فتنة المديح!

عكسُ الذَّمِ المدِيحُ، والمدِيحُ والثناءُ الحسنُ مطلبٌ جميلٌ كمكافأةٍ على حُسن الصنِيع، ومن طبيعةِ الإنسانِ حُبهُ للثناء الحسن، ولكن هذا الفعل –أي باستمرارنا في مدح الناس والثناء عليهم- قد ينقلبُ إلى خصلةٍ ذميمةٍ تقودُ الممدُوحَ إلى أن يغترَّ بنفسهِ ويظن بها مايعميه عن تفحص عيوبه وتصحيحها. فلقد أخرج البخاري عن أبي بكرة نفيع بن الحارث قال: أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ويلك ، قطعت عنق أخيك - ثلاثا - من كان منكم مادحا لا محالة فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدًا، إن كان يعلم).

فالتوازن في هذا الباب مطلبٌ ملحٌ، وأمرٌ ضروريٌ؛ لئلا نقود إخواننا إلى المهالك بكثرة مديحنا لهم، ولئلا تتحور أهدافهم السامية في إحسان الصنيع إلى طلب الثناء والمدح. فللمديح فتنةٌ، وللفتنةِ بابٌ، ومن البابِ يجد الشيطان مدخله للاستواء على عرش القلب! ومن هذه الفتنة حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، موصيًا إيانا بحثي التراب في وجوه المدَّاحين؛ لزجرهم عن فتنتنا، وللخوف على أنفسنا من أن يجد الشيطان على قلوبنا مداخلًا. فاللهم إذا أردت بعبادك فتنةً فاقبضنا إليك غير مفتونين.

والحمد لله رب العالمين
رائد بن عبدالله الغامدي
04.01.1429 هـ