تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس))
    أخرجه مسلم في صحيحه ومالك في الموطأ من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
    عندما وقفت على هذا الحديث أصابني خوف شديد. إذ الأمر في لا يتعلق بالسنن الظاهرة والأفعال المشاهدة وإنما بعالم الإرادات والرغبات وغير ذلك من الأحوال المتصلة بالنيات ، والحديث إنما استفاد خطورته وجلالته من اتصاله بهذا الجانب. اللهم سلم سلم ، كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ؟ حديث كهذا يحتاج إلى أمرين : الأول التسليم والإذعان ، فليس لنا من أمر الله مهرب ، فهو خالق أعمالنا (والله خلقكم وما تعملون) والأعمال نوعان : أعمال الجوارح وأعمال القلب. والأمر الثاني : شيء من التدبر والتأمل لهذا الحديث مع شيء من الشرح والإيضاح لتزول بعض الإشكالات المحتملة. فالأمر الأول يستوي فيه الجميع ، وهو مقدور لهم كلهم إن شاء الله ، أما الثاني فالتفاوت وارد جداً ، ففينا المستشكل المستفهم ، وفينا العارف بمعناه ووجه الصواب فيه ، وربما وجد من أساء فهمه واختل بنيان العقيدة عنده.
    دعوة لمدارسة هذا الحديث والتعليق بما يعود على الموضوع بالفائدة.
    ولعلي أطرح إشكالاً: مالمراد بـ "العجز" هنا : أهو
    (الضعف ) أو (نقيض الحزم) [معجم مقاييس اللغة 4 : 232 / الصحاح 2 : 749 / القاموس المحيط : 515]
    (عدم القدرة) قال القاضي عياض : ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره ، وهو عدم القدرة [شرح النووي على مسلم : 16 : 420-421].
    (ترك ما يجب فعله ، والتسويف به ، وتأخيره عن وقته) [شرح النووي على مسلم : 16 : 421].
    (العجز عن الطاعات أم يحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة) [شرح النووي : 16 : 421].
    قال ابن عبدالبر في التمهيد (14/ 386) : وفي هذا الحديث أدل الدلائل وأوضحها على أن الشر والخير كل من عند الله ، وهو خالقهما لا شريك له ، ولا إله غيره ، لأن العجز شر ، ولو كان خيراً ، ما استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    قلت : وفي الحديث مقابلة العجز بالكيس ، فهل لذلك فائدة من جهة بيان معنى أحدهما بذكر ما يضاده ؟ إذاً فما هو الكيس ، أهو :
    (النشاط والحذق بالأمور) [شرح النووي على مسلم : 16 : 421]
    (خلاف الخرق) [معجم مقاييس اللغة ، 4 : 149] ، وفي الحديث ((...تعين صانعاً أو تصنع لأخرق)).
    (العقل و خلاف الحمق) [القاموس المحيط ، : 571]
    أعود إلى "العجز" ، أيمكن أن يشتمل على المعنى الذي يذكره الأصوليون ، وله ما يؤيده من بعض الدلالات القرآنية ، وذلك في كلامهم عن "تكليف العاجز" ، مبحث التكليف بما لا يطاق : جائز أم غير جائز ، [انظر : البحر المحيط للزركشي: 312 -313].
    والإجماع منعقد على أن من عجز عجزاً حقيقياً عن الإتيان بالطاعة على وجهها فمعذور لا إثم عليه ، ولكن اختلفوا : هل هو مكلف حكماً أم حقيقة ، فيه بحث. ويمكن القول هنا: الإشكال في هذا المعنى للعجز قليل أو معدوم لأن الإجماع منقول بشأنه والنصوص الصريحة واردة بذلك (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) قال تعالى : قد فعلت ، وقال (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ، وقال صلى الله عليه وسلم (صل قائماً فإن لم تستطع فصل قاعداً) أو كما قال. وفي القاعدة الفقهية : لا وجوب مع العجز ، قال في بدائع الصنائع : ((وإذا كان عاجزا عن المشي لا يلزمه شيء ; لأنه لم يترك الواجب إذ لا وجوب مع العجز)).
    ومعلوم أن العجز بهذا المعنى لا يصلح أن يكون داخلاً في معنى العجز الذي استعاذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبناء عليه اعتبر أبو عمر ابن عبد البر العجز شراَ لا خير فيه ، بل من العجز ما لا شر فيه وهو هذا الذي ذكرت لأنه ليس من كسب العبد وليس لأحد يد فيه ، وهو العجز الكائن بسبب عدم القدرة حقيقة ، ولذلك جعل الله الرخصة في مقابل المشقة في الإتيان بالعزيمة فما بالك بالعجز عن ذلك ؟ اللهم إلا أن يكون مراد حافظ المغرب عدم نفي الجنس وإنما نفي نوع هو العجز المقدور للعبد ، الذي يملك به تعجيز نفسه بإتيان الأسباب الموجبة لذلك من غفلة و تهاون وتراخ ونحوه ، وهو الأظهر.
    ...الموضوع مهم من وجهة نظري ومتشعب فهو متعلق بالعقيدة والفقه ، وقد سقت الحديث وأثرت بعض القضايا وتركت التعليق مع وجود الأفكار الكثيرة رغبة في طرحها شيئاً فشيئاً مع نقاش الإخوة.
    ومن أهم ما يحتاج إلى بحث فيما أرى هو: كيف يلتقي هذا الحديث مع سائر النصوص لأن في الحديث إشارة واضحة إلى تقدير الإرادات الدوافع والمحفزات النفسية التي تجعل العبد بين إقبال وإدبار في أمور دنياه ، والأخطر في أمور دينه. ربما لا جديد في هذا لاشتهار نصوص بنفس المعنى (القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن) الحديث. ولكن هل تقدير الأعمال القلبية والإرادات حاصل بمشاركة تسبب من العبد (وما كان الله ليضل قوم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم يتقون) أم أنه اختيار إلهي محض (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [1].
    اللهم اهدنا فيمن هديت يا أرحم الراحمين

    = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
    [1] روي أن غيلان القدري وقف بربيعة ابن أبي عبدالرحمن فقال له : يا أبا عثمان أرأيت الذي منعني الهدى ، ومنحني الردى ، أحسن إلي أم أساء ؟ فقال ربيعة : إن كان منعك شيئاً هو لك ، فقد ظلمك ، وإن كان فضله يؤتيه من يشاء ، فما ظلمك شيئاً. [التمهيد 14/ 387 ] قال ابن عبدالبر بعد أن ذكر هذا الأثر : وإنما أخذه ربيعة من قول ابن عباس.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    244

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    وولكن هل تقدير الأعمال القلبية والإرادات حاصل بمشاركة تسبب من العبد (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) أم أنه اختيار إلهي محض (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [1].
    اللهم اهدنا فيمن هديت يا أرحم الراحمين

    =
    بارك الله فيك و نفع بك
    أما بعد فكما علمت أخي الكريم فمذهب أهل السنة التفريق بين الخلق و الفعل
    والعجز الذي هو ليس من كسب العبد هذا من الخلق فلا يدخل في التكليف لأن التكليف بالفعل لا بالخلق.
    وأما العجز الذي هو التسويف و التمني كما روي في الخبر : " والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله " فهذا من فعل العبد ، وكل عاقل يعلم أنه من فعله ويقر بأنه مستحق للوم و العذل عليه.
    فهذا داخل في التكليف.
    ثم لم أفهم تماما استشكالك الذي اقتبسته ههنا فلعلك تزيده بيانا لضعاف الفهم من أمثالي بارك الله فيك.
    وليتك تتكرم أيضا ببيان وجه الاستدلال بالآية الأولى فيه كذلك.
    ودمت على طريق الحق مسددا أخي الكريم.
    لا يكذب المرء إلا من مهانـته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
    لجيفة الكلب عندي خير رائحة *** من كذبة المرء في جد وفي لعب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    255

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي عبد الله

    تقول أخي ( عندما وقفت على هذا الحديث أصابني خوف شديد... اللهم سلم سلم ، كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )

    مسألة الإيمان بالقضاء والقدر مسألة مهمة جداً أنا وأنت مؤمنين بها ، ولعل علمك بعدل ربك ورحمته وكرمه يزيل خوفك الشديد ورعبك الظاهر في كلامك .

    أخي كل من يؤمن بعلم الله الأزلي المكتوب في اللوح المحفوظ ، وبمشيئته النافذة وقدرته التامة فلا يكون إلا ما يريد سبحانه ، أقول كل مؤمن بهذا فهو مؤمن بالقضاء والقدر .

    وهناك طريقة حلوة لفهم القضاء والقدر ، وهي أن تنام أخي وتكبر المخدة ولا تذهب للعمل ( ليش تروح اللي مقدر بيصير ) ولا تشتري فطور ولا غداء ولا عشاء ولا تطبخ ولا تنفخ ( ليش التعب اللي مقدر بيصير ) ولا تتزوج ( ليش تتزوج إذا مقدر يجيك عيال بيجيك ) وهكذا في بقية محبوباتك هل ستحتج عندها بالقدر ؟ أم أنك ستقول أنا سأعمل حيلتي وأترك الباقي على الله الكريم الرحيم العدل .

    الموضوع طويل وأنا أحب الاختصار ، ولكن أرجو أن يكون كلامي فيه راحة لك من مخاوفك ، وبيان للمطلوب منك في هذه الحياة .

    نسأل الله الجنة برحمته وفضله فنحن عبيده


    نصيحة : أرجوكم اتركوا الخوض في القدر في صفحات المنتدى ومن لديه إشكال فعليه بالعلماء .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    يبدو أن استشكال هذا الحديث جاء بسبب الاشتراك في كلمة (العجز).

    وهذا الاشتراك ابتداء غير وارد هنا؛ لأن مقابلة العجز بالكيس تبين المراد منه، وكلام العرب واضح في هذه المقابلات.
    فالعجز المقصود هو ما يقابل الكيس، ويعبر عن ذلك أيضا بقولهم (العجز والحزم)، فالعاجز هو الضعيف التدبير عند ورود الأمور المهمة، أو هو الضعيف العقل الذي لا يستطيع أن يتخذ قرارا حكيما عند حصول المشكلات.
    والحازم أو الكيس عكسه.
    هذا هو المفهوم من كلام العرب في مثل هذه المقابلة.
    وفي الحديث (الكيس من دان نفسه ... والعاجز من أتبع نفسه هواها)، وهو ضعيف، لكن المراد بيان ما فيه من المقابلة.
    وهذا العجز هو المستعاذ منه في الحديث.

    ثم أقول أيضا: إن استشكال الحديث غير وارد على أي معنى فسرت هذه الألفاظ؛ لأن أول الحديث (كل شيء بقدر)، وأما (العجز والكيس) فمجرد تمثيل، وإلا فهما داخلان في قوله (كل شيء) ضرورة.
    وليس للأمر علاقة بالعذر وعدم العذر؛ لأن الحديث لم يتعرض له أصلا، فكل شيء بقدر سواء كنت معذورا فيه أو لم تكن معذورا.

    والله أعلم.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جهاد الأثري مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك و نفع بك
    أما بعد فكما علمت أخي الكريم فمذهب أهل السنة التفريق بين الخلق و الفعل
    والعجز الذي هو ليس من كسب العبد هذا من الخلق فلا يدخل في التكليف لأن التكليف بالفعل لا بالخلق.
    وأما العجز الذي هو التسويف و التمني كما روي في الخبر : " والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله " فهذا من فعل العبد ، وكل عاقل يعلم أنه من فعله ويقر بأنه مستحق للوم و العذل عليه.
    فهذا داخل في التكليف.
    ثم لم أفهم تماما استشكالك الذي اقتبسته ههنا فلعلك تزيده بيانا لضعاف الفهم من أمثالي بارك الله فيك.
    وليتك تتكرم أيضا ببيان وجه الاستدلال بالآية الأولى فيه كذلك.
    ودمت على طريق الحق مسددا أخي الكريم.
    جزاك الله خيرا على الإضافة المفيدة.
    وجه الاستدلال بالآية الأولى أن الإضلال يحصل نتيجة عدم التقوى ، فبين لهم يتقون ليكون إضلاله إياهم نتيجة عدم أخذهم بالتقوى ، فيكون بتسبب منهم في المقام الأول ، مصداقاً لقوله تعالى (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون). ونظائر هذا كثيرة في القرآن : ألا وهو ترتيب الإضلال على ذنب يسبقه ، وقد يكون هذا الذنب قلبي : الجحود - التكذيب - الاستكبار ، الخ ، وكما في قوله تعالى (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى). فهداهم هداية دلالة ومحجة فلم تنجع معهم لأن قلوبهم اختارت العمى بدلاً.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوهلا مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي عبد الله
    تقول أخي ( عندما وقفت على هذا الحديث أصابني خوف شديد... اللهم سلم سلم ، كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
    مسألة الإيمان بالقضاء والقدر مسألة مهمة جداً أنا وأنت مؤمنين بها ، ولعل علمك بعدل ربك ورحمته وكرمه يزيل خوفك الشديد ورعبك الظاهر في كلامك .
    أخي كل من يؤمن بعلم الله الأزلي المكتوب في اللوح المحفوظ ، وبمشيئته النافذة وقدرته التامة فلا يكون إلا ما يريد سبحانه ، أقول كل مؤمن بهذا فهو مؤمن بالقضاء والقدر .
    وهناك طريقة حلوة لفهم القضاء والقدر ، وهي أن تنام أخي وتكبر المخدة ولا تذهب للعمل ( ليش تروح اللي مقدر بيصير ) ولا تشتري فطور ولا غداء ولا عشاء ولا تطبخ ولا تنفخ ( ليش التعب اللي مقدر بيصير ) ولا تتزوج ( ليش تتزوج إذا مقدر يجيك عيال بيجيك ) وهكذا في بقية محبوباتك هل ستحتج عندها بالقدر ؟ أم أنك ستقول أنا سأعمل حيلتي وأترك الباقي على الله الكريم الرحيم العدل .
    الموضوع طويل وأنا أحب الاختصار ، ولكن أرجو أن يكون كلامي فيه راحة لك من مخاوفك ، وبيان للمطلوب منك في هذه الحياة .
    نسأل الله الجنة برحمته وفضله فنحن عبيده
    نصيحة : أرجوكم اتركوا الخوض في القدر في صفحات المنتدى ومن لديه إشكال فعليه بالعلماء .
    بارك الله فيك أخي الكريم. لا أشك في أهمية ما ذكرت. أما الخوف فقد سبقنا به السلف كما تعلم ونحن نخاف بخوفهم. فقد كان عمر يدعو الله ملحاً أن ينقله من ديوان الأشقياء إلى ديوان السعداء ، مع أن الأمر مكتوب ، جفت الأقلام وطويت الصحف. وكان كثير منهم يخشى سوء الخاتمة ، مخافة أن يكونوا ممن يسبق عليهم الكتاب فيعملوا بعمل أهل النار ، ولكن هنا فائدة : لعل السر هو في هذا الخوف والإشفاق ، فهو أحرى بأن تحوط صاحبه العناية الإلهية ، فييسره مقدر الأقدار لليسرى. والله أسأل أن يجعل عاقبة أمري وأمرك إلى خير.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي مشاهدة المشاركة
    يبدو أن استشكال هذا الحديث جاء بسبب الاشتراك في كلمة (العجز).
    وهذا الاشتراك ابتداء غير وارد هنا؛ لأن مقابلة العجز بالكيس تبين المراد منه، وكلام العرب واضح في هذه المقابلات.
    فالعجز المقصود هو ما يقابل الكيس، ويعبر عن ذلك أيضا بقولهم (العجز والحزم)، فالعاجز هو الضعيف التدبير عند ورود الأمور المهمة، أو هو الضعيف العقل الذي لا يستطيع أن يتخذ قرارا حكيما عند حصول المشكلات.
    والحازم أو الكيس عكسه.
    هذا هو المفهوم من كلام العرب في مثل هذه المقابلة.
    وفي الحديث (الكيس من دان نفسه ... والعاجز من أتبع نفسه هواها)، وهو ضعيف، لكن المراد بيان ما فيه من المقابلة.
    وهذا العجز هو المستعاذ منه في الحديث.
    ثم أقول أيضا: إن استشكال الحديث غير وارد على أي معنى فسرت هذه الألفاظ؛ لأن أول الحديث (كل شيء بقدر)، وأما (العجز والكيس) فمجرد تمثيل، وإلا فهما داخلان في قوله (كل شيء) ضرورة.
    وليس للأمر علاقة بالعذر وعدم العذر؛ لأن الحديث لم يتعرض له أصلا، فكل شيء بقدر سواء كنت معذورا فيه أو لم تكن معذورا.
    والله أعلم.
    جزاك الله خيرا على الإفادة. عبارتك الأخيرة نافعة جداً ، ومما يتمم نفعها ما ذكره الأخ أبو زكريا من ضرورة التفريق بين الخلق والفعل ، وهو تفريق مهم ، لكن ألا يشكل عليه أيضاً أن الفعل أيضاً من الخلق (والله خلقكم وما تعملون) ؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    244

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا على الإفادة. عبارتك الأخيرة نافعة جداً ، ومما يتمم نفعها ما ذكره الأخ أبو زكريا من ضرورة التفريق بين الخلق والفعل ، وهو تفريق مهم ، لكن ألا يشكل عليه أيضاً أن الفعل أيضاً من الخلق (والله خلقكم وما تعملون) ؟
    لعلك تقصدني وإن كنت تتكلم عن أبي زكريا (ابتسامة) (ابتسامة)
    تقول : ضرورة التفريق بين الخلق والفعل ، وهو تفريق مهم ، لكن ألا يشكل عليه أيضاً أن الفعل أيضاً من الخلق (والله خلقكم وما تعملون) ؟
    فأقول بارك الله فيك
    الحديث عن فعل الله لا عن فعل المخلوقين وأفعال العباد مخلوقة ولا شك
    وأفعال العباد باعتبار الإرادتين التشريعية والتكوينية أربعة أقسام:
    والإرادة التشريعية هي أمره جل و علا ، و التكوينية معناها تكوينه الشيء وإبرازه للوجود.
    فالقسم الأول ما تتعلق به الإرادتان: كالأعمال الصالحة من النبي صلى الله عليه و سلم ومن كل من قدّر الله منه عملا صالحا.
    والقسم الثاني: ما لم تتعلق به واحدة من الإرادتين كارتكاب الكبائر من رسول الله صلى الله عليه و سلم.
    والقسم الثالث: هو كا تعلقت به الإرادة التشريعية دون التكوينية: كالأعمال الصالحة من أبي لهب مثلا
    والقسم الرابع: ما تعلقت به الإرادة التكوينية دون التشريعية: كأعمال السوء من أبي لهب.
    وكل الأفعال داخلة تحت هذه الأقسام سواء منها ما وجد وما لم يوجد.
    فإن كان طاعة ووجدت فقد تعلقت بها الإرادتان، وإن كان معصية ووجدت فقد تعلقت بها الإرادة التكوينية ، وإن كانت طاعة ولم توجد فقد تعلقت بها الإرادة التشريعية ، وإن كانت معصية ولم توجد فلم تتعلق بها واحدة من الإرادتين.
    والناس في القدر على أقوال أربعة:
    1- نفاة القدر ( القدرية ) وهم ينفون القدر جملة و تفصيلا ويزعمون الأمر أنفا
    2- مذهب الجبرية الذين بالغوا في إثبات القدر حتى نفوا عن المخلوق الفعل أصلا ، فنسبوا جميع الأفعال إلى الله، وهؤلاء جعلوا ما ليس من القدر داخلا في القدر ، ولم يفرقوا بين الفعل و الخلق.
    فهم أثبتوا الخلق لله و صدقوا، لكنهم نسبوا جميع الأفعال إليه وهذا خطأ، لأنهم جعلوا الكفر و السرقة و الزنا والخيانة من أفعال الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    فهؤلاء يرون أن المخلوق لا يفعل أصلا يقولون :
    ألقاه في اليم مكتوفا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
    3- القول الثالث هو مذهب الأشعري: وهو إثبات نظرية الكسب
    وهذه صعبة جدا في تصورها وإحدى النظريات التي لا تفهم بل قال بالبعض أنه لا حقيقة تحتها ، وهي تحتاج إلى بسط ( لا أملك الوقت له الآن )
    4 - القول الرابع مذهب أهل السنة: أهل الحديث:
    وهو التفريق بين الخلق و الفعل
    فالخلق كله لله عز وجل ، أما الفعل فبعضه من الله وبعضه من المخلوق
    فإنزال المطر والإحياء والإماتة والرزق وبعثة الرسل .. هذه كلها من أفعال الله جل جلاله.
    والصلاة والخشوع والتوبة ، وغيرها من أفعال البر، والسرقة والزنا و الخيانة و غيرها من أفعال الفجور، كل هذه من أفعال البشر.
    ولذلك يثابون على حسنها و يعاقبون على سيئها.
    وأفعال الله تعالى لا تلتبس بأفعال المخلوقين
    فخلق السماوات و الأرض وخلق آدم كل هذه أفعال الله جل و عز.
    وأما الطاعات والمعاصي فليست من فعل الله جل جلاله ، وهي من خلقه، والخلق هنا بمعنى التقدير.
    فالله جل جلاله قدرها عليك، لكن أنت فعلتها
    والتكليف -كما أسلفت- بالفعل لا بالخلق.
    وبهذا يعلم جواب السؤال الذي يدندن حوله كثيرون : هل الإنسان مخير أو مسير؟
    والجواب: أننا فيما يتعلق بالقدر مسيرون على وفق ما أراد الله و خلق، وهذا هو الخلق.
    أما فيما يتعلق بالشرع، أي بأفعالنا فنحن مخيرون.
    فما فعلناه من طاعة فهو لنا ، وما فعلنا من معصية فهو علينا كما قال الله تعالى : لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت
    ونحن نفعل ولنا قدرة ليست تتجدد مع الفعل (كما تقول الأشاعرة) ، بل هي قدرة موجودة ونقدر بها على ما في طوقنا لأنها محدودة.
    فلا نقدر بها على الخلق، لكننا نقدر بها على الفعل الذي نستطيعه.
    وإذا استوعبت أخي الكريم هذا المذهب زال عنك كل إشكال يتعلق بالقدر، وحسبك به دليلا على أنه مذهب أهل الحق.
    أرجو الله أن أكون وُفقت للحق ولتبيين مذهب أهله.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
    وإن تجد عيبا فسد الخللا ... وجل من لا فيه عيب وعلا
    لا يكذب المرء إلا من مهانـته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
    لجيفة الكلب عندي خير رائحة *** من كذبة المرء في جد وفي لعب

  9. #9

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    أخى الكريم بارك الله فيك

    لعلك أخى ان طالعت كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل وهو لابن القيم يزول عنك كل ما تستشكله
    ان شاء الله
    كان يحيى بن معاذ يقول : إياكم والعجب فإن العجب مهلكة لأهله وإن العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

  10. #10

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    أخى الكريم بارك الله فيك
    لعلك أخى ان طالعت كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل وهو لابن القيم يزول عنك كل ما تستشكله
    ان شاء الله
    كان يحيى بن معاذ يقول : إياكم والعجب فإن العجب مهلكة لأهله وإن العجب ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    جزاك الله خيرا. قد طالعته قديماً ويستحق أن أطالعه مرات ومرات. فجزاك الله خيرا على التذكير. إن عن لي شيء أثناء مطالعتي له سجلته هنا.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    ليس من باب التقليل مما لديك - والله - ولكن تفصيلك الحسن أعرفه من بداية الطلب. وما أحسن مذهب أهل السنة وما أقوى حجته. جزاك الله خيرا على تبيين المقصود بالفعل ، ولا أدري لماذا فهمتُه بهذه الطريقة ؟ ربما الكتابة مع تخليط الذهن وهو يحصل لكل أحد ولا أدل على التخليط في تلك الساعة من تحريفي لاسمك
    قولك :
    إن كانت معصية ولم توجد فلم تتعلق بها واحدة من الإرادتين.
    ألا يمكن أن تتعلق بالتشريعية من جهة طلب الترك ، لأن ترك المعاصي مطلوب شرعاً ، ومحبوب لله تعالى ؟
    - القول الثالث هو مذهب الأشعري: وهو إثبات نظرية الكسب
    وهذه صعبة جدا في تصورها وإحدى النظريات التي لا تفهم بل قال بالبعض أنه لا حقيقة تحتها ، وهي تحتاج إلى بسط ( لا أملك الوقت له الآن )
    إن شاء الله ليست بهذه الصعوبة ، تبسيط حسن لفكرة الكسب. يقول عافاه الله وحفظه :
    ((والأشعرية أثبتوا شيئاً جديداً في مسألة القدر، وهو الكسب، والكسب في الحقيقة ليس من ابتداع أبي الحسن الأشعري وإنما نقله عن المعتزلة وعندما رجع عن الاعتزال إِلَى الكلابية وهي المرحلة الثانية من مراحله قبل أن يرجع إِلَى مذهب السلف ، أخذ بهذه النظرية وهي الكسب، فقال: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فاعل، والعبد: نافذ، فجاء بنظرية يرى أنها وسط بين الجبرية والقدرية .
    وهي في الحقيقة وسط بين قول الجبرية وبين مذهب أهل السنة ، وتمثل الأشعرية على ذلك بالمصباح الكهربائي: إذا أراد الأب أن يمتحن ابنه فَقَالَ له: لا تنفخ هذا المصباح فإذا نفخته وانطفأ عاقبتك، والمصباح الكهربائي لا ينطفئ بالنفخ، وإنما ينطفئ بالزر [!] ، والأب عنده الزر، فإذا نفخ الابن المصباح أطفأ الأب المصباح، ثُمَّ يضرب الابن فَيَقُولُ: أضربك لأنك خالفت أمري فأطفأت المصباح
    )).
    وأما الطاعات والمعاصي فليست من فعل الله جل جلاله ، وهي من خلقه، والخلق هنا بمعنى التقدير.
    فالله جل جلاله قدرها عليك، لكن أنت فعلتها
    أخي الفاضل : هل تقصد بقولك "قدرها علي" أي جعلها موجودة و ممكنة لي ، أو قل مقدورة ومتاحة بحيث لو أردت فعلها لفعلت ولو أردت الإمساك عنها لفعلت ؟ كما في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم)

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    244

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    ألا يمكن أن تتعلق بالتشريعية من جهة طلب الترك ، لأن ترك المعاصي مطلوب شرعاً ، ومحبوب لله تعالى ؟
    أنا قد بينت مرادي من الإرادة التشريعية فقلت :
    والإرادة التشريعية هي أمره جل و علا
    وطلب الترك أمر به ، فلا تنافي.
    لكن المقصود بأنه لا تتعلق به واحدة من الإرادتين: مثل الكبائر من النبي صلى الله عليه و سلم
    فهي لم تقع منه فلم تتعلق بها الكونية ، ولم يردها الله إرادة تشريعية لأن الله لا يأمر بالفحشاء.
    وقد يعبّر بالإرادة الشرعية عن الكلمات الشرعية وهي الكتب المنزلة.
    قلت :
    إن شاء الله ليست بهذه الصعوبة ، تبسيط حسن لفكرة الكسب. يقول عافاه الله وحفظه :
    ((والأشعرية أثبتوا شيئاً جديداً في مسألة القدر، وهو الكسب، والكسب في الحقيقة ليس من ابتداع أبي الحسن الأشعري وإنما نقله عن المعتزلة وعندما رجع عن الاعتزال إِلَى الكلابية وهي المرحلة الثانية من مراحله قبل أن يرجع إِلَى مذهب السلف ، أخذ بهذه النظرية وهي الكسب، فقال: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فاعل، والعبد: نافذ، فجاء بنظرية يرى أنها وسط بين الجبرية والقدرية .
    وهي في الحقيقة وسط بين قول الجبرية وبين مذهب أهل السنة ، وتمثل الأشعرية على ذلك بالمصباح الكهربائي: إذا أراد الأب أن يمتحن ابنه فَقَالَ له: لا تنفخ هذا المصباح فإذا نفخته وانطفأ عاقبتك، والمصباح الكهربائي لا ينطفئ بالنفخ، وإنما ينطفئ بالزر [!] ، والأب عنده الزر، فإذا نفخ الابن المصباح أطفأ الأب المصباح، ثُمَّ يضرب الابن فَيَقُولُ: أضربك لأنك خالفت أمري فأطفأت المصباح)).
    بل هي صعبة جدا أخي الفاضل
    وليس أدل على ذلك من أن بعض أهل العلم يقول أنه لا حقيقة تحتها أصلا
    وملخص هذه النظرية - وأخشى أن يكون مخلا - أن الأفعال من خلق الله تعالى، فالله خالق كل شيء، والإنسان من خلق الله، وأفعاله مخلوقة لله، لكنه يقول أن الله تعالى خلق في الإنسان كسبا و خلق الفعل، فإذا وقعت المقاربة بين الكسب والفعل انجذب الفعل إلى الكسب كانجذاب الحديد إلى المغناطيس.
    فهو يرى أن الإنسان تخلق له استطاعة على الطاعة، فإذا أراد الله أن يخلق صلاة العصر في جسمك، خلق فيك استطاعة مؤقتة على قدر الركعات الأربع وتنفد وتنتهي، فإذا أراد الله أن يخلق فيك فعلا آخر خلق فيك استطاعة جديدة، وهكذا...
    وهذه النظرية ونظرية المصلحة عند الطوفي والطفرة عند النظام وحوادث لا أول لها عند شيخ الإسلام صعبة جدا في تصورها.
    وعدا النظرية الأخيرة لشيخ الإسلام ونظرية المصلحة عند الطوفي، فهي نظريات لا حقيقة تحتها
    ومثلها أيضا نظرية الحال عند أبي هاشم.
    ولذلك يقول أحد العلماء:
    مما يقال ولا حقيقة تحته *** معقولة تدنو إلى الأفهام
    الكسب عند الأشعري والـ *** حال عند البهشمي و طفرة النظام
    فالأشاعرة مثلا يقولون: مذهبنا أن لنا قدرة حادثة لسنا بها نقدر!!
    وقد سألت يوما أحد مشايخ الزيتونة أن يشرح لي معني قولهم هذا ، فقال لي: هذا من المتشابه ، وتلا علي قوله تعالى : " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه " !!
    مع أن قول الأشاعرة فيه سلامة من مذهب القدرية، لأنهم أثبتوا القدر، وفيه سلامة من مذهب الجبرية لأنهم لم ينسبوا تلك الأفعال إلى الله، وقد تجنى عليهم من جعلهم جبرية،فهم إنما نسبوها إلى كسب الإنسان، ونسبوا خلقها لله ، لكنهم لم ينسبوا فعلها إلى الله.
    ولكن هذا القول صعب جدا في الفهم، وليس عليه دليل مطلقا.
    قلت - حفظك الله- :
    أخي الفاضل : هل تقصد بقولك "قدرها علي" أي جعلها موجودة و ممكنة لي ، أو قل مقدورة ومتاحة بحيث لو أردت فعلها لفعلت ولو أردت الإمساك عنها لفعلت ؟ كما في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم)
    تعليقا على قولي:
    وأما الطاعات والمعاصي فليست من فعل الله جل جلاله ، وهي من خلقه، والخلق هنا بمعنى التقدير.
    فالله جل جلاله قدرها عليك، لكن أنت فعلتها
    وقصدي أن الله تعالى قدرها عليك بمعنى علمها منذ الأزل في علمه المحيط وكتبها في أم الكتاب وهما المرتبتان القديمتان من القدر، وزمّنها ووقتها ، وأنفذها على وفق ما علم جل جلاله وهما المرتبتان المحدثتان من القدر.
    كل هذا أقصد، وما أشرت إليه أنت - حفظك الله - مندرج تحت مرتبة إنفاذه جل وعلا على وفق ما علم.
    فسبحانه وتعالى
    " لن يطاع إلا بإذنه ولن يعصى إلا بعلمه يطاع فيشكر وبتوفيقه ونعمته أطيع ويعصى فيغفر ويعفو وحقه أضيع فهو أقرب شهيد وأدنى حفيظ وأوفى وفي بالعهد وأعدل قائم بالقسط حال دون النفوس وأخذ بالنواصي وكتب الآثار ونسخ الآجال فالقولب له مفضية والسر عنده علانية والعلانية والغيوب لديه مكشوف وكل أحد اليه ملهوف وعنت الوجوه لنور وجهه وعجزت القلوب عن إدراك كنهه ودلت الفطرة والأدلة كلها على امتناع مثله وشبهه أشرقت لنور وجهه الظلمات واستنارت له الارض والسموات وصلحت عليه جميع المخلوقات لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه .
    م
    ما اعتاض باذل حبه لسواه من ... عوض ولو ملك الوجود بأسره
    " ابن القيم - الجواب الكافي ص 167
    لا يكذب المرء إلا من مهانـته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
    لجيفة الكلب عندي خير رائحة *** من كذبة المرء في جد وفي لعب

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    جزاك الله خيرا وأحسن إليك.
    فائدة :

    طفرة النظام فيها شبه بطبيعة حركة الالكترون حسب التجارب المجراه في فيزياء الكم. فطفرة النظام نملة تمشي مرة ثم تطفر مرة على مسافة لا متناهية ، فتتجاوز نقطة 1 إلى 3 دون المرور بـ 2 ، وأما حركة الالكترون فينتقل من نقطة 1 إلى 3 دون المرور بـ 2 كذلك ، إلا ان الفرق بينهما أن طفرة النظام تريد أن تجمع بين قطع المسافات اللامتناهية بواسطة جسم متناه ، ويكفي في بطلان هذا تصور العقلاء له.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ...حدود الاختيار البشري

    استطراد: أثبت الملحد دانيال دينيت ، من خلال علم الحياة ، أن الإنسان يمتلك حرية حقيقية ، وليست وهمية ، وهو ذلك القدر من الحرية الذي يجيز لنا محاسبته على تصرفاته الواعيه وتحميله المسؤولية عند تعمد الخطأ. وهذا ليس بجديد على اعتقاد أهل السنة ولله الحمد ، ولكنه مُشكل عندهم جداً لأن هناك طائفة كبيرة من علماء الحياة تقول أن تطور الطبيعة يلتزم عملية حتمية صمّاء لا يمكن أن يحيد عنها شيء ، بما في ذلك جينات الآدمي وما تحويه من معلومات ، فجاء هذا الملحد الدارويني - المخضرم عندهم - واثبت ما ذكرت في كتابه "Elbowroom".

    فائدة:لا تعارض بين مشيئة الله ومشيئة العبد ، لأن الله يقدر على أن يحظر على نفسه أشياء معينة ، وقد فعل ، فقد حرّم على نفسه الظلم ، ولاشك أن أظلم الظلم أن يخلق الله عبداً ثم يسلبه حريته ويأمر به إلى النار ، فلذلك حرية العبد من أولى ما ينتُج عن تحريم الله الظلم على نفسه ، ثم الله مع ذلك بيده مقاليد السموات والأرض ، وبكل شيء محيط.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •