تأملت المذهب ، فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه ، فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة ونحوها . فإنَّ أحمد قد نص في غير موضع على أن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بتعذيب من ضرب أو قيد ،
ولا يكون الكلام إكراهاً . وقد نص على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها أو مسكنها فلها أن ترجع بناء على أنها لا تهب له إلا إذا خافت أن يطلقها أو يُسيء عشرتها . فجعل خوف الطلاق أو سوء العشرة إكراهاً في الهبة ، ولفظه في موضع آخر الجواب لأنّه أكرهها ، ومثل هذا لا يكون إكراهاً على الكفر . فإنَّ الأسير إذا خشي من الكفار أن لا يزوجوه وأن يحولوا بينه وبين امرأته لم يبح له التكلم بكلمة الكفر .