تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    750

    افتراضي *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    فإن ظاهرة ضعف الإيمان مما عم وانتشر بين المسلمين، و يشتكي عدد كثير من الناس من قسوة القلوب، ويرددون عبارات من قبيل: "أحس بقسوة في قلبي حيث لا أجد لذة للعبادات", و"أشعر أن إيماني ضعف فلم أعد أتأثر بقراءة القرآن".

    وتجد آثار المرض بادية على الكثيرين منهم بأعراضها ومظاهرها المتعددة والتي منها:

    أولاً: قسوة القلب: حتى أنه ليحس قلبه قد انقلب حجراً صلباً لا يتأثر بشيء، والله - تبارك وتعالى - يقول حكاية عن حال بني إسرائيل: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }1 فصاحب القلب القاسي لا تؤثر فيه المواعظ، فلا يتأثر بالموت ولا برؤية الأموات، وربما حمل الجنائز بنفسه، وأهال التراب عليها، وكأن سيره بين القبور كسيره بين الأحجار, بخلاف حال السلف الصالح الذين كان أحدهم إذا مرَّ على قبر بكى حتى بلَّ الثرى؛ فعن البراء - رضي الله عنه - قال: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فجلس على شفير القبر, فبكى حتى بلَّ الثرى، ثم قال: ((يا إخواني لمثل هذا فأعدوا))2, وعن عبدالله بن بحير أنه سمع هائناً مولى عثمان - رضي الله عنهم - قال: "كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبلَّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما رأيت قط إلا القبر أفظع منه))3، فنسأل الله - تعالى - أن يلين قلوبنا بذكره.

    ثانياً: عدم الإتيان بالعبادات على الوجه المطلوب: ومن الأمثلة على ذلك شرود الذهن أثناء الصلاة, أو قراءة القرآن، وعدم التدبر والتفكر في آياته، بخلاف حال السلف وما كانوا عليه من الخشية فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اقرأ علي)) قلت: يا رسول الله آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((نعم))، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا}4 قال: ((حسبك الآن))، فالتفت إليه؛ فإذا عيناه تذرفان5"، وهكذا يجب أن يكون حالنا مع القرآن {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}6.
    "وعن بهز بن حكيم: أن زرارة بن أوفى التابعي الجليل - رضي الله عنه - أمَّهم في صلاة الفجر فقرأ حتى بلغ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ* فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ}7 خرَّ ميتاً، قال بهز: وكنت فيمن حمله، وكان أحمد بن أبي الحواري - رضي الله عنه - وهو ريحانة الشام كما قال أبو القاسم الجنيد - رحمه الله -: إذا قرئ عنده القرآن يصيح ويصعق"8، فضعيف الإيمان فإنه لا يتأثر بآيات القرآن لا بوعدها ولا بوعيدها، ولا بأمرها ولا بنهيها، وتجد أنه يمل من سماع القرآن، بل لا تطيق نفسه مواصلة قراءته؛ فكلما فتح المصحف كاد أن يغلقه, وهذا أمر مشاهد - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم -.

    ثالثاً: التكاسل عن وفي الطاعات والعبادات وإضاعتها أحياناً: وإذا أداها فإنما هي حركات وإسقاط واجب لا غير، وقد وصف الله - تبارك وتعالى - المنافقين بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}9، ويدخل في هذا التكاسل عدم اغتنام مواسم الخير وأوقات العبادة، وهذا يدل على عدم اهتمام الشخص بتحصيل الأجر، فيؤخر الحج وهو قادر مثلاً، ويتأخر عن صلاة الجماعة ثم يزيد الأمر ليتكاسل بعد ذلك عن صلاة الجمعة وهكذا، ويا ويلهم أين هم مما روته السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار))10، وتجد أحدهم إذا نام مثلاً عن الصلاة قام وصلى متى ما قام، وكأن الأمر لا يعنيه، ولا يشعر بخجل من الله - تبارك وتعالى - وإلى الله المشتكى، والكثير من الذين يتكاسلون عن عبادة الله - تبارك وتعالى - يبارزونه بالمعاصي - عياذاً بالله تعالى - حتى تكون عندهم عادة مألوفة، ثم يقعون في المجاهرة بها، ومن ثم ينطبق عليهم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي يقول فيه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه))11.

    رابعاً: عدم الغضب إذا انتهكت محارم الله - عز وجل -: لأن الغيرة في القلب قد انطفأت فتعطلت جوارح الإنسان عن الإنكار، فلا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر، ولا يتمعر وجهه قط لله - تبارك وتعالى -، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يصف هذا القلب المصاب بالضعف كما في الحديث الصحيح عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً؛ إلا ما أشرب من مراه))12,
    فهذا ذهب من قلبه حب المعروف وكراهية المنكر، واستوت عنده الأمور، فما الذي يدفعه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ بل إنه ربما سمع بالمنكر يعمل في أرض فيرضى به فيكون عليه من الوزر بذلك مثل وزر من شاهده فأقرَّه لحديث العرس بن عميرة الكندي - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: أنكرها - كان كمن غاب عنها, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها))13.

    نسأل الله - تعالى - أن يمنَّ علينا بإيمان كالجبال، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    ---------------------------------------

    1 سورة البقرة (74).

    2 رواه ابن ماجه في سننه برقم (4195)؛ وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (3383).
    3 رواه الترمذي في سننه برقم (2308)، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث هشام بن يوسف؛ وأحمد في المسند برقم (454) وقال شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح.
    4 سورة النساء (41).
    5 البخاري في صحيحه برقم (4763)؛ ومسلم برقم (800)، واللفظ للبخاري.
    6 سورة ص (29).
    7 سورة المدثر (8-9).
    8 التبيان في آداب حملة القرآن (1/89).
    9 سورة النساء (142).
    10 رواه أبو داود رقم (679)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (510).
    11 رواه البخاري في صحيحه برقم (5721).
    12 رواه مسلم في صحيحه برقم (144).
    13 رواه أبو داود في سننه برقم (4345)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (689).

    المصدر : موقع إمـام المسجد
    [والإجماع منعقد على وجوب التوبة ؛ لأن الذنوب مهلكات مبعدات عن الله ، وهي واجبة على الدوام ، فالعبد لا يخلو من معصية ، لو خلا عن معصية بالجوارح ، لم يخلُ عن الهم بالذنب بقلبه]
    (ابن قدامة المقدسي)

  2. افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    نفع الله بك وجزيتي خيرا
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  3. افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    لـرفع
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    750

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    رفع الله درجتكِ في أعالى الجنة ..
    اللهم آمين ..
    لقد ذكرتني يا أخية ، برفعك لهذا الموضوع ـ وقد كنتُ ناسيةً ـ ، أيامًا خلتْ مِنْ قبل ..
    ذكَّركِ الله الشهادة ، وعرّفكِ الله الجنة ..
    سبحان الذي يُصرّف الأمور كيف يشـاء ..

    بينًا ترى الإنسان فيها مُخبرًا .. إذ به خبرٌ من الأخبار !
    [والإجماع منعقد على وجوب التوبة ؛ لأن الذنوب مهلكات مبعدات عن الله ، وهي واجبة على الدوام ، فالعبد لا يخلو من معصية ، لو خلا عن معصية بالجوارح ، لم يخلُ عن الهم بالذنب بقلبه]
    (ابن قدامة المقدسي)

  5. افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    وايــاك
    أسأل الله أن ينفع بك الأمـة أختي الغاليه ربـوع الأمه
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    ياعين قد عفت البرودة فادمعي ان الدموع حرارة الوجدان
    ياقلب حسبك من ضياعك ما مضى وكفاك لهوا في دجى العصيان
    بارك الله فيك وبمواضيعك القيمة جزيت الجنة

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    644

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    روعة الله يبارك فيك على العكس أول مرة أقرأه أستفدت منه..فلذلك يرفع للفائدة
    ربنا لاتجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    فرنسا
    المشاركات
    257

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    كتب الله أجركِ أختي ربوع الإسلام
    ورفع الله قدركِ أختي الغالية قلبي مملكة
    أرجو ممن يقرأ توقيعي أن يدعو لابنتي بالشفاء العاجل

  9. #9
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    رب ارزقنا قلوبا سليمة وارزقنا حسن الإيمان بك
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: *من مظاهـر ضعف الإيمــان *

    قال صلى الله عليه وسلم : [إن الإيمان لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدكم كما يَخْلَقُ الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ] فإذا سعى العبد في زيادة إيمانه واستعان بالله عز وجل ، عَادَ نُور قلبه يضيء كما كان )
    ومن طرق علاج ضعف الإيمان مايلي :
    1 - تدبر القرآن العظيم


    2 - استشعار عظمة الله عز وجل ومعرفة أسمائه وصفاته


    3 - طلب العلم الشرعي


    4 - لزوم حِلَقِ الذِّكْرِ


    5 - الإستكثار من الأعمال الصالحة


    6 - الإكثار من ذكر الموت


    7 - الخوف من سوء الخاتمة


    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجدد الإيمان في قلوبنا ، اللهم حَبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •