السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المعروف أن جلّ أصحاب العربية يذكرون في مقدمات كتبهم أن لغة العرب من أوسع الألسنة مذهباً. ومن هؤلاء ابن فارس رحمه في كتابه الصاحبي، حيث أفرد باباً فيه "أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها"، و سبقه الشافعي رحمه الله في رسالته حيث قال :" ولسان العرب أوسع الألسنة مذهباً"
ولا شك أن هذين الإمامين وغيرهما ذكروا هذا عن علم وخبر و من ثَمّ نصوا عليه على سبيل المدح والافتخار. والمتصفح لكلام أصحاب العربية، يجدهم يقولون إن للأسد أزيد من مئة اسم ويذكرون للسيف أسامي عديدة وكذا للسحاب إلخ...
وسواء قلنا إن هذه الأسماء الكثيرة هي مترادفات أو صفات عديدة لاسم واحد هو الأصل، فإن أبا الريحان البِيروني لم يكن يشاطر هؤلاء رأيهم، فقد صرّح بأن كثرة الترادف عيب في اللغة في حقيقة الأمر.
ذكر ذلك في بداية كتابه " الهند"، في معرض كلامه عن الأسباب التي تمنعنا من فهم الحضارة الهندية.
قال : " منها أن القوم (=الهند) يباينوننا بجميع ما يشترك فيه الأمم و أولها اللغة و إن تباينت الأمم بمثلها ومتى رامها أحد لإزالة المباينة لم يسهل عليه ذلك لأنها في ذاتها طويلة عريضة تشابه العربية. يتسمى الشيئ الواحد فيها بعدة أسام مقتضبة و مشتقة وبوقوع الاسم الواحد على عدة مسميات مُحوِجة في المقاصد إلى زيادة صفات إذ لا يفرق بينها إلا ذو فطنة لموضع الكلام وقياس المعنى إلى الوراء و الأمام ويفتخرون بذلك افتخار غيرهم من حيث هو بالحقيقة عيب في اللغة.
فهل يُعلم أحد تعقب كلام البِيروني هذا؟ وما رأي طلبة العلم في مثل هذا التصريح من هذا العالم ؟