هل بإمكان أمريكا تحويل هزيمتها إلى نصر في أفغانستان؟
د. فضل الهادي وزين

في خضم التصريحات الصادرة من كبار القادة السياسيين والعسكريين في أمريكا ودول حلف الشمال الأطلسي (نيتو) حول صعوبة كسب المعركة التي تخوضها جيوش تلك الدول في أفغانستان، وفي أعقاب الإعلان عن بعض تفاصيل الإستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما في أفغانستان، جاء قرار وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس بإقالة الجنرال ديفيد مك كرنن من قيادة القوات الأمريكية وقيادة قوات حلف الشمال الأطلسي في أفغانستان، وتعيين الجنرال ستانلي مك كريستال بدلا منه.
وبالرغم من تبرير وزير الدفاع الأمريكي لإقالة الجنرال مك كرنن بأنها تأتي في إطار السياسة الأمريكية الجديدة في أفغانستان وتعيين سفير جديد لأمريكا في كابل، إلا أن المراقبين يرون أن السبب الحقيقي لتغيير القيادة العسكرية الأمريكية في أفغانستان في خطوة تعتبر نادرة في تاريخ القوات المسلحة الأمريكية – حيث أن الجنرال مك كرنن خدم في هذا المنصب لمدة أقل من سنة – يعكس الفشل الأمريكي في تحقيق أي انتصار يذكر في مواجهة المقاومة الأفغانية التي تخوض حربا شرسة لطرد القوات الأجنبية المحتلة من أفغانستان.
و قد تولى الجنرال استانلي كريستال مهامه رسميا كقائد للقوات الأمريكية وقوات حلف الشمال الأطلسي في أفغانستان يوم 15 يونيو الجاري وسينضم إليه عدد كبير من المساعدين له بينهم بعض كبار الضباط والخبراء يتجاوز عددهم أربعمائة شخص.
و حاولت بنتاغون والجنرال كريستال نفسه إضفاء جانب أكثر إنسانية على الهدف الرئيس من تغيير القيادة العسكرية الأمريكية في أفغانستان وهو التقليل من وقوع عدد الضحايا المدنيين خلال مواجهات القوات الأمريكية مع مجموعات المقاومة في أفغانستان حيث دأبت القوات الأمريكية على ارتكاب مجازر مستمرة في حق المدنيين الأبرياء أغلبهم من النساء و الأطفال في مناطق مختلفة من أفغانستان وقد كان آخر تلك المجازر في ولاية فراه قبل شهر تقريبا حيث راح ضحيتها أكثر من (140) مدنيا بينهم أعضاء أسر بأكملها.
بينما يشك المراقبون في مصداقية مزاعم بنتاغون والقيادة العسكرية الجديدة حول الهدف من تغيير القيادة, يرى المحللون أن السبب الرئيس وراء هذا التغيير هو محاولة أمريكية جديدة لكسب معركتها الخاسرة في أفغانستان و تحقيق انتصارات على عدو سبق له طرد محتل لم يكن أقل شراسة و دموية من المحتل الجديد و قواته, فقد انتصر المجاهدون الأفغان على القوات السوفيتية ومعها المعسكر الشيوعي في العالم قبل أقل من عشرين سنة من اليوم.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما جعل ضمن استراتيجيتها الجديدة عدة أمور، منها التركيز على الحرب الإستخبارية و النفسية والإعلامية إضافة إلى الحرب العسكرية التي يتوقع أن تشهد سخونة متزايدة خلا ل الفترة المقبلة في موسم الصيف الأمر الذي يتطلب وجود قائد متمرس و لذلك دفع البنتاغون واحدا من أفضل جنرالاتها إلى أفغانستان وهو الجنرال استانلي كريستال الذي عمل في العراق و قبله في أفغانستان على أمل أن يحقق هذا الجنرال ما أخفق فيه أسلافه من جنرالات الجيش الأمريكي خلال السنوات الثمانية المنصرمة.
ولكن السؤال الكبير الذي يبحث عن الإجابة هو: هل سينجح قائد عسكري مهما أوتي من حنكة ودراية من تحويل معركة خاسرة إلى انتصار إذا كانت تلك المعركة تتفقد لأدنى الشرعية ولا يصدق عليها تعريف آخر غير الاحتلال حسب جميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية وقد كان مصير جميع الجيوش المحتلة على مدار تاريخ البشر الهزيمة عاجلا أم آجلا فهل يعي الأمريكان الدرس؟

http://www.islammessage.com/articles...id=15&aid=9553