تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

  1. #1

    افتراضي أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد :
    فإن من أشكل أبواب الفقه هو باب الحيض ، و من أشكل هذا الباب هو مسألة المستحاضة ؛
    قال العلامة النووي في المجموع :
    (اعلم أن باب الحيض من عويص الأبواب ، ومما غلط فيه كثيرون من الكبار لدقة مسائله ؛ واعتنى به المحققون وأفردوه بالتصنيف في كتب مستقلة ، وأفرد أبو الفرج الدارمي -من أئمة العراقيين- مسألة المتحيرة في مجلد ضخم ليس فيه إلا مسألة المتحيرة وما يتعلق بها ، وأتي فيه بنفائس لم يسبق إليها ، وحقق أشياء مهمة من أحكامها ؛ وقد اختصرت أنا مقاصده في كراريس) اهـ.
    و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( القواعد النورانية ) :
    ( .. فإن مسائل الاستحاضة من أشكل أبواب الطهارة )اهـ.
    و من المسائل المتعلقة بالمستحاضة مسألة غُسل المستحاضة ، و قد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على سبعة أقوال! و سبب اختلافهم هو اختلاف ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك أو تضعيف بعض رواياتها عند بعض أهل العلم ، فاختلف مسلك العلماء فيها.
    و قبل ذكر هذه الأقوال ، لابد من العلم أنه لا خلاف بين أهل العلم في وجوب الغسل على المستحاضة عند انقضاء زمن الحيض ، وإن كان الدم جاريا ، وهذا أمر مجمع عليه لحديث فاطمة بنت أبي حبيش ، حيث قال لها النبي – صلى الله عليه وسلم – ( ..دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي). متفق عليه.
    قال النووي – رحمه الله تعالى – في المجموع :
    ( فيه دليل على وجوب الغسل على المستحاضة إذا انقضى زمن الحيض ، وإن كان الدم جاريا ، وهذا مجمع عليه )اهـ.
    أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة:

    القول الأول:

    أنها تغتسل كل يوم مرة في أي وقت شاءت من النهار ، قال ابن عبد البر : " رواه معقل بن يسار عن علي-رضي الله عنه-" ، قلت : و قد صح ذلك عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - كما في سنن أبي داود ، وذكره أبو داود عن القاسم بن محمد وهو صحيح.
    و هذا القول لا دليل عليه من حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - ، قال ابن رشد في (بداية المجتهد) :
    " و أما من ذهب إلى أن الواجب أن تطهر في كل يوم مرة واحدة ، فلعله إنما أوجب ذلك عليها لمكان الشك ، ولست أعلم في ذلك أثرا " اهـ.
    قلت : وفيه من الآثار ما سبق .
    ومنهم من قال : تغتسل من ظهر إلى ظهر ، و ذكر هذا أبوداود في سننه عن سعيد بن المسيب و صححه الألباني ، وذكر أبوداود أنه رُوي عن ابن عمر و أنس بن مالك ، وصحح الألباني قول أنس .


    القول الثاني :

    أنها تؤخر الظهر وتغتسل لها و للعصر غسلا واحدا ، وتؤخر المغرب و تغتسل لها وللعشاء غسلا واحدا ، وتجمع الصلاتين في الوقتين ، و تغتسل غسلا مستقلا لصلاة الصبح .
    و هذا مذهب ابن عباس و عطاء والنخعي ، روى ذلك عنهم ابن سيد الناس في (شرح الترمذي) ؛ واستدلوا بحديث حمنة بنت جحش –رضي الله تعالى عنها - قالت كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أستفتيه وأخبره ، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش ، فقلت: يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما تأمرني فيها ؟ قد منعتني الصلاة والصيام .
    قال:
    ( أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم) .
    قالت: هو أكثر من ذلك! .
    قال: (فتلجمي).
    قالت: هو أكثر من ذلك .
    قال: (فاتخذي ثوبا).
    قالت: هو أكثر من ذلك ، إنما أثج ثجا! .
    فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
    ( سآمرك بأمرين أيهما صنعت أجزأ عنك من الآخر ، وإن قويت عليهما فأنت أعلم ، فقال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن ، وإن قويت على أن تؤخرين الظهر وتعجلين العصر فتغتسلين وتجمعين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي ، وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
    ( وهذا أعجب الأمرين إلي )اهـ.
    رواه أبو داود و أحمد والترمذي و صححاه ، وحسنه الألباني في الإرواء و المشكاة و صحيح السنن.
    و استدلوا أيضا بحديث فاطمة بنت أبي حبيش – و اسم أبي حبيش هو قيس بن المطلب- من حديث أسماء عند أبي داود :
    فعن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبحان الله! هذا من الشيطان ، لتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا ، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا ، وتغتسل للفجر غسلا واحدا ، وتتوضأ فيما بين ذلك)اهـ.
    و إسناده صحيح على شرط مسلم ، وكذلك قال الحاكم والذهبي ، و صححه أيضا ابن حزم ، انظر(صحيح أبي داود) رقم(307) .
    قاله الألباني في المشكاة.
    قلت: حديث حمنة فيه التخيير بين الغسل وتركه و ليس فيه الإلزام ، وحديث فاطمة بنت أبي حُبيش في رواية أبي داود رده الجمهور وقالوا : إنه مخالف لرواية البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة ، وهناك من أهل العلم من سلك سبيل الجمع ، فجعل الأمر فيه للاستحباب بدليل الأحاديث الأخرى التي لم يأت فيها الأمر بالغسل لكل صلاة ، أو جاء فيها التخيير كما في حديث حمنة.
    و هذا الأخير هو الذي يجمع بين النصوص ، و سيأتي في القول السابع.

    القول الثالث :

    و هو مذهب جمهور أهل العلم : مالك و أبي حنيفة و الشافعي و أحمد :
    من أنها تغتسل غسلا واحدا عند انقضاء وقت حيضها ، و ضعفوا الأحاديث التي في السنن ، وقالوا : إنها خلاف الحديث الذي في الصحيحين حديث فاطمة بنت أبي حبيش.

    القول الرابع :

    أن الغسل واجب عليها لكل صلاة .
    و رووا هذا عن علي و ابن الزبير و ابن عباس وسعيد بن جبير ، وذكره أبود عنهم بلفظ رُوي ، وصححه الألباني ، و هو قول ابن عُلية ، و استدلوا بحديث أم حبيبة عند أبي داود و النسائي :
    ( أنها استحيضت فأمرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن تغتسل لكل صلاة ).
    و قالوا : لأنه لا يأتي عليها وقت صلاة إلا وهي شاكة هل هي حائض أو طاهر مستحاضة .
    و هذا غير مسلّم إذا كانت قد عرفت أيام عادتها ، فإنها بنص حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – غير حائض في غيرها.

    القول الخامس :

    أن الغسل لكل صلاة خاص بالتي لا تعرف عادتها ولا تميز دم الحيض من الاستحاضة ، وحملوا حديث أم حبيبة على ذلك ، وقال بهذا الشافعي والخطّابي.
    لكن هذا المذهب يعكر عليه عدم استفسار النبي – صلى الله عليه وسلم – عن حالة كل من النساء اللائي استفتينه عن الاستحاضة ، وعدم استفصاله كل واحدة معناه شمول كل حالات المستحاضة .
    و القاعدة عند أهل الأصول:
    ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنزّل منزلة العموم في المقال.

    القول السادس:

    بأن الأحاديث التي فيها الأوامر بالغسل لكل صلاة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش ، وهذا ما نزع إليه العلامة الطحاوي في (شرح معاني الآثار).
    قال السفاريني في (كشف اللثام شرح عمدة الأحكام) :
    ( وقال الطحاوي: حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش ، لأن فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة دون الغسل.
    و الجمع بين الحديثين بحمل الأمر بالغسل على الندب أولى ، و لهذا استحبه سيدنا الإمام أحمد – رضي الله عنه – و الله أعلم)اهـ.
    و لا يخفى أن القول بهذا فيه ضعف ، ذلك أن القول بالنسخ يحتاج إلى معرفة اللاحق من السابق ، وإلى تعذر الجمع بين النصوص ، و الجمع هنا ممكن فهو أولى من القول بالنسخ.

    القول السابع:

    أن الغسل لكل صلاة مستحب وليس بواجب ، و بهذا يجمع بين الأدلة – كما سبق- .
    قال الموفق ابن قدامة المقدسي في (المغني) في قوله –صلى الله عليه وسلم – (تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي) :
    " وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ مُسْتَحَبُّ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَالْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَفْضَلُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ ، وَالْأَخْذِ بِالثِّقَةِ وَالِاحْتِيَاطِ ، وَهُوَ أَشَدُّ مَا قِيلَ ، ثُمَّ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ وَالْمَشَقَّةِ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ، وَالِاغْتِسَالُ لِلصُّبْحِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ : { وَهُوَ أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إلَيَّ } .
    ثُمَّ يَلِيهِ الْغُسْلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً بَعْدَ الْغُسْلُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَيْضِ ، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَهُوَ أَقَلُّ الْأُمُورِ وَيُجْزِئُهَا .
    وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "اهـ.
    و قال السفّاريني في (كشف اللثام) :
    (و قال الإمام أحمد : إن اغتسلت لكل صلاة فهو أحوط ، و كذا قال إسحاق)اهـ.
    و قال :
    (.. و الجمع بين الحديثين بحمل الأمر بالغسل على الندب أولى ، و لهذا استحبه سيدنا الإمام أحمد – رضي الله عنه – و الله أعلم)اهـ.


    الترجيح:

    و يظهر لي أن القول السابع هو أظهر هذه الأقوال – والعلم عند الله تعالى – ذلك أن به تأتلف الأقوال و تجتمع ، ولا يرد عليه ما ورد على ما سبقه.
    و الله أعلم.
    و الحمد لله رب العالمين.

  2. #2

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    مسألة وطء المستحاضة:
    اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
    القول الأول:
    و هو قول الجمهور : جواز وطء المستحاضة ، و هو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب و أبي حنيفة و مالك والشافعي و غيرهم .
    قال ابن عباس – رضي الله عنهما - :
    ( تغتسل وتصلي ولو ساعة ، ويأتيها زوجها إذا صلت ، الصلاة أعظم ) .
    هذا الأثر ذكره البخاري معلقا في صحيحه ، ووصله عبد الرزاق في مصنفه و غيره .
    قال الشيخ ناصر الدين الألباني في (مختصر البخاري):
    "وصله الدارمي(1/203) بسند صحيح عنه دون الإتيان ، ولكنه أخرج القدر منه (1/207) بسند ضعيف عنه ، و أخرجه عبد الرزاق أيضا ".
    قال الحافظ في الفتح :
    " و أخرج عبد الرزاق و الدارمي من طريق سالم الأفطس أنه سأل سعيد بن جبير عن المستحاضة أتُجامع؟ قال : " الصلاة أعظم ".
    وهذا هو القول الراجح كما سيأتي تأكيده.
    القول الثاني:
    أن المستحاضة لا يطؤها زوجها ، وأن الرخصة إنما هي في الصلاة و الصوم ، ويُروى هذا عن عائشة – رضي الله عنها - ، وهو قول الحكم والنخعي و ابن عُلية وسليمان بن يسار و الشعبي و ابن سيرين .
    و حجتهم القياس ، حيث قاسوه على دم الحيض لأنه مثله!
    القول الثالث :
    أنه لا يطؤها إلا أن يطول به الحال ، أي: يلحقه الضرر بذلك ، وهذا هو قول الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – الذي اختاره ، وهذا على سبيل الاستحسان .
    و أما القولان الآخران مبنيان على الخلاف : هل الاستحاضة مانعة كالحيض في الأصل ، ووردت الرخصة في الصلاة في زمنها ، أم أنها خارجة عن حكم دم الحيض و المرأة طاهر في زمنها ، فتجري على حال الطهارة ، و هذا الأخير هو الراجح ، وعليه فالقول الأول هو الراجح ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – فرّق بين دم الحيض ، ودم الاستحاضة بقوله :
    ( إنها ليست بالحيضة ) فهذا صريح في الفرق بينهما.
    و لأن نساء كثيرات يبلغن العشر* أو أكثر استحضن في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – و لم يمنع الله عزوجل ، ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم - من جِماعِهنّ ، بل في قوله تعالى :
    { فاعتزلوا النساء في المحيض } دليل على أنه لا يجب اعتزالهن فيما سواه ؛ ولأن الصلاة تجوز منها بل تجب عليها ، فالجماع أهون ؛
    و أما قياس جماعها على جماع الحائض فغير صحيح ، لأنهما لا يستويان حتى عند القائلين بالتحريم ، وهو هنا قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق ، و لأنه قياس مع وجود النص الذي يثبت الفارق :
    (إنها ليست بالحيضة).
    وعليه فالقول الأول هو الراجح.
    و الله أعلم.
    ____________________________
    * و قد نظم أسماءهن العلامة السيوطي في حاشيته على سنن النسائي فقال :
    قد استُحيضت في زمان المصطفى**تسع نساء قد رواها الراوية.
    بنات جحش سودة و الفاطمـة**زينب أسما سهلة و بادنــة.

  3. #3

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    مسألــــة :
    من أتى امرأته حائضا هل تلزمه كفارة.
    اتفق أهل العلم في حرمة أن يأتي الرجل أهله حائضا ، ولكن
    اختلف أهل العلم فيمن وقع في مثل هذا الفعل القبيح العظيم و الذي هو كبيرة من الكبائر ، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - :
    (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول ، أو أتى امرأة حائضا ، أو أتى امرأة في دبرها ، فقد برئ مما أنزل على محمد).
    أخرجه أصحاب السنن والإمام أحمد و صححه الألباني في (صحيح الجامع).
    اختلفوا هل تلزمه كفارة أم لا ، على قولين:
    القول الأول:
    وجوب الكفارة فيمن وطئ امرأته أيام الحيض ، و هو مذهب ابن عباس و الحسن البصري و قتادة والأوزاعي ورواية عن أحمد و الشافعي في القديم ، وقال به إسحاق بن راهويه.
    و اختلف أصحاب هذا القول في قدر هذه الكفارة :
    فمنهم من قال : عتق رقبة ، وهذا يُروى عن ابن عباس وهو قول الحسن و سعيد بن المسيب .
    و قاسوه على الوطء في نهار رمضان.
    و قال بعضهم :
    يتصدق بخمسي دينار ، وهو مذهب الأوزاعي ، وعمدته حديث ضعيف .
    و منهم من قال :
    يتصدق بدينار أو نصف دينار.
    و هذا هو الصحيح من مذهب ابن عباس-رضي الله عنهما- ، وهو قول أحمد – رضي الله عنه - وقتادة وغيرهم .
    و استدلوا بحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم - رواه ابن عباس ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم( في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار ) .
    رواه أصحاب السنن ، و هو حديث صحيح صححه الألباني في الإرواء و المشكاة وآداب الزفاف .
    و قال في المشكاة:
    " سنده صحيح ، وصححه جماعة من المتقدمين و المتأخرين كما شرحته في صحيح أبي داود و آداب الزفاف".
    و هذا الحديث نص في المسألة فهو المذهب الراجح في وجوب الكفارة ، وفي قدر الكفارة.
    و ذهب الإمام أحمد إلى أن الكفارة هنا على التخيير دينار أو نصف دينار ، و تبعه على ذلك الشيخ العثيمين في الشرح الممتع ، وقال :
    " لأن الأصل في (أو) أنها للتخيير ".
    و لكن الشيخ الألباني – رحمه الله تعالى – صحح أثرا في الإرواء
    عن ابن عباس أنه فسر الحديث فقال :
    (إذا أصابها في أول الدم فدينار ، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار). رواه أبوداود وغيره.
    و هذا هو الراجح .
    وأما من قاسه على وطء الصائم في نهار رمضان ، فهذا مرجوح و ذلك:
    أولا : لا دليل عليه.
    ثانيا: هو خلاف النص الصحيح آنفا ، فهو قياس في مقابل النص فهو فاسد الاعتبار.
    القول الثاني:
    قال طائفة من أهل العلم :
    لا كفارة عليه ، و هو إما فاعل لكبيرة كما قال الشافعي ، أو دون ذلك ، فيلزمه التوبة والاستغفار.
    و هو مذهب أكثر أهل العلم ، منهم الزهري ومكحول و عطاء والشعبي و النخعي و ابن أبي مليكة و أبي الزناد و ربيعة و حماد بن أبي سليمان و أيوب السختياني و مالك و أبي حنيفة و الأصح عن الشافعي و رواية عن أحمد و قول الثوري و الليث بن سعد.
    و هؤلاء ضعفوا الحديث.
    والله أعلم.

  4. #4

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    مسألة وضوء المستحاضة لكل صلاة :

    المستحاضة يجب عليها الوضوء لكل صلاة ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لفاطمة بنت أبي حبيش في رواية عند البخاري و هي عند أبي داود و الترمذي :
    (ثم توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت) واللفظ للبخاري في كتاب الوضوء –باب غسل الدم.
    معنى ذلك أنها لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها ، أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة فإنها تتوضأ لها عند إرادة فعلها .
    وهذه المسألة – أعني مسألة وجوب الوضوء لكل صلاة على المستحاضة- فيها خلاف بين أهل العلم :
    قال ابن عبد البر – رحمه الله تعالى – في الاستذكار :
    (والفقهاء بالحجاز والعراق مجمعون على أن المستحاضة تؤمر بالوضوء لكل صلاة ، منهم من رأى ذلك عليها واجبا ، ومنهم من استحبه..)اهـ.
    و الاستحباب هو قول الإمام مالك ، فالإمام مالك لا يرى وجوب الوضوء عليها إلا من حدث ، لكن يستحب لها الوضوء كصاحب السلس ، وباقي الأئمة أوجبوا عليها الوضوء لكل صلاة ، و قول الجمهور هو الراجح لأنه هو الذي جاء به الدليل ، قال الخطّابي في (معالم السنن) :
    ( و هو قول أكثر الفقهاء ، وعليه العمل في قول عامتهم )اهـ.
    لكن هناك من ذهب إلى أن هذه الزيادة شاذة – أعني الأمر بالوضوء- و قد نبه على ذلك النسائي في سننه .
    و الراجح – والله أعلم – أن هذه الزيادة صحيحة ؛ و قد صححها الشيخ الألباني –رحمه الله تعالى - ، و مذهبه هو مذهب الجمهور في ذلك .
    قال –رحمه الله تعالى – في (تحقيق مشكاة المصابيح) :
    ( و لا يصح حديث في وجوب الوضوء من الدم سواء كان قليلا أو كثيرا ، باستثناء دم الاستحاضة )اهـ.
    و الله أعلم.

  5. #5

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد المهاجر مشاهدة المشاركة
    ____________________________
    * و قد نظم أسماءهن العلامة السيوطي في حاشيته على سنن النسائي فقال :
    قد استُحيضت في زمان المصطفى**تسع نساء قد رواها الراوية.
    بنات جحش سودة و الفاطمـة**زينب أسما سهلة و بادنــة.
    بنات جحش :
    أم المؤمنين زينب ، وأختاها : أم حبيبة ، وحمة.
    و سودة: هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة.
    و الفاطمة: هي فاطمة بنت أبي حبيش.
    و زينب : هي بنت أبي سلمة .
    و أسما : هي أسماء بنت عميس.
    سهلة: هي سهلة بنت سهيل.
    بادنة: هي بادنة بنت غيلان الثقفي.

  6. #6

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    يرفع للفائدة و تعليق الإخوة.

  7. #7

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    يرفع.. لتعليق الإخوة!

  8. #8

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    يرفع تارة ثالثة ليستفيد الإخوة!

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,782

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    جزاكم الله خيرا ...

    بحث طيب ما شاء الله ، نسأل الله أن ينفع به آمين .

    واسمحوا لنا - فضلا - : بمخالفتكم في ترجيحكم القول بوجوب وضوء المستحاضة لكل صلاة
    فقد كنت على قناعة -حتى وقت قريب - بهذا الترجيح الذي تفضلتم به حتى قرأت
    حجة القول المخالف :

    لأن الوضوء لشيء لا ينقطع لا فائدة منه حتى لو توضأت فالشيء باقٍ

    وننقل لكم هذه الفتوى عن الشيخ ابن العثيمين :


    وضوء المستحاضة لأكثر من صلاة :

    [ السؤال ] هل تتوضأ المستحاضة لكل صلاة؟
    الجواب: إذا دخل عليها الوقت وهي على وضوء تبقى على وضوئها فهذا قصدنا، وليس معناه أنها لا تتوضأ أبداً، لو دخل الوقت وهي لم تتوضأ من قبل لابد أن تتوضأ. حتى سلس الريح وذلك تعليل قوي جداً قالوا: لأن هذا الحدث دائم لا يرتفع بالوضوء ولا فائدة منه. السائل: إذا كان عند الشخص سلس ريح وخرج منه بول أو غائط فينتقض وضوءه.. الشيخ: هذا إذا لم يكن عنده سلس، أما إذا كان فيه سلس فلا فائدة من الوضوء وفيه أيضاً مشقة .

  10. #10

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    جزاكم الله خيرا.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    450

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    جزاكم الله خيرا و نفع بكم

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في غسل المستحاضة.(بحث صغير).

    احسن الله اليكم ونفعنا بكم

  13. #13

    افتراضي

    أحسن الله إليكم, استفدنا كثيراً.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •