تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 61

الموضوع: كيف أفهم سند البخاري هذا

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    أخي الواحدي ، هل قرأت النقل الذي نقلته سابقاً عن القسطلاني في ( إرشاد الساري ) !
    قال الحافظ ابن حجر : وقد تعقبت جميع ذلك مبيناً محرراً مع أني لا أدعي العصمة من الخطأ والسهو ! بل أوضحت ما ظهر لي ، فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له ، فما القصد إلا بيان الصواب طلباً للثواب .

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القاموس مشاهدة المشاركة
    أخي الواحدي ، هل قرأت النقل الذي نقلته سابقاً عن القسطلاني في ( إرشاد الساري ) !
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    نعم، أخي الكريم؛ قرأتُه وقلَّبتُ فيه النظر. لكنني لم أفهمه كما كما فهمتَه.. وكان كلامك الذي أحاط به قبلا وبَعدًا هو الباعث الأول على مشاركي. ودعْوَتُك إلى "تصحيح جميع المواطن في الطبعات من ( صحيح البخاري) ومن (فتح الباري)" هي التي استوقفتني..
    ولهذا دعوتُ إلى التمهُّل وتجنُّب العجلة. وما كانت إشارتي إلى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان إلا من باب ما أسمِّيه "التضليل الهادي"؛ لأن الشك مفتاح اليقين...
    وإن أردت كلاما يطمئنك، قرَّرتُ لك أنّ اسم "ثوبان" لم يرد في كافة طرق هذا الحديث، وليس من رجال البخاري، واسمه في هذا الموضع بين الراويَين المذكورين لم يَرِد في أي سند، ولعلَّه تصحيف لـ "يونس"...
    لكن المهم الآن هو الذي استوقفني من كلامك..
    ورجائي أن تجيبني عن سؤالي: ما الذي فهمتَه من كلام القسطلاني.
    وسيكون جوابك، لو تكرّمتَ، بعثًا جديدًا للمذاكرة حول المسألة، بإذن الله.
    و... أثاب الله مَن جذبنا بسؤاله إلى "ثوبان"...

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    حتى لا أطيل أخي الواحدي ، انظر ما فهمته في ردي رقم ( 6 ) .
    قال الحافظ ابن حجر : وقد تعقبت جميع ذلك مبيناً محرراً مع أني لا أدعي العصمة من الخطأ والسهو ! بل أوضحت ما ظهر لي ، فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له ، فما القصد إلا بيان الصواب طلباً للثواب .

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    بارك الله فيك أخي الكريم.
    وأرجو أن تعتبر ما نحن فيه من باب المذاكرة، لا المجادلة والمماراة؛ فقد أتعبتنا في الأيام الأخيرة إصرار بعضهم على تحويل المنتدى إلى حلبة صراع واستعراض عضلات، ولو بالمغالطة والتألِّي على العقول السويّة...
    لنفترض أنَّ قارئا حصيفًا لم يطّلع إطلاقًا على صحيح البخاري ولا على شروحه، ولم يقع بين يديه إلا "إرشاد الساري"، وقرأ هذا النص:
    "(حدّثنا ثوبان) كُتب في اليونينية وفرعها علامة السقوط مِن غير رقم، ولأبي ذر: حدَّثنا يونس بن يزيد الأيلي". ثم فهمَه كما تفضلتَ وأشرت بقولك: "إشارة السقوط تعني إسقاطه ؛ لأنه ليس بصحيح في السند".
    ماذا كان سيقول؟ لا ريب أنه كان سيتساءل: ما معنى أن يكون لفظ "ثوبان" ساقطا في اليونينية، ومع ذلك يثبته صاحبها؟ وإذا كان ساقطًا فعلًا، فلماذا أثبته القسطلاني ولم يكتف برواية أبي ذر الهروي؟
    ألا ترى أنّ السؤالين بديهيان؟
    وهذا يعيدنا إلى كلامك. ولا أقصد شخصك، بل كل من قد يشتبه عليه النقل الذي أوردتَه عن القسطلاني؛ حتى لا تتحوَّل مذاكرتنا إلى مناجزة غير علمية...
    وقد قلتَ: "إشارة السقوط تعني إسقاطه ؛ لأنه ليس بصحيح في السند". ولو تأمّلْتَ كلام القسطلاني، لاستوقفتك عبارة "مِن غير رقم". فما معنى هذه العبارة؟ الجواب تجده في فك رموز النسخة اليونينية:
    في "اليونينية": "لا" إشارة إلى سقوط الكلمة الموضوع عليها هذا الرمز، عند أصحاب الرمز الذي بعدها. أي إنَّ الأصل أن تكون "لا" مردَفةً برمز آخر يشير إلى النسخة التي سقطت منها الكلمة المرموز لها بـ "لا". مثال ذلك:
    في كتاب الوضوء/باب التخفيف في الوضوء، تجد التالي:
    "عن ابن عباس أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نام حتى نفخ ثم صلَّى وربّما قال اصطجع حتى نفخ ثم قام فصلّى".
    في اليونينية، فوق "ثم صلَّى" كُتِبَ: لا س. وهذا يعني أنَّ عبارة "ثم صلَّى" غير موجودة في رواية ابن عساكر.
    ومن هنا نفهم قول القسطلاني "من غير رقم". فاليونيني يُغْفِل أحيانًا الإشارة إلى النسخة التي سقطت منها عبارة أو عبارات،مع إثباته لسقوطها برمز "لا". كما أنه أحيانًا يرمز بـ "صحـ" إلى عبارة دون أن يردفها برمز يشير إلى النسخة التي صحَّح منها، وذلك قد يعني أحد الأمرين: إمّا أنَّ التصحيح تصحيح اليونيني، لصحّة ذلك السماع عنده. وإمَّا أنَّه وجد ذلك التصحيح في إحدى الروايات، لكنه سها عن وضْع علامة تلك الرواية بعد رمز "صحـ".
    وقد يكون معنى غياب الرقم بعد رمز "لا" أن ذلك اللفظ موجود في كافة النسخ، لكن صحَّ عند اليونيني سماع بغيره. وهذا يعكِّر عليه أنّ القسطلاني أشار إلى أنَّ الذي في رواية أبي ذر الهروي "يونس بن يزيد الأيلي"..
    ولديّ شك راجح بأنَّ الذي في رواية الهروي "يونس" فقط، وبأنّ الباقي (أي: بن يزيد الأيلي) أضافه القسطلاني توضيحًا. وهذا الشك يؤيِّده ما جاء في "تغليق التعليق"، وبه وحده يمكننا تفسير ورود "ثوبان" في هذا الموضع، كما سيأتي...
    وبناءً على سبق ينبغي فهم علامة السقوط من غير رقم في اليونينية. فهي لا تعني أنّ العبارة ساقطة من كل الروايات، وإلا لم يكن من معنى لإثباتها؛ بل على العكس من ذلك، هي تعني أنّ العبارة ساقطة على الأقل من رواية واحدة. إذ لو كانت كلمة "ثوبان" ساقطة من كل الروايات، لكان بإمكان اليونيني كشطها، أو عدم إثباتها أصلا، أو إثبات "يونس" بدلها... ولكنه لم يفعل؛ وهذا "مئنَّة من" أمانته ودقة ضبطه.

    (يتبع...)

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    (...تابع)

    [SIZE="6"]ويوضح ذلك قول القسطلاني في مقدمة شرحه:
    (( وإن اتفق الأربعة الرواة عنهم رقم لهم: ه ص ش (أو: س) ظ (أو: ط) (أي: أبو ذر الهروي، والأصيلي، وابن عساكر، وأبو الوقت)
    وما سقط مع الأربعة زاد معها "لا".
    وما سقط عند البعض أسقط رقمه من غير "لا" ))
    وهذا معناه: إذا كان اللفظ ساقطا عند بعض الرواة، أثبتت فوقه "لا" لكن أُسقِط رقم الذي (أو الذين) سقطت العبارة في روايته. وهذا ينطبق تمامًا على لفظ "ثوبان" وما أُشير إليه في اليونينية.
    يؤكِّد ذلك المثال الذي ساقه القسطلاني في المقدمة، حيث يقول:
    (( مثاله: أنه وقع في أصل سماعه في حديث بدء الوحي: "جمعه لك في صدرك"، ووقع عند الأربعة: "جمعه لك صدرك"، بإسقاط "في". فيرقم على "في": "لا"، ويرقم فوقها إلى جانبها: "ه ص ش ظ". هذا إن وقع الاتفاق على سقوطها.))
    ولنا عودة إلى هذا المثال وإشكالاته...
    ومدلول كلام القسطلاني أنَّ "ثوبان" لم يقع الاتفاق على سقوطه؛ لأنه لو اتُفق على سقوطه، لرقم فوقه إلى جانبه "ه ص ش ظ". كما أنّ في اليونينية إشارة إلى أنَّ الذي في رواية أبي ذر الهروي "يونس"، لا ثوبان. وتقرأ فوق يونس: "صحـ ه" وعلى يسار كلمة يونس: "صحـ"؛ وهذا يعني أنّ لفظ يونس صحّ عند الهروي، وصح سماعه عند اليونيني. وهذا يؤيده ما جاء في "إرشاد الساري"، وكذا في مخطوط "تغليق التعليق"

    (يتبع...)[/SIZE]

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    (... تابع)
    لنعد الآن إلى المثال الذي ساقه القسطلاني لتبيين دلالة بعض رموز اليونينية واستعمالاتها. في "اليونينية" نقرأ ما يلي:
    "إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَ قٌرْآنَهُ قَالَ جَمْعُهُ لَهُ فِي صَدْرِكَ".
    وفوق "جَمْعُهُ لَهُ" نقرأ: "صحـ ه ص س ط".
    وفوق "في" نقرأ: "لا ه س ط"
    وعلى الهامش نقرأ: "أي جَمْعُه تعالى للقرآن في صدرك". ونقرأ أيضًا: "جَمَعَهُ لَكَ صَدْرُكَ" وفوقها: "صحـ ه ص س ط".
    وإذا عدنا إلى شرح القسطلاني للحديث في موضعه من الشرح وجدنا التالي:
    "(جمعه) بفتح الميم والعين (لك صدرك) بالرفع على الفاعلية. كذا في أكثر الروايات. وهي في "اليونينية" للأربعة؛ أي: جمَعَه الله في صدرك، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز..."
    ثم يقول:
    "ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: جمعه لك صدرك، بسكون الميم وضم العين مصدَرًا ورفع راء صدرك فاعل به.
    ولكريمة والحمُّوي ممّا ليس في اليونينية: جمعه لك في صدرك، بفتح الجيم وإسكان الميم وزيادة في.
    وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر أيضًا، ممّا في "الفرع" كأصله: جمعه له، بإسكان الميم؛ أي: جمْعُه تعالى للقرآن صدرك.
    وللأصيلي وحده: جمعه له في صدرك، بزيادة في".
    وقد سقت كلام القسطلاني، على طوله، للتنبيه على مدى وعورة رموز اليونينية؛ وكذلك للإشارة إلى تعدد الروايات عند الراوي الواحد؛ وأيضا إلى صعوبة تحديد موضع الرمز أو الرقم بالنسبة للكلمة..
    والإقرار بهذه الصعوبة ممّا لا يختلف عليه الراسخون.. بل إنَّ جهابذة العلماء والمحققين المدققين توقفوا عند بعض رموزها، ولم يجدوا لها ما يفسرها!
    ومن ذلك رمز "ق". يشير القسطلاني إلى أن المقصود به لعلَّه أبو الوقت، مع أنّه أشار إلى أنّ رمز أبي الوقت "ط" (أو: ظ). لكنه لم يجزم. لهذا تجد ابن حجر في الفصل السابع من "هدي الساري" يشير إلى الرمز دون تحديد المرموز إليه، ولعلّ ذلك لاستشكاله؛ حيث يقول حول قول البخاري: "وأفهَمَني بعضَه أحمد"، في كتاب الشهادات (باب تعديل النساء بعضهنَّ بعضًا):
    " لم يُبيِّن أبو علي الجياني مَن هو أحمد هذا؟ ووقع في كتاب خلف الواسطي في الأطراف: "وأفهمني بعضه أحمد بن يونس"، وبهذا جزم الدمياطي. وقال بن عساكر والمزي إنه وهْم. قلت: ورأيته في نسخة الحافظ أبي الحسين اليونيني، وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا رواية واحدة، فإنه كتب عليها علامة "ق"، ونسبه فقال: أحمد بن يونس".
    والقسطلاني، في نفس الموضع من شرحه، لم يزد على أن أضاف شهادته إلى شهادة ابن حجر بخصوص صحة ما قرأه في "اليونينية". وقد نقلتُ هذا الشاهد لغايتين اثنتين:
    _ تأكيد أنّ اليونينية صعبة المراس، وأنَّ التعامل مع رموزها يحتاج إلى دربة طويلة واستقراء كامل شامل...
    _ تأكيد ضرورة التثبت فيما يتعلق بالأسماء المبهَمة في الأسانيد، وعدم المسارعة إلى إلغائها أو التعجُّل في تحديد هوية أصحابها. وأحمد هذا الذي ذكره البخاري دوّخ العلماء، وبالعودة إلى كلام ابن حجر عنه في الموضع الذي أشرتُ إليه يتضح الكلام.

    (يتبع...)

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    (... تابع)
    والذي ذكره الفاضل "القاموس" عن الشيخ عبد الكريم الخضير، من أنَّ أصول فتح الباري لا تضم متن "صحيح البخاري"، قد يخفى على البعض، لكنه صحيح ومعروف لدى حذّاق القراء وطلبة العلم. ومن المعلوم أنّ المتن المدمَج مع "الفتح" هو متن وقع فيه تلفيق ترجيحي بين الروايات المُشار إليها في اليونينية. ومن المعلوم أيضًا أنَّ ابن حجر اعتمد في شرحه للصحيح على رواية أبي ذر الهروي، لاعتباره أنها أتقن الرواية. وهذا لا يعني أنه أهمل بقية الروايات؛ فإنه كثيرًا ما يذكرها عند الحاجة.
    وقد نبّه الشيخ عبد القادر شبة الخمد في مقدمته لفتح الباري إلى ذلك؛ بل جعله السبب الباعث لإعادة تحقيق "فتح الباري"، مع إدماج متن الصحيح برواية أبي ذر الهروي، لاكتشافه نسختين منها.
    يقول شيبة الحمد في تحقيقه: "وقد غفل عامة مَن جمع متن "البخاري" مع "فتح الباري" عن شرط الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقد جاءت جميع المتون التي خُطَّت أو طُبِعت مع فتح الباري ملفقة للرواة الآخرين".
    ثم يضيف: "ولذلك نجد كثيرا ما يشرح الحافظ ابن حجر كلمات لا وجود لها في المتن، أو نجد كلمات في المتن لا وجود لها في "فتح الباري".
    لكن، هل تقيد الشيخ عبد القادر شيبة الحمد بذلك؟ الجواب نجده في ترجمة باب الحديث الذي شغلنا. حيث قال ابن حجر في الفتح:
    "قوله: (وساق حديث الإفك فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأسامة حين استشاره فقال: أَهْلَكَ ولا نَعلم إلا خيرًا). كذا لأبي ذر، ولم يقع هذا كلُّه عند الباقين، وهو اللائق".
    وإذا بحثتَ عن هذا الكلام في متن الصحيح من "الفتح" بتحقيق الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، لم تجده!
    والسؤال الذي يقتضيه المقام هو: هل الفقرة التي أشار إليها ابن حجر مفقودة في النسختين اللتين اعتمدهما الشيخ؟ وهذا يؤيِّد قول مَن قال إن الشيخ عبد القادر شيبة الحمد تسرَّع بإخراج الفتح بتحقيقه. ولو عاد إلى اليونينة، لوجد الإشارة إلى ما ذكره ابن حجر؛ بل لو اعتمد الطبعة السلطانية (وهي اليونينية) وقارنها بنسختي رواية أبي ذر الهروي، لأمكنه تمحيصهما على ضوئها..
    وفي طبعة الفاريابي، تجد ما أغفله الشيخ عبد القادر شيبة الحمد من الترجمة مثبَتًا، لكنك تجد "ثوبان" بدل "يونس"!!
    ولست أدري ما هي ظروف الطبعة الأولى من "عمدة القاري"، لكن لديَّ ظن راجح أنّه تعرَّض لما تعرَّض له "فتح الباري" في طبعة السلفية. وذلك لسببين اثنين:
    _ أثناء شرحه للبخاري، كان العيني يواكب شرح ابن حجر مواكبة مطَّلع على مضمونه، وقد نظر إليه بعين مستنسِخة في أكثر من موضع. وهذا يؤيد احتمال أنه لم يُدمج المتن في الشرح، على غرار معاصره ومنافسه.
    _ في "عمدة القاري" تجد في المتن، على سبيل المثال، العنوان التالي:
    "باب الإيمان وقول النبي بُنِيَ الإسلام على خمس"
    ثم تقرأ في الشرح: "أي: هذا بابٌ في ذكر قول النبيِّ: "بُنِيَ الإسلامُ على خَمْس". فيكون ارتفاع "باب" على أنه خبرُ مبتدأ محذوف. ويجوز النصب على: "خذ بابَ قولِ النبيِّ". وفي بعض النسخ: "باب الإيمان وقول النبي بُني الإسلامُ على خمس". والأولى أصح، لأنه ذكر أوَّلا كتاب الإيمان، ولا يناسب بعده إلا الأبواب التي تدل على الأنواع؛ وذِكْرُ باب الإيمان بعد ذِكر كتاب الإيمان لا طائل تحته على ما لا يخفى".
    وهذا يؤكِّد أنَّ المتن أُدمِج في الشرح مِن طرف الناشرين، بدليل ترجيح العيني لخلاف ما هو مثبَتٌ في المتن.
    أمّا الرواية التي اعتمد عليها صاحب العمدة متنًا لشرحه، فلم أتبيَّنها بعد، ولا علم لي بها. وغالب ظني أنه اقتفى أثر ابن حجر، لكن إثبات ذلك يحتاج إلى تتبُّع، والتتبُّع يستدعي سعة في الوقت. ولمن له علم بالمسألة أن يفيدنا بها مأجورًا، بإذن الله...
    وهذا يحل إشكالية عدم تعرُّض ابن حجر والعيني لـ "ثوبان" بالتعليق أو الاستشكال أو التحفظ، لاعتمادهما على رواية أبي ذر الهروي.
    ومن عجيب تحكُّم الطبعة السلفية للفتح في الباحثين وطلبة العلم عمومًا أنّ محقِّق "تغليق التعليق" أثبت "ثوبان" في سند الحديث، كما أشرتُ مِن قبل. وكنت حينئذ اختلستُ النظرَ إلى الكتاب، فلمَّا وقعتُ على اسم ثوبان اكتفيتُ. لكنني رجعت بعد ذلك إلى الموضع نفسه للتمحيص، فقرأت في هامش المحقق ما يلي (في الصفحة 373 من المجلد الثالث، هامش:4):
    "من البخاري. وفي المخطوطة: يونس"!!!
    وذلك لاعتماده على الطبعة الملفقة لمتن صحيح البخاري.فكذَّب المخطوط، وصدّق المطبوع!!
    وهذا يؤكد ما أردت الوصول إليه، وهو أنَّ الدعوة إلى "تصحيح جميع المواطن في الطبعات من صحيح البخاري" لا تستقيم على إطلاقها؛ لأنها ستؤدي بنا إلى طبعة أخرى تلفيقية ترجيحية، وهذا مُنافٍ للأمانة العلمية. وفي البال اقتراحات بهذا الصدد، ليس هنا موضع ذِكرها...
    وأردت التأكيد أيضا على أنه لا يحق لنا المجازفة بالتأكيد على أنَّ "ثوبان" "من إقحام النسّاخ"، وإن توصَّلنا بالقرائن إلى أنه تصحيف لـ "يونس"؛ لأنَّ ذلك يسؤدي بنا إلى التشكيك في كثير ممّا قد يخفى علينا من "صحيح البخاري"؛ وهذا فيه ما فيه...
    وأردت القول أخيرًا: بارك الله في الأخ القاسمي لإثارته هذا الإشكال، وجزى الله خيرًا الأخ "القاموس" على مذاكرته، وكذا الفاضل النوراي وأبا رقية الذهبي ومسلم بن عبد الله؛ دون أن أنسى الفاضل الأريب "ابن السائح، وله جزيل الشكر على إطلالته الوارفة..
    وأختم بهذه الفائدة:
    قال الحافظ عمر ابن الحاجب عن تقي الدين اليونيني (والد شرف الدين صاحب "اليونينية"):
    " من جملة محفوظه: "الجمع بين الصحيحين للحميدي". وحدثني أنه حفظ "صحيح مسلم" جميعه وكرر عليه في أربعة أشهر (!) وكان يكرر عليَّ أكثر "مسند أحمد" من حفظه. وكان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثا"!!
    وقال قطب الدين اليونيني (أخو شرف الدين):
    "حفظ "الجمع بين الصحيحين"، وحفظ "صحيح مسلم" في أربعة أشهر، وحفظ سورة الأنعام في يوم واحد، وحفظ ثلاث مقامات من الحريرية في بعض يوم"!!
    ومن مغيَّبات أسرار القدر أنَّ سبب وفاة الشيخ شرف الدين اليونيني كان ضربة مجنونٍ في رأسه، قضى بعدها بستتة أيام! وكانت وفاته في شهر رمضان، نسأل الله حسن الختام. رحمه الله، وأجزل له المثوبة على قيِّم ما بذل...

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    (... تابع)

    وقد نبّه الشيخ عبد القادر شبة الخمد
    والصواب: شيبة الحمد...

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    أخي الواحدي ، جزاك الله خيراً .
    اعلم أنني أسعد بالنقاش العلمي ، ولا أضجر من ذلك . ثم اعلم أنني قد استفدت من كلامك فوائدة كثيرة . لكن أود منك أمرين : 1- أن تختار خطا واحداً واضحاً تكتب به ، فإن الخط أظنه رقم 25 قد تعبت في قراءته . 2- أن تختصر قدر الإمكان ، فإن لم يكن الاختصار ، فلا بأس نتحمل من أجل العلم . وبارك الله فيك . أما ما تبقى من إشكالات فسأذكرها إن شاء الله .
    يتبع إن شاء الله
    قال الحافظ ابن حجر : وقد تعقبت جميع ذلك مبيناً محرراً مع أني لا أدعي العصمة من الخطأ والسهو ! بل أوضحت ما ظهر لي ، فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له ، فما القصد إلا بيان الصواب طلباً للثواب .

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القاموس مشاهدة المشاركة
    أخي الواحدي ، جزاك الله خيراً .
    لكن أود منك أمرين : 1- أن تختار خطا واحداً واضحاً تكتب به ، فإن الخط أظنه رقم 25 قد تعبت في قراءته . 2- أن تختصر قدر الإمكان ، فإن لم يكن الاختصار ، فلا بأس نتحمل من أجل العلم . وبارك الله فيك .

    أحسن الله إليك.
    أمّا الاختصار، فكل ما ذكرتُه كان على سبيل الإيجاز والإيماء...
    وأمّا صغر الحرف، فلم أستطع تغييره البارحه لثقل الاتصال. وسنكون ممتنِّين للإخوة المشرفين لو غيَّروا حرف المشاركتين رقم: 25 و26

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    52

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    ما شاء الله تبارك الله ما أجمل هذا التحقيق من الشيخ ( الواحدي ) حفظه الله تعالى

    وأتطفل بإضافة ما يمكن أن يكون له فائدة
    وهو أن الحافظ المزي عندما ذكر طرق هذا الحديث في تحفة الأشراف لم يذكر ثوبان البتة في طرق هذا الحديث لا عند البخاري ولا عند غيره .

    والتصحيف قريب جدا في مثل هذا الموضع لو نظرنا في كتابة ثوبان عند الأقدمين وتكون بحذف الألف فتكتب هكذا ثوبن وقارنها ب( يونس ) ترى أن التصحيف ممكن جدا فيها . والله أعلم

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    أخي الواحدي :
    الخلاصة - فيما ظهر لي _ :
    أولا : أن ( ثوبان ) لم يرد في أي رواية من روايات البخاري ، وهذا يتبين بعدم تعرض الشراح له ، كابن حجر وغيره .
    ثانياً : أنها قد تكون محرفة من أحد النساخ .
    ثالثاً : أن اليونيني ليس له ضابط في الرمز بـ ( لا إلى ) فإني قد وجدته يرمز بها من غير رقم وهي ليست في الروايات الأربع .
    رابعاً : حاولت أن أقف على موضع آخر يشبه هذا الموضع ، فلم أجد ، والذي وقفت عليه كله بسبب السقط .
    هذا ما ظهر لي ، فما ملخص ما ظهر لك .
    قال الحافظ ابن حجر : وقد تعقبت جميع ذلك مبيناً محرراً مع أني لا أدعي العصمة من الخطأ والسهو ! بل أوضحت ما ظهر لي ، فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له ، فما القصد إلا بيان الصواب طلباً للثواب .

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    الأخ القاموس، حفظه الله وزاده علمًا وفضلا:
    إكرامًا لك، سأتوخَّى الإيجاز قدر الإمكان، لعل في الكلام الموجَز بركة الوضوح والبيان. وأشير –احترازًا- إلى أنّ ما أوردتُه من كلام لم يكن موجَّهًا إليك تحديدًا، بل سطرتُه للمدارسة مع جميع الأفاضل المهتمين بهذه المسألة؛ وإن كان لك فضل بعث الموضوع بالإضافة والتعقيب...
    1_ نتفق على أنّ ورود اسم "ثوبان" في هذا الموضع من السند مشكل. ونتفق أيضًا على أنّ راجح الظن هو كونه تصحيفًا عن "يونس". بيد أنّني لا أجزم بنفيه من روايات الصحيح...
    2_ إعراض الشرَّاح عن التعرُّض له، لا يعني أنَّه "لم يَرِد في أيَّ رواية من روايات البخاري". إذ كل شارح له رواية اعتمدها أصلاً، أو له منهج في الترجيح بين الروايات. والقسطلاني من شرَّاح البخاري، وقد ذكر ثوبان استشكالا، ولم يجزم بنفيه عن روايات صحيح البخاري. ثم إنّ اليونيني أثبته، وهذا يعني حتمًا أنَّه ورَد في رواية واحدة على أقل تقدير، كما أسلفتُ. كذلك ينبغي ألَّا ننسى أنَّ القسطلاني اعتمد على النسخة الأصل التي كتبها اليونيني بخط يده. وكلام العلماء الذين أشرفوا على الطبعة السلطانية يوحي بأنَّهم استندوا إلى اليونينية الأصل، لكنه يحتاج إلى تمحيص وتثبُّت...
    3_ تقول: "حاولتُ أن أقف على موضع آخر يشبه هذا الموضع ، فلم أجد ، والذي وقفت عليه كله بسبب السقط". وبهذا الصدد، أكرِّر دعوتي إلى التمهُّل وتجنُّب التسرُّع. ولو أنزلتَ بصرَك قليلا، في الحديث نفسه والصفحة نفسها من اليونينية، لقرأتَ:
    "مَنْ يَعْذِرُنَا مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي..."
    ولَلاحظتَ فوق "مِنْ": لا. ولا يوجد بعدها رقم للمرموز له! وتجد في الحاشية رقم 6: في. وفوقها ه، فوقها حـ. وهذا يعني أنّ "في" موجودة في رواية أبي ذر الهروي عن ابن حمُّويه. وتقرأ في "إرشاد الساري": "وللكشميهيني مِن".
    4_ يجب التفريق بين الترميز الخاص باليونيني، والترميز الذي استعمله لأنه مصطلح عليه وتداوَل في زمانه. وقد استعمل اليونيني الاثنين.
    أمَّا الرموز الخاصة به، فمعظمها معروف، وبعضها لم تتبيَّن بعد دلالته. وقد ذكر المشرفون على الطبعة السلطانية كلامًا لليونيني وجدوه آخر بعض المجلدات، ومنه، بعد أن أشار إلى بعض العلامات وما يوافقها في نسخته:
    "وقد ذكرتُ ذلك في أوَّل الكتاب في فرخة لتُعْلَم الرموز".
    وهذا يعني، والله أعلم، أنَّ اليونيني وضع جدولاً لرموز نسخته في بطاقة مستقلة، لتعين القارئ على فهم رموزه في أيِّ موضع كان من الكتاب. ويبدو أنَّ هذه "الفرخة" فُقِدَت لكونها ورقة مفرَدة مستقلَّة..
    وأمّا الرموز الأخرى، المشتركة بينه وبين غيره من المصنِّفين، فدلالتُها معروفة لدى أهل الصنعة. ومن بين هذه الرموز: "لا" أو "لا إلى"؛ فهو ليس رمزًا خاصًّا باليونيني، بل تداوله وتعارف عليه المصنِّفون قبله بزمان يعود إلى ما قبل مطلع القرن الرابع الهجري على أقل تقدير. ومثال ذلك "ح" للفصل، أو "صحـ" لتصحيح الكتابة، أو "صـ" للتضبيب...إلخ.
    والرمز الذي يعنينا مشار إليه تحديدًا في ألفية الحديث للعراقي. جاء في "الباعث الحثيث" (ج3، ص77):
    "ويُبْعَدُ الزائد أيضا بِكَتْب "لا" أو "مِن" في أوَّله ثم "إلى" في آخره. وذلك – والله أعلم- فيما يجوِّزون أنَّ نفيَه أو إثباتَه غيرُ متَّفَقٍ عليه في سائر الروايات. ولذا يُضاف إليه ببعض الأصول: الرمزُ لمن وقع عنده أو نُفِي عنه من الرواة. وقد يُقتَصَر على الرمز، لكن حيث يكون الزائد كلمةً أو نحوَها. وقد قال ابن الصلاح، تبعًا لعياض: "إنّ مثلَ هذه العلامة تَحسُنُ فيما ثبت في روايةٍ، وسقط مِن أخرى".
    وفحوى هذا الكلام أنّ "لا" تشير إلى ثبوت اللفظ المرموز إليه في رواية وسقوطه في أخرى، سواء كانت متبوعة بالرمز لمَن لم تثبت عنده أو لا.
    5_ الذي أردتُ التأكيد عليه في مشاركتي السابقة، وأكرِّره في هذه المشاركة، هو التثبُّت وعدم التسرُّع في النفي أو الإثبات في مثل هذه المسائل التي تحتاج إلى علم بمصطلحات القوم وما درجوا عليه من استعمالات في عصورهم، ممّا قد يخفى بعضه أو كله عنّا؛ لا سيما وهي تحتاج إلى استقراء وتتبُّع.. وقد ذكرت مِن قبل مثال تعليق الحافظ ابن حجر على قول البخاري: "وأفهمني بعضه أحمد". ولا أجد مناصًا من تكرار الدعوة إلى تأمُّله في موضعه...
    وبما أنَّني رجعت إلى "الباعث الحثيث" لضرورة النقل، رأيتُ من المناسب أن أورد هذه الفقرة، لأنها تناسب المقام:
    "وقد تجاسر بعضُهم، وأكثرُهم مِن متأخري المحدِّثين –كما أفاده عياض- كأبي الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي- أحد كبار العلماء وأهل اللغة- فكان، كما قال تلميذه عياض: إذا مرَّ به شيءٌ لمْ يتَّجه له وجهُه أصلحه بما يظن، اعتمادًا على وثوقه بعلمه في العربية واللغة وغيرها؛ ثم يظهر أنَّ الصوابَ ما كان في الكتاب وتبيَّن وجهُه، وأنّ ما غيَّرَه إليه خطأ فاسد".
    والله من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    جاء في "الباعث الحثيث" (ج3، ص77)...
    وبما أنَّني رجعت إلى "الباعث الحثيث" لضرورة النقل...
    تصويب:
    إنما أردت "فتح المغيث"...

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    339

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة

    وهذا يعني، والله أعلم، أنَّ اليونيني وضع جدولاً لرموز نسخته في بطاقة مستقلة، لتعين القارئ على فهم رموزه في أيِّ موضع كان من الكتاب. ويبدو أنَّ هذه "الفرخة" فُقِدَت لكونها ورقة مفرَدة مستقلَّة..
    أثابك الله شيخنا الواحدي على ما أمتعتنا ونفعتنا وأفدتنا
    وأرجو أن تكون الفرخة موجودة بدمشق
    والله أعلم
    اللهم انصر كتابك وسنة نبيك وعبادك المسلمين

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    339

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة

    "وقد تجاسر بعضُهم، وأكثرُهم مِن متأخري المحدِّثين –كما أفاده عياض- كأبي الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي- أحد كبار العلماء وأهل اللغة- فكان، كما قال تلميذه عياض: إذا مرَّ به شيءٌ لمْ يتَّجه له وجهُه أصلحه بما يظن، اعتمادًا على وثوقه بعلمه في العربية واللغة وغيرها؛ ثم يظهر أنَّ الصوابَ ما كان في الكتاب وتبيَّن وجهُه، وأنّ ما غيَّرَه إليه خطأ فاسد".
    والله من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.
    وهل السخاوي حين ظن أن عياضا تلميذ الوقشي
    والحق أنه من شيوخ بعض شيوخه
    ولعياض شيخان اسمهما هشام بن أحمد وكنيتهما أبو الوليد
    ترجمهما عياض في الغنية ص217-220
    وهو مما يصلح أن يُذيل به على كتاب المتفق والمفترق لأحمد بن علي البغداذي
    ولعلك تتتبع مواضع ذكر الوقشي في الغنية ص37 و 59 و 176 و 205 و 206 و 210
    وهذا تذكير بكلام عياض في مقدمة المشارق مضمّنا تنبيهه على تسرع الوقشي:
    والصواب من هذا كله لمن زرق فهما وأوتي علما إقرار ما سمعه كما سمعه ورواه والتنبيه على ما انتقده في ذلك ورآه حتى يجمع الأمرين ويترك لمن جاء بعد النظر في الحرفين وهذه كانت طريق السلف فيما ظهر لهم من الخلل فيما رووه من إيراده على وجهه وتبيين الصواب فيه أو طرح الخطأ البين والإضراب عن ذكره في الحديث جملة أو تبييض مكانه والاقتصار على رواية الصواب أو الكناية عنه بما يظهر ويفهم لا على طريق القطع وقد وقع من ذلك في هذه الأمهات ما سنوقف عليه ونشير في مظانه إليه وهي الطريقة السليمة ومذاهب الأيمة القويمة
    فأما الجسارة فخسارة فكثيرا ما رأينا من نبه بالخطأ على الصواب فعكس الباب
    ومن ذهب مذهب الإصلاح والتغيير فقد سلك كل مسلك في الخطأ ودلاه رأيه بغرور
    وقد وقفت على عجائب في الوجهين وسننبه من ذلك على ما توافيه العبر وتحقق من تحقيقه أن الصواب مع من وقف وأجحم لا مع من صمم وجسر وتتأمل في هذه الفصول ما تكلمنا عليه وتكلم عليه الأشياخ والحفاظ فيما أصلحه أبو عبد الله بن وضاح في الموطأ على يحيى بن يحيى فيمن تقدم وعلى ما أصلحه القاضي أبو الوليد الكناني على هذه الكتب فيمن تأخر وإظهار الحجج على الغلط في كثير من ذلك الإصلاح وبيان صحة الرواية في ذلك من الأحاديث الصحاح اهـ
    والكناني هو الوقشي
    وقال عياض في الإلماع: ومنهم من يجسر على الإصلاح وكان أجرأهم على هذا من المتأخرين القاضى أبو الوليد هشام بن أحمد الكنانى الوقشى فإنه لكثرة مطالعته وتفننه كان في الأدب واللغة وأخبار الناس وأسماء الرجال وأنسابهم وثقوب فهمه وحدة ذهنة جسر على الإصلاح كثيرا وربما نبه على وجه الصواب لكنه ربما وهم وغلط في أشياء من ذلك وتحكم فيها بما ظهر له أو بما رآه في حديث آخر وربما كان الذى أصلحه صوابا وربما غلط فيه واصلح الصواب بالخطأ
    وقد وقفنا له من ذلك في الصحيحين والسير وغيرها على أشياء كثيرة وكذلك لغيره ممن سلك هذا المسلك
    وحماية باب الإصلاح والتغير أولى لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن ويتسلط عليه من لا يعلم وطريق الأشياخ أسلم مع التبيين فيذكر اللفظ عند السماع كما وقع وينبه عليه ويذكر وجه صوابه إما من جهة العربية أو النقل
    اللهم انصر كتابك وسنة نبيك وعبادك المسلمين

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    88

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    بارك الله فيك أخي الواحدي وجميع الإخوة ، فقد استمتعنا واستفدنا .
    قال الحافظ ابن حجر : وقد تعقبت جميع ذلك مبيناً محرراً مع أني لا أدعي العصمة من الخطأ والسهو ! بل أوضحت ما ظهر لي ، فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له ، فما القصد إلا بيان الصواب طلباً للثواب .

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم الواحدي وقانا الله و اياكم من شرور أنفسنا و زاد من اتساع دائرة تحقيقكم في العلوم و فتح عليكم...

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    الأخ العزيز: ابن الرومية
    بوركت، جزاك الله خيرًا، وأجاب دعاءك..
    ولو كان دعاؤك بظهر الغيب، لاستفدتَ أكثر! (ابتسامة)
    لأنَّ الملَك سيقول: "ولك بمثله"، كما صح ذلك عن الصادق المصدوق، صلّى الله عليه وسلّم ...

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: كيف أفهم سند البخاري هذا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن السائح مشاهدة المشاركة
    وأرجو أن تكون الفرخة موجودة بدمشق
    والله أعلم
    لعلّ وعسى...
    وهذه "الفرخة"، سعيت وراء أثرها منذ زمن طويل، حتى كاد اليأس ينسيني إياها...
    ولعل سعيي الحثيث وراءها هو الذي أعماني عنها، فلم أنتبه لوجودها..
    ثم لمَّا صرفت النظر عنها وعن ذكراها، إذا بها تأتيني "تمشي على استحياء"..
    لكنها سرعان ما انصرفت، تاركة لي عنوانها فحسب.. ولا زال الشك يساورني: هل هي هي؟ أم أختها؟ أم بنت عمِّها؟
    وها هي ذي البيانات التي تركَتْها لي:
    _ "رموز الجامع الصحيح": مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم ( 1417/خ ).
    _ نسخة ثانية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة.
    _ نسخة ثالثة بالمكتبة الملكية المغربية برقم (10802).
    فالرجاء ممَّن وقف على هذه المخطوطة أن يفيدنا بمضمونها.
    والرجاء ممَّن بإمكانه تصويرها أن يسعفنا بصورة عنها.
    والشكر الدعاء سلفًا لمن يستجيب...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •