4493 - ( ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف
أخرجه أبو بكر الشافعي في "مجلسان" (6/ 1) ، وابن جميع في "معجمه" (351) ، وأبو العباس الأصم في "الثاني من حديثه" (ق 143/ 2 ورقم 43 - منسوختي) ، ومن طريقه الخطيب في "التاريخ" (6/ 137) ، وتمام في "الفوائد" (2/ 19/ 1) ، وعنه ابن عساكر (3/ 209/ 2 و 8/ 517/ 1) ، والديلمي (4/ 11) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/ 590) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبد الرحمن بن زيد ؛ متروك كما تقدم مراراً ، وساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه .
وقد توبع عليه ، لكن في الطريق من لا يحتج به ، فقال ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" - باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء (1) : حدثنا محمد بن قدامة الجوهري : حدثنا معن بن عيسى القزاز : أخبرنا هشام بن سعد : حدثنا زيد بن أسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
"إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه ؛ رد عليه السلام وعرفه ، وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه ؛ رد عليه السلام" .
قلت : وهذا مع كونه موقوفاً على أبي هريرة ؛ فإنه منقطع وضعيف .
أما الانقطاع ؛ فلأن زيد بن أسلم لم يسمع منه ؛ كما قال ابن معين .
وأما الضعف ؛ فهو من الجوهري هذا ؛ قال ابن معين :
"ليس بشيء" . وقال أبو داود :
"ضعيف ، لم أكتب عنه شيئاً قط" .
قلت : ولهذا أورده الذهبي في "الضعفاء" ، وقال في "الميزان" : "وقد وهم الخطيب وغيره في خلط ترجمته بترجمة محمد بن قدامة بن أعين المصيصي الثقة" . وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" :
"وميزه ابن أبي حاتم وغيره ، وهو الصواب" .
ثم استدل على ذلك بدليل قوي فليراجعه من شاء ، وقال في "التقريب" :
"فيه لين ، ووهم من خلطه بالذي قبله" .
يعني المصيصي الثقة .
قلت : وللحديث شاهد من حديث ابن عباس صححه البعض ، فوجب تحرير القول فيه بعد أن يسر الله لي الوقوف على إسناده في مخطوطة المحمودية في المدينة النبوية ، فقال الحافظ ابن عبد البر في "شرح الموطأ" (1/ 147/ 1) : أخبرنا أبو عبد الله عبيد بن محمد - قراءة مني عليه سنة تسعين وثلاث مئة في ربيع الأول - قال : أملت علينا فاطمة بنت الريان المخزومي المستملي - في دارها بمصر في شوال سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة - قالت : أخبرنا الربيع بن سليمان المؤذن - صاحب الشافعي - : أخبرنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فذكره .
قلت : وهذا إسناد غريب ؛ الربيع بن سليمان فمن فوقه ؛ ثقات معروفون من رجال "التهذيب" ، وأما من دونه فلم أعرفهما ، لا شيخ ابن عبد البر ، ولا المملية فاطمة بنت الريان ، وظني أنها تفردت - بل شذت - بروايتها الحديث عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد الصحيح له عن ابن عباس ؛ فإن المحفوظ عنه إنما هو الإسناد الأول .
كذلك رواه الحافظ الثقة أبو العباس الأصم السابق الذكر ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان : حدثنا بشر بن بكر ، عن عبد الرحمن بن زيد بإسناده المتقدم عن أبي هريرة . وكذلك هو عند تمام من طريقين أخريين عن الربيع به .
ومن هذا التحقيق يتبين أن قول عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه" (80/ 1) :
"إسناده صحيح" .
غير صحيح ، وإن تبعه العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 419 - حلبي) ، وأقره المناوي ! وأما الحافظ ابن رجب الحنبلي ؛ فقد رده بقوله في "أهوال القبور" (ق 83/ 2) :
"يشير إلى أن رواته كلهم ثقات ، وهو كذلك ؛ إلا أنه غريب ، بل منكر" .
ثم ساق حديث أبي هريرة مرفوعاً في شهداء أحد : "أشهد أنكم أحياء عند الله ، فزوروهم وسلموا عليهم ، فوالذي نفسي بيده ! لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة" . وأعله بالاضطراب والإرسال ، وسأخرج ذلك فيما يأتي (5221) .
(تنبيه) : سقط من إسناد ابن جميع والذهبي اسم عطاء بن يسار ، فقال الذهبي عقبه :
"غريب ، ومع ضعفه ، ففيه انقطاع ؛ ما علمنا زيداً سمع أبا هريرة" .
__________
(1) كتاب " الروح " لابن القيم ( ص 5 )