الحلقة الثانية:
قال الشيخ ابو عبود عبدالله عبود باحمران- حفظه الله - في التعريف الثاني من كتاب( تعريف أولي النهى والأحلام بما في تعريف محمود سعيد ممدوح من الأخطاء والاوهام ):
أول مرة ممدوح يذكر القاعدة التي أغفلها, فلم ذكرها؟.
لأنَّها - حسب فهمه - تؤيد رأيه وبها لا يتخلى عن قاعدته الدائمة - وهي الأولى -, ما الدليل؟ الدليل:
أ) قوله: " .... كلاهما يقوي الرفع". والرفع رأيه.
ب) عند " الرفع زيادة ثقة وهي مقبولة" قال : وهو مذهب الخطيب وجماعة من أئمة الفقه والحديث".
ج) عند " الترجيح بأعتبار القرائن" تغافل وأهمل مَنْ ذهب اليه, لماذ؟ ومَنْ ذهب اليه ؟
د) " والقرائن تقوي الحكم بالرفع أيضاً". وهذا رأيه ولهذا ذكر القاعدة الأخرى.
والترجيح بأعتبار القرائن ستعرف - إن شاء الله - أنَ مَنْ ذهب اليه هم أئمة أهل الحديث في العلل.
12) قال في (3/278): " والرجل لم يخالف أحداً, بل أتى بزيادة , والمحدثون يبالغون في الأحتياط الذي ينزع بهم الى التشدد, ورد الزائد الى الناقص"اهـ.
** ومثله في (3/368) ولكن تناقض فقال : " بعض المحدثين"
تأمل هذا القول وتفكَّر فيه هل هو قول من يكتب كتاب عِلل على مذهب أئمة العلل, أم هو قول حنفي المذهب أصولاً وفروعاً؟
فممدوح يفصح ويعلن أَنَّ : " الموقوف ( الناقص) يُعِلُّ المرفوع ( الزائد)" و " المرسل ( الناقص) يُعِل الموصول (الزائد) " هو من " مبالغة المحدثين في الاحتياط الذي ينزع بهم إلى التشدد".
فمِنْ هذا فقط هل ممدوح مع المتشددين الذين بالغوا في الاحتياط وهم المحدثين؟.
13) في (4/ 63-65) كشف ممدوح عن منهجه وإصراره عليه عندما قال في (4/64) :" وإني على استحياء من حالي أمام هؤلاء الأئمة الكبار : دعوى الإدراج أو الوهم أو الشذوذ تصح إذا تفرد
بها الزهري, أمّا ولم يتفرد بها فلا بد من الجمع بين الروايات التي ظاهرها الاختلاف." اهـ.
لله دَرُّ ممدوح صاحب "كتاب علل" و "الأئمة لكبار" في غفلة أن يجمعوا بين الروايات.
** ثم ختم تعريفه بوهم " الأئمة الكبار" وليس " الشيخ ناصر الدين الألباني " فقط , فقال في (4/65) :" والأخذ بالزائد واجب لأنَّها زيادة ثقة"اهـ.
قول واضح : " واجب" على " الأئمة الكبار" أي: قصروا فيه أو غفلوا عنه فلم يقوموا به. إنا لله وإنا إليه راجعون.
14) قال في (4/345) : "وهذا الأثر الموقوف لا يصلح لمعارضة المرفوع, ويجب الإضراب على هذه الطريقة فالحجة في فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وفعل الصحابي لا يُعِلُّ الصحيحَ المرفوع في شيء."هـ.
تأمَّل : " يجب الإضراب على هذه الطريقة " ما هي هذه الطريقة؟.
الموقوف يُعِلُّ المرفوع , المرسل يُعِلُّ لموصول. يجب إلغاء هذه الطريقة حكم صدر من ممدوح وكتابه "كتاب علل".
وهذه الطريقة طريقة مَنْ؟ . سيأتي ذكر أسماء مَن سلكها - إن شاء الله-.
15) قال في (5/83) : " .. فيكون التصريح بالسماع "شاذَّاً" لأنَّه من رواية الأقل وقد خالفوا الأكثر.
أجيب بأن " عن" من المدلس تحتمل السماع وغيره, فهي ليست نصاً في عدم السماع, بل هي توجد ريبة في السماع فيتوقف من أجلها إلى أن يتبين السماع احتياطاً, فهي كالضعيف الذي يحتاج لجابر يتقوَّى به, وعليه فالسماع لا يخالف العنعنة, ولا يحكم للرواية التي فيها التصريح بالسماع بالشذوذ البتة لأنَّها موافقة وداخلة في الجملة للرواية التي فيها العنعنة."اهـ.
هل هذا قول يجيء في (كتاب علل)؟ ارجع إلى ما نقلته في الفقرة (11). وأنقل منها :" ..... والقرائن تقوي الحكم بالرفع أيضًا, فإن من رفع الحديث أكثرعدداً ( وهم سته) مِمَّن وقفه ( وهما اثنان)." اهـ.
الأكثر رووا بالعنعنة, والأقل رووا بالسماع, فأخذ برواية الأقل فأثبت السماع.
الأكثر رووا الرفع, والأقل رووا الوقف, فأخذ برواية الأكثر فأثبت الرفع.
فقد نفَّذ ممدوح حكمه بوجوب الاضراب على طريقة أئمة أهل العلل.
16) قال في (5/368) : " والمرسل لا يُعِل المتصل في شيء. والقاعدة في ذلك معروفة" اهـ.
17) قال في (5/509): " والوقف وإن رواه إمام حافظ هو عبدالرحمن بن مهدي , فإنَّ الرفع زيادة ثقة, وهي مقبولة رواها أبو أحمد الزبيري " اهـ.
18) قال في (5/523) : " روى الحديث بلفظ " صلاة الضحى" بدلاً من لفظ " غسل الجمعة" جماعة آخرون من أصحاب أبي هريرة وهم ثقات أيضاً, وأكثر عدداً , ورواية الأكثرين أرجح من رواية الواحد على طريقة كثير من المحدثين, ويخالفهم محدثون آخرون وأئمة الفقه والأصول على ما هو مقرر في مكانه." اهـ.
الأكثر الثقات رووا :" صلاة الضحى" وهذه الرواية رجحها الشيخ ناصر الدين الألباني وحكم بصحتها .
الثقات الأقل رووا: " غسل الجمعة" وهذه الرواية مرجوحة حكم الشيخ ناصر الدين الألباني عليها بالنكارة, فقال ممدوح في (5/522) :
" بل الحديث صحيح بهذا اللفظ , ودعوى النكارة والشذوذ مردودة ...."
ممدوح يمشي على طريقة مَنْ؟
19) قال في (6/22) : " وما رجحه البيهقي فيه نظر, فإنَّ المرسل لا يُعِل المتصل في شيء, فإن انفراد الثقة بما لم يخالف فيه غيره مقبول, كيف وقد توبع!" اهـ.
ترجيح البيهقي هو للمرسل : والبيهقي لايفقه متى يعل بالإرسال؟.
20) قال في (6/215) : " وحاصل ما تقدم أنَّه رواه عن عائشة موقوفاً ثقتان هما : القاسم, وعطاء . ورواه عنهما موقوفاً جماعة , وخالفهم عبيدالله بن أبي زياد فرفعه, فالمحفوظ هو الوقف على طريقة كثير من المحدثين, وآخرون يصححون الوقف والرفع . وهي طريقة فقهاء المحدثين"اهـ.
الشيخ ناصر الدين رأيه واضح فضعف المرفوع. و ممدوح صاحب (كتاب علل) وقف بين الطريقتين ليس حيران وإنَّما بما انه وجد مَنْ صحح ما ضَعَّفَه الشيخ ناصر الدين الألباني فهذا يشفي الغليل , ويبقى السؤال الأهم : على طريقة مَنْ يمشي ممدوح ؟
21) قال في (6/236) : " والرواية المزيدة لا تُعل بغيرها لتعين قبول زيادة الثقة" اهـ.
تأمَّل : " لتعين قبول .... " أي : لا خيار الاَّ وجوب قبول زيادة الثقة مطلقاً.
مِنْ هذه النقولات – وتركتُ غيرها – يتبين طريق ممدوح الذي سلكه.
والعجب سيدوم إلى ما شاء الله مِنِْ وصف ممدوح لكتابه (التعريف) بـ((كتاب علل)).
وهو وَضَعَه ليعرّفنا – على طريقة المُلَفَّقَةِ – بأوهام الشيخ ناصر الدين – المُتْوَهَّمَة - في أحكامه بتضعيف أحاديث في السنن الأربعة مع أنَّ العلل هي في بيان ما يخفى من قادح في الحديث, فكتاب ممدوح ضدُّ العلل.
وفي كثير من ( ضعيف السنن) التي حكم الشيخ ناصر الدين عليها بالضعف بيَّن
عللَها القادحة فتنوع حكمه في الإعلال فأعلَّ : بالشذوذ , وبالنكارة, وبالاضطراب , وبالإدراج وبالإرسال , وبالوقف , وأليك أرقامها في كتاب ممدوح (التعريف) :
( 6 , 8 , 15, 30 , 33, 35, 40, 46, 55, 57, 61, 63, 67, 72, 76, 83, 84, 93, 95, 96, 102, 108, 119, 126, 128, 135, 137, 138, 152, 154, 155, 156, 157, 161, 162, 163, 164, 169, 170, 171, 173, 177, 179, 196, 199, 207, 208, 209, 210, 211, 224, 229, 235, 236, 237, 238, 239, 244, 248, 252, 269, 271, 273, 283, 284, 287, 289, 305, 306, 315, 316, 318, 326, 328, 346, 349, 359, 378, 382, 383, 384, 385, 386, 390, 392, 395, 399, 402, 404, 405, 406, 419, 427, 429, 433, 435, 438, 444, 450, 451, 452, 455, 459, 466, 467, 469, 470, 473, 477, 485, 486, 487, 494, 495, 496, 498, 499, 511, 517, 519, 522, 524, 537, 538, 543, 545, 547, 551, 553, 554, 564, 569, 582, 603, 609, 616, 617, 648, 659, 667, 670, 671, 672, 677, 678, 683, 694, 699, 711, 712, 718, 734, 753, 758, 759, 774, 775, 777, 780, 784, 791, 793, 794, 809, 812, 816, 819, 828, 837, 838, 841, 842, 857, 867, 878, 881, 885, 888, 891, 898, 900, 901, 902, 904, 905, 909, 911, 913, 914, 917, 919, 920, 924, 925, 927, 929, 930, 934, 935, 937, 944, 946, 952, 954, 955, 956, 957, 958, 962, 966, 977, 978, 979, 981, 982, 987).
هذا الحشد الضخم من الأرقام سَلَّم ممدوح صاحب (كتاب العلل) منها بما لا يتجاوز عدد أصابع اليدين, والتي لم يجد لها ما يدفع إعلال الشيخ ناصر الدين لها بأي شيء.
سبب هذا أنَّ ممدوحاً سلك مسلكاً خالف فيه أئمة أهل الفن. وأُثْبِتُ هذا من قول الحافظ ابن حجر الذي وصفه ممدوح نفسه – ومَدْحُ ممدوح لموافقة رأيه- :
** فقال في (2/42) : " فللّه درُّ الحاف ابن حجر الذي فاق في معرفته وتذوقه للفن عدداً من أكابر الحفاظ المتقدمين." اهـ.
** وقال في (5/286) : " فللَّه در شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر.
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام ." اهـ.
فإذا نقلت ما يلي – إن شاء الله – لا يتبخر هذا المدح ويصير كقول ممدوح في (5/503) : " والتقريب ليس قرآناً" اهـ. والتقريب هو : تقريب التهذيب من أعظم كتب الحافظ.
** قال الحافظ في .......