القدرة على تسهيل العلم أيا كان هذا العلم يدل على استحكامه في نفس صاحبه
كما يدل على نوع ذكاء والغرب أكثر اهتماما منا في هذا الصدد ويسمونه
(Popularization of science
(
..وأذكر أنه تم عقد ندوة بين مجموعة من "الدكاترة"
خلصوا فيها إلى بطلان ما يقال من أن الأستاذ الفلاني لا يستطيع إيصال المعلومة..
وقالوا :من كان فاهما للشيء..فلابد أنه يمكنه تفهيمه للآخرين
قلت:لاشك أن هذا صحيح من حيث الجملة..ولكن التفاوت في القدرة على إيصال
العلم ولاسيما العويص منه..أمر ملموس مشهود..
وقد اشتهر الأساتذة المصريون بهذا..حتى أن الواحد منهم قد يفهمك الشيء وهو لم يفهمه بعد!
وأذكر بهذه المناسبة أن أحد الأساتذة المصريين في المدرسة في مادة الرياضيات كان يدرسنا
هندسة الأشكال..فيقلب الدرس :غناءً..فيقول
إزا كان القوس يساوي القوس..ونحن كالمهابيل نرد عليه:فإن الوتر يساوي الوتر(أي في الدارة) وغير ذلك من الأهازيج الهندسية الكثيرة!
ومن اللطائف أن أحد الإخوة كان عاجزا عن فهم المضاف إليه رُغم ما قرأ عنه ..حتى أيقن أنه لن يفهمه..وجاء يشكو إلي..فكتبت له ورقة من أولها لآخرها:أمثلة كالآتي
بيت الله
كتاب خالد
سيارة زيد
شجرة الزيتون
إلخ..وملأت الصفحة
ثم قلت له هذا مضاف..وهذا مضاف إليه
تمعن في الأمثلة..وأعط لعقلك الفرصة الكافية لاستشفاف الأمر
ففهمها دون أي شرح (وهذا يؤكد ما قاله أبو مالك العوضي قبل أيام في أهمية القراءة لكلام العرب كوسيلة مثلى في فهم مسالكهم في الكلام)
وليس بعيدا عن ذلك..أن أحد الإخوة كان يسكن معي ..وكان يطيل المكث في الحمام
بالساعة والساعتين..فلما راجعته في الأمر تبين أنه موسوس وأن كل هذا الوقت يصرفه في التطهر والاستنجاء!
قال لي قرأت الكثير في علاج الوسوسة دون فائدة..قرأت للعثيمين وكذا وكذا
فألهمني الله هذا الرد ..
قلت له:هل بلغك أن الاستجمار بالأحجار يجزيء شرعا عند ربك؟
قال :نعم..
فقلت:أليس سيبقى آثار ولابد ..حال استعمال الحجارة؟؟
قال:بلى..
قلت:فربك عفا عن ذلك مع علمه بوجود شيء من النجاسة
فكيف وأنت تستعمل الماء؟..فهل أنت أغير من الله؟
فكانت سببا في شفائه ولله الحمد..
ومن الطرائف أن أحد الدكاترة في الجامعة
وضع امتحانا لطلبته ومن بينهم أخي
وكان يشتمل على سؤال واحد:كيف تشرح آلية مرض السرطان لطفل عمره ثماني سنوات؟!
أخيرا..يجدر التنويه أن علماءنا لم يغفلوا هذا الجانب..
فكثير من كتبهم تبدأ عناوينها بـ "تسهيل"..أو تيسير..أو تقريب
وهذه دعوة أن يكون بين أعضاء هذا المجلس الطيب ثلة طيبة
تحمل على عاتقها تسهيل العلوم للمبتدئين..وفق تدرج وخطة منهجية
وذلك في الحديث والتفسير والفقه وأصوله والعقيدة واللغة..
والله أعلم