النص الأول للقرافي نقله الونشريسي - رحمه الله - في المعيار المعرب ، يقول :
((...وقال القرافي في باب السياسة من الذخيرة: ونص ابن أبي زيد في النوادر على أنا إذا لم نجد في جهة إلا غير العدول: أقمنا اصلحهم وأقلهم فجورا للشهادة عليهم. ويلزم مثل ذلك في القضاة وغيرهم ، لئلا تضيع المصالح ، وما أظن أنه يخالفه أحد في هذا ،فإن التكليف مشروط بالإمكان ، وإذا جاز نصب الشهود فسقة لأجل عموم الفسد: جاز التوسع في الأحكام السياسية لأجل كثرة فساد الزمان وأهله. قال: ولا شك أن قضاة زماننا وشهودهم وولاتهم وأمنائهم لو كانوا في العصر الأول: ما ولّوا ولاعرّج عليهم ، فولاية مثل هؤلاء في ذلك العصر : فسق ، فإن أخيار زماننا هم أراذل ذلك الزمان ، وولاية الأراذل فسق ، فقد حسن ما كان قبيحاً ، واتسع ما كان ضيقاً ، واختلفت الأحكام باختلاف الزمان)).
المعيار المعرب 10/ 145
والنص الثـاني - ولعله معروف عند بعض طلبة العلم ولامانع من ذكره للفائدة - فهو للشاطبي رحمه الله في الاعتصام ، يقول:
((..لو طبق الحرام الأرض أو ناحية من الأرض يعسر الانتقال منها وانسدت طرق المكاسب الطيبة ومست الحاجة إلى الزيادة على سد الرمق فإن ذلك سائغ أن يزيد على قدر الضرورة [1] ويرتقى إلى قدر الحاجة في القوت والملبس والمسكن إذ لو اقتصر على سد الرمق لتعطلت المكاسب والأشغال ولم يزل الناس في مقاساة ذلك إلى ان يهلكوا وفي ذلك خراب الدين لكنه لا ينتهى إلى الترفه و التنعم كما لا يقتصرعلى مقدار الضرورة وهذا ملائم لتصرفات الشرع وإن لم ينص على عينه فإنه قد أجاز أكل الميتة للمضطر والدم ولحم الخنزير وغير ذلك من الخبائث المحرمات وحكى ابن العربى الاتفاق على جواز الشبع عند توالي المخمصة وإنما اختلفوا إذا لم تتوال هل يجوز له الشبع أم لا ؟ وأيضا فقد أجازوا أخذ مال الغير عند الضرروة ايضا فما نحن فيه لا يقتصر عن ذلك)).
الاعتصام (2/ 125)
= = = = == = = = = = = = = = = =
[1] قلت: ومن القواعد الفقهية: تنزّل الحاجة منزلة الضرورة للعامة والخاصة.