تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الحكمة في الدعوة إلي الله تعالي

  1. #1

    Post الحكمة في الدعوة إلي الله تعالي

    - أهمية الموضوع وأسباب اختياره :
    1 - قد بيّن القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى ، ويأتي في مقدمة هذه الطرق : الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل - وقد أمر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ، فقال : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }.
    2 - من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره ، وخاصة في دعوته إلى اللّه عز وجل ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجا بفضل الله تعالى ، ثم بفضل هذا النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي ملأ الله قلبه بالِإيمان والحكمة ، فعن أنس - رضي الله عنه - قال : « كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فُرِجَ سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل فَفَرجَ صدري ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي . . . » الحديث .
    وهذا يُثبتُ أن الحكمة من أعظم الأمور الأساسية في منهج الدعوة إلى الله تعالى ، حيث امتلأ بها صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الدعوة ، مع الِإيمان ، وهو قضية الدعوة في لحظة واحدة ، كما يؤكد قيمة وأهمية الحكمة من خلال مجيئها يحملها جبريل وهو روح القدس ، في طست من ذهب ، وهو أغلى المعادن ، في مكة المكرمة ، وهي البقعة المباركة ، ليمتلئ بها صدر محمد رسول صلى الله عليه وسلم وهو خير الخلق ، بعد غسله بماء زمزم وهو أطهر الماء وأفضله .
    كل هذا يؤكد أن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أمرها عظيم وشأنها كبير ، وقد قال تعالى : { وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } .
    ثم سار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقه وهديه في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ، فانتشر الِإسلام في عهدهم - رضي الله عنهم - انتشارًا عظيمًا ، ودخل في الِإسلام خلق لا يحصي عددهم إلا الله تعالى ، وجاء التابعون ، وكملوا السير على هذا الطريق في الدعوة إلى الله بالحكمة ، وهكذا سارت القرون الثلاثة المفضلة ومن بعدهم من أهل العلم والِإيمان ، فأظهر الله الِإسلام وأهله ، وأذَلَّ الشرك وأهله وأعوانه .
    3 - من الناس من يظن أو يعتقد أن الحكمة تقتصر على الكلام اللين ، والرفق ، والعفو ، والحلم . . . فحسب . وهذا نقص وقصور ظاهر لمفهوم الحكمة ؛ فإن الحكمة قد تكون :
    باستخدام الرفق واللين ، والحلم والعفو ، مع بيان الحق علمًا وعملاً واعتقادًا بالأدلة ، وهذه المرتبة تستخدم لجميع الأذكياء من البشر الذين يقبلون الحق ولا يعاندون .
    وتارة تكون الحكمة باستخدام الموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب في الحق والترهيب من الباطل ، وهذه المرتبة تستخدم مع القابل للحق المعترف به ، ولكن عنده غفلة وشهوات وأهواء تصده عن اتباع الحق .
    وتارة تكون الحكمة باستخدام القوة : بالكلام القوي ، وبالضرب والتأديب وإقامة الحدود لمن كان له قوة وسلطة مشروعة ، وبالجهاد في سبيل الله تعالى بالسيف والسنان تحت لواء ولي أمر المسلمين مع مراعاة الضوابط والشروط التي دلَّ عليها الكتاب والسنة . وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد ظلم وطغى ، ولم يرجع للحق بل رده ووقف في طريقه .
    وما أحسن ما قاله الشاعر :

    دعا المصطفى دهرًا بمكةَ لم يُجب ... وقد لان منه جانبٌ وخطابُ
    فلما دعا والسيفُ صلتٌ بِكفِّهِ ... له أسلموا واستسلموا وأنابوا
    وصدق هذا القائل فقد قال : قولًا صادقًا مطابقًا للحق ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن من الشعرِ حكمة » .
    4 - الحكمة تجعل الداعي إلى الله يقدر الأمور قدرها فلا يزهد في الدنيا والناس بحاجة إلى النشاط والجد والعمل ، ولا يدعو إلى التبتل والانقطاع والمسلمون في حاجة إلى الدفاع عن عقيدتهم وبلادهم ، ولا يبدأ بتعليم الناس البيع والشراء وهم في مسيس الحاجة إلى تعلم الوضوء والصلاة .
    وتارة تكون الحكمة باستخدام الجدال بالتي هي أحسن ، بحُسن خلق ، ولطف ، ولين كلام ، ودعوة إلى الحق ، وتحسينه بالأدلة العقَلية وَالنقلية ، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة ، وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو ، بل لا بدَّ أن يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق ، وهذه المرتبة تستخدم لكل معاند جاحد .
    5 - الحكمة تجعل الداعية إلى الله يتأمل ويراعي أحوال المدعوين وظروفهم وأخلاقهم وطبائعهم، والوسائل التي يُؤتَون من قبلها ، والقدر الذي يبين لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم، ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها ، والطريقة التي يخاطبهم بها ، والتنويع والتشويق في هذه الطريقة حسب مقتضياتها ، ويدعو إلى الله بالعلم لا بالجهل ، ويبدأ بالمهم فالذي يليه ، ويُعلم العامة ما يحتاجونه بألفاظ وعبارات قريبة من أفهامهم ومستوياتهم ، ويخاطبهم على قدر عقولهم ، فالحكمة تجعل الداعية ينظر ببصيرة المؤمن ، فيرى حاجة الناس فيعالجها بحسب ما يقتضيه الحال ، وبذلك ينفذ إلى قلوب الناس من أوسع الأبواب، وتنشرح له صدورهم ، ويرون فيه المنقذ الحريص على سعادتهم ورفاهيتهم وأمنهم واطمئنانهم ، وهذا كله من الدعوة إلى الله بالحكمة التي هي الطريق الوحيد للنجاح .
    والمهم أن تكون أقوال الداعية إلى الله - تعالى - وأفعاله وتدبيراته وأفكاره نابعة من الحكمة ، موافقة للصواب ، غير متقدمة على أوانها ولا متأخرة ، لا زيادة فيها عما ينبغي ولا نقص ، مجتهدًا في معرفة نفعه وصلاحه ، سالكًا أقرب طريق يوصل إلى ذلك .
    أسأل الله عز وجل أن يرزقنا الحكمة في كل قول وعمل......

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي رد: الحكمة في الدعوة إلي الله تعالي

    جزاك الله خيراً .
    ومما ينبغي لمن ينه شخصاً عن شيء تطلبه نفسُه ، أن يوجهه ويرشده إلى ما ينشغل به عن التفكير فيه ، من الطاعات .
    كالصلاة مع إقامتها ، وإيتاء الزكاة . وغيرها من الخير الذي يقدمه الإنسان لنفسه .
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •