2928 - " من استطاع منكم أن لا يموت إلا بالمدينة فليمت بها ، فإنه من يمت بها يشفع له
، أو يشهد له " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1033 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1032 - موارد ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 24 / 331 / 824 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 1 / 83 / 1 ) من طريق يونس عن
ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن الصميتة - امرأة من بني ليث
- سمعها تحدث صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ، و في إسناده اختلاف يسير لا يضر
إن شاء الله تعالى ، ذكره البيهقي و الحافظ في " الإصابة / ترجمة الصميتة " . و
من ذلك ما رواه الطبراني ( 24 / 294 / 747 ) و البيهقي من طريق عبد العزيز بن
محمد الدراوردي عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن عكرمة عن عبد الله بن عبد الله
ابن عمر بن الخطاب عن أبيه عن سبيعة الأسلمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره . إلا أنه قال : " إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة " . و
قال البيهقي : " هذا خطأ ، إنما هو عن صميتة " . و أقره المنذري في " الترغيب "
( 2 / 143 ) . و في رواية للطبراني ( 825 ) من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي
ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ( ! ) عن امرأة يتيمة كانت
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره نحو لفظ رواية أسامة . كذا وقع
فيه ( ابن عمر ) ، و في " تحفة الأشراف " للحافظ المزي ( 11 / 346 ) من هذه
الطريق : ( ابن عتبة ) ، و لعله أصح . ثم إنه لا منافاة بين هذه الرواية و
الرواية الأولى ، لأنه وقع عند النسائي في " الكبرى / الحج " من طريق القاسم بن
مبرور عن يونس بسنده المتقدم قال : " أن الصميتة - امرأة من بني ليث بن بكر
كانت في حجر النبي صلى الله عليه وسلم .. " . فقد بينت هذه الرواية أن اليتيمة
هي الصميتة نفسها . و الله أعلم . و قد حسن المنذري إسناد الطبراني عن اليتيمة
، و هي صحيحة بما قبلها . و يزيده قوة أن له شاهدا من حديث ابن عمرو مرفوعا
بلفظ : " من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل ، فإني أشفع لمن مات بها " . أخرجه
أحمد ( 2 / 74 ) و غيره ، و سنده صحيح على شرط الشيخين ، و قد صححه الترمذي و
ابن حبان . ( تنبيه ) : أورد البيهقي هنا في " الشعب " ( 2 / 1 / 82 / 2 )
بإسناده عن أبي يزيد الرقاشي عن محمد بن روح بن يزيد البصري : حدثني أيوب
الهلالي قال : " حج أعرابي ، فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أناخ راحلته فعقلها ، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر و وقف بحذاء وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ! جئتك مثقلا
بالذنوب و الخطايا ، أستشفع بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه : *( و لو أنهم
إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما )* .. ثم أقبل في عرض الناس و هو يقول :
يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع و الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف و فيه الجود و الكرم .
قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم ، لم أعرف أيوب الهلالي و لا من دونه . و أبو يزيد
الرقاشي ، أورده الذهبي في " المقتنى في سرد الكنى " ( 2 / 155 ) و لم يسمه ، و
أشار إلى أنه لا يعرف بقوله : " حكى شيئا " . و أرى أنه يشير إلى هذه الحكاية .
و هي منكرة ظاهرة النكارة ، و حسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية ! و قد
ذكرها - مع الأسف - الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : *( و لو أنهم إذ
ظلموا أنفسهم .. )* و تلقفها منه كثير من أهل الأهواء و المبتدعة ، مثل الشيخ
الصابوني ، فذكرها برمتها في " مختصره " ! ( 1 / 410 ) و فيها زيادة في آخرها :
" ثم انصرف الأعرابي ، فغلبتني عيني ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم
، فقال : يا عتبي ! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " . و هي في " ابن
كثير " غير معزوة لأحد من المعروفين من أهل الحديث ، بل علقها على " العتبي " ،
و هو غير معروف إلا في هذه الحكاية ، و يمكن أن يكون هو أيوب الهلالي في إسناد
البيهقي . و هي حكاية مستنكرة ، بل باطلة ، لمخالفتها الكتاب و السنة ، و لذلك
يلهج بها المبتدعة ، لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، و طلب
الشفاعة منه بعد وفاته ، و هذا من أبطل الباطل ، كما هو معلوم ، و قد تولى بيان
ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه و بخاصة في " التوسل و الوسيلة " ، و قد
تعرض لحكاية العتبي هذه بالإنكار ، فليراجعه من شاء المزيد من المعرفة و العلم
.