بسم الله الرحمن الرحيم
الزواج
**********
يقول الله جل علاه
( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً )
ففى الزواج والمصاهرة : آية محكمة .. وسنة متبعة .. و أثر مستفيض
وبر للقريب .. وتقريب للبعيد .. وتأليف للقلوب .. وتشبيك للحقوق .. وتكثير
للعدد فى الولد لنوائب الدهر وحوادث الأمور
****
لا يرغب من دونه اللبيب .. ولا يسارع له إلا الموفق المصيب
****
وأولى الناس بالله :
من اتبع أمره .. وأنفذ حكمه .. وأمضى قضاءه .. ورجا جزاءه
****
فالله سبحانه وتعالى خلقنا من نفس واحدة .. هى : سيدنا آدم عليه
السلام
ومن هذه النفس قد خلق الله : جميع خلق الله
****
فخلق الله منها أمنا حواء : فأصبح هناك ذكرا وأنثى
****
وبسكنى الذكر والأنثى نشأت المودة والرحمة ثم أتت الرغبة
****
ومن الرغبة نزل الماء الدافق الذى يخرج من بين الصلب والترائب
****
ومن الماء الدافق نتج الحمل فحملته الأنثى وتحملته فى رحمها بأمر ربها
( فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً )
**
ومن الحمل : جاء التناسل
****
ومن التناسل : جاء التزاوج
****
ومن التزاوج : جاءت الذرية والسلالة
( بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً )
****
ومن الذرية والسلالة : كان هذا العالم : عالم البشر أجمعين
يقول العلى العظيم
( أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ )
*****
( جَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ )
*****
والتزاوج : شرع لسكنى الرجل بالمرأة ولحفظ النسل وبقاء النوع وتعمير
الأرض ليخلف بعضنا بعضا
فنستخلف من كان قبلنا ويستخلفنا من سيأتى بعدنا
فيخلف هذا ذاك ويخلف ذاك هاك
وهكذا حتى يوم التلاق والمساق
******
والزواج هو النكاح
ويبدأ الزواج أو النكاح بالخطبة
******
والخطبة :
يجب أن تكون بعد رؤية الخاطبين بعضهما البعض ولكن دون خلوة
و تكون هذه الرؤية على سبيل القطع أو الظن الراجح
لما ورد فى الخبر : أن المغيرة بن شعبة حينما خطب امرأة
سأله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنظرت إليها ؟ قال : لا
فقال صلى الله عليه وسلم : أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما
******
يقول الله جل علاه
( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي
أَنفُسِكُمْ
عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُ نَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً
مَّعْرُوفاً )
ويقول سبحانه وتعالى
( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)
*****
وفى الخطبة :
لا تنكح ابنتك إلا الأتقياء فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها أنصفها
*****
وعلى الرجل أن يشرح حاله للمرأة التى يريد زواجها حتى يكون هناك
بصيرة من أمره ويقين من حاله
*****
وعلى المرء فى خطبته :
أن لا يقدم على امرأة معتدة من طلاق رجعى
لأن الزوجية بينها وبين مطلقها لا زالت قائمة حقيقة أو حكما
**
ولا على المطلقة طلاقا بائنا ( بينونة صغرى أو بينونة كبرى )
ولا على من توفى عنها زوجها
**
فلا يجوز له ذلك إطلاقا لا تصريحا ولا تعريضا : إلا بعد أن يبلغ الكتاب أجله
يقول الله جل علاه
( وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ )
*****
وبلوغ الكتاب أجله يكون :
بالنسبة لمن توفى عنها زوجها :
إن كانت حاملا .. فبوضع الحمل لقوله تعالى
( وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )
وإن كانت حائلا .. فبمضى أربعة أشهر وعشرا
لقوله سبحانه وتعالى
( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )
****
وبالنسبة للمطلقات طلاقا رجعيا :
فالنساء اللاتي انقطع عنهنَّ دم الحيض لكبر سنهنَّ : أجلهن ثلاثة أشهر
لقول الله جل علاه
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ
فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ )
****
ومن هن من ذواتى الحيض .. فأجلهن ثلاثة قروء
لقول الله جل علاه
( وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ )
****
ومن ملك جارية أو أمة :
سواء ملكها بإرث أو شراء أو هبة أو وصية أو سبى
أو عادت إليه بعد بيعها لعيب أو للتخالف أو للفسخ او للرجوع فى الهبة
فيلزمه الإستبراء
والإستبراء : هو التربص الواجب بسبب ملك اليمين وهو مقدر بأقل ما
يدل على البراءة دون عدة وهو الوارد
فى الخبر عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فى سبايا
أوطاس
فى قوله صلى الله عليه وسلم
( لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة )
سواء كانت صغيرة أم كبيرة .. حائلا أو حاملا .. بكرا أو ثيبا .. تملكها من
رجل أو من
امرأة .. وسواء كانت مستبرأة من قبل أم لا
*******
هذا هو بلوغ الكتاب أجله
*******
ولايجوز للمرء أيضا أن يقدم على خطبة امرأة قد خطبها غيره
لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
( لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه )
*****
وإذا ماعدل أى من الخاطبين عن الخطبة
فالضرر الذى ينشأ عن العدول إن كان للعادل دخل فيه فيكون ملزما
بالضمان
وإلا .. فلا
فالقاعدة الشرعية دالة على ذلك
فقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
( لا ضرر ولا ضرار )
****
أما لو كان الخاطب قد قدم مهرا
فله أن يسترده من الطرف الآخر إن كان قائما أو يسترد مثله أو قيمته إن
كان هالكا لأن المهر لا يجب إلا بالعقد
****
وقد قيل أن الأمر بالزواج فى قول الله سبحانه وتعالى
(وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
قيل : أنه للوجوب
وقيل : أنه للندب احتجاجا بحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( من استطاع منكم الباءة فليتزوج )
****
وعموما :
فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها
فالمرء فى هذا الأمر حسيب نفسه
وسبحانه وتعالى هو علام الغيوب والمطلع على أسرار وخفايا القلوب
****
وقد أباح الله سبحانه وتعالى التعدد فى الزوجات إلى أربع :
( اثنتين وثلاثا وأربعا ) فقال الله جل علاه
( فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ )
****
إلا أن تلك الإباحة ليست مطلقة
لأنه لما كان فى تعدد الزوجات
من كثرة الإنجاب .. ومن كثرة الإنفاق .. ومن الخوف من عدم القيام
بالواجبات والحقوق
الزوجية المكلف بها المرء .. والخوف من عدم القيام بالواجبات والحقوق
اللازمة لمن
يعولهم من الأولاد .. ومن ... ومن ... ومن ...
**
فعلى المرء هنا : إن خشى ألا يقيم العدل والإحسان وحسن المعاملة
فيما بينهن فعليه أن لا
يزيد على زوجة واحدة لقول الله سبحانه وتعالى
( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )
*****
وقد بين الله سبحانه وتعالى
أنه لن يستطيع أى من العباد إقامة العدل بين الزوجات حتى ولو بذلوا كل
ما فى وسعهم ..
أوفعلوا كل ما فى مقدرتهم
فقال سبحانه وتعالى
(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ )
لذا :
أمرنا الله جل علاه
ألا نميل الميل الكامل لزوجة دون أخرى أو لهذه دون تلك
وليكن من المرء الصلاح والتقوى بقدر استطاعته وقدرته
يقول سبحانه وتعالى
( فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة ِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ
كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً )
فلا نترك أى واحدة منهن كما لو كانت دون زوج .. لا هى متزوجة
ولا هي مطلقة
****
وكذلك الأمر بالنسبة للأولاد
*****
واعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الحسيب والرقيب وهو على كل شىء شهيد
****************************** ******************** ****************************** ***************
سعيد شويل