مقتدى الصدر .... منتهى الغدر




عزالدين بن حسين القوطالي
تونس


قال الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حينما سؤل في صفة الغوغاء : هم الذين إذا إجتمعوا غلبوا وإذا تفرقوا لم يعرفوا . وقيل أيضا هم الذين إذا إجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا نفعوا فقيل عرفنا مضرة إجتماعهم فما منفعة إفتراقهم ؟ فقال : يرجع أصحاب المهن الى مهنهم فينتفع الناس بهم كرجوع البناء الى بنائه والنساج الى منسجه والخباز الى مخبزه وأتي بجان ومعه غوغاء فقال لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا عند كل سوأة ؛ وقال الشيخ محمد عبده في شرحه لنهج البلاغة : ((الغوغاء بغينين معجمتين أوباش الناس يجتمعون على غير ترتيب وهــم يغلبون على ما إجتمعوا عليه ولكنهم إذا تفرقوا لا يعرفهم أحد لإنحطاط درجة كل منهم )).
ذلك هو بالضبط حال من يسمون أنفسهم اليوم بجيش المهدي أنصار الفتى الغبي المعتوه الأحمق مقتدى الصدر أو الملا أتاري كما يسمونه في الأحياء الشيعية بالعراق لولوعه بالألعاب الإلكترونية حينما كان صغيرا ومحاولته تحويل هوايات الطفولة والصبى الى حقائق على أرض الواقع وممارسات طفولية يومية من خلال الإعتماد على مجموعة من القتلة والمنحرفين والمشبوهين والمجرمين والمختبلين لتنفيذ ما وقع إختزانه في ذاته وشخصيته من مزوشية قوامها التلذذ بآلام الغير والإنتقام من العراقيين شيوخا وأطفالا ونساءا ومن العراق حضارة وتاريخا ومعالما .

إن أولائك المجرمين المنضوين تحت لواء ما يسمى جيش المهدي لم يكونوا يوما ذوي مبادئ أو قيم يدافعون عنها اللهمّ إلا إذا إعتبرنا أن السرقة والنهب والخيانة والعمالة مبادئا والحقد الطائفي والفساد الأخلاقي قيما وأغلب الظنّ أنها كذلك بالنسبة لمن لا شرف ولا كرامة ولا مروؤة لهم من الغوغاء والسفلة الذين عاثوا في البلاد فسادا تحت شعار الحوزة الناطقة والوفاء لصاحب الزمان مهديّهم المنتظر وبقيادة طفل مراهق لم يفطم بعد عن حليب أمه ولم يحرز من العلم بمقوّمات الحياة والفهم لطبيعة المشكلات التي تعاني منها الأمة إلا النزر القليل وكيف يطلب منه أكثر من ذلك وهو لم يتجاوز في دراسته الدينية مجرّد مستوى – طالب بحث خارجي – ولم يتجاوز من العمر الثلاثة والثلاثون سنة ولم يتحرر بعد من عقدة الإحساس بالدونية والجهل والأمية السياسية ولم يتمكّن من نحت شخصية مستقلة حرة مثله كمثل الدجاجة التي حاولت أن تقلّد الأسد في مشيته فلا هي إستطاعت أن تمشي مثله ولا هي إستطاعت أن تحافظ على مشيتها الأصلية .
فذاك المقتدى حاول مرارا وتكرارا أن يقتدي بأسياده الفرس المجوس الصفويين وأساتذته من الآيات الشيطانية القابعة في قم وطهران فلا هو إستطاع أن يكون مثلهم ولا هو إستطاع أن يحافظ على عروبته وإسلامه فأضحى هجينا مختلطا لا طعم ولا رائحة ولا لون له مزدوج الشخصية والهوية عربي في النهار فارسي في الليل مسلم في القول كافرا أشدّ ما يكون الكفر في الفعل مناضل ضد الإحتلال في الخطابات والتصريحات والشعارات عميل صغير حقير في الممارسات اليومية عظيم كبير في عيون أتباعه ومريديه صغير أبله معتوه لدى أغلب أبناء شعبنا في العراق العظيم ولله في خلقه شؤون إذ صدق من قال إنه كما تكونون يولى عليكم فهذا الفرع من تلك الشجرة الضاربة بجذورها في أعماق تاريخ الأمة والتي أثمرت على مرّ العصور مجموعة من المنافقين والعملاء والخونة الذين إحتار في أمرهم الإمام علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه إذ قال فيهم : (( لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها وأصبحت أخاف ظلم رعيتي أستنفرتكم للجهاد فلم تنفروا وأسمعتكم فلم تسمعوا ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا ونصحت لكم فلم تقبلوا ... أشهود كغياب وعبيد كأرباب ؟ أتلوا عليكم الحكم فتنفرون منها وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ترجعون الى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم ... أيها الشاهدة أبدانهم الغائبة عنهم عقولهم المختلفة أهواؤهم المبتلى بهم أمراؤهم لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجل منهم )).
فكأنّ الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يتحدّث عن هؤلاء المجتمعين اليوم حول راية الدجال الصغير مقتدى وتحت عنوان هلامي خرافي أسطوري إبتدعه السابقون في النفاق والخداع والتآمر وصدّقه اللاحقون ممن يسمون أنفسهم بجيش المهدي والذين يتكونون من شقين إثنين الشق الأول وهم الأغلبية ونعني بهؤلاء الشروقيين أو الشروكيين على إعتبار إنحدارهم من أصول غير عربية إذ ترجع أصول هؤلاء الى مناطق بلوشستان ولورستان والهند وباكستان وظلوا مستقرين في العراق لعشرات السنين بدون وثائق هوية أو جنسيات أو جوازات سفر حتى جاء عبد الكريم قاسم ومنحهم الجنسية العراقية نظرا الى أن والدته من تلك الأصول وشيد لهم المجمعات السكنية حول العاصمة بغداد كحي الثورة والأمين والفضيلية والعبيدي والشماعية والحسينية وأبو دشير والدباش والشعلة والحرية والإسكان وغيرها من الأحياء الشعبية في بغداد ورغم حصولهم على الجنسية العراقية فإنهم ظلوا محتفظين بأصولهم العرقية الى يومنا هذا فلا عجب والحالة تلك أن تكون السمة البارزة والصفة المميزة لهؤلاء الأعاجم هي تغليب الإنتماء الطائفي والمذهبي على الإنتماء الوطني وهذا يعني أن مصطلحات الوطنية والقومية لا وجود لها إطلاقا في قاموسهم ومعجمهم الأسود أما الشق الثاني من عصابة مقتدى فيتكون أساسا من المجرمين وقطاع الطرق واللصوص وذي السوابق العدلية ومساجين الحق العام الذين أفرجت عنهم قوات الغزو الأمريكية حينما سقطت العاصمة العراقية بغداد في 09/04/2003 ومن الطبيعي أن تلتحق هذه الشرذمة الضالة بما يسمى بجيش المهدي لتحتمي به وتختبئ تحت شعاراته لتحقيق أهدافها الإجرامية التي إبتدأت منذ اليوم الأول لإحتلال بغداد من خلال سلسلة السرقات التي طالت أغلب دوائر الدولة ومرافقها العامة وكلّ ما له علاقة بالوثائق الثبوتية وهويات المواطنين وسجلات الحالة المدنية وشهادات التملك وغيرها فأختلط بذلك الحابل بالنابل وأصبح بإمكان المجرم والمنحرف والسارق أن يدعي بكلّ وقاحة أنه مواطنا شريفا أبيض اليدين بإعتبار أن سجلاته بوزارة الداخلية ومصالح السجون قد وقع إتلافها وإعدامها وأصبح بإمكان الفارسي المجوسي بل وحتى عميل الموساد أن يدّعي بكلّ صفاقة أنه عربي إبن عربي ويتّخذ لنفسه إسما عربيا كما فعل العديد من الأعاجم في ما يسمى بالحكومة العراقية الحالية أمثال موفق الربيعي وباقر صولاغ وعلي الدباغ وغيرهم ممن إدعوا لإنفسهم هوية عربية وهم في الحقيقة أعاجم لا يعرف لهم أصل ولا ولا فصل ولا نسب مثلهم كمثل أسطورة أساف ونائلة الذين زنيا في الكعبة فمسخا حجرين ووضعا عند الكعبة ليتعظ بهما الناس فلما طال مكثهما بذلك المكان وعبدت الأصنام عبدا معها وأصبحا مزارا لقبائل الجزيرة عند الحجّ يتمسّح بهما وتذبح عندهما القرابين تكرّما وعبادة .
وبعد كلّ ما تقدّم يطلع علينا الدعيّ الكذاب الدجال مقتدى ليسمي عصابته الإجرامية بجيش المهدي وحزب الله وأنصار آل البيت والحاملين لراية المستضعفين في الأرض والمقارعين للإحتلال وغيرها من التسميات الفضفاضة وكأنهم ملائكة نزلت من السماء لتحقق العدل والأخلاق في الأرض وهم كما يعلم القاصي والداني شياطين من الإنس وعصبة من الأشرار الحاقدين جاؤا مع الإحتلال لينتقموا من العراق تاريخا وحضارة ولينشروا الموت في كلّ زاوية وركن وبيت وشارع في أرض السلام وبلاد الرافدين لا همّ لهم إلاّ تقسيم البلد الى دويلات وطوائف متناحرة والقضاء على كلّ صوت مقاوم والذبح على الهوية والتطهير المذهبي والتهجير القسري بمباركة وتشجيع قوات الغزو الأمريكية التي يدّعون زورا وبهتانا أنهم يحاربونها ويقاومون وجودها والحال أنهم حماة لها ومنفذين مخلصين لمشاريعها وأهدافها في العراق رغم بعض المناوشات التي تحصل هنا وهناك بين الطرفين لأسباب مصلحية مثلما كان الأمر في النجف الأشرف حينما تمّ إغتيال عبد المجيد الخوئي من طرف عصابات جيش المهدي بسبب الصراع على مقام الإمام علي ابن أبي طالب ومفتاح الباب السري للهبات والصدقات والنذور والأموال المخزونة بالمزار ولكن سرعان ما تمّ حسم الخلاف وتصفيته وإرجاع المياه الى مجاريها بعد إبرام صفقة مخزية مهينة تمّ من خلالها تسليم أسلحة ما يسمى بجيش المهدي الى قوات الغزو مقابل بضعة دولارات ولن ننسى تلك الصورة الكاريكاتورية التي وقف فيها الغوغاء الصدريون مصطفين في طوابير لا نهاية لها لتسلّم ثمن بيع سلاحهم الى الغزاة وقد فاتهم وغاب عنهم أن من باع سلاحه باع شرفه وعرضه ومن باع شرفه وعرضه قادر على بيع وطنه وأمته وتاريخه الى الشيطان إن لزم الأمر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله .
ومن هناك فإن هذه الشرذمة الضالة المنضوية تحت لواء ما يسمى بجيش المهدي تعكس بالضرورة صورة قائدها وزعيمها وملهمها الفتى مقتدى الصدر الذي يعكس بدوره صورة النفاق والخداع والحقد الطائفي والجهل والأمية السياسية والغدر وكلّ الصفات السيئة التي إتسعت لها مفردات اللغة العربية فصدق فيه ومن والاه قول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : (( أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحذركم أهل النفاق فإنهم الضالون المضلّون والزالون المزلّون يتلوّنون ألوانا ويفتنّون إفتنانا ويعمدونكم بكلّ عماد ويرصدونكم بكل مرصاد قلوبهم دوية وصفاحهم نقية يمشون الخفاء ويدبون الضراء ... يتوصّلون الى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به أعلاقهم يقولون فيشبّهون ويصفون فيموّهون قد هوّنوا الطريق وأضلعوا المضيق فهم لمّة الشيطان وحمّة النيران )).
وكما جاء في قوله تعالى بسورة المجادلة الآية 19 : (( إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولائك هم حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )) .