حقيقة الوضع الحالى فى منداناو!
بقلم : محمد الحاذق بن محمود
الشعب المحاصر :
ما زالت المأساة مستمرة بجزيرة منداناو تلو تصاعد العنف خلال فترة قصيرة نتيجة تبدد آمال السلام بين الحكومة الفلبينية وجبهة تحرير مورو الإسلامية وشهد العالم خلالها تزايد الأزمات الإنسانية على شعب مورو، والتى أدت إلى سقوط مئات القتلى من الجيش الحكومى وعشرات الشهداء من مناضلى الجبهة الإسلامية ومقتل عشرات من المدنيين الأبرياء وتشريد أكثر من نصف مليون مدنى واشتداد الحصار الصامتة تقتل المسلمين بالبطىء ، ولم تتنفس الشعب العزل بقنابل وصواريخ تطلق الجانبين فى مناطق شرسة تلو اشتباكات عنيفة متواصلة تندلع بين الجانبين فإن الحملة العسكرية الفلبينية ضد بعض قواد الجبهة الإسلامية لم تنتهى بعد حتى فى الوقت الراهن ، وآلاف اللاجئين معظمها مسلمون تتلقون أنواعا من المشقات المعيشية ولم تتوفر لهم المتطلبات اللازمة من قِبل الحكومة الفلبينية بل أن قواتها تمنع وصول المساعدات من منظمات غير حكومية إلى ملاجىء المسلمين وتجبرهم بالرجوع إلى منازلهم التى دمرته الصواريخ جراء القصف العشوائى للجيش الحكومى.
وفى الشهر الماضى وقعت حصار حاسمة فى كوتاواتو الشمالى بعد أن قام المستوطنين بسمّ بحيرة ليغاواسان على رأسهم محافظ المنطقة إيمنويل فنيول مما أدى إلى إهلاك عدد كبير من الأسماك والأثر السيئ على آلاف الصيادين المسلمين الذين يعيشون فيها ، وكل ذلك الأوضاع الرديئة الواقعة على شعب مورو مكسوّ بأنواع الدعايات السرية والأمور السياسية كاستراتيجية سياسية لتحويل الواقع عن العالم إلى أمر أخرى ، ولم تتحدث عنه وكالة الأنباء الفلبينية إلا فى بعض الأمور السياسية المسموحة لدى الحكومة حول مسار التفاوض السلمى بين حكومة مانيلا والجبهة الإسلامية واشتغلـّوا بمقتل المستوطنين فى تبادل إطلاق النار بين الجانبين وظروفهم القاسية ضمن الحروب الدامية ليحول إليها رأي العام عن تخلفها على توقيع البنود الإتفاقية وجرائم ارتكبتها ضد شعب مورو.
الحكم العرفى والإرهاب:
وبالفعل ، قتل عددا من المدنيين فى شتى مناطق منداناو وأصيب الكثيرين فى تفجيرات متتالية خلال الأسابع فى مناطق التجمع والكنائس وألصقت الحكومة الفلبينية هذه الهجمات العدوانى ضد الجبهة الإسلامية ليفسد مظهرها على الناس وليعدها الولاية المتحدة فى قائمة الإرهابيين فى العالم وليفتحوا أبواب القتال بين المسلمين والمسيحيين فيكون حجة لهم على هجومها العسكرية الشاملة ضد الجبهة الإسلامية فى الشهور المقبلة ، وقد تثبتت هذه الخطة الإرهابية من خلال المعلومات المسربة من المعسكر الرئيسية للقوات المسلحة الفلبينية بمانيلا ، وبالتالى فإن الإنتخابات الرئاسية ستكون فى هذا العام ورأى كثير من محللى السياسية الفلبينيين أن رئيسة الفلبين غلوريا أرويو تريد البقاء فى تولى رئاسة البلاد ، فمعنى ذلك فى شكل مباشر أن الرئيسة الفلبينية ستعلن حكم عرفى قبل نهاية رئاستها كما فعل الرئيس فردناند ماركوس فى 1972 فلن تكون الإنتخابات إذٍ فى العام الجارى ، ومن هنا سوف تزداد تصاعد العنف فى منداناو وستشن القوات المسلحة الفلبينية أكثر هجمات إرهابية وسترتكب مذابح بربرية والإنتهاكات الإنسانية مرة أخرى ضد شعب مورو كما فعلوا من قبل .
وقد سبق الاعتراف لدى الولاية المتحدة بأن الجبهة الإسلامية منظمة ثورية وليست إرهابية ومن جانب أخرى فإنها قد وقـّعت باتفاقية جنيف التى وضعت المعايير للقانون الدولى للمخاوف الإنسانية ، وهذا دليل قاطع بأنها ليست إرهابية بل هى تحارب عمليات التفجير فى مكان التجمع وأنها ذات سيادة محترمة ، غير أن الحكومة الفلبينية تبذل أقصى جهدها لاقناع واشنطن والمجتمع الدولى ليعدها فى قائمة الإرهاب لكن الإتهامات المطروحة ضد الجبهة الإسلامية تنعكس الواقع ، ففى 27 من يوليو سنة 2003 احتشد 321 من متمردى الجيش الحكومى وصرحوا أمام الصحفيين بأنهم المرتكبين فى عمليات التفجير فى مطار الدولى بمدينة دافاو فى 4 من مارس نفس السنة قتل منه 19 شخصا أبرياء وأصيب 134 أخرى وغير ذلك من الهجمات الإرهابية فى منداناو ومانيلا وأنهم يئسوا من هذه الدعاية السرية .
أطفال مقاتلين :
إعلان واشنطن للجبهة الإسلامية وضمها فى قائمة الإرهاب هى الهدف الرئيسى للحكومة الفلبينية لكسب الميزانية من واشنطن والمجتمع الدولى التى تنفق فى محاربة الإرهاب لكنها فشلت بذلك ، وفى 10 من ديسمبر سنة 2008 التقى رديكة كومارَسْوَامى ممثلة الأمين العام الخاص للأطفال والنزاع المسلح للأمم المتحدة مع بعض كبار اللجنة المركزية للجبهة الإسلامية لإثبات الحقيقة بأن ليس هناك أطفال تحت 18 سنا ستجند أو تستعمل فى أى عمليات عسكرية ومقاتلة ، وصرح غزالى جعفر نائب الرئيس للشؤون السياسة للجبهة الإسلامية بأن الجماعة مستعدة لمساعدة الأمم المتحدة على إدراك مهمتها للأطفال ، وقد سبق الشكوى مقدمة أمام الأمم المتحدة من الحكومة الفلبينية بأن الجبهة الإسلامية تتيح مشاركة الأطفال فى عملياتها العسكرية ، وأوضح غزالى جعفر بأن هؤلاء الأطفال هم أبناء الشهداء وتحت كفالة الجبهة الإسلامية وأبناء مناضليها حيث أن معاقل الجبهة الإسلامية ليست مجرد معسكرا للقوات المسلحة فحسب لكنها جالية طبيعية التى تعيش فيها الشعب العزل والمقاتلين مع عوائلهم وأطفالهم بالإستقرار فتواجد الأطفال فيها يسىء الفهم إليها لكن الحقيقة فى شكل مباشر فهم مع آبائهم وليسوا مقاتلبن .
يبدو أنهم مهتمين بأحوال الأطفال فى منداناو وباقى أطفال العالم ، إن كانوا مخلصين لذلك فأين هؤلاء حينما أبيدت آلاف الأطفال المورويين فى مذابح شرسة شنته القوات المسلحة الفلبينية منذ ستينينات ومطلع سبعينينات ؟ والذى كان آخره 3 أطفال قصفوا جراء الغارات الجيش الحكومى ضد المدنيين فى 8 من رمضان من العام 2008 ، و فى 2 من نوفمبر نفس السنة قتل 5 مدني من بينهم طفل فى كمين شنته الميليشيات (إلاجا) التابع للقوات المسلحة الفلبينية ، فأين حقوق هؤلاء الأطفال وقضية باقى أطفال العالم ؟ ولو لا تسيء النظر فمن المفروض لهؤلاء الأطفال أن يمسكوا أسلحتهم ولن يستسلموا فإن الحكومة الفلبينية لن يفرق بين الأطفال والمقاتلين فى عملياتها العسكرية بل هى مصرّ فى اضطهادها وتغطرسها ضدهم ، وبالتالى كان الأولى أن يُنقذ هؤلاء الأطفال من هذه الحروب الدامية فإن بقائهم مع عوائلهم فى المعاقل أحسن من أن يُقصفوا بالصواريخ . لكن وما ذاك إلا أن الحكومة الفلبينية تتمنى للأمم المتحدة بعقاب الجبهة الإسلامية .