الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أطلعت على بعض أقوال المفسرين حول قوله تعالى (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)
فأحببت أن انقله لكم للفائدة:
قال : بن عادل في تفسيره:
والمعنى: أنكم إذاً مِثْلُهُم، إن قعدْتُم عندهم وهُم يَخُوضُون ويَسْتهزِئُون، ورضيتم بِهِ، فأنتم كُفَّار مِثْلُهم، وإن خَاضُوا في حَدِيث غَيْرِه، فلا بأس بالقُعُود مَعَهم مع الكَرَاهَة.
قال الحَسَن: لا يجوز القُعُود معهم وإن خَاضُوا في حَدِيث غَيْره؛ لقوله - تعالى -:
{ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }
[الأنعام: 68] والأكثرون على الأوَّل، وآية الأنعام مَكِّية وهذه مَدَنِيَّة، والمتأخِّر أوْلَى.
فصل
قال بعض العُلَمَاء: هذا يدل على أنَّ من رَضِي بالكُفْرِ، فهو كافِرٌ، ومن رَضِيَ بمنكر يَرَاه، وخالط أهْلَه وإن لَمْ يُبَاشِر ذلك، كان في الإثْمِ بمَنْزِلة المُبَاشِر لهذه الآية، وإن لم يَرْض وحَضَر خَوْفاً وتقية، فلا.
قال الامام البغوي في هذه الأية (انكم اذا مثلهم)
{ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } ، أي: إن قعدتم عندهم وهم يخوضون ويستهزؤون ورضيتم به فأنتم كفار مثلهم،
وقال الامام بن الجوزي في تفسيره:
. { إِنكم } إِن جالستموهم على ما هم عليه من ذلك، فأنتم { مثلهم } وفي ماذا تقع المماثلة فيه، قولان.
أحدهما: في العصيان. والثاني: في الرضى بحالهم، لأن مُجالس الكافر غير كافر.
قال البيضاوي رحمه الله في تفسيره:
{ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } في الاثم لأنكم قادرون على الاعراض عنهم والإِنكار عليهم، أو الكفر إِن رضيتم بذلك، أو لأن الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأحبار كانوا منافقين، ويدل عليه: { إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَـٰفِقِ نَ وَٱلْكَـٰفِرِين فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }
قال الامام الطبراني في تفسيره:
قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ }؛ أي من جَالَسَهُمْ راضياً بما هُم عليه من الكُفْرِ والاستهزاءِ بآيَاتِ الله فهو مِثْلُهُمْ في الكُفْرِ؛ لأن الرِّضَا بالكفرِ والاستهزاء كُفْرٌ، ومَن جَلَسَ معهُم سَاخِطاً لذلكَ منهم لم يَكْفُرْ، ولكنه يكونُ عاصِياً بالقعودِ معهم؛ فيكونُ معنى قولهِ تعالى: { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } أي في أصْلِ العِصْيَِانِ وإن لم تبلُغْ معصيةُ المؤمنين معصيةَ الكفَّار، إذا لم يكن جلوسُ المؤمنينَ معهم لإقامةِ فَرْضٍ أو سُنَّةٍ، أما إذا كان جلوسُه هنالكَ لإقامةِ عبادَةٍ وهو سَاخِطٌ لتلكَ الحالِ لا يقدرُ على تغييرها، فلابأسَ بالجلوسِ. كما روي عن الحسن: (أنَّهُ حَضَرَ هُوَ وَابْنُ سِيْرِيْنَ جِنَازَةً وَهُناكَ نَوْحٌ؛ فَانْصَرَفَ ابْنُ سِيْرِيْنَ؛ فَذُكِرَ ذلِكَ لِلْحَسَنِ فَقَالَ: إنَّا كُنَّا مَتَى رَأَيْنَا بَاطِلاً تَرَكْنَا حَقّاً؛ أشُرِعَ ذلِكَ فِي دِيْنِنَا!).
قال الامام الخازن في تفسيره:
إنكم إذاً مثلهم } يعني أنكم يا أيها الجالسون مع المستهزئين بآيات الله إذا رضيتم بذلك فأنتم وهم في الكفر سواء. قال العلماء وهذا يدل على أن من رضي بالكفر فهو كافر ومن رضي بمنكر أو خالط أهله كان في الإثم بمنزلتهم إذا رضي به وإن لم يباشره فإن جلس إليهم، ولم يرض بفعلهم بل كان ساخط له وإنما جلس على سبيل التقية والخوف فالأمر فيه أهون من المجالسة مع الرضا وإن جلس مع صاحب بدعة أو منكر ولم يخض في بدعته أو منكره فيجوز الجلوس معه مع الكراهة وقيل لا يجوز بحال والأول أصح
قال الامام النسفي في تفسيره:
{ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } أي في الوزر إذا مكثتم معهم، ولم يرد به التمثيل من كل وجه فإن خوض المنافقين فيه كفر ومكث هؤلاء معهم معصية
قال الامام الرازي في تفسيره :
{ إِنَّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ }.
والمعنى: أيها المنافقون أنتم مثل أولئك الأحبار في الكفر. قال أهل العلم: هذا يدل على أن من رضي بالكفر فهو كافر، ومن رضي بمنكر يراه وخالط أهله وإن لم يباشر كان في الإثم بمنزلة المباشر بدليل أنه تعالى ذكر لفظ المثل ههنا، هذا إذا كان الجالس راضياً بذلك الجلوس، فأما إذا كان ساخطاً لقولهم وإنما جلس على سبيل التقية والخوف فالأمر ليس كذلك، ولهذه الدقيقة قلنا بأن المنافقين الذين كانوا يجالسون اليهود، وكانوا يطعنون في القرآن والرسول كانوا كافرين مثل أولئك اليهود، والمسلمون الذين كانوا بالمدينة كانوا بمكة يجالسون الكفار الذين كانوا يطعنون في القرآن فإنهم كانوا باقين على الإيمان، والفرق أن المنافقين كانوا يجالسون اليهود مع الاختيار، والمسلمين كانوا يجالسون الكفار عند الضرورة