ذكر صاحب كتاب " عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم " من عصمته شرح قلبه ثم ذكر شرح الصدر وذكر أن شق صدرره اربع مرات وهاك نصه :
أما الشرح الحسى : فقد حدث له {صلى الله عليه وسلم} أربع مرات وبه قال كثير من الأئمة :
وكانت المرة الأولى : عندما كان ابن أربع سنين من عمره المبارك، وكان القصد منها كما جاء فى الرواية - نزع العلقة السوداء من قلبه، كرامة له من عند ربه عز وجل، تلك العلقة التى ولد بها تكملة للخلق الإنسانى، لأنها حظ الشيطان من كل البشر، وقد تم بنزعها من قلبه {صلى الله عليه وسلم} ، أن نشأ مبرءاً من كل عيب، فنشأ على أكمل أحوال البشر من العصمة من الشيطان، والاتصاف بالمحامد العليا منذ نعومة أظفاره، والتى لا يفوقه فيها غيره()0
وقد أخرج الإمام مسلم فى صحيحه هذه المرة الأولى لشق صدره الشريف مجملة عن أنس بن مالك رضى الله عنه() أن رسول الله {} أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة،
فقال : هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده فى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعنى ظئره() فقالوا : إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط فى صدره"() فالحديث نص صريح على الشق الحسى لصدر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ()، وإخراج جبريل لحظ الشيطان منه، وتطهير لقلبه، فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه، وهذا دليل على عصمته من كل ما يمس قلبه، وعقيدته، وخلقه، منذ صغره {} 0
وقد تكرر شق صدره الشريف
للمرة الثانية، وهو ابن عشر سنين وأشهر من عمره الطيب المبارك، وهو سن بداية الكمال، وذلك لقربه من سن التكليف، من أجل أن لا يلتبس بشئ مما يعاب على الرجال، وحتى لا يكون فى قلبه شئ إلا التوحيد، كما كان أيضاً شق صدره الشريف هذه المرة توطئة لما بعده عند البعثة الشريفة()0
فقد أخرج عبد الله بن أحمد فى زوائده على المسند عن أبى بن كعب رضى الله عنه() أن أبا هريرة رضى الله عنه كان جريئاً على أن يسأل رسول الله {
} عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال : يا رسول الله ما أول ما رأيت فى أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله {
} جالساً. وقال : لقد سألت أبا هريرة إنى لفى صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسى، وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو؟ قال : نعم، فاستقبلانى بوجوه لم أراها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلىَّ يمشيان حتى أخذ كل واحد منهم بعضدى، لا أجد لأحدهما مساً، فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه؛ فأضجعانى بلا قصر ولا حصر، وقال أحدهما لصاحبه : أفلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدرى، ففلقها فيما أرى بلا دم، ولا وجع، فقال له : أخرج الغل والحسد، فأخرج شيئاً كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها، فقال له : أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذى أخرج يشبه الفضة، ثم هز إبهام رجلى اليمنى، فقال : اغد وأسلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير، ورحمة للكبير"()0
وكان
المرة الثالثة لشق صدره الشريف عند المبعث، وذلك لإعداد قلبه لتحمل عبء الوحى والرسالة، بقلب قوى فى أكمل الأحوال من التطهير() فعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله {
} نذر أن يعتكف شهراً هو وخديجة بحراء، فوافق ذلك شهر رمضان، فخرج النبى {
} ذات ليلة فسمع : السلام عليك، فقال : فظننتها فجأة الجن، فجئت مسرعاً حتى دخلت على خديجة، فسجتنى ثوباً، وقالت : ما شأنك يا ابن عبد الله؟ فقلت سمعت : السلام عليك، فظننتها فجأة الجن، فقالت : أبشر يا ابن عبد الله، فإن السلام خير، قال : ثم خرجت مرة فإذا بجبريل على الشمس، جناح له بالمشرق، وجناح له بالمغرب، قال فهلت() منه، فجئت مسرعاً، فإذا هو بينى وبين الباب، فكلمنى حتى أنست به، ثم وعدنى موعداً، فجئت له فأبطأ علىَّ، فأردت أن أرجع، فإذا أنا به وميكائيل قد سدا الأفق، فهبط جبريل وبقى ميكائيل بين السماء والأرض، فأخذنى جبريل، فاستلقانى لحلاوة القفا، ثم شق عن قلبى، فاستخرجه، ثم استخرج منه ما شاء الله أن يستخرج، ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده مكانه، ثم لأمه، ثم أكفأنى كما يكفأ الأديم، ثم ختم فى ظهرى حتى وجدت مس الخاتم فى قلبى، ثم قال : اقرأ، ولم أك قرأت كتاباً قط، فلم أجد ما أقرأ، ثم قال : اقرأ، قلت ما أقرأ قال }اقرأ باسم ربك الذى خلق{() حتى انتهى إلى خمس آيات منها، فما نسيت شيئاً بعد، ثم وزننى برجل، فوزنته، ثم وزننى بآخر فوزنته، حتى وزننى بمائة رجل، فقال ميكائيل : تبعته أمته ورب الكعبة، فجعلت لا يلقانى حجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله، حتى دخلت على خديجة قالت : السلام عليك يا رسول الله"()0
أما
المرة الرابعة التى شق فيها صدر النبى {
} فكانت ليلة الإسراء والمعراج وذلك تأهباً لمناجاة ربه عز وجل، والمثول بين يديه، واستعداداً لما يلقى إليه من سائر أنواع الفيوضات الإلهية، وما يراه من عظيم الآيات الربانية()0
فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كان أبو ذر رضى الله عنه() يحدث أن رسول الله {
} قال : "فرج عن سقف بيتى وأنا بمكة، فنزل جبريل عليه السلام، ففرج صدرى، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً. فأفرغها فى صدرى، ثم أطبقه. ثم أخذ بيدى، فعرج بى إلى السماء … الحديث()0
" إلى آآخر كلامه "
" فالمعروف أن النبي عليه السلام شُق صدره مرتين الذي رواه مسلم والذي رواه الشيخين " ؟