تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّاك

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّاك

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    سُئلَ صَاحِبُ الفَضِيلَةِ العلَّامَة عَبد الرَّحمن بن ناصِرٍ البَرَّاك ـ سَلَّمَهُ اللَّـهُ تَعالَى ـ :

    بما أنَّ الله أنعم على الإنسان بالعقل والفطرة فلماذا أرسل إليهم الرسل؟ ولماذا الرسل من البشر؟


    فأجاب ـ رفعَ اللَّـهُ قدره ـ :
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
    الفطرة هي ما يُطبع عليه الإنسان من إيثار الحق على الباطل وحب الخير وبغض الشر، وأصل ذلك أنه يطبع على إيثار عبادة الله على عبادة ما سواه، كما قال : قال الله تعالى: « خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم » ولكن هذه الفطرة لا يتحقق أثرها إلا إذا سلمت من أسباب التغيير. قال : « كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه »
    وأكثر الخلق لا يسلم من عوامل التغيير، والعقل هو القوة المدركة التي ركبها الله فيمن شاء من عباده، ويدركون بها القضايا الكلية، ويميزون بينها وبين القضايا الجزئية، ويحكمون بها على ما تدركه حواسهم ومالها من دلالات، ومع ذلك فالعقول قاصرة عن معرفة الله وماله من الأسماء والصفات وما يجب له وما لا يجوز عليه أو يمتنع عليه، عاجزة عن معرفة ذلك تفصيلاً كما هي عاجزة عن معرفة ما يحبه الله ويرضاه أو يسخطه ويبغضه على التفصيل، وعاجزة عن معرفة مبدأ المعاد وما يصير إليه الناس بعد الممات، بل العقول عاجزة عن رسم منهج للحياة يتحقق به العدل، وتُعرف به الحقوق؛ لأن العقول كثيراً ما تعرض لها الأهواء، لذلك كان بعث الرسل ضرورياً لا يستغني عنه الخلق، فمن رحمة الله أن أرسل الرسل به معرفين، وإليه داعين، فعرفوا العباد بربهم، وبالطريق الموصل إليه، والمصير الذي ينتهي إليه أمر المكلفين، وقد بين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾[النساء:165].
    فأخرج بهم من شاء من الظلمات إلى النور. قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107].
    وقال: ﴿ الـر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم:1].
    وأما أن الرسل من البشر، فلا يناسب الخلق إلا أن يكون الرسل الذين يخاطبونهم ويعلمونهم من جنسهم، وقد اقترح الكفار أن يكون الرسل من الملائكة، فردَّ الله عليهم، فقال: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء:95]. وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ﴾ [الأنعام:8].
    والواجب على المسلم أن يؤمن بعدل الله وحكمته ورحمته، ولا يسأل مثل هذه الأسئلة التي تشعر بالاعتراض على الله، ولعل السائل لا يريد الاعتراض، بل يسترشد لمعرفة حكمة الله من إرسال الرسل وجعلهم من البشر. والله تعالى أعلم وأحكم ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّا


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    556

    افتراضي رد: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّا

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن صفة العلو: ( ومن هذا الباب ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي في حكايته المعروفة أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مرة والأستاذ أبو المعالي يذكر على المنبر: «كان الله على العرش» ونفي الاستواء ـ على ما عرف من قوله وإن كان في آخر عمره رجع عن هذه العقيدة ومات على دين أمه وعجائز نيسابور ـ قال: فقال الشيخ أبو جعفر: يا أستاذ دعنا من ذكر العرش ـ يعني لأن ذلك إنما جاء في السمع ـ أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا: ما قال عارف قط ”يا الله“ إلا وجد من قلبه معنى يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ فصرخ أبو المعالي ووضع يده على رأسه وقال حيرني الهمداني أو كما قال ونزل ) إهـ
    أقول لذلك كانت ضرورة الفطرة دليل على معرفة الحق والهدى .
    يقول صاحب كتاب البلاغ المبين : ( لو لم تكن ضرورة الفطرة التي هي أصل العلوم النظرية شرعية وعقلية لم تقم الحجة بالرسل أصلاٍ ، إذ يجوز أن لا تكون المعجزة دليلاً على صدق الرسول لإمكان تأييد الفاجر بالمعجزة وإذا لم يكن هناك تمييز بالفطرة والعلم الضروري الفطري بين الصدق والبر والكذب والفجور وبين عبادة غير الله والأمر بالفواحش والظلم والكذب والجور، وبين عبادة الله والأمر بالمعروف والعفاف والصدق والصلة والبر والإحسان والعدل لما أمكن التمييز بين أحوال الرسل وأحوال الكهَّان والسحرة والمنجمين والكذبة أتباع الشياطين والدجالين، ولما قامت الحجة على الناس ببعث الرسل لأنه يتعذر التمييز بين الصادق والكاذب بل يتعذر استعمال اللغة أصلاً. فما العدل وما الظلم وما العفاف وما هي الصلة وما هو البر وما هو الكذب وما هو الفجور، ولماذا تسمي هذه الأفعال أو تلك بهذا الاسم أو ذاك وإذا أمكن التسمية فلماذا يكون العدل حسنًا والظلم قبيحًا، ولماذا يكون الصدق والبر حسنًا والكذب والفجور قبيحًا، ولماذا يأمر النبيُّ بالعدل والإحسان ولا يأمر بالفواحش والشرك، إذا قلنا أن معرفة هذه الأسماء نفسها لا تعرف إلا بالشرع. وإذا عرفت باللغة والعرف والفطرة فقبحها وحسنها لا يعرف إلا بالشرع لزم الدور القبلي أو دخلت في الاستعمال الحديث في حلقة مفرغة، فمعرفة الصادق من الكاذب لا تعرف إلا بالفرق بين أحوال الرسل وغيرهم مع المعجزة ولا يعرف الفرق إلا بمعرفة أسماء هذه المسميات وإدراك حسن الحسن وقبح القبيح منها، وإدراك هذا لا يعرف إلا من طريق الرسل والشرع فإذا لم يكن هناك تمييز بالفطرة قبل الرسل بدلالة المعجزة والأحوال كيف يعرف الرسول من المدَّعي وكيف يصدقه إذا عرَّف له العدل والظلم وبيَّن حسن هذا وقبح ذلك، وهو لم يعرف أنه رسول ليأخذ بقوله فإذا لم يستقم له التمييز بالفطرة لا يستقيم له التمييز بالشرع، لأن التمييز بالفطرة هو الذي يحدد له طريق الاتباع، واحتجاج المشركين بأن الله يأمر بالشرك ويرضي به لعدم تغييره عليهم بإنزال النقمة أو إزالة النعمة وهو الاحتجاج بالقدر على الشرك قد رده الله سبحانه وتعالى ببيان ما هو مستقر في الفطرة بأن الإنسان لا يشرك مملوكه في أمره ولا يخافه كخيفته نفسه لأن هذا سفه فكيف يليق بالربِّ ذلك؟ فإذا جاز ذلك على الإنسان فلماذا لا يجوز على الله إذا لم يكن سفهًا في الحالتين؟ وبالجملة فإنكار العلم الضروري الفطري يؤدي إلى السفسطة وجحد العلوم عقلية وشرعية وتنتفي خاصية التخاطب والفهم ويصير الإنسان كالحيوان لا يميز شيئًا عن شيء، ومن كان هذا شأنه كيف يصدق الرسول بالمعجزة أو أحوال الرسل أو غير ذلك وهو لا يستطيع أن يميز شيئًا عن شيء، وبالفطرة يدرك الإنسان حاجته إلى الرسل لأن كل ما يتوهمه العقل أنه يقرب إلى الله كذب على الله، وكل صرف لحق الله إلى غيره استخفاف بحق الله، فالعلم الضروري وفطرة التوحيد المركوزة في النفس البشرية لا تطلق العقل بديلاً عن الشرع أو شريكًا له بل تدرك قصور العقل بالفطرة وتحبسه عن تقحم المغيبات التي لا سبيل له إليها فلا يقول على الله بغير علم ولا يفتري على الله الكذب ويتوقف عن كل ما لا يستند إلى شرع من تحسين العقول وعليه فليس القول بهذا من مسالك المعتزلة بل هو قول أهل السنة كما ذكر الشاطبي في ”الاعتصام“ والقول بغير ذلك هو من قبيل السفسطة وجحد العلوم وانعدام القدرة على التمييز فتسقط الحجة بالرسل وفرق بين إدراك الإنسان لاحتياجه إلى الشرع، وبين انعدام الإدراك تمامًا إلا بالشرع الذي ينتفي معه التمييز بين الصادق والكاذب ـ كالمعجزة والأحوال ـ والرسول والمدعي أو حتي فهم ما هو الرسول وما هو غير ذلك وبالتالي يصادر على الإدراك بالشرع ويدخل في دور، وفرق بين هذا وذاك وبين الاستغناء بالعقل عن الشرع أو مشاركة العقل للشرع .. إلى أخره ) إهـ البلاغ المبين
    ومن أراد أن يستزيد في حجة العلم الفطري الضروري فليقرأ ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في رسالته ( الأصفهانية ) والله أعلم .

  4. #4

    افتراضي رد: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّا

    لسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد قال تعالى:{و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟قالوا :بلى شهدنا ،أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا انما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ؟}[172 و 173]و جاءت أحاديث الفطرة تؤكد ذلك و تبينه و منها :عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ما من مولود الا و يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..]الحديث و في رواية عن الأسود بن سريع أن النبي [ص]قال: [و الذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد الا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه]و في رواية:قالوا :و من مات قبل ذلك يا رسول الله ؟قال :الله أعلم بما كانوا عاملين]و في رواية لمسلم:[كل انسان تلده أمه على الفطرة و أبواه بعد يهودانه و ينصرانه و يمجسانه ،فان كانا مسلمين ،فمسلم ...]الحديث و عن أبي أمامه أن رسول الله [صي قال :{لما خلق الله الخلق و قضى القضية و أخذ ميثاق النبيئين و عرشه على الماء ،فأخذ أهل اليمين بيمينه و أخذ أهل الشمال بيده الأخرى و كلتا يدي الرحمن يمين فقال :أصحاب اليمين فاستجابوا له ،فقالوا:لبيك ربنا و سعديك،قال :ألست بربكم ؟..]الحديث و عن ابن عباس عن النبي [ص]قال:[ ان الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه ذرية ذرها فنشرها بين يديه ثم كلمهم قبلا قال { ألست بربكم ؟قالوا :بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا..الى قوله..المبطلون}و قد ذهب بعض المفسرين انطلاقا من هذا الميثاق الى القول بأن الله جل و علا كان بامكانه ألا يرسل رسولا بعد هذا الميثاق الا أنه رحمة منه و رأفة بعباده كان كلما زاغت الأمم و حادت عن جادة الطريق بسبب تراكم البدع حتى تصل الى الشرك أرسل رسولا ليعيدهم الى الجادة مذكرا بالميثاق فكانت كل الرسالات نذارة و تذكرة قال تعالى :{طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى}و قال {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}و قال:{يأيها النبي انا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا}و قال:{رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون لله على الناس حجة بعد الرسل}و الآيات في الباب كثيرة جدا و قد بينتها أكثر في كتابي :البعد العقائدي لحديث الحج عرفه من نفائس أسرار المعرفة الذي كان عبارة عن محاضرة ألقيتها في الجامعة الإسلامية في النيجر سنة 1999 ثم أضفت الأحكام الشرعية ليصبح كتابا في الحج عقيدة و أحكاما انطلقنا فيه من فقه الورع نرجو أن نجد من يطبعه مع الكتب الأخرى التي ألفناها نرجو أن يكون في هذا التبيين ما يبرره و يقنع و الله الموفق و هو الهادي الى سواء السبيل

  5. #5

    افتراضي رد: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّا

    عفوا بسبب سبق القلم قال تعالى في سورة النساء :{رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } و قال تعالى :{ يأيها النبيئ انا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا الى الله باذنه و سراجا منيرا }و قال تعالى :{و ما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا و نذيرا و ان من أمة الا خلا فيها نذير}و في المزمل 19 و الإنسان 29 و عبس 80 و الفرقان 1و56 و قال تعالى{و ذكر انما أنت مذكر}الخ...فالآيا ت القرآنية و الأحاديث النبوية التي تبرز أن الرسالات النبوية كانت كلها تذكرة بهذا الميثاق الذي بسببه تحققت هذه الفطرة التي يولد عليها كل انسان سواء ولد في بلاد الكفر أو في بلاد الإسلام انطلاقا من قوله تعالى :{و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدوني ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين} و قوله تعالى :{و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم....} الله ولي التوفيق

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    160

    افتراضي رد: إذا كانت الفطرة تهدي للحق فلماذا إرسال الرسل؟ جواب العلَّامة عبد الرَّحمن البرَّا

    حفظ الله الشيخ الامام ونفع به

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •