جزاكم الله تعالى خيرًا
جزاكم الله تعالى خيرًا
قال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص 48 :
.. وقد كره مالك وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قوله: ((من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة)) وقوله ((من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي ومن زارني بعد مماتي حلت عليه شفاعتي)) ونحو ذلك كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة ليس في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا نحوهم، ولكن روى بعضها البزار والدارقطني ، ونحوها بإسناد ضعيف؛ لأن من عادة الدارقطني وأمثاله أن يذكروا هذا في السنن ليعرف، وهو وغيره يبينون ضعف الضعيف من ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.اهـ
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 27 / 166:
وَغَايَةُ مَا يُعْزَى مِثْلُ ذَلِكَ إلَى كِتَابِ الدارقطني وَهُوَ قَصَدَ بِهِ غَرَائِبَ السُّنَنِ ؛ وَلِهَذَا يَرْوِي فِيهِ مِنْ الضَّعِيفِ وَالْمَوْضُوعِ مَا لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْوِ إلَيْهِ لَا يُبِيحُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَتَبَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِيمَا يُرْوَى فِي ذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ .اهـ
في موضوع سابق قلت:
ويبقى إشكال وهو أن الدارقطني قال علي هذه الزيادة: (صحيحة الإسناد)، وكذلك قال بن حجر في الدراية تخريج أحاديث الهداية (1/96) رواه الدارقطني وفيه سلمة بن رجاء و(إسناده حسن).
وقد تعقب مغلطاي، الدارقطني في شرحه لابن ماجة (1/99) قائلًا : (وفيه نظر؛ لأن في إسناده : ابن رجاء).
قلت: والمتتبع لصنيع الدارقطني في سننه أنه قد يذكر الحديث في السنن ويصحح إسناده ثم يأتي ويُعِلُّه في العلل، وهذا الحديث مثالًا على ذلك، انظر العلل للدارقطني ( 8/239) .
وقد يُحمل كلامهم عليهم رحمة الله تعالى :[إنما قصدوا صحة الإسناد ولم يقصدوا صحة الحديث فلإسناد يصلح للاستشهاد لا أن يكون حجة بنفسه]، وبهذا يستقيم كلام الأئمة، والله أعلى وأعلم.
انظر:
فصل البيان في زيادة[ إنهما لا يطهران]
الدارقطني لم يقصد صحة الإسناد - أو حسنه - من عدمه ، بل قصد ذكر غرائب السنن ، كما ذكر شيخ الإسلام ، وابن عبد الهادي ، والمتتبع لسننه وصنيعه فيه يدرك هذا ، بل إنه يترك أحاديث صحيحة في الباب ، ويستعيض عنها بالغرائب والحسان التي يفر منها ( على غرار : من حسنها فررت ) ، كل هذا لما ذكرناه آنفا ، والله أعلم .