بكلمة واحدة:الإرجاء فصل العمل عن حقيقة الإيمان..والعلما نية فصل الدين عن الحياة..
ولما كانت الحياة مشتملة على حركة الإنسان من سياسة وسعي ورزق وجلب مصالح ودفع مفاسد..مما هو داخل في أمور المعاش البحتة التي نظمها الشارع وفقا للنظم الاقتصادية والمعاملات والسياسة الشرعية..
فهذا كله من العمل باتفاق ..وهو ما يرفض العلمانيون الأقحاح دخوله تحت رقابة الشريعة وسيادتها..
إلا أنهم في المقابل..يدركون بداهة أن الدين يدخل فيه الصلاة والزكاة والصوم والحج..ونحو ذلك..
والدين هو الإيمان..والإيما ن هو الدين..
بيد أن من العجيب كون المرجئة يخرجون هذه من مسمى الإيمان..و"ماهيت "
وفي المقابل يطالبون بتطبيق الشريعة..في كل مناحي الحياة..
والجامع بين الفريقين :كلاهما فصل جزءا من الدين عنه..وجعله خارجا عن مسمّاه وحقيقته
والمفارقة الأعجب أن كلا واحدا منهما انطلق مما يناقض في الأصل فكرة الآخر
فالعلماني رجل منسلخ عن الدين..منغمس في الملذّات والأهواء
والمرجيء قد يكون شيخا معمما يفتي الناس ويقاتل في سبيل الله ويتعبد مع الزهادة والورع!
فكان خطره من هذه الحيثية أخطر ولا شك..ولو قدر لمرجيء أن يناظر علمانيا..كان ما تركه من الحق سببا لتطاول العلماني عليه وإفحامه..
ولمّا أدرك شيخنا العلامة سفر هذا الترابط..بين الفكرتين
وأدرك بثاقب نظره أن الأمة تتقلب في تخلفها بين وجهين في الجملة لا ثالث لهما
-فساد في تمييع الدين وفهمه من قبل علماء الابتداع وأضرابهم
-وفساد في تمييعه من قبل أذناب الغرب وأخدانهم وأشباههم ممن ينتحلون وصف الإسلام..
أقول لما أدرك ذلك مبكرا..كان رسالة الماجستير:العلم نية..والدكتوراة: الإرجاء..
والكتابان جليلا القدر..لمن درسهما وهما بحق من مفاخر المكتبة الإسلامية المعاصرة..