الشات وخطره
علاقة عن طريق النت أنا طالبة في الكلية ، مشكلتي أنني تعرفت على شاب من طريق النت ( الشات) .
كانت العلاقة في بادئ الأمر علاقة احترام وتبادل معلومات إلى أن انقلبت إلى حب وغرام .
والدتي رافضة فكرة الزواج منه ، وتهددني بإخبار والدي بهذه العلاقة ، وأنا لا أستطيع الصبر عنه وهو كذلك ، إذ أخبرني أنه سوف ينتحر إذا لم يتم الزواج بيننا .
أرجو إرشادي فأنا لا أستطيع الابتعاد عنه ولا أريد الزواج من غيره فهل من حلٍّ أرجوكم ؟.
الحمد لله
اعلمي – وفقك الله – أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة ، وانتهاك حرمات الله ، والعياذ بالله . أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة .
وأنت – وفقك الله – أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات) قبل أن تعرفي حكمها الشرعي ، ثم وقعتِ في خطأ آخر ، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة .
فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار !!!
فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع ، وعضُّ أصابع الندم ، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف ، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين ، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين :
أولهما : إما أن يكون صادقاً في تهديده ، وهذا يعني ضعفاً شديداً في الإيمان ، إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية .
وثانيها : أن يكون كاذبا ً، وهذا يعني انتهازية مقيتة ، وابتزازاً سخيفاً ، تنمُّ عن أنانية فجة ، وتقديساً للمصالح الشخصية ، ولو قُدّر لكِ الزواج بهذا الإنسان ، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك ، وسيظل فاقداً الثقةَ بكِ ، أو الاطمئنان لحياته معك ، فالفتاة التي حصل عليها عبر المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت ، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة علاقات مشابهة مع الآخرين ، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين .
وأخيراً : اعلمي أن هذه النصيحة المقدمة لك إنّما دافعها الحرص عليك ، وإخلاص المشورة لك ، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن الكرامة والمروءة والشرف ، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله ، وتوبي إلى الله واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها ، واحمديه ثانية أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل ، وابدئي – حرسك الله – حياة جديدة ملأى بالطهر والعفة ، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش ، وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن ، ومجالسة الصالحات ، ومع الوقت ستذوب علاقتك بذاك الإنسان ؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع ، أو زمام العقل الرشيد ، واحذري أن يستخفكِ الشيطان ، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة للأبد ، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية ، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق والغرام ، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله ، ودوام العمل في مرضاته سبحانه ، هذا ونسأل الله أن يجعل لك من همك فرجاً ، ومن ضيقك مخرجاً
د. رياض المسيميري .
تعرف ابنه على فتاة عبر الشات ويريد الزواج بها تعرف ابني البالغ من العمر إحدى وعشرين عاماً على فتاة في مدينة أخرى عن طريق الشات ، وظل يواصل الاتصال بها ثم أخذ يحادثها هاتفياً، وأعجب بها وأُعجبت به ، وتطورت العلاقة بينهما خلال عدة أشهر إلي أن اتفقا على الزواج ، علما بأنه- حسب ما ذكر لي - لم يحصل بينهما أي لقاْء ،ثم طلب مني أن أخطب له تلك الفتاة، حيث إنه في البداية لم يصارحني بأنه تعرف على تلك الفتاة عن طريق الشات ، بل لجأ في البداية إلى عمته الموظفة التي أسرَّ لها بذلك ، وطلب منها أن تدعى معرفتها بتلك الفتاة عن طريق إحدى زميلاتها في المدرسة وأن تتصل بأم الفتاة ، وتخبرها برغبة أهله بالتعرف عليهم تمهيداً لخطبتها منهم وفعلا قامت بذلك ، إلا أنى قد جابهت طلبه بالزواج منها بالرفض القاطع لعدة أسباب :
أولاًً : لأن الطريقة التي تعرف بها على تلك الفتاة غير مشروعة .
ثانياً : أنه لا يعرف عن حقيقة أخلاقها الشيء الكثير وكل ما يعرفه عنها كان من خلال المكالمات فقط.
ثالثاً : أنه كذب علي في بداية الأمر، ولجأ إلى عمته في موضوع حساس كان يجب أن يبقى طي الكتمان حتى عن أقرب الناس حتى يتم، ثم يعلن للآخرين .
رابعاً : أننا ولله الحمد ننتمي إلى أسرة محافظة وهذا الأسلوب في الاتصال مع الفتاة لا يتفق مع مبادئنا وقيمنا فضلاً عن عاداتنا وتقاليدنا. الخلاصة أنني في حيرة شديدة من أمره، حيث أنه الآن صار متعثراً في دراسته الجامعية وأصبح ميالاً إلى العزلة.
علماً بأنه كان متفوقاً في دراسته في السابق، وكلما حاولنا ثنيه عن التفكير في هذا الموضوع والانتباه لدراسته عاد مصراً على أن موافقتنا له على الزواج من تلك الفتاة سوف يكون سبباً في استقامة حاله وإسعاده ، وأننا سوف نتقبل تلك الفتاة ونعجب بها .
فما هو رأى فضيلتكم في هذه المشكلة المحيرة .
الحمد لله إن هذه المشكلة – وغيرها كثير – تؤكد صحة ما ينادي به كثير من الدعاة والمصلحين من ضرورة الانتباه لتعامل أبنائنا وبناتنا مع الإنترنت ، والحذر من الدخول في حوارات بين الرجل والمرأة عبر الشات ؛ لما في ذلك من الفتنة المحققة ، وما يتبعها من اتصالات ولقاءات .
ولاشك أن ابنك أخطأ في إقامة هذه العلاقة مع امرأة أجنبية لا تحل له ، وأخطأ في كذبه عليك ، وفي إفشاء هذا الأمر لعمته ، لكننا لا نوافقك على مبدأ رفض الزواج من هذه الفتاة ، لا سيما إن شعرت بشدة تعلق الابن بها ، وذلك لما يلي :
أولا : ليس كل فتاة يقع منها هذا التصرف يمكن الحكم عليها بأنها منحرفة أو سيئة التربية والخلق ، فقد يكون هذا منها على سبيل الزلة والسقطة ، كما هو الحال مع ابنك .
ثانيا : ما أصاب ابنك الآن من ميول للعزلة وتعثر في الدراسة قد يكون لتمكن حب هذه الفتاة من قلبه ، ومثل هذا قد لا ينفع معه دواء غير الزواج بمن أحب ، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة (1847) " لم ير للمتحابين مثل النكاح " والحديث صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة .
ثالثا : كون الابن لا يعرف كثيرا عن أخلاق هذه الفتاة يمكن علاجه بالسؤال عنها والتوثق من حالها.
ولهذا نرى أن تسعى لمعرفة حال هذه الفتاة وحال أهلها ، فإن كانت على غير الصفة المرضية ، كان هذا عذرا مقنعا لابنك حتى يصرف تفكيره عنها.
وإن رضيت حالها وحال أهلها بعد البحث المتأني ، فلا مانع من زواج ابنك منها ، بل هذا خير علاج له ولها.
ومحل هذا الكلام إن شعرت بشدة تعلقه بها وحرصه على الزواج منها ، كما سبقت الإشارة إليه ، أما إن كان الأمر مجرد فكرة راقت له ، ولم يبلغ الأمر مبلغ العشق أو التعلق الشديد ، ورجوت نسيانه لها وانصرافه عنها ، فاثبت على مبدأ الرفض ، وكن معينا له في البحث عن ذات الخلق والدين والعفة ، فما أكثر الصالحات العفيفات اللائي لم يعرفن الرجال ولم يخضن غمار الفتنة .
والجأ إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك ، واستعن بصلاة الاستخارة في جميع ما تقدم عليه من أمر.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
تائب من علاقته بامرأة عبر الانترنت أنا سعيد لأنني تعرفت على فتاة عن طريق الإنترنت وبدأت أحبها ، توقفت بعد هذا لأنني أحب الله ، قلت لها بأنني آسف ولن أستطيع أن أحبك لأنني أحب الله .
هل سيكتب هذا في ذنوبي يوم القيامة لأنني أحببت تلك الفتاة ثم عرفت بأنني على خطأ فتركتها وقلت لها بأنني أحب الله أكثر ولا أستطيع أن أعصي أوامره ؟ وهل سيكتب في ميزان حسناتي ما فعلت ؟ وهل سيتم سؤالي عن ما فعلته قبل أن أترك تلك الفتاة ؟
شكراً وآسف لطرحي لهذا السؤال الغبي .
الحمد لله
نتعجب جدّاً من وصفك لسؤالك بأنه " غبي " ، بل هو غاية في الجودة والعقل والدِّين ، وإننا لنفتقد مثلك ممن يجاهد هواه ، ويقدِّم طاعة الله ورسوله على طاعة هواه ، ويخاف مقام ربِّه عز وجل .
ونبشرك بكل خير على ما فعلت من تركك لتلك الفتاة وتقديم محبة الله على المعصية ، ومن هذه المبشرات :
1. الثواب بجنتين .
قال الله تعالى : { ولمن خاف مقام ربِّه جنتان } الرحمن / 46 .
قال ابن كثير :
والصحيح أن هذه الآية عامة كما قاله ابن عباس وغيره ، يقول الله تعالى : { ولمن خاف مقام ربه } بين يدي الله عز وجل يوم القيامة ، ونهى النفس عن الهوى ، ولم يطع ولا آثر الحياة الدنيا ، وعلم أن الآخرة خير وأبقى فأدى فرائض الله ، واجتنب محارمه : فله يوم القيامة عند ربه جنتان ... " تفسير ابن كثير " ( 4 / 277 ) .
2. تبديل السيئات إلى حسنات .
قال الله تعالى – بعد أن ذكر عقوبة الشرك والقتل والزنى - : { إلا مَن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً } الفرقان / 70 .
وهي على القولين في تفسيرها من المبشرات لتارك المعاصي ، فقد قيل فيها : إن معاصيهم تُبدَّل إلى طاعات ، وقيل : بل السيئات نفسها تُبدَّل إلى حسنات .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
{ إِلا مَنْ تَابَ } عن هذه المعاصي وغيرها , بأن أقلع عنها في الحال , وندم على ما مضى له من فعلها , وعزم عزماً صارماً أن لا يعود .
{ وَآمَنَ } بالله إيماناً صحيحاً , يقتضي ترك المعاصي , وفعل الطاعات .
{ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا } مما أمر به الشارع , إذا قصد به وجه الله .
{ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } أي : تتبدل أفعالهم , التي كانت مستعدة لعمل السيئات , تتبدل حسنات ، فيتبدل شركهم إيماناً , ومعصيتهم طاعة , وتتبدل نفس السيئات التي عملوها , ثم أحدثوا عن كل ذنب منها توبة , وإنابة , وطاعة , تبدل حسنات , كما هو ظاهر الآية ، وورد في ذلك حديث الرجل الذي حاسبه الله ببعض ذنوبه , فعددها عليه , ثم أبدل من كل سيئة حسنة فقال : " يا رب إن لي سيئات لا أراها ههنا " ، والله أعلم . " تفسير السعدي " .
3. الشعور بحلاوة الإيمان .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث مَن كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما ، وأن يُحبَّ المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " . رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .
4. البشارة بالإخلاص .
ولا شك أن النفوس التي تجاهد هواها وتدفع العشق ، وتُحل محله حب الله تعالى : فإن هذا يدل على إخلاصٍ عنده .
قال ابن القيم :
وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه المتعوضة بغير عنه ، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه : دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ، ولهذا قال تعالى في حق يوسف { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته ، فَصَرفُ المُسبب صرف لسببه ، ولهذا قال بعض السلف : " العشق حركة قلب فارغ " يعني : فارغاً مما سوى معشوقه ، قال تعالى : { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كادت لتبدي به } أي : فارغاً من كل شيء إلا من موسى لفرط محبتها له وتعلق قلبها به ، والعشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق ، وطمع في الوصول إليه ، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق . " زاد المعاد " ( 4 / 268 ) .
فاحرص – بارك الله فيك – على تقوية إيمانك ، وداوم على طاعة الله تعالى ، إذ الطاعة هي أدل علامات المحبة ، واحرص على الاستمرار في قطع علاقتك بتلك الفتاة ، ولا يغرنك الشيطان بالرجوع إليها ، والحديث معها ، فأنت على خير إن شاء الله .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب