43 - " شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ، ولا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف .
عزاه في " الجامع الصغير " لابن شاهين في " ترغيبه " والضياء عن جرير ورمز له بالضعف وبين سببه المناوي في شرحه فقال : أورده ابن الجوزي في " الواهيات " وقال : لا يصح فيه محمد بن عبيد البصري مجهول .
قلت : وتمام كلام ابن الجوزي " العلل المتناهية " ( 824 ) : لا يتابع عليه .
وأقره الحافظ عليه في " اللسان " .
وأما قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 100 ) : رواه أبو حفص بن شاهين في " فضائل رمضان " وقال : حديث غريب جيد الإسناد .
ففيه نظر من وجهين :
الأول : ثبوت هذا النص في كتاب ابن شاهين المذكور ، فإنى قد راجعت " فضائل رمضان " له في نسخة خطية جيدة في المكتبة الظاهرية بدمشق ، فلم أجد الحديث فيه مطلقا ، ثم إننى لم أره تكلم على حديث واحد مما أورده فيه بتصحيح أو تضعيف .
ثم رأيت الحديث رواه أحمد بن عيسى المقدسي في " فضائل جرير " ( 2 / 24 / 2 ) من هذا الوجه وقال : رواه أبو حفص بن شاهين وقال : حديث غريب جيد الإسناد قال :ومعناه لا يرفع إلى الله عز وجل بغفران مما جنى فيه إلا بزكاة الفطر ! .
فلعل ابن شاهين ذكر ذلك في غير " فضائل رمضان " أو في نسخة أخرى منه ، فيها زيادات على التي وقفت عليها.
الآخر : على افتراض ثبوت النص المذكور عن ابن شاهين فهو تساهل منه ، وإلا فأنى للحديث الجودة مع جهالة راويه وقد تفرد به كما قال ابن الجوزي ، وتبعه الحافظ ابن حجر العسقلاني كما سبق .
وروي من حديث أنس أخرجه الخطيب ( 9 / 121 ) وعنه ابن الجوزي في " العلل " ( 823 ) ، وابن عساكر ( 12 / 239 / 2 ) عن بقية بن الوليد حدثني عبد الرحمن بن عثمان بن عمر عنه مرفوعا .
قلت : وعبد الرحمن هذا لم أعرفه والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين ، وزعم ابن الجوزي أنه البكراوي الذي قال أحمد فيه : طرح الناس حديثه مردود ، فإن هذا متأخر الوفاة مات سنة ( 195 هـ ) فهو من طبقة بقية .
ثم إن الحديث لوصح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج صدقة الفطر ، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه ، ولا أعلم أحدا من أهل العلم يقول به ، والتأويل الذي نقلته آنفا عن المقدسي بعيد جدا عن ظاهر الحديث ، على أن التأويل فرع التصحيح ، والحديث ليس بصحيح .
أقول هذا ، وأنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر رمضان ، وذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه ، فضلا عن أن يقعوا فيه هم أنفسهم ! .