بسم الله الرحمن الرحيم
*تذكرة*
من طلب شيئا سعى لنيله، واحتل هذا الشيء جزءاً من قسمات ليله ..
حتى في غمضات الجفون، وفي وسط نوم العيون، فالقلب لا ينام شوقاً وتعطشاً للّقاء ..
فكل مطلوب مرغوب، وكل مرغوب محبوب، والحب إذا نضج ونمى، ربما أصاب صاحبه بالعمى ..
كيف لا، وهو لايرى سوى الحبيب، كالمريض يسعى إلى الطبيب، والجرح ينتظر الإلتئام ..
والعجب من الذي يطلب وهو لم يسعى، كالراعي الذي يريد أن يحلب ولم يرعى، ترك القطيع بحمله الوديع، والذئاب متربصة تترقب، لتفاجأ بأن الفريسة طليقة سهلة ..
والإنسان إن ترك قلبه بلا رعاية وعناية، تربصت به الشياطين، وأصبح القلب فريسة سهلة لهم، يسوقونه إلى أي جهة يريدون، ذليلاً لا يستطيع صرف كيدهم عن نفسه، والقلب إن ضاع، ضاع معه صاحبه، وإن صلح القلب صلح معه صاحبه، لأنه ملك الأعضاء ..
هكذا هو حال من يطلب الهداية وهو جالس في مكانه، كأنه جريح وينتظر الدواء ولا يسعى لتحصيله، ألم ينسى أن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؟ فينبغي على طالب الهداية أن لاينتظرها، بل يجد في طلبها، حتى يلقاها قلبه فتبتهج عينيه، وتسر برؤيته مقلتيه، ويكتحل بها، حتى تتغلغل الهداية في أهدابه، فتزداد البصيرة، ويزداد الإيمان، والله سبحانه وتعالى يقول:
(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
فالعمى الحقيقي هو عمى القلب، فالقلب الذي لا يبصر الحق سيضل الطريق، وكم من عين لا تبصر الطريق، أبصرت طريق الحق عن طريق القلب، أسأل الله تعالى أن يصلح لنا قلوبنا وأعمالنا ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته