وهذا النص كاملا في كتاب حكم المرتد
قال الشيخ المجدد في كتاب حكم المرتد :[حكم من سب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ]وقال الشيخ: رحمه الله تعالى في كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول": قال الإمام إسحاق بن راهويه، أحد الأئمة، يعدل بالشافعي وأحمد: أجمع المسلمون أن من سب الله أو رسوله، أو دفع شيئا مما أنزل الله، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله.وقال محمد بن سحنون - أحد الأئمة من أصحاب مالك -: أجمع العلماء على أن شاتم الرسول كافر، وحكمه عند الأئمة القتل، ومن شك في كفره كفر; قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن على من سبه القتل.
وقال الإمام أحمد فيمن سبّه يقتل، قيل له: فيه أحاديث؟ قال: نعم; منها: حديث الأعمى الذي قتل المرأة; وقول ابن عمر: "من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل. وعمر بن عبد العزيز يقول: يقتل; وقال في رواية عبد الله: لا يستتاب، فإن خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستتبه" انتهى.
فتأمل رحمك الله: كلام إسحاق بن راهويه، ونقله الإجماع على أن من سب الله، أو سب رسوله، أو دفع شيئا مما أنزل الله، أنه كافر، وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله، يتبين لك: أن من تلفظ بلسانه بسب الله تعالى، أو سب رسوله، فهو كافر مرتد عن الإسلام، وإن أقر بجميع ما أنزل الله، وإن كان هازلا بذلك لم يقصد معناه بقلبه،
كما قال الشافعي: من هزل بشيء من آيات الله فهو كافر، فكيف بمن هزل بسب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم؟
ولهذا قال الشيخ تقي الدين: قال أصحابنا وغيرهم، من سب الله تعالى كفر، مازحا أو جادا، لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 1، الآية قال: وهذا هو الصواب المقطوع به، انتهى.
ومعنى قول إسحاق رحمه الله تعالى: أو دفع شيئا مما أنزل الله، أن يدفع أو يرد شيئا مما أنزل الله في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الفرائض، أو الواجبات، أو المسنونات، أو المستحبات، بعد أن يعرف أن الله أنزله في كتابة، أو أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه، ثم دفعه بعد ذلك، فهو كافر مرتد، وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله في كتابه من الشرع، إلا ما دفعه وأنكره لمخالفته لهواه أو عادته، أو عادة أهل بلده.
وهذا معنى قول العلماء: من أنكر فرعا مجمعا عليه كفر، فإذا كان من أنكر النهي عن الأكل بالشمال، أو النهي عن إسبال الثياب، بعد معرفته أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فهو كافر مرتد، ولو كان من أعبد الناس وأزهدهم، فكيف بمن أنكر إخلاص العبادة لله وحده، وإخلاص الدعوة والاستغاثة، والنذر والتوكل، وغير ذلك من أنواع العبادة، التي لا تصلح إلا لله وحده، ولا يصلح منها شيء
لملك مقرب، ولا نبي مرسل، التي أرسل الله جميع رسله، وأنزل جميع كتبه لأجل معرفتها والعمل بها، التي هي أعظم شعائر الإسلام، الذي هو معنى لا إله إلا الله؟ فمن أنكر ذلك وأبغضه، وسبه وسب أهله، وسماهم الخوارج، فهو الكافر حقا، الذي يجب قتاله، حتى يكون الدين كله لله، بإجماع المسلمين كلهم؛ والله سبحانه أعلم.