرين سنة وثلاثين سنة ونحو ذلك ثم يأتي واحد وينقل عن ذلك الشيخ نقلا غريبا وهو لا يُعرَف أنه جالسه إنما جاء له مرة أو مرتين بينما هناك من جالسه عشرين وثلاثين سنة . تقول إن هذا النقل ما هو بصحيح لو كان هذا النقل بالفعل صحيحا كان نقله أصحابه الذين مه الملازمون له حضرا وسفرا مثلا وقد يلازمونه أيضا حتى في بيته كما يلازمونه أيضا في درسه فتقول هذا الذي لا يعرف بالتتلمذ عن فلان ولا مصاحبته ولا مجالسته من أين أتى بهذا الشيء فتقول إن هذا خطأ ووهم فكذلك هنا خالد بن دريك ما هو بمعروف بمصاحبة عائشة ومجالستها والأخذ عنها بل هو لم يسمع منها وهو من أهل الشام فهذا يدلّ على بطلان هذا الخبر بطلانا واضحا ليس له أصل ، باطل بالمرة . ثم هناك من يقوّيه ! كمن كل هذا غفلوا عن المنهج الصحيح في منهج الصناعة الحديثية فصححوا أحاديث وهي باطلة وأبطلوا أحاديث وهي صحيحة فإذن لابد أن يعرف الإنسان المنهج الصحيح منهج من تقدّم من أهل الحديث هو المنهج الصحيح لا بد من معرفة هذا المنهج .
    فأقول : ابن رجب هنا يبين ذلك ثم بيّن فائدة هذا كما تقدم . طبعا لا شك أن أصحاب نافع المقدمين فيه :
    · مالك ، وهو من أتقن أصحاب نافع
    · وعبيدالله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أيضا مقدم جدا في نافع وهناك من قدمه حتى على مالك وكلهم في الذروة
    · كذلك أيضا ابن عون
    · و يحيى بن سعيد الأنصاري
    · وإسماعيل بن أمية
    وإن كان هؤلاء لا يتفاوتون . فتلاحظون أن ابن المديني قسّم هؤلاء إلى طبقات وذكر أن يحيى بن معين قد خالفهم في ذلك خالف علي بن المديني، و يحيى بن سعيد القطان أيضا له كلام قد خالف شيئا مما تقدم لكن تجد أن هناك اتفاقا بين هؤلاء الحفاظ على أناس مقدمين لا يختلف أن مالكا وأن عبيدالله بن عمر هؤلاء من المقدمين ولا يختلف أيضا أن أيوب السختياني وكذلك أيضا يحيى بن سعيد الأنصاري وعبدالله بن عون أن هؤلاء من المقدمين وإن كان الأول والثاني عبيدالله مع مالك هم مقدمون أكثر من الذين يلونهم وهم – كما ذكرت – يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب وكذلك أيضا عبدالله بن عون وهكذا .
    وعلّي أختصر أصحاب نافع إلى ثلاث طبقات فأقول:
    · الطبقة الأولى من أصحابه هم : عبيدالله ومالك
    · ثم الطبقة الثانية : عبدالله بن عون ، و يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب السختياني ، وابن جريج
    · ثم الطبقة الثالثة : موسى بن عقبة ، وإسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى ، والليث بن سعد
    هذه الطبقات الثلاث . إذا خالفت الطبقة الثالثة الطبقة الأولى فالأولى تقدم وتكون الطبقة الثالثة روايتها مرجوحة وشاذة ومعلولة وهكذا..
    بعد أن ذكر أصحاب نافع وقسمهم إلى أقسام ذكر هنا أصحاب عبدالله بن دينار- ولا زال هو في أصحاب عبدالله بن عمر- فبعد سالم ونافع يأتي عبدالله بن دينار في الإكثار عن عبدالله بن عمر . وجلّ حديث ابن عمر يدور على هؤلاء الثلاثة .
    قال أبو جعفر العقيلي : روى شعبة والثوري ومالك وابن عيينة عن عبدالله بن دينار أحاديث متقاربة عن شعبة نحو عشرين حديثا وعن الثوري نحو ثلاثين حديثا وعن مالك نحو ذلك وعن ابن عيينة بضعة عشر حديثا
    فأما رواية المشايخ عنه ففيها اضطراب "
    كلمة المشايخ أو الشيوخ عند أهل الحديث لها عدة تفسيرات تختلف باختلاف السياق ؛ إما أن تطلق كلمة شيخ أو تقيّد
    · إن قيّدت مثل : شيخ ثقة ، شيخ ضعيف فهذا واضح شيخ ثقة : ثقة ، شيخ ضعيف : ضعيف . هذا واضح .
    · أو تطلق ، إذا أطلقت فأحيانا السياق يقتضي أن المقصود بالشيخ هنا يعني هو الصدوق الذي لم يصل إلى درجة عالية من الحفظ والإتقان وهذا يكون معنى كلمة الشيخ في الطبقات أي عندما يبدأ بالطبقة الأولى : الحفاظ ، ويذكر الطبقة الثانية : الشيوخ ، أي أن هؤلاء الشيوخ ما وصلوا لدرجة الحفظ والإكثار وإنما هم أناس من أهل الصدق والعدالة وعندهم أيضا ضبط لكنهم ليسوا في الدرجة العليا من الإتقان والضبط هذا هو تفسير كلمة شيخ عندما تذكر الطبقات .فهنا قال :" فأما المشايخ " يعني الذين ليسوا مكثرين عن هذا الشيخ ولم يصلوا إلى درجة الإتقان عنه والضبط والحفظ
    · وأيضا للشيخ تفسير آخر عندما يقول أبو حاتم : فلان شيخ ، هذا في الغالب يكون معناها : ليس بالمشهور وفيه جهالة .
    فإذن كلمة شيخ لها عدة تفسيرات والسياق يبين بعض هذه التفسيرات .
    قال :" فأما رواية المشايخ عنه " المقصود هنا بالمشايخ الذين ما وصلوا لدرجة عالية من الإتقان والاضطراب ففيها اضطراب ثم ذكر منهم يحيى بن سعيد وعبدالعزيز الماجشون وسهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان ويزيد بن الهاد . هؤلاء الثلاثة في الحقيقة فيهم تفصيل أعني :
    · يحيى بن سعيد القطان هذا من المتقنين الحفاظ وكذلك يزيد بن الهاد .
    · لكن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان هم أيضا عندهم إتقان لكن الدرجة العليا فلا شك أن شعبة والثوري وابن عيينة ومالكا كلهم مقدمون على هذه الطبقة .
    قال :" وهؤلاء الثلاثة رووا عن عبدالله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة ولم يتابعهم أحد ممن سمينا من الأثبات ولم يتابع عبدالله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد " .
    هذا حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة والراوي لهذا الحديث عن أبي هريرة هو أبو صالح ذكوان السمان وأبو صالح له أصحاب وأصحابه هؤلاء على ثلاثة أقسام :
    · الدرجة العليا من أصحابه هم : الأعمش فهذا مكثر عن أبي صالح ، وكذلك عبدالله بن دينار معروف أيضا يروي عن أبي صالح فالعقيلي رحمة الله عليه يقول أن أبا صالح ما روى عنه جلّ أصحابه وإنما روى عن منهم عبدالله بن دينار ثم إن عبدالله بن دينار له أصحاب
    أصحاب عبدالله بن دينار الذين مه الطبقة الأولى وهم الثوري وشعبة ومالك وابن عيينة ما رووا هذا الحديث وإنما رواه الطبقة الثانية من يزيد بن الهاد ومن سهيل بن أبي صالح ومن سليمان بن بلال هؤلاء هم الذين رووا هذا الحديث . العقيلي رحمه الله كأنه – ما صرح تصريحا تاما – يعلل هذا الحديث ولا شك أن هذا الحديث صحيح وقد صححه الشيخان . والأمر ليس كما قال أبو جعفر العقيلي رحمة الله عليه بل رواه من أصحاب عبدالله بن دينار ممن هو في الدرجة العليا وإن كان هناك من هو أوثق منه ومنهم سليمان بن بلال ويزيد بن الهاد هؤلاء معروفون بالثقة واشتهروا بذلك ويفيدنا هذا أن الحفاظ تجد بينهم اختلافا في المنهج فمنهج أبي بكر البرديجي مثلا وأبي جعفر العقيلي غير منهج ابن المديني والبخاري طبعا هم يتفقون على أشياء كثيرة وهذا الغالب والأصل لكن هناك بعض الأمور التي يختلفون فيها ومما يختلفون فيه مسألة التفرد والشذوذ فعند البرديجي والعقيلي أن الطبقة الثانية إذا تفردوا بخبر فهو عندهم غير مقبول كما قال البرديجي .
    قال : قتادة من الحفاظ والرواة عنه على قسمين – يعني المتقدمين – فبدأ بهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وشعبة بن الحجاج
    ثم ذكر الطبقة الثانية : حماد بن سلمة وأبان بن يزيد وهمام . قال إن الطبقة الثانية إذا تفردوا بحديث ولم يجدوا من يتابعهم عليه فهذا منكر . عند البخاري وابن المديني هذا ليس منكرا بل يعتبرنه صحيحا ليس في الدرجة العليا من الصحة . ولا شك أن منهج البخاري وابن المديني أصح من منهج العقيلي . وهذا يفيدنا أيضا أن للمتقدمين منهج غير منهج كثير ممن تأخر وبالتالي علينا أن نعرف طريقة المتقدمين حتى نسلك طريقتهم كما تقدم التنبيه على هذا وليس كما يقول بعض الإخوان أن علم المصطلح واحد وأهل العلم كلهم لهم طريقة واحدة والاختلاف الذي حصل بينهم أنه من جهة أنه ما بلغهم بعض الأشياء وهناك من بلغه بعض الأشياء فهذا الذي أدى بهم إلى الاختلاف . لا . هذا ما هو بصحيح ؛ أكثر الاختلاف بينهم إنما هو من جهة المنهج والطريقة بلغتهم هذه الأشياء لكن هناك من يرى المنهج الصحيح خلاف ذلك . فهذه القضايا والمسائل ؛ معرفة الطبقات ، ومعرفة من الأثبت وكذا .. هذا كثير ممن تأخر لا يلتفت إليه بينما علم العلل والصناعة الحديثية قائمة على هذا . فلذلك ابن رجب نبّه على هذه الأمور والقضايا فإذن ما يقوله بعض الإخوان أن المنهج واحد هذا ما هو بصحيح وهذا ليس خاصا بعلم الحديث بل هو في كل العلوم وفي العقيدة هذا واضح عندنا منهج السلف ومنهج الخلف لكن لا يفهم أحد أن كل من تأخر فهو على منهج غير صحيح . لا . هذا ما هو بصحيح وإنما نحن ننبّه أنه لا بد أن نسير على منهج من تقدم مثل مسألة العقيدة نحن نرجو أن نكون على طريقة السلف وهذا نجزم به بحمد الله بالأدلة والبراهين طريقتهم طبعا في مسألة العلم والعمل أعني في مسألة الاعتقاد . فأقول : هذا موجود في العقيدة وموجود في علم الأصول وموجود في الفقه . انتم تعرفون أن طريقة من تقدم الاهتمام بالدليل والاعتماد على الكتاب والسنة والتفقه على ما جاء في الكتاب والسنة من نصوص ، ثم جاء من يختصر ولا يذكر الأدلة ويذكر المختصرات فظهر التقليد وانتشر وظهرت مسألة التعصب لكن لا يفهم أحد أنه خلاص ما نستفيد من الكتب المؤلفة على المذاهب .. لا شك أن هذه يستفاد منها لكن أنت أيضا اعرف الحق بدليله لا يأخذ الإنسان الشيء مسلما وإنما يبحث عن الدليل والبرهان ما كان دل عليه الدليل فهذا هو المقبول . فأقول : هذا ليس خاصا بالحديث عن المناهج وإنما في كل القضايا
    عندنا مثلا ابن تيمية وابن دقيق العيد في مسألة الفقه دون مسألة الاعتقاد فمسألة الاعتقاد واضحة لكن مسألة الفقه كلهم يشار إليه أنه بلغ درجة الاجتهاد ولكن لا شك أن منهج ابن تيمية أسدّ وأرجح وأصح فإذن يُسلك هذا المنهج الصحيح فهذا ليس خاصا بالحديث بل حتى في غيره .
    قال :" وحديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيح خرجه البخاري من طريق سليمان بن بلال وخرجه مسلم من طريق سهيل كلاهما عن عبدالله بن دينار ولا شك أن سليمان بن بلال هو من الطبقة الأولى من أصحاب عبدالله بن دينار وسهيل من الطبقة الثانية فهذا الحديث صحيح والمتابعات هذه تقوّي الخبر ورواه أيضا ابن الهاد وغيره .
    قال :" وقول العقيلي لم يُتابع عليه يشبه كلام القطان وأحمد والبرديجي الذي سب ذكره في أن الحديث إذا لم يُتابع راويه عليه فإنه يُتوقف فيه أو يكون منكرا وسبق شرح هذا هناك من الحفاظ ممن يشترط
    مثلا يحيى بن سعيد القطان ذكر له حديث رواه عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وهذا كما تقدم لنا قبل قليل في الدرجة العليا من الصحة فكأنه فكأنه توقف فعندما علم أن هناك من تابعه كعبدالله بن عمر أخو عبيدالله فهنا قَبِله . وأما منهج البخاري وابن المديني أن هذا مقبول وإنما هم إذا تفرد من الطبقة الثالثة يردّون تفردهم فإذن منهج البخاري وابن المديني هو الأصح
    قال :" وسبق أيضا كلام الإمام أحمد في النهي عن بيع الولاء وعن هبته "
    هذا الحديث رأى الإمام أحمد رحمه الله أنه موقوف وخرجه الشيخان مرفوعا ورجحوا الرفع وقد حصل فيه اختلاف بين عبدالله بن دينار ونافع ولا شك أن الرفع هو الراجح ذكره عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا ونافع لا . وعبدالله بن دينار من الطبقة العليا من أصحاب عبدالله بن عمر وزاد زيادة فهذه الزيادة تكون مقبولة .
    قال :" وقال البرديجي : حديث عبدالله بن دينار صحاح من حديث شعبة ومالك وسفيان الثوري ولم يزد على هذا ولم يذكر ابن عيينة معهم كما ذكره العقيلي "
    فكان البرديجي يرى الصحاح من حديث عبدالله بن دينار هم من روى عن عبدالله بن دينار من أصحاب الطبقة الأولى دون الطبقة الثانية وذكرنا أن القول الصحيح أن حتى الطبقة الثانية أيضا تعتبر صحيحة دون الطبقة الثالثة وأما كثير ممن تأخر لا يلتفتون لهذه الطبقات ويقبلون حتى من كان من الطبقة الرابعة وهذا ما هو بصحيح .
    قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى :
    " باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها حدثنا سفيان بن وكيع .. اسمه ..بن قِطعَة ".
    ذكرت بالأمس أن القراءة في أبواب الترمذي المقصود منها هو الناحية العملية التطبيقية . وكما ذكرت أن الناحية العملية تقرّب الأمر وأنه لابد من الجمع بين الناحية العملية والنظرية والعملية أكثر فعندما يُرجع إلى كتب الأئمة ويُقرأ فيها أو كتب التخاريج فينبغي للشخص أن ينظر كيف يتكلم الحفاظ على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا حتى يسلك الإنسان طريقتهم ويعرف منهجهم فهذا هو المقصود .
    قال أبو عيسى رحمه الله :" حدثنا سفيان بن وكيع "
    وسفيان بن وكيع هو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو محمد ولد وكيع بن الجراح وهو من الطبقة العاشرة وتوفي بعد 240 وخرج الترمذي لسفيان بن وكيع في نحو خمسين موضعا من كتابه . وسفيان بن وكيع لا يحتج به والسبب في هذا أنه كان له ورّاق يورّق له فكان يُدخل في حديثه ما ليس منه فنُصح سفيان بن وكيع ولم يقبل هذه النصيحة فلذلك سقط حديثه وتكلم فيه الحفاظ من أبي حاتم وغيره ولكن الترمذي رحمه الله – فأنا تتبعت أكثر هذه الأحاديث – وجدتها إما تكون مروية من طرق أخرى عند الترمذي أو عند غيره أو تكون العلة ليست منه وهذا يدل على مكانة الترمذي في الصناعة الحديثية رحمة الله عليه فسفيان بن وكيع لا يحتج به لكن هذا الحديث كما سوف يأتي
    قال :" حدثنا محمد بن فضيل "
    § و محمد بن فضيل ثقة وله بعض الأوهام وتوفي عام 195 وقد خرج له الجماعة
    § عن أبي سفيان طريف بن شهاب وقيل بن سعد السعدي وهو من السادسة وطريف السعدي
    أبو سفيان ضعيف وشبه المتروك
    § عن أبي نضرة وهوه المنذر بن مالك بن قطعة العوفي البصري وأبو نضرة ثقة من الطبقة الثالثة وتوفي في عام 108 وقد خرج له مسلم وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله e "مفتاح الصلاة الطهور" .
    هذا الحديث بهذا الإسناد لا يصح وفيه أكثر من علة :
    · فيه سفيان بن وكيع وإن كان الترمذي قد انتقى حديثه
    · وفيه أبو سفيان طريف السعدي شبه متروك
    ولكن هذا الحديث قد رواه الترمذي كما ذكر هذا أنه جاء من طريق علي بن أبي طالب وقد ذكره الترمذي في أول كتابه فروى حديث علي بن أبي طالب من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن منذر الثوري عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهذا الإسناد إسناد صالح فيه عبدالله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف ولكن هناك من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل أحاديث كثيرة صحيحة و عبدالله بن محمد بن عقيل من الرواة الذين يقال عنهم أن كل حديث يحكم عليه على حسب ما يليق بحاله لأن هناك رواة لهم أحاديث صحيحة ولمه أحاديث ضعيفة وهناك رواة الغالب عليهم استقامة حديثهم فالأصل قبول حديثهم وهناك رواة الغالب عليهم الخطأ فيكون الأصل ردّ حديثهم . وابن عقيل من هذه الطبقة - والتقسيم والتفصيل من طريقة من تقدم من الحفاظ من الأئمة السابقين – فهذا من الأحاديث القوية من حديث ابن عقيل . طبعا ابن عقيل له أحاديث منكرة
    § من هذه الأحاديث المنكرة أن الرسول e كُفِّنَ في سبعة أثواب . هذا منكر والصواب ما جاء في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة أن الرسول e كفن في ثلاثة أثواب ليس سبعة فهذا مما أُنكر على ابن عقيل
    § وأيضا روى من طريق الربيِّع بنت معوِّذ أن الرسول e مسح على رأسه مرتين وهذا يخالف ما جاء في حديث عمران عن عثمان وحديث عبدالله بن زيد وحديث علي وغيرها أن الرسول e مسح مرة واحدة فأخطأ ابن عقيل في ذلك
    وله أحاديث أخرى كما تقدم أنها ثابتة ومنها هذا الحديث والدليل على ثبوته أن له شواهد
    § ومن هذه الشواهد ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري
    § ومن الشواهد ما جاء في حديث جابر رواية أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن جابر
    § وأيضا جاء موقوفا نحو هذا الخبر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
    فهذه الأحاديث تشهد لحديث علي فحديث علي لا بأس بإسناده . وأفاد أبو عيسى أن هذا الحديث ليس بصحيح كما بيّن علته وقال إن حديث علي أجود إسنادا وأصح .
    ومن فوائد كتاب جامع الترمذي أن أبا عيسى يبين كل حديث يتكلم عليه فتكلم على حديث فيتكلم عليه من الناحية الإسنادية ثم يتكلم عليه من حيث الفقه وما يستفاد منه فذكر في مسألة الدخول إلى الصلاة لا يكون إلا بالتكبير وهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم . خلاصة أقوالهم :
    § أن هناك من يرى أن الصلاة لا يدخل فيها إلا بلفظ "الله أكبر" فقط لا غير . وهذا ما ذهب إليه عبدالرحمن بن مهدي و الإمام أحمد وغيرهم
    § وهناك من يقول : كل لفظ فيه تعظيم لله جل وعلا يمكن أن يُدخل للصلاة به كما نُقل عن أبي حنيفة وأصحابه يعني لو قال : الله العظيم ، الله الكبير ، الرحمن الرحيم ..إلخ لا بأس
    ولا شك أن القول الأول هو الصحيح والدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح وأيضا السنة العملية التي جاءت عن الرسول e وأنه ماكان يقول غير الله أكبر
    وأيضا هذا الحديث يفيد أن الصلاة لا تكون إلا بطهارة وهذا محل إجماع ولكن بعض أهل العلم قال : بعض الصلوات يعني صلاة الجنازة نُقل عن الإمام الشعبي أن الجنازة ليست بصلاة فلا يشترط لها الوضوء لكن سميت بالنصوص الشرعية صلاة وإذا كانت صلاة فلا بد لها من طهارة
    وأيضا في مسألة تحليلها التسليم هذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم
    § فهناك من يرى أن الصلاة لا يُخرَج منها إلا بسلام وهذا مذهب جمهور أهل العلم
    § وهناك من يرى أن الصلاة يخرج منها بالسلام وبغيره كل فعل ينافي الصلاة يمكن أن تنتهي الصلاة به ويخرج منها من خلاله هذا نُقل عن الحنفية
    ولا شك أن المذهب الأول هو الصحيح ولدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح والسنة العملية وأن الرسول e والصحابة كانوا يخرجون من صلاتهم بالتسليم
    والتسليمة الأولى ركن والثانية مستحبة وقد نقل ابن المنذر الإجماع على هذا ولكن وقع في هذا خلاف ، والأصح ما نقل ابن رجب في " فتح الباري شرح البخاري" إجماع الصحابة فقط فقد يكون ابن المنذر قصده إجماع الصحابة فأهل العلم وقع بينهم خلاف لكن الصحابة لم ينقل بينهم اختلاف أنهم كانوا أحيانا يكتفون بالتسليمة الواحدة . نعم جاءت أحاديث كثيرة أن الرسول e كان يقتصر على تسليمة واحدة لكن المرفوعة لا يصح منها شيء وإنما الذي ثبت عن الصحابة والمرفوعة ضعفها ابن المديني وضعفها كذلك العقيلي والدارقطني وابن عبدالبر وغيرهم من الحفاظ وإنما هذا ثبت عن الصحابة فالصحابة مجمعون ثبت عن أنس وعن عائشة وغيرهم أنهم اكتفوا بتسليمة واحدة .
    وهذا يفيد أن المفتاح على قسمين حسي ومعنوي الحسي معروف والمعنوي : الدين له مفتاح وهو لا إله إلا الله ، والصلاة لها مفتاح وهو الطهارة ، وكذلك الصلاة تفتتح بالتكبير فالمفاتيح حسية ومعنوية .
    وذكر أبو عيسى الترمذي رحمه الله أن أبا نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطعة وهو ثقة من الثالثة وأبو عيسى أحيانا يتكلم على الأحاديث وعلى الرجال والرواة وهذا كله مما يُرَجّح به كتابه ومما يستفاد من كتابه ولذلك ينبغي القراءة في كتب السنة .
    قال باب في نشر الأصابع عند التكبير " ثم قال :" حدثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج "
    § قتيبة هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف أبو رجاء الثقفي وهو ثقة ثبت مكثر من الحديث وتوفي في عام 240 وليس في الكتب الستة من اسمه قتيبة إلا هذا . وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة .
    § وأبو سعيد الأشج هو عبدالله بن سعيد الكندي الكوفي وهو ثقة وتوفي عام 257 وقد خرّج له الجماعة .
    § "قال حدثنا يحيى بن اليمان" ويحيى بن اليمان هو العجلي أبو زكريا فيه ضعف له أخطاء وأوهام تكلم فيه يعقوب بن شيبة وغيره .
    § "عن ابن أبي ذئب" وهو محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن الحارث القرشي العامري وهو من الطبقة السابعة وتوفي في عام 159 وقد خرج له الجماعة وهو منك بار الأئمة والحفاظ والفقهاء والعلماء .
    § "عن سعيد بن سمعان" قيل : سَمعان و سِمعان والمشهور بالكسر ، وسعيد بن سمعان المدني ثقة .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله e :" إذا كبَّر للصلاة نشر أصابعه " . قل أبو عيسى : حديث أبي هريرة قد رواه غير واحد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة أن النبي e كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدّا . وهو أصح من رواية ابن اليمان في رواية هذا الحديث
    ثم قال :
    § حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن وهو الدارمي صاحب السنن وهو من الحفاظ .
    § قال أخبرنا عبيدالله بن عبدالمجيد وهو الحنفي وهو ثقة توفي بعد المئتين
    عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : كان رسول الله e إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدّا .
    وهذا هو الصحيح ونشر أصابعه يعني فتحهنّ وإن كان بعض أهل العلم يقول : إن النشر هو خلاف الضم ( الضم هكذا والنشر هكذا وأما هكذا فيقال تفريق )
    لكن لا شك أن رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وهناك من تابعه أصح من رواية يحيى بن اليمان الذي فيه ضعف ولين . فتُقدّم رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وأنه فتح أصابعه وأن السنة في التكبير يكون (هكذا) إلى حذو المنكبين أو إلى حذو الأذنين وليس (هكذا) كما يفعل بعض الناس أو يمسك بإبهاميه شحمة أذنيه . وإنما يرفع يديه مدّا يستقبل بهما القبلة هذه هي السنة في ذلك .
    وهذا الحديث إسناده صحيح من حديث عبيدالله بن عبدالمجيد الحنفي عن ابن أبي ذئب بخلاف الرواية السابقة فإن فيها ضعفا والحديث إذا كان مخرجه واحدا واختلفت الألفاظ يُرَجّح اللفظ الذي جاء بإسناد أصح كما ذكرنا قبل قليل فيما ذكره أبو عيسى الترمذي رحمة الله عليه .
    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    جزاكم اللة خيرا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    4

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكرا لك ..(

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    4

    Arrow رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمان أبو زيد مشاهدة المشاركة
    قال الأخ ( الدعاء .. الدعاء ) ـ حفظه اللّه تعالى ـ :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبعد : فهذا تفريغ لأشرطة مباحث في الجرح و التعديل للشيخ المحدث عبدالله السعد وهي في شرح مواضع من تتمة كتاب شرح العلل لابن رجب بعد كل درس منها درس عملي أمثلة تطبيقية من أحاديث العلل الكبير للترمذي
    هي عندي منذ زمن وأحببت أن أشرك الإخوةفي الفائدة
    وسبب تأخيري لنشرها ولشرح كتاب المنتقى وفيها شرح نحو 60 حديثا من أول الكتاب وهي عندي مطبوعة جاهزة أن شيخنا الشيخ عبدالرحمن الفقيه كان قد وعدنا بإخراج أشرطة الشيخ مكتوبة وأنا أدعوكم لمطالبته بإخراجها للإستفادة منها ونحن على استعداد للمشاركة مع شيخنا فيما يحتاجنا فيه .

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    أما بعد : فعندما شرح الحافظ ابن رجب رحمة الله عليه كتاب العلل الصغير للترمذي. والترمذي له كتابان في العلل : العلل الكبير؛ وهذا في ذكر أحاديث معللة يرى أنها معللة وهذا الكتاب رُتِّب على الأبواب الفقهية فذكر الأحاديث التي هي معلولة في باب الطهارة ثم الصلاة وهكذا ، وله أيضا العلل الصغير ؛ تكلم على شرطه في كتابه الجامع وتكلم أيضا على جرح الرواة وتعديلهم وتكلم أيضا على بعض القضايا في الحديث من كون الحديث غريبا وما شابه ذلك فتكلم على بعض الاصطلاحات في كتابه الجامع ، والحافظ ابن رجب رحمة الله عليه شرح كتاب العلل الصغير وشرحه تبعا لشرحه لجامع الترمذي عندما انتهى من شرح جامع الترمذي شَرَحَ العللَ الصغير ولكن شرحه على الترمذي ضاع أو أكثره ضاع ولم يبق
    إلا أحاديث قد شرحها أو لم يبق منه إلا شيء يسير ، ومما بقي من هذا الشيء اليسير هو شرحه للعلل الصغير وهذا الكتاب من أنفس ما كتب في بيان طريقة
    المتقدمين فإن طريقته رحمة الله عليه أنه يذكر كلام الحفاظ ممن تقدم كلام الإمام أحمد أو ابن المديني أو يحيى بن معين أو البخاري أو مسلم أو أبو زرعة أو أبو حاتم وغيرهم من كبار الحفاظ ثم بعد ذلك يلخّص كلامهم ويقعّد القواعد ويفرّع التفريعات وكتابه كتاب نفيس وعندما انتهى من شرح العلل الصغير أتبعه بتتمة وفوائد وقواعد وضوابط يحتاج إليها طالب العلم المتخصص في الحديث .
    فذكر هذه التتمة وجعلها على قسمين :
    · أول فيما يتعلق بالرواة المشاهير وأصحابهم
    · ثم القسم الثاني فيما يتعلق بالرواة الثقات الذين ضعفوا في بعض حديثهم
    ثم ذكر بعض الفوائد والقواعد .
    وهذا القسم الأول الذي معنا فائدته عظيمة وذلك أنه ينبغي لطالب العلم في الحديث أنه يبدأ بالصحابة رضي الله تعالى عنهم ومعرفتهم ومعرفة أصحابهم لأن الحديث له طرق مسلوكة ؛ الصحابي له أصحاب والواحد من هؤلاء الأصحاب له أيضا أصحاب وهكذا.. فمثلا أبو هريرة له أصحاب كثر يروون عنه فينبغي معرفة هؤلاء الأصحاب ومن هو أثبت الناس في أبي هريرة ومن هو المكثر عنه ومن هو المقل حتى يعرف طالب العلم الحديثَ الصحيح من الضعيف ، الحديث المحفوظ من الشاذ ، والمعروف من المنكر ، ثم يعرف أيضا أصحاب هؤلاء الأصحاب
    § فمثلا أبو هريرة كما تقدم يروي عنه أناس كثر على رأسهم : أبو صالح ذكوان السمان ومحمد بن سيرين والأعرج عبدالرحمن بن هرمز وسعيد بن المسيب وعطاء بن رباح وهمام بن منبّه وغيرهم ممن يروي عن أبي هريرة وأغلب حديث أبي هريرة إنما يدور على هؤلاء ، وتجد الواحد من هؤلاء يروي عنه الكثير ثم بعد ذلك أيضا لهؤلاء أصحابٌ وتلاميذ
    § فمثلا أبو صالح ذكوان السمان له تلاميذ ، من هؤلاء التلاميذ الأعمش وقد روى عنه أكثر من ألف حديث وكذلك أيضا سهيل بن أبي صالح وقد أكثر عن أبيه
    § ثم مثلا محمد بن سيرين له تلاميذ وأصحاب منهم هشام بن حسان أكثَرَ عن محمد بن سيرين ومنهم أيضا أيوب بن أبي تميمة السختياني أكثر عن ابن سيرين وهكذا.
    § ثم إذا جئنا إلى عطاء بن أبي رباح نجد ابن جريج أكثر عن عطاء بن أبي رباح
    § مثلا إذا جئت إلى الأعرج عبدالرحمن بن هرمز نجد أيضا أن أبا الزناد عبدالله بن ذكوان قد أكثر عن الأ‘رج عبدالرحمن بن هرمز
    فهذه هي الطريقة المثلى لمعرفة الأسانيد التي تدور عليها الأحاديث الضعيفة.
    وفي الحقيقة إن علم الصناعة الحديثية والجرح والتعديل والشذوذ والعلة إنما هي مبنية على أمور منها هذا الأمر المهم وأن طالب العلم ينبغي أن لا يبتدئ من شيوخ البخاري ، من شيوخ الإمام أحمد ، وشيوخ أبي داود ، أو مثلا شيوخ أبي داود ، أو مثلا فوق هؤلاء شيوخ الطبراني أو الدارقطني أو البيهقي . لا . وإنما يبدأ بالصحابة وتلاميذ الصحابة وتلاميذ تلاميذ الصحابة وهكذا . فهؤلاء هم الذين تدور عليهم الأحاديث فلذلك الحافظ ابن رجب ذكر هؤلاء وذكر عبدالله بن عمرو وأنتم تعلمون أن عبدالله بن عمرو من المكثرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من الثلاثة بعد أبي هريرة ؛
    § فأبو هريرة روى أكثر من خمسة آلاف حديث
    § وبعده ثلاثة أنس وابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم
    § ثم بعد ذلك أبو سعيد وجابر بن عبدالله وابن عباس
    فهؤلاء هم أكثر من روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم فبدأ بأصحاب عبدالله بن عمر ثم ذكر أن لعبدالله بن عمر ذكر له أصحاب واختار منهم اثنين الذين هم أكثر أشهر من روى عن ابن عمر وهما سالم بن عبدالله بن عمر ونافع مولى عبدالله بن عبدالله بن عمر والحافظ ابن رجب يذكر أمثلة حتى أن طالب العلم يسير على هذه القواعد وهذه المناهج ولا يستقصي الحافظ ابن رجب وإنما ذكر أمثلة وذكر تقعيدات وعلى طالب العلم بالحديث أن يستوفي ما كان مثل هذه القواعد والتقعيدات والأمثلة ونحن بمشيئة الله في هذا الدرس سنمر على هذه الأشياء باختصار سنذكر بمشيئة الله الخلاصة وأهم شيء عندنا – لا يكن هم الواحد منا أن يعرف النتيجة، لا – وإنما لماذا ذكر ابن رجب هذه الأمثلة . كما ذكرت أن طالب العلم حتى يكون له مقدمة في الرجال يبدأ بالمشاهير الصحابة ثم مشاهير تلاميذ الصحابة ثم مشاهير تلاميذ هؤلاء التلاميذ وبالتالي بعد ذلك يكون قد أحاط بمجموعة كبيرة من الحديث ويكون أيضا عرف الأحاديث الصحيحة من الأحاديث المعلولة والأحاديث المحفوظة من الأحاديث السقيمة . فأقول هذا هو فائدة ذلك فينبغي الانتباه لهذا الشيء.
    فإذن عندنا الرواة على قسمين :
    · قسم مكثرين جدا من الرواية
    · وقسم مقلين ، وهذا يشمل الصحابة ويشمل من أتى من بعد الصحابة
    وكما تقدم أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم المكثر ومنهم من هو المقل ومنهم من ليس له رواية هناك كثير من الصحابة ليس لهم رواية فعندما يعرف المكثر يهتم بالمكثر من حيث الصناعة الحديثية – وإلا فلا شك ينبغي معرفة الصحابة ومكانتهم وسيرتهم لكن نحن نتحدث الآن عما يتعلق بالصناعة الحديثية – ثم كذلك أيضا غير الصحابة كما ذكرنا من روى عن الصحابة وهلم جرا منهم من هو المكثر ومنهم من هو المقل فالمكثر نتعرف عليه ثم على تلاميذه ثم إذا تعرفنا على تلاميذه وتلاميذ تلاميذه نكون قد أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث والطرق وكثيرا ما يدور علم العلل على هذا الشيء فهذه فائدة ذكر ابن رجب لهذا القسم في كتابه شرح العلل .
    فهنا اختار عبدالله بن عمر كما تقدم وهو مكثر والرواة عن عبدالله بن عمر كثر لكن تجد أن هناك اثنين مكثرين عنه جدا وأغلب حديث ابن عمر يأتي من طريق هذين الاثنين ثم إن أيضا سالم ونافع . نافع روى أكثر بكثير من سالم فتعرف أصحاب سالم وأصحاب نافع وإذا عُرِفوا مئات الأحاديث نكون قد عرفناها . فهذا هو فائدة ذلك وبالتالي فإن هذا الأمر يقرب لك البعيد ويختصر لك الكثير بالقليل.
    عندما ذكر سالما ونافعا ذكر أنهما اختلفا في أحاديث – طبعا سالم ونافع اتفقا في أحاديث وهذا هو الأصل و اختلفا في أحاديث – ذكر أن أهل العم في الأحاديث التي اختلفا فيها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
    · قسم رجح سالما قال سالم أفقه من نافع وهو ابن لعبدالله بن عمر وأجلّ فيُقدّم .
    · وقسم قدّم نافعا قال لأن نافعا كثر جدا عن عبدالله بن عمر وهو قد روى أكثر من سالم بكثير لذلك قدم نافعا، وهذا ما مال إليه الإمام أحمد .
    · وقسم قال : من أتى بزيادة علم هو المقدم وهذا أيضا أحد أقوال الإمام أحمد وهذا هو الأرجح وهذا أيضا جاء عن يحيى بن معين . لماذا هذا هو الأرجح ؟ لأن كلا من سالم ونافع هم أئمة أجلاء فضلاء وفي هذه الحالة من يكون عنده زيادة علم فهو المقدم . لكن لو كان أحدهما أوثق من الآخر وأضبط وأحفظ ، فنقدم من ؟ نقدم الأحفظ . هذا الأمر على قسمين :
    · إما أن يكون هؤلاء المطلوب الترجيح بينهما كلاهما في درجة واحدة أو متقاربان من حيث الجلالة والإتقان والحفظ فهنا من عنده زيادة علم هو المقدم.
    · وقسم فيهم من هو أحفظ من الآخر . مثلا أصحاب أبي إسحاق السبيعي من أصحابه شعبة والثوري ومن أصحابه أيضا إسرائيل حفيده وزهير بن معاوية وزائدة بن قدامة . أثبت هؤلاء في أبي إسحاق هو إسرائيل ولذلك اعتمد عليه البخاري في حديث أبي إسحاق . لماذا اعتمد عليه البخاري؟ لأن أبا إسحاق السبيعي تدور عليه أحاديث كثيرة جدا فعندما يعرف أبو إسحاق السبيعي وتلاميذه ومن هو المقدّم فيهم أحطنا بمجموعة كبيرة من الأحاديث وبالتالي هذا البعيد قرب وهذا المنتشر اختصر فهذه فائدة ذلك ولذلك يخطئ الآن بعض طلبة العلم في الحديث قد يبدأ بشيوخ البيهقي أو شيوخ الطبراني . أنت إذا كنت ستبدأ بشيوخ البيهقي أو بشيوخ الطبراني وتنزل بعد ذلك لشيوخ شيوخه لن ينضبط لك الأمر وتحتاج إلى وقت طويل جدا لكن ابدأ بالصحابة وهكذا..
    فكما ذكرت إذن الرواة على قسمين إما أن يكون مكثرا أو يكون مقلا هذا المكثر يُهتم به ويُعرف أصحابه ثم إن هؤلاء الأصحاب إما أن يكونوا في درجة واحدة وإما أن يكونوا في درجات متباينة فإن كانوا في درجة واحدة فعندما يختلفان يقدم من معه زيادة علم وأما إذا كانوا في درجات متباينة فالأحفظ والأوثق هو المقدم .
    § فمثلا في أصحاب أبي إسحاق السبيعي لو خالف زائدة بن قدامة مثلا إسرائيل أو خالف مثلا سفيان الثوري وشعبة فلا شك أن سفيان الثوري أو شعبة أو إسرائيل يقدمون على زائدة بن قدامة . لكن عندما يكون شعبة والثوري هما الذين اختلفا وليس هناك دليل واضح يبين خطأ الواحد منهما فهنا يكون من معه زيادة علم هو المقدم لأنه حفظ.
    § مثلا في زيادة الإمام مالك في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي e فرض صدقة الفطر صاعا من طعام على الذكر والأنثى .. إلخ . زاد الإمام مالك قال: من المسلمين فقيدها بأهل الإسلام زيادته مقبولة لأن الإمام مالكا غاية في الحفظ والإتقان وقد تابعه أيضا غيره
    § لكن مثلا زيادة محمد بن عوف الحمصي في حديث علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر عن جابر "إنك لا تخلف الميعاد" هذه الزيادة شاذة لأن جمعا من الحفاظ قد رواها ولم يذكرها فهنا ينبغي الانتباه لهذا الأمر .
    ثم ذكر أحاديث .. ولعلي أتكلم على واحد حتى لا يطول بنا الكلام وإلا في الحقيقة هذا الكلام الذي ذكره ابن رجب يحتاج إلى شرح أكثر من هذا والكلام على الأحاديث يحتاج أيضا . لكن لعلنا نختصر حتى نأخذ المنهج والطريقة وهذا هو الأساس . أهم شيء يهتم به الإنسان هو المنهج والأساس حتى يعرف أن يسير أنت إذا عرفت المنهج والطريقة سرت وأما إذا كنت تحفظ الجزئيات ولا تعرف المنهج والطريقة إّن إذا ما كنت تحفظ هذا من قبل فلن تعرفه لكن إذا كان عندك المنهج والطريقة فحتى لو لم تكن تعرفه من قبل عندك منهج وطريقة تسير عليها.
    فلعلنا نأخذ حديثا من هذه الأحاديث فذكر ابن رجب رحمة الله عليه عن الإمام أحمد أن نافعا وقف في حديث "فيما سقت السماء العشر" هذا الحديث في الحقيقة قد جاء عن سالم من حديث الزهري عنه عن سالم عن ابن عمر أن الرسول e قال: "فيما سقت السماء العشر" وهذا مخرج في الصحيحين وجاء عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه من قوله فتجدون أن هناك اختلافا في رواية سالم عن ابن عمر أن هذا كلام الرسول e وأما في رواية نافع أن هذا من كلام عمر رضي الله عنه . وهنا قلنا بما أن سالما ونافعا في درجة واحدة إذن من كان معه علم فهو المقدم ولا شك أن الذي معه علم هنا إنما هو سالم لأنه قال عن ابن عمر عن الرسول e وطريق نافع لا نضعفه بل نقول أنه لا يستبعد أن عبدالله بن عمر قد حمل هذا عن الرسول e وأيضا حمل هذا عن والده عمر بن الخطاب وعمر أخذ هذا أيضا عن الرسول e لأن عمر لا يمكن أن يقول إن زكاة هذا الشيء كذا وكذا بدون توقيف من الرسول e فإذن لا اختلاف بين رواية سالم ونافع في هذه الطريقة التي ذكرناها وأن رواية سالم هي المقدمة لأن معه زيادة علم وحتى رواية نافع ليس هي خطأ أيضا لأن نافعا غاية في الجلالة ولا عندنا دليل في تضعيفه وقال الخليلي : أن نافعا لا يعرف أنه أخطأ.
    وكذلك في حديث "من باع عبدا له مال" وأيضا حديث "يخرج نار من قِبَل اليمن" أيضا الزهري رواه عن سالم عن ابن عمر عن الرسول عليه الصلاة والسلام ونافع جعله عن ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب فأيضا يقدّم قول سالم لأن معه زيادة علم .(ولعلنا نقتصر على هذا)
    ثم قال :" أصحاب نافع مولى ابن عمر" تلاحظون أن ابن رجب بدأ بعبدالله ابن عمر ثم بعد ذلك ذكر أصحابه ثم بعد ذلك نزل إلى أصحاب أصحابه الذين تدور عليهم الأحاديث وكما قلنا : لماذا ذكر هؤلاء ؟ لأن هؤلاء تدور عليهم الأحاديث . آلاف الأحاديث تدور على أصحاب نافع من
    § مالك كما قال البخاري : السلسلة الذهبية مالك عن نافع عن ابن عمر
    § ومن عبيدالله بن عمر
    § ومن أيوب عن نافع عن ابن عمر . وهكذا كما سوف يأتي .
    قال :" تقدم عن علي بن المديني رحمه الله أنه قسمهم سبع طبقات وذكر أن أعلاهم
    أيوب السختياني وعبيدالله بن عمر ومالك وعمر بن نافع "
    الأئمة كما تقدم أن في أصحاب الراوي المكثر من الحديث كما قلنا ينتبهون لأصحابه فيقسمونهم إلى طبقات . مَن هو الأحفظ والأتقن . فائدة هذا كما ذكرت قبل قليل عند الاختلاف . ويحصل اختلاف حتى يعرف ماهو الراجح من المرجوح وما هو المحفوظ من عدمه فهذا هو فائدة ذلك وإذا رجعتم إلى كتب العلل تجدون أنها مبنية على ذلك. تجدون أن كثيرا من الأحاديث المعللة إنما هي مبنية على ذلك وتجدون أيضا عندما يقول أبو حاتم وأبو زرعة هذا حديث باطل يأتي الواحد الذي ما عنده معرفة بهذا ينظر في الإسناد الإسناد كأنه صحيح وهو في الحقيقة معلول. لماذا هذا خفي عليه لأنه ما عرف طريقة الأئمة فتجد أن هذا الحديث تفرد به شخص وهو ليس معروفا بالرواية عن فلان
    § أعني مثلا سعيد بن بَشِير ليس من أصحاب قتادة . قتادة مكثر من الحديث روى عن قتادة عن خالد بن دُرَيك عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول e قال لأسماء : "إذا بلغت المرأة المحيض لم يصح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها " وأشار إلى الوجه والكفين . هذا الحديث إذا نظرنا إليه لوحده قد يأتي واحد يقول : هذا إسناد لا بأس به ، ويقول: له شاهد عند البيهقي من حديث أسماء بنت عميس إذن بالتالي حسن . وهو حديث باطل كل علة موجودة في الأرض موجودة في هذا الحديث . إذا جئت إلى هذا الحديث
    § أولا: أن الوليد بن مسلم قد رواه نع سعيد بن بشير والوليد بن مسلم معروف بالتدليس ولم يصرح بالتحديث
    § ثم إن سعيد بن بشير فيه ضعف وله منكرات كما تكلم فيه الإمام أحمد وغيره
    § ثم إن أصحاب قتادة الثقات خالفوه فأرسلوا الخبر.
    قتادة له أصحاب وهؤلاء على درجات :
    · الدرجة الأولى من أصحاب قتادة بن دعامة
    § أولا شعبة
    § وهشام الدستوائي
    § وسعيد بن أبي عروبة
    هؤلاء الثلاثة مقدمين في أصحاب قتادة.
    · ثم بعد ذلك يليهم
    § أبان بن يزيد
    § وهمام
    § وكذلك أيضا حماد بن سلمة
    · ثم بعد ذلك يليهم درجة أخرى :
    § سعيد بن بشير من أصحاب قتادة المتأخرين – المتأخرين في الحفظ والإتقان عن قتادة - .
    فأولا تفرد عن قتادة بهذا الإسناد بهذا اللفظ
    ثانيا أن أصحاب قتادة الثقات الحفاظ قد خالفوه فإّن أصبح هذا الحديث باطلا فهذا هو فائدة ذلك . لماذا قوّاه؟ ما نظر إلى هذه القضايا وهذه المسائل وإنما نظر إلى الإسناد لوحده وقال إن له أيضا شاهد . إذن هذا مع هذا أصبح حسنا وهو حديث باطل كما تقدم . أصحاب قتادة الثقات من سعيد بن أبي عروبة وغيره قد خالفوا سعيد بن بشير . وأنت عندما يجيء لك شخصان شخص يقول لك كذا والثاني يقول لا ما حصل هذا الأمر وإنما حصل كذا وكذا غير ما قلته. أنت تقدم من؟ أنت تقدم الأحفظ والمعروف عندك بالأمانة والنزاهة والثاني معروف عندك بالخطأ والوهم وعدم التثبت فكذلك هنا سعيد بن بشير رحمه الله ليس بالضابط ولا بالحافظ وله منكرات ثم إن قد عنعن عن خالد بن دريك وخالد بن دريك أيضا ليس بالمشهور وإن كان هناك من وثقه ولا يعرف له سماع عن عائشة وتفرد هو عن عائشة
    – أيضا إذا جئنا لأصحاب عائشة – عائشة رضي الله عنها مكثرة من الحديث ولها أصحاب . أصحابها المقدمون هم :
    · عروة بن الزبير الذي عائشة خالته
    · والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الذي عائشة عمته
    · وكذلك عَمرة بنت عبدالرحمن التي رُبِّيَت في حَجر عائشة
    · والأسود بن يزيد النخعي الذي تقول عنه عائشة رضي الله عنها : ما أحد في العراق أكرم عليّ من الأسود . فكان يأتي إذا جاء للحج ويسألها ويجالسها من خلف حجاب ويسمع منها ويستفيد منها رضي الله تعالى عنها فأين هؤلاء الملازمين لعائشة أين ابن أختها الملازم لها وسماع أحاديثها ، وأين ابن أخيها القاسم ، وأين من تربى في حجرها ، وأين من يأتي إليها ويسألها وهي تثني عليه ، ثم يأتي خالد بن دُرَيك - وهو من أهل الشام وعائشة مدنية وهو لم يسمع منها وليس مشهورا بالحديث وضبطِه وروايتِه – ويروي عنها هذا لاشك أنه باطل . أنت عندما واحد من أهل العلم درس لمدة طويلة خمسين سنة وما شابه ذلك ، وله أناس لازموه وجلسوا معه عشرين سنة وثلاثين سنة ونحو ذلك ثم يأتي واحد وينقل عن ذلك الشيخ نقلا غريبا وهو لا يُعرَف أنه جالسه إنما جاء له مرة أو مرتين بينما هناك من جالسه عشرين وثلاثين سنة . تقول إن هذا النقل ما هو بصحيح لو كان هذا النقل بالفعل صحيحا كان نقله أصحابه الذين مه الملازمون له حضرا وسفرا مثلا وقد يلازمونه أيضا حتى في بيته كما يلازمونه أيضا في درسه فتقول هذا الذي لا يعرف بالتتلمذ عن فلان ولا مصاحبته ولا مجالسته من أين أتى بهذا الشيء فتقول إن هذا خطأ ووهم فكذلك هنا خالد بن دريك ما هو بمعروف بمصاحبة عائشة ومجالستها والأخذ عنها بل هو لم يسمع منها وهو من أهل الشام فهذا يدلّ على بطلان هذا الخبر بطلانا واضحا ليس له أصل ، باطل بالمرة . ثم هناك من يقوّيه ! كمن كل هذا غفلوا عن المنهج الصحيح في منهج الصناعة الحديثية فصححوا أحاديث وهي باطلة وأبطلوا أحاديث وهي صحيحة فإذن لابد أن يعرف الإنسان المنهج الصحيح منهج من تقدّم من أهل الحديث هو المنهج الصحيح لا بد من معرفة هذا المنهج .
    فأقول : ابن رجب هنا يبين ذلك ثم بيّن فائدة هذا كما تقدم . طبعا لا شك أن أصحاب نافع المقدمين فيه :
    · مالك ، وهو من أتقن أصحاب نافع
    · وعبيدالله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أيضا مقدم جدا في نافع وهناك من قدمه حتى على مالك وكلهم في الذروة
    · كذلك أيضا ابن عون
    · و يحيى بن سعيد الأنصاري
    · وإسماعيل بن أمية
    وإن كان هؤلاء لا يتفاوتون . فتلاحظون أن ابن المديني قسّم هؤلاء إلى طبقات وذكر أن يحيى بن معين قد خالفهم في ذلك خالف علي بن المديني، و يحيى بن سعيد القطان أيضا له كلام قد خالف شيئا مما تقدم لكن تجد أن هناك اتفاقا بين هؤلاء الحفاظ على أناس مقدمين لا يختلف أن مالكا وأن عبيدالله بن عمر هؤلاء من المقدمين ولا يختلف أيضا أن أيوب السختياني وكذلك أيضا يحيى بن سعيد الأنصاري وعبدالله بن عون أن هؤلاء من المقدمين وإن كان الأول والثاني عبيدالله مع مالك هم مقدمون أكثر من الذين يلونهم وهم – كما ذكرت – يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب وكذلك أيضا عبدالله بن عون وهكذا .
    وعلّي أختصر أصحاب نافع إلى ثلاث طبقات فأقول:
    · الطبقة الأولى من أصحابه هم : عبيدالله ومالك
    · ثم الطبقة الثانية : عبدالله بن عون ، و يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب السختياني ، وابن جريج
    · ثم الطبقة الثالثة : موسى بن عقبة ، وإسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى ، والليث بن سعد
    هذه الطبقات الثلاث . إذا خالفت الطبقة الثالثة الطبقة الأولى فالأولى تقدم وتكون الطبقة الثالثة روايتها مرجوحة وشاذة ومعلولة وهكذا..
    بعد أن ذكر أصحاب نافع وقسمهم إلى أقسام ذكر هنا أصحاب عبدالله بن دينار- ولا زال هو في أصحاب عبدالله بن عمر- فبعد سالم ونافع يأتي عبدالله بن دينار في الإكثار عن عبدالله بن عمر . وجلّ حديث ابن عمر يدور على هؤلاء الثلاثة .
    قال أبو جعفر العقيلي : روى شعبة والثوري ومالك وابن عيينة عن عبدالله بن دينار أحاديث متقاربة عن شعبة نحو عشرين حديثا وعن الثوري نحو ثلاثين حديثا وعن مالك نحو ذلك وعن ابن عيينة بضعة عشر حديثا
    فأما رواية المشايخ عنه ففيها اضطراب "
    كلمة المشايخ أو الشيوخ عند أهل الحديث لها عدة تفسيرات تختلف باختلاف السياق ؛ إما أن تطلق كلمة شيخ أو تقيّد
    · إن قيّدت مثل : شيخ ثقة ، شيخ ضعيف فهذا واضح شيخ ثقة : ثقة ، شيخ ضعيف : ضعيف . هذا واضح .
    · أو تطلق ، إذا أطلقت فأحيانا السياق يقتضي أن المقصود بالشيخ هنا يعني هو الصدوق الذي لم يصل إلى درجة عالية من الحفظ والإتقان وهذا يكون معنى كلمة الشيخ في الطبقات أي عندما يبدأ بالطبقة الأولى : الحفاظ ، ويذكر الطبقة الثانية : الشيوخ ، أي أن هؤلاء الشيوخ ما وصلوا لدرجة الحفظ والإكثار وإنما هم أناس من أهل الصدق والعدالة وعندهم أيضا ضبط لكنهم ليسوا في الدرجة العليا من الإتقان والضبط هذا هو تفسير كلمة شيخ عندما تذكر الطبقات .فهنا قال :" فأما المشايخ " يعني الذين ليسوا مكثرين عن هذا الشيخ ولم يصلوا إلى درجة الإتقان عنه والضبط والحفظ
    · وأيضا للشيخ تفسير آخر عندما يقول أبو حاتم : فلان شيخ ، هذا في الغالب يكون معناها : ليس بالمشهور وفيه جهالة .
    فإذن كلمة شيخ لها عدة تفسيرات والسياق يبين بعض هذه التفسيرات .
    قال :" فأما رواية المشايخ عنه " المقصود هنا بالمشايخ الذين ما وصلوا لدرجة عالية من الإتقان والاضطراب ففيها اضطراب ثم ذكر منهم يحيى بن سعيد وعبدالعزيز الماجشون وسهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان ويزيد بن الهاد . هؤلاء الثلاثة في الحقيقة فيهم تفصيل أعني :
    · يحيى بن سعيد القطان هذا من المتقنين الحفاظ وكذلك يزيد بن الهاد .
    · لكن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عجلان هم أيضا عندهم إتقان لكن الدرجة العليا فلا شك أن شعبة والثوري وابن عيينة ومالكا كلهم مقدمون على هذه الطبقة .
    قال :" وهؤلاء الثلاثة رووا عن عبدالله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة ولم يتابعهم أحد ممن سمينا من الأثبات ولم يتابع عبدالله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد " .
    هذا حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة والراوي لهذا الحديث عن أبي هريرة هو أبو صالح ذكوان السمان وأبو صالح له أصحاب وأصحابه هؤلاء على ثلاثة أقسام :
    · الدرجة العليا من أصحابه هم : الأعمش فهذا مكثر عن أبي صالح ، وكذلك عبدالله بن دينار معروف أيضا يروي عن أبي صالح فالعقيلي رحمة الله عليه يقول أن أبا صالح ما روى عنه جلّ أصحابه وإنما روى عن منهم عبدالله بن دينار ثم إن عبدالله بن دينار له أصحاب
    أصحاب عبدالله بن دينار الذين مه الطبقة الأولى وهم الثوري وشعبة ومالك وابن عيينة ما رووا هذا الحديث وإنما رواه الطبقة الثانية من يزيد بن الهاد ومن سهيل بن أبي صالح ومن سليمان بن بلال هؤلاء هم الذين رووا هذا الحديث . العقيلي رحمه الله كأنه – ما صرح تصريحا تاما – يعلل هذا الحديث ولا شك أن هذا الحديث صحيح وقد صححه الشيخان . والأمر ليس كما قال أبو جعفر العقيلي رحمة الله عليه بل رواه من أصحاب عبدالله بن دينار ممن هو في الدرجة العليا وإن كان هناك من هو أوثق منه ومنهم سليمان بن بلال ويزيد بن الهاد هؤلاء معروفون بالثقة واشتهروا بذلك ويفيدنا هذا أن الحفاظ تجد بينهم اختلافا في المنهج فمنهج أبي بكر البرديجي مثلا وأبي جعفر العقيلي غير منهج ابن المديني والبخاري طبعا هم يتفقون على أشياء كثيرة وهذا الغالب والأصل لكن هناك بعض الأمور التي يختلفون فيها ومما يختلفون فيه مسألة التفرد والشذوذ فعند البرديجي والعقيلي أن الطبقة الثانية إذا تفردوا بخبر فهو عندهم غير مقبول كما قال البرديجي .
    قال : قتادة من الحفاظ والرواة عنه على قسمين – يعني المتقدمين – فبدأ بهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وشعبة بن الحجاج
    ثم ذكر الطبقة الثانية : حماد بن سلمة وأبان بن يزيد وهمام . قال إن الطبقة الثانية إذا تفردوا بحديث ولم يجدوا من يتابعهم عليه فهذا منكر . عند البخاري وابن المديني هذا ليس منكرا بل يعتبرنه صحيحا ليس في الدرجة العليا من الصحة . ولا شك أن منهج البخاري وابن المديني أصح من منهج العقيلي . وهذا يفيدنا أيضا أن للمتقدمين منهج غير منهج كثير ممن تأخر وبالتالي علينا أن نعرف طريقة المتقدمين حتى نسلك طريقتهم كما تقدم التنبيه على هذا وليس كما يقول بعض الإخوان أن علم المصطلح واحد وأهل العلم كلهم لهم طريقة واحدة والاختلاف الذي حصل بينهم أنه من جهة أنه ما بلغهم بعض الأشياء وهناك من بلغه بعض الأشياء فهذا الذي أدى بهم إلى الاختلاف . لا . هذا ما هو بصحيح ؛ أكثر الاختلاف بينهم إنما هو من جهة المنهج والطريقة بلغتهم هذه الأشياء لكن هناك من يرى المنهج الصحيح خلاف ذلك . فهذه القضايا والمسائل ؛ معرفة الطبقات ، ومعرفة من الأثبت وكذا .. هذا كثير ممن تأخر لا يلتفت إليه بينما علم العلل والصناعة الحديثية قائمة على هذا . فلذلك ابن رجب نبّه على هذه الأمور والقضايا فإذن ما يقوله بعض الإخوان أن المنهج واحد هذا ما هو بصحيح وهذا ليس خاصا بعلم الحديث بل هو في كل العلوم وفي العقيدة هذا واضح عندنا منهج السلف ومنهج الخلف لكن لا يفهم أحد أن كل من تأخر فهو على منهج غير صحيح . لا . هذا ما هو بصحيح وإنما نحن ننبّه أنه لا بد أن نسير على منهج من تقدم مثل مسألة العقيدة نحن نرجو أن نكون على طريقة السلف وهذا نجزم به بحمد الله بالأدلة والبراهين طريقتهم طبعا في مسألة العلم والعمل أعني في مسألة الاعتقاد . فأقول : هذا موجود في العقيدة وموجود في علم الأصول وموجود في الفقه . انتم تعرفون أن طريقة من تقدم الاهتمام بالدليل والاعتماد على الكتاب والسنة والتفقه على ما جاء في الكتاب والسنة من نصوص ، ثم جاء من يختصر ولا يذكر الأدلة ويذكر المختصرات فظهر التقليد وانتشر وظهرت مسألة التعصب لكن لا يفهم أحد أنه خلاص ما نستفيد من الكتب المؤلفة على المذاهب .. لا شك أن هذه يستفاد منها لكن أنت أيضا اعرف الحق بدليله لا يأخذ الإنسان الشيء مسلما وإنما يبحث عن الدليل والبرهان ما كان دل عليه الدليل فهذا هو المقبول . فأقول : هذا ليس خاصا بالحديث عن المناهج وإنما في كل القضايا
    عندنا مثلا ابن تيمية وابن دقيق العيد في مسألة الفقه دون مسألة الاعتقاد فمسألة الاعتقاد واضحة لكن مسألة الفقه كلهم يشار إليه أنه بلغ درجة الاجتهاد ولكن لا شك أن منهج ابن تيمية أسدّ وأرجح وأصح فإذن يُسلك هذا المنهج الصحيح فهذا ليس خاصا بالحديث بل حتى في غيره .
    قال :" وحديث الإيمان بضع وسبعون شعبة مخرج في الصحيح خرجه البخاري من طريق سليمان بن بلال وخرجه مسلم من طريق سهيل كلاهما عن عبدالله بن دينار ولا شك أن سليمان بن بلال هو من الطبقة الأولى من أصحاب عبدالله بن دينار وسهيل من الطبقة الثانية فهذا الحديث صحيح والمتابعات هذه تقوّي الخبر ورواه أيضا ابن الهاد وغيره .
    قال :" وقول العقيلي لم يُتابع عليه يشبه كلام القطان وأحمد والبرديجي الذي سب ذكره في أن الحديث إذا لم يُتابع راويه عليه فإنه يُتوقف فيه أو يكون منكرا وسبق شرح هذا هناك من الحفاظ ممن يشترط
    مثلا يحيى بن سعيد القطان ذكر له حديث رواه عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وهذا كما تقدم لنا قبل قليل في الدرجة العليا من الصحة فكأنه فكأنه توقف فعندما علم أن هناك من تابعه كعبدالله بن عمر أخو عبيدالله فهنا قَبِله . وأما منهج البخاري وابن المديني أن هذا مقبول وإنما هم إذا تفرد من الطبقة الثالثة يردّون تفردهم فإذن منهج البخاري وابن المديني هو الأصح
    قال :" وسبق أيضا كلام الإمام أحمد في النهي عن بيع الولاء وعن هبته "
    هذا الحديث رأى الإمام أحمد رحمه الله أنه موقوف وخرجه الشيخان مرفوعا ورجحوا الرفع وقد حصل فيه اختلاف بين عبدالله بن دينار ونافع ولا شك أن الرفع هو الراجح ذكره عبدالله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا ونافع لا . وعبدالله بن دينار من الطبقة العليا من أصحاب عبدالله بن عمر وزاد زيادة فهذه الزيادة تكون مقبولة .
    قال :" وقال البرديجي : حديث عبدالله بن دينار صحاح من حديث شعبة ومالك وسفيان الثوري ولم يزد على هذا ولم يذكر ابن عيينة معهم كما ذكره العقيلي "
    فكان البرديجي يرى الصحاح من حديث عبدالله بن دينار هم من روى عن عبدالله بن دينار من أصحاب الطبقة الأولى دون الطبقة الثانية وذكرنا أن القول الصحيح أن حتى الطبقة الثانية أيضا تعتبر صحيحة دون الطبقة الثالثة وأما كثير ممن تأخر لا يلتفتون لهذه الطبقات ويقبلون حتى من كان من الطبقة الرابعة وهذا ما هو بصحيح .
    قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى :
    " باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها حدثنا سفيان بن وكيع .. اسمه ..بن قِطعَة ".
    ذكرت بالأمس أن القراءة في أبواب الترمذي المقصود منها هو الناحية العملية التطبيقية . وكما ذكرت أن الناحية العملية تقرّب الأمر وأنه لابد من الجمع بين الناحية العملية والنظرية والعملية أكثر فعندما يُرجع إلى كتب الأئمة ويُقرأ فيها أو كتب التخاريج فينبغي للشخص أن ينظر كيف يتكلم الحفاظ على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا حتى يسلك الإنسان طريقتهم ويعرف منهجهم فهذا هو المقصود .
    قال أبو عيسى رحمه الله :" حدثنا سفيان بن وكيع "
    وسفيان بن وكيع هو ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو محمد ولد وكيع بن الجراح وهو من الطبقة العاشرة وتوفي بعد 240 وخرج الترمذي لسفيان بن وكيع في نحو خمسين موضعا من كتابه . وسفيان بن وكيع لا يحتج به والسبب في هذا أنه كان له ورّاق يورّق له فكان يُدخل في حديثه ما ليس منه فنُصح سفيان بن وكيع ولم يقبل هذه النصيحة فلذلك سقط حديثه وتكلم فيه الحفاظ من أبي حاتم وغيره ولكن الترمذي رحمه الله – فأنا تتبعت أكثر هذه الأحاديث – وجدتها إما تكون مروية من طرق أخرى عند الترمذي أو عند غيره أو تكون العلة ليست منه وهذا يدل على مكانة الترمذي في الصناعة الحديثية رحمة الله عليه فسفيان بن وكيع لا يحتج به لكن هذا الحديث كما سوف يأتي
    قال :" حدثنا محمد بن فضيل "
    § و محمد بن فضيل ثقة وله بعض الأوهام وتوفي عام 195 وقد خرج له الجماعة
    § عن أبي سفيان طريف بن شهاب وقيل بن سعد السعدي وهو من السادسة وطريف السعدي
    أبو سفيان ضعيف وشبه المتروك
    § عن أبي نضرة وهوه المنذر بن مالك بن قطعة العوفي البصري وأبو نضرة ثقة من الطبقة الثالثة وتوفي في عام 108 وقد خرج له مسلم وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله e "مفتاح الصلاة الطهور" .
    هذا الحديث بهذا الإسناد لا يصح وفيه أكثر من علة :
    · فيه سفيان بن وكيع وإن كان الترمذي قد انتقى حديثه
    · وفيه أبو سفيان طريف السعدي شبه متروك
    ولكن هذا الحديث قد رواه الترمذي كما ذكر هذا أنه جاء من طريق علي بن أبي طالب وقد ذكره الترمذي في أول كتابه فروى حديث علي بن أبي طالب من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن منذر الثوري عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهذا الإسناد إسناد صالح فيه عبدالله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف ولكن هناك من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل أحاديث كثيرة صحيحة و عبدالله بن محمد بن عقيل من الرواة الذين يقال عنهم أن كل حديث يحكم عليه على حسب ما يليق بحاله لأن هناك رواة لهم أحاديث صحيحة ولمه أحاديث ضعيفة وهناك رواة الغالب عليهم استقامة حديثهم فالأصل قبول حديثهم وهناك رواة الغالب عليهم الخطأ فيكون الأصل ردّ حديثهم . وابن عقيل من هذه الطبقة - والتقسيم والتفصيل من طريقة من تقدم من الحفاظ من الأئمة السابقين – فهذا من الأحاديث القوية من حديث ابن عقيل . طبعا ابن عقيل له أحاديث منكرة
    § من هذه الأحاديث المنكرة أن الرسول e كُفِّنَ في سبعة أثواب . هذا منكر والصواب ما جاء في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة أن الرسول e كفن في ثلاثة أثواب ليس سبعة فهذا مما أُنكر على ابن عقيل
    § وأيضا روى من طريق الربيِّع بنت معوِّذ أن الرسول e مسح على رأسه مرتين وهذا يخالف ما جاء في حديث عمران عن عثمان وحديث عبدالله بن زيد وحديث علي وغيرها أن الرسول e مسح مرة واحدة فأخطأ ابن عقيل في ذلك
    وله أحاديث أخرى كما تقدم أنها ثابتة ومنها هذا الحديث والدليل على ثبوته أن له شواهد
    § ومن هذه الشواهد ما تقدم في حديث أبي سعيد الخدري
    § ومن الشواهد ما جاء في حديث جابر رواية أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن جابر
    § وأيضا جاء موقوفا نحو هذا الخبر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
    فهذه الأحاديث تشهد لحديث علي فحديث علي لا بأس بإسناده . وأفاد أبو عيسى أن هذا الحديث ليس بصحيح كما بيّن علته وقال إن حديث علي أجود إسنادا وأصح .
    ومن فوائد كتاب جامع الترمذي أن أبا عيسى يبين كل حديث يتكلم عليه فتكلم على حديث فيتكلم عليه من الناحية الإسنادية ثم يتكلم عليه من حيث الفقه وما يستفاد منه فذكر في مسألة الدخول إلى الصلاة لا يكون إلا بالتكبير وهذه مسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم . خلاصة أقوالهم :
    § أن هناك من يرى أن الصلاة لا يدخل فيها إلا بلفظ "الله أكبر" فقط لا غير . وهذا ما ذهب إليه عبدالرحمن بن مهدي و الإمام أحمد وغيرهم
    § وهناك من يقول : كل لفظ فيه تعظيم لله جل وعلا يمكن أن يُدخل للصلاة به كما نُقل عن أبي حنيفة وأصحابه يعني لو قال : الله العظيم ، الله الكبير ، الرحمن الرحيم ..إلخ لا بأس
    ولا شك أن القول الأول هو الصحيح والدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح وأيضا السنة العملية التي جاءت عن الرسول e وأنه ماكان يقول غير الله أكبر
    وأيضا هذا الحديث يفيد أن الصلاة لا تكون إلا بطهارة وهذا محل إجماع ولكن بعض أهل العلم قال : بعض الصلوات يعني صلاة الجنازة نُقل عن الإمام الشعبي أن الجنازة ليست بصلاة فلا يشترط لها الوضوء لكن سميت بالنصوص الشرعية صلاة وإذا كانت صلاة فلا بد لها من طهارة
    وأيضا في مسألة تحليلها التسليم هذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم
    § فهناك من يرى أن الصلاة لا يُخرَج منها إلا بسلام وهذا مذهب جمهور أهل العلم
    § وهناك من يرى أن الصلاة يخرج منها بالسلام وبغيره كل فعل ينافي الصلاة يمكن أن تنتهي الصلاة به ويخرج منها من خلاله هذا نُقل عن الحنفية
    ولا شك أن المذهب الأول هو الصحيح ولدليل على هذا هو هذا الحديث الصحيح والسنة العملية وأن الرسول e والصحابة كانوا يخرجون من صلاتهم بالتسليم
    والتسليمة الأولى ركن والثانية مستحبة وقد نقل ابن المنذر الإجماع على هذا ولكن وقع في هذا خلاف ، والأصح ما نقل ابن رجب في " فتح الباري شرح البخاري" إجماع الصحابة فقط فقد يكون ابن المنذر قصده إجماع الصحابة فأهل العلم وقع بينهم خلاف لكن الصحابة لم ينقل بينهم اختلاف أنهم كانوا أحيانا يكتفون بالتسليمة الواحدة . نعم جاءت أحاديث كثيرة أن الرسول e كان يقتصر على تسليمة واحدة لكن المرفوعة لا يصح منها شيء وإنما الذي ثبت عن الصحابة والمرفوعة ضعفها ابن المديني وضعفها كذلك العقيلي والدارقطني وابن عبدالبر وغيرهم من الحفاظ وإنما هذا ثبت عن الصحابة فالصحابة مجمعون ثبت عن أنس وعن عائشة وغيرهم أنهم اكتفوا بتسليمة واحدة .
    وهذا يفيد أن المفتاح على قسمين حسي ومعنوي الحسي معروف والمعنوي : الدين له مفتاح وهو لا إله إلا الله ، والصلاة لها مفتاح وهو الطهارة ، وكذلك الصلاة تفتتح بالتكبير فالمفاتيح حسية ومعنوية .
    وذكر أبو عيسى الترمذي رحمه الله أن أبا نضرة هو المنذر بن مالك بن قِطعة وهو ثقة من الثالثة وأبو عيسى أحيانا يتكلم على الأحاديث وعلى الرجال والرواة وهذا كله مما يُرَجّح به كتابه ومما يستفاد من كتابه ولذلك ينبغي القراءة في كتب السنة .
    قال باب في نشر الأصابع عند التكبير " ثم قال :" حدثنا قتيبة وأبو سعيد الأشج "
    § قتيبة هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف أبو رجاء الثقفي وهو ثقة ثبت مكثر من الحديث وتوفي في عام 240 وليس في الكتب الستة من اسمه قتيبة إلا هذا . وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة .
    § وأبو سعيد الأشج هو عبدالله بن سعيد الكندي الكوفي وهو ثقة وتوفي عام 257 وقد خرّج له الجماعة .
    § "قال حدثنا يحيى بن اليمان" ويحيى بن اليمان هو العجلي أبو زكريا فيه ضعف له أخطاء وأوهام تكلم فيه يعقوب بن شيبة وغيره .
    § "عن ابن أبي ذئب" وهو محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن الحارث القرشي العامري وهو من الطبقة السابعة وتوفي في عام 159 وقد خرج له الجماعة وهو منك بار الأئمة والحفاظ والفقهاء والعلماء .
    § "عن سعيد بن سمعان" قيل : سَمعان و سِمعان والمشهور بالكسر ، وسعيد بن سمعان المدني ثقة .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله e :" إذا كبَّر للصلاة نشر أصابعه " . قل أبو عيسى : حديث أبي هريرة قد رواه غير واحد عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة أن النبي e كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدّا . وهو أصح من رواية ابن اليمان في رواية هذا الحديث
    ثم قال :
    § حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن وهو الدارمي صاحب السنن وهو من الحفاظ .
    § قال أخبرنا عبيدالله بن عبدالمجيد وهو الحنفي وهو ثقة توفي بعد المئتين
    عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : كان رسول الله e إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدّا .
    وهذا هو الصحيح ونشر أصابعه يعني فتحهنّ وإن كان بعض أهل العلم يقول : إن النشر هو خلاف الضم ( الضم هكذا والنشر هكذا وأما هكذا فيقال تفريق )
    لكن لا شك أن رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وهناك من تابعه أصح من رواية يحيى بن اليمان الذي فيه ضعف ولين . فتُقدّم رواية عبيدالله بن عبدالمجيد وأنه فتح أصابعه وأن السنة في التكبير يكون (هكذا) إلى حذو المنكبين أو إلى حذو الأذنين وليس (هكذا) كما يفعل بعض الناس أو يمسك بإبهاميه شحمة أذنيه . وإنما يرفع يديه مدّا يستقبل بهما القبلة هذه هي السنة في ذلك .
    وهذا الحديث إسناده صحيح من حديث عبيدالله بن عبدالمجيد الحنفي عن ابن أبي ذئب بخلاف الرواية السابقة فإن فيها ضعفا والحديث إذا كان مخرجه واحدا واختلفت الألفاظ يُرَجّح اللفظ الذي جاء بإسناد أصح كما ذكرنا قبل قليل فيما ذكره أبو عيسى الترمذي رحمة الله عليه .
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    أحسن الله اليكم ,
    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    66

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    أحسن الله إليكم شيخنا ولا حرمكم من الأجر
    ولا تبخلوا علينا بمثل هذه الدرر
    قال يحيى بن معاذ :
    العقلاء ثلاثة : من ترك الدنيا قبل أن تتركه ، ومن بنى قبره قبل أن يدخله ، ومن عمل لله قبل أن يلقاه .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    الارض
    المشاركات
    53

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    جزاكم الله خيرا
    على هذا الجهد لا حرمك الله أجر ما تفعل من الخيرات وغفر لك الزلات وأقال لك العثرات
    موقع فضيلة الشيخ : علي ونيس

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    جزاكُم اللَّـهُ خَيرًا جميعًا.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    225

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    بارك الله فيك لو جعلتها على ملف ورد للتحميل أكون لك من الشاكرين

  19. #19

    Arrow رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبو زيد مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    على هذا الجهد لا حرمك الله أجر ما تفعل من الخيرات وغفر لك الزلات وأقال لك العثرات
    وإياك يا شيخنا ونفع الله بك زادك توفيقا ورفعة

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2014
    المشاركات
    30

    افتراضي رد: شرح « شرح علل الترمذي » لشيخنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن السّّعد (1/4)

    وفقكم الله تعالى واثابكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •