القواعد الفقهية في شرح المنظومة البصرية
لأبي عبدالوهاب البصري المديني
في زيارتي الأخيرة لمكتبة جامعة البصرة عام 1997 للميلاد عثرت – من بين ما عثرت عليه – على عدة مخطوطات للشيخ سالم البصري المديني التي حقق فيها بعض كتب سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ،وكنت قد رأيت ورقة بحثية تشير إلى القواعد الفقهية المشتقة من المنظومة البصرية ،وهي التي أشار لها بعض أهل العلم من أنها إحدى شروح القواعد الفقهية المستوعبة لما ورد عند الشيخ في منظومته والتي يظهر أنه كتبها بين عام 1982 وعام 1984 للميلاد حيث وردت الاشارة لها عند بعض العلماء من العراق والهند والباكستان أيضا..
وكان من بين ما وجدته في الورقة التي شرحت هذه القواعد أشارة إلى ما يلي ولعلها تتضمن ملخصاً للجهد المبذول على الشرح المقدم.
قال الناظم والشارح (البصري المديني): القاعدة لغة هي الأساس .
قال ابن فارس قواعد البيت أساسه – أنظر : معجم مقاييس اللغة ج 5 / 109.
وأما في اصطلاح الفقهاء فهي الحكم الكلي الذي ينطبق على جميع جزئياته أو أكثرها وترد إليها أحكام الأشباه والنظائر من الفروع المتعلقة بها.
والنظم :التأليف ،نظمت اللولؤ : جمعته في السلك ،ونظمت الشعر .والنظم : المنظوم (العمدة ج 2 – ص 278،وينظر كفاية الطالب ، ص 110).
وقيل أن النظم هو تعليق الكلم بعضها ببعض ، وجعل بعضها بسبب من بعض ( اللسان : نظم)،وهو توخي معاني النحو ، قال عبد القاهر :" وأعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو ،وتعمل على قوانينه وأصوله ،وتعرف مناهجه التي نهجت ،فلا تزيغ عنها ، وتحفظ الرسوم التي رسمت فلا تحل بشئ منها . وذلك إنا لا نعلم شيئاً يبتغيه الناظم بنظمه غير أن ينظر في وجوه كل باب وفروقه ( دلائل الإعجاز ، ص 64- وتنظر مادة "النظم" في معجم المصطلحات البلاغية وتطورها- ج3).
وكانت فكرة " النظم" قد بدأت في مجالس المعتزلة وأوضح أطرافا ً منها الجاحظ ،والقاضي عبدا لجبار، ولما وصلت إلى عبد القاهر أقام عليها تصوره البلاغي ونظر إلى إعجاز القرآن الكريم وبلاغة الكلام من خلالها . وأصبحت نظرية النظم " علم المعاني" حينما قسم السكاكي البلاغة إلى علومها المعروفة.
والنظم : هو كتابة الشعر،وقد وضع إزاء النثر ( ينظر اللطف واللطائف – ص 58 ،والمثل السائر ج1- ص 3،19،21،65،الروض المريع – ص 82).
وقد تحدث القدماء عن نظمه – أي الشعر - ووصفوا المراحل التي تمر بها القصيدة ( ينظر عيار الشعر – ص 7، وكتاب الصناعتين – ص 139،و نضرة الاغريض – ص 389- ومنهاج البلغاء – ص 109)
والقواعد التي تضمنتها منظومتي فقد أدرجتها لتكون : كبرى وصغرى ،و لم أضف جديداً ، إنما هو دلو مع الدلاء.
فمن القواعد الكبرى ذكرت المنظومة ما يلي :
القاعدة الأولى : الأمور بمقاصدها.
القاعدة الثانية اليقين لا يزول بالشك.
القاعدة الثالثة : درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
القاعدة الرابعة:المشقة تجلب التيسير.
القاعدة الخامسة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
القاعدة السادسة: العادة محكمة.
ومن القواعد الصغرى ذكرت في هذه المنظومة التي تقدم شرحها لك ما يلي :
1- المشغول لا يشغل.
2- الميسور لا يسقط بالمعسور.
3- إذا بطل الأصل يصار إلى البدل.
4- للأكثر حكم الكل.
5- الاشتغال بغير المقصود إعراض عن المقصود.
6- إذا سقط الأصل سقط الفرع.
7- من استعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه.
8- إذا تعارض المانع والمقتضى يقدم المانع.
9- يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء.
10- من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته.
11- دليل الشئ في الأمور الباطنة يقوم مقامه.
12- لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
13- الاجتهاد لا ينقض بمثله.
14- الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة.
15- التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
ويمكننا جمع القواعد التي وردت عندنا في الشرح للمنظومة بما يلي :
(1) الأمور بمقاصدها.
(2) العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني.
(3) الأصل في الكلام الحقيقة.
(4) إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز.
(5) إعمال الكلام أولى من إهماله.
(6) لا ينسب إلى الساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان.
(7) لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح.
(8) ذكر بعض ما لا يتجزء كذكر كله.
(9) المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.
(10) لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
(11) الاجتهاد لا ينقض بمثله.
(12) اليقين لا يزول بالشك.
(13) الأصل براءة الذمة.
(14) الأصل بقاء ما كان على ما كان.
(15) ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يقم الدليل على خلافه.
(16) الأصل في الصفات العارضة العدم.
(17) الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.
(18) القديم يترك على القدم.
(19) الضرر لا يكون قديماً.
(20) المشقة تجلب التيسير.
(21) إذا ضاق الأمر اتسع.
(22) الضرورات تبيح المحظورات.
(23) الضرورات تقدر بقدرها.
(24) الحاجة تنزل منزلة الضرورة.
(25) ما جاز بعذر بطل بزواله.
(26) إذا زال المانع عاد الممنوع.
(27) الاضطرار لا يبطل حق الغير.
(28) ما حرم أخذه حرم إعطاؤه.
(29) ما حرم فعله حرم طلبه.
(30) لا ضرر ولا ضرار.
(31) الضرر يزال.
(32) الضرر لا يزال بمثله.
(33) الضرر يدفع قدر الإمكان.
(34) يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.
(35) الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف.
(36) إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما.
(37) يختار أهون الشرين.
(38) درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
(39) العادة محكمة.
(40) لا ينكر تغير الإحكام بتغير الأزمان.
(41) الممتنع عادة كالممتنع حقيقة.
(42) العبرة للغالب الشائع لا للنادر.
(43) إذا تعارض المانع والمقتضى يقدم المانع.
(44) التابع تابع.
(45) التابع لا يفرد بالحكم.
(46) يقبل قول المترجم مطلقاً.
(47) من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته.
(48) إذا سقط الأصل سقط الفرع.
(49) قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل.
(50) الساقط لا يعود كما أن المعدوم لا يعود.
(51) إذا بطل الشئ بطل مل في ضمنه.
(52) إذا بطل الأصل يصار إلى البدل.
(53) التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
(54) الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة.
(55) دليل الشئ في الأمور الباطنة يقوم مقامه.
(56) لا عبرة بالظن البين خطؤه.
(57) لا حجة مع الاحتمال الناشئ عن الدليل.
(58) لا عبرة للتوهم.
(59) الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان.
(60) على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين.
(61) البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل.
(62) البينة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة.
(63) لا حجة مع التناقض ولكن لا يختل معه حكم الحاكم.
(64) الخراج بالضمان.
(65) الأجر والضمان لا يجتمعان.
(66) الجواز الشرعي ينافي الضمان.
(67) الغرم بالغنم.
(68) إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر.
(69) المتسبب لا يضمن إلا يتعمد.
(70) المباشر ضامن وان لم يتعمد.
(71) يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الآمر ما لم يكن مجبراً.
(72) لا يجوز لأحدٍ أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه.
(73) الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل.
(74) تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات.
(75) جناية العجماء جبار.
(76) من استعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه.
(77) من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه.
(78) الحدود تدرأ بالشبهات.
(79) إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام.
(80) الأصل في الابضاع التحريم.
(81) الأصل في الأشياء الإباحة.
(82) ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(83) الخروج من الخلاف مستحب.
(84) الميسور لا يسقط بالمعسور.
(85) لا يجوز لأحدٍ أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي.
(86) ليس لعرق ظالم حق.
(87) على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
(88) الإسلام يجب ما قبله.
(89) الأصل في المضار التحريم.
(90) الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب.
(91) إذا اجتمع أمران من جنس ٍ واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر.
(92) يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء.
(93) لا يتم التبرع إلا بالقبض.
(94) السؤال معاد في الجواب.
(95) الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان.
(96) المرء مؤاخذ بإقراره.
(97) المواعيد بصورة التعليق لازمة.
(98) الوصف في الحاضر لغو.
(99) للأكثر حكم الكل.
(100) المجهول في الشريعة كالمعدوم والمعجوز عنه.
ورأيت في ذيل الصفحات :
كتبت في قبة الإسلام – ربيع الأول 1410 للهجرة.