لا جهاد بلا سلاح...
و لا سلاح بلا صلاح...
و لا صلاح بلا إصلاح...
فالأمة الإسلامية بحاجة إلى تربية جادة على الجهاد...
و الجهاد بكل أبعاده المختلفة : جهاد اللسان و البيان و جهاد السلاح و السَّنان...
يعني ينبغي على حكام المسلمين و أهل العلم فيهم و أهل الخبرة في كل الميادين ، دينية و عسكرية و سياسية و اقتصادية وثقافية....أن يربوا مجتمعات المسلمين و يحملوهم على محمل الجد و يؤهلوهم إلى تبوء المكانة اللائقة بالأمة الاسلامية كأمة مجاهدة جدية لا تعرف المزاح و اللهو الزائد عن الحاجة و ماذاك لها بخلق....
و هذا لا شك سنصل إليه يوما ما إذا تبنى كل واحد منا هذا المنهج، و بثه في الأوساط المختلفة ، بدءا بنفسه ثم أسرته و هكذا...
و هذا ليس قولا باللسان فقط ، و إلا ضاع كل شيء ، و صار حبرا على ورق...
و لكن بتصديقه بالعمل، فهذا المنهج هو التصفية و التربية كما هو معلوم عندكم...
تصفية للدين و العلم من كل ما علق به من بدع و خرافات و أحاديث ضعيفة و موضوعة و تعصب للآراء و الأهواء على غير هدى و بصيرة في ...
و تربية للنفس و المجتمع على ذلك العلم المصفى في العقائد و العبادات و الأخلاق...
و التربية الجهادية للأمة الاسلامية لا تقتصر فقط على الجانب الديني و الخلقي فقط !...بل تتعداه إلى جميع نواحي الحياة الحديثة ...
من الأخذ بالعلوم المعاصرة و التكنولوجيا المتطورة في كافة المجالات ، و الاهتمام بالجامعات و استثمار البحث العلمي....
و لا أنسى هنا لأذكر إخواني أن جامعات العدو الصهيوني تصنف من أرقى الجامعات عالميا مقابل جامعات المسلمين مجتمعة و الله المستعان !!
و يعد اليهود الصهاينة من أكثر الدول إنفاقا في العالم على البحث العلمي ....فالقوم أدركوا سر القوة و التمكين ...ألا و هو العلم !!
و هذا ليس بعيدا عن حكام المسلمين ، بل هذه المهمة العظيمة المصيرية منوطة بهم بالدرجة الأولى ....
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبصر حكامنا بهذه الحقيقة الثقيلة ، و لكن و الله الذي لا إله غيره لو صدقت النيات و أخلصت القلوب لرب البريات لتحققت المستحيلات بله الممكنات..
و لكن لا غرابة إذ تأخر النصر ، فنحن معشر المسلمين عموما غارقون في الشهوات ، تاركون للطاعات ، مقصرون في الحقوق و الواجبات ، و ربنا يقول في كتابه :
(ضرب الله قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون)
أضف إلى كل ذلك أمرين عظيمين :
ـ الأول هو وقوع الكثيرين من المسلمين في الشرك بنوعيه الأكبر و الأصغر، و الله المستعان ، و يقف أكثر التيارات الإسلامية ساكتين مكتوفي الأيدي عن دعوتهم وتعليمهم و الإنكار عليهم بحجة منهج الأولويات و عدم التفريق بين المسلمين !! و لا حول و لا قوة إلا بالله... و هذا و الله الداء العضال و لا أكون مبالغا إن قلت أنه السر في انحطاط المسلمين و هزيمتهم في الزمن الراهن...
ـ الثاني و لا يبعد في الخطورة عن الأول ألا و هو الفرقة و الاختلاف بين المسلمين حكاما و محكومين، و هذا و الله لكاف لإذهاب قوة المسلمين و هيبتهم كيف وقد انضم إليه أسباب أخرى ...
كما قال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم)
و أعداء المسلمين فقهوا هذا الأمر جيدا ، فراحوا يحيكون للمسلمين المؤامرة تلو المؤامرة ، للتحريش بينهم و التفريق لصفوفهم حتى يحققوا كل ما يريدون...
فهذه الجزائر و المغرب في قضية الصحراء الغربية !!
و هذه دول الخليج تتصارع على بعض الجزر و الحدود!!
و غيرها كثير.....
فالكفار المستدمرون و الذين كانوا محتلين أو منتدبين على دول الأمة الاسلامية لم يخرجوا هكذا فارغي الأيدي ، و إنما زرعوا في كل منطقة اسلامية صراعا حدوديا و خلافا معقدا لإشغال المسلمين عن قضاياهم المصيرية و الله المستعان ....
فسنة الله عز و جل الثابتة في نصر المسلمين أن يكونوا متوحدين حكاما و محكومين نابذين لكل خلاف تحت راية الإسلام و التوحيد و السنة لا راية عربية و لا بعثية و لا ناصرية و لا خليجية و لا مغاربية ...
و لن تنجح أية راية ما لم ترفع لله و على منهج الله و لله وحده فقط ...
و إن انتصرت بعض التيارات بعض الانتصار في بعض الأقطار فهو انتصار جزئي مؤقت غير كامل و لا دائم و قد يكون مبالغا فيه إعلاميا و سياسيا لمصلحة ما !! ...
و من أسوء مظاهر التفرق الحاصل بين المسلمين :
سقوط الخلافة الاسلامية العظمى و إقامة الحدود بين دولها...
فبسقوطها فقد المسلمون الأمل في الوحدة ، و فقدوا أعز ما يملكون و هو الشعور بالروح الاسلامية الواحدة ، و نبض القلب الاسلامي الواحد، فقد كانت تمثلهم جهة رسمية واحدة و جهاز حكم إداري سياسي و عسكري واحد على الضعف الذي كان يعاني منه ذلك النظام ، لكن الأمل في تحسنه كان قائما و موجودا....
أما الآن فلا بد على المسلمين حكاما و محكومين أن يكافحوا مرة أخرى لاسترجاع ذلك الهيكل و تلك الخلافة الواحدة الموحدة..
وإلى حين ذلك اليوم الموعود .....
ينبغي على المسلمين عموما و على أهل الحل و العقد و أهل العلم و الخبرة خصوصا، أن يسعوا بكل ما أوتوا من قوة و جهد أن يتوحدوا و يحققوا كل أشكال الوحدة بين المسلمين في كل المجالات...
و كما يقال في عصرنا اليوم "عصر التكتلات" بكافة أشكالها ، و انظروا إن شئتم إلى أوربا النصرانية كيف توحدت و صارت اتحادا أوربيا واحدا بما يشبه مفهوم الخلافة عندنا فانعكس الأمر فبعد أن كانوا قرونا متتالية متفرقين و متناحرين و ليست الحرب العالمية الثانية منا ببعيدة بين دول الحلفاء و دول المحور فها هي ألمانيا و فرنسا و إسبانيا و ....تقف جنبا إلى جنب تحت قبة الاتحاد الأوربي الواحد بعملة واحدة و حدود شكلية للغاية و تعاون في كافة المجالات و طاعة و تطبيق لجميع الشروط المتفق عليها في الاتحاد بما يشبه طاعة الخليفة العام عند المسلمين ،أضف إلى ذلك إصدار القرارات و المواقف المشتركة التي تتناسب مع المصلحة العامة ، فسبحان الله مقلب الأحوال !!...
أليس هذا ما يتمناه المسلمون ؟؟؟؟؟.......
أليس هذا ما يريده المسلمون اليوم ؟؟؟...
إن الفرق بيننا و بينهم هو وضوح الرؤية لدى حكامهم و شعوبهم على عكسنا تماما !! فبرغم كفرهم و جحدهم للدين و عماهم عن الحق، أبصروا حقيقة دنيوية لا تخفى على أحد ، و هي ضرورة الاجتماع و التكتل في هذا العصر الحديث المعقد ....
أما نحن في عالمنا الإسلامي ، فلا نبصر غير أنفسنا ، و أنفسنا فقط !...
و في مستنقع تلك الأنانية ، و في وحل ذلك الأنا الممقوت ، تضيع المبادئ و الحقوق و المصالح ، و على رأسها مصالح الدين و المسلمين .
و في انتظار الوحدة و التمكين لهذه الأمة العظيمة....
تستمر محاولات الإصلاح لتحقيق الصلاح....
وإذا تحقق الصلاح قد يرفع حكامنا يوما السلاح...
تحت راية التوحيد و السنة فيحصل بإذن الله الفلاح ...
و يندحر الأعداء كلهم فنصلي في القدس جميعا و نرتاح...
و إن غدا لناظره قريب....
(إن تنصروا الله ينصركم) (إن الله يدافع عن الذين ءامنوا)....
(و تلك الأيام نداولها بين الناس)......
(و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)....
كتبه أخوكم :
أبوهمام الجزائري
الجزائر العاصمة