بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الجليل العلامة / مقبل بن هادي الوادعي:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد... فشجرة القات شجرة أثيمة ضيعت أعمار اليمنيين واقتصادهم وعقولهم وأوقاتهم، هذا أمر لا ينازع فيه، وهي مضرة للاقتصاد أيما إضرار، وقد كان اليمن يورد الزبيب وبعض المنتجات إلى الخارج، والآن أصبح اليمنيون يستوردون البسباس والحلبة والثوم إلى غير ذلك، وكل هذا بسبب الشجرة الأثيمة التي ابتلي بها اليمنيون، والى الله المشتكى فلا ادري متى يفيقون، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع..." وذكر منها "عن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه"، فمالك يضيع في هذه الشجرة الأثيمة وكذلك عمرك، فمن بعد الظهر إلى الساعة الرابعة من الليل فما بعد ذلك، دع عنك ما يتولد عنها من الأحزان ومن ضياع العقل، فرب شخص يبكي بعد أكل القات.
أخ في الله من ساكني الحديدة زارنا إلى هنا ويقول: أكل القات مع مجموعة كان يجاملهم وقام في الليل يبكي فقالوا له: مالك تبكي؟ قال: مات أبي، قال: وأبوه قد مات من زمان قديم.
وأما ضياع العقل فأنا أنصح بالرجوع إلى ما كتبه الأخ عائض مسمار حفظه الله تعالى وان كانت كتابته قاصرة لم يستوعب فإنني نصحته أن يقوم برحلة إلى جميع المخزنين، فعندهم من عيوب القات أكثر مما عندنا، فمما قيل له وانأ اسمع: أن شخصا أراد أن يشرب فاخذ الهرة فخمشته في يديه، فقال: أصابك الله ما أحرك، فقد ظن أنها ثلاجة ماء ثم رمى بها.
واخبرني الإخوان بذمار يقولون: هناك حداد يشتغل في الحديد، وهو مخزن ورأوا رجليه قد تحرقت والنار تأتي على رجليه وهو لا يشعر، فقالوا: رجلاك قد أصبحتا محرقتين. فقال: لا، ما فيه شيء الحمد لله، وبعد أن انتهى من أكل القات إذا هو يصرخ صراخا شديدا ويسعفونه إلى الدكتور.
والإخوة اللذين يخزنون يعرفون أضرارها أكثر، بل غير واحد قد جن ويذهب به إلى طب الأعصاب في تعز، فيقول: هذا من القات، وان رجعت وأكلت القات فلا تأتي. معناه انك أنت الذي تسببت في مرض نفسك وفي ضياع عقلك، واكل القات منظر مشوه وكريه، وقد أحسن من قال:
إنما القات حشيش اخضر ليس يحتاج إليه البشر
فإذا ما أكلته أمة فاعذروهم إنما هم بقر
فاليمنيون ابتلوا بهذا وواجب على كل يمني بل على كل مسلم لأنه يوجد كذلك في الحبشة وفي الصومال، أن يزيل هذه الشجرة الأثيمة من أرضه ولا يجوز له أن يبيعها، لأنه لا فائدة فيها مع قطع النظر أحرام هي أم ليست بحرام، فهي لا خير فيها، فنحن مسئولون عن أعمارنا وأوقاتنا وعن مالنا الذي أكرمنا الله وأرشدنا في كتابه ماذا نستعمله فيه مثل الرمان والعنب والزرع، وهناك كذب مفضوح في شأن القات، فقد أخبرت أن خطيبا قام في ذمار ويقول: ابشروا بالرخصة يا أهل القات فان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى علي بن أبي طالب فأقره.
وفي ذات مرة كنا في مجلس مع بعض المسئولين فإذا رجل كما يقول الإمام الشوكاني: عمامته كالبرج وكمه كالخرج وإذا هو يقول: روت بنت القاسم عن أبيها أن سليمان أخذه الفتور والتعب فدل على القات فصار نشيطا.
وهكذا الصوفية الأمة الحمقى يزعمون انه يعينهم على قيام الليل، ولست أنا الذي أقول أنهم الأمة الحمقى، بل هو الإمام الشافعي رحمه الله، فقد ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة عن الإمام الشافعي قال: لو أن رجلا تصوف في أول اليوم ما أتى آخر النهار إلا وهو أبله. فهم يزعمون أنه يعينهم على قيام الليل، فإذا أعانك على قيام ليلة تبقى في اليوم الثاني كأنك مصروع، وانظروا إلى حالة المخزنين بعد العصر في رمضان، إياك إياك أن تدخل في مشكلة مع المخزن فربما يوجه إليك البندقية والمضاربة، وهكذا لأنه ليس عاقلا في ذلك الوقت، بل عقله عقل هرة.
وأنا آسف جدا أن يكون سنيا يقوم ويعظ الناس: يا أيها الناس تمسكوا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو يخزن وجماعته بخمسمائة ريال، فلو جمع هذه الخمسمائة مع خمسمائة مع خمسمائة لاستطاع أن يكون له مكتبة في أسرع وقت.
فالقات ضرر على صحتك وعلى مالك وعلى عقلك، والقات يتفاوت فرب بلدة يصير الشخص مثل المجنون إذا أكل من القات الذي يزرع فيها، وقد اخبرني الأخ عقيل المقطري يقول: عندهم منطقة إذا أراد الناس أن يضحكوا على شخص أعطوه يخزن منها فلا يشعر إلا وقد قام يخلع ثيابه ويبقى عريانا.
وقد كنت في ذات مرة أتكلم على القات ولم اجزم بتحريمه، فقام أخ وقال: اشهد لله بأنه حرام، فقلت له: لماذا؟ قال: لقد خزنت ذات ليلة في الغرفة فشعرت أن الغرفة تكاد أن تنطبق علي، ثم صعدت على خزان المياه فوق سطح المنزل ولولا الله سبحانه وتعالى ما قد قدر لي أن أموت وإلا فحركة صغيرة وانأ خارج البيت، يقول: فهذا ينبغي ألا يشك فيه أنه محرم.