المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمرو بن الحسن المصري
فأقول وبالله التوفيق: إن كُتب السنن الأربعة وتصانيف البيهقي والدارقطني والحاكم وابن أبي شيبة وعبدالرزاق وغيرها من الكتب "المشتهرة": مشتملة على الصحيح والحسن والضعيف بل والموضوع! .. ونُقُول أهل العلم مستفيضة في ذلك، فمثلًا ورد عن ابن الصلاح والعراقي والنووي أن في ((السنن)) الصحيح والحسن والضعيف والمنكر، وقد انتقدَ العلماء صاحب ((المصابيح)) لتسميته أحاديث ((السنن)) بالحِسان، وانتقدوا السِّلَفي والحاكم والخطيب إذ أطلقوا اسم الصحيح على ((السنن))، وليس هو من باب الإجمال أو إطلاق الصحيح على الحسن! ..
فأما ما في ((سنن أبي داود)) من أحاديث؛ فهي مُقسَّمة (من حيث الصحة والضعف) إلى ستة أقسام! .. وقسَّموا أحاديث ((جامع الترمذي)) (من حيث الصحة والضعف أيضًا) إلى أربعة أقسام، وأما ((سنن ابن ماجه)) ففيه القليل من المناكير والموضوعات ولا يخلو من ضعاف كثيرة، وذا غضَّ من رُتبة الكتاب عندهم، فابن الجوزي نظم جملة أحاديث (نحو ثلاثين حديثًا) في سلك الموضوعات من ((سنن ابن ماجه))، بل أبلغها الشيخ النعماني إلى إحدى وأربعين حديثًا! .. وأما الضعاف فيه؛ فاقتصر بذكر قول الذهبي ما نصه أن "الأحاديث التي لا تقوم بها حجة في ((سنن ابن ماجه)) لعلها نحو الألف"! .. ثم إنّهم قد نصَّوا على أن ما انفرد به ابن ماجه عن الكتب الخمسة غالبُه في رواته ضعفٌ لا في أحاديثه إذ فيها الصِحاح والحِسان، بل صرَّحوا أنه لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به ابن ماجه إلا من عالم بهذا الشأن! .. فابن ماجه تفرَّد بأحاديث فيها متهمون بالكذب وسرقة الحديث، وأما كتاب الترمذي فهو أصلٌ في معرفة الحسن و((سنن أبي داود)) من مظآنه، إلا أنه لا يخلو من ضعيف ايضًا! .. أما قول أبي زرعة: "لا يكون في ((سنن ابن ماجه)) تمامُ ثلاثين حديثًا مما فيه ضعف" فهي حكاية لا تصح عنه رحمه الله،
وفي ذلك أنصحك بمُراجعة جواب العلاّمة اللكنوي على السؤال الثاني في كتابه ((الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة))، حيث سأله العلاّمة الجليل الأستاذ محمد حُسين اللاهوري -من معاصريه- في كيفية أحاديث السنن الأربعة وغيرها من كتب الحديث: "هل كلُّ ما في هذه الكتب الضخام.. صحيح لذاته أو لغيره أو حسن لذاته أو لغيره؟ أم لا؟" فأجابه جوابًا مطوَّلاً مُفصَّلاً في ذلك، أنصح الجميع بمُراجعته.