الحمدلله وحده وبعد ...
قد نقل الإجماع في اشتراط ذبح الحيوان من بهيمة الأنعام لإجزاء الأضحية .
ومن ذلك قول النووي في المجموع : (( نقل جماعة إجماع العلماء عن أنَّ التضحية لا تصحُّ إلاَّ بالإبل أو البقر أو الغنم ؛ فلا يجزىء شيء غير ذلك )) .
@ وقال ابن رشد : (( وكلهم مجمعون على أنه لا تجوز التضحية بغير بهيمة الأنعام ؛ إلاَّ ما حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ، والظبي عن واحد )).
@ لكن ! قد اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في : هل يشترط ذبح الحيوان من بهيمة الأنعام لإجزاء الأضحية وصحتها ، أم يجزيء ذبح أي حيوان مأكول اللحم ؟
وممن قال : إنَّه تجزيء التضحية بأي حيوان يؤكل لحمه مطلقاً ، سواء أكان طيراً أو دابة ، إنسياً أو وحشياً ، أو غير ذلك = أبو محمد ابن حزم ، وهو مروي عن عبدالله بن عباس، وبلال بن رباح ، وقريب منه قول الحسن بن صالح بن حيي ، وداود بن علي .
- قال ابن حزم رحمه الله في المحلى : (( والأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه ؛ من ذي أربع ، أو طائر ؛ كالفرس والإبل وبقر الوحش والديك وسائر الطير والحيوان الحلال أكله .
والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه )) .
@ أما أثر ابن عباس فقد أخرجه عبدالرزاق في المصنف (4/382) ح (8146) من طريق الثوري عن أبي معشر ، ومن طريق أبي معشر عن رجل مولى لابن عباس قال : أرسلني ابن عباس أشتري له لحماً بدرهمين ، وقال : ( قل : هذه ضحية ابن عباس ) .
@ وأما أثر بلال فقد أخرجه عبدالرزاق في المصنف (4/385) ح (8156) من طريق الثوري عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال : سمعت بلالاً يقول : ( ما أبالي لو ضحَّيت بديك ، ولأنْ أتصدق بثمنها على يتيم أو مغبر أحب إليَّ من أن أضحي بها ) . قال : فلا أدري أسويد قاله من قبل نفسه ، أو هو من قول بلال ؟!
- وهذا سند ظاهره الصحة .
@ وقال النووي في المجموع : (( وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح : ( أنه يجوز أن يضحي ببقر الوحش عن سبعة ، وبالضباع (*) عن واحد ) ، وبه قال داود في بقرة الوحش )) .
______________________________ ___
(*) تنبيه: قلت: كذا في المجموع (ضباع)! ولعلَّه ضباء، جمع ضبي، وإلَّا فضبع الحجاز يجوز أكله! فالله أعلم.