تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كتاب طوق الخطاب: دراسة عن ابن حزم يحصل على جائزة البحرين 2008

  1. #1

    افتراضي كتاب طوق الخطاب: دراسة عن ابن حزم يحصل على جائزة البحرين 2008

    الكتاب الحاصل على جائزة الكتاب المتميز لعام 2008 في البحرين
    في كتابه الأخير (طوق الخطاب: دراسة في ظاهرية ابن حزم)، يتجه الناقد البحريني علي الديري نحو دراسة علاقة ابن حزم بالفقه وأصوله، وهو الكتاب الحاصل على المركز الأول في فرع الدراسات الإنسانية والاجتماعية ضمن جائزة الكتاب المتميز لعام 2008 والتي أدرجها قطاع الثقافة والتراث في البحرين.
    ويقول الديري انه اتجه لدراسة ظاهرية ابن حزم على وجه التحديد، لكي يحدد إسهام ابن حزم من خلال علم الأصول في تحليل الخطاب أو ما تسميه اللسانيات اليوم بعلم تحليل الخطاب، كما هدف لمعرفة حجم ما أسهم به في هذا التخصص.
    والديري ناقد وباحث لغوي صدر له سابقاً كتاب «مجازات بها نرى»، ويقول عن كتابه الجديد «ظاهرية ابن حزم»:«وجدت أن المجازات هي أحد هذه المكونات، لكن دراستي لابن حزم لم تكن اشتغالا على هذا المكون، فهذا المكوّن لم يشتغل عليه ابن حزم. هذا موضوع اشتغلتُ عليه تاليًا بعد انتهائي من ابن حزم. موضوع ابن حزم في تحليل الخطاب، كان الدليل، وابن حزم يفهم الخطاب والدليل وفق إطار المنطق الأرسطي، فبالنسبة له أن علم المنطق الأرسطي هو العلم الذي يمكن من خلاله وضع قواعد نظرية لتحليل الخطاب، وهنا أريد أن ألفت إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن علم أصول الفقه علم يجمع عدة علوم مع بعضها ويستثمرها لتوليد علمه، فعلم أصول الفقه هو علم مكوّن من علم المنطق والفلسفة واللغة والبلاغة وعلم الكلام وعلم النحو، بل وحتى علوم الطبيعة تدخل فيه. جميع هذه العلوم يستثمرها هذا العلم ويولّد هو من خلالها أدواته في ما بعد».
    وفي رأيه أن ما يميز كتابته الجديدة عن ابن حزم عن باقي المؤلفات السابقة هي أن مقاربته لابن حزم مختلفة عن مقاربة علماء الشريعة لهذا الموضوع، فـ«هم يذهبون إليه كصاحب مذهب، وأنا أذهب إليه كصاحب طوق، أنا أذهب إليه كعالم لديه مجموعة من الأدوات منبثقة من أفق نظري في قراءة الخطاب، فلست أراه صاحب مذهب في مقابل مذاهب أخرى، أنا معني بإبراز منظومته المعرفية في قراءة هذا الخطاب، لذلك كنت أتحدث عن خلفيته المعرفية والفلسفية والمنطقية وكنت أتكلم عن فهمه، وأحاول أن أعرف في منظومته ما هو الفهم وما هي المعرفة وما هي اللغة وما هو الخطاب وما هو العقل وما هو الدليل».
    ويضيف المؤلف:«أردت أن ألعب على عنوان كتاب ابن حزم (طوق الحمامة) وأشتق منه وأفهم من خلاله عمله في علم الأصول، فابن حزم الكاتب العميق في اصول الفقه، وهو صاحب كتاب (الإحكام في أصول الأحكام)، هو نفسه صاحب كتاب (طوق الحمامة) الذي يتحدث عن الحبّ بحرية وبلغة أدبية جميلة. والطوق هو علامة تدل على الجمال، وتدل على القدرة، وتدل على الطاقة، القادرة على منح القدرة والتماسك، فحين تطوّق شيئا تجعله متماسكا».
    المصدر http://www.alfajer.org/index.php?act=artc&id=130
    أبو محمد المصري

  2. #2

    افتراضي رد: كتاب طوق الخطاب: دراسة عن ابن حزم يحصل على جائزة البحرين 2008

    علي الديري متحدثاً عن كتابه الفائز بجائزة التميز 2008 «طوق الخطاب»
    درستُ ابن حزم للتعرف على نوع من الخطابات الأصيلة ولغاية عند «يعقوب»
    أفراح الهندال:
    ما الذي يجعل ناقداً مختصاً في تحليل الخطاب، مثل علي الديري، يذهب في كتابه الأخير ''طوق الخطاب''، إلى دراسة رجل شريعة، مختص بعلم أصول الفقه، مثل ابن حزم؟ كيف بدأت العلاقة بينهما؟ وكيف نشأت؟ وكيف تطورت؟ وكيف أمكن للديري المناكف دفاعاً عن تشعيب الأنفاس وتعدداتها وتنوعاتها، أن يتذوق جماليات خطاب ابن حزم بحدته وحقيقته وبحسمها ويقينياتها؟ كيف يمكن لمزاج ابن حزم الذي يقول إن ''النص يعطيك ما فيه''، أن يكون مستمرَءاً من قبل مزاج ناقد، يرى أن النص يعطيك ما فيك وما في أفق عصرك وسياقك وجماعتك وآلياتك التأويلية؟ كيف تذوق الأخير ظاهرية خطاب ابن حزم الأصولي؟ وهو القادم (سوسيولوجيا)، من تكوين عقائدي يحمل ابن حزم منه ومن مصادر معرفته موقفا سلبيا؟ وأخيراً كيف يفهم الديري شخصية صاحب طوق الحمامة الرحبة، من خلال شخصية صاحب (الإحكام في أصول الأحكام) الفقهية المتجهمة الحادة الأصولية؟
    كان هذا بعض ما أخذنا إليه الحوار مع علي الديري. صاحب كتاب ''طوق الخطاب'' الصادر في ,2007 عن مركز شيخ إبراهيم للدراسات والبحوث.
    ؟ تركز على الرمز والاستعارة والمجاز، ما وجه تركيزك هذا؟
    - أنا أرى أن الخطاب هو حقل من المجازات والاستعارات والتشبيهات والحكايات، بمعنى أن مكوّن أساسي من مكونات الخطاب، هي المجازات والاستعارات، وعبر المجازات والاستعارات يبني الخطاب مقدّماته ويرى العالم ويخلق نسبه، ويُقيم استدلالاته، ويبني حججه، فأنا معنيّ بالمجاز وبالاستعارات باعتبارها تشكل هوية الخطاب، وتخصصي الأساسي هو تحليل الخطاب، وبالدرجة الأولى أنا معنيّ في تحليل الخطاب بمكوّنه المجازي والاستعاري.
    الذهاب إلى ابن حزم
    ؟ من أي زاوية درست ابن حزم في كتابك طوق الخطاب؟
    - درست ظاهرية ابن حزم. لقد ذهبت إلى ابن حزم على وجه التحديد، لكي أرى إسهام ابن حزم من خلال علم الأصول في تحليل الخطاب أو ما تسميه اللسانيات اليوم بعلم تحليل الخطاب. كنت أريد أن أرى ما الذي أسهم فيه هذا التخصص أو ما الذي أسهم فيه هذا العلم العربي القديم (علم أصول الفقه)، وهو يعتبر بالمناسبة من العلوم الإسلامية الأصيلة، بمعنى أنه من العلوم التي لم تستوردها الحضارة الإسلامية من حضارة أخرى، وإنما أنشأتها هي إنشاءً، لكي تضع مجموعة من القواعد النظرية لدراسة الخطاب الديني المقدس، وهو خطاب القرآن وخطاب الحديث، ولكن هذه القواعد ممكن أن ننظر إليها اليوم، بأنها قواعد غير محدودة فقط بخطاب القرآن والحديث النبوي، وإنما هي قواعد تصلح لقراءة أي خطاب من الخطابات البشرية، فهي تصلح لقراءة أي خطاب من الخطابات الاجتماعية والسياسية والإعلامية.
    لقد ذهبت أنا إلى ابن حزم في البداية لهذا السبب الأكاديمي، ولكني وجدت فيما بعد في طريق الذهاب إلى ابن حزم، أهدافا أخرى، ووجدت غايات أخرى ووجدت موضوعات أخرى في هذا الطريق. وربما يكون ما كتبته في هذا الكتاب، جزءاً مما وجدته، ويبقى الجزء الأكبر والأهم يتعلق بما لم أكتبه، لكنه حاضر في أفقي.
    دليل ابن حزم
    ؟ ولكن كيف تحددت الهوية، هوية الخطاب من خلال دراستك لأصول الفقه عند ابن حزم؟
    - لن أقول هوية الخطاب، لكي لا نستعمل مصطلحات قد توقعنا في لبس، سأقول ما هو مقوّم الخطاب، مقوّم الخطاب يعني ما هو الشيء الذي يقوم عليه الخطاب ويعتبر ركنا أساسيا من أركان الخطاب؟ أنا وجدت أن المجازات هي أحد هذه المكونات، لكن دراستي لابن حزم لم تكن اشتغالا على هذا المكون، فهذا المكوّن لم يشتغل عليه ابن حزم، هذا موضوع اشتغلتُ عليه تاليًا بعد انتهائي من ابن حزم.
    موضوع ابن حزم في تحليل الخطاب، كان الدليل، وابن حزم يفهم الخطاب والدليل وفق إطار المنطق الأرسطي، فبالنسبة له أن علم المنطق الأرسطي هو العلم الذي يمكن من خلاله وضع قواعد نظرية لتحليل الخطاب، وهنا أريد أن ألفت إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن علم أصول الفقه علم يجمع عدة علوم مع بعضها ويستثمرها لتوليد علمه، فعلم أصول الفقه هو علم مكوّن من علم المنطق والفلسفة واللغة والبلاغة وعلم الكلام وعلم النحو، بل وحتى علوم الطبيعة تدخل فيه. جميع هذه العلوم يستثمرها هذا العلم ويولّد هو من خلالها أدواته فيما بعد
    إحدى المكونات الرئيسية التي أسهم فيها ابن حزم في تشييد هذا العلم، وكتاب ابن حزم (الإحكام في أصول الأحكام) يعتبر رابع أربعة كتب في تأسيس علم أصول الفقه في الحضارة الإسلامية، وقد أسهم إسهاما كبيرًا في إدخال المنطق الأرسطي ليكون مكوّنًا من مكونات علم أصول الفقه.
    ؟على الرغم من استفادة ابن حزم من منطق أرسطو إلا أنه كان معروفًا بحدته وحدة كلماته، حتى كان يُضرب بها المثل بمقارنتها بسيف الحجّاج. كيف تفسر ذلك؟
    - فعلا لغة ابن حزم لغة على مستوى الحِجاج لغة حادة وحاسمة ويقينية ولا تقبل بفكرة تعدد الحقيقة، وأنا أُرجع ذلك إلى المنطق الأرسطي الذي يستند إليه ابن حزم في مفهومه للحقيقة. المنطق الأرسطي يعتمد على الحقيقة الموضوعية بمعنى الحقيقة التي هي موجودة خارج الذات، فنحنُ نصل إلى هذه الحقيقة الموجودة خارجنا بتجردنا من كل هوىً، من كلّ ميْلٍ، من كلّ خطأ، من كل ضعف نظرٍ أو ضعف ذهنٍ، فأنت إذا توفرت على هذه الخصائص المتجردة من هذا الكل، استطعت أن تصل إلى هذه الحقيقة الموجودة خارجك أنت، وستصل بطريقة موضوعية وسليمة ويقينية.
    هذا المنطق اليقيني الذي استند إليه ابن حزم في فهم الحقيقة جعل من لغته لغة حادّة لا تقبل أنصاف الحقائق ولا تقبل ما يسميه هو بالمغالطات والتشغيب والتي في حقيقتها هي آراء أو حقائق أخرى لا يقرها دليله الظاهري. هناك قواعد منطقية تحدّد الحقيقة تحديدا صارمًا في المنطق الأرسطي، وقد صاغ ابن حزم من خلالها مفهومه للدليل الذي يحدد وفقه معنى الخطاب، وقد بلغت حدّة ابن حزم درجة أنه كان يقول: إن الذي لا يعرف أو لا يتقن المنطق الأرسطي لا يمكننا الثقة في علمه أو في فقهه، حتى لو كان فقيهًا. لكن علينا أن نقرأ هذه الحدة بإيجابية أيضا، فهي تستند إلى انفتاح ابن حزم على علوم الغير، وأقصد هنا المنطق الأرسطي الذي هو منطقٌ نشأ في حضارة غير الحضارة الإسلامية بل وفي بيئة غير دينية إذ هي بيئة وثنية لا علاقة لها بالدين السماويّ.
    كشف التلاعبات
    كأن ابن حزم يريد أن يقول إنه لا يمكننا أن نفهم النصوص الدينية إلا باعتماد هذا المنطق، لذلك فأنا أفسّر حدّته بهذا الجانب العلمي. أيضا هناك مكون آخر بطبيعة الحال يتعلق بالجانب الاجتماعي وهو الجانب المتعلق بالمعارضات التي كان يواجهها ابن حزم من المذاهب الأخرى، وهذه المعارضات كانت ناشئة من كون أن الظاهرية التي يمثلها ابن حزم هي منهج جديد بالنسبة إلى بلاد المغرب والأندلس التي اعتادت الفقه المالكي، فحين يأتي فقيه بمدرسة جديدة هي المدرسة الظاهرية وهي مدرسة من المعروف أن أصلها مشرقي وكان ابن داوود الظاهري هو المؤسس لهذه المدرسة في القرن الثالث قبل أن يتسلمها ابن حزم ويتسلم معها كتاب ابن داوود (الزهرة) وهو كتاب في الحب. لقد تسلم ابن حزم ظاهرية الخطاب وظاهرية الحب وذهب بها بعيدًا في القرن الخامس الهجري.
    تنشأ معارضات عند دخول نظرية جديدة أو مذهب جديد على حقل قد رتّب أوضاعه وأعرافه مصالحه ورتّب قواه وعلاقاته، وهذا ما توضحه نظرية ''بروديو'' في الحقل الاجتماعي وهي نظرية تفسّر الصراعات الاجتماعية في الأوساط العلمية والثقافية، سواء كان الأمر في حقل الأدب أو الفقه أو السياسية أو الوجاهة.
    يمكننا أن نفسر حدّة ابن حزم بأنها نوع من ردّة الفعل على خصومه الذين كان يشنّعون عليه ويواجهونه ويحاولون أن يؤلبوا عليه الناس ويؤلبوا عليه ملوك الطوائف في تلك الفترة، وبالتالي نشأت لديه حدّة في مواجهتهم والرد عليهم من أجل الدفاع عن مذهبه ومنطقه، أي من أجل أن يموضع نفسه في الحقل العلمي الذي كان يكتب فيه.
    أيضا هناك سبب ثالث يمكننا أن نفسّر من خلاله هذه الحدّة، وهو السبب المتعلق بأن ابن حزم كان شاهدًا على حكم الطوائف وكان أبوه شاهدًا على حكم استقرار الخلافة الأموية في الأندلس وقوتها، حين اهتز هذا الحكم وهذا الاستقرار، وجاءت ملوك الطوائف، وأخذ كل ملك ينشئ مملكته في طائفة أقل، حدث نوع من التشرذم في القوى التي كانت تحكم الأندلس، وهذه التشرذمات التي حدثت دفعت ابن حزم ليعبّر عن سخطه على التشرذم الموجود، أو لنقل هو يريد أن يدين أحد أسبابه، هذا السبب هو أنّ هذا التشرذم الموجود على المستوى السياسي والذي تبدى على مستوى ضعف الدولة العربية الإسلامية في الأندلس، يأتي من أنّ كل أمير أو كلّ ملكٍ استقلّ بطائفة كان يستند في حكمه السياسي إلى حكم فقهي، والحكم الفقهي يضعه فقيه، لذلك لابدّ أن يكون هناك فقيه يتكيف أو يكيّف الناس لكي يُعطي مشروعية لهذا الحاكم، فوجد ابن حزم أن جزءاً من التلاعب في قراءة النصوص الدينية وتأويلها، يأتي ليحقق هذه المشروعية. هذا التلاعب هو المسؤول عن التشرذم السياسي الموجود، فهو كأنه أراد أن يجعل من منهج الظاهرية منهجًا يفضح ويكشف هذه التلاعبات في قراءة النصوص.
    دنيوية الظاهرية
    ينبِّه إدوارد سعيد في كتابه (العالم والنص والناقد) إلى ما لدى المدرسة الظاهريّة من أفكار في تفسير النصوص لا تعزل النص عن تفاعلاته الواقعيّة والبشريّة والثقافيّة، فالنص ظاهرة تعبيريّة ظرفيّة، يقترن معناها باستعمال وظرف محدّدين أي بوضع تاريخي وديني. وتحقق ظاهرية ابن حزم ذلك بأن تجعل للنصوص والأشياء في العالم كيفيات بدل أن تكون لها جواهر باطنة وأسرار خاصة. وكيفيّات النصوص هي ملفوظاتها، وأبنيتها، وتراكيبها، وظروفها السياقيّة، وطرق إنتاجها، ومدلولاتها. تمثل هذه الكيفيّات ظواهر النصوص التي على العقل الاشتغال عليها، من أجل فهمها. وظاهريّة ابن حزم في قراءة الخطاب تمثل اجتهاده الخاص في قراءة هذه الكيفيّات في الدنيا. لذلك فالظاهرية قراءة دنيوية للنصوص، وهي حمّالة ظواهر، لأن في الدنيا لا يوجد غير الاختلاف.
    جماليات ابن حزم
    لذلك ابن حزم لم يكن متصالحًا مع السلطات السياسية في عصره وتعرّض أيضًا إلى محاكمات قادته إلى سجن، وكان يقول دائمًا إنه ما كتب كتابًا أو ما كتب ورقة إلا وهو على قلق بسبب أنه إما أن يكون في سجنٍ أو يكون على هجرة أو يكون على هربٍ أو يكون على قلاقل سياسية.
    هذه التركيبة أسهمت في تكوين مزاجه الحاد في الكتابة وفي الدفاع عن وجود حقيقة للنص واحدة ومعنى للنص واحد ظاهر لا يقبل التأويل، أي لا يقبل اللعب، ولا قبل التوظيف السياسي، ولا يقبل ميوعة في المعنى. ولعل جملة ابن حزم المكثقة ''النص لا يعطيك إلا ما فيه'' تخلص ظاهريته وموقفه من المرجعيات غير النصية التي تعطي معناها الخاص.
    أنا أفسّر حدية مزاج ابن حزم بذلك، ومع ذلك أقول أنا قد استمرأتُ هذه الحدية ووجدت فيها جمالية أخرى، هي جمالية القلق المعرفي. وهذا جعلني متفهما لمزاج ابن حزم وعصره ولقلقه المعرفي الذي كان يشغله. المفكر أو الفيلسوف أو العالم، هو ليس فقط حصيلة علمه، وإنما هو أيضا خلاصة عصره وخلاصة القلاقل السياسية والاجتماعية التي يخوضها، والمفكرون العظماء أو العلماء العظماء تفكيرهم دائمًا يكون تفكيرا خارج الأطر الضيقة للعلم، فبالتالي هو يفكّر من خلال سياق العصر الذي يعيش فيه.
    ؟ كيف راقتك هذه الحدية وأعجبتك؟ هل هي ما جعلك تستند وتخرج من دائرة النصوص الشيعية والمنهجية الشيعية في بحث أمور الأصول والفقه وهذه الأمور.
    - دعيــني أوضـــّح أولاً بأني لم أجد أن حدّة ابن حزم تتناسب معي، فأنا لستُ حادًّا في نقدي، ولستُ حادًّا في نظرتي للمسائل، ولست ممن يقولون بوجود حقيقة واحدة للنص، فالنص في مفهومي لا يعطيك ما فيه كما يقول ابن حزم، بل يعطيك ما فيك وما في أفق عصرك وسياقك وجماعتك وآلياتك التأويلية، النص يعطي ما في أنفاس الخلائق. فأنا مختلف تمامًا في هذا المزاج، ولكن استطعت أن أتفهم هذه الحدّة، وأن أتذوق جمالياتها التي تحمل في داخلها قلقا معرفيّا وقلقا وجوديا وقلقا سياسيا للوضع الكائن في العالم، وجوانب من هذا القلق يمكن أن تفسر حدّة ابن حزم ضد التلاعب بالنصوص وبالحقيقة وبتوظيفها. استطعت أن أستوعب ذلك في هذا السياق، واستطعت أن أقرأ جماليات فيها أيضا وأن أتفهمها وأن أتذوقها بهذا المعنى. ولعل من المفيد أن أذكر هنا بعبارة شبنهاور ''إن لم أجد شيئاً يقلقني، فهذا في حد ذاته يقلقني'' التي يرددها دوما الصديق الأديب كريم هزاع، في سياق تبيانه لسيكيولوجيــــا المثقــف.
    المصدر http://www.alwaqt.com/art.php?aid=128121
    أبو محمد المصري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •