تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات


    باب التفضيل باب عظيم من أبواب الشرع ويغلط فيه خلق كثير من الطوائف
    فلن تجد طائفة من طوائف الإسلام وغيره إلا ولها كلام وقواعد في هذا الباب لأهميته وما يترتب عليه من مسائل علمية وعملية

    وفي هذا الموضوع نجمع من كلام أهل التحقيق وأدلتهم ما يهدي إلى الصراط المستقيم في هذا الباب العظيم
    ونستخلص ما يصلح أن يكون قاعدة أوضابطا في هذا الباب

    وفي ظني أن أولى أهل العلم بنقل كلامه في هذا الباب من اتسعت دائرته في العلوم ومعرفته الملل والنحل والله أعلم.

    ******************************

    هذا كلام لشيخ الإسلام فيه طول لكن صبرا على قراءته فإنه نفيس فإن أبيت وكسلت فتدبر ما لونته لك
    قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (11/ 366 ) بعد كلام له في الرد على بعض الطوائف الذين يفضلون أئمتهم على النبي كالصوفية الذين يفضلون خاتم الأولياء على خاتم الأنبياء وغيرهم كالأحمدية واليونسية:

    "ثم نقول : بل أول الأولياء في هذه الأمة وسابقهم هو أفضلهم فإن أفضل الأمة خاتم الأنبياء وأفضل الأولياء سابقهم إلى خاتم الأنبياء ، وذلك لأن الولي مستفيد من النبي وتابع له فكلما قرب من النبي كان أفضل وكلما بعد عنه كان بالعكس .
    بخلاف خاتم الأنبياء فإن استفادته إنما هي من الله، فليس في تأخره زمانا ما يوجب تأخر مرتبته ، بل قد يجمع الله له ما فرقه في غيره من الأنبياء فهذا الأمر الذي ذكرناه من أن السابقين من الأولياء هم خيرهم ، هو الذي دل عليه الكتاب والسنن المتواترة وإجماع السلف .
    ويتصل بهذا ظن طوائف أن من المتأخرين من قد يكون أفضل من أفاضل الصحابة ويوجد هذا في المنتسبين إلى العلم وإلى العبادة وإلى الجهاد والإمارة والملك حتى في المتفقهة من قال : أبو حنيفة أفقه من علي ، وقال بعضهم يقلد الشافعي ولا يقلد أبو بكر وعمر ، ويتمسكون تارة بشبه عقلية أو ذوقية من جهة أن متأخري كل فن يحكمونه أكثر من المتقدمين، فإنهم يستفيدون علوم الأولين مع العلوم التي اختصوا بها كما هو موجود في أهل الحساب والطبائعيين والمنجمين وغيرهم ومن جهة الذوق وهو ما وجدوه لأواخر الصالحين من المشاهدات العرفانية والكرامات الخارقة ما لم ينقل مثله عن السلف وتارة يستدلون بشبه نقلية مثل قوله :"للعامل منهم أجر خمسين منكم " وقوله : " أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره " .
    وهذا خلاف السنن المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين و مما هو في الصحيحين أو أحدهما من قوله : " خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " وقوله : " والذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" وغير ذلك من الأحاديث وخلاف إجماع السلف : كقول ابن مسعود : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد " وقول حذيفة " يا معشر القراء استقيموا وخذوا سبيل من كان قبلكم فو الله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا " وقول ابن مسعود : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدي المستقيم " وقول جندب وغيره مما هو كثير مكتوب في غير هذا الموضع بل خلاف نصوص القرآن في مثل قوله:"والسابقون الأولون" الآية ، وقوله : " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل "الآية وقوله :" والذين جاءوا من بعدهم " الآية وغير ذلك ، فإنه لم يكن الغرض بهذا الموضع هذه المسألة وإنما الغرض الكلام على خاتم الأولياء ومما يشبه هذا ظن طائفة كابن هود وابن سبعين والنفري والتلمساني : أن الشيء المتأخر ينبغي أن يكون أفضل من المتقدم ؛ لاعتقادهم أن العالم متنقل من الابتداء إلى الانتهاء كالصبي الذي يكبر بعد صغره والنبات الذي ينمو بعد ضعفه ويبنون على ذلك أن المسيح أفضل من موسى ويبعدون ذلك إلى أن يجعلوا بعد محمد واحدا من البشر أكمل منه كما تقوله الإسماعيلية والقرامطة والباطنية فليس على هذا دليل أصلا ، أن كل من تأخر زمانه من نوع يكون أفضل ذلك النوع فلا هو مطرد ولا منعكس .
    بل إبراهيم الخليل قد ثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنه خير البرية " أي بعد النبي ، وكذلك قال الربيع بن خيثم : " لا أفضل على نبينا أحدا ولا أفضل على إبراهيم بعد نبينا أحدا وبعده جميع الأنبياء المتبعين لملته مثل موسى وعيسى وغيرهما " وكذلك أنبياء بني إسرائيل كلهم بعد موسى وقد أجمع أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى على أن موسى أفضل من غيره من أنبياء بني إسرائيل إلا ما يتنازعون فيه من المسيح . والقرآن قد شهد في آيتين لأولي العزم فقال في قوله : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم" وقال :" شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى" فهؤلاء الخمسة أولوا العزم وهم الذين قد ثبت في أحاديث الشفاعة الصحاح : أنهم يترادون الشفاعة في أهل الموقف بعد آدم فيجب تفضيلهم على بنيهم وفيه تفضيل لمتقدم على متأخر ولمتأخر على متقدم.
    وأصل الغلط في هذا الباب : أن تفضيل الأنبياء أو الأولياء أو العلماء أو الأمراء بالتقدم في الزمان أو التأخر أصل باطل فتارة يكون الفضل في متقدم النوع وتارة في متأخر النوع
    ولهذا يوجد في أهل النحو والطب والحساب ما يفضل فيه المتقدم كبطليموس وسيبويه وبقراط وتارة بالعكس .
    وأما توهمهم أن متأخري كل فن أحذق من متقدميه لأنهم كملوه فهذا منتقض :
    أولا : ليس بمطرد فإن كتاب سيبويه في العربية لم يصنف بعده مثله بل وكتاب بطليموس بل نصوص بقراط لم يصنف بعدها أكمل منها .

    ثم نقول هذا قد يسلم في الفنون التي تنال بالقياس والرأي والحيلة ، أما الفضائل المتعلقة باتباع الأنبياء فكل من كان إلى الأنبياء أقرب مع كمال فطرته : كان تلقيه عنهم أعظم وما يحسن فيه هو من الفضائل الدينية المأخوذة عن الأنبياء ، ولهذا كان من يخالف ذلك هو من المبتدعة الخارج عن سنن الأنبياء المعتقد أن له نصيبا من العلوم والأحوال خارجا عن طور الأنبياء فكل من كان بالنبوة وقدرها أعظم كان رسوخه في هذه المسألة أشد وأما الأذواق والكرامات فمنها ما هو باطل والحق منه كان للسلف أكمل وأفضل بلا شك وخرق العادة تارة يكون لحاجة العبد إلى ذلك وقد يكون أفضل منه لا تخرق له تلك العادة فإن خرقها له سبب وله غاية فالكامل قد يرتقي عن ذلك السبب وقد لا يحتاج إلى تلك الغاية المقصودة بها ومع هذا فما للمتأخرين كرامة إلا وللسلف من نوعها ما هو أكمل منها .
    وأما قوله : " لهم أجر خمسين منكم لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون على الخير أعوانا" فهذا صحيح إذا عمل الواحد من المتأخرين مثل عمل عمله بعض المتقدمين كان له أجر خمسين لكن لا يتصور أن بعض المتأخرين يعمل مثل عمل بعض أكابر السابقين كأبي بكر وعمر فإنه ما بقي يبعث نبي مثل محمد يعمل معه مثلما عملوا مع محمد صلى الله عليه وسلم .
    وأما قوله : "أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره" مع أن فيه لينا فمعناه : في المتأخرين من يشبه المتقدمين ويقاربهم حتى يبقى لقوة المشابهة والمقارنة لا يدري الذي ينظر إليه أهذا خير أم هذا وإن كان أحدهما في نفس الأمر خيرا .
    فهذا فيه بشرى للمتأخرين بأن فيهم من يقارب السابقين كما جاء في الحديث الآخر : " خير أمتي أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أو عوج وددت أني رأيت إخواني قالوا : أولسنا إخوانك ؟ قال:أنتم أصحابي " هو تفضيل للصحابة فإن لهم خصوصية الصحبة التي هي أكمل من مجرد الإخوة وكذلك قوله : " أي الناس أعجب إيمانا " إلى قوله : " قوم يأتون بعدي يؤمنون بالورق المعلق " هو يدل على أن إيمانهم عجب أعجب من إيمان غيرهم ولا يدل على أنهم أفضل، فإن في الحديث أنهم ذكروا الملائكة والأنبياء ومعلوم أن الأنبياء أفضل من هؤلاء الذين يؤمنون بالورق المعلق، ونظيره كون الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء فإنه لا يدل على أنهم بعد الدخول يكونون أرفع مرتبة من جميع الأغنياء وإنما سبقوا لسلامتهم من الحساب .
    وهذا باب التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات أو بين أشخاص النوع باب عظيم يغلط فيه خلق كثير والله يهدينا سواء الصراط .ا.هـ


    نستخلص من هذا التحقيق البديع والتأصيل المنيع:

    أن من قرب من النبي كان أفضل ممن بعُد عنه.
    أن التفضيل بالتقدم زمنا من حيث الجنس لا النوع مطرد أما من حيث النوع فليس بمطرد فتارة يكون الفضل في متقدم النوع وتارة في متأخر النوع.
    أن التفضيل بالتقدم زمنا أو التأخر أصل باطل إذا كان في الفنون التي تنال بالقياس والرأي والحيلة ، مع عدم طرده في الأنواع كما تقدم، أما الفضائل المتعلقة باتباع الأنبياء فكل من كان إلى الأنبياء أقرب مع كمال فطرته كان أفضل.
    يلاحظ مما سبق استدلال ابن تيمية بالكتاب والسنن المتواترة وغيرها والآثار والإجماع على ما قرره ورده على ما يتمسك به المخالف من شبه عقلية ونقلية
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    وقال أبو العباس رحمه الله أيضا في منهاج السنة النبوية (6 /88):
    "وأمتنا خير أمم وأكرمها على الله وخيرها القرون الثلاثة وأفضلهم الصحابة وفي أمتنا شر كثير لكنه أقل من شر بني إسرائيل وشر بني إسرائيل أقل من شر الكفار الذين لم يتبعوا نبيا كفرعون وقومه وكل خير في بني إسرائيل ففي أمتنا خير منه وكذلك أول هذه الأمة وآخرها فكل خير من المتأخرين ففي المتقدمين ما هو خير منه وكل شر في المتقدمين ففي المتأخرين ما هو شر منه وقد قال تعالى:" فاتقوا الله ما استطعتم ".
    ولا ريب أن الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض الذي عينهم عمر لا يوجد أفضل منهم وإن كان في كل منهم ما كرهه فإن غيرهم يكون فيه من المكروه أعظم ولهذا لم يتول بعد عثمان خير منه ولا أحسن سيرة ولا تولى بعد علي خير منه ولا تولى ملك من ملوك المسلمين أحسن سيرة من معاوية رضي الله عنه كما ذكر الناس سيرته وفضائله وإذا كان الواحد من هؤلاء له ذنوب فغيرهم أعظم ذنوبا وأقل حسنات فهذا من الأمور التي ينبغي أن تعرف فإن الجاهل بمنزلة الذباب الذي لا يقع إلا على العقير ولا يقع على الصحيح والعاقل يزن الأمور جميعا هذا وهذا.ا.هـ
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    وقال هذا العبقري أيضا في رفع الملام ص18_19:
    " فهؤلاء كانوا أعلم الأمة وأفقهها وأتقاها وأفضلها فمن بعدهم أنقص فخفاء بعض السنة عليهم أولى فلا يحتاج إلى بيان فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأئمة أو إماما معينا فهو مخطئ خطأ فاحشا قبيحا
    ولا يقولن قائل إن الأحاديث قد دونت وجمعت فخفاؤها والحال هذه بعيد لأن هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض الأئمة المتبوعين ومع هذا فلا يجوز أن يدعي انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة ثم لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
    فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم ولا يكاد ذلك يحصل لأحد بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط بما فيها
    بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية".ا.هـ
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    هذه و الله اعلم احدى النقاط المنهجية الكبرى التي فارق فيها المتكلمون أهل السنة و الحديث... أخذت بزمامها في أول الأمر الجهمية و المعتزلة ثم شيئا فشيئا و تحت ضغط العقلانية المطلقة التي يورثها التزام المنطق اليوناني كمعيار وحيد للصواب و الخطأ بدأ يلتزمها فحول الأشاعرة ممن كانوا انتدبوا للدفاع عن عقيدة الاتباث عند اهل السنة و بدأ بفعلها الشرخ يكبر بينهما و ينقلب أساس التقديس من النقل الى العقل ....فأنت ان قرأت كلام المتقدمين من أهل السنة ممن ناظروا الجهمية و المعتزلة كأحمد و ابن راهويه و داوود و ابن المبارك والبخاري بل و حتى متقدمي الكلابية تجدهم يحتجون بأقوال من قبلهم و من كان أقرب منهم الى عهد النبوة و لولا أن مجموع اقوالهم و كونها اقرب لعهد النبوة حجة عندهم لما احتجوا بها على المخالف... و ان نظرت الى كلام المتقدمين من الجهمية و المعتزلة كالمريسي و ابن ابي دواد و عمرو بن عبيد و الجاحظ و غيرهم تجدهم على ما عليه متأخرو الأشاعرة-و تبعهم عليه معظم الحداثيين كالجابري في نقد سلطة السلف في كتابه نقد العقل العربي- من قلب هذا الميزان و الطعن فيه بالقول ان الأسبقية و القرب من عهد النبوة ليست معيارا للصحة و الصواب و أن المتقدم من الصحابة و غيرهم الواحد منهم ليس بمعصوم و ما نجا أحد منهم من الزلل و يجعلون الكلام في الواحد منهم كالكلام في الكثرة و هذا المذهب من نفي تأثير القرب من نور النبوة و البعد عنها -وهو عينه المعبر عنه بالمقولة الشهيرة مذهب السلف أسلم و مذهب الخلف أحكم - لا زمه عند تأمله الطعن حتى في ما كان عليه الصحابة لأنه ان تأمل وجد انهم لم يستحقوا ذلك الفضل الا بقربهم من نور النبوة حتى استنكروا على أبي هريرة حديثه بهذا الأصل...أي قربه من النبي صلى الله عليه و سلم ...و رد عليهم رضي الله عنه أيضا بهذا الأصل أي ببيان قربه منه صلى الله عليه و سلم و لم يقل لهم : ليس القرب او البعد من نور النبوة بمؤثر في صواب الرواية و القول أو خطئه بل ما صح في العقل وحده هو المؤثر و يجوز أن أنفرد بالصواب في رواية كل هذه العلوم الضرورية في الدين و التي يتشوف اليها كل ذي نفس حرة و تتعطش اليها الأفئدة أن أنفرد بها و بروايتها عن كل من سبقني من المهاجرين و الأنصار و لازم نور النبوة أكثر مني ...لم يقله لعلمه أن نور النبوة هو العاصم للعقل و القلب و اللسان و كل قوى المعرفة الانسانية من الزلل لا مجرد المنطق....و ان تأملت عمل كبار الصحابة تجدهم على ترتيب الناس على طبقات قربهم من نور النبوة و عمل عمر رضي الله عنه و غيره في ذلك مشهور ...و العجب ممن يرشده -و هو في غيبة عبادته- كشفه و قلبه ووجدانه و ذوقه الى خطر النور النبوي و أولويته و عظم هيمنته على غيره ...ثم ان حضر في شهود علمه أرشده عقله الى تقديم غيره عليه ...و الحق واحد لا يختلف...

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    وقال تلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين (4 /118)
    فصل
    في جواز الفتوى بالآثار السلفية والفتاوى الصحابية وأنها أولى بالأخذ بها من آراء المتأخرين وفتاويهم وأن قربها إلى الصواب بحسب قرب أهلها من عصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأن فتاوى الصحابة أولى أن يؤخذ بها من فتاوى التابعين وفتاوى التابعين أولى من فتاوى تابعي التابعين وهلم جرا وكلما كان العهد بالرسول أقرب كان الصواب أغلب
    وهذا حكم بحسب الجنس لا بحسب كل فرد فرد من المسائل كما أن عصر التابعين وإن كان أفضل من عصر تابعيهم فإنما هو بحسب الجنس لا بحسب كل شخص شخص ولكن المفضلون في العصر المتقدم أكثر من المفضلين في العصر المتأخر وهكذا الصواب في أقوالهم أكثر من الصواب في أقوال من بعدهم
    فإن التفاوت بين علوم المتقدمين والمتأخرين كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والدين
    ولعله لا يسع المفتى والحاكم عند الله أن يفتى ويحكم بقول فلان وفلان من المتأخرين من مقلدي الأئمة ويأخذ برأيه وترجيحه ويترك الفتوى والحكم بقول البخاري وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ومحمد بن نصر المروزي وأمثالهم بل يترك قول ابن المبارك والأوزاعي وسفيان بن عيينة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهم بل لا يلتفت إلى قول ابن أبي ذئب والزهري والليث بن سعد وأمثالهم بل لا يعد قول سعيد بن المسيب والحسن والقاسم وسالم وعطاء وطاوس وجابر بن زيد وشريح وأبي وائل وجعفر بن محمد وأضرابهم مما يسوغ الأخذ به بل يرى تقديم قول المتأخرين من أتباع من قلده على فتوى أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبادة بن الصامت وأبي موسى الأشعري وأضرابهم فلا يدري ما عذره غدا عند الله إذا سوى بين أقوال أولئك وفتاويهم وأقوال هؤلاء وفتاويهم فكيف إذا رجحها عليها فكيف إذا عين الأخذ بها حكما وإفتاء ومنع الأخذ بقول الصحابة واستجاز عقوبة من خالف المتأحرين لها وشهد عليه بالبدعة والضلالة ومخالفة أهل العلم وانه يكيد الإسلام تالله لقد أخذ بالمثل المشهور رمتنى بدائها وانسلت وسمى ورثة الرسول باسمه هو وكساهم أثوابه ورماهم بدائه وكثير من هؤلاء يصرخ ويصيح ويقول ويعلن أنه يجب على الأمة كلهم الأخذ بقول من قلدناه ديننا ولا يجوز الأخذ بقول أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم من الصحابة وهذا كلام من أخذ به وتقلده ولاه الله ما تولى ويجزيه عليه يوم القيامة الجزاء الأوفى والذي ندين الله به ضد هذا القول والرد عليه.فنقول...".ا.ه
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    جزاكم الله خيرا أخي ابن الرومية

    والباب يشمل علم العقائد وغيره من العلوم ويشمل الأعمال والصفات وغيرها

    ومسألة الفرق بين العلوم الدنيوية والشرعية في هذا الباب تحتاج إلى بحث ولعلها ينطبق عليها كلام ابن تيمية في العلوم التي تدرك بالقياس والحيلة والعلوم التي تتعلق باتباع الأنبياء
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم ..و الأمر كما قلتم الا أنه بدأ بمسائل الخلاف الأوضح و جلها في العقائد و بعدها تفشى الى الفقه و الأخلاق حتى وصل الى العلوم الآلية...و مما يجدر التنبيه لتأصيله حسب نظري المتواضع حتى يطرد لكم الفرق بين العلوم الدنيوية والشرعية بسلاسة و دون وضع حدود تحكمية صارمة كفعل أهل المنطق ...معرفة أن العلوم أيضا في هذا كالناس ..تطرد فيها هذه القاعدة بحسب تعلق موضوعها و أهدافها بالنور النبوي و بحسب قربها او بعدها عنه...أي أن كل العلوم التي تقل علاقتها بهذا النور و هدفه تنجو من القاعدة بحسب بعدها عنه و حاجة الشرع اليها و اقتضاءه لها...بارك الله فيكم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله في الموافقات 147/1 :
    "أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين وأصل ذلك التجربة والخبر.
    أما التجربة فهو أمر مشاهد في أي علم كان فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علم ما يبلغه المتقدم وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي أو نظري فأعمال المتقدمين -في إصلاح دنياهم ودينهم- على خلاف أعمال المتأخرين وعلومهم في التحقيق أقعد فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين والتابعون ليسوا كتابعيهم وهكذا إلى الآن ومن طالع سيرهم وأقوالهم وحكاياتهم أبصر العجب في هذا المعنى.
    وأما الخبر ففي الحديث: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده كذلك وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك وجبرية ثم ملك عضوض" ولا يكون هذا إلا مع قلة الخير وتكاثر الشر شيئا بعد شيء ويندرج ما نحن فيه تحت الإطلاق.
    وعن ابن مسعود أنه قال: "ليس عام إلا الذي بعده شر منه لا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخضب من عام ولا أمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام ويثلم" .
    ومعناه موجود في "الصحيح" في قوله: "ولكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيَضلون ويُضلون".
    وقال عليه السلام: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ". قيل: من الغرباء؟ قال: "النزاع من القبائل ".
    وفي رواية: قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: "الذين يصلحون عند فساد الناس ".
    وعن أبي إدريس الخولاني: "إن للإسلام عُرى يتعلق الناس بها وإنها تمتلخ عروة عروة".
    وعن بعضهم: "تذهب السنة سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة".
    وتلا أبو هريرة قوله تعالى: "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" ثم قال: "والذي نفسي بيده ليخرجن من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا ".
    وعن عبد الله قال: "أتدرون كيف ينقص الإسلام؟" قالوا: نعم كما ينقص صبغ الثوب وكما ينقص سِمَن الدابة فقال عبد الله: "ذلك منه".
    ولما نزل قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم" بكى عمر فقال عليه السلام له "ما يبكيك؟" قال: يا رسول الله إنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا كمل فلم يكمل شيء قط إلا نقص فقال عليه السلام: "صدقت".
    والأخبار هنا كثيرة وهي تدل على نقص الدين والدنيا وأعظم ذلك العلم فهو إذًا في نقص بلا شك.
    فلذلك صارت كتب المتقدمين وكلامهم وسيرهم أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم على أي نوع كان وخصوصا علم الشريعة الذي هو العروة الوثقى والوَزَر الأحمى وبالله تعالى التوفيق". ا.هـ
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    ظاهر كلام الشاطبي يشمل الأمور الدنيوية عملا وعلما وصفة وصناعة وغير ذلك
    هكذا على الإطلاق

    وهذا مشكل لأن طبيعتها في ازدياد بخلاف الحقائق الشرعية وتكسب بالحيلة

    وبعض الناس يرى أن قوم عيسى أعلم بالطب ممن أتى بعدهم
    والفراعنة أعلم بالهندسة ممن بعدهم
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,089

    افتراضي رد: قاعدة: في التفضيل بين الأنواع في الأعيان والأعمال والصفات

    ثم نقول هذا قد يسلم في الفنون التي تنال بالقياس والرأي والحيلة ، أما الفضائل المتعلقة باتباع الأنبياء فكل من كان إلى الأنبياء أقرب مع كمال فطرته : كان تلقيه عنهم أعظم وما يحسن فيه هو من الفضائل الدينية المأخوذة عن الأنبياء
    المراد بالقياس وما لحقه في كلام شيخ الإسلام ما يقابل العلوم المستقاة من النبوة المعتمدة عليه اعتمادا كليا
    ولم يرد نحو القياس الفقهي واللغوي
    ولكن مراده العلوم التي لا تتعلق بنبي كالحساب مثلا

    لذلك فعلوم العربية كعلوم الشرع الأفضل فيها لمن كان أقرب لزمن النبوة
    وذلك أن زمن النبوة زمن الفصاحة والتفنن في الكلام وأساليبه وبلغتهم نزل الكتاب وفيهم أفصح من تكلم بها وهو النبي صلى الله عليه وسلم
    فهم _أي من كان في ذلك الزمن_ أعلم الناس بالعربية فأعلم الناس بمقاصدهم وطرقهم في الكلام أعلم الناس بالعربية ولذلك قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام 297/2:
    "فعلى الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولا وفروعا أمران:
    أحدهما : أن لا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربيا أو كالعربي في كونه عارفا بلسان العرب بالغا فيه مبالغ العرب أو مبالغ الأئمة المتقدمين كالخليل وسيبويه والكسائي والفراء ومن أشبههم وداناهم وليس المراد أن يكون حافظا كحفظهم وجامعا كجمعهم وإنما المراد أن تصير فهمه عربيا في الجملة وبذلك امتاز المتقدمون من علماء العربية على المتأخرين إذ بهذا المعنى أخذوا أنفسهم حتى صاروا أئمة ".
    قال السراج البلقينـي في محاسن الاصطلاح ص176:
    " لكن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض "

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •