تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

  1. #1

    افتراضي تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    __________ مفهوم التعلق _________

    من أشهر التعاريف المتداولة للتعلق عند المتكلمين قولهم: التعلق طلب الصفة أمراً زائداً على قيامها بالذات ؛ كاقتضاء العلم لانكشاف كل معلوم، وكطلب القدرة للتأثير في كل ممكن // أنظر العقيدة النورية في اعتقاد الائمة الأشعرية ص 170

    __________ أقسام التعلق __________

    ينقسم التعلق إلى قسمين : الأول تنجيزي وهو التعلق بالفعل والثاني صلوحي وهو التعلق بالقوة .

    قال الدسوقي : واعلم أن حقيقة التعلق طلب الصفة أي اقتضاؤها واستلزامها امراً زائداً على قيامها بمحلها، وهذا حقيقة في التعلق بالفعل وهو التنجيزي، وأما إطلاق التعلق على صلاحية الصفة في الأزل لشيء .. فهو مجازٌ؛ إذْ هذا ليس تعلقا حقيقةً // حاشية الدسوقي على أم البراهين ص 131

    وقال السجلماسي : اعلم أن التعلق على قسمين: صلاحي ، وتنجيزي قال أبو عبد الله البكي»: إن التعلق على قسمين: صلاحي : إن لم يكن المنسوب لها موجودا في الخارج .وإلا فتنجيزي : إن كان المنسوب لها موجودا في الخارج وهذه التفرقة في غير العلم ، وإلا فتنجيزي لا يشترط فيه أن يكون المنسوب موجودا في الخارج ، وكذا في تنجيزي الإرادة القديم // التعلقات للسجلماسي تحقيق نزار حمادي ص 17



    __________ أقسام الصفات باعتبار التعلق __________



    قال الباجوري : واعلم أن صفات المعاني من حيث التعلق وعدمه، ومن حيث عموم التعلق للواجبات والجائرات والمستحيلات وخصوصه بالممكنات أو بالموجودات أقسام أربعة: الأول: ما يتعلق بالممكنات وهو القدرة والإرادة، لكن تعلق الأولى تعلق إيجاد وإعدام، وتعلق الثانية تعلق تخصيص. والثاني: ما يتعلق بالواجبات والجائرات والمستحيلات وهو العلم والكلام، لكن تعلق الأول تعلق انكشاف، وتعلق الثاني تعلق دلالة. والثالث: ما يتعلق بالموجودات وهو السمع والبصر والإدراك إن قيل به. والرابع: ما لا يتعلق بشيء وهو الحياة // تحفة المريد ص 142

    __________ امثلة على التعلقات __________

    قال المتكلم هاني الرضا فى الأصلين : [ إن السمع صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى وجد مسموع أو لم يوجد ، وتعلقها بالمسموع هو سماعه أي انكشافه لذات الله تعالى انكشاف سمع ]

    وقال المتكلم محمد اكرم أبو غوش فى الاصلين : [ العلم بزيد وعمرو والشَّجر تعلُّقات تلك الصِّفة ]

    وقياسا على ما سبق يمكن أن نذكر أمثلة عدة للتعلقات حتى تتضح صورتها على نحو جليّ :

    المثال الأول على تعلق صفة السمع : سماع الله -جل وعلا- للسيدة خولة بنت ثعلبة وهي تجادل الرسول عليه الصلاة والسلام

    المثال الثاني على تعلق صفة العلم : علم الله بأن نعيم الجنه ليس له آخر

    المثال الثالث على تعلق صفة الكلام : كلام الله مع سيدنا موسى بن عمران عليه السلام

    المثال الرابع على تعلق صفة الإرادة : القصد إلى خلق السماء

    المثال الخامس على تعلق صفة القدرة: خلق السماوات والأرض في ستة أيام

    واذا عرفت هذا فاعلم ان القول في بعض التعلقات الحادثة كالقول في البعض الآخر فإن كان المخاطب ممن يقر بأن إرادة الايجاد لا تبقى بعد الايجاد ضرورة ويقر بأن سماع المعدوم ورؤيته مستحيلة ويجعل ذلك كله لازم ﻭﻳﻨﺎﺯﻉ ﻓﻲ بعض التعلقات الحادثة الأخري مثل تعلقات صفة الحب والرضا والغضب والكلام ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ نفيته ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﻪ، ﺑﻞ اﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻛﺎﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ اﻵﺧﺮ فالقول فى حدوث القصد إلى الايجاد كالقول في زوال هذا القصد والقول فى الكلام الحادث كالقول فى السماع الحادث والقول فى زوال إرادة سلب قوة الإحراق من النار حينما امرها بأن تكون برداً وسلاماً على ابراهيم عليه السلام كالقول فى أمر النار بعدم الإحراق فكما أن إرادة سلب الإحراق لا تبقى بعد فناء النار ضرورة فكذلك أمر الله للنار لا يبقى بعد فناء النار وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى .

    _____ مصطلح حلول الحوادث عند الأشاعرة _____

    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ﻭﺇﺫا ﻗﺎﻟﻮا ﻻ تحله اﻟﺤﻮاﺩﺙ ﺃﻭﻫﻤﻮا اﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻣﺮاﺩﻫﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺤﻼ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮاﺕ ﻭاﻻﺳﺘﺤﺎﻻﺕ ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاﺙ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ فتحيلهم ﻭﺗﻔﺴﺪﻫﻢ، ﻭﻫﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ اﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻻ ﻟﻪ ﻛﻼﻡ ﻭﻻ ﻓﻌﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺸﻴﺌﺘﻪ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻮاء ﺃﻭ ﻧﺰﻭﻝ ﺃﻭ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﻣﺠﻲء، ﻭﺃﻥ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﺻﻼ، ﺑﻞ ﻋﻴﻦ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻫﻲ الفعل، ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻞ ﻭﻣﻔﻌﻮﻝ، ﻭﺧﻠﻖ ﻭﻣﺨﻠﻮﻕ، ﺑﻞ اﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻋﻴﻦ اﻟﺨﻠﻖ، ﻭاﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻋﻴﻦ اﻟﻔﻌﻞ، ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ // درء التعارض 2/12



    وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: وأما حلول الحوادث فيريدون به أن لا يتكلم بقدرته ومشيئته، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء، ولا يغضب بعد أن كان راضيا، ولا يرضى بعد أن كان غضبانا، ولا يقوم به فعل البتة، ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن، ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن، ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن مريدًا له فيقول له كن حقيقة، ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا، ولا يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم //الصواعق 3/935

  2. #2

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    ان مسألة تعلقات الصفات الالهية تعتبر من أصعب المسائل الاعتقادية على الاشاعرة إذ يواجه إثباتها إشكالات تتعارض مع العقيدة الاشعرية
    ويمكننا أن نجد فى كلام الأشاعرة أكثر من تصريح يثبت صعوبة هذه المسألة ومن هذه التصريحات ما يلى :

    قال القرطبي : [ إن الخوض في تعلقات الصفات واختصاصاتها من تدقيقات الكلام، وإن العجز عن إدراكه غير مضر في الاعتقاد ]

    وقال أحمد بن مبارك السجلماسي [ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ فِيهَا عَسِيرٌ، وَالبَصَرُ إِنْ رَجَعَ إِلَيْهَا كَرَّتَيْنِ انْقَلَبَ خَاسِاً وَهُوَ حَسِيرٌ، لَمْ يَبْسُطْهَا أَحَدٌ مِنَ المُتَقَدِّمِين َ ، وَلَمْ يَعْتَنِ بِتَحْقِيقِهَا مِنْ بَعْدِهِمْ مِنَ الْمُتَبَحْرِين َ ، كَفَخْرِالدِّين ِ ، وَ تَقِيُّ الدِّينِ» ، وَشَرَفِ الدِّينِ»، وَسَعْدِ الدِّينِ»، وَالإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ] تعلقات الصفات للسجلماسي ص 17 تحقيق : نزار حمادي


    وقال نزار حمادي فى الأصلين: [الكلام في التعلقات عسير ، صرح بذلك جل العلماء ، وباستقراء كتب الأصول تجد أن التطرق لهذه المسألة مقتضب جدا ] وقال نزار فى حاشية كتاب تعلقات الصفات للسجلماسي ص 17:[ تعلقات الصفات مسألة عسيرة ]

    وقال نزار فى الأصلين [ ننبه إلى صعوبة الكلام في التعلقات عموما مع ثبوتها بالبرهان القاطع، حتى إن بعض الأئمة كالشريف أبي يحيى زكريا الإدريسي تلميذ الإمام المقترح عد الكلام فيها في شرحه لكتاب شيخه "الأسرار العقلية في الكلمات النبوية" من مواقف العقول وأن عدم الخوض فيها لا يضر بالاعتقاد ]

    وقال المتكلم بلال النجار فى الأصلين [ واعلم أنّ هذه المسألة من أعوص المسائل، وأخطرها. وعلى من يخوض فيها أن يتوخى الحيطة والحذر. لأنّ هذه الأقوال الثلاثة التي ذكرناها، إنما هي اجتهادات للعلماء مبنية على غلبة ظنّ، وليست يقينية. أما القول الأوّل وهو ما أوردته أنت وسألت عنه، وعليه سؤالات قويّة. وأمّا القول الثاني فيشكل فيه تصوّر المعدوم مبصراً ومسموعاً. وأما القول الثالث ففيه أنه إعادة لكلّ من صفتي السمع والبصر إلى صفة أخرى هي العلم، وهو ترك لظاهر الشريعة، فلا بد من امتلاك دليل معتبر شرعاً لترك هذا الظاهر ]

    قال اسامة محمد خيري فى الأصلين: [جعل الصوفية تعلق السمع والبصر التنجيزى القديم بالمعدوم والاشاعرة جعلوا القديم بذات الله والتنجيزى الحادث بالموجود وعلي قولهم هذا اشكالات معضله فى حلول الحوادث فى الذات اشار اليها الرازى فى المطالب والزم بها الاشاعرة فراجعها والمسألة معقدة وباب التعلقات فى الصفات من اصعب الابواب فى علم التوحيد تحيرت فيها افئدة علماء التوحيد ]

    قال المتكلم أكرم أبو غوش فى الأصلين [ إنَّ هذا المبحث وإن كان صعباً إلا أنَّه يجب أن يحرر...
    فلئن لم يبحث فيه من تعلّم الكلام فمن ؟؟؟
    ولا تدري ربما يقول الحمقى في المستقبل إنَّ منقصة مذهب أهل السنة في اضطراب أصولهم في مسألة السمع والبصر...]

    ولقد حاول البعض منهم الخروج من هذه الإشكالات فمنهم من أرجع صفتى السمع والبصر الى العلم

    قال السمرقندي فى الصحائف [ واحتج من فسرهما بالعلم بهذا وبأنه تعالى لو كان سميعاً وبصيراً لكان محلاً للحوادث لأن سمعه وبصره حادث لكون المسموعات والمبصرات حادثة وسماع المعدوم ورؤيته محال ]

    قال المكلاتي [وقد تردد جواب أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه في ذلك، فتارة قال: إن كونه سميعاً بصيراً هما صفتان زائدتان على كونه عالماً، وإلى هذا المذهب ذهب القاضي. وأبو المعالي, وجماعة من الأشعرية، وتارة صرف كونه سميعاً بصيراً إلى كونه عالماً، وإلى هذا ذهب أبو حامد وجماعة من الأشعرية, وهذا المختار عندنا ]

    قال الأستاذ بلال النجار فى الأصلين [ وقد اختار بعض العلماء من أصحابنا أن السمع والبصر مرجعهما إلى صفة العلم، فسمّوا العلم بالمسموعات سمعاً والعلم بالمبصرات سمعاً، وهذا يحلّ قدراً كبيراً من الإشكال عندك، ولكن يبقى عليه أيضاً إشكالات أخرى لو تأملته جيداً ]

    وقال بلال فى موضع آخر [ قصدت بقولي: (وهذا يحلّ قدراً كبيراً من الإشكال عندك) أن القول بأن العلم صفة واحدة يدخل فيها بقية الإدراكات، بمعنى أنه ليس ثمّة إلا صفة العلم فإذا تعلّق بالمسموع سمّي نفس العلم سمعاً، وإذا تعلّق بالمبصر سمّي نفس العلم بصراً، يحلّ هذا إشكال أن يكون السمع والبصر صفتا كمال وانكشاف وفي نفس الوقت لا يتعلّقان إلا بالموجود أي لا يتعلّقان بالمعدوم.

    والحلّ أنهما في هذه الحالة هما نفس العلم والانكشاف العلميّ قديم، ولكن المتعلَّق ههنا حادث، فيكون التعلق العلميّ ثاتباً بين العالم والمعلوم حال كونه معدوماً ويسمى علماً، وحال كونه موجوداً ويسمى علماً وسمعاً وبصراً. أي يكون تعلّق العلم تنجيزياً قديماً، والسمع والبصر ليسا غير العلم فلا يطلبان تعلّقاً آخر غير تعلّق العلم. فيكون تعلّق السمع بالموجود هو عين تعلّق العلم بالموجود من حيث كونه مسموعاً، وتعلّق البصر بالموجود هو عين تعلّق العلم بالموجود من حيث كونه مبصراً.
    وعنيت بالإشكالات الأخرى مخالفة ظاهر الشريعة واللغة، والثابت في الشاهد من المغايرة بين مسمى العلم ومسمى السمع ومسمى البصر .. ]
    قال التفتازاني فى شرح المقاصد [ المشهور من مذهب الأشاعرة أن كلا من السمع والبصر صفة مغايرة للعلم إلا أن ذلك ليس بلازم على قاعدة الشيخ أبي الحسن في الإحساس من أنه علم بالمحسوس على ما سبق ذكره لجواز أن يكون مرجعهما إلى صفة العلم ويكون السمع علما بالمسموعات والبصر علما بالمبصرات ]

    قال سعيد فودة فى شرح عقيدة ابن الحاجب [واعلم أن المشهور أن جمهور الأشاعرة على القول بأن سمعه تعالى وبصره هما صفتان غير العلم، وأن ما ينكشف بهما غير ما ينكشف بالعلم،.. وأما على ما حققه بعض الأفاضل من قول الإمام الأشعري فإن للعلم تعلقين: أحدهما تنجيزي قديم والآخر تنجيزي حادث عند حدوث المسموعات والمبصرات، وهذا التعلق الحادث هو المعبر عنه بالسمع والبصر، فيرجعان عنده إلى العلم وهو اللائق بمذهبه حيث إنه يقول: إن الحس راجع إلى العلم بالمحسوس. وأما السادة الماتريدية الأحناف فقالوا: إن السمع والبصر راجعتان إلى العلم ]

    وقال سعيد في حاشيته على شرح صغرى الصغرى -صفحة 80، -: "واعلم بعد ذلك انَّ بعض أهل السُّنَّة قالوا إنَّ علم الله بالمسموعات يسمَّى سمعاً، وعلم الله بالمبصرات يسمَّى بصراً، فأرجعوا السَّمع والبصر إلى العلم ولم يعتقدوهما صفتين زائدتين على العلم، وهو قول له وجاهته كما لا يخفى، وقد ورد عن الإمام الأشعريِّ أحد قولين بإرجاع السَّمع والبصر إلى العلم كما قلنا، وهو ما اختاره بعض الماتريديَّة، ولا يستلزم نقصاً ولا نفي كمال عن الله تعالى، وبه يُحَلُّ قطعاً كثير من الإشكالات الواردة في هذا المقام، فافهم".

    وقال سعيد فودة فى الأصلين [ ونقول تخريجا على قول من قال إن السمع عبارة عن تعلق من تعلقات العلم فتعلق العلم بما من شأنه عادة -أي في عرف الإنسان- أن يسمع يقال لنفس هذا التعلق العلمي القديم إنه سمع، وكذلك يقال للبصر. وهذا القول نراه أقوى ، فتكون التعلقات العلمية التي هي السمع والبصر كلها على هذا القول قديمة ]

    قال نزار حمادي فى الأصلين [ أدرك جيدا أن المشهور عند الأشاعرة زيادة السمع والبصر على العلم، لكن عند التحقيق ومراجعة أقوالهم نرى أحد أمرين: إما إرجاعهما إلى نوع من العلم، فيكون الاثبات لفظيا لاغير، وبالتالي يلتزمون تأويلهما بالعلم، أو يثبتونهما كإدراكين زائدين على العلم إلا أنهما لا يتعلقان إلا بالموجود الخارجي، وقد بينت ما في هذه الطريق من لوازم فاسدة ]

    قال البيضاوي كما فى المختصر الكلامي [الإقرار بهما هو كونه عالما بالمسموعات والمبصرات] وقال فى طوالع الأنوار [ ولأنه تعالى عالم بالمسموعات و المبصرات حال حدوثهما وهو المعني بكونه سميعاً بصيراً ]

    قال السمرقندي [ أن الله تعالى عالم بجميع المعلومات على ما هي عليه من الكلية والجزئية مسموعات كانت أو مبصرات، وإذا كان عالما بالمسموعات والمبصرات بأعيانها كان سميعا بصيرا، إذ ليس السمع والبصر إلا ذلك كما بينا في فصل الإدراكات."اهـ
    قال سعيد فودة معلقا على كلام السمرقندى [ فها هو يصرح إذا برجوعهما إلى العلم ]

    قال محمد أنور شاه فى فيض الباري [ ذهب الغزالي إلى أنهما عبارتان عن حصتين من العلم، فالعلم بالمسموعات هو المعبر عنه بالسمع، وكذلك البصر. فكأنه أرجعهما إلى العلم ]

    قال سعيد فودة فى رده على نزار حمادي فى الأصلين [اعتراضك على من أرجع السمع والبصر إلى العلم وتسميته إلحادا، غير صحيح، فقد قال به العديد من الماتريدية، وهو أحد قولي الإمام الأشعري نفسه. ثامنا: ما لأجله فررت من إثبات التعلق التنجيزي الحادث هو الأمر الذي لأجله أرجع العلماء هاتين الصفتين إلى العلم ]

    وﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭا ﻣﻦ إثبات التعلقات الحادثة لصفتي السمع والبصر لم يتخلصوا مما ظنوه محذورا إذ هو لازم لهم فيما فروا إليه لأن التجدد فى صفة العلم واقع لا محالة فإن العلم من حقيقته أن يتبع المعلوم فإذا تجدد المعلوم ولم يتجدد العلم فقد بطل كونه علما بل كان جهلا لأن من شرط العلم مطابقته للمعلوم
    ولهذا اعترف إمام الأشاعرة فخر الدين الرازي بهذا في آخر مصنفاته، حيث قال [ يمتنع أن يكون العلم بأن الشيء سيوجد، نفس العلم بوجوده، إذا وجد. ]
    وقال [ والدليل القاهر الذي ذكرناه يدل على أنه يجب أن يتغير عند تغير المعلومات.]
    وقال [ قد ذكرنا: أن المذهب الصحيح في هذا الباب. هو قول أبي الحسين البصري: وهو أنه يتغير العلم عند تغير المعلوم ]
    ﻭﺳﻴﺄﺗﻲ اﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ تعلقات صفة العلم

  3. #3

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    ومنهم من أجاز تعلق السمع والبصر بالمعدوم حتى لا يقال عند وجود المبصر والمسموع إنه تعالى حلت به الإدراكات الحادثة

    وبيان ذلك أن من علم شيئا لم يكن يعلمه ، فلابد أن يكون علمه بهذا الشيء حادثا.
    ومن أراد شيئاً لم يكن يريده ، فلابد أن تكون إرادته لهذا الشيء حادثة.
    ومن قال شيئاً لم يقوله فلابد أن يكون قوله لهذا القول حادثا

    وإذا ثبت ذلك في تعلقات العلم والارادة والكلام فكذلك فى تعلقات السمع والبصر ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﺇﻣﺎ ﻧﻔﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺇﻣﺎ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﺟﺎءﺕ ﺑﻪ اﻟﻨﺼﻮﺹ

    قال ابن زكري التلمساني فى شرح الصغرى : [ وما قاله المؤلف وغيره من المتكلمين من قصرهما (أي السمع والبصر) على الموجودات غير صواب، فإن الذي صرح به غير واحد من الصوفية تعلقهما بالمعدوم وهو المتعين، لأنه يلزم على تخصيصهما بالموجود حال وجوده فقد الانكشاف بهما في الأزل ]

    قال ابن أبي العيش التلمساني فى كتابه تنبيه الوسنان ص١٧٧ [ وقد أطبق أهل الحق على استحالة قيام الحوادث بذات الباري تعالى، والمعول عليه بحول الله تعالى وإعانته أنه تعالى سميع بصير، وذلك متحقق عقلا وشرعا حسبما تقدم وثبت بالبرهان القاطع ذلك أزلا وأبدا؛ لاستحالة التغير عليه سبحانه عند حدوث المبصرات والمرئيات واستحالة تجدد أمر في ذاته لم يكن ]

    وقال بلال النجار في الأصلين[ وقد استشكل بعض العلماء اعتبار أن يكون تعلّق السمع والبصر وهو تعلّق انكشاف على ما يشرحه الأشاعرة، استشكلوا أن يكون تعلق السمع والبصر تنجيزياً حادثاً، لأنّه إما أن يكون ما انكشف له تعالى بالسمع والبصر منكشفاً قبلُ بالعلم أو لا. فإن كان الأول فلم يحدث انكشاف البتة، واعتبار حدوثه تحصيل للحاصل، والثاني محال. فاقترح بعضهم حلاً وهو اعتبار تعلّق السمع والبصر تنجيزياً قديماً فحسب كتعلق العلم.
    وحقق آخرون أنّ السمع هو عين العلم بالمسموعات، والبصر هو عين العلم بالمبصرات، وعليه فيكون تعلقهما هو عين تعلّق العلم، أي تنجيزياً قديماً.]

    قال نزار حمادي فى منتدى الأصلين [ وأزيدك من كلام الآمدي ما تعتصم به في فهم النظرية، فقد قال في الإبكار رادّا على من يحاول نفي كون السمع والبصر إدراكان قديمان زائدان على العلم بشبهة نصها: " لا يخلو (أي الإدراك المسمى بالسمع والإدراك المسمى بالبصر) إما أن يكون قديما أو حادثا، لا جائز أن يقال بكونه حادثا؛ وإلا كان الرب تعالى محلا للحوادث، وهو محال، ولا جائز أن يكون قديما؛ وإلا للزم أن يكون له مسموعات ومبصرات في القدم؛ إذ السمع والبصر من غير مسموع ولا مبصر محال، وذلك يجرّ إلى القول بقدم العالم، أو يكون المعدوم مدركا، وهو محال. ثم أجاب رحمه الله تعالى بقوله: قولهم: لا يخلو إما أن يكون قديما أو حادثا، قلنا: بل قديم! قولهم: ذلك يفضي إلى قدم المسموعات والمبصرات، قلنا: ليس كذلك؛ فإن تعلق الإدراك بالمدركات على نحو تعلق العلم بالمعلومات، ولم يلزم من قدم العلم قدم المعلوم ، فكذلك في الإدراك ]

    وقال السجلماسي فى كتابه تعلقات الصفات [ وَأَمَّا السَّمْعُ وَالبَصَرُ ، فَاعْلَمْ أَنَّ الأَئِمَّةَ اخْتَلَفُوا فِي تَعَلَّقِهِمَا عَلَى
    ثلاثة أَقْوَالٍ: الأَوَّلُ: أَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقَانِ إِلَّا بِالمَوْجُودِ، وَهُوَ رَأْيُّ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، وَالقَاضِي ، وَإِمَامِ الحَرَمَيْنِ، وَالإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ ، وَشَرَفِ الدِّينِ وَعَامَّةِ المُتَكَلِّمِين َ.
    الثَّانِي: أَنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ أَيْضاً بِالمَعْدُومِ، وَهُوَ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ
    جَمَاهِيرُ الصُّوفِيَّةِ ، وَهُوَ المَأْخُوذُ مِنْ حَاصِلِ الجَوَابِ عَنْ شُبْهَةِ الفخر فى حدوث تعلق السمع والبصر.. ] باختصار

    وقال السجلماسي [ انْتَصَرَ لِهَذَا المَذْهَبِ الوَلِيُّ العَارِفُ بِاللَّهِ «أَبُو زَيْدِ» سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ الفَاسِيُّ فِي حَوَاشِيـهِ عَلَى الصُّغْرَى» ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الإِخْبَارُ بِرُؤْيَةِ أُمُورٍ قَبْلَ وُقُوعِهَا وَوُجُودِهَا ، كَمَا قَالَ: «مَا لِي أَرَى الفِتَنَ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْر» وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لأَنَّهُ رَأَى هَذِهِ الأَشْيَاءَ مَوْجُودَةٌ بِمِثَالِهَا عَلَى هَذَا ]

    قال نزار حمادي فى منتدى الأصلين [ وأما إيقاف تعلق السمع والبصر بمتعلقاتهما إلى حين حدوث المتعلق حدوثا خارجيا فيلزم منه حلول الإدراكات الحادثة، أو تأويل السمع والبصر بالعلم، والفرض أنا نأبى ذلك التأويل ]

    وقال نزار [ من اثبت التعلق الحادث بالموجود الخارجي فقط، فقوله يفضي إلى نفي الاتصاف بالسمع والبصر بالفعل أزلا بالنسبة إلى العالم الحادث ]

    وقال نزار [ ما فررت لأجله من إثبات التعلق التنجيزي الحادث للسمع والبصر ـ بعد إثبات زيادتهما وقيامهما بذات الباري أزلا ـ هو حلول الحواث وسبق الخفاء والنقص بصفة عامة، لا ينتهض بأي حال سببا لإرجاعهما إلى العلم بعد ما بينته لأن في إرجاعمها إلى العلم عجز عن تقرير زيادتهما عقلا، وفي ذلك تقصير يجر إلى تأويل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي لا تحصى كثرة في إثباتهما ]

    قال اسامة محمد خيري فى منتدى الأصلين [ الرازى فى المطالب الزم الاشاعرة فى قولهم تعلق السمع والبصر بالموجود فقط لا بالمعدوم بحلول الحوادث فى الذات
    والمسألة شائكة جدا ومن اعقد المسائل لان الاشاعرة جعلوا تعلق السمع والبصر بالموجود فقط اما التنجيزى القديم فبذات الله عز وجل والذى اذهب اليه وارجحه ان السمع والبصر يتعلق بالمعدوم ايضا وهو مذهب الصوفية ]

    وقال المتكلم محمد أكرم أبو غوش فى الأصلين [ فنحن ابتداء ننفي حلول الحوادث بذات الله سبحانه وتعالى.فسمع الله سبحانه وتعالى للمسموعات قديم كعلمه سبحانه وتعالى بالأشياء ]

    وقال محمد اكرم أبو غوش فى الأصلين [ فالجواب عن سؤالك بالنفي فلا يسمع سبحانه وتعالى قولك عند حدوثه...لأنَّه لو سمعه عند حدوثه لكان متأثراً بكلامك...ولو كان سمعه سبحانه وتعالى لكلامك كمالاً لكان هذا الكمال حادثاً فيكون قبل هذا الكمال ناقصاً..وهذا باطل فالمقدَّم كذلك. ]

    وقال سامح يوسف فى الأصلين [ أما كلامك عن الفرق بين العلم والسمع بأن الأول لا يتوقف علي وجود المعلوم والثاني يتوقف علي وجود الصوت فهذا في حقنا نحن أما الله عز وجل فعلمه أزلي وكذلك سمعه أزلي ]

    والرد على أصحاب هذا الرأي من وجوه
    ﺃﺣﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻗﻮﻟﻜﻢ السمع والبصر يتعلقان بالمعدومات تعلقا تنجيزيا قديما مخالف لرأي الجمهور .وقد اعترف بذلك كبار نظار المتكلمين ومنهم: فخر الدين الرازي حيث قال فى الاربعين [توافقنا علي إن المعدوم لا يكون مَرْئِيًّا ولا مسموعًا، فالعالم قبل أن كان موجودًا لم يكن مَرْئِيًّا، ولا كانت الأصوات مسموعة، وإذا خلق الألوان والأصوات صارت مرئية ومسموعة، فهذا اعتراف بحدوث هذه التعلقات]

    وكذلك قال أبو القاسم النيسابوري فى الإرشاد [اتفق الأصحاب على أن المعدوم يستحيل أن يرى، ولم يصار إلى تجويز رؤية المعدوم أحد إلا السالمية، وهؤلاء قوم من الجهلة لا يكترث بهم]

    وقال الآمدي فى الأبكار [اتفق جميع العقلاء ما عدا السالمية على امتناع رؤية المعدوم]
    وقال النسفي المعدوم ليس بمرئي كما أنه ليس بشيء وهاتان مسألتان أما الأولى: فقد جرت المناظرة فيها بين الإمام الزاهد نور الدين الصابوني والشيخ رشيد الدين فقال الإمام: الطريق فيه النقل والعقل أما النقل فقد أفتى أئمة سمرقند وبخارى على أنه-أي المعدوم-غير مرئي وقد ذكر الإمام الزاهد الصفار في آخر كتاب التلخيص على أن المعدوم مستحيل الرؤية وكذا المفسرون ذكروا في التفاسير أن المعدوم لا يصلح أن يكون مرئياً لله تعالى وكذا قول السلف من الأشعرية والماتريدية أن الوجود علة جواز الرؤية ناطق بهذا .. وأما العقل فلأن الشعر الأسود بياضه معدوم في الحال، فإن كان ذلك البياض مرئي الله تعالى في الحال فلا تخلو إما أن رآه في هذا الشعر أو في شعر آخر أو في محل، فإن رآه في هذا الشعر فقد رآه أسود وأبيض في حالة واحدة، وهو محال، وإن رآه في محل آخر فيكون المتصف بالبياض ذلك المحل لا هذا.وإن رآه لا في محل فهو محال، والمحال ليس بمرئي إجماعا، وكذا في الشخص الحي إن رأى موته فيه فقد رآه ميتا وحيا في زمان واحد، وإن رآه في شخص آخر فيكون الموت صفة ذلك الشخص، وإن رآه لا في محل فكما مر. ]


    الثانى قولكم السمع والبصر كالعلم في تعلقهما قياس مع الفارق إذ أن العلم يتعلق بالمستحيل والمعدوم بعكس السمع والبصر ﻭﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﺷﺎﺭ نور الدين الصابونى الماتريدى ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ مناظرته مع رشيد الدين :[ قياس الرؤية على العلم غير مستقيم؛ لأن العلم يتعلق بالمعدوم والموجود، أما الرؤية فلا تتعلق إلا بالموجود ]


    الثالث وهو انه إما أن يقال أن انه تعالى سمع هذه الحروف في الأزل دفعة أو على التعاقب فإن كان الأول لم يسمع الله نفس كلامنا وإن كان الثاني لزم حدوث تعلق صفة السمع

    الرابع أن يقال لهم إن جاز أن يكون للمخلوق كلام بحرف مسموع فى الأزل فلماذا لا يجوز أن يكون للخالق كلام بحرف مسموع في الأزل ؟


    وهولاء أيضا لم يتخلصوا مما ظنوه محذورا بل هو لازم لهم فيما فروا إليه ﻟﺴﺒﺒﻴﻦ:
    ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: لأن كلامنا بحرف وصوت , والحروف والأصوات متعاقبة يسبق بعضها بعضا والمسبوق بغيره لا يكون سماعه قديما.

    ﻭاﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ: أن الوجود العيني يختلف عن الوجود العلمي فيلزم حدوث تعلقات السمع والبصر عند حدوث الوجود العينى
    وقد اعترف سعيد فودة بذلك قال فى الاصلين[ إذا قلت إن كل الأشياء ثابتة بالوجود الأول في علم الله تعالى، ثم اوجبت تعلق السمع والبصر بوجودها في هذا المستوى.
    ثم فرضنا حدوث وجود بعض الممكنات التي علمها الله تعالى أزلا في الأعيان، فقد حصل لها وجود آخر هو الوجود في الأعيان، فأنت يجب أن تقول بوجوب تعلق السمع والبصر بوجودها الحادث في الأعيان ، ويجب أن تقول إن هذا التعلق التنجيزي الحادث تعلق على سبيل الإدراك والكشف، وهو ليس نفس التعلق التنجيزي القديم بها في ظرف الوجود العلمي، لاختلاف الوجودين.
    إذن يجب ان تقول بتعلق إدراكي حادث زائد على التعلق الإدراكي القديم، لاختلاف المتعلقين، كما أوضحنا.
    وذلك بخلاف العلم: لأنا ننفي التعلق العلمي التنجيزي الحادث الحقيقي، أي الذي يستلزم الانكشاف، لأنا نقول كل حادث في الأعيان فقد تعلق به علم الله تعالى أزلا. ولا تعلق حادثا لعلم الله تعالى. فكل ما هو حادث الآن فقد انكشف أزلا لله تعالى.فأنت نفيت التعلق التنجيزي الحادث للسمع والبصر، ولكن مقتضى ما تقرره من قواعد، يلزمك بالقول به ]

  4. #4

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    ومنهم من قال السمع والبصر صفتان مستعدتان لإدراك المسموعات والمبصرات عند وجودها والتجدد على رأيهم يقع في المسموع والمبصر لا في السمع والبصر


    قال نزار حمادي فى الأصلين [ وأما على القول الآخر، فالسمع والبصر صفتان أزليتان مستعدتان لإدراك المسموع والمبصر الحادث عند وجودهما، والتجدد على رأيهم إنما هو في المسموع والمبصر عند وجودهما لا في صفتي السمع والبصر القائمتين أزلا بذات الله تعالى، وتعلقهما بالحوادث إنما هو تنجيزي حادث لا غير، وذلك حذرا من التزام قدم المسموعات والمبصرات.وقد أورد التفتازاني في شرح المقاصد شبهة علقت بأذهان أصحاب هذا القول أدت إلى التزامهم بها، وهي أن الحق سبحانه وتعالى لو كان سميعا بصيرا، فإما أن يكون السمع والبصر قديمين فيلزم قدم المسموع والمبصر، أو حادثين فيلزم كونه تعالى محلا للحوادث.]


    وقال نزار فى الأصلين [ قال الفخر الرازي ذاكرا حجة المنكرين لزيادة صفتي السمع والبصر على العلم: لو كان الله تعالى سميعا بصيرا، لكان سمعه وبصره إما أن يكون قديما أو محدثا، والقسمان باطلان، فبطل كونه سميعا بصيرا، وإنما قلنا إنه لا يجوز أن يكون قديما؛ لأن العالم كان معدوما في الأزل، ورؤية المعدوم وسمع المعدوم محال، وإنما قلنا إنه لا يجوز أن يكون سمعه وبصره محدثا؛ لأنه لو كان كذلك لصار محلا للحوادث، وهو محال. (الأربعين، ص 166)ثم أجاب الفخر قائلا: إن السمع والبصر صفتان مستعدتان لإدراك المسموعات والمبصرات عند وجودها، فالتغير يقع في المسموع والمبصر، لا في السمع والبصر. (الأربعين في أصول الدين، ص166)وقد بينت في رسالة "القول المحرر" أن هذا قياس لصفتي السمع والبصر على القدرة، وهو قياس مع الفارق كما وضحت ذلك، فلا يفيد. ولكي تصدق ذلك انظر هذا الإمام العظيم فخر الأمة والدين كيف وجه على كلامه إلزاما يسقطه، وذلك لكونه نظارا منصفا يبتغي الحق رحمه الله، ولا يتردد في تقرير الاعتراض ولو على كلامه، فقد قال رحمه الله: ولقائل أن يقول: أليس كون السمع والبصر مدركين للمسموع والمبصر موقوفٌ على حضور المبصر والمسموع؟ وهذا الإدراك الذي هو موقوفٌ على حضور المسموع والمبصر مغايرٌ لتلك الصفة التي هي غير موقوفة على حضور المسموع والمبصر! فيلزمكم أن يكون كون الله تعالى مدركا للمسموعات والمبصرات صفة متجددة!! . أي فيكون محلا للحوادث. ]

    قال محمد اكرم أبو غوش فى الأصلين [ النسبة المتحققة عند حدوث المسموع اعتبارية لا يكون بها شيء موجود فهو كالعلم القديم وتحقق المعلوم الحادث...]

    قال نزار فى رده على محمد اكرم [ أخي محمد..إذا حاولت فقط دفع التناقض ظاهرا عن أقوالك دون دفعها عن حقيقة ما تقوله لن يفيد شيئا...فمداخلتك الأخيرة تحتوي علي تناقضات أخرى أبينها لك تباعا..لكن لا تنسى أننا هنا نتعلم..فلا يضر الرجوع إلى الحق...
    بل هو مقصدنا...
    قلت: "فالنسبة المتحققة عند حدوث المسموع اعتبارية لا يكون بها شيء موجود.."
    أقول: النسبة التي تتكلم عنها يا أخ محمد هي تعلق السمع لا شك... وقد تقرر أنه كشف للمسموع على نحو يخالف كشف العلم... فهل ذلك الكشف عندك أمر عدمي لا وجود له؟؟!! وإذا كان كذلك فما فائدته؟؟
    وخطأك الآخر أنك تقيس ما تمسيه بالنسبة الاعتبارية العدمية للسمع على تعلق العلم!!؟؟ وهذا في حد ذاته صحيح... لكن هلا قلت بتعلق السمع بالممكنات العدمية على نحو تعلق العلم بها أزلا؟؟ ولما لم تكن - فيما يظهر - قائلا بذلك، فكيف تجعل تعلق العلم الأزلي التنجيز في رتبة تعلق السمع الحادث وأنت قائل بأن الكشف السمعي حادث؟؟!! إذا على ذلك تكون بعض تعلقات العلم - سميها نسب اعتبارية أو ما تشاء - حادثة!!؟ وليس هذا بحق...
    يا أخ محمد... كل ما ستورده من أدلة على حدوث التعلق الكشفي للسمع متعقب... وإذا قلت بقدم التعلق الكشفي للسمع على نحو تعلق العلم، وأن الحادث المتجدد في ذاته هو الوجود الخارجي للممكن الذي كان معدوما في الخارج، وذلك لا يزيد الكشف السمعي الأزلي شيئا قياسا على تعلق العلم القديم، إذا قلت بذلك فارقت ما تدعيه من حدث الكشف السمعي، ولا يفيدك تسميته بالنسبة الاعتبارية لكونه خروج عن البحث المعنوي إلى اللعب بالمصطلحات بلا فائدة...أذكرك أن المبحث صعب...فالزم الوقف أسلم لعقلك...!!
    فهو التحقيق إن شاء الله... ]


    قال نزار فى الأصلين [ومن أخطائك أيضا في هذه الفقرة الصغيرة أنك جعلت الكشف السمعي - الذي هو عندك في مداخلتك نسبة اعتبارية عدمية - متوقفا على حدوث المسموع، فقد التزمت من حيث لا تشعر حدوث الكشف السمعي، وهنا يسألك الفخر الرازي: أليس ذلك الكشف السمعي للمسموع موقوف على حدوث المسموع كما قلت! وهذا الكشف السمعي مغاير لصفة السمع الغير موقوفة على حدوث المسموع، فيلزمك أن يكون الكشف السمعي صفة متجددة على الله تعالى عن ذلك، ولا نعني بحلول الحوادث إلا ذلك...فإن تحذقت وقلت إن تلك النسبة اعتبارية عدمية فلا يلزمني حلول الحوادث الوجودية، لزمك أحد أمرين بعد أن نسلم لك كون التعلق الكشفي عدمي: إما أن تثبت أزلية الكشف السمعي ثم يصح لك إثبات التعلق الاعتباري، وإما أن تثبت تعلقا اعتباريا للسمع مثله مثل عدمه لكونه عدميا، والصفة العدمية لا توجب الاتصاف بشيء، أي لا توجب الحكم بكون السمع كاشفا للمسموع ]

    وقال السعد فى شرح المقاصد [ فإن قيل لو كان السمع والبصر قديمين لزم كون المسموع والمبصر كذلك لامتناع السمع بدون المسموع والإبصار بدون المبصر قلنا ممنوع لجواز أن يكون كل منهما صفة قديمة له تعلقات حادثة كالعلم والقدرة ويمكن أن يجعل هذا شبهة من قبل المخالف بأنه لو كان سميعا بصيرا فإما أن يكون السمع والبصر قديمين فيلزم قدم المسموع والمبصر أو حادثين فيلزم كونه محلا للحوادث ]


    وقال نزار [ لا يحدث له تعالى السمع بحدوث المسموعات، بل كانت مسموعة له في الأزل، ولا تحدث له تعالى الرؤية عند حدوث المبصر، بل كل ما يصير موجودا فيما لا يزال فهو ثابت في علمه تعالى أزلا فهو مسموع ومرئي له بالفعل أزلا ولم يزل، كما أنه معلوم بالفعل أزلا ولم يزل. وبهذا يسقط ما قاله السعد من جواز أن يكون كل من السمع والبصر صفة قديمة لها تعلقات حادثة كالعلم والقدرة. (شرح المقاصد مج4/ص140) فهو كلام لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه يفضي إلى نفي الاتصاف بها بالفعل أزلا، والقياس على القدرة فاسد لأن القدرة عبارة عن كون الشيء بحيث يصح صدور الفعل عنه وعدم صدوره بالقصد، فهي صفة تؤثر على وفق الإرادة، فإذا لم تتعلق بالمقدور أزلا كان ذلك راجعا إلى الإرادة لا إلى القدرة، وعدم تعلق الإرادة بإيجاد العالم أزلا كمال عندنا معشر القائلين بحدوث العالم؛ لما في الإيجاب من النقص، فلا يلزم من عدم تعلق القدرة بالفعل أزلا ـ لعدم تعلق الإرادة ـ نقص، لا في الاتصاف بالقدرة ولا في الاتصاف بالإرادة، وذلك بخلاف عدم تعلق العلم والسمع والبصر بالمعلوم والمسموع والمبصر أزلا، فإن انتفاءه أزلا يفضي إلى نفي العلم والسمع والبصر أزلا، أو خروج بعض المعلومات والمسموعات والمبصرات عنها، ولا شك أنه ليس بكمال، بل عين النقص، فظهر أن قياس هذه الصفات على القدرة قياس مع الفارق، فلا يفيد. ]

    وقال نزار فى الأصلين[ وقال الإيجي في مواقفه: تنبيه: تقدم أن طائفة يزعمون أن الإدراك نفس العلم، فهؤلاء زعموا أن السمع والبصر نفس العلم بالمسموع والمبصر عند حدوثهما، فيكونان حادثين. ثم ذكر حجتهم قائلا: إثباتُ السمع والبصر في الأزل ولا مسموع ولا مبصر فيه خروجٌ عن المعقول.(المواقف ، ص293) وأجاب هو والسيد بأن انتفاء التعلق في الأزل لا يستلزم انتفاء الصفة فيه، كما في سمعنا وبصرنا، فإن خلوهما عن الإدراك بالفعل في وقت لا يوجب انتفائهما أصلا في ذلك الوقت. (كتاب المواقف بشرح السيد، 3/128 ) وضعف الجواب والقياس ظاهر، لا يحتاج اللبيب للتنبيه عليه، وإن ذهل فليراجع إيراد الرازي ]


    قال بلال النجار في الأصلين [ وعلى القول بأن الصفتين غير راجعتين للعلم أسئلة: وذكر منها إننا لا نفهم من قولكم بحدوث التعلق إلا حدوث نفس الانكشاف، لأن التعلق تعلق انكشاف، فيلزمكم حدوث انكشاف. فإما أن يكون حاصلاً أزلاً فلا يحصل الحاصل، وإما أن لا يكون حاصلاً فيلزمكم نوع بداء. ولهم أن يجيبوا بأن ذلك لا يلزمهم، لأنهم مع قولهم بحدوث التعلق مشياً مع الظاهر لا يقولون بأنه ينكشف للباري تعالى شيء لم يكن منكشفاً له في الأزل. ولعل الاختلاف لفظيّ أكثر منه معنويّ، وما يظهره خلافاً حقيقياً على هذا النحو هو دقّة البحث. ويبقى كلامهم بأن تعلّق السمع والبصر هو تعلقّ انكشاف وحادث، مشكلاً فعلاً.
    خامساً: أنكم تقولون بأن السمع والبصر صفات كمال للخالق، فهل الانكشاف الحاصل له بهما كمال أو لا؟ إن قالوا نعم، لزمهم أن يقولوا بقدم تعلقاتهما ونفي حدوث الانكشاف ونفي حدوث التعلقات، تماماً كما في العلم.
    وإن قالوا لا، فلا يجوز إثبات صفات ليست كمالاً للخالق بالاتفاق، والصفة إما كمال أو نقص، ولا يجوز أن تكون لا كمالاً ولا نقصاً. فيلزمهم نفيهما.
    وليس لهم أن يقولوا إن الاستعداد لسمع وإبصار الحادثات في الأزل -حيث لا شيء من ذلك- هو القديم، والانكشاف أيضاً قديم ولكن التعلق بها حادث. لأن الكلام ليس في هذا الاستعداد المأخوذ من نفس اتصافه تعالى بصفة قديمة هي السمع وصفة قديمة هي البصر، ولكن الكلام والخلاف واقع في الانكشاف الذي يدّعون ههنا قدمه وفي نفس الوقت حدوث تعلقه. فيعود السؤال أنا لا نفهم من كون تعلّق الانكشاف حادثاً إلا حدوث نفس الانكشاف، فإن التزمتوه عاد السؤال عن حدوث الكمال. وإن قالوا الانكشاف قديم بالعلم، قلنا فالنكشاف الذي بالسمع والبصر هل هو قديم أم حادث؟ ويعود السؤال عن الانكشاف. لأنهم يقولون إن السمع والبصر متعلقان بالحادثات، فإما أن يتوقفوا في تفصيل صفة هذا التعلق، أو أن يلتزموا قدمه ليخرجوا من الإشكال ]



    وقال بلال النجار في الاصلين [ قولك: (واسمح لي أن أنقل لك عبارة للإمام الرازي نتناقش فيها: قال الإمام فخر الدين والملة في الأربعين: [والجواب عن الشبهة الأولى: أن السمع والبصر صفتان مستعدتان لإدراك المسموعات والمبصرات عند وجودها. فالتغير يقع في المسموع والمبصر لا في السمع والبصر. ولقائل أن يقول: أليس أن كون السمع والبصر مدركين للمسموع والمبصر، موقوف على حضور المبصر والمسموع؟ وهذا الإدراك الذي هو موقوف على حضور المسموع والمبصر، مغاير لتلك الصفة التي هي غير موقوفة على حضور المسموع والمبصر، فيلزمكم أن يكون كون الله تعالى مدركا للمسموعات والمبصرات، صفة متجددة] اهـ أقول: عبارة الإمام في الأربعين التي أوردتها ههنا، هو سؤال يرد على من يقول إن السمع والبصر يتعلقان بالحوادث تعلقاً تنجيزياً حادثاً، كما لا يخفى عليك. وفيه إشارة لطيفة إذ لم يجب عنه، وهي ضرورة تنقيح هذا المقام في كلام من يختار هذا القول، لأنه سؤال صحيح يرد عليه. وما سبق حتّى الآن من مشاركاتي كافية في لتعتبر تعليقاً على كلام الإمام الرازي. وهذا السؤال الذي سأله الإمام الرازي هو مدار أسئلتك كلّها منذ أن بدأنا نتكلّم، كما ترى. والانفكاك التامّ عنه يكون بإعادة السمع والبصر إلى العلم، أو بإثبات التغاير بينها ولكن جعل التعلق تنجيزياً قديماً كما في العلم للانفكاك عن سؤال الكمال، وحدوث الانكشاف ]


    قال محب الدين فى الأصلين [ هناك في المسألة رأيان لابد لهما من ثالث: الرأي الأول: اعتبار أن صفتي السمع والبصر راجعتان إلى صفة العلم ولا تغايرانه، وبالتالي التعلقات تكون تنجيزية قديمة، ولا يكون هناك حقيقة لصفتي السمع والبصر أكثر من كونهما علما بالمسموعات والمبصرات. الرأي الثاني: أنهما صفتان مغايرتان لصفة العلم ، تتعلقان بالقديم تعلقا تنجزيا قديما ، وتتعلقان بالحادث تعلقا تنجيزيا حادثا ، والانكشاف الحاصل بهما وإن كان مغايرا للانكشاف الحاصل بالعلم، إلا أنه لا يزيد في العلم شيئا كما قال الأستاذ بلال فيما سبق...ويمكن أن أقول لا يستحدث شيئا في صفة الإرادة أيضا ، ولا صفة الكلام , ولا صفة الحياة إلخ فالربط بين الانكشافات الحاصلة بصفتي السمع والبصر وصفة العلم لا يوصلنا إلى حل المشكلة أبدا ، فمحور المشكلة أن هناك تعلقا تنجزيا حادثا على الرأي الثاني ، وهو ما يساوي انكشافا تنجيزيا حادثا بصفتي السمع والبصر ، لأنهما لا يتعلقان بالممكن حال عدمه... وإن كان هناك انكشاف بالعلم قديم يحيط بما ينكشف بالسمع والبصر ، إلا أن هذا نوع وهذين نوعان آخران من الانكشاف ، فلا مساواة من كل الوجوه وإلا لكان الانكشاف بالسمع والبصر هو هو الانكشاف بالعلم وهذا خلاف الفرض، فإن كان هناك فعلا اشتراك ورابط بين تلك الانكشافات ، غير أن هناك أيضا تمايزات وافتراقات ، أهمها الحدوث ، وهو ما يستوجب المحال !!هل ينفع هنا التفويض ؟ فنقول نثبت السمع والبصر صفتين ونفوض حقيقتهما؟ لا ينفع من وجهة نظري لأننا نقول هذا في كل الصفات ، ولكن كل الصفات التي أثبتناها لم تستلزم محالا كحدوث الانكشاف السمعي والبصري وإن كان الانكشاف العلمي القديم يحيط بالانكشاف الحادث بصورة أخرى ، لكن هناك انكشاف حادث محال بصورة مخالفة للانكشاف بالعلم..وهذا على ما أرى هو طريق الحشوية ، يثبتون الصفات على وجوه تقتضي الحدوث والمحالات ، ثم يقولون لا يلزمنا شيء من المحال لأننا نثبت المعنى ونفوض في الكيف ، رغم أن المعنى الذي يثبتونه أصلا محال فلا ينفعهم التفويض هذا..]

    وقال محب الدين فى الأصلين[ وهذا تعليق على كلمة للإستاذ بلال في المناقشة التي تمت في الصفحة السابقة ، قال حفظه الله :" ولا يكون الانكشاف الحاصل بالسمع والبصر -وإن غاير الانكشاف الحاصل بالعلم نوع مغايرة لا ندرك حقيقتها- محدِثاً في علم الله تعالى أمراً لم يكن معلوماً له تعالى أزلاً ".اهـ نعم لا نزاع في أن الانكشاف لا يكون محدثا في علم الله تعالى أمرا لم يكن معلوما له تعالى أزلا كما قلت ، ولكن هذا لا ينفي -على الرأي الثاني- أنه يكون محدثا في سمع الله تعالى وبصره أمرا لم يكن مسموعا له تعالى ولا مرئيا أزلا على الرأي الثاني القائل بالتغاير وبالتعلق التنجيزي الحادث للسمع والبصر، وهو ما أراه يستحق النزاع بل أشد النزاع ]

  5. #5

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    ومنهم من توقف فى تعلقات السمع والبصر فلم يرجح أحد التعلقين على الآخر

    قال أحمد بن مبارك السجلماسي[ لَمَّا كَانَتِ الأَدِلَّةُ العَقْلِيَّةُ فِي هَذَا الْمَوْرِدِ دَامِسَةٌ، والطُّرُقُ المُوصِلَةُ إِلَيْهِ طَامِسَةٌ ، فَلَمْ تَقُمْ عَلَى تَخْصِيصِهِمَا بِالْمَوْجُودِ وَلَا عَلَى شُمُولِهَا لِلْمَعْدُومِ، كَانَ الأَوْلَى الْوَقْفُ عَنِ الْقَوْلِ بِشَيْءٍ، فَهَذَا هُوَ مُخْتَارُنَا أَوَّلًا. وَإِنْ تَنَزَّلْنَا لِلْمَسْأَلَةِ فَلَا نَحْكُمُ إِلَّا بِمَا يَقْتَضِيهِ العَقْلُ، فَتَقُولُ :المُمْكِنُ المَعْدُومُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ عِلْمَهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ، وَأَمَّا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ فَقِيلَ كَذَلِكَ، فَهُمَا كَالعِلْمِ، وَقِيلَ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِهِ حَتَّى يُوجَدَ، قِيَاساً عَلَى الشَّاهِدِ ؛ إِذْ هُمَا فِيهِ لَا يَتَعَلَّقَانِ إِلَّا بِالْمَوْجُودِ. ] تعلقات الصفات للسجلماسي ص 86

    وقال الحسن اليوسي في حاشيته على كبرى السنوسي: " وقد أطبقت الصوفية على رؤيته تعالى وسمعه للممكن الذي علم الله أنه سيوجد، وكثر اللجاج في هذه المسألة بين المتآخرين، والوقف فيها أسلم وأليق، والله تعالى أعلم "

  6. #6

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    ـــــــــــــــ تعلقات صفة الإرادة ـــــــــــــ

    قال السجلماسي [ وَأَمَّا الْإِرَادَةُ فَقَدْ حَصَلَ فِيهَا خَبْطُ عَظِيمٌ بَيْنَ المتأخرين،

    وَأَضْرَبَ عَنْهَا الأَقْدَمُونَ صَفْحاً ، وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى مَا لَهُمْ، وَأَذْكُرُ مَا

    سَنَحَ لَنَا فِي ذَلِكَ ، فَنَقُولُ:

    حَاصِل ما لَهُمْ فِي الإِرَادَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

    - أَحَدُهَا: أَنَّ لَهَا تَعَلَّقَيْنِ.

    - ثَانِيهَا: أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ تَعَلَّقَاتٍ .

    - ثَالِتُهَا: أَنَّ لَهَا تَعَلَّقاً وَاحِداً. ] التعلقات للسجلماسي ص 37

    وعلى الأول فالقائلون به اختلفوا على قولين :
    أحدهما أن التعلقين أحدهما صلوحي قديم والآخر تنجيزي حادث.

    قال اللقاني[ للإرادة تعلقين: أزلي صلوحي، وحادث تنجيزي كما للقدرة ] هداية المريد ص 126
    126

    وثانيهما أن التعلقين كلاهما قديم
    قال الباجوري في شرحه لنظم الجوهرة [ واعلم أن للإرادة تعلقين : تعلقا صلوحيا قديما وهو صلاحيتها في الأزل لتخصيص الممكن بالوجود أو بالعدم وبالغنى أو بالفقر وهكذا، وتعلقا تنجيزيا قديمًا وهو تخصيص الله بها أزلاً الممكن ببعض ما يجوز عليه من الممكنات السابقة]

    وأما القول الثاني وهو أن لها ثلاثة تعلقات بناء على القول بأن لها تعلقا تنجيزيا حادثا والتحقيق أن ذلك ليس تعلقا مستقلا، بل إظهار للتعلق التنجيزى القديم؛ وعلى هذا فيكون لها تعلقان فقط أحدهما صلوحي قديم والآخر تنجيزي قديم، وقد رد هذا القول السجلماسي ، وقال [ولا حاصل لهذا القول،. فإن أثبتنا القديم فلا حاجة إلى الحادث، وإن أثبتنا الحادث فلا حاجة إلى القديم، فدعوا.
    والجمع بينهما لا تسمع؛ إذ لا يعضدها عقل ولا نقل، فسقط القول بالتعلقات الثلاث ] التعلقات للسجلماسي ص 44

    وكذلك رده الباجوري فى شرح جوهرة التوحيد حيث قال [ وزاد بعضهم تعلقا ثالثا : وهو تعلقها بالممكن حين وجوده بالفعل فيكون تعلقا تنجيزيا حادثا. والحق أن هذا ليس بتعلق، وإنما هو إظهار للتعلق كما تقدم .]

    وأما القول الثالث وهو أن لها تعلقا واحدا تنجيزيا قديما، وقد ذكره السجلماسي وقال [أخذوه من كلام الشهرستاني في النهاية ] التعلقات للسجلماسي ص 46



    بعض الإشكالات الواردة على الاشاعرة فى صفة الإرادة :

    الإشكال الأول أن إرادة الإيجاد لا تبقى بعد الإيجاد ضرورة والقول فى زوال إرادة الإيجاد كالقول فى حدوث إرادة الإيجاد فيلزم أن تكون صفة الإرادة متجددة

    قال الرازي في الإشارة [والمختار إنما يفعل بواسطة القصد إلى الإيجاد لأنه إذا لم يقصد إلى الإيجاد لا يمكنه أن يوجد والقصد إلى إيجاد الشيء لا يصح حالة استمراره ألا ترى أنا لا نجد في أنفسنا تأتي القصد إلى فعل شيء قد وجد فإذن القصد إلى الإيجاد إنما يصح حالة حدوث الموجود ]



    وفى شرح المقاصد [ القصد إنما يتوجه إلى تحصيل ما ليس بحاصل وهذا متفق بين الفلاسفة والمتكلمين والنزاع فيه مكابرة ]

    وقال الإيجي فى المواقف [ أنا نعلم بالضرورة أن القصد إلى إيجاد الموجود محال فلا بد أن يكون القصد مقارنا لعدم الأثر ]



    والتزم بعض الأشاعرة لأجل هذا الإشكال القول بحدوث تعلقات صفة الإرادة



    قال اللقاني [ فإن قيل: إن الإرادة لا تبقى بعد الإيجاد ضرورة، فيلزم زوال القديم وهو محال.. أجيب بأنها صفة تتعلق بالفعل وتتعلق بالترك، فتخصص ما تعلقت به وترجحه، وعند وقوع المراد يزول تعلّقها الحادث مع بقائها بحالها وبقاء تعلّقها الصلوحي بحاله أيضاً.. ومن هنا علم أن للإرادة تعلّقين: أزلي صلوحي، وحادث تنجيزي كما للقدرة سواء. ]

    وقال السمرقندي فى الصحائف [ الثاني : إن كانت الإرادة حادثة لزم قيام الحادث بذات الله تعالى وإن كانت قديمة يلزم زوال القديم، لأنها لا تبقى بعد الإيجاد ويبطل دليلكم على حدوث الأجسام.] ثم ذكر جوابهم عن ذلك فقال [ وعن الثاني أنها قديمة والزوال إنما يرد على تعلقها بذلك الوقت وتعلقهاا حدث. وفيه نظر؛ إذ الإرادة أيضاً تزول لامتناع الإرادة بدون المراد. وعدم القديم جائز لأن علم الله تعالى بأن زيداً سيوجد أزلى مع زواله بعد وجدانه ]



    الإشكال الثاني : أن القصد إلى أحداث الفعل، لا يتحقق إلا حال حدوث الفعل
    قال الرازي [ الشبهة الثانية لهم: قالوا: لو كان الله تعالى مريدا، لكان مريدا بإرادة محدثة. وهذا محال فذلك محال. أما بيان الملازمة فهو أن القصد إلى الايجاد يمتنع حصوله، إلا عنه حصول ذلك الايجاد، فذلك لا يكون قصدا إلى الايجاد، بل يكون ذلك عزما على أنه سيوجد في الوقت الفلاني.واما الذي يقوله المتكلمون من أن الإرادة تقتضي رجحان أحد الميلين على الآخر لا لمرجح أصلاً، فهذا أيضاً غير معقول البتة، لأن الرجحان بدون المرجح محال غير معقول فيثبت بهذا : أنه لم يبق عند العقل من لفظ الإرادة معنى يمكن إثباته في حق الله تعالى . فكان القول به باطلاً. ثم قالوا : لو كان العالم حادثاً، لوجب أن يقال : إنما حدث بقصد الفاعل وبإرادته، والتالي محال . فالمقدم مثله. بيان الشرطية : هو أن العالم لما كان مستمر العدم من الأزل إلى ذلك الوقت المعين وذات الفاعل كانت موجودة من الأزل إلى ذلك الوقت المعين، مع أنه في الأزل ما كان لتلك الذات أثر في خروج العالم من العدم إلى الوجود، فلو حصل العالم في ذلك الوقت من غير أن يكون لذلك الفاعل قصد واختيار في إيقاعه. لكان وقوع العالم في ذلك الوقت دون ما قبله وما بعده : رجحان اً لأحد طرفي الممكن على الآخر منغ ير مرجح. وإنه محال .وبيان أنه يمتنع أن يكون حدوث العالم في ذلك الوقت المعين، بسبب القصد والاختيار : وجوه :

    الحجة الأولى : إن ذلك القصد لو حصل، لكان إما أن يكون قديماً أو حادثاً . والقسمان باطلان، فالقول بوجود القصد باطل . إنما قلنا إنه يمتنع كونه قديماً، لأن الإرادة القديمة، لا معنى لها إلا أنه تعالى يريد في الأزل إحداث العالم في وقت معين لا يزال. وهذه الإرادة ليست هي نفس القصد إلى إيقاع الفعل في ذلك الوقت المعين، عند حضور ذلك الوقت المعين والدليل عليه وجوه :الأول : إن من عزم على أن يفعل بكرة الغد : فعلاً معيناً، ثم جلس في بيت مظلم لا يميز فيه بين النهار وبين الليل واستمر على ذلك الجلوس إلى أن دخل بكرة الغد مع أنه لا يعلم أن ذلك الوقت المعين قد حضر، فإنه بمجرد تلك الإرادة الأولى لا يصير قاصداً لإيقاع ذلك الفعل، في ذلك الوقت. ولو كان العزم على أن يفعل الفعل الفلاني في الوقت المستقبل، هو نفس القصد إلى إيقاع ذلك الفعل عند حضور ذلك الوقت، لوجب في هذه الصورة التي ذكرناها : أن يصير قاصداً إلى إيقاع ذلك الفعل، عند حضور ذلك الوقت، سواء علم أن ذلك الوقت حضر، أو لم يعلم ذلك. ولما لم يكن الأمر كذلك، علمنا : أن العزم على الفعل الفلاني في الوقت المعين من الأوقات المستقبلية : ليس هو نفس القصد إلى إيقاع ذلك الفعل في ذلك الوقت. بل الحق أنه إذا عزم على أن يفعل الفعل الفلاني، في وقت معين من الأوقات المستقبلية، ثم استمر ذلك العزم الأول إلى أن حضر ذلك الوقت، وعلم ذلك العازم، حضور ذلك الوقت. فإن بقاء العزم الأول مع العلم بحضور ذلك الوقت : يوجبان حدوث قصد متعلق بإيقاع ذلك الفعل. فيثبت : أن العزم المتقدم، لا يكفي في إيقاع الفعل في الوقت الذي سيحضر، بل لا بد مند حدوث قصد متعلق بإيقاع ذلك الفعل .

    الثاني : إن العزم على الإيجاد في الزمان المستقبل : له ماهية. والقصد إلى إيجاد الفعل في الحال: له ماهية أخرى. إحدى الماهيتين لا تساوي الأخرى بدليل أن كل واحدة من هاتين الماهيتين، لا تقوم مقام الأخرى. فإن العزم على الإيجاد في المستقبل يوجب تركه في الحال. وفعله في المستقبل والقصد إلى الفعل في الحال، يوجب الفعل في الحال، والترك في المستقبل فهذان النوعان من الإرادة ولوازمها متنافية. واختلاف اللوازم يدل على اختلاف ماهيات الملزومات..





    وأجاب الرازي عن هذا الاشكال فى الأربعين [ بأن أرادة إيقاع الفعل عند مجيء الغد، هو نفس القصد لا يقاع الفعل عند مجيء الغد. والكلام فيه عين ما ذكرناه في مسألة أن العلم بأن الشيء سيوجد، نفس العلم بوجوده إذا وجد ]

    وهذا الجواب ضعيف لأن العلم بأن الشيء سيوجد لا يقوم مقام العلم بأنه موجود والرازي نفسه أبطل هذا الجواب في كتاب المطالب العالية فقال بعد أن ذكر بعض الوجوه التي تبين فساد رأى من جعل العلم بأن الشيء سيوجد، نفس العلم بوجوده إذا وجد : [ فهذه وجوه جلية قريبة من أن تكون بديهية في بيان أنه يمتنع أن يكون العلم بأن الشيء سيوجد، نفس العلم بوجوده، إذا وجد ] المطالب العالية 3/155

  7. #7

    افتراضي رد: تخبط الأشعرية فى مسألة تعلقات الصفات الإلهية

    واما صفة الكلام فمنهم من قال كلام الله في الأزل لا يتصف بكونه أمرا أو نهيا لاستحالة أمر المعدوم وإنما يتصف بذلك فيما لا يزال


    قال السعد : [ فإن قيل: هذه أقسام للكلام لا يُعقل وجوده بدونها قلنا ممنوع ، بل إنما يصير أحد تلك الأقسام عند التعلقات، وذلك فيما لا يزال، أو ما في الأزل، فلا انقسام أصلاً ]



    وقال ابن أبي شريف في حواشيه عليه جرى الشارح يعني السعد على ما ذهب إليه ابن سعيد القطان أحد أئمة أهل السنة قبل الأشعري وهو أنه تنوع الكلام يحدث عنه حدوث التعلقات التنجيزية والفرق بين مذهبه ومذهب الأشعرية أنه يعتبر في التنوع التعلقات الحادثة وهم يعتبرون التعلقات الأزلية انتهى

    وقال السعد فى شرح النسفية [ فان قيل لأمر والنهى بلا مأمور ولا منهى ، سفه وعبث.
    والاخبار فى الأزل بطريق المضى، كذب محض يجب تنزيه الله تعالى عنه. قلنا: ان لم نجعل كلامه فى الأزل أمرا ونهيا وخبرا، فلا أشكال. ]



    وقال رمضان افندى فى شرح العقائد [
    فإن قيل الأمر والنهي بلا مأمور و منهيّ سفه وعبث، والإخبار في الأزل بطريق المضيّ كذب محض يجب تنـزيه الله تعالى عنه. قلنا:
    إن لم نجعل كلامه في الأزل أمراً ونهياً وخبراً بل صفة حقيقية ،الأزل يتكثر إلى الأمر والنهي والخبر باختلاف التعلقات في المستقبل كما هو مذهب البعض وهو الحق فلا إشكال لأن هذا الإشكال مبني على كون كلامه تعالى أمراً ونهياً وخبراً في الأزل ]


    وقال النيسابورى فى تفسير غرائب القرآن [ومثله استدلال المعتزلة بقوله فاخلع نعليك على أن كلامه تعالى ليس بقديم لأن الأمر والمأمور معدوم سفه فلا بد أن يكون هذا الأمر عند وجود موسى فيكون محدثاً . أجابت الأشاعرة بأن كلامه الأزلي ليس بأمر ولا نهي ]


    وقال الزركشي فى البحر المحيط [وقد عظم النكير في هذه المسألة على الأشعري حتى انتهى الأمر إلى انكفاف طائفة من الأصحاب عن هذا المذهب منهم أبو العباس القلانسي ، وجماعة من القدماء ، فقالوا : كلام الله في الأزل لا يتصف بكونه أمرا أو نهيا ووعدا أو وعيدا ، وإنما تثبت هذه الصفات عند وجود المخاطبين فيما لا يزال ، وجعل ذلك من صفات الأفعال كالخالق والرازق ، وهذا ضعيف ، لأنه إثبات لكلام خارج عن أقسام الكلام وهو يستحيل]


    وقال الزركشى [ ونقل عن القلانسي من أصحابنا أنه قال : الباري تعالى متكلم بكلام قديم أزلي قائم بذاته أزلا وأبدا إلا أن كلامه لا يتصف بالأمر والنهي والخبر والاستخبار إلا إذا أمر ونهى ودخل المكلفون وحدث المخاطبون، وهو قول باطل .وقال المازري : من هذه المسألة قالت المعتزلة بخلق القرآن، لأنهم أحالوا وجود أمر ولا مأمور، ولم يكن مع الله أحد في الأزل حتى يأمره وينهاه فيستحيل حصول الأمر لاستحالة الكلام . ودهش لهذا بعض المتقدمين من أئمتنا القلانسي وغيره حتى ركب مركبا صعبا فأنكر كون كلام الله في الأزل أمراً ونهيا ووعدا ووعيدا، فخلص بهذا من إلزامهم، لأنه إذا نفى الأمر في الأزل لم تجد المعتزلة سبيلا إلى الطعن على مذهبه في قدم القرآن، لكنه استبعد أمرا وَفَرّ منه، فوقع في آخر أبعد منه، لأنه أثبت كلام الله سبحانه قديما في الإزل على غير حقائق الكلام من كونه أمرا ونهيا. وإثبات كلام ليس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار إلى غير ذلك من أقسام الكلام غير معقول، فكأن مثبته لم يثبت كلاماً، وإنما أثبت صفة أخرى غير الكلام ]



    وقال الرازي في المحصل [ والجواب عن الأوّل أنّ عبد اللّه بن سعيد ذهب إلى أنّ كلام اللّه تعالى و إن كان قديما لكنّه ما كان في الأزل أمرا، و لا نهيا، و لا خبرا، ثمّ صار فيما لا يزال كذلك. و هذا في غاية البعد، لأنّا لما وجدنا في النفس طلبا و اقتضاء و بيّنا الفرق بينه و بين الإرادة أمكننا بعد ذلك أن نشير إلى ماهيّة معقولة و ندّعى ثبوتها للّه تعالى.فامّا الكلام الذي يغاير هذه الحروف و الأصوات و يغاير ماهيّة الأمر و النهى و الخبر فغير معلوم التصوّر، فكان القول بثبوته للّه تعالى في الأزل محض الجهالة.وأمّا جمهور الأصحاب فقد زعموا أنّ كلام اللّه تعالى كان أمرا و نهيا في الأزل. ثمّ منهم من يقول: المعدوم مأمور على تقدير الوجود. و هذا في غاية البعد، لأنّ الجماد إذا لم يجز أن يكون مأمورا، فالمعدوم الذي هو نفي محض كيف يعقل أن يكون مأمورا ]



    وقال الرازي [ ولصعوبة هذا المأخذ ذهب عبد الله بن سعيد بن كلاب التميمي من أصحابنا إلى أن كلام الله تعالى في الأزل لم يكن أمرا ولا نهيا ثم صار فيما لا يزال كذلك ولقائل أن يقول إنا لا نعقل من الكلام إلا الأمر والنهي والخبر فإذا سلمت حدوثها فقد قلت بحدوث الكلام ]




    وأورد تقى الدين المقترح فى شرح الإرشاد كلام ابن سعيد على المقدمة القائلة بأن الكلام لو كان
    أزليا لكان في الأزل أمراً ونهياً، فقال:
    [ قد منعها عبد بن سعيد بن كلاب، وقال: لا يلزم
    من ثبوت الكلام في الأزل أن يكون أمراً. وهذا بناء على أن تعلق الصفات الأزلية
    بمتعلقاتها من قبيل الإضافات ، لا من قبيل صفات النفس، فقال على هذا: الكلام في
    الأزل لا يكون أمراً، ثم يصير أمراً فيما لا يزال ، كما يقول في كونه خالقاً رازقاً. وهذا بعيد
    عن التحقيق ؛ فإنه يستحيل وجود الصفة المتعلقة غير متعلقة ، فإنا إذا عرضنا على عقولنا
    علماً لا يتعلق بمعلوم، وإرادة لا تتعلق بمراد ، وخبراً لا يتعلق بمخبر ، استحال الوصف ،
    وكذلك إذا عرضنا على عقولنا أمراً لا يتعلق بمأمور امتنع ذلك]

    وقال السجلماسي [لا يعقل ثبوث كلام نفسي ليس فيه معنى الأمر والنهي والخبر ]

    وقال شمس الدين السمرقندي : واعلم أن هذه الشبه مشكلة والجواب عنها صعب لا سيما الأولين [وهما: أن الخطاب بدون مخاطب محال، وأن الأخبار بلفظ الماضي في الأزل ممتنع]، وتحير العقلاء بجوابها.، واضطربت الآراء في جوابها فقال عبد الله بن سعيد: إن كلام الله تعالى في الأزل ما كان أمراً، ولا نهياً ولا خبراً ثم صار فيما لا يزال كذلك. وفيه نظر؛ لأنا لا نفهم من كلام الله تعالى سوى هذه الأوامر والنواهي، والأخبار والاستخبارات فإن جعلها كلام الله تعالى فقد سلم حدوث كلامه وإن جعلها غير ذلك فهو غير معقول وعليه
    بيانه، إذ لا يتصور معنى ينقلب إلى معنى آخر. وأما جمهور الأصحاب فذهبوا إلى أن كلام الله في الأزل كان أمراً ونهياً، وخبراً
    . ثم منهم من قال: المعدوم في الأزل مأمور على تقدير الوجود. وهذا غير دافع، إذ الشبهة وهي أمر المعدوم، وخطابه باقية بحالها ومنهم من قال: إنه كان في الأزل أمراً من غير مأمور ثم لما استمر، وبقى صار المكلفون بعد دخولهم في الوجود مأمورين بذلك الأمر. وضربوا له مثلا وهو أن الانسان إذا قرب موته قبل ولادة ولده فربما يقول لبعض الناس إذا أدركت ولدي فقل له إن أباك كان يأمرك
    بتحصيل العلم فههنا قد وجد الأمر والمأمور معدوم حتى لو بقي ذلك الأمر إلى أوان بلوغ ذلك الصبي لصار مأمورا به. وفيه بحث، إذ الكلام فيما ليس هناك مأمور، ولا من ينهى إليه. ]


    وقال الأبياري [ إذا لم يثبت كونه أمراً في الأزل: ثم ثبت كونه أمراً فيما لا يزال تجردت الحقائق وصفات النفوس، وذلك غير معقول.
    وأيضا : فإنه يقتضي تجرد حوادث قائمة بالقديم، وذلك مستحيل ]



    وقال أبو المعالي فى البرهان ( كون الكلام أمرا نهيا من حقيقته النفسية وصفته الذاتية والحقائق يستحيل تجديدها وليس لله تعالى من كونه خالقا رازقا حكم راجع إلى ذاته وإنما المعنى بكونه خالقا وقوع الخلق بقدرته ونقول لأبي العباس أيضا قد أثبت كلاما خارجا عن كونه أمرا ونهيا ووعدا ووعيدا إلى استتمام أقسام الكلام وذلك مستحيل قطعا فلئن جاز ذلك فما المانع من المصير إلى أن الصفة الأزلية ليست كلاما أزلا ثم يستجد كونه كلاما فيما لا يزال فقد لاح سقوط مذهبه)


    ومنهم من قال كلام الله لم يزل متصفا بكونه أمرا ونهيا وخبرا والمعدوم على أصله مأمور بالأمر الأزلي على تقدير الوجود



    قال الغزالي [ وكم من شخص ليس له ولد ويقوم بذاته اقتضاء طلب العلم منه على تقدير وجوده، إذ يقدر في نفسه أن يقول لولده : اطلب العلم وهذا الاقتضاء يتنجز في نفسه على تقدير الوجود. فلو وجد الولد وخلق له عقل وخلق له علم بما في نفس الأب من غير تقدير صياغة لفظ مسموع، وقدر بقاء ذلك الاقتضاء على وجوده لعلم الابن أنه مأمور من جهة الأب بطلب العلم.. فهكذا ينبغي أن يفهم قيام الأمر بذات الله تعالي ]


    واعـتـرض بعض الأشاعرة على هذا المذهب

    قال الجويني وهذه المسألة إنما رسمت لسؤال المعتزلة إذ قالوا: لو كان الكلام أزليا لكان أمرا ولو كان أمرا لتعلق بالمخاطب في عدمه فإذا بينا أنه لا يمتنع ثبوت الأمر من غير ارتباط بمخاطب فقد اندفع السؤال فال الأمر إلى أن المعدوم مأمور على شرط الوجود وهذا منتهى مذهب الشيخ رضي الله عنه. فأقول: إن ظن ظان أن المعدوم مأمور فقد خرج عن حد المعقول وقول القائل إنه مأمور على تقدير الوجود تلبيس فإنه إذا وجد ليس معدوما ولا شك أن الوجود شرط في كون المأمور مأمورا.




    وقال الرازي فى المحصل [اما جمهور الأصحاب : فقد زعموا أن كلام الله تعالى كان أمر ونهيا في الأزل ، ثم منهم من يقول المعدوم مأمور على تقدير الوجود وهذا في غاية البعدلأن الجماد إذا لم يجز أن يكون مأمورا فالمعدوم هو الذي هو
    نفى محض ]


    وقال الرازي فى المطالب [لا نسلم أن السكوت نقص، بل النقص أن يقول القائل: يا زيد صلّ، ويا عمرو صم. مع أن زيدا وعمروا يكونان معدومين، ألا ترى أن الرجل إذا جلس في دار نفسه وحده، خاليا عن الناس ثم يقول: يا مستقر اركب، ويا قائما أقبل . فإن كل أحد يقضي عليه بالجنون والنقص، فكذا هاهنا.]



    وقال الاسنوي [ لا نسلم أنه يقوم بذات الأب حال عدم الولد أمر محقق بل مقدر، أي لو كان لي ولد لكنت آمره ]


    وقال الايجى فى المواقف [ والجواب عن الأول أن ذلك السفه الذي ادعيتموه إنما هو في اللفظ وأما الكلام النفسي فلا سفه فيه كطلب التعلم من ابن سيولد ويرد عليه أن ما يجده أحدنا في باطنه هو العزم على الطلب وتخيله وهو ممكن وليس بسفه وأما نفس الطلب فلا شك في كونه سفها ]


    وإن سلمنا أن المعدوم مأمور على تقدير الوجود فلا نسلم أن كلام الآمر لا يتجدد بعد تنفيذ الأوامر فيجوز للأب أن يأمر ابنه بحفظ القرآن ولكن بعد أن يحفظ ابنه القرآن لا ييقى هذا الأمر وإلا كان أمرا بتحصيل الحاصل
    ثم ذلك محمول على تقدير الوجود وهو زائل بعد فناء المأمور فلا نسلم أن كلام الآمر لا يتجدد بعد فناء المأمور فيجوز للاب أن يطلب من ابنه تحصيل العلم ولكن إن مات ابنه لا يبقى هذا الطلب وكذلك أمره تعالى للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم فإما أن يكون باقيا ، أو لا يكون باقيا فإن كان باقيا لزم وجوب بقاء تقدير الوجود لكل مأمور وإذا كانت النار مأمورة فى الازل على تقدير الوجود فإن هذا الأمر لا يبقى بعد فناء النار ، والقول فى هذه المسألة كالقول فى تجدد الإرادة بعد تحقيق المراد فكما أن أرادة الإيجاد لا تبقى بعد الإيجاد ضرورة فكذلك الأمر لا يجب أن يبقى بعد تنفيذ الأمر . وكما أن إرادة غلق الباب لا تبقى بعد غلق الباب فكذلك الأمر بغلق الباب لا يبقى بعد غلق الباب وإلا كان جهلا بأن الباب مغلق .

    ـــــــــــــــ ــــــــــــ
    وقال القاضي: وعلى قضية هذا الاختلاف اختلف الصائرون إلى قدم كلام الرب تعالى ..فمن جوز أمر المعدوم صار إلى أن كلام الرب تعالى لم يزل أمرًا، ومن أنكر ذلك جعل كونه أمرًا من الصفات الآيلة إلى الفعل، وهذا كما أن الرب سبحانه وتعالى لم يتصف في أزله بكونه خالقًا، فلما خلق وصف بكونه خالقًا.
    قال: والذي نرتضيه جواز أمر المعدوم على التحقيق بشرط الوجود، وأنكرته المعتزلة قاطبةً.


    وقال الزركشي ( فالحاصل صعوبة هذه المسألة، فإنه إما أن ينشأ عنها نفى قدم الكلام كالمعتزلة، وإما إثبات قدم الكلام وفيه إثبات قدم الخلائق المأمورين أو إثبات أمر ولا مأمور، وإما إثبات كلام قديم عار عن حقائق الكلام )
    وقال الالوسي فى روح المعاني [ واستشكل أمر المضي في كلامه تعالى بناء على ثبوت الكلام النفسي الأزلي للزوم الكذب لأن صدق الكلام يستدعي سبق وقوع النسبة ولا يتصور السبق على الأزل، وأجيب بأن كلامه تعالى النفسي الأزلي لا يتصف بالماضي وغيره لعدم الزمان. وتعقب بأن تحقق / هذا مع القول بأن الأزلي مدلول اللفظي عسير جداً، وكذا القول بأن المتصف بالمضي وغيره إنما هو اللفظ الحادث دون المعنى القديم. وأجاب بعضهم بأن العسر لو كان دلالة اللفظي عليه دلالة الموضوع على الموضوع له وليس كذلك عندهم بل هي دلالة الأثر على المؤثر، ولا يلزم من اعتبار شيء في الأثر اعتباره في المؤثر، ولا يخفى أن كون الدلالة دلالة الأثر على المؤثر خلاف الظاهر ]



    وقال التفتازاني في "شرح المقاصد": كلامه تعالى في الأزل لا يتّصف بالماضي والحال والمستقبل لعدم الزمان وإنّما يتّصف بذلك فيما لا يزال بحسب التعلّقات وحدوث الأزمنة والأوقات وتحقيق هذا مع القول بأنّ الأزلي مدلول اللفظيّ عسير جداً وكذا القول بأنّ المتّصف بالمُضيّ وغيره إنّما هو اللفظ الحادث دون المعنى القديم، اﻫ.
    وقال الآمديّ في "أبكار الأفكار": والحق أنّ ما ورد من الإشكال على القول باتّحاد الكلام [أي: عدم كونه في حدّ ذاته متنوّعاً إلى الأمر والنهي والاستفهام والخبر والنداء] وعود الاختلاف [أي: بالأقسام الخمسة] إلى التعلقات والمتعلّقات مشكل، وعسى أن يكون عند غيري حلّه، اﻫ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •