بسم الله الرحمن الرحيم
عندما خرجت زوجتي من البيت لحاجة ماسة ورأيت بنتي الصغيرة تنهمر الدموع من عينيها وكأنه جمان اللؤلؤ يتحدر على وجنتيها شوقا لأمها ورغبة في بقائها بجانبها رق قلبي حينذاك
لها ووددت لو تبقى أمها إلى جانبها لا تفارقها تغشيها بالعطف وتملأ نفسها حنانا وفؤادها رحمة ومحبة وشفقة وبينما أنا قد استوقفني هذا الموقف وأثر في قلبي وجدتني أطلق العنان لقلمي أن يكتب ما ينبع من فؤادي ويخرج من سويداء قلبي من أفكار حول حقوق المرأة والطفل التي لا نزال نسمع من يقعقع حولها وهو ليس أهلا لها ولا صادقا في حمايتها .
1- يزعمون أنهم يدعون إلى حقوق الطفل والإنسان ويحرصون على تشغيل المرأة وإخراجها من بيتها مع كون ذلك مضرا ضررا واضحا في الأطفال فإن خروج الأم من بيتها لمدة سويعات يقلق الطفل ويذهب استقراره ويكدر خاطره ويعرضه للمخاطر فما بالك بكون أمه عاملة تغيب عنه نهارا طويلا كل يوم فهذا يدل على أن هؤلاء هم دعاة تدمير نفسية الأطفال وحرمانهم من حقوقهم وإن زعموا عكس ذلك .

2- يشنون الغارات على الزواج من سن مبكر ويغفلون الكلام عن الزنا من سن مبكر مع كون الزنا في السن المبكر أكثر وأوسع من الزنا في سن متقدم مع أن في الزنا وصولا إلى المرأة بدون مقابل من مهر ونفقة ورعاية ومسكن وميراث وتمتع المرأة بإنجاب الأولاد وبذل عواطف الأمومة لهم بخلاف الزواج الذي يتحقق منه ذلك كله وزيادة .


3- أنهم يدعون إلى تقليل النسل في بلاد المسلمين وإلى تكثيره في بلاد الكفار .
مع أن كثرة الأولاد بالنسبة للمرأة يزيدها كرامة وعزة ويؤمن مستقبلها في حال هرمها بإذن الله مع ما يكون لها من المنزلة العظيمة والاحترام الكبير في قلوب أولادها كما هو مشاهد في مجتمعاتنا الإسلامية حرسها الله من شرورهم !
وفي حملها وإرضاعها وتربيتها لأولادها مصالح جمة للمرأة متنوعة الجوانب دينية وعاطفية وصحية ونفسية وغير ذلك .

4- أنهم يحاربون تعدد الزوجات ولا يحاربون تعدد الخليلات مع كون الرجل في حال تعدد الزوجات يتحمل أعباء ذلك من نفقة ورعاية ومسكن وغير ذلك بخلاف الحال الآخر .

5- أنهم يدعون إلى الاختلاط مع كونه يسبب متاعب للمرأة من تحرش ونشوء العلاقات الجنسية المحرمة التي تدمر المرأة وتحرمها من حقوقها لكون المرأة إنما تنال حقوقها بالزواج وانتشار الزنا يؤدي إلى قلة الإقبال على الزواج لانقطاع دواعيه لدى الشباب وما كان منه قائما فهو يفسده ويدمره .


6- أنهم يزعمون أنهم يحرصون على حقوق الطفل والأسرة وهم يحرضون الأطفال على آبائهم ويشجعونهم على شكواهم إلى الجهات المسؤولة إذا ما تعرض أحدهم للضرب من أهله مع أن الولد لا أحد من الناس أشفق عليه من أهله ومعظم الضرب القائم من الأهل للأولاد هو في سبيل مصلحتهم وليس يترتب عليه ضرر في البدن ومن خلال توجيههم إلى الشكوى على أهاليهم وودعهم في السجن وعقوبتهم ونحو ذلك يدفعون الآباء والأمهات إلى عدم العناية بأولادهم ورميهم في الشارع وما أقاموه من مراكز لاحتوائهم لا يجدون فيها دفئ حنان الوالدين ولا رعاية الأسرة ولا عواطف حقيقية غريزية خلقها الله في البشر مع ما في ذلك من كلفة على المال العام .
ولو أنهم أرادوا مصلحة الطفل لم يغلقوا باب الضرب إغلاقا كاملا لكون ذلك غير ممكن في الواقع وليس من مصلحة الطفل بل يضر به ويحرمه من رعاية الوالدين وإبعاده عما يضره ولكن لحدوا منه من خلال توجيه الناس إلى العمل بشرائع الإسلام ووعظهم بمواعظ القرآن والسنة لتنمية الرحمة في قلوبهم على الأطفال وتوجيههم من خلال دينهم إلى اختيار أحسن الأساليب لتربيتهم وعدم اللجوء إلى الضرب إلا بعد استنفاذ الطرق الأخرى التي هي أقل ضررا منه مع اجتناب الوجه والضرب المبرح الذي يكسر عضوا أو يؤثرا شينا .

7- يشكون من البطالة ويبذلون في سبيل القضاء عليها ما يبذلون ثم يشجعون على عمل المرأة مع كونها في الغالب مكفية بنفقة زوجها أو أبيها أو أخيها وكون الأسرة تحتاج إليها حاجة ماسة في بيتها وبيتها هو مملكتها ومكان راحتها فيقذفون بها في الشارع لتعاني من حر الشمس وبرد الشتاء وقسوة المجتمع وأنياب الذئاب التي لا هم لها سوى سلب أغلى ما عندها عفتها وكرامتها ودينها لتصبح سلعة رخيصة لا قدر لها سوى أن تراد لجسدها حينا ثم تلقى في سلة المهملات إذا ما ذهبت نضارتها وزال شبابها أو صحتها بلا أولاد ولا زوج ولا أسرة تكتنفها بعطفها وتجلها لروحها قبل جسدها .

8- يزعمون أنهم حماة حقوق المرأة وهم دائبون لإفساد المرأة على زوجها وإخراجها من مكان راحتها واستقرارها بإقناعها أن الزوج ليس مسؤولا عنها ولا له سلطة عليها فعليه فقط أن يعمل ليلا نهارا ويتحمل كل مشاق ومتاعب الحياة ليوفر لها ولأولادها كل ما يحتاجون إليه من حاجيات الحياة وكمالياتها ثم بعد ذلك ليس له سلطة عليها وكم تسببوا في انفصال زوجة عن زوجها وحرمانها من سكينة الحياة الزوجية ومودتها ورعاية الزوج وتحمله الأعباء عنها .
مع أن عدم رضى الزوجة بقوامة زوجها عليها سيؤدي إلى صراع في الأسرة لا ينحسم إلا بتعرض أحد الزوجين للخطر الشديد من الآخر أو الطلاق الذي هو حرمان كبير للمرأة وضياع لها لا سيما في مثل هذه المجتمعات التي لا تجد المطلقة زوجا في الأغلب فتبقى في دائرة الحرمان من عش الزوجية وسكنها ورعاية الزوج ونفقته وحمايته وعنايته بسبب تلك الأفكار السوداء التي غزت المجتمعات من التشنيع على تعدد الزوجات والزواج من سن مبكر وقوامة الرجل على المرأة وغير ذلك .

9- يحاربون تعدد الزوجات مع ما فيه من مصالح عظيمة للمرأة فلو كان شائعا في الأمة مع الزواج من سن مبكر لما حرمت أنثى من زوج يرعاها ويحنو عليها وينفق عليها لا مطلقة ولا قبيحة ولا مريضة ولا غير ذلك فتسببوا بدعوتهم هذه إلى حرمان ملايين النساء من رعاية زوج ونفقته وسكنه ومودته .

10- يدعون أنهم حريصون على تحقيق حقوق الطفل وهم يفتحون الأبواب لقتله جنينا في بطن أمه أو خروجه من بطنها بالحرام لا يعلم والده ولا تتفرغ لتربيته أمه لانشغالها بالعمل لتنفق على نفسها وبالتنقل بين أحضان الرجال لتكون متحررة من كل خلق ودين وكرامة أو يكون الولد قد جاء للمرأة بعد أن غشيها عدد من الرجال لا يعلم من أبوه بالتحديد منهم إلا أن أحدهم هو أبوه لا يخرج عنهم .
11- وكيف يريد تحقيق حقوق الإنسان من يسوغ اللواط والسحاق وأي مصحلة وحقوق تتحقق للإنسان بإباحة ذلك مع كونه مع إفساده لدين البشر ينزل بهم إلى أحط المستويات ويقضي على نظام الأسرة الذي لا سكن للإنسان ولا استقرار ولا هناء بعد القضاء عليه مع ما يسبب ذلك من أضرار بدنية ونفسية . فهل يحقق أدعياء تحرير المرأة للمرأة مكسبا عندما يشجعون على أن يقترن الرجل بالرجل وهل سيكون لها منزلة وقدر بعد ذلك وهل ستكون أما وزوجة يرعاها زوج وينفق عليها ويحميها ويقوم بمصالحها ؟.

12- لماذا لا يوجه أدعياء حقوق المرأة دعوتهم إلى الكفار الذين لا يؤمنون بوجوب نفقة المرأة على زوجها بدل أن يطلقوا سهامهم في قلب المجتمعات الإسلامية التي تكفل للمرأة المهر والنفقة والرعاية التي لم يرها نساء الكفار ولا في الأحلام .


13- إذا كان سبب انطلاق الدعوة إلى تحرير المرأة هو عدم مساواة المرأة بالرجل في الأجور فلم يسكتون عن استمرار المصانع والمحلات على ذلك مع استغراقهم في الطعن بشرائع القرآن بما فيه منافاة للدين والعقل والفطرة .

14- يستغرقون في الحديث عن حقوق المرأة ويهملون حقوق الرجل وكأنه ليس إنسانا له حقوق لا يشكرونه على ما يقدمه في المجتمعات الإسلامية للمرأة من نفقة وعناية ورعاية وحماية وسكن ومسكن مع حرمان المرأة الكافرة من ذلك في بلاد الكفار ولا يحثون المرأة ذات الخلق السيئ على أن تحسن صحبة زوجها الذي يشقى من أجلها ومن أجل صيانة أسرتها ومملكتها وعفتها وكرامتها وليس لهم مواقف مستحسنة في زجر من تؤذي زوجها وتعتدي عليه وتسرق من ماله ولا تصون نفسها وولده وماله في حال غيبته وأما من كانت امرأة صالحة تشكر لزوجها وتطيعه وتحسن صحبته فهم يفسدونها على زوجها ويحرضونها لتعصيه وتخرج عن طاعته .


15- يحرضون المرأة على الانفلات والفاحشة حتى إذا تعرضت للأذى من أهلها صاحوا وهاجوا وماجوا زاعمين أنهم قد رحموها وأرادوا حمايتها وهم الذين أفسدوا أفكارها والأجواء من حولها وسببوا لها الخسران المبين وضياع الكرامة وكل إهانة ثم بعد ذلك أرادوا حمايتها ولو دعوها للفضيلة وحرصوا أن يحفظوها من الرذيلة لكان في ذلك حماية لها وإكرام لأنوثتها وإنسانيتها .
16- إن دعوتهم كان لها أوخم العواقب
تأخر سن الزواج بما يعود بالضرر والحرمان على المرأة قبل الرجل، وانتشار العنوسة، وعزوف الشباب عن الزواج، وشيوع الطلاق بشكل لم يسبق له مثيل، وانتشار التفكك الأسري، ونشوء أولاد الحرام وشيوع قتل الأطفال والأجنة ونتج عن ذلك انتشار المخدرات والجرائم والجنون والأمراض النفسية والبدنية وشيوع الأمراض الجنسية الخطرة وأضف إلى ذلك ما هو أخطر من ذلك كله وهو ما ينتظرهم من عقوبة الله الذي لا يعذب عذابه أحد.

17- فيا أيها المسلمون اعلموا أن في دعوة أولئك إلى تحرير المرأة من خلقها وعفافها ودينها خسارة الدنيا والآخرة وأنهم ما أرادوا الخير لكم بالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة وإنما وراء الأكمة ما وراءها .
والحمد لله على نعمة الإسلام { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة].

كتبه أبو معاوية غالب الساقي المشرف على موقع روضة السلفيين www.salafien.com