أيها الفاضل المقدادي .كنت أنوي مواصلة البحث معك ،ولكني أعتذر عن اتمامه لكلام قرأته لابن عبد البر .وها أنا أسوقه اليك ـ مستغفرا الله تعالى مما بدر مني ولا حول ولا قوة الا بالله ـ
قال ابن عبد البر {وأما قول الله عز وجل {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فمعناه بخير منها لنا لا في نفسها والكلام في صفة الباري كلام يستبشعه أهل السنة وقد سكت عنه الأئمة فما أشكل علينا من مثل هذا الباب وشبهه أمررناه كما جاء وآمنا به كما نصنع بمتشابه القرآن ولم نناظر عليه لأن المناظرة إنما تسوغ وتجوز فيما تحته عمل ويصحبه قياس والقياس غير جائز في صفات الباري تعالى لأنه {ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}قال مصعب الزبيري سمعت مالك بن أنس يقول أدركت أهل هذا البلد يعني المدينة وهم يكرهون المناظرة والجدال إلا فيما تحته عمل يريد مالك رحمه الله الأحكام في الصلاة والزكاة والطهارة والصيام والبيوع ونحو ذلك ولا يجوز عنده الجدال فيما تعتقده الأفئدة مما لا عمل تحته أكثر من الاعتقاد وفي مثل هذا خاصة نهي السلف عن الجدال وتناظروا في الفقه وتقايسوا فيه وقد أوضحنا هذا المعنى في كتاب بيان العلم فمن أراده تأمله هناك وبالله التوفيق.
أخبرنا أحمد بن محمد وعبيد بن محمد قالا حدثنا الحسن بن سلمة بن المعلي قال حدثنا عبد الله بن الجارود قال حدثنا إسحاق بن منصور قال قلت لأحمد بن حنبل حديث النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فكأنما قرأ ثلث القرآن فلم يقم لي على أمر بين قال وقال لي إسحاق بن راهويه إنما معنى ذلك أن الله جعل لكلامه فضلا على سائر الكلام ثم فضل بعض كلامه على بعض فجعل لبعضه ثوابا أضعاف ما جعل لغيره من كلامه تحريضا من النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تعليمه وكثرة قراءته وليس معناه أن لو قرأ القرآن كله كانت قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ذلك إذا قرأها ثلاث مرات لا ولو قرأها أكثر من مائتي مرة.
قال أبو عمر:من لم يجب في هذا أخلص ممن أجاب فيه