ذكر أبو الوليد ابن رشد في كتاب (البيان والتحصيل) 17/13 عند ذكره باب [في كراهية ضرب الرجل امرأته]:
قال مالك: قال صلى الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحب أن أرى الرجل ثامرا فريض عصبه رقبته على امرأته يقاتلها".
قال محققوا الكتاب: لا تكاد تتبين ألفاظ هذا الحديث نظرا للتحريف الواقع في نصه.
قلت: ليس الخلل في التحريف عفا الله عنهم، وإنما الخلل في فهم المراد من العبارات وخاصة إذا لم تكن منقوطة، واليك أخي الكريم الحديث على الصواب ومن رواه:
1) مصنف عبد الرزاق ج9/ص447:
عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأكره أن أرى الرجل ثايرا فريص رقبته قائما على مريته يضربها".
[أ] تصحف (ثايرا) إلى: نايرا.
[ب] تصحف (رقبته) إلى: رقبة.

2) مسند إسحاق بن راهوية ج5/ص112:
أخبرنا جرير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن حميد بن نافع، أن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء فشكين فأذن لهم في ضربهن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أطاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن قد ضربت". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحب أن أرى الرجل ثائرا عصبة فيرص رقبته على مريئته يقتلها". رجاله ثقات غير أنه مرسل.
[أ] تصحف (عصبة) إلى: غضبه.
[ب] تصحف (فيرص) إلى: فريصا.

3) العيال ج2/ص678:
حدثنا علي بن الجعد، حدثنا ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع، عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأكره أن أرى الرجل ثائرا فريص رقبته قائما على امرأته يضربها". حديث مرسل رجاله رجال الصحيح.
[أ] تصحف (فريص) إلى: قد فض.

4) الطبقات الكبرى ج8/ص204:
أخبرنا محمد بن عمر، عن أفلح بن حميد، عن أبيه، عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت: كان قد نهي الرجال عن ضرب النساء ثم شكاهن الرجال إلى رسول الله فخلى بينهم وبين ضربهن. ثم قال رسول الله: "لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن قد ضربت، ما أحب أن أرى الرجل ثائر فريص عصب رقبته على مريئته يقاتلها".
أخبرنا محمد بن عمر، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحب أن أرى الرجل ثائر فريص عصب رقبته على مريئته يقاتلها".

قال أبو عبيد في غريب الحديث ج3/ص19:في حديث النبي عليه السلام أنه قال: "إني لأكره أن أرى الرجل ثائرا فريص رقبته قائما على مريته يضربها" قال الأصمعي: الفريصة هي اللحمة التي تكون بين الكتف والجنب التي لا تزال ترعد من الدابة، وجمعها فرائص و فريص. قال أبو عبيد: وهذا الذي قاله الأصمعي هو المعروف في كلام العرب ولا أحسب الذي في الحديث إلا غير هذا، كأنه إنما أراد عصب الرقبة وعروقها لأنها هي التي تثور في الغضب. والله أعلم.

وقال ابن الجوزي في غريب الحديث ج2/ص186:في الحديث "إني لأكره أن أرى الرجل ثائرا فريص رقبته قائما على مريته يضربها" الفريضة هي اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد من الدابة والمراد شدة الغضب الذي يحرك عصبة الرقبة. ويجوز أن يكون المراد شعر الفريص.

وقال ابن منظور في لسان العرب ج7/ص64:
وفي الحديث أن النبي قال: "إني لأكره أن أرى الرجل ثائرا فريص رقبته قائما على مريته يضربها" قال أبو عبيد: الفريصة المضغة القليلة تكون في الجنب ترعد من الدابة إذا فزعت وجمعها فريص بغير ألف. وقال أيضا: هي اللحمة التي بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من الدابة، وقيل جمعها فريص و فرائص. قال الأزهري: وأحسب الذي في الحديث غير هذا وإنما أراد عصب الرقبة وعروقها لأنها هي التي تثور عند الغضب. وقيل: أراد شعر الفريصة كما يقال: فلان ثائر الرأس، أي ثائر شعر الرأس فاستعارها للرقبة وإن لم يكن لها فرائص لأن الغضب يثير عروقها.

(ماذا أصنع لك يا أبا القاسم؟!!)
(ابتسامة) (ابتسامة)