الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الامين محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه ومن سلك طريقه واقتفى اثره الى يوم الدين وبعد: ان من حكمة الله عزوجل ان قدر الخير والشر ورتب الجزاء العادل لسالك احد النجدين وجعل لكلا الطريقين اهل - فأهل الخير هم اهل الطاعة هم سادات الناس في الدنيا واهل الشر هم اهل الفسق والفجور هم جنود ابليس في الارض واعوانه ومن تمام عدله تبارك وتعالى انه لا يؤاخذ احدا بجريرة غيره- فكل امرىء بما كسب رهين –( من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا و لانصير ا ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاؤلئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) (النساء) فوعد اهل الطاعة والخير بالفوز والفلاح الابدي اذا تمسكوا بالمنهج الذي شرعه لهم وجعلوه حاكما في كل صغيرة وكبيرة وفي كل امر من امورهم وتوعد وحذر اهل معصيته بالذل و الاهانة يوم الحسرة والندامة اذا خالفوا شرعه قرآنه . واعلم ان الناس متفاوتون ايما تفاوت في تمسكهم بهذا بهذا الكتاب كل بحسب محبته واجلاله لربه تبارك وتعالى فاذا اردت ايها القارىء الكريم معرفة منزلتك عند الله فتفقد حالك مع ربك في الخلوات والجلوات، هل انت من الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا، هل انت ممن اذا اصابته مصيبة تذكرانها من عند الله فقال :(انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها)،هل انت من الذين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم قالوا: سمعنا واطعنا ،هل انت من الذين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر وهل وهل وهل..اسئلة كثير والمقام لا يسع لطرحها لكن نصيحتي لك اذهب واقرأ القران بتمعن وتدبر واستعن بتفسير ولو مختصر حتى تفهم مراد الله منك اولاً وبعد ذلك تقوم بتنفيذه كما أُمرت ، وتأمل ايضا في سيرة و سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وزنْ نفسك واعمالك واحوالك واعرضها على هذين الاصلين الكتاب والسنة حتى تعلم منزلتك عند الله( قربا وبعدا )وحتى تنال المنزلة الرفيعة عند الله - منزلة الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين - اقول : لابد من الاستعانة بالله وطلب التوفيق والتسديد منه سبحانه واعلم انه لا ينال ما عند الله الا بطاعته وبتوفيق منه و الايمان ليس بالتمني والتحلي حتى تصدقه الاقوال والاعمال واعظمها ورأسها تحقيق معنى الشهادتين نطقا وعملا بما استوجبته واقرارا واعتقادا بما تضمنته والبعد كل البعد عن نواقضهما فاذا حققت ذلك المعنى فاستعن بالله واسلك سبيل الدعوة الى الله وليكن زادك التقوى وراية قافلتك الدعوية قوله تعالى( قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ) و ليكن سلاحك العلم الشرعي . واصبر على مايعرض لك من مصائب وصعوبات فانك تقوم بوظيفة الانبياء واتباعهم وهي اشرف الوظائف والاعمال كما قال سبحانه و تعالى ( ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال اني من المسلمين) واستحضر عاقبة امرهم – اي حين اكرمهم الله ورفع شأنهم وذل أهلك من خالفهم عله يكون حاديا لك في طريق الدعوة وسلوة وأنسا .
واعلم ايها القارىء الكريم ان العبد متى كان لله كما يريد اعطاه فوق ما يريد والان له الحديد وامده في كل شان من شؤونه بالعون والتسديد بل وحبب اليه الناس كلهم القريب منهم والبعيد اذا تأملت حال هذا العبد رأيته يعيش في الدنيا طاهرا متعففا تقيا نقيا راضيا بما قسمه الله له . هذا العبد عظَم الله في قلبه فجعل كل من يراه يهابه ويحبه ويوقره . فهو يعمل جاهدا على موافقة اوامر الله في المنشط والمكره والعسر واليسر متوكلا على الله منيبا اليه فقير اليه لا يعيش لحظ نفسه وانما غايته العظمى طلب رضى الله ولسان حاله ومقاله ( اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك من لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك ) واذا رأيته وجدت النور يشع من وجهه خاضع القلب والبدن غاض الطرف لين الجانب متواضع في تعامله يوافق قوله فعله اذا دعى الناس للخير تجده اول المبادرين واذا نهى عن الشر رأيته اول المحجمين عنه واذا تكلم ووعظ وقعت موعظته في القلوب موقعها واذا سكت رايت عليه الوقار لايرى لنفسه فضلا على احد، يعرف بليله اذا الناس نائمون وبنهاره -وهو صائم -اذا الناس مفطرون ووبكائه اذا الناس يخوضون ويلعبون . دائما يستحضر نظر الرب عزوجل اليه وهو على علم ان كل ما يصدر منه مسطر ومكتوب عند الحفظة الكرام ، لذا فيجتهد على حراسة الخواطر الرديئة والارادات والعزائم لانه يعلم ان جميع احواله واعماله ظاهرة و مكشوفة عند الله تبارك وتعالى فالسر عنده علانية والامور الخفية عنده بادية لا يخفي عليه شيء في الارض ولا في السماء لا اله الا هو العليم الحكيم . فهؤلاء القوم اذا جالستهم قرت عينك بهم واذا رأيتهم ذكّروك بالله هولاء هم الناس حقا هم اهل القرآن هم اهل الله وخاصته
فاجتهد يا عبدالله على اللحاق بهذا الركب المبارك و الذي يترأسه النبي صلى الله عليه وسلم وفي صفه الاول الصحابة رضي الله عنهم وفي مقدمة الصفوف السلف الصالح جلعنا الله واياكم منهم بمنه وكرمه . وحتى تلتحق بهذا الركب المبارك استعن بالله واعلم انه ما خاب ولا خسر احد استعان بالله وابذل الاسباب التي من اهمها بل ورأسها معرفة و تحقيق معنا الشهادتين قولا وعملا اعتقادا واي تقصير في هذه الامور يقابله التأخر في اللحاق بالقوم والموفق من وفقه الله والمحروم من حرم وكل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها او موبقها والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا به