تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 58

الموضوع: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    (تابع...)
    (3)
    * الصفحة (1/105)
    _ في المتن: "لا سيما وثوبُ الشباب قَشيب(1)، ورِدْنُ الحـَداثةِ بمائها خَصيب"
    _ في الهامش رقم 1: "قشيب: مَجْلُوٌّ، وصدىءٌ، ضِدٌّ. القاموس المحيط ص 160."
    وهذه طريقة أخرى أيضا تميز بها المحقق في شرح ألفاظ الكتاب. فهو عندما يطالع معجما من المعاجم، وتكون مادة الكلمة كثيرة أومتشعبة أو متعددة، يأتي بأول ما يخاله شرحا لها ويلصقه بالهامش! فقد فتح "القاموس المحيط" فوجد: " وسَيْفٌ قَشِيبٌ : مَجْلُوٌّ، وصَدِىءٌ: ضِدٌّ." فحذف كلمة "سيف"، لأنها لا توفي بالغرض، وراح ينقل ما فهم... وعندما نقل ما ابتسره، وضع له رقماً يدع الحليم حيران! فالقارئ عندما يقرأ هذه الجملة بهذا الشكل: "قشيب: مَجْلُوٌّ، وصدىءٌ، ضِدٌّ"، يختلط عليه الأمر؛ لأن الفاصلة بين "صدئ" و"ضد" توهم بأن صدئ مرادف لـ "مَجْلُوّ"!
    ولو تأنّى وواصل القراءة، لوجد بعد ذلك مباشرة: "والقَشِيبُ : قَصْرٌ باليَمنِ؛ والجَديدُ، والخَلَقُ ضِدٌّ؛ والأبيضُ؛ والنَّظِيفُ". ولعلم عندئذ أن المراد بالقشيب في نص الشوكاني هو: الجديد، أي أنه حديث عهد بالشباب. جاء في "لسان العرب": " وكلُّ شيءٍ جديدٍ قَشيبٌ". وأشار إلى أنه من الأضداد.
    وعلى أية حال، نحمد الله على أنه لم يلتفت إلى "قصر باليمن"! فمن يدري؟ أليس الشوكاني يمنيا؟!
    ====
    (4)
    * الصفحة (1/105)
    _ في المتن: "لا سيما وثوبُ الشباب قَشيب، ورِدْنُ (2) الحـَداثةِ بمائها خَصيب"
    _ في الهامش رقم 2: "الرَّدَن: القَزّ، وقيل: الخزّ، وقيل: الحرير. "لسان العرب" (5/193)".
    1_ الملاحظة الأولى هي أن الكلمة نفسها مضبوطة في المتن بشكل مغاير لما في الهامش. وهذا مما تفرد به المحقق!
    2_ والملاحظة الثانية هي أن المحقق -كعادته- يغترف من مادة الكلمة التي بحث عن معناها أوّل غرفة تتمكن منها يده، ويهديها للقارئ، ليغرقه في بحر الحيرة... فما هو "الردن"؟ هل هو "الرِّدْن"؟ أم "الرَّدَن"؟ ولماذا ليس "الرُّدْن"، أي الكُمّ؟ ثم هل هو القزّ؟ أم الخزّ؟ أم الحرير؟ لماذا ليس وقْعُ صوت السلاح بعضه على بعض، أو التدخين، أو نَضْد المتاع؟ فكل هذه المعاني أوردها ابن منظور! ثم لماذا لم يحاول المحقق أن ينزِّل المعاني التي اعتقد أنها شارحة للكلمة على سياق الكلام ليتأكّد إن كانت منسجمة معه أم لا؟
    ولو أعمل المحقق عقله في مادة "ر د ن" من لسان ابن منظور، لخلُص إلى أن الضبط الصحيح للكلمة هو "الرَّدَن". والرَّدَن هو: الغِرْسُ الذي يخرج مع الولد من بطن أمه. والغِرْس هو: المَشِيمَة، وهي جلدة رقيقة تخرج مع الولد إِذا خرج من بطن أُمه. فيكون مراد الشوكاني في هذه الجملة أيضا أنه لم يتجاوز زمن الحداثة إلا مِن زمن قصير، وأن بعض سماتها ما زالت عالقةً به كما يعلق بعض الغِرس بجسم المولود الجديد.
    وقد يراد بالردن أيضا النسب والأصل، وكذا الثوب بمعنى الخلُق توسُّعاً. ومنه ما يروى عن عبد المطلب من أنه قال عند ولادة الرسول صلّى الله عليه وسلم:
    الحمد لله الذي أعطاني ----- هذا الغلامَ الطيِّبَ الأردان
    وكذا قول شيخ المعرة:
    وما أُبالي -وأرْداني مُبَرّأةٌ --- من العيوبِ- إذا ما الحتفُ أرداني
    ومن أمثالهم: "كن طيب الأردان، وإن لم تلبس الأردان". والمراد بالثانية هو الخز أو الحرير.
    3_ الملاحظة الثالثة هي أنَّ كلمة "خصيب" أربكتني. وقد تثبَّتُّ منها في صورة الصفحة الأولى من المخطوط "أ" (1/73) فوجدتها "الخضيب"، كذا في صورة الورقة الأولى من المخطوط (جـ). وهذا هو الأشبه. والخضيب: كل ما غيِّر لونه بحمرة أو بصفرة. وجاء في لسان العرب: "وفي الحديث: "بكَى حتى خضَبَ دَمْعُه الحصى". قال ابن الأثير: "أي بَلَّها؛ من طريق الاستعارة".
    =======

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    (تابع... (2)

    (5)
    * الصفحة (1/105)
    * _ في المتن: "لا سيما وثوبُ الشباب قَشيب(1)، ورِدْنُ (2) الحـَداثةِ بمائها خَصيب"
    _ في الهامش:
    (1): "قشيب: مَجْلُوٌّ، وصدىءٌ، ضِدٌّ. القاموس المحيط ص 160."
    (2): "الرَّدَن: القَزّ، وقيل: الخزّ، وقيل: الحرير. "لسان العرب" (5/193)".
    وهذان الهامشان مجتمعين في هذا الموضع جديران بالتأمل. وهذه بعض الملاحظات التي يقتضيها المقام:
    1_ المحقق في إحالاته يستعمل الرقم (أو النقط وعلامات التنصيص) بشكل عشوائي. فهو لا يفصل بين "القاموس المحيط" والإحالة على الصفحة، ولا يميز عنوان الكتاب بعلامة من اختياره أو بما هو متعارَف عليه؛ بينما تراه يفعل ذلك بالنسبة للسان العرب!
    2_ لماذا اختار لشرح كلمتين متجاورتين معجمين مختلفين؟ لم يبيِّن المحقق ذلك في مقدمته؛ وكان الأجدر به أن ينتهج نهجا منضبطا بهذا الصدد، أو يأتي بالشرح ويعقبه بالمصادر المعتمَدة.
    3_ عند ذكره للمرجع المحال عليه أول مرة، لا يشير المحقق إلى الطبعة التي اعتمد عليها. وهذه مسألة مهمة في التوثيق والتحقيق. وقد يغتفَر هذا الإهمال إذا ما أورد المحقق قائمة مصادره في مقدمة التحقيق أو آخره، مع ذكر الطبعة، وناشرها، وتاريخ النشر. لكنني فتشت عن هذه القائمة، وفوجئت بانعدامها! وهذا مما يقوي طعون الذين يتهمونه بأنه نقل عن غيره، سواء في العزو أو التخريج. وإلا فما معنى أن تغيب قائمة المصادر؟! وبغض النظر عن هذا، ونظراً لظاهرة طباعة المطبوع وتحقيق المحقَّق في الآونة الأخيرة، فإن إغفال قائمة المصادر يجعل التحقيق لا قيمة له. فالقارئ ليس منجِّماً ولا عرَّافاً حتى يهتدي إلى ذلك بالحدس، وليس مستكشفا حتى تطالبه بالعثور على الطبعة التي اختارها المحقق بين أدغال المطبوعات العديدة للكتاب الواحد...
    وهنا أفتح قوساً إضافيا: في الجزء المفرَد للفهارس، في الفهرس المسمّى "فهرس الفوائد الفقهية مرتبة حسب الأبواب الفقهية"، تجد ما يقارب الصفحتين لا علاقة لمضمونهما إطلاقا بالفهرس (16/570-571)، بل يتعلقان بمقدمة التحقيق. ولست أدري إذا كان هذا الإهمال من المحقق أو الناشر...
    =====
    (6)
    * الصفحة (1/105)
    _ في المتن: "[وربما] أدرك الطالعُ (4) شأوَ الضليع، وعُدَّ في جملة العُقلاءِ المتعاقلُ الرقيع".
    _ في الهامش 4: "المطلَع: بالفتح هو الطلوع. والمطلِعُ بالكسر: موضع الطلوع. والطالِعُ كلُّ بادٍ من علوٍّ. ((لسان العرب)) (8/186). في (جـ): (الضالع)".
    وإن أردت الصدقَ، فإن هذا الهامش تحفة غنية في دنيا سقطات التحقيق وساقط التحقيقات! وهو يستحق أن يدرَّس نموذجاً لطلبة الدراسات العليا في قسم التحقيق أو التوثيق...
    والآن، ماذا عسانا نقول في قصة "الطالع" التي طلع علينا بها المحقق؟ هل نلفت انتباهه إلى مقدمة مقامات الحريري وقوله فيها: "فأشار عليَّ مَن إشارتُه حُكمٌ، وطاعتُه غُنْمٌ، إلى أنْ أنشئَ مقاماتٍ أتْلو فيها تِلْوَ البديعِ، وإنْ لـمْ يُدرِك الظالِعُ شأوَ الضَّلِيع"؟ أم نذكره بقول السكاكي في مفتاحه: "والخواطر في مضمارها تتباين من ضليع لا يُشَقُّ غبارُه، ومن ظالع لا يؤمَن عثارُه"؟ هل ننبِّهه إلى أنَّ هذه العبارة أصبحت كالمثل السائر، وأنَّها استُهلكت استعمالا عند المتأخرين؟ لا! فهذا كثير عليه... وقد جاء في الأمثال: " ارْقَ على ظَلْعِك أنْ يُهاضا". قال ابن منظور: "أي ارْبَعْ على نفسك، وافعَلْ بقدر ما تُطيق، ولا تَحْمِلْ عليها أكثر مما تطيق"! وللمثل تفسيرات أخرى، ذكرها صاحب اللسان...
    ولن نجشمه مشقة البحث عن الكلمة في "القاموس المحيط" أو "لسان العرب"، بل نكتفي بإحالته على معجم في متناوله هو "المعجم الوسيط". فقد جاء فيه (مادة: ظ ل ع): "ظَلَعَ: ظَلْعاً: عَرَجَ وغَمَزَ في مَشْيِه. (...)فهو: ظالِع، وهي: ظالِعة. وفي المثل: "لا يُدرِك الظالِعُ شَأْوَ الضلِيع". وفي المثل أيضا: ظالِعٌ يَقود كسيرا"، يضرب للضعيف يَنصر مَن هو أَضْعَفُ منه".
    ولْنقِفْ عند هذا الحد، لننتقل من جليل الكلام إلى دقيقه. وذلك عبْر الملاحظات التالية:
    1_ يشير المحقق إلى أن الذي في النسخة (جـ) هو "ضالع" لا طالع. لكنه لا يشير أدنى إشارة إلى سبب إهماله لما جاء في هذه النسخة، وذلك يعود أساساً إلى غياب المنهج في استعمال النُسخ المخطوطة للكتاب. فكونه قرأ "الطالع" في النسختين "أ" و"ب"، على فرض أن قراءته كانت سليمة، لا يعني بالضرورة أنهما على صواب. إذ في هذا المجال، منطق العدد والغلبة والأغلبية غير وارد، بل هناك معايير أخرى ليس هنا مجال بسطها. ويظل لدي ظن راجح أنّ الذي في النسختين "أ" و"ب" (والأولى بخط المؤلف نفسه) هو "الظالع" لا "الطالع"، وأن الخطأ منشؤه القراءة لا الناسخ.
    2_ وجود كلمة "الضالع" في المخطوط (جـ) كان من شأنه أن يلفت انتباه المحقق إلى قراءته الخاطئة للمخطوطين "أ" و"ب". إذ من المعلوم أنّ عددا من النسَّاخ كانوا يسْتَمْلون؛ فهُمْ يكتبون ما يسمعون. ولأنهم لم يكونوا جميعا على مستوى عال من علوم اللغة، فمن الوارد أنَّ الناسخ سمع الكلمة بالظاء وكتبها بالضاد. وعجز بعض الناس، بل الكثير منهم، عن التمييز بين الحرفين معروف مشهور... بل في الورقة الأولى من المخطوط (جـ) (المرفقة صورتها في الصفحة (1/94) كتب الناسخ "الخائظين" بالظاء لا بالضاد! وفيها أيضا: "بوضائف" بدل "بوظائف". وفيها: "أنطار" بدل "أنظار"... وناسخ هذا شأنه لا يُعتمد على عقله وفهمه...
    3_ عدم تطابق اللفظين في الرسم (الطالع والضالع) كان من شأنه أن يرشد المحقق إلى الظاء. فهو لم يواجه "الصالع" -مثلا- مقابل "الضالع"، بل واجه حرفين مختلفين في الرسم.
    4_وقد أحصيت كل الكلمات المتضمنة حرف الظاء (وهي 8) والكلمات المتضمنة حرف الطاء إلى غاية قوله "الرقيع"، ثم تتبعتها مقارنا بينها في صورة الورقة الأولى من المخطوط "أ" (1/73)، فوجدتها متطابقة! أي أن الناسخ يكتب الظاء مهملة تماما كما يكتب الطاء. ولأنني لا أتعامل إلا مع صورة عن المخطوط، لا يمكنني الجزم بما توصلت إليه. لكن يمكنكم "التمرُّن" على ذلك من الصورة المرفقة بالكتاب.
    5_ في الصفحة (1/84) صورة عن المخطوط سمَّاها المحقق: "صورة الصفحة (1ب) من المخطوط (ب) المجلد الأول"، وهي مكتوبة بخط واضح وجميل. وأول سطرمنها: "الضالع"، لا "الطالع" كما أوهمنا المحقق! وفوق الكلمة كلام بخط صغير، يبدو أنه شرح للعبارة من طرف العلامة "الكبسي" أو تعليق عليها، لكن المحقق تجاهله ولم يشر إليه!
    6_ بعد أن سلَّم المحقق بأنّ الكلمة المقصودة هي "الطالع"، هذاه عقله إلى شرح عجيب غريب! حيث كتب: "المطلَع: بالفتح هو الطلوع. والمطلِعُ بالكسر: موضع الطلوع. والطالِعُ كلُّ بادٍ من علوٍّ" فما هو دخل المطلع والطلوع بمغزى كلام الشوكاني؟ وما علاقة البدُوِّ من علوّ بكلامه؟ وظني أن المحقق أدرك معنى كلمة "الضليع"، لأن مدلولها بالمعنى الذي استعمله الشوكاني ما زال دارجاً في زماننا، لكنه استشكل كلمة "الطالع". ولأن المعاجم التي "اطّلع" عليها لم تُسعفه بمراده، استلّ منها ما ظنه موافقا للمعنى. لكن اختياره للمعنى الثاني بكلمة "الطالع" يتعارض تعارضاً تامّاً مع فحوى كلام الشوكاني؛ لأن المعنى عندئذ ينقلب فيصبح: وقد يُدرك كل ذي مكانة عالية في هذا الفن منزلةَ كل متمكِّن منه"! أمّا المعنى الأول الذي اقترحه، فلعله ناتج عن فهمه للطالع بأنه تشبيه للمبتدئ؛ وهو معنى –على بُعده- منافٍ لحقائق الأشياء. فالشمس لا تغرب أبدا، إلا في عين مَن لا يراها، وعدم رؤيتها لا يعني تغيُّر حجمها أو نورها أو حقيقتها...
    7_ في "مطلع" الصفحة، وإزاء كلمات تفصلها خمسة أسطر فقط عن بعض، يتعرض المحقق بالشرح وفق منطق انتقائي غريب. فهو يشرح كلمة "قشيب"، مع أنها تكاد تكون معروفة لدى جميع الناس، ومع ذلك يشرحها بشكل خاطئ. وبعد ذلك يشرح "الطالع"، مخطئاً في فهم ما أخطأ في قراءته. ثم يتجاهل تماماً كلمة "شأو". ثم يهمل كلمة "الضليع"، لأن المصادر التي رجع إليها لم تسعفه بالمعنى المجازي الذي استُعملت فيه هذه الكلمة. وفي الأخير يهمل أيضا كلمة "الرقيع"! وهنا أكُفُّ القلم عن الاسترسال، فهو يغريني باستطراد غير محمود، وقد لا أكون له شاكراً إن فعلها...

    (يتبع...)

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع... (3)

    (7)
    * الصفحة (1/105)
    _ في المتن: "[وربما] (3) أدرك الطالعُ شأوَ الضليع، وعُدَّ في جملة العُقلاءِ المتعاقلُ الرقيع".
    _ في الهامش 3: "في المخطوط (ب) و(جـ): (وربتما) وهو جائز في اللغة".

    وهنا أيضا نتساءل: على أي أساس اختار المحقق المخطوط (أ) حكَماً؟ وقوله "جائز في اللغة" يوحي بأنه كأنما يحكم بمرجوحيّة "رُبتما" أو قلة استعمالها، مع أن العكس هو الذي "ربَّما" كان واردا. جاء في "لسان العرب": "وقال (أي: الكسائي) أَظنهم إنما امتنعوا من جزم الباء لكثرة دخول التاء فيها، في قولهم "رُبَّتَ رجُل" و"رُبَتَ رجل". يريد الكسائي أَنَّ تاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلاَّ مفتوحاً أو في نية الفتح. فلما كانت تاء التأنيث تدخلها كثيراً، امتنعوا من إسكان ما قبل هاء التأنيث وآثروا النصب".

    =====
    (8)
    * الصفحة (1/106)
    _ في المتن: "وقد اقتصرتُ فيما عدا هذه المقاماتِ الموصفات على بيان حال الحديثِ وتفسيرِ غريبِه (...)"

    والصواب هو المقروء في صورة الورقة الأولى من المخطوط "أ"، التي أثبتها المحقق في مقدمته (1/73). وفيها: "وقد اقتصرت فيما عدا هذه المقامات الموصوفات على بيان حال الحديث وتفسير غريبه (...)". وفي الصورة (1ب) من المخطوط (ب) الشيء نفسه!!

    ========
    (9)
    * الصفحة (1/106)
    _ في المتن: "(...) وضمْمتُ إلى ذلك في غالب الحالاتِ الإِشارةَ إلى بقَية (كذا!) الأحاديثِ الواردةِ في الباب مما لم يذكر في الكتاب"

    وهذا مطابق لما في النسخة (ب). لكن في صورة الورقة الأولى من "أ" (1/73): "(...) وضممت إلى ذلك في غالب الحالات الإشارة إلى بقية الأحاديث الواردة المذكورة في الباب مما لم يذكر في الكتاب". والمحقق لم يشر إلى ذلك!
    =====
    (10)
    * الصفحة (1/106)
    _ في المتن: "(...) وضمْمتُ إلى ذلك في غالب الحالاتِ الإِشارةَ إلى بقَية الأحاديثِ الواردةِ في الباب مما لم يذكر في الكتاب"
    وكان الأولى بالمحقق ألاَّ يشكل كلمة "بقية"، أو يشكلها بشكل صحيح. والصواب: "بَقِيّةِ". وواضح أنه خطأ مطبعي؛ ولكن الخطأ المطبعي يُراجَع، وذلك من مسؤولية المحقق والناشر معاً.

    ========

    (11)
    * الصفحة (1/106)

    _ في المتن: "ولم أطوِّلْ ذيلَ هذا الشرح بذكر تراجمِ رواةِ الأخبار، لأن ذلك مع كونه علماً آخرَ يمكن الوقوفُ عليه في مختصر من كتب الفنِّ من المختصرات الصغار." (1/106)

    والقارئ لهذه الجملة يلتبس عليه المعنى، وتبدو له لأول وهلة مبتورة، وذلك بسبب الرقم العشوائي والسيء. وكان الصواب أن توضع الجملة الاعتراضية بين "مطَّتين" أو فاصلتين:
    "ولم أطوِّلْ ذيلَ هذا الشرح بذكر تراجمِ رواةِ الأخبار، لأن ذلك -مع كونه علماً آخرَ- يمكن الوقوفُ عليه في مختصر من كتب الفنِّ من المختصرات الصغار."
    وعندئذ تُقرأ الجملة بشكل سليم موافق للمعنى الذي أراده المؤلف.

    =====
    (12)
    * الصفحة (1/106)

    _ في المتن: "وتعقبْتُ ما ينبغي تعقُّبَه عليه"

    والصواب: "وتعقَّبْتُ ما ينبغي تَعَقُّبُه عليه". والخطأ هنا ليس مطبعيا، بل ناتج عن إعراب خاطئ للجملة.

    (يتبع...)

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع... (4)

    (13)
    * الصفحة (1/106)
    _ في المتن: "شيخُ الحنابلةِ مجدُ الدين عبدُ السلام بنِ عبد الله بنِ أبي القاسم بن محمدِ بن الخِضرِ بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ الحرانيُّ المعروفُ بابن تَيْميةَ. قال الذهبيُّ في النبلاء (1): ..."
    _ في الهامش 1: ((سير أعلام النبلاء)) (23/291-292).
    وفيما يلي جملة من الملاحظات يقتضيها المقام:
    1_ إحالة المحقق على "سِيَر أعلام النبلاء" تُوهِم أنه اطلع على موطن الإحالة، وعلامة التنصيص توهم أيضا أن ما ذكره الشوكاني مطابق لما في السِّيَر. غير أن المقارنة بين المرجعين تؤكد عكس ذلك:
    _ في "النيل": "وقدِم بغدادَ". في "السِّيَر": وسار إلى بغداد".
    _ في "النيل": "ويوسف بن كامل، وعدّة". في "السِّيَر": "ويوسف بن كامل، وضياء بن الخريف، وعدّة". (يراجع)
    _ في "النيل": "وسمع من حنبل وعبد القادر الحافظ". في "السِّيَر": "وسمع من حنبل المكبر وعبد القادر الحافظ". (يراجع)
    _ في "النيل": "حدَّث عنه ولَدُه شهاب الدين و (...) ومحمد بن البزار والواعظ محمد بن عبد المحسن". في "السِّيَر": "ومحمد ابن القزاز، والشيخ محمد بن زباطر، والواعظ محمد بن عبد المحسن الخراط". وقد أشار في الهامش إلى أن الذي في "السِّيَر": محمد ابن القزاز، وليس محمد ابن البزار. ولنا عودة إلى ذلك. لكنه لم يُشر إلى أن في "السير" إضافة "الخراط" إلى محمد بن عبد المحسن!
    _ في "النيل": "ودرس القراءات". في "السِّيَر": "وكان يدري القراءات".
    _ في "النيل": "وابتهر العلماء لذكائه وفضائله". في "السِّيَر": "وانبهر العلماء لذكائه وفضائله". وكان من شأن كلمة "ابتهر" أن تستوقف المحقق، لأن المعروف أن الفعل المطاوع لـ "بهر" هو "انبهر"؛ ولأن "ابتهر" تأتي على عدّة معان، أحدها: ادّعاء الشيء كذباً. لكنه مر عليها مرور الكرام!
    وفد ذكرت كل هذه الفروق بين المرجعين، لأنها قرينة على عدم التثبت في العزو والإحالة. وكان يكفيه، من باب الأمانة العلمية، أن يقول في الهامش مثلا: "والشوكاني ينقل عنه بتصرف"، أو كلاما من هذا القبيل. وفي النُّقول اللاحقة للشوكاني عن الذهبي أيضا فروق...
    2_ المحقق أحال على "سير أعلام النبلاء"، لكنه لم يلاحظ أن في قائمة نسب صاحب "المنتقى" فروقات بين "النيل" و"السِّيَر"! فقد جاء في "السِّيَر": "شيخ الحنابلة مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني، ابن تيمية". بينما في "النيل": "شيخُ الحنابلةِ مجدُ الدين عبدُ السلام بنِ عبد الله بنِ أبي القاسم بن محمدِ بن الخِضرِ بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ الحرانيُّ المعروفُ بابن تَيْميةَ". وهذا يعني أن الشوكاني، وهو المتأخر، أضاف "أبا القاسم" و"محمدا" بين "عبد الله" و"الخضر". ولن نتوقف عند "عبد الله" الأخير، فقد يكون ذلك من باب الاكتفاء في ذكر الأنساب... ولم يُثر هذا الاختلاف أي تساؤل لدى المحقق! وكان الأوْلى به أن يبحث عن مصدر الشوكاني في الذي قرره من نسب المجد، إن كان له مصدر.
    وهذا يعني أحد الأمرين: إمّا أنه لم يطّلع على ما أحال عليه؛ وإما أنه أحال عليه إحالة عمياء غير مدققة ولا متفحصة. ولنا عودة إلى هذه المسألة بعد أسطُر...
    والأغرب من ذلك كله أنّ المحقق يذكر في مقدمة تحقيقه (1/51) نسب صاحب "المنتقى" كالتالي: "هو عبدُ السلام بنُ عبدِ الله بنِ أبي القاسم بنِ عبدِ الله الخِضْرِ بنِ محمدِ بنِ عليٍّ بنِ تيميةَ الحرّاني". وهو في ذلك يحيل على "الذيل على طبقات الحنابلة" (4/249، من طبعة الفقي التي اعتمد عليها المحقق). وهذا النسب يختلف عن الذي ذكره الذهبي في "السِّيَر" من وجوه، ويختلف عن الذي أورده الشوكاني من أوجه. لكن هذه الفروقات لم تستوقف المحقق. ولو كان المترجَم له علَماً آخر غير صاحب "المنتقى" لهان الأمر

    ====

    (14)
    * الصفحة (1/107)
    _ المتن: "ومحمد بن [البزار] (1)".
    _ الهامش 1: "في ((سير أعلام النبلاء)) ((القزاز))".

    ولا يشير المحقق إلى الأصوب منهما، ويتركنا في حيرة، وكأن الأمر لا يعنيه! وهذا التغافل مستغرب ممن انتدب نفسه لتخريج أحاديث الكتاب والحديث عن الرجال! ولو تأنّى قليلا في قراءة "السِّيَر" من خلال فهارسه، لوجد أن المحققين كفوه مؤنة البحث عن القزاز، وأنه أحد شيوخ الذهبي. وهو: أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن محمد ابن القزاز، المتوفى سنة 705 هـ.
    =====
    (15)
    * الصفحة (1/108)
    _ المتن: "وعمُّ المصنِّفِ الذي أشارَ الذهبيُّ في أوَّلِ الترجمةِ أنه تفقَّهَ عليه، ترجَم له ابنُ خِلِّكَانَ في تاريخِهِ (2) فقال (...)"
    _ الهامش 2: عزاه إليه في ذيل طبقات الحنابلة (2/152)

    وهذا من غرائب العزو! وحال المحقق فيه كحال التي عناها الشاعر بقوله: "أريها السُّها وتريني القمر"!
    ولو كان "وفيات الأعيان" مفقوداً، أو مخطوطاً لم يُطبَع بعدُ، لقبلنا إحالة المحقق وتفهّمنا بواعثها. أما والكتاب مطبوع ومتداوَل، فأمرٌ يدعو حقّاً إلى الاستغراب والتعجُّب. وكان بإمكان المحقق الرجوع إلى المصدر الذي يعزو إليه الشوكاني، أو تجاهُل الإحالة، تمسُّكاً بمنهجه الانتقائي المخالف لقواعد التحقيق.

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(5)


    (16)
    * الصفحة (1/108)
    _ الهامش 2: عزاه إليه في ذيل طبقات الحنابلة (2/152)

    وقوله "عزاه إليه" يوحي أن ما نقله الشوكاني عن ابن خلِّكان موجود بنصِّه في "الذيل على طبقات الحنابلة"، لكن المقارنة بين المصدرين الأخيرين تثبت خلاف ذلك. إذ لم يعز صاحب الذيل هذا النص ذاته، بل الذي يلي قول الشوكاني: "ثم قال: وكانت إليه الخطابة بحرَّان". فكل الذي جاء في الذيل هو قوله: "وذكره ابن خلِّكان في تاريخه وقال: "ذكره محاسن بن سلامة الحراني في تاريخ حران وابن المستوفي في تاريخ أربل (كذا!) فقال: "له القبول عند العام والخاص. وكان بارعا في تفسير القرآن، وجميع العلوم له فيها يد بيضاء" (2/152، طبعة الفقي).
    والنص الأول الذي نقله الشوكاني عن ابن خلكان لا وجود له إطلاقا في "الذيل على طبقات الحنابلة"، بعزو أو بغير عزو إلى ابن خلكان.
    يضاف إلى ذلك أن ابن رجب نقل عن ابن خلكان بعبارة موجزة غير مطابقة لما جاء في الوفيات، إذ فيه:
    "ذكره أبو يوسف محاسن بن سلامة بن خليفة الحرّاني في "تاريخ حرّان" وأثنى عليه، ثم قال: توفي يوم الخميس بعد العصر عاشر صفر سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وذكره أبو البركات ابن المستوفي في "تاريخ إربل"، فقال: ورد إربل حاجّاً في سنة أربع وستمائة. وذكر فضله، وقال: كان يدرس التفسير في كل يوم، وهو حسن القصص حلو الكلام مليح الشمائل، وله القبول التام عند الخاص والعام. وكان أبوه أحد الأبدال والزهاد. وتفقَّه بحرَّان وببغداد، وكان حاذقا في المناظرات. صنَّف مختصرات في الفقه، وخطبا سلك فيها مسلك ابن نباتة. وكان بارعا في تفسير القرآن؛ وجميع العلوم له فيها يد بيضاء".
    وهنا أيضا، كانت الأمانة العلمية تقتضي أن يقارن المحقق بين نقول المؤلف والمصادر التي يعزو إليها.
    =====

    (17)
    * الصفحة (1/108)
    _ المتن: "وعمُّ المصنِّفِ الذي أشارَ الذهبيُّ في أوَّلِ الترجمةِ أنه تفقَّهَ عليه، ترجَم له ابنُ خِلِّكَانَ في تاريخِهِ (2) فقال: ((هو أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن عليّ بن عبد الله المعروف بابن تيمية الحرَّاني(...)"

    ولو رجع المحقق إلى "وفيات الأعيان"، للاحظ أن نسب "فخر الدين" ذُكِر كالتالي: " أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله". وللاحظ أن هناك اختلافاً في النسبتين. ولو تذكر المحقق نسب مجد الدين (صاحب "المنتقى"، وابن أخ فخر الدين) كما ذكره صاحب "النيل" وكما أورده هو معتمداً على "ذيل طبقات الحنابلة"، لانتبه إلى اضطرابات وفروق كان من شأنها أن تستوقفه. وفيما يلي نسب المجد والفخر كما ورد في هذه المصادر، إضافة إلى "سير أعلام النبلاء":
    أ_ نسب مجد الدين ابن تيمية:
    1_ "شيخ الحنابلة مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني، ابن تيمية". (سير أعلام النبلاء)
    2_ " عبدُ السلام بنُ عبدِ الله بنِ أبي القاسم بنِ عبدِ الله الخِضْرِ بنِ محمدِ بنِ عليٍّ بنِ تيميةَ الحرّاني". (ذيل طبقات الحنابلة)
    3_ "شيخُ الحنابلةِ مجدُ الدين عبدُ السلام بنِ عبد الله بنِ أبي القاسم بن محمدِ بن الخِضرِ بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ الحرانيُّ المعروفُ بابن تَيْميةَ". (نيل الأوطار)

    ب_ نسب فخر الدين ابن تيمية:
    1_ "محمد بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله" (وفيات الأعيان)
    2_ محمد بن الخضر بن محمد بن علي بن عبد الله ابن تيمية الحراني. (ذيل طبقات الحنابلة)
    _ "محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن عليّ بن عبد الله المعروف بابن تيمية الحرَّاني" (نيل الأوطار)

    ج_ نسب والد شيخ الإسلام ابن تيمية:
    جاء في "ذيل طبقات الحنابلة": " عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن تيمية الحراني"

    د_ نسب شقيق شيخ الإسلام ابن تيمية:
    جاء في "ذيل طبقات الحنابلة": "عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الّله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد ابن تيمية".

    هـ: نسب شيخ الإسلام ابن تيمية:
    جاء في "ذيل طبقات الحنابلة": "أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد ابن تيمية.
    ويلاحظ أن بين تسلسل نسب شيخ الإسلام وأخيه وبين تسلسل نسب والدهما اختلاف في المرجع نفسه (أي "ذيل طبقات الحنابلة")!
    فما الذي ينبغي أن يفعله المحقق الجادّ في مثل هذه المسألة؟ هل يقدِّم المصدر الأقدم (ابن خلّكان)؟ أم المصدر الأقرب إلى عائلة المترجَم له (الذهبي)؟ أم الأقرب إلى مذهب المترجم له (ابن رجب)؟ وكيف يحل هذه المشكلة التي ورّطه فيها الشوكاني؟ الجواب تحتاج إلى بسط وتفصيل وتمحيص ليس هذا مقامه. لكنني أكتفي بالإشارة إلى ثلاث قرائن، كان بإمكانها مساعدة المحقق في هذا المسعى:
    1_ يورد ابن ناصر الدمشقي في "الرد الوافر" إجازة عليها توقيع شيخ الإسلام ابن تيمية. وفيها: " كتبه: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية" والنسب بهذا الترتيب متكرر في عدة مواضع من الكتاب. والرجل أدرى بنسبه، وصاحب "المنتقى" جزء من نسبه.
    2_ في أول "العقود الدرية" لابن عبد الهادي: "تقي الدين أبو العباس احمد بن الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين أبي المحاسن عبدالحليم ابن الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبدالسلام بن أبي محمد عبدالله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله ابن تيمية الحراني".
    3_ في "ذيل طبقات الحنابلة"، في ترجمة فخر الدين ابن تيمية: "محمد بن الخضر بن محمد بن علي بن عبد الله ابن تيمية الحراني، الفقيه المفسر، الخطيب الواعظ، فخر الدين، أبو عبد الله بن أبي القاسم". وهذا يعني أن "الخضر" و"أبو القاسم" واحد.
    وبهذا أكون فد اقتربت من الإجابة، وأدع تحريرها إلى وقت آخر بإذن الله...

    يتبع...

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(6)

    (18)
    * الصفحة (1/108)

    _ في المتن: "[و] (3) مولِدُهُ في أواخِرِ شعبانَ..."
    _ في الهامش 3: "زيادة من (ب)".
    وكان المقام يقتضي أن يحاكم نُسَخ مخطوطاته إلى "وفيات الأعيان"، وإن كان الأمر يتعلق بحرف وجوده وعدمه سيان في هذا الموضع.
    ======
    (19)

    * الصفحة (1/108)
    _ في المتن: "ثم قالَ: وكانَ أبوهُ أحدَ الأبدالِ الزُّهَّادِ"

    وهذه "مرَّرها" المحقق، مع أنها توحي بأنَّ القول يعود إلى ابن خلِّكان. وهذا وهم من الشوكاني؛ لأن صاحب القول، كما هو مثبت في "وفيات الأعيان"، هو ابن المستوفي في كتابه "تاريخ إربل".
    =====
    (20)
    * الصفحة (1/110)

    _ في المتن: "(...) وأبي عوانة (4)"
    _ في الهامش 4: "عزاه إليه ابن حجر في فتح الباري (8/220)"

    وهذا أيضاً من غرائب العزو وعجائب الإحالات! فلماذا لم يُحل المحقق على "مستخرج أبي عوانة"، وأحال على "فتح الباري"؟ ومن المعلوم أنّ المستخرج طُبِع 8 سنوات قبل صدور "نيل الأوطار" بتحقيق الشيخ حلاق!
    والغريب أن الشيخ اعتمد على "المستخرج" في تحقيقه، وأحال عليه! فلماذا أهمله في هذا الموضع؟ والأكثر غرابة من هذا وذاك أن المحقق كان على علم بأن الشوكاني، كما وعد في مقدمته (1/112)، سيعود إلى الحديث عن ألفاظ حديث "كل كلام لا يُبدَأ فيه بحمد الله فهو أقطع". ولو راجع المحقق ذلك، لانتبه إلى أنه يعزو إحدى رواياته إلى أبي عوانة. والأغرب من ذلك كله، أن المحقق "اصطدم على هذا العزو، فيما بعد (6/366)، فعلّق عليه بقوله: "لم أَقِفْ عليه"!
    وكان ينبغي أن يكون "عدم الوقوف" على الحديث في "مستخرج أبي عوانة" أن يكون مدعاةً للمحقق أن يتحقق من عزو الشوكاني روايته إليه. هذه واحدة.
    الأمر الثاني: أحال المحقق على "فتح الباري"، وابن حجر يعزو فعلا الحديث إلى أبي عوانة. لكن المحقق لم ينتبه إلى أنه عزاه إليه بلفظ: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأ فيه بِحَمْدِ اللَّه فَهُوَ أَقْطَع"، لا بلفظ: "كُلُّ كلامٍ لا يُبْدَأ فيه بِالحَمْدِ فَهُوَ أَجْذَم" كما أورده الشوكاني. وقد عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" باللفظ الثاني.
    الأمر الثالث: أنّ الشوكاني عاد إلى ذكر الحديث، كما وعد، وأورد اللفظ كما أورده صاحب "المنتقى". وهو في هذا الموضع (6/365) بلفظ: "لا يُبدَأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" لا "بالحمد فهو أجذم". وكان على المحقق أن ينتبه وينبِّه إلى ذلك.
    الأمر الرابع: في الصفحتين 365-366 يخرج الشوكاني الحديث. والمنهج يقتضي أن يشير المحقق إلى ذلك.
    الأمر الخامس: أنّ ابن حجر عند عزو الحديث إلى أبي عوانة إنما ينقل عن النووي. وقد تبيّن لي أنه ينقل عن كتاب "الأذكار" (أو: حلية الأبرار)، في "باب حمد الله تعالى". ومن المعلوم أنّ ابن حجر أدمن النظر في هذا الكتاب وله عليه تعليقات وتعقيبات، كانت على شكل إملاءات، جمعها السيوطي وزادا عليها في كتابه "تحفة الأبرار بنكت الأذكار".
    الأمر السادس: أن النووي قال في مفتتح "المجموع": "هذا حديث حسن. رواه أبو داود سليمان بن الاشعث السجستاني، وأبو عبد الله محمد بن يزيد هو ابن ماجه القزويني، في سننهما، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي في "عمل اليوم والليلة"، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراينى في أول صحيحه المخرج على صحيح مسلم"
    وممّا سبق نستنتج أن جميع من ذكر أبا عوانة فيمن روى هذا الحديث وعزاه إلى مستخرجه (مسنده، صحيحه، مختصره) إنما استند إلى النووي. والنووي يصرِّح أن أبا عوانة رواه "في أوّل صحيحه". وهذا يقودنا إلى احتمالات عدّة، ليس هنا موضع بسطها.
    وخلاصة القول أنّ الإحالة على فتح الباري عند وجوب العزو إلى مستخرج أبي عوانة في موضع من الكتاب، ثم عدم العزو في موضع آخر والاكتفاء بـ "لم أقف عليه" في موضع آخر، مع أن الأمر متعلق بنفس الحديث، يدل على أحد أمرين اثنين: إمّا أن المحقق ينسى ما يكتب، لعدم التزامه الصارم بالمنهج العلمي؛ وإما أن التحقيق تناوبت عليه الأيدي وليس إنجاز شخص واحد. واستنتاجي هذا إنما هو تأكيد لما سلف لي أن قررته.
    =====
    (21)
    * الصفحتان (1/111-112)
    _ المتن: "وله ألفاظ أخر أوردها الحافظ عبد القادر الرهاوي في الأربعين له (1)".
    _ الهامش 1 من الصفحة 112: "عزاه إليه ابن ضويان في ((منار السبيل)) (1/5).
    وهذا الهامش أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه غريب. فما الذي عزا ابن ضويان إلى الرهاوي في "منار السبيل"؟ الحديث؟ أم كتاب "الأربعين"؟ فإذا كان المحقق يعني الحديث، فهذا مستبعَد؛ لأن الشوكاني كان يتكلم عن الألفاظ الأخرى للحديث. وابن ضويان لم يورد كل تلك الطرق في "منار السبيل"، بل عزا إليه الحديث الأول، ثم ذكر بعض ألفاظه الأخر، وأشار إلى أن الرهاوي رواها في "الأربعين". والمحقق يغفل في هذا الموضع عن أن ابن ضويان إنما يورد ما أورده المناوي في "فيض القدير". وقد نبَّه العلامة الألباني رحمه الله إلى ذلك بقوله: " ( تنبيه ) : عزا المصنف الحديث للخطيب، وكذا فعل المناوي في " الفيض " وزاد أنه في "تاريخه"؛ ولم أره في فهرسه. والله أعلم". وهذا النص فيه ما فيه من دقة العبارة التي تنم عن التحري والأمانة العلمية في آن واحد. والحديث ذكره ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"، في ترجمة عمارة بن محمد بن عمارة، أبو الدلف الباجسرائي. ولكن ليس بلفظ "ببسم الله الرحمن الرحيم". فلعله اختلط على المناوي الذيلُ بالتاريخ. والله أعلم.
    يضاف إلى ذلك أنه حتى لو كان هذا قصد المحقق، كان ينبغي عليه أن يقول: "عزاها"، لا "عزاه".
    أمّا إذا كان يقصد عزو كتاب "الأربعين"، وأن ابن ضويان عزاه إلى الرهاوي في "منار السبيل"، فهذا ضرب من التوثيق غريب! والسؤال: لماذا ابن ضويان تحديداً؟ فبينه وبين الرهاوي ما ينيف عن 740 سنة! وهل توثَّق الكتب بهذه الطريقة؟! وكان يكفي المحقق أن يلقي نظرة على كتاب شهير متدوَل، يقرأه العوام فضلا عن أهل الاختصاص، وهو كتاب الأذكار للنووي، وفيه: "روِّينا هذه الألفاظَ كلها (أي: ألفاظ حديث "كل أمر ذي بال...") في كتاب "الأربعين" للحافظ عبد القادر الرهاوي"! والنووي توفي بعد 64 عاماً من وفاة الرهاوي!
    وفي كلا الحالين كان على المحقق أن يمدّ بصره إلى أبعد من القرن الرابع عشر عند الإشارة إلى رواية أو روايات توفيراويها أو جامع ألفاظها وطرقها في القرن الثامن...
    وكان الأوْلى بالمحقق في هذا المقام أن يكمل عنوان كتاب الرهاوي، بدل الاحتماء بابن ضوبان. إذ اكتفى الشوكاني بقوله "في الأربعين". فهل هو: "الأربعون البلدانية"؟ أم "الأربعينات"؟ أم "الأربعون المتباينة الإسناد والبلاد"؟ أم "الأربعون الكبرى"؟

    يتبع...

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع.. (7)

    (22)
    * الصفحة (1/112)
    _ المتن: "بصفاته الذَّاتَّية"
    والصواب: "الذّاتِـيَّة"

    =====
    (23)
    * الصفحة (1/112)
    _ المتن: "وأُجيبَ بأنَّهما فيهِ شرطَانِ، لا جُزْآنِ ولا جُزْئِـيَّانِ"
    والجملة قد تستغلق معانيها على القارئ الذي لا إلمام له بالأصول والمنطق، وقد يتوهّم أن عبارة "لا جزآن ولا جزئيان" خطأ أو تكرار لمعنى واحد. وكان من واجب المحقق أن يشرح المعنى ويوضح الفرق بين "الجزء" و"الجزئي"، لا سيما وهو أحد محققي "إرشاد الفحول"، بدل إعنات نفسه في شرح القشيب والتعريف بالنووي!
    ولو تتبّع المحقق قاموس الشوكاني في شرحه لديباجة "المنتقى"، لعلِم المصادر التي أخذ منها واستفاد...
    =====
    (24)
    * الصفحة (1/113)
    _ المتن: "(...) فإنه مقامُ الحمدِ والاسمُ الشريفُ، وإن كان مُستحِقّاً للتقديمِ مِنْ جهة ذاتِه فرعايةُ ما يقتَضِيهِ المقامُ ألصَقُ بالبلاغةِ من رعاية ما تقتضيهِ الذاتُ".

    وهذه الجملة تبدو مرتبكة وقد تكون مربِكةً للقارئ. والسبب في ذلك علامات الرقم. فقوله "والاسم الشريف" استئناف ربطه المحقق بسابقه، فبدا المعنى مختلاًّ. وكان الصواب أن تضبط بالشكل التالي:
    "(...) فإنه مقامُ الحمدِ. والاسمُ الشريفُ، وإن كان مُستحِقّاً للتقديمِ مِنْ جهة ذاتِه، فرعايةُ ما يقتَضِيهِ المقامُ ألصَقُ بالبلاغةِ من رعاية ما تقتضيهِ الذاتُ".
    =======
    (25)
    * الصفحة (1/113)

    _ المتن: "وهذا إنما يتم على القول بأن لفظ الله علم للذات كما هو الحق وعليه الجمهور، لا للمفهوم كما زعمه البعض" (1/113)

    وكان على المحقق "الضليع" في شرح "القشيب" أن يشرح هذه الجملة. فماذا يقصد الشوكاني بالمفهوم؟ وما علاقة ذلك بالحديث عن اسم "الله" وكونه علَماً أو مشتقّاً؟
    والعبارة متداولة في شروح المتون عند المتأخرين، في مقام شرحهم لديباجة المصنّف. وظني أنهم جميعا عالة على الفخر الرازي؛ حيث يقول في تفسير قوله تعالى: (اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ):
    "وذهب قوم آخرون إلى أنه لفظ مشتق. والحق عندنا هو الأول، ويدل عليه وجوه :
    الأول : أن الاسم المشتق عبارة عن شيء ما حصل له المشتق منه. فالأسود مفهومه: شيء ما حصل له السواد، والناطق مفهومه: شيء ما حصل له النطق. فلو كان قولنا "الله" اسماً مشتقاً من معنى، لكان المفهوم منه أنه شيء ما حصل له ذلك المشتق منه، وهذا المفهوم كلي لا يمتنع من حيث هو هو عن وقوع الشركة فيه. فلو كان قولنا "الله" لفظاً مشتقاً، لكان مفهومه صالحاً لوقوع الشركة فيه. ولو كان الأمر كذلك، لما كان قولنا "لا إله إلا الله" موجباً للتوحيد؛ لأن المستثنى هو قولنا "الله"، وهو غير مانع من وقوع الشركة فيه. ولما اجتمعت الأمة على أن قولنا "لا إله إلا الله" يوجب التوحيد المحض، علمنا أن قولنا "الله" جارٍ مجرى الاسم العلَم."
    ======
    (26)
    * الصفحتان (1/113-114)
    _ المتن: "لما رُوي عنه صلَّى الله عليه و سلَّم أنه كان إذا أفصح الغلام من بني عبدِ المطلبِ علَّمه هذهِ الآيةَ، [أخرجه عبدُ الرزاقِ في المصنَّفِ (4)، وابنُ أبي شيبةَ في مُصَنَّفِهِ (5) وابنُ السّنِي (كذا!) في عملِ اليومِ والليلةِ (6) من طريقِ عمرِو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جدِّهِ قال : كانَ صلَّى الله عليه و سلَّم.. فذَكَرَه]."
    _ الهامش: يكتفي المحقق في الهوامش 4 و5 و6 بالإحالة على المصادر المذكورة.

    وهذا التخريج من محقق انتدب نفسه لتخريج أحاديث الكتاب غريب! وهو يستدعي بعض الملاحظات:
    1_ كان ينبغي للمحقق أن يذكر نص الحديث، بما أن المؤلف لم يذكره واكتفى بالإشارة إلى مضمونه.
    2_ اكتفاء المحقق بالإحالة على المصادر التي ذكرها الشوكاني يوحي بأن نص الحديث هو ما أشار إليه بقوله: "رُوي عنه صلَّى الله عليه و سلَّم أنه كان إذا أفصح الغلام من بني عبدِ المطلبِ علَّمه هذهِ الآيةَ". والأمر غير ذلك...
    3_ في مصنَّف عبد الرزاق لا وجود لبني عبد المطلب، بل فيه " بني هاشم". ونص الحديث عنده: عن عبد الكريم أبي أمية قال : كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعلِّم الغلامَ مِن بني هاشم إذا أفْصَحَ سبْعَ مَرَّاتٍ (الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ...) إلى آخر السورة".
    4_ أورد ابن أبي شيبة الحديث في موضعين من مصنّفه. فقد جاء في باب "ما يستجب أن يعلمه الصبي أول ما يتعلم": "(...) عن عمرو بن شعيب قال : كان الغلام إذا أفصح من بني عبد المطلب علَّمه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الآيةَ سَبْع مرَّات: (الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ)." وجاء في باب "الصبيان متى يتعلمون القرآن": "(...) عن عمرو بن شيعب قال : كان الغلام إذا أفصح من بني عبد المطلب علَّمه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الآيةَ سَبْعاً (الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَم يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)".
    5_ الحديث متعلِّق بفضائل آية من القرآن. فكان أوْلى بالمحقق أن يعود إلى التفاسير لاستكمال اخريجه للحديث. وكان يكفيه أن يرجع إلى "فتح القدير" (ولعلَّه حققه أو سيحققه، بما أنه من تأليف الشوكاني!)، ليجد أن صاحبه أورد الحديث بمتن آخر مرويّاً عن قتادة، ونصُّه: "ذُكِرَ لنا أنَّ نبيَّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يعلِّم أهلَه هذه الآيةَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا...) إلى آخرها، الصغيرَ مِن أهله والكبيرَ". والشوكاني يعزوه إلى الطبري، وكذا أورده هذا الأخير.

    يتبع...

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(8)

    (27)

    * الصفحة (1/114)
    _ المتن: "دِقَّها وجُلَّها"

    والصواب: "دِقَّها وجِلَّهَا". إذ جُلُّ الشيء: معْظَمُه، وليس هذا مراد الشوكاني. جاء في "لسان العرب": "يقال: "ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ" أي: لا دقيق ولا جليل". وفي موضع آخر: "تقول: ما رَزَأْتُه دِقّاً ولا جِلاًّ". وجاء قي القاموس المحيط: "والجِلُّ، بالكسر: ضِدُّ الدِّقِّ".
    وبالعودة إلى سياق كلام الشوكاني، فإن الصواب: "دِقِّها وجِلِّها"، لا كما ضبطها المحقق...
    =====
    (28) (29)
    * الصفحة (1/114)
    _ المتن: "ولا شكَّ أنَّ نِعْمَةَ خلْقِ الخلْقِ وتقديَره مِنْ أَعظَمِ البواعِثِ على الـحَمدِ وتكريرُه لكونِ ذلك أوَّلَ نعمةٍ أَنْعَمَ الله بها على الحامِدِ"

    وهنا خطآن: الأول منهما مطبعي، لكن كان ينبغي التنبه إليه بالمراجعة. والثاني ناتج عن فهم خاطئ للنص، أدَّى إلى شكل ورقم خاطئين. والصواب:
    "ولا شكَّ أنَّ نِعْمَةَ خلْقِ الخلْقِ وتقدِيرِه مِنْ أَعظَمِ البواعِثِ على الـحَمدِ وتكريرِه؛ لكونِ ذلك أوَّلَ نعمةٍ أَنْعَمَ الله بها على الحامِدِ"
    ========
    (30)

    * الصفحة (1/114)
    _ المتن: "لكونهِ الواسِطَةُ".

    والصواب: لِكونِهِ الواسِطَةَ"
    ======
    (31)

    * الصفحة (1/114)
    _ المتن: "ولحديث أبي هريرة (3) عند الرُّهاوي بلفظ: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمدِ اللهِ والصلاةِ عليَّ فهو أقطع".
    _ الهامش 3: وهو حديث ضعيف. تقدم الكلام عليه. ص 110-111 من كتابنا هذا.

    وكلام المحقق ثم إحالته على نفسه يوهمان بأنه تعرّض للحديث في الصفحتين المشار إليهما، بينما الأمر خلاف ذلك. فهو لم يتعرّض للحديث بزيادة "والصلاة عليَّ" إطلاقا!
    وقوله "ضعيف" موهم. فالحديث بهذا اللفظ موضوع، كما قرر ذلك الألباني رحمه الله.
    ثم تأمَّل قوله: "من كتابنا هذا"!!

    ==========
    (32)
    * الصفحتان (1/114-115)
    _ المتن: "وقال القُشَيْرِيُّ (5): "هِيَ مِنَ اللهِ لِنَبِيِّهِ تشْريفٌ وزيادةُ تَكْرِمَةٍ، ولسائرِ عبادِه رحمةٌ".
    _ الهامش 5، من الصفحة 114: "هو شيخ الإسلام، تقي الدين، أبو الفتح، محمد بن علي بن وهب القشيري المصري المعروف بابن دقيق العيد."!!

    وهذا الهامش مدهش عجيب، محيِّرٌ غريب! ويمكن للقارئ أن يضيفه إلى طوام المحققين بلا أدنى تردد. وهو يقتضي أكثر من وقفة، ويستدعي أكثر من ملاحظة:
    1_ لماذا اختار المحققُ ابنَ دقيق العيد من بين عشرات القشيريين؟
    2_ لماذا لم يبيِّن لنا المحقق علة اصطفائه لابن دقيق العديد تحديداً؟
    3_ عندما يُذكر علَم من الأعلام بالنسبة المجرَّدة، فالأوْلى بالمحقق أن يستعين بأدوات التحقيق في هذا المقام. وترجمة ذلك بعدة أمور، منها:
    _ البحث عن العلَم في الكتاب المحقَّق نفسه. إذ في كثير من الأحيان يورد المصنف علماً مكتفيا بالنسبة، ثم يورد اسمه كاملا أو يذكر كتابا له، أو قرينة أخرى تؤكد أنه المقصود لا غيره.
    _ البحث عن النص في مؤلفات مَن نشك أنه العلَم المعني.
    _ البحث عن النص في مراجع أخرى. ومعلومٌ أنه ليس في طاقة أحد أن يراجع كل تراثنا الإسلامي بحثا عن جملة، للتأكد من نسبة قائلها. لكن في هذا المعترك أيضا هناك وسائل مساعدة، وأهمها: البحث من خلال الموضوع الذي يتعلق به النص المنقول. والموضوع هو: كل ما يتعلق بالصلاة والسلام على الرسول (صلّى الله عليه وسلّم). وأولى الخطوات التي كان بإمكان المحقق أن يخطوها هي أن يبحث في كتب التفسير وما قيل حول قوله تعالى: (إنَّ الله ومَلائِكَتَه يُصَلُّونَ عَلَى الـنَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْليماً)؛ ثم ما أورده شُرَّاح الحديث حول هذا الموضوع في مواضعه المحتملة؛ ثم ما جاء في الكتب المفردة لهذا الموضوع أو التي تناولت الشمائل المحمدية وما شابهها؛ ثم ما جاء في شروح مقدمات المتون، إذ غالبا ما يتعرَّض أصحابها لكل ما تناوله الشوكاني في شرحه لمقدمة "المنتقى".
    والملاحَظ أنَّ المحقق لم يفعل شيئاً مِمّا أشرنا إليه! فالشوكاني يذكر في النيل عدَّة أشخاص يحملون نسبة "القشيري"، ومع ذلك لم يلتفت المحقق إلى ذلك!
    4_ ورد اسم "ابن دقيق العيد" عشرات المرَّات في "نيل الأوطار"، ولم ينسبه الشوكاني إلى قشير إلا في القليل النادر. وفي هذا القليل النادر يقرنه بكنيته (أبو الفتح) أو بلقبه (تقي الدين). ولعل هذا هو الذي جرّ المحقق إلى اعتقاد أن "القشيري" المذكور في المقدمة هو ابن دقيق العيد.
    5_ يبدو أن "القشيري" التصق في ذهن المحقق بابن دقيق العيد. فهو عندما يجده مجرَّداً يفرنه دون أدني تروٍّ به. وإذا وجده مقرونا بكنية أو لقب، تأمّل. فإذا كان اللقب أو الكنية موافقين للقب أو كنية ابن دقيق العيد، بادر إلى التأكيد أنّه المقصود. وإذا كان اللقب مقروناً بكنية أو لقب مغايرين، مرّ على قشيريِّه مرور الكرام؛ اللهم إلا في المقدمة. وكذلك فعل مع "أبي القاسم القشيري" في الصفحة 3/425، مع أنّ سياق الكلام كان من شأنه أن يهديه إليه! وكذلك فعل مع أبي نصر القشيري، حيث أحال على "الفتح" ولم يعرِّف به (11/364). وكذلك فعل أيضا عند مروره بتخريج الشوكاني لحديث إياس بن عبْدٍ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم نهى عن بيع فضل الماء، حيث قال: "حديث إياس قال القشيري: هو على شرط الشيخين" (10/23). فلم يذكر من المقصود بالقشيري. ولو راجع "التلخيص"، لوجد فيه: "وقال أبو الفتح القشيري: هو على شرطهما". ولو راجع "فيض القدير"، لقرأ فيه: "قال ابن دقيق العيد: على شرطهما"، ولاطمأن إلى أنه ابن دقيق العيد لا غيره...

    والآن، مَن هو القشيري المقصود في الصفحة 114 من الجزء الأول؟ والجواب: لو رجع المحقق إلى باب "الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلَّم" من كتاب الدعوات في صحيح البخاري، مستعيانًا بفتح الباري، لقرأ هذا الكلام لابن حجر:
    "ونَقلَ عياض عن بكر القشيري قال: الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وسلَّم) مِن الله تشريفٌ وزيادة تكرمة، وعلى مَنْ دون النبي رحمةٌ". فالشوكاني ينقل عن "الفتح" بتصرف. وابن حجر ينقل عن القاضي عياض بتصرف أيضاً، فالذي في "الشفا" للقاضي: "الصلاة من الله تعالى لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة وللنبى صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكرمة". لكن المعنى هو ذاته.
    الآن وقد تحققنا من نسبة النص إلى "بكر القشيري"، لا "ابن دقيق" كما توهّم المحقق، يحق لنا أن نتساءل: مَن هو بكر القشيري؟ والمنطق يقتضي أن يكون أقرب المصادر إلى أذهاننا: "ترتيب المدارك" للقاضي عياض، بوصفه كتاباً في التراجم؛ وهذا من باب كسب الوقت... ولا يتفاجأ أحد إذا وجد فيه ترجمة كاملة لهذا العلَم المالكي! إذ نقرأ فيه ما ملخَّصه:
    هو القاضي أبو الفضل بكر بن محمد بن العلاء بن محمد بن زياد (...) القشيري. ويشار إليه عادة بـ بكر بن العلاء القشيري. وهو من كبار فقهاء المالكيين بمصر، وكان راوية للحديث. توفي سنة 344 هـ وقد جاوز الثمانين سنة بأشهُر.
    ويذكر القاضي عياض ضمن مؤلفات بكر القشيري كتابا بعنوان: "وجوب الصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلّم". ومنه قد يكون القاضي أخذ النقل الذي أورده الشوكاني.
    والآن، ماذا عسانا نقول سوى: تكاثر القشيريون على المحقق، فلم يدر المحقق ما يصيد!
    وملخص الكلام أن المحقق كان في غنى عن تقرير أنّ القشيري في هذا الموضع هو ابن دقيق العيد، طالما لم يكن متأكِّدا. والحق أن هامشاً كهذا لا يليق بمن انتدب نفسه للتحقيق، رافعا لواء التخريج والتوثيق؛ لأنه يوحي أن صاحبه أخذ أوَّل قشيري وقعت عليه عيناه وألصقه بالهامش.

    يتبع...

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    155

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    أحسن الله إليكم.
    لم أطلع على تحقيق الشيخ حلاق لنيل الأوطار، ولكنني كنتُ قد قررت التريث قبل اقتنائه، وذلك بعد اطلاعي على تحقيقه للفتح الرباني.
    فقد ساءني ما في تحقيق الفتح من نفخ متعمد للكتاب، بكثير من الحواشي الطويلة المملة، التي لا علاقة لها بفن التحقيق من قريب ولا بعيد. وقد كان بالإمكان إخراج الفتح في نصف حجمه أو أقل.
    وما ذكرتَه هنا - أخي الواحدي - ثبطني عن النظر في طبعة النيل هذه، وأكد لي أن من أهم ما يشترط في محقق كتب التراث عموما، التمكن من علوم العربية، ولو كان الكتاب في فن آخر غير العربية.
    ولو أنك بدأتَ بذكر هذه الأخطاء قبل تعليقك الأول، وعنوانك المثير، لوجدت من الإخوة موافقة واضحة لمضمون كلامك.

    والله أعلم.

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(9)

    (33)
    * الصفحة (1/115)
    _ المتن: "قال في "شرح المنهاج" (1): "إنَّ معنى قولنا اللهم صلِّ على محمد: عظِّمْه ..."
    _ الهامش 1: "هو للإمام النووي، أبو زكريا، محيي الدين بن شرف النووي، المتوفى (676 هـ)".

    وكلام المحقق يوهم أنّ "شرح المنهاج" من تأليف النووي، والأمر خلاف ذلك. فالنووي هو مؤلف "منهاج الطالبين"، ولم يرِدْ أنه شرح "المنهاج". أمّا "الدقائق"، فليس شرحاً له. وبما أنّ المحقق ظنّ أنّ الكتاب المقصود هو شرح منهاج النووي (والأمر ليس كذلك، كما سيأتي)، ولأنَّ شرَّاح المنهاج كثر، اكتفى بترجمة النووي. وقد قرر ذلك بصيغة الواثق من نفسه، حتى إنّ القارئ ليشك في معلوماته حول الموضوع!
    وتأمّل تكرار المحقق للنووي مرّتين، فهو يذكِّر بنادرة يوردها الجاحظ في "البيان والتبيين"، حيث يقول: "وكان -فيما زعموا- ابنٌ لسعيد الجوهري يقول: "صلَّى الله تبارك وتعالى على محمَّد صلَّى الله عليه وسلم"!!
    ولاحظ أيضاً أنه يذكر الكنية واللقب، لكنه يتجاهل الإسم.
    ولاحظ كذلك أنه عرَّف هنا بالنووي، وهو مشهور، وتجاهل غيره ممن هم أقل شهرة في المقدمة. وما دفعه إلى ذلك إلا استشكاله لاسم الكتاب واسم مؤلفه...
    =======
    (34)
    * الصفحة (1/115)
    _ المتن: "قال في "شرح المنهاج" (1): "إنَّ معنى قولنا اللهم صلِّ على محمد: عظِّمْهُ في الدُّنيا بإعلاءِ ذِكْرِهِ وإِظْهَارِ دَعْوَتِهِ وإِبْقَاءِ شريعتِهِ، وفي الآخِرَةِ بتشفيعِه في أُمَّتِهِ وتضعيفِ أجْرِهِ ومَثُوبَتِهِ."
    _ الهامش 1: "هو للإمام النووي، أبو زكريا، محيي الدين بن شرف النووي، المتوفى (676 هـ)".

    ونسبة "شرح المنهاج" إلى النووي خطأ فادح، لا يقل فداحة عن خطإ المحقق في تحديد هوية "الشربيني". وهو خطأ مزدوج؛ لأن المحقق نسب الكتاب إلى غير صاحبه، ولأن الذي نسبه إليه لم يؤلف كتاباً بهذا العنوان. وهنا أيضا نطرح نفس الأسئلة التي طرحناها عند حديثنا عن "الشربيني"، وجوابها هو المراحل نفسها التي أشرت إلى أن المحقق ينبغي بها لتحديد المبهَمات. لذا، سأصل بالقارئ إلى حل لغز هذه المسألة، دون المرور بذكر الحيثيات المطلوبة من أي محقق في هذا المقام، تفاديا للتكرار:
    "المنهاج" االذي نقل عنه الشوكاني (أو نقل عمّن نقل عنه) هو "منهاج الدين في شعب الإيمان" للحليمي. وقد توصلت إلى ذلك في نفس الباب ونفس الكتاب الذي أوصلني إلى "الشربيني"، أي: باب "الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلَّم" من كتاب الدعوات في صحيح البخاري، مستعيناً بفتح الباري. وفيه:
    "وقال الحليمي في "الشعب": معنى الصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: تعظيمه. فمعنى قولنا "اللهم صلِّ على محمَّد": عَظِّمْ محمَّداً. والمراد: تعظيمه في الدنيا، بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته؛ وفي الآخرة، بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمَّته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود."
    وبالعودة إلى "شعب الإيمان" للبيهقي، نقرأ ما يلي في فصل "معنى الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلَّم":
    " قال الحليمي رحمه الله : "أما الصلاة باللسان، فهي التعظيم". (...) إلى أن قال: "وقيل: "الصلوات لله"، أي: الأذكار التي يُرادُ بها تعظيمُ المذكور، والاعتراف بجلال القدر، وعلو الرتبة كلها لله عز وجل؛ أي: هو مستحقها، لا تليق بأحد سواه. فإذا قلنا : اللهم صلِّ على محمَّد ، فإنما نريد به: اللَّهُمَّ عَظِّمْ محمَّدا في الدنيا بإعلاء ذِكْره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته؛ وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين في اليوم المشهود ".
    ويبقى الإشكال في قول الشوكاني: "قال في "شرح المنهاج". والجواب الذي يَرِدُ على الذهن أنّ الشوكاني كان يعتبر "شعب الإيمان" للبيهقي شرحاً لمنهاج الحليمي. لكن يعكِّر عليه أنّ الشوكاني في "نيل الأوطار" يذكر "شعب الإيمان" منسوباً إلى البيهقي.
    ويعكّر عليه ثانيا: أنّ شعب الإيمان ليس شرحا للمنهاج على التحقيق، بدليل قوله في بعض مواضعه: "وقد ذَكَر الْحَلِيمِيُّ رحمه الله في ذلك فصللاً طويلاً مَن أراده نَظَرَ ففيه بتوفيق الله".
    ويعكِّر عليه ثالثاً: أنَّ الشوكاني أضاف نقلا آخر في نفس الفقرة عن نفس المصدر (من قوله: "فيه نكتة شريفة..." إلى قوله: "... تليق بجنابه")، وهذا النقل لا وجود له بحروفه في "شعب الإيمان" للبيهقي.
    لكن يُحتمَل أنَّ الشوكاني نقل كلام الحليمي بتصرف. فقد جاء في "الشُّعَب" للبيهقي: "ويَدُلُّ على أن قولنا "اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّد" صلاةٌ مِنَّا عليه، لأنَّا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره و يعلو به قدره إليه، وإنما ذلك بيد الله تعالى. فصحَّ أن صلاتنا عليه: الدعاءُ له بذلك، وابتغاؤه من الله عز وجل". فالمعنى مطابق لِما ذكره الشوكاني، لكن الألفاظ مختلفة.
    والاحتمال الثاني: أن يكون الشوكاني اطّلع على "شرح المنهاج". وممّن شرح منهاج الحليمي: الخطيب الشربيني، كما أشار إلى ذلك صاحب "هدية العارفين". وأشار أيضاً إلى أن لإسماعيل حقي الرومي كتاباً بعنوان "شرح شعب الإيمان"، لكن لا أدري إن كان شرح كتاب الحليمي أم البيهقي. وهو في تفسيره أحال على منهاج الحليمي، بينما لم يذكر شعب الإيمان إلا نقلا عن غيره. لكن هذه القرينة ليست بالصلبة للحسم في هذه المسألة.
    والذي يبدو لي –والله أعلم- أنّ الشوكاني إنما نقل عن شرح إسماعيل حقي الرومي لشعب الإيمان. وذلك للاعتباراين التاليين:
    1_ جاء في تفسير حقي لقوله تعالى: (إنَّ الله ومَلائِكتَهُ يُصَلُّون على النَّبِيِّ...): "قال في "شرح الكشاف" وغيره: معنى قوله "اللهم صَلِّ على محمَّد": اللهم عظِّمْه فى الدنيا، بإعلاء دينه، وإعظام ذِكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته؛ وفي الآخرة بتشفيعه فى أمَّته، وتضعيف أجره ومثوبته، وإظهار فضله عن الأوَّلين والآخرين، وتقديمه على كافة الانبياء والمرسلين. ولـمَّا لم يكن حقيقة الثناء في وسعنا، أُمِرْنا أن نَكِل ذلك إليه تعالى. فالله يصلِّي عليه بسؤالنا.
    سلام من الرحمن نحو جنابه ... لأنَّ سلامي لا يليق ببابه"
    وهذه الألفاظ مقاربة لما أورده الشوكاني.
    2_ إذا كان حقي هو المنقول عنه، فإنما هو ينقل عمَّن سلف. وبما أنه حنفي، فإنّ الخيط الحنفي واضح القرب من النص الذي نقله الشوكاني. فقد أورده ابن عابدين في مقدمة "رد المحتار" نقلاً عن القهستاني (ت. 962هـ)، والقهستاني صرّح أنه نقله عن علاء الدين السمرقندي (ت. 552هـ) في كتابه "شرح التأويلات" و"التأويلات" من تأليف أبي منصور الماتريدي. فيحتمل أن يكون إسماعيل نقل عن القهستاني صاحب "جامع الرموز في شرح النقاية".

    ولكن يعكِّر على كل ما سبق أنّ إسماعيل حقي لم يعز النص إلى الحليمي أو البيهقي، وإنما عزاه إلى شارح الكشاف. كذلك العبارة التي ذكرها ونقلها أيضاً ابن عابدين عن القهشتاني لا تختلف كثيراً عمّا أورده ابن الأثير في "النهاية"، حيث جاء فيه: "وقيل: المعنى لـمّا أمَر اللّه سبحانه بالصلاة عليه، ولم نَبْلُغ قدرَ الواجب مِن ذلك، أحَلْنَاه على اللّه وقلنا: اللهم صَلِّ أنت على محمّد، لأنك أعلَمُ بما يليق به."
    فيبقى احتمال أن يكون الشوكاني نقل عن "شرح منهاج الدين في شُعَب الإيمان" للشربيني وارداً. وباب الاجتهاد قي هذه المسألة مفتوح... وكل ما سبق إنما سقناه لتأكيد أنّ "شرح المنهاج" لا علاقة له بالنووي. والله أعلم.
    ====
    (35)
    * الصفحة (1/115)
    _ المتن: "وآثرَ لفظَ النبيِّ لما فيه مِنْ (كذا!) الدِلالةِ على الشرفِ والرفعةِ على ما قيلَ: إنهُ مِنَ النبوَّةِ، وهي ما ارتفعَ مِنَ الأرضِ."

    وضبطه للنبوة بتشديد الواو خطأ واضح، ناتج عن سوء فهم لسياق الكلام ومدلوله. والصواب: "النَّبْوَة". جاء في "لسان العرب": "والنَّبْوَةُ: الارتفاع". وفيه أيضاً: "والنَّبْوَةُ والنَّباوَةُ، والنَّبِيُّ: ما ارتَفع من الأرض".

    ========
    (36)
    * الصفحة (1/115)
    _ المتن: "جاء في الصِّحاح"

    والصواب: "الصَّحاح".

    يتبع...

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(10)

    (37)
    * الصفحة (1/115)
    _ المتن: "لِـما فيهِ من الدَّلَالَةِ"
    وفي نفس الصفحة، ضبط لفظ "الدلالة" بكسر الدال، في قول الشوكاني: "وآثرَ لفظَ النبيِّ لما فيه مِنْ الدِلالةِ على الشرفِ"!
    وهو اضطراب قد يجد له منه مخرجاً... لكن كان ينبغي أن يوحِّد ضبطه للَّفظ.
    =====
    (38)
    * الصفحة: (1/117)
    _ المتن: "والتقديرُ: المرسَلُ رسالةً كافّةً"

    والصواب: "المرسَلِ". فقد نسي المحقق أنّ الشوكاني بصدد شرح ألفاظ ديباجة "المنتقى"، وأنّ تمخام الجملة: "وصلّى الله على النَّبيِّ الأمِّيِّ المُرْسَلِ كافَّةً للنَّاس بَشيراً ونَذِيراً".
    ====
    (39)
    *الصفحة (1/117)
    _ المتن: "ولأنه (أي التصغير) يأتي للتعظيمِ كقوله:
    وكلُّ أُناسٍ سوفَ تدخُلُ بينَهم ---- دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَرُّ منها الأناملُ
    وللتلَطُّفِ كقوله: يا ما أميلِحَ غزلاناًشدَنَّ لنا "

    وإنه لمُستغرَبٌ مِن محقق انتدب نفسه للتخريج والتوثيق المطوَّل ألاَّ ينسب البيت لقائله! والبيت مشهور، ولبيد قائله لا يَقِلُّ عنه شهرة... أمّا "يا ما أُمَيْلِحَ غزلانا شَدَنَّ لنا"، فلن نعاتب المحقق على عدم ذكر قائله، فقد أورده وكأنه قطعة نثر! ونص البيت كاملاً:
    يا ما أُمَيْلِحَ غزلانا شَدَنَّ لنا ---- مِن هؤُلَيَّاءِ بين الضَّالِ والسَّمُرِ
    ويروى أيضا "عَطَونَ لنا" و"بَرَزْنَ لنا"، بدل "شَدَنَّ". ويروى أيضا "مِنْ هؤُليّائِكُنَّ" بدل "مِنْ هؤُلَيَّاءِ". والبيت مختلَف في نسبته. فقد نسبه صاحب "الزُّهرة" إلى بعض الأعراب، ونسبه صاحب "الخزانة" إلى علي بن محمد المغربي. وأشار صاحب "معاهد التنصيص" إلى أنّ الباخرزي نسبه إلى بدوي اسمه "كامل الثقفي". ونسبه غيره إلى العرجي، وكثيّر عزَّة، والمجنون.
    =====
    (40)
    * الصفحة (1/119):
    _ المتن: "وقد اختُلف في تفسير الآل (1) على أقوالٍ يأتي ذكرُها في باب ما يستدلُّ به على تفسير آله الـمُصَلََّى عليهم، من أبواب صفة الصلاة".
    _ الهامش 1: "سيأتي تفسير الآل في باب ما يستدل به على تفسير آله المصلى عليهم، من أبواب صفة الصلاة من كتابنا هذا"

    وهذا الهامش من المضحكات! فبدل الإحالة على الجزء والصفحة، كرَّر المحقق حرفيّاً كلام الشوكاني، وزاد الطين بلة بإضافته "من كتابنا هذا"! وكأنّ الشوكاني سيذكره في كتاب آخر!

    ====
    (41)
    * الصفحة (1/119):
    _ المتن: "بلِ المقصودُ وصفُ النَّوعِ وتسميتُه وهو الدالُّ على تلكَ الألفاظِ المخصُوصَةِ أعمُّ منْ أنْ يكونَ ذلك الشخصُ أو غيـرُه مـمَّا يشارِكُه في ذلكَ المفهومِ"

    والصواب: "الشخصَ أو غيـرَه". وهو ظاهر لمن تأمَّل سياق الكلام وفحواه.
    =====
    (42)
    * الصفحة (1/120)
    وهذه الصفحة فيها جملة من العجائب، نكتفي ببعضها:
    _ الهامش 2: " أبو السكن. توفي سنة أربع عشرة، وقيل خمس عشرة."

    فأبو السكن هذا توفي سنة 14 أو 15؛ ولك أن تختار القرن الذي تضعه فيه! وهذا نتيجة التعامل الأعمى مع المصادر. فبعض كتب التاريخ المسماة بالحوليات، وكذا كتب الطبقات، يكتفي أصحابها بالإشارة إلى السنة دون القرن؛ وذلك لأنهم يتبعون التسلسل التاريخي في تصنيفهم. وإذا شك القارئ، يمكنه التأكد بمراجعة الكتاب نفسه. أمّا أن يُقَصَّ تاريخ وفاة المترجَم له من المصدر ويُلصق بهامش الكتاب المحقَّق، ثم لا يُذكَر كاملا، فهذا من غرائب التحقيق!
    والغريب أنّ المحقق بعد ذلك بسطرين يترجم لعبد الله بن موسى العبسي (هامش 4)، فيقول: "مات يوم الخميس لثمان خلون من المحرم سنة خمس وثلاثين ومائتين"! ولك أن تتساءل: لماذا ذكر في هذا الموضع الشهر واليوم الذي توفي فيه المترجَم له، بينما اكتفى بذكر سنة وفاة ابي السكن المسكين مبتورةً!
    يضاف إلى ذلك أنَّ يستعمل المصادر في ترجمة شيوخ البخاري بشكل انتقائي عشوائي. فهو يستعمل يحيل مرة على "سير أعلام النبلاء"، وتارة على "أسامي مشايخ الإمام البخاري" لابن منده، وتارة أخرى على "المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل". كما أنه يذكر كل هذه المصادر دون ذكر محققيها، باستثناء "المعجم المشتمل"، مشيراً إلى أنه من تحقيق "سكينة الشهابي"! لماذا؟ لعل الخبر تأتينا به جهينة...
    =====
    (43)
    * الصفحة (1/121)

    _ المتن: "قال الفَرَبْرِيُّ (3)"
    _ الهامش 3: الفَرَبْري: بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فَرَبْر وهي (بلدة) على طرف جَيْحُون. أقمت بها أياماً في انصرافي من وراء النهر..."
    ثم في نهاية الهامش: "الأنساب للسمعاني (4/359)" !!!

    وحق لي أن أتعجَّب. فقد ظننت لأول وهلة أن المحقق هو الذي زار فربر! لو لم تسعفتي الإحالة على أنساب السمعاني... وهذا ناتج عن غياب علامة التنصيص في بداية النقل، وهو يؤكد فوضى الرقم و"النقط" في الكتاب.
    وقد سألت نفسي: لماذا وضع المحقق لفظ "بلدة" بين قوسين؟ ولم أجد لذلك تفسيراً مقنِعاً...

    يتبع...

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(11)

    (44)

    * الصفحة (1/121)
    _ المتن: "قال البخاريِّ (كذا!) (4): خرَّجتُ كتابَ الصحيحِ مِن زهاء ستِّمائَةِ ألفِ حديثٍ وما وضَعْتُ [فيه] حديثاً إلا وصلَّيْتُ ركعَتينِ"
    _ الهامش 4: "انظر: ((تاريخ بغداد)) (2/9)

    وإحالته على "تاريخ بغداد" توحي بأن النص بتمامه منقول عنه، بينما الأمر خلاف ذلك.
    =====
    (45)
    * الصفحة (1/122)
    _ المتن: "وُلِدَ سنةَ أربع ومائتَين، كذَا [قاله] ابنُ الأثيرِ (2)." (والحديث عن الإمام مسلم)
    _ الهامش 2: بل قال ابن الأثير في "مقدمة جامع الأصول" (1/187): "وُلِدَ سنةَ سِتّ ومائتين".

    ولعل صواب العبارة: "كذا قاله ابن كثير". إذ جاء في "البداية والنهاية"، عند ترجمته للإمام مسلم (في حوادث 261 هـ): "وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي، وهي سنة أربع ومائتين، فكان عمره سبعا وخمسين سنة رحمه الله تعالى".
    أو لعل الشوكاني كان على علم بالاختلاف بين ابن كثير والذهبي في تحديد تاريخ ولادة مسلم، لكن أخطأ في نسبة كل قول إلى صاحبه. وهذا يقع كثيراً...
    =========
    (46)
    * الصفحة (1/124)
    _ "وأُفرِدَتْ ترجمتُهُ بمصنفاتٍ مستقلَّة (5)"
    _ الهامش 5: مثل "مناقب الإمام أحمد ابن حنبل" لابن الجوزي، و"ابن حنبل" للشيخ محمد أبي زهرة."

    وهذا مِن عجائب الهوامش! فما دخل كتاب أبي زهرة هنا! والشوكاني يشير إلى مصنفات سبقت عصره، فكان من المنطقي الوقوف عند المصنَّفات المستقلة التي عناها هو، لا التي "طالعها" المحقق.
    ثم إنّه لا يوجد كتاب لأبي زهرة عنوانه "ابن حنبل"! ولعل المحقق يقصد "أحمد ابن حنبل: حياته وعصره". وهذا الكتاب معروف متداوَل، وليس مِن قبيل "شرح المنهاج". فكان حريّاً بالمحقق أن يتحرّى العنوان الصحيح للكتاب قبل ذِكْره.
    =======
    (47)
    * في الصفحة (1/125)
    _ المتن: "قال أبو زرعة: [كان] (3) كُتبُ أحمدَ بنِ حنبل اثنَيْ عشرَ حِمْلاً، وكان يحفظُها على ظَهْرِ قلبِهِ...".
    _ الهامش: "(3) كذا في المخطوط (أ، ب، جـ) والصواب (كانت)."

    ولست أدري ما الذي دعا المحقق إلى إلغاء ما ورد في المخطوطات كلها (وهي لا تجتمع على ضلالة)، والسماح لنفسه بالتصويب، دون إعطاء دليل مقنع على ذلك، اللهُمَّ إلاّ شكله هو للنص!
    ولعلها: "كان كَتبَ أحمدُ بنُ حنبل اثني عشر حملا".
    ثم إنّ الشوكاني روى قول أبي زرعة بتصرف. فقد جاء في "سِيَر أعلام النبلاء": "عن أبي زرعة قال: حزرتُ كُتبَ أحمد يوم مات، فبلغت اثني عشر حملا وعدلاً". وقال النووي في التهذيب: "عن أبى زرعة، قال: ما رأيت من المشايخ أحفظ من أحمد بن حنبل. حزرتُ كتبه اثني عشر حملاً وعدلاً، كل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه".
    وكان على المحقق أن ينتبه إلى ذلك وينبِّه إليه.
    =====
    (48)
    * الصفحة (1/125)
    _ المتن: "وأمّا ابن الجوزي فأدخل كثيرًا منه في موضوعاته . وتعقبه بعضهم في بعضها . وقد حقَّقَ [الحفاظ](1) نفيَ الوضع عن جميعِ أحاديثِهِ وأنهُ أحسَنُ انتقاءً وتحريرًا مِنَ الكُتُبِ التي لم يلتزمْ مُصنِّفوهَا الصِّحَّةَ في جميعها كالموَطَّأ والسُّننِ الأرْبَعِ..." (والحديث عن مسند الإمام أحمد)
    _ في الهامش 1: "في (ب) و(جـ): (الحافظ).

    والمحقق هنا يختار بين المخطوطات حسب مزاجه! وهو لا يذكر أي مبرر لما يرجحه. ومن المعلوم أنّ عددا من العلماء انتقد ابن الجوزي وتعقب أحكامه على أحاديث المسند، نافين الوضع عن عدد معتبر من الأحاديث التي أدرجها في كتابه "الموضوعات". ومنهم الحافظ ابن حجر ألّف "القول المسدَّد في الذَّبِّ عن مسند أحمد"، والسيوطي في "الذيل". وبما أنَّ المحقق رجّح كلمة "الحفَّاظ"، كان ينبغي أن يشير إلى ذلك.
    لكن تظل كلمة "الحافظ" واردة، بل راجحة. والمقصود بها هو الحافظ زين الدين العراقي. فكلام الشوكاني بخصوص هذه المسألة منقول حرفيّاً عن "فتح المغيث" للسخاوي (في القسم المخصص للحديث عن الحسَن)، والسخاوي ينسبه إلى العراقي.
    والله أعلم.


    ========
    (49)
    * الصفحة (1/131)
    _ المتن: "قال ابن كثير (3): "إنها كتابٌ مفيدٌ قويُّ التبويب في الفقه" (عن سنن ابن ماجه).
    _ الهامش 3: "انظر: ((البداية والنهاية)) لابن كثير (11/56)".

    وإحالة المحقق على "البداية والنهاية" في الهامش توهم بأن النص الذي أورده الشوكاني فيه، والأمر خلاف ذلك تماماً؛ إذ لا وجود لهذه الجملة في الترجمة التي خصصها ابن كثير لابن ماجه في حوادث سنة 273هـ. والشوكاني إنما نقل كلامه، بتصرف كالعادة، عن "اختصار علوم الحديث"؛ ونصه فيه (في النوع الستين): "وهو كتاب قوي التبويب في الفقه".
    والله أعلم.

    يتبع...

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(12)

    (50)
    *الصفحة (1/131)
    _ المتن: "وسمع من جماعة منهم: أصحابُ مالكٍ، والليثُ" ( في ترجمة ابن ماجه)

    والخطأ هنا ليس مطبعيا؛ بل خطأ فادح أدّى إلى نتيجة أفدح، مفادها أنّ ابن ماجه المتوفّى سنة 273 أو 275 هـ سمع الحديث من الليث بن سعد المتوفى سنة 175 هـ!!
    والصواب: "وسمع من جماعة منهم: أصحابُ مالكٍ والليثِ"
    =======
    (51)
    * الصفحة (1/132)
    _ المتن: "ولم أُخَرِّجْ فيما عَزَوْتُه عَنْ كُتُبِهِمْ إلا في مَواضِعَ يَسِيرَةٍ".

    وهنا أيضاً خطأ فادح؛ لأن شكله للعبارة يعني أنّ المجد لم يخرِّج من الكتب التي ذكرها مصادر أساسية لكتابه إلاّ في مواضع يسيرة!! فماذا ترك له إذن؟! هذا إذا تجاوزنا عن "خرّج عن"... والصواب "لَمْ أَخْرُجْ".
    والغريب أنّ المحقِّق كرَّر نفس الخطإ في الصفحة نفسها، مع أنّ الشوكاني يقول بعد عبارة "ولم أخرج" مباشرة: "هو من الخروج لا من التخريج"!
    والأغرب من ذلك كله أنَّ المحقق خصص في الصفحة نفسها هامشا يقارب ثلثيها للحديث عن... تخريج الأحاديث!! فسبحان الله! وكأنّ الشوكاني علم أنه سيأتي زمان يقرأ بعض الناس كلامه بشكل خاطئ، ثم "يحققونه"، ثم يخرجونه للناس! لكن تحوُّط الشوكاني لم يأت بثماره على ما يبدو...
    =====
    (52)
    * الصفحة (1/132)
    _ المتن: "وَنَسْأَلُ الله أنْ يُوَفِّقَنا لِلصَّوَابِ وَيَعْصِمْنَا ..."

    وشكل المحقق لعبارة "يعصمنا" يوحي بأنّ للعامية سلطاناً عليه. والصواب: "ويَعْصِمَنَا" .
    ====
    (53)
    * الصفحة (1/132)
    _ "إنه جَوَّادٌ كَريمٌ"

    والصواب "جَوَادٌ كَرِيمٌ"، بالتخفيف. أي: كثيرُ الجُودِ والعطاء. وفي الحديث: "إنّ الله جَوادٌ يُحِبُّ الـجُودَ".

    ======
    (54)
    * الصفحة (1/133)
    _ المتن: "قال ابن الصلاح (1) : إن العلمَ اليقينيَّ واقعٌ بما أسنداه؛ لأن ظنَّ المعصومِ لا يُخطىءُ".
    _ الهامش 1: انظر: "صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط" لابن الصلاح (ص 85)

    استوقفتني هذه الجملة، لأنها تستغلق على غير المتخصص في علوم الحديث والأصول. وكان على المحقق شرحها وتوضيحها. إذ قد يتساءل القارئ عن المقصود بالمعصوم، من هو؟
    والمحقق يحيل مشكوراً على كتاب ابن الصلاح. لكنه، كعادته، لا يقارن بين الأصل والنص المنقول. إذ لو فعل، لانتبه إلى أنّ الشوكاني اختصر كلام ابن الصلاح، وأنّ ذلك هو سبب غموض الجملة. ولو رجع إلى كتاب ابن الصلاح، لانتبه أيضا إلى أنه لا وجود لعبارة "العلم اليقيني" فيه، بل "العلم النظري". ولو رجع إليه، لعلِم أنّه لن يُحرَم فائدةَ ذلك، بل سيفيد قارئه بما قرأ.
    وابن الصلاح يقول "صيانة صحيح مسلم": "والذي نختاره أنَّ تلقِّي الأمّة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقه، خلافاً لبعض محققي الأصوليين، حيث نفى ذلك بناءاً على أنه لا يفيد في حق كل واحد منهم إلا الظن؛ وإنما قبله لأنه يجب عليه العلم بالظن، والظن قد يخطئ. وهذا مندفع؛ لأنَّ ظنَّ مَنْ هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمَّة في إجماعها معصومة من الخطأ".
    وبهذا النقل الأمين يتضح مقصود الشوكاني. فالمعصوم المقصود هو الأمّة، لكونها معصومة بإجماعها، لأنها لا تجتمع على ضلالة.

    يتبع...

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    تابع...(13=الختام)

    (55)* الصفحة (1/136)
    _ المتن: "ومن عرف طولَ ذيلَ هذا الكتابِ الذي تصدَّينا لشرحه وكثرةِ ما اشتمل عليه من أحاديث الأحكام..."

    والصواب: "ومَنْ عرف طولَ ذيلِ هذا الكتابِ الذي تصدَّينا لشرحه وكثرةَ ما اشتمل عليه من أحاديث الأحكام..."
    والخطأ الثاني ناتج عن فهم خاطئ للنص...
    ====
    (56)
    الصفحتان (1/135-136)
    _ المتن: "ومن هذا القَبيلِ ما سكت عنه أبو داودَ وذلك لما رواه ابنُ الصَّلاح (2) عن أبي داود أنه قال:..."
    _ الهامش 2، من الصفحة 135: "قلت: بل أوْرَدَها أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه (ص 27-28) تحقيق الدكتور محمد بن لطفي الصبّاغ."

    وقوله "بل أوردها" يوحي بأنّ الشوكاني أخطأ في العزو لابن الصلاح! ولو راجع المحقق "مقدمة ابن الصلاح"، لوجد أنّ الشوكاني ينقل عنه بأمانة. وفيه: "ومِن مظانِّه سنن أبي داود السجستاني رحمه الله. روِّينا عنه أنه قال: "ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه و يقاربه". وروِّينا عنه أيضاً ما معناه: أنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه في ذلك الباب. وقال: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعض أصح من بعض".
    وكان الأوْلى بالمحقق أن يعزو أوّلا إلى ابن الصلاح ويشير إلى مصدره. وذلك ما يقتضيه المنهج.

    =====

    (57)
    * الصفحة (1/129)
    _ المتن: "(...) السَّجِسْتاني – بفتح السين وكسر الجيم [والكَسْرُ أكثر] -" (1/129).

    وقد أجَّلت هذه الملاحظة عمداً لأختم بها، مخالفاً نهج الترتيب الذي رسمتُه لكلامي؛ وذلك لكونها من دقائق الفن.
    وقبل ذلك يشار إلى أنَّه كان من واجب المحقق توضيح مراد الشوكاني بقوله: "والكسر أوْلَى"، لأنّ وقوعها بعد قوله "وكسر الجيم" يوهم باضطراب العبارة. وواضح أنه قصد السين الأولى من "السجستاني" لا الجيم.
    والملاحَظ أنَّ المحقق بادر إلى شكل هذه السين، مع أنّ المؤلف ذكر أنَّ فيها ضبطين (بالفتح وبالكسر)، وقرَّر أنَّ الكسر هو الشائع المشهور!
    وهنا يشار إلى أنّ الألفاظ (خصوصاً النسب وأسماء الأماكن والأعلام) إذا ورَد اختلاف في ضبطها، تُشكَل وفق اختيار صاحب الكتاب، إذا صرَّح به والتزمه، ويُشار في الهامش إلى ما عدا ذلك، وللمحقق أن يشير إلى ما يراه صواباً في المسألة.
    فإذا لم يضبطها صاحب الكتاب، وكان المحقق ملتزماً الشكل منهجاً، ضبطها وفق ما يراه صواباً، وبرَّر اختياره في الهامش.
    أمَّا إذا كان لضبط الكلمة وجهان أو أكثر، وذكرهما صاحب الكتاب، فالأوْلى هنا ألاّ يضبط الحرف أو الحروف التي هي موضع الخلاف. ومن المحققين من يلجأ إلى الشكل المزدوج للحرف الواحد. وهذا غير محبَّذ على وجه التحقيق، بدليل التمانع الذي لا يسمح باجتماع حركتين في حرف رسماً. كذلك هذا الضبط قد يستقيم في الحروف التي ورد فيها ضبطان بحركتين مختلفتي الموضع (كالفتحة والكسرة، مثلا)، لكنه يستحيل في الحروف التي ضُبطت بحركتين متحدتي الموضع (كالضمة والسكون) وفي الحروف التي ورد في ضبطها أكثر من حركتين.
    وقد التزم النهج الأول (تفادي شكل المختلف في ضبطه) العلامة الطناحي في تحقيقه مع الزاوي للنهاية في غريب الحديث. فقد أورد البيت الشهير لعبد الله بن قيس الرقَيّات:
    رَحِمَ الله أَعْظُماً دَفَنُوها ----- بِسجِسْتَانَ طَلْحَة الطَّلَحَاتِ
    (ويروى "نَضَّرَ الله) فَلمْ يشكل السين الأولى من "سجستان"، للخلاف المذكور. ولم يشكل التاء المربوطة من "طلحة"، لأنَّ في إعرابها خلافا بين النحاة. وهنا تظهر عبقرية المحققين الأفذاذ، الذين يتجلَّى جهدهم وعناؤهم وعلمهم من خلال النص، لا من خلال مستهلكات الهوامش وفضول الحواشي.
    رحم الله طلحة الطلحات! ورحم الله العلامة الطناحي! ورحم الله عبد الله بن قيس الرقيّات! وليعذرني أن أحذو حذوه قائلاً:
    رَحِم الله أحْرُفاً طَمَسُوها ----- حول صنعاء غَضَّةَ الورقاتِ

    والله الهادي إلى سواء السبيل.

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    استدراك:
    جاء في آية الإسراء، ضمن حديث في الملاحظة رقم (26) سقط. والصواب: (الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَم يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) وأرجو من الإخوة المشرفين على المجلس تصويبها في موضعها، إن أمكنهم ذلك، خشية أن يقرأها أحدهم دون أن يطّلع على التصويب، فتعلق بذهنه منقوصة.
    وقد دعاني ذلك إلى مراجعة ما كتبت في المشاركة الأخيرة، لتصويب ما ورد فيها من تحريفات نتيجة العجلة، أو عدم ملاحظة السقط عند النسخ والإلصاق، أو ما كان ناشئا عن خطإ محض.
    والله ولي التوفيق.

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    [SIZE="5"]_ استدراكات:
    * الإحالة على رقم الملاحظة.

    _ لماذا ليس وقعُ صوت السلاح= لماذا ليس وقْعَ (3)
    _ لخلُص=لخلَص (3)
    _ الجواب تحتاج=... يحتاج (17)
    _ اصطدم على هذا العزو= اصطدم بهذا العزو (20)
    _ اخريجه للحديث=تخريجه للحديث (26)
    _ لابن دقيق العديد=لابن دقيق العيد (32)
    _ في تحديد هوية الشربيني=... القشيري.(34، في ثلاثة مواضع. فقد شغل بالي الشربيني حينها...)
    _ ينبغي بها= ينبغي أن يمر بها (34)
    _ تمخام الجملة=تمام الجملة (38)

    وقد أههملت ما تصويبه ممكن من سياق الكلام...
    والله ولي التوفيق.[/SIZE]

  17. #37

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    أخي الغاللي الواحدي: جزاكم الله خيراً

    عجب والله، تقريبا 34 صفحة يقع فيها مثل هذه الأمور، أنا لا أعلم لو أخذنا كامل الكتاب ( الله المستعان )

    ============================== =========

    أخي يظهر من عرضكم التمرس على التحقيق ومزالقه، أود أن اسألك عن هاذين المحققين:
    [LIST=1][*]علي حسن عبدالحميد الحلبي.[*]عامر علي ياسين.[/LIST]وخاصة الثاني لأني اقرأ لتحقيقاته فأجدها ممتازة ( طبعاً اقرأها بعين الفائدة ، لا بعين التحقيق والنقد )

    ارجو إطلاعنا على رأيكم حول هاذين المحقيقين [ للأهمية ]

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عصام البشير مشاهدة المشاركة
    أحسن الله إليكم.
    ولو أنك بدأتَ بذكر هذه الأخطاء قبل تعليقك الأول، وعنوانك المثير، لوجدت من الإخوة موافقة واضحة لمضمون كلامك.
    والله أعلم.
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل عصام البشير.
    وقد قرأت دقيق ملاحظاتك لحظة ظهورها، لكن حبسني عن الجواب ما أنت أدرى به. إذ كنت قطعت عليَّ وعداً تجاهك، صار دَيناً عليَّ؛ وهو في الديون أحبُّها إلى النفس وأخفّها. بل لو تنطّعنا قليلاً وزاحمنا الفقهاء على فنِّهم، وطبقنا الأحكام الخمسة على جنس الديون، لاعتبرنا الوعد بإبداء رأي أو تحرير مسألة أو معارضة قصيدة من "الديون المستحبة"؛ إذ لا باعث للقلم المتكاسل عن الكتابة من أن يلزم نفسه بها إزاء أخ يراه أهلها وأحق بها وبخير منها..
    ويعلم الله أن حالي مع الوعد الذي قطعته، كحال القائل:
    أُغالبُ الشوقَ والحشا ضرمُ ---
    لكن، كما لكتابة الشعر فتوحات وإشراقات، فإنّ لقراءته والتفيؤ بظلال معانيه أيضا نفحات. والبال ما زال غارقاً في متاهة التربيع والتدوير، يصبو إلى أدب الكاتب، مستضيئا بصبح الأعشى. فإلى أن يزول الغبش، ويذهب ران السجال، وتعود النفس إلى طبيعتها الأولى، ويغتسل القلب بفجر الشعر، أرجو أن تنثال المعاني على ضفاف الكلمات.
    أمّا ملاحظتك اللطيفة، فهي في محلِّها، وسأكون مكابراً لو أنكرت صواب ما تضمنته. لكنني لم أدرك ذلك إلا متأخراً. وكنت سلكت نهجاً حاولت أن يكون من قبيل "النمط الصعب". وهو نهج –كما اكتشفتُ- يحتاج إلى صبر وطول نفَس. ونسيت أننا في عصر السرعة، وزمن "النط البصري".. نسيت أننا في عصرٍ لا صبر للناس فيه على الكتابة، ولا صبر لهم على القراءة، ولا صبر لهم.. لا صبر! نسيت أننا في دنيا "هات من الآخر"، وفي عالَم يحسب الناس فيه مناقشة الأفكار كشفا للعورات وتعرية للمستور، ويعتقد فيه بعضهم أنّ الخوض في التقاصيل أوْلى وأجدى من الحسم في المنطلقات والمبادئ. ونسيت كذلك أننا في عصر استهلاكي محض، عصر "اطلب تجد"؛ وكأن ثمار الأفكار "بيزا هوت"، يكفي أن تشتهيها وتطلبها بالهاتف لتكون عندك بعد لحظات...
    نسيت، وأتمنى ألا أنسى مستقبلا، لأكون حقيقةً "ابن العصر"...
    وإنني لشاكر لك التفاتك إلى الموضوع وممتنٌّ لك بما أبديته من رأي. فما أنت بالذي مرَّ الديارَ ولم يَعُجْ، وأرجو بألا أكون كالذي سمع النداء ولم يلبِّ...
    أحسن الله إليك، وبارك لك في النفس والأهل والولد.

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    38

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    لا فض فوك , ولا شلت يمينك

    فليت من يدافع عن حلاق يدع النهويل والعبارات الجارحة

    فإن الأخ جزاه الله خيرا يتكلم بالحجج الواضحة

    ومعلوم أن تحقيقات حلاق تجارية , ولكن ....

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: المحقق حلاق: عمر الشوكاني تجاوز الـ 150 سنة!

    لم يكن انتقاد أكثر الأخوة لأجل النَّقد، وهذا تقدَّم التنبيه عليه فلا داعي لتكلُّف إيجاد الخطأ ممَّن انتقد الأخ الواحدي وفقه الله، كان الانتقاد لما حصل في أول مشاركة للأخ الواحدي.. وأمَّا انتقاده أوغيره لحلَّاق أوغيره من المحققِّين -أيًّا كان- فما في ذلك ضير، بل يشكر عليه ويمدح به.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •