المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوحاتم الأنصاري
الخامسة : يبدو أن قاعدة التفريق يبن حكم الفعل وحكم الفاعل بدت تتقلص ويضيع مجالها , فتارة تحصر في المسائل الخفية فقط , وتارة تحصر في أحكام الآخرة فقط , وكلام ابن تيمية فيها عام مطلق وتطبيقه لها عام مطلق فقط طبقها حتى على من قال بقول الفلاسفة وأهل وحدة الوجود .
ولكن الإخوة يأبون ذلك ويقولون إن ابن تيمية يرى أنها خاصة بالمسائل الخفية وهي خاصة بأحكام الآخرة (العقوبة ) فقط , وقد الأخ قال الباحث في بحثه :(( ليتأمل الناظر في كلام ابن تيمية , ولينظر كم مرة ذكر ابن تيمية مسألة العذر بالجهل , وكم مرة استدل عليها , وكم مرة قررها , وكم مرة ذكر تطبيقات العلماء لها , ويلاحظ مع ذلك اختلاف المواطن التي يذكرها فيها , والأشخاص الذين طبقها عليهم , والمراحل العمرية لابن تيمية والأماكن المختلفة , والطرق المتنوعة في عرضه لها , ثم هو مع هذا كله لا يذكر ولا في موطن واحد في تأصيله لهذه المسألة التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية , أو ينبه على أن التفريق بين الإطلاق والتعيين في التكفير إنما هو في المسائل الخفية فقط وليس في المسائل الظاهرة ! , فما الذي منع ابن تيمية أن يقول صراحة ولو في موطن واحد من تلك المواطن الكثيرة إن هناك فرقا بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في مسألة العذر بالجهل؟! , أو يقول : إن التفريق بين حكم الفعل وحكم الفاعل إنما هو في المسائل الخفية فقط ؟! .
أليس اللائق بابن تيمية أن يقول ذلك ؟! , وهو ذلك العالم المتمرس على المجادلة والمناظرة , والدقيق في التأصيل لمسائل العلم , والبارع في بيان أصول الأقوال وحقائقها .
كل هذه الأمور مع ما سبق في المسألة الأولى تؤكد أن حقيقة مذهب ابن تيمية هو أنه لا فرق يبن المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في أصل الإعذار بالجهل , وأن الإعذار بالجهل يشمل كل المسائل , وأن المعتبر عنده إنما هو ما يقوم في نفس الفاعل من العلم والجهل , فمن فعل ما فعل وهو عالم بحكم فعله فإنه ينطبق عليه ذلك الحكم إذا انتفت عنه الموانع , ولا فرق في ذلك بين حديث العهد بالكفر وبين غيره , ومن فعل ما فعل وهو لا يعلم بحكم فعله فإنه لا ينطبق عليه ذلك الحكم , ولا فرق في ذلك أيضا بين حديث العهد بالكفر وبين غيره) .